نصفي الميت ..صابرين الصباغ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صابرين الصباغ
    أديبة وشاعرة
    • 03-06-2007
    • 860

    نصفي الميت ..صابرين الصباغ

    يحترف خلق الأجساد الميتة من الطين يستطيع العبث بالحجر بأنامله ليصنع منه وجها يكاد ينطق ويبتسم .
    دخلت لج إبداعه ، وجدت قواعد كل ما يعتليها يرمقني بعينيه الجامدتين ، تملكني الرعب فعندما أطيل النظر لأحدهم أشعر أنه سيتحرك ويتشبث بي لأنجده من صلبه هناك.
    نساء تعشق وجوههن لكن يقتلن عشقك صمتهن الثقيل ، رجال تتخيل أنه لو تحدث ستنهال منه سيول الحكمة والعلم والفلسفة .
    أيادي ملقاه ، ألسنه مدلاه ، وجوه طمست ملامحها يزدحم المكان بضجيج أجساد يأسرها موت جامد بدأت به أعمارها .
    يخرج إلىَّ سيدهم ، يبتسم فهو الوحيد الناطق في بلاد البكم ، المتحرك بعالم المصلوبين.
    أخذني من يدي ، أوقفني وبدأـ في استنساخي ..أراه يعبث بحجارته كأنه يعزف بأوتاره الحجرية نغمة صامتة مني ..!
    اعتدت على أصدقائي فقد أصبح لي جسد ميت يقف بجوارهم .
    تزوج السيد من المستنسخة الحية ، لعشقه لتوأمها الحجرية .
    أقمت بنصف بيته الحى ، وعلى الجانب الآخر من دنيتي يعيش مع موتاه ولايبرحهم!
    تمر الحياة بطيئة مملة فأضجر، أشجب ، أعترض ، أضرب الأرض بقدم صراخي .. يهرب من أمامي ليعيش هناك بقبر إبداعه ..!
    دون أن يدري ، دخلت هناك لأجده يبكي على صدرها ويشكوني إليها....


  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    رسمك للمشهد ذكرنى بناتالى ساروت و محمد المخزنجى
    و تلك القدرة على تحريك الجمادات و الأشكال
    حتى لأخشى على الصمت من قدرتك على استنطاقه
    و الحديث معه !!
    كان رسمك للصورة قويا ، و معبرا
    و كأنى فى متحف الرعب ، أتصادم مع مايسكنه من كائنات / مومياوات
    أو هياكل .. و لم تبرحيه ، بل ظللت فى ذات القاعة .. وحتى النهاية !

    ربما المؤلم حالة الاستنساخ و معايشة البطل لها
    ثم من بعد الشجب و الاعتراض الارتماء فى أحضان هذا الصخب المحنط !!

    شكرا لك أستاذة
    وجدت شيئا مختلفا هنا

    تقديري و احترامي
    sigpic

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      دون أن يدري ، دخلت هناك لأجده يبكي على صدرها ويشكوني إليها....


      ومضة قوية ...أحالت الحجارة إلى محاجر تبكي ..
      والمومياوات إلى كائنات تبثّ شكواها ...وتمزّق تحنيطها ..وتشقّ الجدار كارهة صمتها...
      أستاذة صابرين ...دائماً ..أخرج من نصوصك بزوّادة يطول أكلها ولا تُنسى ...
      ومع أطيب أمنياتي ....إليك تحيّاتي ..

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • فجر عبد الله
        ناقدة وإعلامية
        • 02-11-2008
        • 661

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة صابرين الصباغ مشاهدة المشاركة
        يحترف خلق الأجساد الميتة من الطين يستطيع العبث بالحجر بأنامله ليصنع منه وجها يكاد ينطق ويبتسم .


