بلابل فوق المزابل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن الحسين
    عضو الملتقى
    • 20-10-2010
    • 299

    بلابل فوق المزابل

    بلابل فوق المزابل


    افتتح الحفل بالنشيد الوطني والتهليل والتكبير بحياة الزعيم الوحيد والأوحد والصامد الصمد الذي لم يلد ولم يولد للزمان مثله ولم يكن له مثيلا ولاشبيها ولانظيرا..
    موجات التصفيق كانت تتسابق مع الشعارات التقليدية..ونشيد النفاق المشهور " بالروح بالدم نفديك يازعيم ".. كان يتخلل وجبات المزاودات التي يقدمها أولا أصحاب الكلمة الرفيعو المستوى ثم أصحاب السطوة.. ثم الأقل نفوذا حتى يصل دور سقط المتاع.
    وقف رئيس البرلمان أمام الميكرفون مرتديا الهيبة والرصانة.. حتى انتشر الصمت القاتل وسط الحضور وركضت الأبصار نحوه تستدرج منه الكلمات..
    عند امتلاكه انتباه الحضور أطلق ذراعيه في الفضاء وهدرت أبيات قصيدة المدح المتصدعة بعجرها وبجرها..وتناثرت أحرف الجر في كل السطور.. وبانت قطع الغيار المستعملة والمستعارة من قصائد العصر الجاهلي..واختبأت الركاكة في عب الصراخ الهادر الذي كان يقذفه من فمه العريض حتى ماجت الجماهير وازداد ترديدها: " بالروح بالدم...."
    اغتبط المرتزق وضمن حصته من المائدة .. فأزاح ثقله عن المنبر مفسحا لسماحة الشيخ ليدلي بدلوه..
    تقدم المفتي مزنرا بالورع.. ممتطيا الخشوع.. ومعمما بالتقوى.. وعند الميكرفون استعاذ واستغفر وهلل وكبر وتنحنح وبسمل وقال أما بعد..
    فرش بعدها أمام الحضور كرامات القائد المبجل ومآثره وتضحياته في سبيل الله والشعب وغيرته على الأمة..وتفانيه في خدمة الجماهير باذلا الغالي والرخيص من أجل عزة الوطن...وختم كلمته بالدعاء والتضرع للرفيق الأول في رأس الهرم وتنبأ له بدخول جنة الفردوس مع عائلته ومحبيه وأصحابه وانتقل بعدها للرفيق رئيس الحكومة المتربع على المنصة فضمن له أيضا دخول الجنة.. وأكثر له من التبجيل والتكبير حتى اخضلت لحيته..وازدحمت العبرات مع العبارات.. وتعثر من فرط النشوة فزل لسانه قائلا:
    - واذ أنعم الله علينا بتولي زمام مدينتنا الرفيق القائد المفدى رضي الله عنه..فذلك مدعاة للفخر والاطمئنان وإن أولادنا وأموالنا وأعراضنا بأمان و.......
    ظهر الفتور فورا على حماسة الجماهير وخفتت أصواتهم وسرت الهمهمة بين صفوفهم..واختفى نشيد النفاق من أفواههم وشرع المتجمهرون بالانفضاض من الساحة منسلين في مختلف الاتجاهات وعلامات الاستياء تقفز كالأبالسة من ملامحهم..
    لم يدرك سكان المنصة من مسؤولين ووجهاء وضيوف سر هذا التغير الحاد والغريب في موقف المتجمهرين الذين كانوا لتوهم يسفحون دماءهم ويزهقون أرواحهم طوعا وحبا وكرامة للرفيق الأول في الوطن..ويزاودون على فداء القائد الزعيم..
    هذا الانسحاب المباغت والهمس والغمز أمر مريب ووراؤه ماوراؤه.
    هاجم الشحوب سحنات الجلوس.. وارتعدت فرائص الحزبيين منهم.. وحامت الأسئلة في رؤوس كل من حالفه الحظ والحظوة في التربع تحت سقف المنصة..
    " لابد وأنه حدث أمر ما ؟"
    "ترى هل وقع انقلاب في الحكم"
    "هل هناك مؤامرة ما تطيح ببعض أعمدة الدولة "؟
    ساد اللغط والهرج ودب الرعب لفترة حسبها الذوات من الحضور عصورا ودهورا.. ولاحت لهم الأشباح تسحب الكراسي من تحتهم وتنقعهم في غياهب المعتقلات إلى يوم يبعثون.. حتى اقترب أحد المخبرين المدسوسين وسط الجماهير وصعد إلى قمرة أولي الأمر.. وهمس لرئيسه المنكمش فزعا على نفسه في المنصة :
    - سيدي الناس استاءت من قول الشيخ عن الرفيق القائد "رضي الله عنه" لأن هذه العبارة كما يقولون وصف خاص بصحابة رسول الله.
    - هذا الشيخ اللعين.. لقد خلع قلوبنا..خذ معك دورية وبعض العناصر وخذوا هذا الزنديق إلى الفرع..لأنزع عمامته بحذائي.. كدنا نبلل سراويلنا من هرطقة ابن الزانية.
    - ولكن ياسيدي.. هذا مولانا في المدينة إنه المفتي والناس سوف تسأل....
    - هذا الخسيس بالأمس قدم لي خطابه ولم تكن فيه هذه العبارة فمن أين جاء بها اليوم ليخرب علينا حفلنا ؟
    - هل ننبهه إلى ذلك فيعتذر ؟
    - يعتذر ؟ لمن يعتذر ؟
    - لحضرتكم ولجناب الرفيق زعيم البلد ؟
    - لنا نحن ....هه هه .. نحن نعرف أنه أفّاق منافق.. المهم ليس الاعتذار لنا... بل للناس.. وأين الناس الآن ؟ لم يبق منهم أحد..
    حين كان المفتي مرميا في قبو أمن الدولة منتوف الذقن ، مكسور الهمة ، منزوع العمامة ، مورّم القدمين، مكدوم الوجنتين، معطوب البدن ، من أثر اللكم والركل والعتمة والاهانات..
    آنذاك كان يردد دوما:
    - الحمد لله.. الحمد لله..
    الحمد لله.. أن زلتي كانت عند " رضي الله عنه "
    الحمد لله أن الأمر كان عند هذا الحد فقط .. وزلتي لم تتجاوز حد الصحابة..
    الحمد لله أني لم أقل الرفيق القائد صلى الله عليه وسلم..
    الحمد لله على هذا.. وألف الحمد لله.. وإلا لكان علي السلام.
  • فجر عبد الله
    ناقدة وإعلامية
    • 02-11-2008
    • 661

