[frame="2 95"]

- غادة السمان بلا أجنحة- د. غالي شكري- دار الطليعة 1977.

غادة السمان
1
غادة أحمد السمان (مواليد 1943) كاتبة وأديبة سورية. ولدت في دمشق لأسرة شامية عريقة، ولها صلة قربى بالشاعر السوري نزار قباني. والدها الدكتور أحمد السمان حاصل على شهادة الدكتوراه من السوربون في الاقتصاد السياسي وكان رئيسا للجامعة السورية ووزيرا للتعليم في سوريا لفترة من الوقت. تأثرت كثيرا به بسبب وفاة والدتها وهي صغيرة. كان والدها محبا للعلم والأدب العالمي ومولعا بالتراث العربي في الوقت نفسه، وهذا كله منح شخصية غادة الأدبية والإنسانية أبعادا متعددة ومتنوعة. سرعان ما اصطدمت غادة بقلمها وشخصها بالمجتمع الشامي (الدمشقي) الذي كان "شديد المحافظة" إبان نشوئها فيه.
أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "عيناك قدري" في العام 1962 واعتبرت يومها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، مثل كوليت خوريوليلى بعلبكي، لكن غادة استمرت واستطاعت ان تقدم أدبا مختلفا ومتميزا خرجت به من الاطار الضيق لمشاكل المرأة والحركات النسوية إلى افاق اجتماعية ونفسية وإنسانية.
--------------------------
2
منذ ألف عام كنت أروح جيئة وذهاباً طوال الليل على شرفة
بيتي في ساحة النجمة الدمشقية،
أنادي حباً لن يأتي.
اليوم هدموا المبنى، وما زالت الشرفة معلّقة في الفضاء،
وشبحي مازال يروح ويجيء طوال الليل فوقها...
بحثاً عن حب لن يأتي!
-------------------------
رسم لي بالطبشور دائرة على الجدار
وقال لي : قفي داخلها ...
فانطلقت هاربة
إلى شوارع البحر.
* * *
غاضباً لحق بي
غاضباً زقزق في وجهي ، وقرّعني
وقال ان القضية جادة
وان "البث مباشر"
ويجب أن أعود معه إلى (الاستديو)
لأقف وسط دائرة الطباشير
وتحت دائرة الضوء
-------------------------
3
تخرجت من الجامعة السورية في دمشق عام 1963 حاصلة على شهادة الليسانس في الأدب الإنجليزي، حصلت على شهادة الماجستير في مسرح اللامعقول من الجامعة الأمريكية في بيروت، عملت غادة في الصحافة وبرز اسمها أكثر وصارت واحدة من أهم نجمات الصحافة هناك يوم كانت بيروت مركزا للأشعاع الثقافي. ظهر إثر ذلك في مجموعتها القصصية الثانية " لا بحر في بيروت" عام 1965.
ثم سافرت غادة إلى أوروبا وتنقلت بين معظم العواصم الاوربية وعملت كمراسلة صحفية لكنها عمدت أيضا إلى اكتشاف العالم وصقل شخصيتها الأدبية بالتعرف على مناهل الأدب والثقافة هناك، وظهر أثر ذلك في مجموعتها الثالثة "ليل الغرباء" عام 1966 التي أظهرت نضجا كبيرا في مسيرتها الأدبية وجعلت كبار النقاد آنذاك مثل محمود أمين العالم يعترفون بها وبتميزها.
كانت هزيمة حزيران 1967 بمثابة صدمة كبيرة لغادة السمان وجيلها، يومها كتبت مقالها الشهير "أحمل عاري إلى لندن"، كانت من القلائل الذين حذروا من استخدام مصطلح "النكسة" وأثره التخديري على الشعب العربي. لم تصدر غادة بعد الهزيمة شيئا لفترة من الوقت لكن عملها في الصحافة زادها قربا من الواقع الاجتماعي وكتبت في تلك الفترة مقالات صحفية كونت سمادا دسما لمواد أدبية ستكتبها لاحقا.
في عام 1973 أصدرت مجموعتها الرابعة "رحيل المرافئ القديمة" والتي اعتبرها البعض الأهم بين كل مجاميعها حيث قدمت بقالب أدبي بارع المأزق الذي يعيشه المثقف العربي والهوة السحيقة بين فكره وسلوكه. في أواخر عام 1974 أصدرت روايتها "بيروت 75" والتي غاصت فيها بعيدا عن القناع الجميل لسويسرا الشرق إلى حيث القاع المشوه المحتقن، وقالت على لسان عرافة من شخصيات الرواية "أرى الدم.. أرى كثيرا من الدم" وما لبثت أن نشبت الحرب الاهلية بعد بضعة أشهر من صدور الرواية.
مع روايتيها "كوابيس بيروت " 1977 و"ليلة المليار" 1986 تكرست غادة كواحدة من أهم الروائيين والرئيات العرب. ويعتبرها بعض النقاد الكاتبة العربية الأهم حتى من نجيب محفوظ.
---------------------------
4
أين أنت أيها الاحمق الغالي ؟
ضيعتني لأنك أردت امتلاكي ! ....
* * *
ضيعتَ قدرتنا المتناغمة على الطيران معاً
وعلى الإقلاع في الغواصة الصفراء ...
