كان الثمن غاليا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
    أديب وكاتب
    • 03-02-2011
    • 413

    كان الثمن غاليا

    كان الثمن غاليا

    هو : لقد تأخرت كثيرا اليوم !
    هي : كان العمل مرهقا في منزل مستخدمي، ثم مررت إلى السوق واشتريت ضروريات المنزل وطعام الأولاد.
    هو : هل اشتريت سجائري ؟
    *خلعت منديل رأسها...
    الحروف ترتجف على شفتيها :هذه الحلوى اشتريتها للصغيرة لأنها تطلبها منذ شهر، الفلوس لم تكفِ.
    صاح بعصبية : يا .بنت ال... هل اشتريت سجائري؟
    بصوت يرتجف خوفا :بل اشتريت سترة صوفية لمهند لأنه يرتجف بردا عند ذهابه صباحا إلى المدرسة.
    *خلعت بلوزتها ...
    اعتصر ذراعها بقبضته : هل أحضرت معك سجائري؟
    هي : قد تغضب لو قلت لك إنّ صاحب المنزل طلبني إلى فراشه لكني قاومتة بشدة وتوعدني إن لم استجب لرغباته، سيطردني من الخدمة في بيته !
    هو : يكفي هذا الهراء، هل اشتريت سجائري الأجنبية؟
    تقدم الصغير منها وأمسك بيدها، في عينه دمعة لاهفة لكسرة خبز، وبيده صحن فارغ وملعقة، ألقى برأسه على صدرها :ماما،أنا جائع لم آكل شيئا منذ الصباح!
    : لكنّي جهزت لكم الطعام منذ الفجر !
    مهند وبصوت خفيض كسير : أبي قدّم الطعام لأصحابه أثناء لعب الورق.
    صاح بعصبية : يا عا.... هل اشتريت سجائري؟
    *خلعت تنورتها الطويلة ...
    : سأجهز طعاما للأولاد.
    يصدر صوتا كفحيح أفعى : أنت تعلمين أن (الكروز) بالكاد يكفيني لمدة يومين؟
    هي: كان ممكنا لو لم اشترعلبة حلوى للصغيرة والسترة الصوفية لمهند حتى لايرتجف من البرد.
    صفعها، قائلا : يا عا ... تتجاهلين شراء سجائري !
    :عليّ الطلاق لا تبقين هنا لحظة واحدة، ولا تنامي في بيتي الليلة، أخرجي حالا، وتوالت الصفعات اخرجي يا كلبة، تتغافلين عن شراء سجائري !
    هي : كما تشاء، سأخرج، لكن دعني أرتدي ملابسي.
    : بل هكذا، كما أنت، لتتعلمي كيف تفضلين طلبات الأولاد عن سجائري !
    بنظرات مضطربة: أريد شالا أستر ذراعيّ العاريتين كيف أخرج بالقميص الداخلي!
    : بل أخرجي كما أنت، هكذا شبه عارية !!
    فتح الباب ودفعها خارجا، مشت تسيربمحاذاة الجدارعلّها تستر نفسها، وأخفت نفسها في زاوية نهاية الزقاق الذي يطلّ على الشارع العام، تكومت كجرذ ينتظر قطا ليفترسه، تحاول بكفيها ستر ذراعيها، ودمعها يغسل وجهها، ضوء سيارة قويّ تسلط عليها، أخفت رأسها بين ذراعيها، بعد دقائق سمعت وقع أقدام قويّة تتجه نحوها، كشّاف قويّ سلط عليها : من أنت وما هذه الجلسة ؟
    : يبدو يا سيدي أننا أمام حالة مشبوه جديدة، ما بال هذه المدينة كثر الفسق فيها؟
    أجابت بصوت تخنقه الدموع : لا، لا ،لست من قاع المدينة، أرجوكم استروا عليّ، زوجي طردني خارج البيت ومنعني من ارتداء ملابسي .
    : ضع القيد في يديها وأحضرها إلى سيّارة الشرطة.
    بعد ساعة أحضر الزوج إلى المخفروأكدّ صحة ما قالته، مفتخرا بسطوة ذكوريته، أعادوها إلى البيت وعوقب بالسجن شهرأ جرّاء فعلته، ولمّا خرج من السجن، اعتذرت له وأكّدت أنها لم تكن السبب في سجنه ولم تصل إليهم، بل هم ألقوا القبض عليها في زاوية الزقاق، انهال عليها بالضرب ثانية يصرخ بشراسة :لا أريدك في بيتي، لوأردت أن لا أدخل السجن لادّعيت أنّ أحدهم اغتصبك أثناء عودتك للمنزل وسرق ملابسك وفرّهاربا ولم تعرفي له وصفا، لكنك أخبرت الشرطة بما حدث وتسببت في سجني يا عا.... أخرجي من بيتي حالا !
    * الأولاد تبكي بصمت ...
    : سأترك البيت حالا، لا أحد لي هنا ألجأ إليه، أعطني جواز سفري لأعود لأهلي .
    : كما تشائين، ولكن ستدفعين الثمن غاليا !
    قام إلى خزانته وأحضر جواز سفرها وتناول قداحته وحرق جوازسفرها بكل لؤم: هيّا أخرجي من بيتي!
    وخرجت إلى الطريق، وسجّلت محاضر شرطة الآداب، سقوط امرأة في قاع المدينة !!.