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة حسن الحسين مشاهدة المشاركة
    بلابل فوق المزابل



    افتتح الحفل بالنشيد الوطني والتهليل والتكبير بحياة الزعيم الوحيد والأوحد والصامد الصمد الذي لم يلد ولم يولد للزمان مثله ولم يكن له مثيلا ولاشبيها ولانظيرا..
    موجات التصفيق كانت تتسابق مع الشعارات التقليدية..ونشيد النفاق المشهور " بالروح بالدم نفديك يازعيم ".. كان يتخلل وجبات المزاودات التي يقدمها أولا أصحاب الكلمة الرفيعو المستوى ثم أصحاب السطوة.. ثم الأقل نفوذا حتى يصل دور سقط المتاع.
    وقف رئيس البرلمان أمام الميكرفون مرتديا الهيبة والرصانة.. حتى انتشر الصمت القاتل وسط الحضور وركضت الأبصار نحوه تستدرج منه الكلمات..
    عند امتلاكه انتباه الحضور أطلق ذراعيه في الفضاء وهدرت أبيات قصيدة المدح المتصدعة بعجرها وبجرها..وتناثرت أحرف الجر في كل السطور.. وبانت قطع الغيار المستعملة والمستعارة من قصائد العصر الجاهلي..واختبأت الركاكة في عب الصراخ الهادر الذي كان يقذفه من فمه العريض حتى ماجت الجماهير وازداد ترديدها: " بالروح بالدم...."
    اغتبط المرتزق وضمن حصته من المائدة .. فأزاح ثقله عن المنبر مفسحا لسماحة الشيخ ليدلي بدلوه..
    تقدم المفتي مزنرا بالورع.. ممتطيا الخشوع.. ومعمما بالتقوى.. وعند الميكرفون استعاذ واستغفر وهلل وكبر وتنحنح وبسمل وقال أما بعد..
    فرش بعدها أمام الحضور كرامات القائد المبجل ومآثره وتضحياته في سبيل الله والشعب وغيرته على الأمة..وتفانيه في خدمة الجماهير باذلا الغالي والرخيص من أجل عزة الوطن...وختم كلمته بالدعاء والتضرع للرفيق الأول في رأس الهرم وتنبأ له بدخول جنة الفردوس مع عائلته ومحبيه وأصحابه وانتقل بعدها للرفيق رئيس الحكومة المتربع على المنصة فضمن له أيضا دخول الجنة.. وأكثر له من التبجيل والتكبير حتى اخضلت لحيته..وازدحمت العبرات مع العبارات.. وتعثر من فرط النشوة فزل لسانه قائلا:
    - واذ أنعم الله علينا بتولي زمام مدينتنا الرفيق القائد المفدى رضي الله عنه..فذلك مدعاة للفخر والاطمئنان وإن أولادنا وأموالنا وأعراضنا بأمان و.......
    ظهر الفتور فورا على حماسة الجماهير وخفتت أصواتهم وسرت الهمهمة بين صفوفهم..واختفى نشيد النفاق من أفواههم وشرع المتجمهرون بالانفضاض من الساحة منسلين في مختلف الاتجاهات وعلامات الاستياء تقفز كالأبالسة من ملامحهم..
    لم يدرك سكان المنصة من مسؤولين ووجهاء وضيوف سر هذا التغير الحاد والغريب في موقف المتجمهرين الذين كانوا لتوهم يسفحون دماءهم ويزهقون أرواحهم طوعا وحبا وكرامة للرفيق الأول في الوطن..ويزاودون على فداء القائد الزعيم..
    هذا الانسحاب المباغت والهمس والغمز أمر مريب ووراؤه ماوراؤه.
    هاجم الشحوب سحنات الجلوس.. وارتعدت فرائص الحزبيين منهم.. وحامت الأسئلة في رؤوس كل من حالفه الحظ والحظوة في التربع تحت سقف المنصة..
    " لابد وأنه حدث أمر ما ؟"
    "ترى هل وقع انقلاب في الحكم"
    "هل هناك مؤامرة ما تطيح ببعض أعمدة الدولة "؟
    ساد اللغط والهرج ودب الرعب لفترة حسبها الذوات من الحضور عصورا ودهورا.. ولاحت لهم الأشباح تسحب الكراسي من تحتهم وتنقعهم في غياهب المعتقلات إلى يوم يبعثون.. حتى اقترب أحد المخبرين المدسوسين وسط الجماهير وصعد إلى قمرة أولي الأمر.. وهمس لرئيسه المنكمش فزعا على نفسه في المنصة :
    - سيدي الناس استاءت من قول الشيخ عن الرفيق القائد "رضي الله عنه" لأن هذه العبارة كما يقولون وصف خاص بصحابة رسول الله.
    - هذا الشيخ اللعين.. لقد خلع قلوبنا..خذ معك دورية وبعض العناصر وخذوا هذا الزنديق إلى الفرع..لأنزع عمامته بحذائي.. كدنا نبلل سراويلنا من هرطقة ابن الزانية.
    - ولكن ياسيدي.. هذا مولانا في المدينة إنه المفتي والناس سوف تسأل....
    - هذا الخسيس بالأمس قدم لي خطابه ولم تكن فيه هذه العبارة فمن أين جاء بها اليوم ليخرب علينا حفلنا ؟
    - هل ننبهه إلى ذلك فيعتذر ؟
    - يعتذر ؟ لمن يعتذر ؟
    - لحضرتكم ولجناب الرفيق زعيم البلد ؟
    - لنا نحن ....هه هه .. نحن نعرف أنه أفّاق منافق.. المهم ليس الاعتذار لنا... بل للناس.. وأين الناس الآن ؟ لم يبق منهم أحد..
    حين كان المفتي مرميا في قبو أمن الدولة منتوف الذقن ، مكسور الهمة ، منزوع العمامة ، مورّم القدمين، مكدوم الوجنتين، معطوب البدن ، من أثر اللكم والركل والعتمة والاهانات..
    آنذاك كان يردد دوما:
    - الحمد لله.. الحمد لله..
    الحمد لله.. أن زلتي كانت عند " رضي الله عنه "
    الحمد لله أن الأمر كان عند هذا الحد فقط .. وزلتي لم تتجاوز حد الصحابة..
    الحمد لله أني لم أقل الرفيق القائد صلى الله عليه وسلم..
    الحمد لله على هذا.. وألف الحمد لله.. وإلا لكان علي السلام.

