المقامة المراكشية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هشام البوزيدي
    أديب وكاتب
    • 07-03-2011
    • 391

    المقامة المراكشية

    أيها الإخوة الكرام,
    هذه المقامة مكملة لسابقتها المقامة الشنقيطية, حيث يلقى أبو النوادر أبا همام فيصحبه إلى مراكش...


    المقامة المراكشية

    حَدَّثَنَا أَبُو النَّوَادِرِ السُّوسِيُّ قَالَ:
    دَارَ الزَّمَانُ وَ حَالَ الحَوْلْ, يُصَرِّفُهُ مَنْ بِيَدِهِ الحَوْلْ, وَ مَرَّتِ اللَّيَالِي مَرَّ الطَّيْفْ, ثُمَّ اسْتَطَاَلتْ فَحَلَّ الصَّيْفْ, فَهَشَشْتُ لَهُ كَضَيْفٍ غَابْ, وَ رَمَقْتُهُ مِنْ خَلْفِ البَابْ, فَهَاجَت لِحَرِّهِ أَشْوَاقْ, كَمَا حَنَّتْ لِلْحُدَاءِ أَنْوَاقْ, فَقُلْتُ يَاشَوْقُ احْمِلْنِي لِشَنْقِيطْ, فَقَدْ طَارَ نَوْمِي فَأَنَا وَقِيطْ, أَيَا شَوْقُ حَانَ الْأَجَلْ, فَامْضِ بِنَا عَلَى عَجَلْ, لِنَلْقَى ثَمَّ أَبَا النَّدَى, مَنْ بِهِ وُقِيتُ الرَّدَى. فَمَا نَكَصَ شَوْقِي وَمَا وَنَى, بَلْ أَجَابَنِي وَقَدْ عَنَا.

    فَتَزَوَّدْتُ ثُمَّ تَفَقَّدْتُ مَطِيَّتِي, وَسَقَيْتُـهَا وَقُـوداً وَاحْتَمَلْتُ عَطِيَّتِي, فَمَا شَعَـرْتُ وَ مَا دَرَيْتْ, كَيْفَ سِرْتُ وَ كَمْ سَرَيْتْ, حَتَّى بَصُرْتُ بِالْخَلِيلْ, فَشَفَى قَلْبِي الْعَلِيلْ, وَ سَالَتْ إِذْذَاكَ مَدَامِعِي, مِثْلَ الْغُيُوثِ الْهَوَامِعِ, فَلَا تَسَلْ عَنِ اللُّقَى, وَ فَرْحَتِي بِذِي التُّقَى, فَأَهْدَيْتُهُ سِفْراً جَلِيلاً مُحَلَّى, بِهِ نَهَارُ الْفِقْهِ قَدْ تَجَلَّى, فَقَالَ بُورِكْتَ أَجْزَلْتَ الْعَطَا, كَنْزٌ يَتِيمٌ بِهِ ذُو الْحَزْمِ غَطَا, ثُمَّ امْتَطَيْنَا مَركَبِي, وَ يَمَّمْنَا شَطْرَ الْمَغْرِبِ, نَنْعَمُ باِلْحَدِيثِ أُنْسَا, فَبِهِ فِرَاقُ الْخِلَّانِ يُنْسَى, وَ لَمَّا بَلَغْنَا مَشَارِفَ الْحُدُودْ, تَبَدَّتْ فِي الْأُفْقِ كَالسُّدُودْ, فَقَالَ: أَهُمْ قُطَّاعٌ يَفْجُرُونْ؟ قُلْتُ: بَلْ عَسَسٌ يَنْظُرُونْ, عَلَى خِطَطٍ اخْتَطَّهَا الْعُلُوجْ, فَلَا مَنَاصَ مِنْهَا لِلْوُلُوجْ, قَالَ غَدَتْ أَرْضُنَا مُمَزَّعَةْ, وَ ضَاقَتْ عَلَى مَا بِهَا مِنْ سَعَةْ, قُلْتُ أَيَا أَيُّهَا الْعَبْدُ الشَّاكِرُ, ادْعُ لَنَا فَقَدْ دَنَا عَسَاكِرُ, حَتَّى نَجُوزَ ذِي التُّخُومَ فِي يُسْرِ, وَنَمْضِيَ سِرَاعاً بِلَا عُسْرِ.