* * *
أين أنت ؟
ولماذا جعلت من نفسك خصماً لحريتي ،
واضطررتني لاجتزازك من تربة عمري ؟
* * *
ذات يوم ،
جعلتك عطائي المقطر الحميم ...
كنت تفجري الأصيل في غاب الحب ،
دونما سقوط في وحل التفاصيل التقليدية التافهة ..
* * *
ذات يوم ،
كنتُ مخلوقاً كونياً متفتحاً
كلوحة من الضوء الحي ...
يهديك كل ما منحته الطبيعة من توق وجنون ،
دونما مناقصات رسمية ،
أو مزادات علنية ،
وخارج الإطارات كلها ...
* * *
لماذا أيها الأحمق الغالي
كسرت اللوحة ،
واستحضرت خبراء الإطارات ؟
* * *
أحمل لك في منقاري رسالة من امرأة أحبّتك مرة، ونجتْ
منك حين تحولتْ إلى سنونوة.
رسالة حب مكتوبة بتموجات الشفافية المائية، بحبر شاحب
كالفراق.
رسالة كالهواء، عبثاً أبثّها لك على شاشة كومبيوتر البورصة
حيث تقيم نظراتك.
رسالة من امرأة سُنبلة، عشقت حدّ منجلها، والنجوم شهود.
رسالة من امرأة تخلصت منهم جميعاً.. تخلّصت من
أحبابها وأعدائها وازدهرت ازدهاراً سافراً... تخلّصت من المدن
كلها، وصارت تقيم في اللامكان واللازمان.
وحدها جثتك لا تتسع لأهوالها المقابر التذكارية التي شيّدتها
باتقان...
وحدك ما زلتَ تتدلى من عنقها كطائر اللعنة والتذكارات
العذبة!
-------------------------
5
رغم وجود الجنس في أدب غادة السمان إلا إنه يشهد لها أنه دوما في خدمة السياق الروائي والبعد الدرامي للشخصيات ولم تنزلق أبدا إلى تقديم أدب إباحي كذلك الذي صارت بعض الكاتبات يكتبنه لاحقا من أجل الشهرة والرواج. مثال على ذلك، العجز الجنسي الذي يصيب بطل "ليلة المليار" المثقف هو رمز درامي كثيف لعجز المثقفين العرب عموما في مواجهة أزمات الأنظمة وانهيار الحلم العربي الجميل.
تزوجت غادة في أواخر الستينات من الدكتور بشير الداعوق صاحب دار الطليعة وأنجبت ابنها الوحيد حازم الذي أسمته تيمنا باسم أحد ابطالها في مجموعة ليل الغرباء. كان زواجهما آنذاك بمثابة الصدمة أو ما سمي بلقاء الثلج والنار، لما كان يبدو من اختلاف في الطباع الشخصية، كان بشير الداعوق سليل أسرة الداعوق البيروتية العريقة بعثي الانتماء ولا يخفي ذلك وظل كذلك إلى وفاته في 2007 - أما انتماء غادة الوحيد فقد كان للحرية كما تقول دوما. لكن زواجهما استمر وقد برهنت غادة على أن المراة الكاتبة المبدعة يمكن أيضا أن تكون زوجة وفية تقف مع زوجها وهو يصارع السرطان حتى اللحظة الأخيرة من حياته. أنشئت دار نشرها الخاص بها وأعادت نشر معظم كتبها وجمعت مقالاتها الصحفية في سلسة اطلقت عليها " الاعمال غير الكاملة"- في خمسة عشر كتابا حتى الآن- ولديها تسعة كتب في النصوص الشعرية. يضم أرشيف غادة السمان غير المنشور والذي أودعته في أحد المصارف السويسرية مجاميع كثيرة من الرسائل تعد غادة بنشرها "في الوقت المناسب" ولأن غادة كانت نجمة في سماء بيروت الثقافية في عقدالستينات فإنه من المتوقع أن تؤرخ هذه الرسائل لتلك الحقبة..و من المتوقع أيضا أن تكشف عن علاقات عاطفية لم تكترث غادة لإخفائها آنذاك!!! بالذات مع ناصر الدين النشاشيبي الصحفي الفلسطيني الذي كشف عن وجود رسائل عاطفية موجهة له من غادة في أواسط الستينات. من الأسماء الأخرى المرشحة لنشر رسائلها الشاعر الراحل كمال ناصر.
تجمع غادة في أسلوبها الأدبي بين تيار الوعي في الكتابة ومقاطع الفيديو-تيب مع نبض شعري مميز خاص بها. صدرت عنها عدة كتب نقدية وبعدة لغات، كما ترجمت بعض اعمالها إلى سبعة عشر لغة حية وبعضها انتشر على صعيد تجاري واسع. لا تزال غادة تنتج، صدرت لها " الرواية المستحيلة: فسيفساء دمشقية" بمثابة سيرة ذاتية عام 1997، وسهرة تنكرية للموتى عام 2003 والتي عادت فيها للتنبوء بأن الأوضاع في لبنان معرضة للانفجار.