  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    أستاذة فاطمة .. صباح الخير و السعادة

    بعد قراءة هذه التراجيديا المؤلمة
    تساءلت : هل كان الثمن غاليا ؟
    الكتابة عن هذه المقطوعة صعب للغاية
    و يعد نوعا من أنواع العبث
    لأنه لن يأتي ليعبر عن حجم الوجيع فيها
    و لا حجم البناء المتواطىء مع الزوج
    ليكمل كل فصول التراجيديا دون غصة
    و لأجل ماذا .. لا أدري ؟
    نعم هناك أو عندنا و هنا عينات من هذه الحثالات من البشر
    و هى ذاتها من تسرق و تقتل و تنتهك فى ظل الفوضى التى تعيشها
    البلاد هذه الآونة .. ربما يخيفها رجل شرطة و لا يخيفها الله .. و رؤيته
    لما يتم .. فئة أو قلة لا ترتدع إلا إذا كان العذاب قيد أنفاسها .. نعم هى
    صنيعة مجتمع ، وظروف .. و لكن ربما لو كانت ثيرانا أو كائنات غير عاقلة
    لقلنا لها عذرها ، و الذنب فى النهاية ذنب الزوجة التى فضلت ثيابا للصغير تحميه من البرد
    عن سجائر فحلها ، و أيضا الحلوى للصغيرة !!
    إنها غصة فاطمة .. مارست ذاك النوع من الكتابة التى تبدو حاملة طيبة ما ، أو عدم قصدية حيال الفجيعة
    و كان ذاك بينما بطلى يسدد خنحره فى قلب الضحية .. يالها من طريقة فذة سيدتي !!

    شكرا شكرا أنك معنا هنا

    احترامي
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 06-04-2011, 06:30.
    sigpic