    أهلا بك أخي الفاضل حسن الحسين

    ألاترى أن ما لونته بالأحمر خط أحمر لا يجب تجاوزه ؛ لأنه متعلق بذات الله تعالى ؟؟؟؟؟
    الصمد اسم من الأسماء الحسنى .. " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها "
    ومباشرة ذكرت بعد الصمد لم يلد ولم يولد
    " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "
    وصلى الله عليه وسلم لا تقال إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم -

    أليس كان يجب اخيار كلمة رمزية تدل على فكرة التعظيم ؟؟؟
    من حقك أن تعبر عن رؤيتك لقصتك لكن من حقي - وربما حق الكثيرين من القراء - أن نتساءل لم الزج بذات الله تعالى
    في هذه القصة بهذا الشكل؟؟؟!!!!
    أعجز رحم المعجم أن يمدك بكلمة أخرى وأصابه العقم ؟؟؟

    رجاء لو سمحت ممكن تغيره
    شكرا لحسن تفهمك
    تقديري

    تعليق

    • روان عبد الكريم
      أديب وكاتب
      • 21-03-2010
      • 185

      #3
      سرد رائع ونهاية عبقرية

      سعدت بقصتك

      تعليق

      • محمد فطومي
        رئيس ملتقى فرعي
        • 05-06-2010
        • 2433

        #4
        بنية النصّ ممتازة و الحبك طريف للغاية،و أعيد على مسامعك أنّك موهوب و لديك القدرة على النّفاذ و الإقناع،لكنّك صديقي،تصرّ على أن تثير حفيظة قسم كبير من قرائك،و كنت نوّهت لك بهذا من قبل،ليس من باب إملاء الخطوات و لكن حفاظا على الحياد بالتّجربة إلى منزلق التحدّي.لا أرسم حدودا للكاتب و أحبّ التّحليق بالأدب نحو اللاّأحد،نحو اللاّمستهلك،نحو اللاّمتداول،نحو النّقد و محاورة الوجود الإنساني،و أرى من جهة أخرى أنّ على الكاتب الجيّد أن يتنزّه على المباشرة في الهجاء و نقاش التّفاصيل باندفاع و يستعيض بالإيحاء و التّلقائيّة عنها.هذا عموما.

        تقديري و تحيّاتي لك.
        مدوّنة

        فلكُ القصّة القصيرة

        تعليق

        • نادية البريني
          أديب وكاتب
          • 20-09-2009
          • 2644

          #5
          بلابل فوق المزابل


          افتتح الحفل بالنشيد الوطني والتهليل والتكبير بحياة الزعيم الوحيد والأوحد والصامد الصمد الذي لم يلد ولم يولد للزمان مثله ولم يكن له مثيلا ولاشبيها ولانظيرا..
          موجات التصفيق كانت تتسابق مع الشعارات التقليدية..ونشيد النفاق المشهور " بالروح بالدم نفديك يازعيم ".. كان يتخلل وجبات المزاودات التي يقدمها أولا أصحاب الكلمة الرفيعو المستوى ثم أصحاب السطوة.. ثم الأقل نفوذا حتى يصل دور سقط المتاع.
          وقف رئيس البرلمان أمام الميكرفون مرتديا الهيبة والرصانة.. حتى انتشر الصمت القاتل وسط الحضور وركضت الأبصار نحوه تستدرج منه الكلمات..
          عند امتلاكه انتباه الحضور أطلق ذراعيه في الفضاء وهدرت أبيات قصيدة المدح المتصدعة بعجرها وبجرها..وتناثرت أحرف الجر في كل السطور.. وبانت قطع الغيار المستعملة والمستعارة من قصائد العصر الجاهلي..واختبأت الركاكة في عب الصراخ الهادر الذي كان يقذفه من فمه العريض حتى ماجت الجماهير وازداد ترديدها: " بالروح بالدم...."
          اغتبط المرتزق وضمن حصته من المائدة .. فأزاح ثقله عن المنبر مفسحا لسماحة الشيخ ليدلي بدلوه..
          تقدم المفتي مزنرا بالورع.. ممتطيا الخشوع.. ومعمما بالتقوى.. وعند الميكرفون استعاذ واستغفر وهلل وكبر وتنحنح وبسمل وقال أما بعد..
          فرش بعدها أمام الحضور كرامات القائد المبجل ومآثره وتضحياته في سبيل الله والشعب وغيرته على الأمة..وتفانيه في خدمة الجماهير باذلا الغالي والرخيص من أجل عزة الوطن...وختم كلمته بالدعاء والتضرع للرفيق الأول في رأس الهرم وتنبأ له بدخول جنة الفردوس مع عائلته ومحبيه وأصحابه وانتقل بعدها للرفيق رئيس الحكومة المتربع على المنصة فضمن له أيضا دخول الجنة.. وأكثر له من التبجيل والتكبير حتى اخضلت لحيته..وازدحمت العبرات مع العبارات.. وتعثر من فرط النشوة فزل لسانه قائلا:
          - واذ أنعم الله علينا بتولي زمام مدينتنا الرفيق القائد المفدى رضي الله عنه..فذلك مدعاة للفخر والاطمئنان وإن أولادنا وأموالنا وأعراضنا بأمان و.......
          ظهر الفتور فورا على حماسة الجماهير وخفتت أصواتهم وسرت الهمهمة بين صفوفهم..واختفى نشيد النفاق من أفواههم وشرع المتجمهرون بالانفضاض من الساحة منسلين في مختلف الاتجاهات وعلامات الاستياء تقفز كالأبالسة من ملامحهم..
          لم يدرك سكان المنصة من مسؤولين ووجهاء وضيوف سر هذا التغير الحاد والغريب في موقف المتجمهرين الذين كانوا لتوهم يسفحون دماءهم ويزهقون أرواحهم طوعا وحبا وكرامة للرفيق الأول في الوطن..ويزاودون على فداء القائد الزعيم..
          هذا الانسحاب المباغت والهمس والغمز أمر مريب ووراؤه ماوراؤه.
          هاجم الشحوب سحنات الجلوس.. وارتعدت فرائص الحزبيين منهم.. وحامت الأسئلة في رؤوس كل من حالفه الحظ والحظوة في التربع تحت سقف المنصة..
          " لابد وأنه حدث أمر ما ؟"
          "ترى هل وقع انقلاب في الحكم"
          "هل هناك مؤامرة ما تطيح ببعض أعمدة الدولة "؟
          ساد اللغط والهرج ودب الرعب لفترة حسبها الذوات من الحضور عصورا ودهورا.. ولاحت لهم الأشباح تسحب الكراسي من تحتهم وتنقعهم في غياهب المعتقلات إلى يوم يبعثون.. حتى اقترب أحد المخبرين المدسوسين وسط الجماهير وصعد إلى قمرة أولي الأمر.. وهمس لرئيسه المنكمش فزعا على نفسه في المنصة :
          - سيدي الناس استاءت من قول الشيخ عن الرفيق القائد "رضي الله عنه" لأن هذه العبارة كما يقولون وصف خاص بصحابة رسول الله.
          - هذا الشيخ اللعين.. لقد خلع قلوبنا..خذ معك دورية وبعض العناصر وخذوا هذا الزنديق إلى الفرع..لأنزع عمامته بحذائي.. كدنا نبلل سراويلنا من هرطقة ابن الزانية.
          - ولكن ياسيدي.. هذا مولانا في المدينة إنه المفتي والناس سوف تسأل....
          - هذا الخسيس بالأمس قدم لي خطابه ولم تكن فيه هذه العبارة فمن أين جاء بها اليوم ليخرب علينا حفلنا ؟
          - هل ننبهه إلى ذلك فيعتذر ؟
          - يعتذر ؟ لمن يعتذر ؟
          - لحضرتكم ولجناب الرفيق زعيم البلد ؟
          - لنا نحن ....هه هه .. نحن نعرف أنه أفّاق منافق.. المهم ليس الاعتذار لنا... بل للناس.. وأين الناس الآن ؟ لم يبق منهم أحد..
          حين كان المفتي مرميا في قبو أمن الدولة منتوف الذقن ، مكسور الهمة ، منزوع العمامة ، مورّم القدمين، مكدوم الوجنتين، معطوب البدن ، من أثر اللكم والركل والعتمة والاهانات..
          آنذاك كان يردد دوما:
          - الحمد لله.. الحمد لله..
          الحمد لله.. أن زلتي كانت عند " رضي الله عنه "
          الحمد لله أن الأمر كان عند هذا الحد فقط .. وزلتي لم تتجاوز حد الصحابة..
          الحمد لله أني لم أقل الرفيق القائد صلى الله عليه وسلم..
          الحمد لله على هذا.. وألف الحمد لله.. وإلا لكان علي السلام.