عام 1993 أحدثت غادة ضجة كبرى في الأوساط الأدبية والسياسية عندما نشرت مجموعة رسائل عاطفية كتبها لها غسان كنفاني في الستينات من القرن العشرين، حيث جمعتهما علاقة عاطفية لم تكن سرا آنذاك. واتهمت بسبب ذلك أن نشرها هذا هو جزء من المؤامرة على القضية الفلسطينية التي كانت تواجه مأزق أوسلو وقت النشر.[بحاجة لمصدر] تعيش غادة السمان في باريس منذ اواسط الثمانينات. ولا تزال تكتب أسبوعيا في إحدى المجلات العربية الصادرة في لندن. ترفض تماما إجراء أي حوار تلفزيوني بعد أن تعهدت لنفسها بذلك في السبعينات عندما أجرت حوارا تلفزيونيا في القاهرة واكتشفت أن المذيعة المحاورة لم تقرأ أيا من أعمالها. ينبغي التفريق بين غادة السمان وبين الشاعرة السورية غادا فؤاد السمان.
--------------------------------
6
كيف كان بوسعي أن أحمل على صدري، ثقل مئات الشوارع
الموحشة التي مررت بها،
ومئات من حقائب السفر التي طالما هرولت بها تحت
المطر،
ومئات من الغرف المفروشة الكئيبة التي طالما أقمت فيها،
ومئات من القطارات المغبرة المنتخبة على أكتاف السكك
الحديدية، ومئات القرى المجهولة النائية
ومئات الفنادي الرمادية في مدن أجهل لغة أهلها،
ومئات النوافذ التي تهطل خلف زجاجها وجوه عدوانية
وثلوج، ومئات الحقول والمتاهات المغطاة بالضباب وأنا أبحث
عن مطارات تقود إلى مدن سرابية الآفاق، ومئات الأرصفة
المرتجفة في الزلزال...
كيف كان بوسعي أن أطيق ذلك كله، لو لم أكن أطبق بيديّ
على خارطة بلدي؟
-----------------
أعلن على الملأ: وطني محبرتي.
كل من يكسرها لصبغ حذاء غروره،
كل من يحاول اغتصاب أبجديتي لتلميع أوسمة هذيانه،
كل من يحاول تسوير جموحي في شوارعه المكهربة،
وإيداعي في أقفاص حديقة ببغاواته...
هو ببساطة خصمي الوحيد الأزلي بوجوهه المتعددة
المتوالدة.
لا. لم أنسَ شيئاً عن المقصّات التي طالما طاردت أجنحتي.
لم أنسَ جبروته على حطامي حين سقطت،
ومنادمته لقوتي حين خرجت من رمادي وطرت.
لم أنسَ أنه حاول اقتحام أسوار نفسي عبر ثغرة جرحي.
فهل نجرؤ ثانية على ارتكاب الفراق، أو اللقاء؟!!...
وهل نذعن من جديد لقرع الطبول الافريقية في القلب
-------------------------
7
مجموعة " الأعمال غير الكاملة "
1 - زمن الحب الآخر- 1978- عدد الطبعات 5.
2- الجسد حقيبة سفر- 1979- عدد الطبعات 3.
3- السباحة في بحيرة الشيطان - 1979- عدد الطبعات 5.
4- ختم الذاكرة بالشمع الأحمر- 1979- عدد الطبعات 4.
5- اعتقال لحظة هاربة- 1979- عدد الطبعات 5.
6- مواطنة متلبسة بالقراءة - 1979- عدد الطبعات 3.
7- الرغيف ينبض كالقلب- 1979- عدد الطبعات 3.
8- ع غ تتفرس- 1980- عدد الطبعات3.
9- صفارة إنذار داخل رأسي- 1980- عدد الطبعات 2.
10- كتابات غير ملتزمة- 1980- عدد الطبعات 2.
11- الحب من الوريد إلى الوريد - 1981- عدد الطبعات 4.
12- القبيلة تستجوب القتيلة- 1981- عدد الطبعات 2.
13- البحر يحاكم سمكة - 1986- عدد الطبعات 1
14- تسكع داخل جرح- 1988- عدد الطبعات 1.
15 - محاكمة حب
غادة أحمد السمان (مواليد 1943) كاتبة وأديبة سورية. ولدت في دمشق لأسرة شامية عريقة، ولها صلة قربى بالشاعر السوري نزار قباني. والدها الدكتور أحمد السمان حاصل على شهادة الدكتوراه من السوربون في الاقتصاد السياسي وكان رئيسا للجامعة السورية ووزيرا للتعليم في سوريا لفترة من الوقت. تأثرت كثيرا به بسبب وفاة والدتها وهي صغيرة. كان والدها محبا للعلم والأدب العالمي ومولعا بالتراث العربي في الوقت نفسه، وهذا كله منح شخصية غادة الأدبية والإنسانية أبعادا متعددة ومتنوعة. سرعان ما اصطدمت غادة بقلمها وشخصها بالمجتمع الشامي (الدمشقي) الذي كان "شديد المحافظة" إبان نشوئها فيه.
أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "عيناك قدري" في العام 1962 واعتبرت يومها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، مثل كوليت خوريوليلى بعلبكي، لكن غادة استمرت واستطاعت ان تقدم أدبا مختلفا ومتميزا خرجت به من الاطار الضيق لمشاكل المرأة والحركات النسوية إلى افاق اجتماعية ونفسية وإنسانية.
--------------------------
2
منذ ألف عام كنت أروح جيئة وذهاباً طوال الليل على شرفة
بيتي في ساحة النجمة الدمشقية،
أنادي حباً لن يأتي.
اليوم هدموا المبنى، وما زالت الشرفة معلّقة في الفضاء،
وشبحي مازال يروح ويجيء طوال الليل فوقها...