        دخلت لج إبداعه ، وجدت قواعد كل ما يعتليها يرمقني بعينيه الجامدتين ، تملكني الرعب فعندما أطيل النظر لأحدهم أشعر أنه سيتحرك ويتشبث بي لأنجده من صلبه هناك.
        نساء تعشق وجوههن لكن يقتلن ( يقتل .. أظن الضمير هنا عائد على الصمت لا على النسوة ) عشقك صمتهن الثقيل ، رجال تتخيل أنه( أنهم لو تحدثوا .. لأن الكلام عن الرجال وهو جمع .. أو نضيف .. رجال تتخيل أن أحدهم لو تحدث .. ) لو تحدث ستنهال منه سيول الحكمة والعلم والفلسفة .
        أيادي ملقاه ، ألسنه مدلاه ، وجوه طمست ملامحها يزدحم المكان بضجيج أجساد يأسرها موت جامد بدأت به أعمارها .
        يخرج إلىَّ سيدهم ، يبتسم فهو الوحيد الناطق في بلاد البكم ، المتحرك بعالم المصلوبين.
        أخذني من يدي ، أوقفني وبدأـ في استنساخي ..أراه يعبث بحجارته كأنه يعزف بأوتاره الحجرية نغمة صامتة مني ..!
        اعتدت على أصدقائي فقد أصبح لي جسد ميت يقف بجوارهم .
        تزوج السيد من المستنسخة الحية ، لعشقه لتوأمها الحجرية .
        أقمت بنصف بيته الحى ، وعلى الجانب الآخر من دنيتي ( أظن .. دنياي ) يعيش مع موتاه ولايبرحهم!
        تمر الحياة بطيئة مملة فأضجر، أشجب ، أعترض ، أضرب الأرض بقدم صراخي .. يهرب من أمامي ليعيش هناك بقبر إبداعه ..!
        دون أن يدري ، دخلت هناك لأجده يبكي على صدرها ويشكوني إليها....
        " نصفي الميت " .. أسطورة من أساطير الزمن الموغل في دهاليز الشجن والحزن .. زمن ما بين الموت والحياة
        المبدعة صابرين لسردك هذا مذاق الرحيق في ثغر الفراشة ..
        أولا وقبل أن أسترسل في ردي اسمحي لي بما لونته بالأحمر ..

        نأتي لهذه القصة الماتعة التي تتحرك خطوات تفاصيلها ما بين الموت والحياة وما بين الروح والجسد وما بين عشق الصورة وعشق الروح .. تفاصيل رسمتها الأديبة صابرين بريشة الإبداع واستطاعت هي بدورها - إضافة لبطل القصة - أن تنحت صمت الحجر ليحكي لنا حكايا كثيرة ترسم ملامح الموت بألوان الحياة .. !

        بدأت القاصة قصتها بكلمة أظنها مفتاح لكل التساؤلات التي كنا نقرأها بين السطور ولم تكتبها الكاتبة .. يحترف فعل مضارع وهو إشارة إلى الاستمرارية في الاحتراف وتوالي الاحتراف .. لندرك أن هذا الاحتراف يشكل عتبة لعالم آخر - عالم الموت والصمت - يعيش فيه البطل إضافة لعالمك الحي
        تساؤلات قرأناها في صراخ البطلة في ضجرها وفي اعتراضها ..

        لماذا يفضل الأموات على الأحياء أو بالأخرى لماذا يفضل صورتها - الحجرية - عليها ويمضي في - قبره - كما سمته البطلة وقتا أكثر مما يمضيه معها .. ؟
        لماذا يتعلق بالحجر الأبكم ولا يستمتع بالصوت الحي بقدر استمتاعه بصمت الصورة .. ؟
        لماذا يهرب إلى قبره - أو بيته الميت - اقترانا بوصف الكاتبة .. ( أقمت بنصف بيته الحي ) يعني أن هناك نصف بيته الآخر لكن هو ميت في نظر البطلة - .. لتشتد غيرتها منها .. فالكاتبة لم ترسم ملامح أنثى أخرى بل رسمت ملامح صورتها الحجرية .. لتكون ضرتها وتشتد غيرة البطلة حين تراه يمضي وقتا أكثر مع تلك الصورة المستنسخة إضافة إلى صور أخرى وصفتها الكاتبة على أنها بكماء، خرساء ، جوفاء .. لا حياة فيها .. فهي مجرد صور نحتت أو استنسخت من الصورة الحقيقية الحية .. !

        هنا نجد تراكم اللاوعي لينقش على ذاكرة الموت أن الحياة هي الأصل وأن الروح لا الجسد هو الأصل .. وأن الصورة هي وإن كانت جميلة لا تتعدى أن تكون طيفا أو بقايا - الصورة الحقيقية الحية - وفلسفة العشق تكون أقوى حين تربط خيوط هذا العشق بين الأرواح أولا وليس بين الصور .. كثيرا من حكايا الوجد تموت لو تمسك الطرف الآخر بلغة الجسد ولغة الصورة ولغة الكاربون وأهمل الأصل .. وهنا الكاتبة المبدعة صابرين استطاعت بلغة قوية - حين استعملت كلمات تخرج عن إطار التحجيم إلى إطار فضفاض يسع كل المعاني .. استطاعت أن تستخدمها ببراعة خدمت الحجر أكثر من البشر .. لتضخ في الصمت أكسير الحياة
        ( يحترف ، يصنع ، صمتهن الثقيل ،ستنهال ، أيادي ملقاة ، يزدحم المكان بضجيج أجساد يأسرها الموت ، بلاد البكم ، يعيش في قبر إبداعه، نغمة صامتة مني .. )

