يا أيهــا الإنسان الضعيــف إن أجلــك قــد دنــا ، فهــلا ابتعدت عــن المواخيــر والفحـش والخنــا، وهــلا لملمــت روحـك إلــى قبلتــه وودعــت ما يفنيـك وما قــد مضــى، عــد إلــى رشــدك وارتشــف كأس لبيـب واغتنــم فرصـة سانحة لا شقــاء بعدهـا، ودع حثالــة الأرصفــة واخط فــوق ثرى النجـوم وتجاوز الحد الأدنــى واعشــق أخــي الثريــا والمدى .

أدرك قافلــة المتقيــن قبــل رحيلهــا قبـل زوال النجــوم وسفــر القمــر النيــر، فبـئس الاختيال والتبختــر القاتــل سبــح باسـم ربــك ،لــه الفضــل والجــود وكفــاك تعنتــا، ودغدغ بذكــره تعالــى شغــاف قلبــك الذي تراه حيـا لكنــه ميتــا، كــم صفقــت لحــي تراه غــدا ميتــا غــدا تكــن جــارا لــه فـي لحــد صلــد يابســا أمــا ودعــت كــل

المدح وكــل الثنــا أمــا وقفـت علــى أرض متينــة صلبــة تبكــي لحظــات الصبا والإســراف والتقصيــر البين أرى القصــب اشتــد عوده وبعــد هنيهــة أراه قــد تشقق ، أراه لا يقــوى علــى رفــع رأســه في زهــو مختالا علــى خلانــه، لقــد كــان بالأمــس مندسـا بينهــم فأردته الرياح ذليلا هشيمــا مكســرا .أمــا ودعــت الزحــام وضوضـاءه وألقيــت نظرتــك حنينــا وتأسفــا علــى لحد حبيــب كــان بالأمس يرتــع بينكــم فتسلــل الموت إليــه خلســة، فكيف اختطـف عنفوانه الردى قــال اللــه تعالــى (كــل شيء هالــك إلا وجهــه ) صدق اللــه العظيــم .أمــا رأيــت بالأمـس بستاننا ترتــع فيه الفراشــات وترتشف الرحيــق المتبخـر؟ !

والورود لــم تسلــم مــن مداعبــات نحلــة ترقـص وفجـأة سقطـت سريعــة، فمــن ذا الــذي أرداهــا ومــن قال للورود أن تذبــل .
هدا النص مقتطف من كتاب خريف المشاعر لصاحبه عبد الغني علوشي