بحثاً عن حب لن يأتي!
-------------------------
رسم لي بالطبشور دائرة على الجدار
وقال لي : قفي داخلها ...
فانطلقت هاربة
إلى شوارع البحر.
* * *
غاضباً لحق بي
غاضباً زقزق في وجهي ، وقرّعني
وقال ان القضية جادة
وان "البث مباشر"
ويجب أن أعود معه إلى (الاستديو)
لأقف وسط دائرة الطباشير
وتحت دائرة الضوء
-------------------------
3
تخرجت من الجامعة السورية في دمشق عام 1963 حاصلة على شهادة الليسانس في الأدب الإنجليزي، حصلت على شهادة الماجستير في مسرح اللامعقول من الجامعة الأمريكية في بيروت، عملت غادة في الصحافة وبرز اسمها أكثر وصارت واحدة من أهم نجمات الصحافة هناك يوم كانت بيروت مركزا للأشعاع الثقافي. ظهر إثر ذلك في مجموعتها القصصية الثانية " لا بحر في بيروت" عام 1965.
ثم سافرت غادة إلى أوروبا وتنقلت بين معظم العواصم الاوربية وعملت كمراسلة صحفية لكنها عمدت أيضا إلى اكتشاف العالم وصقل شخصيتها الأدبية بالتعرف على مناهل الأدب والثقافة هناك، وظهر أثر ذلك في مجموعتها الثالثة "ليل الغرباء" عام 1966 التي أظهرت نضجا كبيرا في مسيرتها الأدبية وجعلت كبار النقاد آنذاك مثل محمود أمين العالم يعترفون بها وبتميزها.
كانت هزيمة حزيران 1967 بمثابة صدمة كبيرة لغادة السمان وجيلها، يومها كتبت مقالها الشهير "أحمل عاري إلى لندن"، كانت من القلائل الذين حذروا من استخدام مصطلح "النكسة" وأثره التخديري على الشعب العربي. لم تصدر غادة بعد الهزيمة شيئا لفترة من الوقت لكن عملها في الصحافة زادها قربا من الواقع الاجتماعي وكتبت في تلك الفترة مقالات صحفية كونت سمادا دسما لمواد أدبية ستكتبها لاحقا.
في عام 1973 أصدرت مجموعتها الرابعة "رحيل المرافئ القديمة" والتي اعتبرها البعض الأهم بين كل مجاميعها حيث قدمت بقالب أدبي بارع المأزق الذي يعيشه المثقف العربي والهوة السحيقة بين فكره وسلوكه. في أواخر عام 1974 أصدرت روايتها "بيروت 75" والتي غاصت فيها بعيدا عن القناع الجميل لسويسرا الشرق إلى حيث القاع المشوه المحتقن، وقالت على لسان عرافة من شخصيات الرواية "أرى الدم.. أرى كثيرا من الدم" وما لبثت أن نشبت الحرب الاهلية بعد بضعة أشهر من صدور الرواية.
مع روايتيها "كوابيس بيروت " 1977 و"ليلة المليار" 1986 تكرست غادة كواحدة من أهم الروائيين والرئيات العرب. ويعتبرها بعض النقاد الكاتبة العربية الأهم حتى من نجيب محفوظ.
---------------------------
4
أين أنت أيها الاحمق الغالي ؟
ضيعتني لأنك أردت امتلاكي ! ....
* * *
ضيعتَ قدرتنا المتناغمة على الطيران معاً
وعلى الإقلاع في الغواصة الصفراء ...
* * *
أين أنت ؟
ولماذا جعلت من نفسك خصماً لحريتي ،
واضطررتني لاجتزازك من تربة عمري ؟
* * *
ذات يوم ،
جعلتك عطائي المقطر الحميم ...
كنت تفجري الأصيل في غاب الحب ،
دونما سقوط في وحل التفاصيل التقليدية التافهة ..
* * *
ذات يوم ،
كنتُ مخلوقاً كونياً متفتحاً
كلوحة من الضوء الحي ...
يهديك كل ما منحته الطبيعة من توق وجنون ،
دونما مناقصات رسمية ،
أو مزادات علنية ،
وخارج الإطارات كلها ...
* * *
لماذا أيها الأحمق الغالي
كسرت اللوحة ،
واستحضرت خبراء الإطارات ؟
* * *
أحمل لك في منقاري رسالة من امرأة أحبّتك مرة، ونجتْ
منك حين تحولتْ إلى سنونوة.
رسالة حب مكتوبة بتموجات الشفافية المائية، بحبر شاحب
كالفراق.
رسالة كالهواء، عبثاً أبثّها لك على شاشة كومبيوتر البورصة
حيث تقيم نظراتك.
رسالة من امرأة سُنبلة، عشقت حدّ منجلها، والنجوم شهود.
رسالة من امرأة تخلصت منهم جميعاً.. تخلّصت من
أحبابها وأعدائها وازدهرت ازدهاراً سافراً... تخلّصت من المدن
كلها، وصارت تقيم في اللامكان واللازمان.
وحدها جثتك لا تتسع لأهوالها المقابر التذكارية التي شيّدتها
باتقان...
وحدك ما زلتَ تتدلى من عنقها كطائر اللعنة والتذكارات
العذبة!