    فَأمَّنَا مِنْهُمْ فَتىً غُلَيِّمُ, أَمْرَدُ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُتَجَهِّمُ, فَاسْتَنْبَأَنِي عَنْ وِجْهَتِي مُتَأَدِّباَ, ثُمَّ نَظَرَ إِلَى رَفِيقِي مُتَعَجِّباَ, فَقُلْتُ ذَا خِلٌّ وَفِيٌّ شَقِيقْ, يَصْحَبُنِي إِلَى مُرَّاكُشَ الْعَتِيقْ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ الجُنْدِيُّ مُتَحَسِّساَ, مُدَقِّقاً فِي لِحْيَتِهِ مُتَفَرِّساَ, فَقَالَ: أَرَى عَلَيْكَ سَمْتَ التَّشَدُّدِ, أَمِنْ قُوَّمٍ أَنْتَ أَمْ مِنْ قَعَدِ؟ وَ كُلُّهُمْ يُرْمَى بِالإِرْهَابِ, فَخَبِّرْنِي عَنْكَ بِلَا إِسْهَابِ. قَالَ: إِنْ أَنَا إِلَّا رَاعٍ فِي غَنَمِهْ. أُسِيمُهَا فِي أَبِّ الْبَرِّ وَ فِي عَنَمِهْ, وَ لَسْتُ أُنَازِعُ الْمَاءَ أَهْلَهُ, وَ إِنْ وَرَدُوا غَمْرَهُ وَضَحْلَهُ. فَأَوْمَأَ لَنَا فَانْطَلَقْنَا نَسِيرْ, وَالطَّرْفُ مِنْ وَهْجِ الضِّيَاءِ حَسِيرْ.