          أخي المبدع حسين
          تأسرني لغتك فهي متينة ومشحونة بالصّور الوظيفيّة.
          رأيت الموضوع ملائما جدّا للوضع الرّاهن.واللّه ضقنا ذرعا بمثل هذه الخطابات التي تصدر عن الخطباء والمثقّفين المزيّفين عامّة.خطابات ملؤها التزلّف والتّمسّح على أعتاب السّادة ولن يبرّئ الخوف هؤلاء من جريمة التواطؤ مع المزابل.أذكر هذه الكلمات وأنا مازلت تحت تأثير شريط وثائقي عرض فضائح رئيس تونس الخضراء المخلوع.الأمر مرير إلى حدّ بعيد.من ساعده على نفث سمومه؟هم أولئك الذين يسبّحون بشكره وتعظيمه دون خوف من عقاب الآخرة.في خطب الجمعة كانوا يدعون له ويشكرون فضله وهو السّفاح ويعرفون ذلك جيّدا.
          أرأيت أخي لقد وضعت الإصبع على الدّاء في هذا النّسيج القصصي وإن رغبت أن يكون الإيحاء أقوى من المباشرة لكنّ ذلك لم يعدم جمال النّص.
          ذكّرني موضوعك أيضا بعبارة سمعتها في القناة الفضائيّة اللّيبيّة "اللّه ومعمّر وليبيا وبسّ" جعلوه الرّسول المفدّى.
          رأيتك نقلت بصدق الموجود الذي يؤرّقنا وإن كنت تستطيع أن تتصرّف في العبارة الاخيرة وتوحي بمضمونها"صلّى اللّه عليه وسلّم" .
          قلت يوما لطلبتي خلق الشابي كونه الشّعريّ فتدخّلت إحدى طالباتي "كيف تقولين خلق وهذا الفعل من مشمولات اللّه".رددت "الخلق في سياق النّص الأدبي" الإشكال أنّ كثيرين لا يميّزون بين الواقع والفنّ.
          سعدت بالقراءة لك
          دمت بخير

          تعليق

          • فوزي الريح
            محظور
            • 12-04-2011
            • 70

            #6
            خرج عارياً
            سألوه لماذا خلعت سروالك الداخلي
            أجابهم : أنني أهوى نشر الغسيل
            وهي عادة أدمنتها
            قالوا له : الله يشفيك
            التعديل الأخير تم بواسطة فوزي الريح; الساعة 20-04-2011, 17:58.

            تعليق

            • ميساء عباس
              رئيس ملتقى القصة
              • 21-09-2009
              • 4186

              #7
              عند امتلاكه انتباه الحضور أطلق ذراعيه في الفضاء وهدرت أبيات قصيدة المدح المتصدعة بعجرها وبجرها..وتناثرت أحرف الجر في كل السطور.. وبانت قطع الغيار المستعملة والمستعارة من قصائد العصر الجاهلي

              حسن الأديب المميز
              سلاما
              لحرف ينبض كطير حر
              قصة
              كعادتك
              متقنة لغويا
              بصورها العميقة وأحيانا الشاعرية
              والسخرية الجميلة جدااا
              التي يتميز بها قلمك الجميل
              قصة
              مبطنة
              معمرة كثيرا
              بوووركت يالرائع
              ميساء
              مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
              https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

              تعليق

              • دعد قنوع
                عضو الملتقى
                • 26-01-2010
                • 159