-------------------------
5
رغم وجود الجنس في أدب غادة السمان إلا إنه يشهد لها أنه دوما في خدمة السياق الروائي والبعد الدرامي للشخصيات ولم تنزلق أبدا إلى تقديم أدب إباحي كذلك الذي صارت بعض الكاتبات يكتبنه لاحقا من أجل الشهرة والرواج. مثال على ذلك، العجز الجنسي الذي يصيب بطل "ليلة المليار" المثقف هو رمز درامي كثيف لعجز المثقفين العرب عموما في مواجهة أزمات الأنظمة وانهيار الحلم العربي الجميل.
تزوجت غادة في أواخر الستينات من الدكتور بشير الداعوق صاحب دار الطليعة وأنجبت ابنها الوحيد حازم الذي أسمته تيمنا باسم أحد ابطالها في مجموعة ليل الغرباء. كان زواجهما آنذاك بمثابة الصدمة أو ما سمي بلقاء الثلج والنار، لما كان يبدو من اختلاف في الطباع الشخصية، كان بشير الداعوق سليل أسرة الداعوق البيروتية العريقة بعثي الانتماء ولا يخفي ذلك وظل كذلك إلى وفاته في 2007 - أما انتماء غادة الوحيد فقد كان للحرية كما تقول دوما. لكن زواجهما استمر وقد برهنت غادة على أن المراة الكاتبة المبدعة يمكن أيضا أن تكون زوجة وفية تقف مع زوجها وهو يصارع السرطان حتى اللحظة الأخيرة من حياته. أنشئت دار نشرها الخاص بها وأعادت نشر معظم كتبها وجمعت مقالاتها الصحفية في سلسة اطلقت عليها " الاعمال غير الكاملة"- في خمسة عشر كتابا حتى الآن- ولديها تسعة كتب في النصوص الشعرية. يضم أرشيف غادة السمان غير المنشور والذي أودعته في أحد المصارف السويسرية مجاميع كثيرة من الرسائل تعد غادة بنشرها "في الوقت المناسب" ولأن غادة كانت نجمة في سماء بيروت الثقافية في عقدالستينات فإنه من المتوقع أن تؤرخ هذه الرسائل لتلك الحقبة..و من المتوقع أيضا أن تكشف عن علاقات عاطفية لم تكترث غادة لإخفائها آنذاك!!! بالذات مع ناصر الدين النشاشيبي الصحفي الفلسطيني الذي كشف عن وجود رسائل عاطفية موجهة له من غادة في أواسط الستينات. من الأسماء الأخرى المرشحة لنشر رسائلها الشاعر الراحل كمال ناصر.
تجمع غادة في أسلوبها الأدبي بين تيار الوعي في الكتابة ومقاطع الفيديو-تيب مع نبض شعري مميز خاص بها. صدرت عنها عدة كتب نقدية وبعدة لغات، كما ترجمت بعض اعمالها إلى سبعة عشر لغة حية وبعضها انتشر على صعيد تجاري واسع. لا تزال غادة تنتج، صدرت لها " الرواية المستحيلة: فسيفساء دمشقية" بمثابة سيرة ذاتية عام 1997، وسهرة تنكرية للموتى عام 2003 والتي عادت فيها للتنبوء بأن الأوضاع في لبنان معرضة للانفجار.
عام 1993 أحدثت غادة ضجة كبرى في الأوساط الأدبية والسياسية عندما نشرت مجموعة رسائل عاطفية كتبها لها غسان كنفاني في الستينات من القرن العشرين، حيث جمعتهما علاقة عاطفية لم تكن سرا آنذاك. واتهمت بسبب ذلك أن نشرها هذا هو جزء من المؤامرة على القضية الفلسطينية التي كانت تواجه مأزق أوسلو وقت النشر.[بحاجة لمصدر] تعيش غادة السمان في باريس منذ اواسط الثمانينات. ولا تزال تكتب أسبوعيا في إحدى المجلات العربية الصادرة في لندن. ترفض تماما إجراء أي حوار تلفزيوني بعد أن تعهدت لنفسها بذلك في السبعينات عندما أجرت حوارا تلفزيونيا في القاهرة واكتشفت أن المذيعة المحاورة لم تقرأ أيا من أعمالها. ينبغي التفريق بين غادة السمان وبين الشاعرة السورية غادا فؤاد السمان.
--------------------------------
6
كيف كان بوسعي أن أحمل على صدري، ثقل مئات الشوارع
الموحشة التي مررت بها،
ومئات من حقائب السفر التي طالما هرولت بها تحت
المطر،
ومئات من الغرف المفروشة الكئيبة التي طالما أقمت فيها،
ومئات من القطارات المغبرة المنتخبة على أكتاف السكك
الحديدية، ومئات القرى المجهولة النائية
ومئات الفنادي الرمادية في مدن أجهل لغة أهلها،
ومئات النوافذ التي تهطل خلف زجاجها وجوه عدوانية
وثلوج، ومئات الحقول والمتاهات المغطاة بالضباب وأنا أبحث
عن مطارات تقود إلى مدن سرابية الآفاق، ومئات الأرصفة
المرتجفة في الزلزال...
كيف كان بوسعي أن أطيق ذلك كله، لو لم أكن أطبق بيديّ
على خارطة بلدي؟
-----------------
أعلن على الملأ: وطني محبرتي.