    فَمَكَثْنَا نَصِلُ النَّهَارَ بِاللَّيْلِ المُظْلِمِ, حَتَّى تَبَدَّتْ ضُحىً حَاضِرَةُ الْمُلَثَّمِ, فَأَسْفَرَتْ لَنَا عَنْ مَلِيحِ وَجْهِهَا, فِي حُمْرَةِ الْوَرْدِ تُغْوِي أَهْلَهَا, وَقَدْ تَزَيَّنَتْ بِحِلْيَةِ المَآذِنِ, فَأَنْعِمِ بِهِنَّ مِنْ مَحَاسِنِ. قُلْتُ صَاحِ غَدَتْ مَصَارِينِي قِيثَارَةْ, فَهَلَمَّ بِنَا نُصِبْ "بِيصَارَةْ"1, فَأَنْعِمِ بِالفُولِ بَعْدَ الجُوعِ, وَأَنْعِمِ بِعَيْشِ الفَتَى الْقَنُوعِ, وَ لَرُبَّمَا أَصَبْنَا طَوَاجِينَا, تَخَالُهَا تِلَالاً أَوْ بَرَاكِينَا, أَوْ أُكْلَةً دَسِمَةً "طَنْجِيَّةْ" 2, فِي قِدْرٍ كَالِحَةٍ زِنْجِيَّةْ, وَ رُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ عَسَى, طَعِمْنَا الْيَوْمَ لَبَناً وَ كُسْكُساَ, فَقَصَدْنَا لِلتَّوِّ مَطْعَمَا, عَسَانَا نُصِيبُ رِيًّا وَمَطْعَمَا, فَلَمْ نَظْفَرْ إِلَّا بِأُكْلَةِ أَكَارِعِ, عِنْدَ طَاهٍ ظَرِيفٍ بَارِعِ, ثُمَّ شَرِبْنَا كَاسَاتِ شَايٍ مُنَعْنَعَةْ, صِرْفاً كَالنَّسِيلِ غَيْرَ مُشَعْشَعَةْ, ثُمَّ مَرَرْنَا بَعْدُ عَلَى مَقَاهٍ, بِهَا كُلَّ غَافِلٍ وَلَاهٍ, فَقَالَ يَالضَيْعَةِ الْأَعْمَارِ, وَ غَفْلَةِ فِتْيَةٍ أَغْمَارِ, مَنْ ذَا يَصِيحُ كَالمَمْسُوسِ لَمْ أَرَهْ؟ قُلْتُ ذَا خَطِيبُ قَوْمٍ تَعَلَّقُوا كُرَةْ, هِيَ اليَوْمَ مِنْ أَفْشَى ضُرُوبِ اللَّهْوِ, قَدْ تَحَزَّبُوا وَتَشَيَّعُوا لَهَا فِي البَهْوِ, يَعْشَقُونَهَا وَ يَرْقُبُونَ التِّلْفَازْ, وَ يُعَظِّمُونَ بَعْدَهَا مَنْ فَازْ, وَ يَالَيْتَهُمْ وَ لَهُمْ بِهَا غَرَامُ, تَقَاذَفُوهَا وَصَلَاحَ جُسُومِهِمْ رَامُوا, لَكِنَّهُمْ مُلْتَصِقُونَ بِالأَخْشَابِ, وَ فَخْرُهُمْ بِهَا كَالْفَخْرِ بِالأَحْسَابِ, وَكَادَتْ مِنْ أَجْلِهَا الحُرُوبُ تَنْشُبُ, وَكَادَتْ لَهَا شَمْسُ الأُخُوَّةِ تَغْرُبُ, حِينَ تَدَابَرَ لَأَجْلِهَا المِصْرَانِ, وَبِهَا تَمَّ لِعَدُوِّنَا النَّصْرَانِ, فَأَضْرَمَتْ حِقْداً بَيْنَ المَلْعَبَيْنِ, وَ سَقَتْنَا كَأْسَ فَسَادِ ذَاتِ البَيْنِ.

    ثُمَّ مَضَيْنَا "لِجَامِعِ الفَنَاءِ", وَ هْوَ لِمُرَّاكُشَ كَالفِنَاءِ, وَ فِيهِ صُنُوفُ اللَّهْوْ وَ البَطَالَةْ, فَشَقَقْنَا طَرِيقَنَا خِلَالَهْ, تَمْلَؤُهُ الأَصْوَاتُ وَالرَّنَّاتُ, وَ البَشَرُ وَ القُرُودُ وَ الحَيَّاتُ, وَ فِيهِ أَهْلُ كُلِّ حِيلَةٍ بَدِيعَةْ, وَ كُلِّ حَرَكَةٍ خَاطِفَةٍ سَرِيعَةْ, وَ رَأَيْنَا مُغَنِّياً عَلَى رَأْسِهِ فَرُّوجُ, وَ الجَمْعُ مِنْ حَوْلِهِ يَمُوجُ, ثَمَّ بَدَا لَنَا شَيْخٌ قَصَّاصُ, يَتَهَادَى فِي الحَلْقَةِ كَأَنَّهُ رَقَّاصُ, وَ النَّاسُ حَوَالَيْهِ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ العَصَافِيرُ, وَ لَا يُسْمَعُ لَهُمْ إِلَّا تَصْفِيقٌ وَصَفِيرُ.