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة

                أخي المبدع حسين
                تأسرني لغتك فهي متينة ومشحونة بالصّور الوظيفيّة.
                رأيت الموضوع ملائما جدّا للوضع الرّاهن.واللّه ضقنا ذرعا بمثل هذه الخطابات التي تصدر عن الخطباء والمثقّفين المزيّفين عامّة.خطابات ملؤها التزلّف والتّمسّح على أعتاب السّادة ولن يبرّئ الخوف هؤلاء من جريمة التواطؤ مع المزابل.أذكر هذه الكلمات وأنا مازلت تحت تأثير شريط وثائقي عرض فضائح رئيس تونس الخضراء المخلوع.الأمر مرير إلى حدّ بعيد.من ساعده على نفث سمومه؟هم أولئك الذين يسبّحون بشكره وتعظيمه دون خوف من عقاب الآخرة.في خطب الجمعة كانوا يدعون له ويشكرون فضله وهو السّفاح ويعرفون ذلك جيّدا.
                أرأيت أخي لقد وضعت الإصبع على الدّاء في هذا النّسيج القصصي وإن رغبت أن يكون الإيحاء أقوى من المباشرة لكنّ ذلك لم يعدم جمال النّص.
                ذكّرني موضوعك أيضا بعبارة سمعتها في القناة الفضائيّة اللّيبيّة "اللّه ومعمّر وليبيا وبسّ" جعلوه الرّسول المفدّى.
                رأيتك نقلت بصدق الموجود الذي يؤرّقنا وإن كنت تستطيع أن تتصرّف في العبارة الاخيرة وتوحي بمضمونها"صلّى اللّه عليه وسلّم" .
                قلت يوما لطلبتي خلق الشابي كونه الشّعريّ فتدخّلت إحدى طالباتي "كيف تقولين خلق وهذا الفعل من مشمولات اللّه".رددت "الخلق في سياق النّص الأدبي" الإشكال أنّ كثيرين لا يميّزون بين الواقع والفنّ.
                سعدت بالقراءة لك
                دمت بخير
                القصة جميلة وفيها من الصور والمعاني ما يستحق التصفيق،
                حبكتها جيدة ولافتة.
                مع خالص الشكر للتعديل

                تعليق

                • حسن الحسين
                  عضو الملتقى
                  • 20-10-2010
                  • 299

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة فجر عبد الله مشاهدة المشاركة
                  أهلا بك أخي الفاضل حسن الحسين

                  ألاترى أن ما لونته بالأحمر خط أحمر لا يجب تجاوزه ؛ لأنه متعلق بذات الله تعالى ؟؟؟؟؟
                  الصمد اسم من الأسماء الحسنى .. " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها "
                  ومباشرة ذكرت بعد الصمد لم يلد ولم يولد
                  " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "
                  وصلى الله عليه وسلم لا تقال إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم -

                  أليس كان يجب اخيار كلمة رمزية تدل على فكرة التعظيم ؟؟؟
                  من حقك أن تعبر عن رؤيتك لقصتك لكن من حقي - وربما حق الكثيرين من القراء - أن نتساءل لم الزج بذات الله تعالى
                  في هذه القصة بهذا الشكل؟؟؟!!!!
                  أعجز رحم المعجم أن يمدك بكلمة أخرى وأصابه العقم ؟؟؟

                  رجاء لو سمحت ممكن تغيره
                  شكرا لحسن تفهمك
                  تقديري
                  العزيزة فجر
                  بداية حمدا لله على سلامتك.. فقد طال غيابك.. واشتقت لتعليقاتك لما فيها من اهتمام..
                  ياأختي الكريمة ناقل الكفر ليس بكافر..وأنا حين أسرد في النص واقعة ما.. فهذا لايعني أنني أتبناها بل أعرّيها للقارئ وأترك له الحكم عليها بقبولها أو استنكارها..
                  فمثلا ترين في الحياة اليومية كيف يقول أفاق لزبون أو صديق :" الله وكيلك"..
                  الوكيل من أسماء الله الحسنى ولكن هل نقبل أن يصبح جل وعلا وكيلا لمخلوق لاسيما منافق وكذاب..
                  والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى..
                  وأما عن المعاجم فأنا لاأزورها لأنها محكومة بزمنها ونحن ياسيدتي نسعى لمعالجة آفات العصر الذي نحياه ولذا نعب من فلسفة الشارع ومعاناة الخبز اليومي..
                  أخيرا ياعزيزتي.. اشرحي صدرك لتقبل الحياة وتصالحي مع معطيات الزمن..وتعالي الى القرن الواحد والعشرين بعيدا عن عباءة عصر الحريم..
                  كل الود والتقدير بصدق وشفافية..

                  تعليق

                  • حسن الحسين
                    عضو الملتقى
                    • 20-10-2010
                    • 299

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
                    بنية النصّ ممتازة و الحبك طريف للغاية،و أعيد على مسامعك أنّك موهوب و لديك القدرة على النّفاذ و الإقناع،لكنّك صديقي،تصرّ على أن تثير حفيظة قسم كبير من قرائك،و كنت نوّهت لك بهذا من قبل،ليس من باب إملاء الخطوات و لكن حفاظا على الحياد بالتّجربة إلى منزلق التحدّي.لا أرسم حدودا للكاتب و أحبّ التّحليق بالأدب نحو اللاّأحد،نحو اللاّمستهلك،نحو اللاّمتداول،نحو النّقد و محاورة الوجود الإنساني،و أرى من جهة أخرى أنّ على الكاتب الجيّد أن يتنزّه على المباشرة في الهجاء و نقاش التّفاصيل باندفاع و يستعيض بالإيحاء و التّلقائيّة عنها.هذا عموما.

                    تقديري و تحيّاتي لك.
                    الاستاذ العزيز محمد..
                    بكل امتنان وصدق أشكر لك ملاحظتك ..
                    ياسيدي الكريم أنني لا أستفز ولا أتحدى..لأن القراء أحبة والنقاد معلمون..
                    لكني أكتب بشفافية وأنفض الغبار التي تراكمت على مفاهيمنا حتى وصلت الى حد القدسية وسيجت بخط أحمر لايمكن المساس بها..وأنا آخذ عينات من أوبئة المجتمع وأتلطف في التعاطي معها..لأني أعرف أي حجارة من سجيل ستنهمر علي ..
                    أخي محمد ..
                    الكتابة بالسكين تحريض على التغيير وايقاظ للألم من التخدير الذي أدمنه كبتا وقمعا وتكتما على العورات الاجتماعية..
                    لا أريد لنص أقدمه أن يكون تورتة عيد ميلاد نتبادل حوله كلمات المديح والابتسامات الجاهزة..على النص – بتقديري – أن يكون لغما إما ننزع فتيله ونسير بأمان أو نطأه ونتطاير شظايا..
                    لك مودتي وتقديري أخي العزيز محمد
                    التعديل الأخير تم بواسطة حسن الحسين; الساعة 25-04-2011, 06:00.