كل من يكسرها لصبغ حذاء غروره،
كل من يحاول اغتصاب أبجديتي لتلميع أوسمة هذيانه،
كل من يحاول تسوير جموحي في شوارعه المكهربة،
وإيداعي في أقفاص حديقة ببغاواته...
هو ببساطة خصمي الوحيد الأزلي بوجوهه المتعددة
المتوالدة.
لا. لم أنسَ شيئاً عن المقصّات التي طالما طاردت أجنحتي.
لم أنسَ جبروته على حطامي حين سقطت،
ومنادمته لقوتي حين خرجت من رمادي وطرت.
لم أنسَ أنه حاول اقتحام أسوار نفسي عبر ثغرة جرحي.
فهل نجرؤ ثانية على ارتكاب الفراق، أو اللقاء؟!!...
وهل نذعن من جديد لقرع الطبول الافريقية في القلب
-------------------------
7
مجموعة " الأعمال غير الكاملة "
1 - زمن الحب الآخر- 1978- عدد الطبعات 5.
2- الجسد حقيبة سفر- 1979- عدد الطبعات 3.
3- السباحة في بحيرة الشيطان - 1979- عدد الطبعات 5.
4- ختم الذاكرة بالشمع الأحمر- 1979- عدد الطبعات 4.
5- اعتقال لحظة هاربة- 1979- عدد الطبعات 5.
6- مواطنة متلبسة بالقراءة - 1979- عدد الطبعات 3.
7- الرغيف ينبض كالقلب- 1979- عدد الطبعات 3.
8- ع غ تتفرس- 1980- عدد الطبعات3.
9- صفارة إنذار داخل رأسي- 1980- عدد الطبعات 2.
10- كتابات غير ملتزمة- 1980- عدد الطبعات 2.
11- الحب من الوريد إلى الوريد - 1981- عدد الطبعات 4.
12- القبيلة تستجوب القتيلة- 1981- عدد الطبعات 2.
13- البحر يحاكم سمكة - 1986- عدد الطبعات 1
14- تسكع داخل جرح- 1988- عدد الطبعات 1.
15 - محاكمة حب
المجموعات القصصية
1- عيناك قدري- 1962- عدد الطبعات 9.
2- لا بحر في بيروت- 1963- عدد الطبعات 8.
3- ليل الغرباء- 1966- عدد الطبعات 8.
4- رحيل المرافئ القديمة- 1973- عدد الطبعات 6.
5 - زمن الحب الآخر
6- القمر المربع
2- لا بحر في بيروت- 1963- عدد الطبعات 8.
3- ليل الغرباء- 1966- عدد الطبعات 8.
4- رحيل المرافئ القديمة- 1973- عدد الطبعات 6.
5 - زمن الحب الآخر
6- القمر المربع
الروايات الكاملة
1- بيروت 75-1975- عدد الطبعات 5.
2- كوابيس بيروت - 1976- عدد الطبعات 6.
3- ليلة المليار- 1986- عدد الطبعات 2.
4 - الرواية المستحيلة (فسيفساء دمشقية)
5 - سهرة تنكرية للموتى (موزاييك الجنون البيروتي) - 2003 -
عدد الطبعات 2
2- كوابيس بيروت - 1976- عدد الطبعات 6.
3- ليلة المليار- 1986- عدد الطبعات 2.
4 - الرواية المستحيلة (فسيفساء دمشقية)
5 - سهرة تنكرية للموتى (موزاييك الجنون البيروتي) - 2003 -
عدد الطبعات 2
المجموعات الشعرية
1- حب- 1973 - عدد الطبعات9.
2- أعلنت عليك الحب- 1976- عدد الطبعات 9.
3- اشهد عكس الريح- 1987- عدد الطبعات1.
4- عاشقة في محبرة - شعر- 1995.
5- رسائل الحنين إلى الياسمين
6- الأبدية لحظة حب
7- الرقص مع البوم
8- الحبيب الافتراضي و لا شيء يسقط كل شيء !
2- أعلنت عليك الحب- 1976- عدد الطبعات 9.
3- اشهد عكس الريح- 1987- عدد الطبعات1.
4- عاشقة في محبرة - شعر- 1995.
5- رسائل الحنين إلى الياسمين
6- الأبدية لحظة حب
7- الرقص مع البوم
8- الحبيب الافتراضي و لا شيء يسقط كل شيء !
مجموعة أدب الرحلات
أعمال أخرى
الأعماق المحتلة- 1987- عدد الطبعات 1.
رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان- 1992.
رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان- 1992.
الكتب التي صدرت عن حياة غادة السمان
- غادة السمان بلا أجنحة- د. غالي شكري- دار الطليعة 1977.
- غادة السمان الحب والحرب- د. الهام غالي- دار الطليعة 1980.
- قضايا عربية في أدب غادة السمان- حنان عواد- دار الطليعة 1980.
- الفن الروائي عند غادة السمان- عبد العزيز شبيل-
دار المعارف - تونس 1987.
- قضايا عربية في أدب غادة السمان- حنان عواد- دار الطليعة 1980.
- الفن الروائي عند غادة السمان- عبد العزيز شبيل-
دار المعارف - تونس 1987.
- تحرر المرأة عبر أعمال غادة وسيمون دي بوفوار- نجلاء الاختيار (بالفرنسية) الترجمة عن دار الطليعة 1990.