        لتمرر أصابع الاتهام على عنق الكلمات وتجعل البطل متهم بتهمة - الإحياء - ضد الحياة .. فهو قد استطاع أن يجعل الحجر الأصم ينطق وجوها وملامح واستطاع أن يستنسخ منها هي بالذات صورة طبق الأصل .. لكنها صورة رغم تفردها من حيث الإتقان والجودة تبقى مجرد طيف للشخصية الحقيقة .. ورغم هذا .. رغم الاتهام الذي حاولت البطلة أن تنقش به صورة البطل لكنها تأتي في النهاية وتضع نفسها مكانه في قفص الاتهام ..

        " دخلت إلى هناك لأجده يبكي على صدرها يشكوني إليها .. "

        كانت هذه القفلة أو هذه النهاية صفعة للبطلة أردتها بعد حياة للممات .. تغيرت الأدوار وانشق الغبار عن حقيقة مرة لم تستطع البطلة تحملها .. فبعد صراخها وبكائها وأنينها من أنه يتركها ويذهب - لقبره - دنياه الصامتة إلا أنه الآن ترى نفسها هي الحجر الأصم وتلك الصورة المستنسخة هي الحقيقة وهي الروح التي استطاعت أن تحتوي بكاء البطل وتكون الصدر الحنون له .. فهو يشكوها إلى المستنسخة يشكو الأصل للكربون .. يشكو برودتها إلى دفء الصورة .. يشكو بعدها عنه إلى قرب الصورة منه .. لتتحطم حواجز الحجر فيتحول إلى حياة .. حين يكون باستطاعته أن يفتح مسام الدفء لتذيب صقيع البعد .. !

        ونقف الآن على تخوم العنوان لنتساءل حول فلسفته : " نصفي الميت " .. أيهما النصف الميت .. المستنسخة ، الصورة والكربون أم الأصل والروح والجسد ..؟! لنصل إلى نبع المعاني للكلمات عند الأديبة صابرين في هذه القصة الماتعة .. أن لغة الروح لو كانت رموزا وشيفرة لا يتقن الطرفين فهمها والحديث بها .. فإن عقد التواصل ينفرط ليتمسك أحد الطرفين - كوسيلة للتواصل - بالصورة أو لنقل بلغة الجسد .. !

        الكاتبة المبدعة صابرين تقبلي مروري على بستان الموت والحياة ولغة الصورة والروح ولغة الصمت والضجيج الذي رسمتيه هنا بكل روعة
        تقديري
        التعديل الأخير تم بواسطة فجر عبد الله; الساعة 07-04-2011, 13:42.

        تعليق

        • محمد الصاوى السيد حسين
          أديب وكاتب
          • 25-09-2008
          • 2803

          #5
          تحياتى البيضاء

          هل ما يصنعه النحات هو مجرد حجر ميت مصلوب على قاعدته ، يتمنى الخلاص من الأسر فيناشد الزائرة عبر سكوته العميق أن تنجده من سجنه ؟ إن هذا بالطبع ليس صحيحا فالنحات ينفث من روحه فى كيان الحجر وإلا ما كان فعله فنا ، لكن الهام هنا هو أن هذى الدلالة هى التى تنسرب إلى المتلقى لا لتعبر عن قناعة البطلة ولكن لتجلو لنا إحساسها الراهن تجاه البطل وتجاه فنه وإبداعه ، أن هذى الدلالة تكشف لنا أننا أمام علاقة مأزومة منذ بدايتها ، حيث الفنان البطل الذى لا يجد من تدرى إبداعه وترى فيما ينحت حجرا مصلوبا يستجدى الزائرين ليخلصوه من أسره ، لذا يمكن القول إن ذكاء بنية الدلالة هى التى أتاحت هذا الإيحاء بتأزم علاقة بطلى النص منذ المفتتح ، ثم نجد أن توالى البنية الدلالية هو الذى يكثف هذى الفكرة فكرة مكابدة الفنان فى أن تصل رسالته إلى الآخرين فى أن يجد امرأة تعى ما يكابده وما يتصبب من نزف روحه على لوحة الحجر

          - ربما من حيث البنية اللغوية أضم صوتى لصوت الأستاذة فجر التى أشارت لبعض الملاحظات اللغوية اليسيرة ربما فحسب لى زيادة على ما تفضلت به هذى الملاحظة

          - أيادى هنا ابتداء فتكتب أيادٍ

          تعليق

          يعمل...
          X