    تعليق

    • الحسن فهري
      متعلم.. عاشق للكلمة.
      • 27-10-2008
      • 1794

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم مشاهدة المشاركة

      كان الثمن غاليا



      هو : لقد تأخرت كثيرا اليوم !
      هي : كان العمل مرهقا في منزل مستخدمي، ثم مررت إلى السوق واشتريت ضروريات المنزل وطعام الأولاد.
      هو : هل اشتريت سجائري ؟
      *خلعت منديل رأسها...
      الحروف ترتجف على شفتيها :هذه الحلوى اشتريتها للصغيرة لأنها تطلبها منذ شهر، الفلوس لم تكفِ.
      صاح بعصبية : يا بنت ال... هل اشتريت سجائري؟
      بصوت يرتجف خوفا :بل اشتريت سترة صوفية لمهند لأنه يرتجف بردا عند ذهابه صباحا إلى المدرسة.
      *خلعت بلوزتها ...
      اعتصر ذراعها بقبضته : هل أحضرت معك سجائري؟
      هي : قد تغضب لو قلت لك إنّ صاحب المنزل طلبني إلى فراشه لكني قاومتة بشدة وتوعدني إن لم استجب لرغباته، سيطردني من الخدمة في بيته !
      هو : يكفي هذا الهراء، هل اشتريت سجائري الأجنبية؟
      تقدم الصغير منها وأمسك بيدها، في عينه دمعة لاهفة لكسرة خبز، وبيده صحن فارغ وملعقة، ألقى برأسه على صدرها :ماما،أنا جائع لم آكل شيئا منذ الصباح!
      : لكنّي جهزت لكم الطعام منذ الفجر !
      مهند وبصوت خفيض كسير : أبي قدّم الطعام لأصحابه أثناء لعب الورق.
      صاح بعصبية : يا عا.... هل اشتريت سجائري؟
      *خلعت تنورتها الطويلة ...
      : سأجهز طعاما للأولاد.
      يصدر صوتا كفحيح أفعى : أنت تعلمين أن (الكروز) بالكاد يكفيني لمدة يومين؟
      هي: كان ممكنا لو لم اشترعلبة حلوى للصغيرة والسترة الصوفية لمهند حتى لا يرتجف من البرد.
      صفعها، قائلا : يا عا ... تتجاهلين شراء سجائري !
      :عليّ الطلاق لا تبقين هنا لحظة واحدة، ولا تنامي في بيتي الليلة، أخرجي حالا، وتوالت الصفعات اخرجي يا كلبة، تتغافلين عن شراء سجائري !
      هي : كما تشاء، سأخرج، لكن دعني أرتدي ملابسي.
      : بل هكذا، كما أنت، لتتعلمي كيف تفضلين طلبات الأولاد عن سجائري !
      بنظرات مضطربة: أريد شالا أستر ذراعيّ العاريتين كيف أخرج بالقميص الداخلي!
      : بل أخرجي كما أنت، هكذا شبه عارية !!
      فتح الباب ودفعها خارجا، مشت تسيربمحاذاة الجدارعلّها تستر نفسها، وأخفت نفسها في زاوية نهاية الزقاق الذي يطلّ على الشارع العام، تكومت كجرذ ينتظر قطا ليفترسه، تحاول بكفيها ستر ذراعيها، ودمعها يغسل وجهها، ضوء سيارة قويّ تسلط عليها، أخفت رأسها بين ذراعيها، بعد دقائق سمعت وقع أقدام قويّة تتجه نحوها، كشّاف قويّ سلط عليها : من أنت وما هذه الجلسة ؟
      : يبدو يا سيدي أننا أمام حالة مشبوه جديدة، ما بال هذه المدينة كثر الفسق فيها؟
      أجابت بصوت تخنقه الدموع : لا، لا ،لست من قاع المدينة، أرجوكم استروا عليّ، زوجي طردني خارج البيت ومنعني من ارتداء ملابسي .
      : ضع القيد في يديها وأحضرها إلى سيّارة الشرطة.
      بعد ساعة أحضر الزوج إلى المخفر وأكدّ صحة ما قالته، مفتخرا بسطوة ذكوريته، أعادوها إلى البيت وعوقب بالسجن شهرأ جرّاء فعلته، ولمّا خرج من السجن، اعتذرت له وأكّدت أنها لم تكن السبب في سجنه ولم تصل إليهم، بل هم ألقوا القبض عليها في زاوية الزقاق، انهال عليها بالضرب ثانية يصرخ بشراسة :لا أريدك في بيتي، لوأردت أن لا أدخل السجن لادّعيت أنّ أحدهم اغتصبك أثناء عودتك للمنزل وسرق ملابسك وفرّ هاربا ولم تعرفي له وصفا، لكنك أخبرت الشرطة بما حدث وتسببت في سجني يا عا.... أخرجي من بيتي حالا !
      * الأولاد تبكي بصمت ...
      : سأترك البيت حالا، لا أحد لي هنا ألجأ إليه، أعطني جواز سفري لأعود لأهلي .
      : كما تشائين، ولكن ستدفعين الثمن غاليا !
      قام إلى خزانته وأحضر جواز سفرها وتناول قداحته وحرق جوازسفرها بكل لؤم: هيّا أخرجي من بيتي!
      وخرجت إلى الطريق، وسجّلت محاضر شرطة الآداب، سقوط امرأة في قاع المدينة !!.



      بسم الله.
      سلاما،
      مررت بها،
      وتابعت مأساتها،
      وتأثرت..
      بقدر ما تميّزت غيظا بسبب ذاك اللئيم..
      كنت هنا..
      ===================
      * أرجو أن تُراجَع الملونات.
      والله المستعان.