                    تعليق

                    • حسن الحسين
                      عضو الملتقى
                      • 20-10-2010
                      • 299

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                      بلابل فوق المزابل




                      افتتح الحفل بالنشيد الوطني والتهليل والتكبير بحياة الزعيم الوحيد والأوحد والصامد الصمد الذي لم يلد ولم يولد للزمان مثله ولم يكن له مثيلا ولاشبيها ولانظيرا..
                      موجات التصفيق كانت تتسابق مع الشعارات التقليدية..ونشيد النفاق المشهور " بالروح بالدم نفديك يازعيم ".. كان يتخلل وجبات المزاودات التي يقدمها أولا أصحاب الكلمة الرفيعو المستوى ثم أصحاب السطوة.. ثم الأقل نفوذا حتى يصل دور سقط المتاع.
                      وقف رئيس البرلمان أمام الميكرفون مرتديا الهيبة والرصانة.. حتى انتشر الصمت القاتل وسط الحضور وركضت الأبصار نحوه تستدرج منه الكلمات..
                      عند امتلاكه انتباه الحضور أطلق ذراعيه في الفضاء وهدرت أبيات قصيدة المدح المتصدعة بعجرها وبجرها..وتناثرت أحرف الجر في كل السطور.. وبانت قطع الغيار المستعملة والمستعارة من قصائد العصر الجاهلي..واختبأت الركاكة في عب الصراخ الهادر الذي كان يقذفه من فمه العريض حتى ماجت الجماهير وازداد ترديدها: " بالروح بالدم...."
                      اغتبط المرتزق وضمن حصته من المائدة .. فأزاح ثقله عن المنبر مفسحا لسماحة الشيخ ليدلي بدلوه..
                      تقدم المفتي مزنرا بالورع.. ممتطيا الخشوع.. ومعمما بالتقوى.. وعند الميكرفون استعاذ واستغفر وهلل وكبر وتنحنح وبسمل وقال أما بعد..
                      فرش بعدها أمام الحضور كرامات القائد المبجل ومآثره وتضحياته في سبيل الله والشعب وغيرته على الأمة..وتفانيه في خدمة الجماهير باذلا الغالي والرخيص من أجل عزة الوطن...وختم كلمته بالدعاء والتضرع للرفيق الأول في رأس الهرم وتنبأ له بدخول جنة الفردوس مع عائلته ومحبيه وأصحابه وانتقل بعدها للرفيق رئيس الحكومة المتربع على المنصة فضمن له أيضا دخول الجنة.. وأكثر له من التبجيل والتكبير حتى اخضلت لحيته..وازدحمت العبرات مع العبارات.. وتعثر من فرط النشوة فزل لسانه قائلا:
                      - واذ أنعم الله علينا بتولي زمام مدينتنا الرفيق القائد المفدى رضي الله عنه..فذلك مدعاة للفخر والاطمئنان وإن أولادنا وأموالنا وأعراضنا بأمان و.......
                      ظهر الفتور فورا على حماسة الجماهير وخفتت أصواتهم وسرت الهمهمة بين صفوفهم..واختفى نشيد النفاق من أفواههم وشرع المتجمهرون بالانفضاض من الساحة منسلين في مختلف الاتجاهات وعلامات الاستياء تقفز كالأبالسة من ملامحهم..
                      لم يدرك سكان المنصة من مسؤولين ووجهاء وضيوف سر هذا التغير الحاد والغريب في موقف المتجمهرين الذين كانوا لتوهم يسفحون دماءهم ويزهقون أرواحهم طوعا وحبا وكرامة للرفيق الأول في الوطن..ويزاودون على فداء القائد الزعيم..
                      هذا الانسحاب المباغت والهمس والغمز أمر مريب ووراؤه ماوراؤه.
                      هاجم الشحوب سحنات الجلوس.. وارتعدت فرائص الحزبيين منهم.. وحامت الأسئلة في رؤوس كل من حالفه الحظ والحظوة في التربع تحت سقف المنصة..
                      " لابد وأنه حدث أمر ما ؟"
                      "ترى هل وقع انقلاب في الحكم"
                      "هل هناك مؤامرة ما تطيح ببعض أعمدة الدولة "؟
                      ساد اللغط والهرج ودب الرعب لفترة حسبها الذوات من الحضور عصورا ودهورا.. ولاحت لهم الأشباح تسحب الكراسي من تحتهم وتنقعهم في غياهب المعتقلات إلى يوم يبعثون.. حتى اقترب أحد المخبرين المدسوسين وسط الجماهير وصعد إلى قمرة أولي الأمر.. وهمس لرئيسه المنكمش فزعا على نفسه في المنصة :
                      - سيدي الناس استاءت من قول الشيخ عن الرفيق القائد "رضي الله عنه" لأن هذه العبارة كما يقولون وصف خاص بصحابة رسول الله.
                      - هذا الشيخ اللعين.. لقد خلع قلوبنا..خذ معك دورية وبعض العناصر وخذوا هذا الزنديق إلى الفرع..لأنزع عمامته بحذائي.. كدنا نبلل سراويلنا من هرطقة ابن الزانية.
                      - ولكن ياسيدي.. هذا مولانا في المدينة إنه المفتي والناس سوف تسأل....
                      - هذا الخسيس بالأمس قدم لي خطابه ولم تكن فيه هذه العبارة فمن أين جاء بها اليوم ليخرب علينا حفلنا ؟
                      - هل ننبهه إلى ذلك فيعتذر ؟
                      - يعتذر ؟ لمن يعتذر ؟
                      - لحضرتكم ولجناب الرفيق زعيم البلد ؟
                      - لنا نحن ....هه هه .. نحن نعرف أنه أفّاق منافق.. المهم ليس الاعتذار لنا... بل للناس.. وأين الناس الآن ؟ لم يبق منهم أحد..
                      حين كان المفتي مرميا في قبو أمن الدولة منتوف الذقن ، مكسور الهمة ، منزوع العمامة ، مورّم القدمين، مكدوم الوجنتين، معطوب البدن ، من أثر اللكم والركل والعتمة والاهانات..
                      آنذاك كان يردد دوما:
                      - الحمد لله.. الحمد لله..
                      الحمد لله.. أن زلتي كانت عند " رضي الله عنه "
                      الحمد لله أن الأمر كان عند هذا الحد فقط .. وزلتي لم تتجاوز حد الصحابة..
                      الحمد لله أني لم أقل الرفيق القائد صلى الله عليه وسلم..
                      الحمد لله على هذا.. وألف الحمد لله.. وإلا لكان علي السلام.