    قَالَ يَا لِهَذَا المَيْدَانِ مَا أَعْجَبَهْ, وَ مَا أَظْرَفَ أَمْرَهُ وَ مَا أَغْرَبَهْ, لَكِنَّ الأَعْجَبَ أُولَئِكَ الأَغْرَابُ, شُقْرُ الرُّؤُوسِ أَهُمْ أَعْرَابُ؟ قُلْتُ أُولَئِكَ هُمُ السُّيَّاحُ, يُطْرِبُهُمْ ذَا التَّهْرِيجُ وَالصِّيَاحُ, بَلْ إِنَّ النَّصَارَى قَاسَمُونَا مُرَّاكُشَ, فَتَمْلِيكُهُمُ الدُّورَ بِهَا قَدْ فَشَا, فَكَمْ مِنْ حَارَةٍ اسْتَوْطَنَهَا فَرَنْسِيسُ, وَ كَمْ مِنْ شَعِيرَةٍ مٍنْهَا اشْتَكَى خَسِيسُ, قَالَ هَلُمَّ نَأْتِ مَسْجِدَا, فَنَدْعُوَ رَبًّا مَلِيكاً مَاجِدَا, قُلْتُ هَيْهَاتَ إِنَّ المَسَاجِدَ أَسِيرَةْ, تُحَرَّرُ لِلصَّلَاةِ هُنَيْهَةً يَسِيرَةْ, فَلْنَنْتَظِرْ أُخَيَّ عِنْدَ الأَسْوَارِ, أَوْ فَلْنَمْضِ سُوَيْعَةً لِلدَّارِ, فَمَشَيْنَا فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ ذِي التَّصَاوِيرُ؟ قُلْتُ ذَاكَ إِشْهَارٌ بَلْ تَشْهِيرُ, ثُمَّ مَرَرْنَا بِفَوْجٍ مِنَ الْفِتْيَانِ, قَدْ أَشْرَقُوا كَقَلَائِدِ العِقْيَانِ , فَقَالَ أَيْنَ يَمْضُونَ إِنَاثاً وَذُكْرَانَا؟ وَأَيْنَ ذَوُوهُمْ رُزِقُوا غُفْرَانَا؟ جَوَارٍ نَزَعْنَ جَلَابِيبَ الحَيَاءِ, فَغَدَوْنَ لَيْلاً بِلَا ضِيَاءِ,ثُمَّ مَا بَالُهُمْ حُمِّلُوا أَوْزَارَا؟ أَأَزْمَعُوا الرَّحِيلَ وَفَارَقُوا الدِّيَارَ؟ قُلْتُ أُولَئِكَ أَغْرَاسُ المَدَارِسِ, بِهِمْ تَلاَشَتْ أَحْلَامُ الفَوَارِسِ,تَرَى جِرَابَ الصَّبِيِّ كَالقَتَبِ, كَذَا قَضَى تُجَّارُ الكُتُبِ, زَعَمُوا أَنَّهُمْ رُسُلُ التَّعْرِيبِ, ثُمَّ سَرَقُوا غَدَنَا بِالَّتْغرِيبِ. قَالَ يَا وَيْحَ قَوْمِي مِنْ كَيْدِ المَاكِرِ, غَدَوْا كَبَنِي يَعْقُوبَ إِذْ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِي.