      تحيات وردية من أخيكم.
      التعديل الأخير تم بواسطة الحسن فهري; الساعة 06-04-2011, 13:33.
      ولا أقـولُ لقِـدْر القـوم: قدْ غلِيَـتْ
      ولا أقـول لـباب الـدار: مَغـلـوقُ !
      ( أبو الأسْـود الدّؤليّ )
      *===*===*===*===*
      أنا الذي أمرَ الوالي بقطع يدي
      لمّا تبيّـنَ أنّي في يـدي قـلــمُ
      !
      ( ح. فهـري )

      تعليق

      • مباركة بشير أحمد
        أديبة وكاتبة
        • 17-03-2011
        • 2034

        #4
        في كثير من الأحيان، يكون الرجل هو المتسبب الوحيد في مأساة المرأة...!!
        لكن على الرغم من ذلك، فهناك دين قويم وجب أن نسير على منهاجه ..
        وفي معنى الحديث الشريف: تموت الحرة جوعا ولاتأكل من حرام.
        ...........
        قصة ماتعة، مجتثة من تربة الواقع المادي المقيت..!!
        صيغت بأسلوب جميل وبلغة محكمة. توالت فيها الأحداث المأساوية مترابطة، من البداية إلى النهاية.
        كل التقدير والشكر لك كاتبتنا القديرة فاطمة.
        وموفقة بإذن الله.
        تحياتي وأسمى تقديري.

        تعليق

        • مباركة بشير أحمد
          أديبة وكاتبة
          • 17-03-2011
          • 2034

          #5
          في كثير من الأحيان، يكون الرجل هو المتسبب الوحيد في مأساة المرأة...!!
          لكن على الرغم من ذلك، فهناك دين قويم وجب أن نسير على منهاجه ..
          وفي معنى الحديث الشريف: تموت الحرة جوعا ولاتأكل من حرام.
          ...........
          قصة ماتعة، مجتثة من تربة الواقع المادي المقيت..!!
          صيغت بأسلوب جميل وبلغة محكمة. توالت فيها الأحداث المأساوية مترابطة، من البداية إلى النهاية.
          كل التقدير والشكر لك كاتبتنا القديرة فاطمة.
          وموفقة بإذن الله.
          تحياتي وأسمى تقديري.

          تعليق

          • فاطمة يوسف عبد الرحيم
            أديب وكاتب
            • 03-02-2011
            • 413

            #6
            الأستاذ ربيع القدير
            يسرني تواجدك في صفحتي وكلماتك التي عبرت عن تعاطفك مع هذه المرأة والتي كما قلت يوجد الكثيرمثل هذه الصورة القاسية الواقعية في مجتمعاتنا أشكرك أخي
            ودمت
            فاطمة

            تعليق

            • فاطمة يوسف عبد الرحيم
              أديب وكاتب
              • 03-02-2011
              • 413

              #7
              الأديب الحسن الفهري
              تشرفت بتواجدك، واعتزّ برأيك وقمت بتصويب الأخطاء وأشكر لك اهتمامك ودمت
              فاطمة

              تعليق

              • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                أديب وكاتب
                • 03-02-2011
                • 413

                #8
                الأخت الأديبة مباركة
                أشاركك الرأي لو كان الوازع الديني قويا لديها لما وصلت إلى هذه الحالة من التردي الاخلاقي بحجة الفقر ، ولكنّي أحببت أن أنقل الواقعة كما حدثت وأنّ الظلم قد يؤدي إلى الانحراف عند ذوي النفوس الضعيفة
                أشكرك عزيزتي
                فاطمة
                التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم; الساعة 08-04-2011, 19:09.

                تعليق

                • وسام دبليز
                  همس الياسمين
                  • 03-07-2010
                  • 687

                  #9

                  كان الثمن غاليا حقا
                  حين تكون السيجارة أهم من طعام لصغير وسترة لتدفئته عند والد ظالم فيجب أن يكون هناك مظلوم وكانت الأم بكل ما تحمله من دفء وصدق هي المظلوم إضافة للأطفال
                  هي صورة صادقة عن مجتمع يغص بهذه نماذج
                  تقبلي مروري

                  تعليق

                  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                    أديب وكاتب
                    • 03-02-2011
                    • 413

                    #10
                    الأديبة وسام
                    تحية من القلب ، لقد أسعدني تواجدك في صفحتي وتعاطفك مع المرأة التي وقع عليها أقسى أنواع الظلم، ليت الرجال يستوصون خيرا بالنساء لاستقام حال الأمة
                    ودمت عزيزتي
                    فاطمة

                    تعليق

                    يعمل...
                    X