                      أخي المبدع حسين
                      تأسرني لغتك فهي متينة ومشحونة بالصّور الوظيفيّة.
                      رأيت الموضوع ملائما جدّا للوضع الرّاهن.واللّه ضقنا ذرعا بمثل هذه الخطابات التي تصدر عن الخطباء والمثقّفين المزيّفين عامّة.خطابات ملؤها التزلّف والتّمسّح على أعتاب السّادة ولن يبرّئ الخوف هؤلاء من جريمة التواطؤ مع المزابل.أذكر هذه الكلمات وأنا مازلت تحت تأثير شريط وثائقي عرض فضائح رئيس تونس الخضراء المخلوع.الأمر مرير إلى حدّ بعيد.من ساعده على نفث سمومه؟هم أولئك الذين يسبّحون بشكره وتعظيمه دون خوف من عقاب الآخرة.في خطب الجمعة كانوا يدعون له ويشكرون فضله وهو السّفاح ويعرفون ذلك جيّدا.
                      أرأيت أخي لقد وضعت الإصبع على الدّاء في هذا النّسيج القصصي وإن رغبت أن يكون الإيحاء أقوى من المباشرة لكنّ ذلك لم يعدم جمال النّص.
                      ذكّرني موضوعك أيضا بعبارة سمعتها في القناة الفضائيّة اللّيبيّة "اللّه ومعمّر وليبيا وبسّ" جعلوه الرّسول المفدّى.
                      رأيتك نقلت بصدق الموجود الذي يؤرّقنا وإن كنت تستطيع أن تتصرّف في العبارة الاخيرة وتوحي بمضمونها"صلّى اللّه عليه وسلّم" .
                      قلت يوما لطلبتي خلق الشابي كونه الشّعريّ فتدخّلت إحدى طالباتي "كيف تقولين خلق وهذا الفعل من مشمولات اللّه".رددت "الخلق في سياق النّص الأدبي" الإشكال أنّ كثيرين لا يميّزون بين الواقع والفنّ.
                      سعدت بالقراءة لك
                      دمت بخير
                      ناديا العزيزة..
                      أوافقك تماما بالنسبة للإيحاء..كان يجب أم تطغى الرمزية على المباشرة..
                      ولكن ياسيدتي فجارة الفقهاء وفحش ذوي العمائم ووقاحة من " يدعون أنهم وكلاء الله" لم تترك للصبر عليهم حاجزا يمكن الوقوف عنده ..بدءا بالمفتي العام الذي يسوق لأولي الأمر ويوظف ايات الله الكريمة لتبرير زلات السلطان وانتهاء بشيخ الجامع الذي يحتكر أهل الحي لدس تعاليمه المغرضة..
                      وقولك عن ترديد المهوبرين في طرابلس/الله ليبيا معمر وبس/ شاهد كاف على رفع الطاغية الى مرتبة الوطن بعد الله بكل أسف..
                      ولاتستغربي أن تفتتح قريبا معارض ومحلات لتأجير المشائخ وبيع الفتاوى وتوظيف أهل الذكر..فهم جميعا مومسات الآخرة..
                      لك مودتي

                      تعليق

                      • فجر عبد الله
                        ناقدة وإعلامية
                        • 02-11-2008
                        • 661

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة حسن الحسين مشاهدة المشاركة
                        العزيزة فجر
                        بداية حمدا لله على سلامتك.. فقد طال غيابك.. واشتقت لتعليقاتك لما فيها من اهتمام..
                        ياأختي الكريمة ناقل الكفر ليس بكافر..وأنا حين أسرد في النص واقعة ما.. فهذا لايعني أنني أتبناها بل أعرّيها للقارئ وأترك له الحكم عليها بقبولها أو استنكارها..
                        فمثلا ترين في الحياة اليومية كيف يقول أفاق لزبون أو صديق :" الله وكيلك"..
                        الوكيل من أسماء الله الحسنى ولكن هل نقبل أن يصبح جل وعلا وكيلا لمخلوق لاسيما منافق وكذاب..
                        والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى..
                        وأما عن المعاجم فأنا لاأزورها لأنها محكومة بزمنها ونحن ياسيدتي نسعى لمعالجة آفات العصر الذي نحياه ولذا نعب من فلسفة الشارع ومعاناة الخبز اليومي..
                        أخيرا ياعزيزتي.. اشرحي صدرك لتقبل الحياة وتصالحي مع معطيات الزمن..وتعالي الى القرن الواحد والعشرين بعيدا عن عباءة عصر الحريم..
                        كل الود والتقدير بصدق وشفافية..
                        أهلا بك أخي الفاضل

                        نقطة توضيحية : الرأي والرأي الآخر كفتي ميزان لأي عمل أدبي

                        وأزيدك من الشعر بيتا .. من الأمانة الأدبية أن أعطي رأيي في قصتك دون مجاملة ومن الأمانة أكثر أن لا أمرّ دون أن أضع ملحوظة حول شيء أراه قد تعدى بعض الحواجز .. وأنت حرّ لكن المهم لا بد أن أزيح عن كاهلي ثقل الأمانة

                        في يخص " الله وكيلك " فهي غير اسم الوكيل الذي هو اسم من أسماء الحسنى ..
                        ولا أظن أن نقول أن " دخيلك " تقارن بالدخيل ..
                        عموما للهجات معانيها - ولي اهتمام باللهجات العربية -
                        المهم

                        نأتي لنقطة الزمن وزمن الحريم بالذات
                        لا أظن أني ابتكرت آلة الزمن أسافر بها عبر الأزمان وأنتقل من زمن لزمن في رمشة عين ..
                        هذا فيلم من أفلام الماوراء المجرات والفضاء والفضائيات والفضول العلمي والخرافة الهيوولدية وعالم البزنس السينمائي

                        الأدب في نظري رسالة والأديب ينطلق من موروثه الثقافي والديني لتصل الرسالة بكل مقوماتها للمتلقي وتؤدي هدفها ويستفيد منها الجميع
                        لا يأتي الأديب برواية - ذات صور فاضحة بعيدة عن الفطرة - ويقول هذا أدب العصر .. وهذا هو المجتمع .. المجتمع لم يطلب أن تشرّح جثث عفنة على الملأ وفي الأماكن العامة كي يفهم أن ثمة جثث في المجتمع يجب على الكل أن يراها .. هكذا يضر البيئة ويضر أرواح الناس ويزكم أنفوفهم ويساهم في انتشار المرض بل الأمراض أكثر .. يكفي أن يشير وبالإشارة يفهم اللبيب
                        على فكرة مصطلح " عصر الحريم " مصطلح استشراقي

                        تحاياي العاطرة
                        شكري وتقديري
                        ويبقى الأمر .. أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .. لكل أسلوبه واقناعاته ومنهجه ..