    قُلْتُ أَشْرَفْنَا صَاحِ عَلَى حَيِّنَا, وَ قَدْ غَدَا حَالُنَا لَدَيْكَ بَيِّنَا. فَأَغْضِ عَنْ عَيْبٍ رَعَاكَ البَارِي, وَ هَلُمَّ ضَيْفاً وَ احْلُلْ دَارِي, قَالَ مَا لِسُطُوحِكُمْ فَاغِرَةً أَفْوَاهَهَا, كَالطَّيْرِ خَلَّفَتْ فِي الغُدُوِّ أَفْرَاخَهَا؟ فَطَفِقَتْ تَمُدَّ لِلسَّمَاءِ أَعْنَاقَهَا, تَرْجُو حَبّاً يَمْلَأُ أَحْشَائَهَا؟ مَا لِبُيُوتِكُمْ تَمُدُّ الأَيَادِي لِلَّسمَا, مِثْلَ العَلِيلِ يَرْجُو بَلْسَمَا؟ مَا لِلْقِصَاعِ صُفَّتْ فَوْقَهَا, أَلِلضِّيفَانِ أَبْدَتْ شَوْقَهَا؟
    قُلْتُ تِلْكَ الصُّحُونُ اللَّاقِطَةْ, تَأْتِي بِكُلِّ بَلِيَّةٍ سَاقِطَةْ, فَأَكْثَرُ النَّاسِ بِهَا مُتَيَّمُ, وَ أَعْمَارُهُمْ عِنْدَهَا تَصَرَّمُ, فَالفَتَاةُ وَأَبُوهَا سَمَّاعَانِ لِلْخَنَا, وَ هْوَ عَلَى أَهْلِهِ جَمِيعاً قَدْ جَنَا, فَهَذِي القِصَاعُ وَلِيمَةُ الشَّيْطَانِ, بِهَا أَغْوَى جُلَّ أَهْلِ الزَّمَانِ, فَإِنْ يَكُنْ بِهَا خَيْرٌ فَشَرُّهَا غَلَبْ, وَإِنْ يَكُنْ بِهَا عِلْمٌ فَقَلَّ مَنْ طَلَبْ.

    فَوَلَجْنَا الدَّارَ فَرَمَقْتُهُ بَاكِيَا, وَ أَمْسَى مِنْ حَرِّ البَلَايَا شَاكِيَا, فَقُلْتُ صَاحِ حُمَّ القَضَاءُ, فَصَبْراً فَلِظُلْمِ الأَنَامِ انْقِضَاءُ, قَالَ أَبْكَتْنِي غُرْبَةُ حَيٍّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ, وَقَدِ اسْتُعْبِدُوا بِالأَمْوَالِ وَ الأَقْوَاتِ, وَ بَكَيْتُ لِمَدِينَةٍ مَدَّنَهَا أَخْيَارُ, أُولُو تُقىً وَ بِرٍّ أَئِمَّةٌ أَطْهَارُ, فَيَا يُوسُفَ اهْنَأْ بِمَوْتَةِ عِزٍّ فَلَوْ أَبْصَرْتَنَا, لَعَلِمْتَ أَنَّكَ الحَيُّ مِنْ دُونِنَا وَ لأَنْكَرْتَنَا, أَبَا النَّوَادِرِ لَيْسَ يَطِيبُ لِي هُنَا المُقَامُ, فَالقَفْرُ وَ البَيْدَاءَ خَيْرٌ لِي وَ الرَّغَامُ, فَإِذَا أَجْمَمْتُ نَفْسِي ثَلَاثاً فَابْغِنِي مَرْكَبَا, لِأَرْحَلَ فَإِنَّ جَوَادَ صَبْرِي قَدْ كَبَا. قُلْتُ أَبْشِرْ خَلِيلِي وَدَعِ الحَزَنْ, وَ اسْتَعْصِمْ بِالمَوْلَى وَ انْسَ الشَّجَنْ, فَكَأَنْ قَدْ هَلَّ الفَرَجُ القَرِيبُ, وَ عَمَّ العَالَمِينَ الدِّينُ الغَرِيبُ.

    وَ أَرَيْتُهُ بَعْدُ أَهْلَ الخَيْرِ فِي المَسَاجِدِ, وَ حِلَقَ القُرْآنِ وَ طُلَّابَ المَعَاهِدِ, فَارْتَدَّتْ إِلَيْهِ لِمَرْآهُمْ رُوحُهْ, وَ الْتَأَمَتْ لِحَدِيثِهِمْ جُرُوحُهْ, فَحَثَّهُمْ أَنِ اصْبِرُوا وَ بِأَمْرِكُمْ فَقُومُوا, وَ حَاذِرُوا رُكُوناً وَ عَلَى نَهْجِكُمْ فَدُومُوا, فَأَنْتُمْ هَهُنَا فِي كَرٍّ وَ نِزَالِ, وَ لَيْسَ لِمِثْلِي غَيْرُ الإِعْتِزَالِ. فَقَضَيْنَا مَعاً خَيْرَ أَيَّامِ, فَأَهْلُ التُّقَى خَيْرُ أَنَامِ, ثُمَّ وَدَّعْتُ الفَتَى أَبَا هَمَّامِ, بِالدَّمْعِ وَ الدُّعَاءِ وَ السَّلَامِ.