- التمرد والالتزام عند غادة السمان (بالإيطالية) بأولادي كابوا- الترجمة عن دار الطليعة 1991.
--------------------------------
8
الشامية الجارحة المجروحة
:
أين تلك الامسيات المتقشفة اللطيفة في ساحة النجمة
الدمشقية،
حين كان القلب يجنّ فرحاً لطلوع القمر، وهبوب رائحة
الياسمين على الشرفة، وأصوات الليل الشامي المجنون هوى بما
لا يدريه؟
أين ذلك الصدى
الذي كان أعلى من كل الأصوات،
وتلك الظلال الأكثر حقيقة من كل الأجساد؟
أين تلك الأوهام الغابرة الأكثر كثافة من أي صدق؟
وأين تلك الرعشات التي تولد من اللاشيء لتصير كل شيء؟
وأين تلك البنت الطيبة التي لم تكن تحلم بأكثر من حبيب
اسمه الاستقرار، ومنحها القدر كل شيء باستثنائه؟
أين تلك الصبية التي لم تكن لتذوب في النوم إلا لتتجسد في
أحلامها حقيقة خرافية؟
أين تلك البنت الضالة التي لم تضيّع يوماً نجم قطبها ولم
تتقن يوماً فن التلاشي ولا فن الاستقرار فتحولت إلى مركب يهيم
على أبواب القارات؟
أين تلك العاشقة البسيطة التي تنشد المطلق في كل رجل،
حتى دمرت رجالها بشهوة الكمال المستحيل؟
أين ذلك الصوت الذي بدأ صراخه داخل أذن الحبيب
المجهول، ثم صار يصرخ في البرية بين الماء والماء على طول
أربع قارات وعمقها؟
ثمة لحظات نادرة في بيروت...
على شاطئ البحر الساكن المسائي،
ألمح فيها وجهها حين أحدّق في المياه الأزلية...
أيتها البنت الشامية الجارحة المجروحة، أما زلت تذكرينني
كما أذكرك؟
عيد سعيد أيتها القاتلة القتيلة
8
الشامية الجارحة المجروحة
:
أين تلك الامسيات المتقشفة اللطيفة في ساحة النجمة
الدمشقية،
حين كان القلب يجنّ فرحاً لطلوع القمر، وهبوب رائحة
الياسمين على الشرفة، وأصوات الليل الشامي المجنون هوى بما
لا يدريه؟
أين ذلك الصدى
الذي كان أعلى من كل الأصوات،
وتلك الظلال الأكثر حقيقة من كل الأجساد؟
أين تلك الأوهام الغابرة الأكثر كثافة من أي صدق؟
وأين تلك الرعشات التي تولد من اللاشيء لتصير كل شيء؟
وأين تلك البنت الطيبة التي لم تكن تحلم بأكثر من حبيب
اسمه الاستقرار، ومنحها القدر كل شيء باستثنائه؟
أين تلك الصبية التي لم تكن لتذوب في النوم إلا لتتجسد في
أحلامها حقيقة خرافية؟
أين تلك البنت الضالة التي لم تضيّع يوماً نجم قطبها ولم
تتقن يوماً فن التلاشي ولا فن الاستقرار فتحولت إلى مركب يهيم
على أبواب القارات؟
أين تلك العاشقة البسيطة التي تنشد المطلق في كل رجل،
حتى دمرت رجالها بشهوة الكمال المستحيل؟
أين ذلك الصوت الذي بدأ صراخه داخل أذن الحبيب
المجهول، ثم صار يصرخ في البرية بين الماء والماء على طول
أربع قارات وعمقها؟
ثمة لحظات نادرة في بيروت...
على شاطئ البحر الساكن المسائي،
ألمح فيها وجهها حين أحدّق في المياه الأزلية...
أيتها البنت الشامية الجارحة المجروحة، أما زلت تذكرينني
كما أذكرك؟
عيد سعيد أيتها القاتلة القتيلة
9
من لبنان وإلى لبنان
:
أطير إليك من مدن الضباب الرمادية مثخنة بجراحي، وما
أكاد أعمّد جسدي في ماء بحرك حتى أشفى وأعود مهرة صبيّة
بوسعها أن تركض قروناً أخرى فوق سهوب الورق الأبيض...
معك يا لبنان أنسى أنني محكومة بالموت ككل الناس، ففي
ينابيع جبالك ماء الخلود والشباب الدائم...
معك أنسى أن العشب سينمو ذات يوم داخل قفصي الصدري
الهشّ الذي يخفق الآن بحبك...
معك أنسى أنه لن يتبقى من أصابعي التي تسطّر لك رسائل
الحب سوى سلاميات عارية يركض عليها النمل، ويتخللها ماء
المطر البارد في ليل مقبرة باريسية.
معك أتحوّل من امرأة إلى غيمة.
لم أكن أدري أن لي أنا أيضاً دموع فرح، إلا بعدما وطئت
مطارك بعد سبعة قرون من الفراق أو سبع ثوانٍ، ويزعم جواز
سفري أنها سبعة أعوام...
كنت اظن الشموع وحدها تبكي ليلاً، حتى وعيت معنى
فراقك... فماذا أهديك في العيد؟
أهديك غابات لم تستبدل أشجارها بغابات أسمنت...
وشوارع نظيفة من "الثورجية" ومجانين "الكلاشنكوفات الزواريبية
الوطنجية".