                        تعليق

                        • حسن الحسين
                          عضو الملتقى
                          • 20-10-2010
                          • 299

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة فجر عبد الله مشاهدة المشاركة
                          أهلا بك أخي الفاضل

                          نقطة توضيحية : الرأي والرأي الآخر كفتي ميزان لأي عمل أدبي

                          وأزيدك من الشعر بيتا .. من الأمانة الأدبية أن أعطي رأيي في قصتك دون مجاملة ومن الأمانة أكثر أن لا أمرّ دون أن أضع ملحوظة حول شيء أراه قد تعدى بعض الحواجز .. وأنت حرّ لكن المهم لا بد أن أزيح عن كاهلي ثقل الأمانة

                          في يخص " الله وكيلك " فهي غير اسم الوكيل الذي هو اسم من أسماء الحسنى ..
                          ولا أظن أن نقول أن " دخيلك " تقارن بالدخيل ..
                          عموما للهجات معانيها - ولي اهتمام باللهجات العربية -
                          المهم

                          نأتي لنقطة الزمن وزمن الحريم بالذات
                          لا أظن أني ابتكرت آلة الزمن أسافر بها عبر الأزمان وأنتقل من زمن لزمن في رمشة عين ..
                          هذا فيلم من أفلام الماوراء المجرات والفضاء والفضائيات والفضول العلمي والخرافة الهيوولدية وعالم البزنس السينمائي

                          الأدب في نظري رسالة والأديب ينطلق من موروثه الثقافي والديني لتصل الرسالة بكل مقوماتها للمتلقي وتؤدي هدفها ويستفيد منها الجميع
                          لا يأتي الأديب برواية - ذات صور فاضحة بعيدة عن الفطرة - ويقول هذا أدب العصر .. وهذا هو المجتمع .. المجتمع لم يطلب أن تشرّح جثث عفنة على الملأ وفي الأماكن العامة كي يفهم أن ثمة جثث في المجتمع يجب على الكل أن يراها .. هكذا يضر البيئة ويضر أرواح الناس ويزكم أنفوفهم ويساهم في انتشار المرض بل الأمراض أكثر .. يكفي أن يشير وبالإشارة يفهم اللبيب
                          على فكرة مصطلح " عصر الحريم " مصطلح استشراقي

                          تحاياي العاطرة
                          شكري وتقديري
                          ويبقى الأمر .. أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .. لكل أسلوبه واقناعاته ومنهجه ..
                          فجر العزيزة..
                          أوافقك على الأمانة الأدبية وأبصم لك بالعشرة لاسيما بعد أن رأيت الكثير من النفاق الأدبي المتفشي عند البعض ..
                          الوكيل غير الدخيل..وكلمة دخيلك هي أنني دخلت ديارك ودخلت عليك أي أستجير بك..
                          زمن الحريم ياسيدتي ساد في عصر المماليك ثم العثماني ولايزال في الأحياء العتيقة وأنا ربيت في تلك الأقبية وشرشت في ذاكرتي مختلف الصور عن هذا الوباء.. وكنت أبتلع القوالب الجاهزة كما يحنطوها لي وأي تساؤل كنت أتجرأ به كان وبالا علي..
                          ولاأدري لماذا أتعاطف معك في هذه الناحية ربما أشعر أنك تجسدين طفولتي حين كنت أدافع عن مفاهيمي الرمادية دون التحقق من صوابها..وكنت أتعرض لسرقة الزمن من حقائب عمري..
                          المرأة ظلمت في كافة العصور دون استثناء والشواهد على ذلك بالملايين..لذلك أرجوك أن تكوني مرنة في تقبل أي أمر ودعك من البديهيات السرمدية التي رضعناها صغارا وصارت أبدية مثل لون عيوننا..
                          فقط عندها تغتسلين بالحقيقة والوضوح وتزول كل الغشاوة والشوائب..
                          الأنثى يا أختي فجر أقرب إلى الحياة وأكثر حميمية معها من الذكر الذي يتسم بالتعنت والجلف والعناد..
                          وكما قال دستويفسكي : " الجمال سينقذ العالم" أقول: المرأة ستصوغ الدنيا بالرقة والأناقة"..وكثيرا ماأتبجح بين الأصدقاء بأنه لو كانت الإناث رؤوساء الدول لما كانت حروب وازدهرت الحضارة..
                          لك مني كل الود..
                          ولعل يوما ما يهدي أحدنا الآخر الى الصواب..

                          تعليق

                          • فجر عبد الله
                            ناقدة وإعلامية
                            • 02-11-2008
                            • 661

                            #14
                            هذا ماقلته ..
                            الوكيل غير الدخيل غير دخيلك .. ودخيلك عادة تستعمل عند الاستجداء أو الاستعطاف وهلم جرا ..

                            عموما ليس هذا موضوعنا

                            من قال أنني أشرت من قريب أو من بعيد أن المرأة غير مظلومة ..؟؟؟
                            لكن الظلم شيء ومصطلح عصر الحريم شيء آخر
                            الظلم على المرأة أخي الفاضل واقع ويقع وسيقع .. والله المستعان
                            والحديث عن ظلم المرأة يستوجب مناقشة في غير هذا المكان .. ليتم التطرق لكافة النقاط والمسببات والعوامل وووو

                            على فكرة .. عدم حكم المرأة لأمة أو لنقل لدولة لا يدخل في نطاق ممارسة الظلم عليها

                            المرأة يمكن أن تسيّر ، تقود ، تكون وزيرة مثلا ، رئيسة مؤسسة ، رئيسة منطقة .. وهناك نساء امرأة منهن بألف رجل .. لكن أن تقود أمة أو دولة .. - الحق أحق أن يتبع - لا تستطيع .. ليس فكريا أو إداريا لكن هناك معوقات كثيرة .. لا يمكن للمرأة أن تتخطاها بسهولة وتكون القيادة متمكنة .. - رغم أنني امرأة أقول هذا - لأن الحق يقال .. المرأة بطبيعتها الفطرية والسيكولوجية ربما عجزت عن اتخاذ قرارات حاسمة - تكون فورية وتستدعي بعض القسوة الممنهجة - لهذا من أجل دولة قوية يحسب لها ألف حساب لابد لها من رجل ولا أقول الذكورة .. الرجولة غير الذكورة .. في الوقت الذي نعيش فيه ينبغي أن يعاد حساب كثير من الأشياء ..

                            عموما .. الموضوع شائك وليس هذا مكان النقاش حتى لا نخرج عن إطار القصة
                            شكري وتقديري

                            تعليق

                            يعمل...
                            X