    1. البيصارة: أكلة شعبية من فول. تقدم مع زيت الزيتون, خصوصا أيام الشتاء.
    2. الطنجية: أكلة دسمة من لحم وثوم وبهارات وزيت زيتون توضع في قدر ثم تغمر في رماد الفرن حتى تستوي.


    التعديل الأخير تم بواسطة هشام البوزيدي; الساعة 20-05-2017, 18:29.

    [gdwl]اللهم احقن دماء إخواننا في سوريا وفي كل البلاد وأبدلهم من بعد خوفهم أمنا

    لا يحسن أن ينزل على أفضل رسول، أفضل كتاب بلسان مفضول, ومن لم يعقل عن الله تعالى:{‏بلسان عربي مبين} فلا عَقِل.(الزمخشري)
    قد لا توجد لغة سوى العربية, بهذا التناسق الأصيل بين الروح والكلمة والخط, كأنها جسد واحد. (جوته)
    [/gdwl]
  • توفيق صغير
    أديب وكاتب
    • 20-07-2010
    • 756

    #2
    [gdwl]

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    جميلٌ وصفُك للنقيضيْن ولحُمَّى الصِّرَاع، لقد أدْخلتنا المغربَ ولمْ نشُدَّ بعدُ الشِرَاع. نكأتَ الشَّكل والمضْمُون، وهيَّجْتَ فينا الشُّجُون، وإنْ كنتُ وإيَّاك لا نقبل ما يكون، فالله يبْتلينا بهِ وبيدهِ ناصية ما سيكون ... مقامة دسمَة وللتردِّي العام جامِعَة، طالتْ حدُودَ "بيكـُو" والأفئدةُ التابعَة، ففضَحَتْ ما تعرى من الرِّياضة، ودكتْ حصُون الفسْق واللمَاظة. ثم شرَحتْ أسْبَابَ السُّفُور، وهاجَتْ فيهَا المَآقِي لذوي القُبُور، من "ابن تاشفين" إلى سُكان الطُّور. وختمتْ بالآمال بوَارقها، وباسْتِسْقاء ما يُزيل عنْ بيدِنا فوَارقها.

    اليومَ زُرْتُكَ وأكلتُ بحِبْركَ "البيصارة"، في انتظار لقاءٍ لنْ يطُول - إن شاءَ الله - انتِظارَه، فأنعِمْ وأكرمْ بأرْضٍ دامَتْ فيهَا النَّضَارَة.

    [/gdwl]
    [frame="11 98"][type=283243][align=center]لنعْضُدْ ضَادَنَا[/align][/type][/frame]

    تعليق

    • عبد الرحيم صادقي
      أديب وكاتب
      • 04-02-2011
      • 326

      #3
      أبو النوادر في مراكش

      سِرنا وراءك أبا النوادر، نمشي الهوينا ونحاذر. وقد فسد أهل الزمان، ورحل الخير والأمان. فلا بطلاب العلم نُسَر، وفي أهل الكرة نظر. وعِرض البلاد مباح، وقد طاب مقامُ السياح. وابن البلد لهم خديم، يرجو العيش الكريم. وليس له غير "البيصاره"، تطفئ سغبه وناره. وللسلطان الحكم والإماره، يقول بذا أجرى الله أقداره.
      السلام عليكم يا هشام. طاب يومك وانفرج همُّك. ما أجمل الوصف وأبدع الحكي. زاده جمالا ضميرٌ حي.
      دمت أديبا مبدعا، لأبي النوادر سامعا. تقبل هذا المرور، أدام الله لك السرور.

      تعليق

      يعمل...
      X