أهديك رجالاً يفعلون ما يقولون بعيداً عن أقنعة الكرنفالات
السياسية وتانغو الأهواء: خطوة إلى الأمام وقرناً إلى الوراء...
رجالاً يتحدثون عن الوفاق بلا وفاق.
أهديك نساء بلا خوف من الكمامة والسياط وبلا ضعف أمام
الطواويس الشهريارية؛ نساء يطالبن بحق الخطأ لا الخطيئة...
أهديك بيوتاً لم يسمع قرميدها أنين سجين، ومدارسَ لم
تتحوّل إلى ثكنات حربية. حدائق بلا ألغام، يقهقه بين أزهارها
الأطفال ولا يلعبون بالجماجم... وبيوت عبادة لا ترفع
الصلوات لغير الخالق العظيم وبلا ناطقين رسميين باسمه، وأفراناً
لم تصبح متاريس عداء تبيع الخبز المسموم.
أهديك مقاهي أدباء لها جدران بلا آذان. مجالس حوار لا
ديك "أوحداً" فيها ولا بطل فكرياً ملهماً.
أهديك عشاقاً لشاطئ الكورنيش يخبئون في أعينهم النجوم
وهم يتجرعون القهوة، في جيوبهم تطير الفراشات الملونة كما
في فضاء، وأقفاصهم الصدرية مليئة بعصافير تغرد ألحاناً نقلها
موزار في سرقات فنية باهرة.
أهديك الشواطئ المقمرة بلا مهربي مخدرات، ومطارات
بلا خاطفين.
أهديك في العيد راحة البال بدلاً من المال، أهديك النسيان
والصحو في آن، وأتمنى لو أهديك أثمن ما في الكون:
الحرية... الحرية... الحرية.
ولكن الحرية وحدها ترفض تعليبها وصرّها بالشرائط الحريرية
الملونة وإهداءها.
الحرية لا تُعطى ، وعليها أن تنبت على رمال شواطئك
وجبالك ووديانك... فهل سترعاها؟
وما الذي ستهديه لعشاقك مثلي؟
رصاصة
--------------------------
10
ثملة بالربيع أم بحبك؟
:
حبك يشبه العودة إلى الطفولة.
من جديد تتحول علب الكبريت الفارغة إلى قطارات ،
وتبدو الفراشة فوق الوردة لغزاً ذهبياً ،
ويعود قوس القزح دروباً معبّدة بالبرتقالي والبنفسجي
والأزرق والأصفر في السماء.
من جديد يصير بوسعنا أن نشتري بطاقة سفر في طائرة ورقية
ملونة لتحلّق بنا إلى سماوات الدهشة وأكوان النشوة بأسرع من
"الكونكورد" و "البوينغ".
من جديد يعود العالم جديداً ، ونلتهم تفاح البراءة ، والأفعى
ساكتة والعمر لحظة خلود صغيرة...
من جديد نعيد الاعتبار إلى كلمة: "أحبك"... بعدما تلوثت
طويلاً ، ومضغوها كاللبان و "الشيكلتس"، وعهّروها وباعوها في
أسواق الرياء، وغطّوها بالأقنعة ورموا بها ليلاً في براميل القمامة
كأطفال الخطيئة.
حبك رئة الأوكسجين في كوكب ملوّث حتى موت الأرانب
البيض كلها...
[/frame]
من لبنان وإلى لبنان
:
أطير إليك من مدن الضباب الرمادية مثخنة بجراحي، وما
أكاد أعمّد جسدي في ماء بحرك حتى أشفى وأعود مهرة صبيّة
بوسعها أن تركض قروناً أخرى فوق سهوب الورق الأبيض...
معك يا لبنان أنسى أنني محكومة بالموت ككل الناس، ففي
ينابيع جبالك ماء الخلود والشباب الدائم...
معك أنسى أن العشب سينمو ذات يوم داخل قفصي الصدري
الهشّ الذي يخفق الآن بحبك...
معك أنسى أنه لن يتبقى من أصابعي التي تسطّر لك رسائل
الحب سوى سلاميات عارية يركض عليها النمل، ويتخللها ماء
المطر البارد في ليل مقبرة باريسية.
معك أتحوّل من امرأة إلى غيمة.
لم أكن أدري أن لي أنا أيضاً دموع فرح، إلا بعدما وطئت
مطارك بعد سبعة قرون من الفراق أو سبع ثوانٍ، ويزعم جواز
سفري أنها سبعة أعوام...
كنت اظن الشموع وحدها تبكي ليلاً، حتى وعيت معنى
فراقك... فماذا أهديك في العيد؟
أهديك غابات لم تستبدل أشجارها بغابات أسمنت...
وشوارع نظيفة من "الثورجية" ومجانين "الكلاشنكوفات الزواريبية
الوطنجية".
أهديك رجالاً يفعلون ما يقولون بعيداً عن أقنعة الكرنفالات
السياسية وتانغو الأهواء: خطوة إلى الأمام وقرناً إلى الوراء...
رجالاً يتحدثون عن الوفاق بلا وفاق.
أهديك نساء بلا خوف من الكمامة والسياط وبلا ضعف أمام
الطواويس الشهريارية؛ نساء يطالبن بحق الخطأ لا الخطيئة...
أهديك بيوتاً لم يسمع قرميدها أنين سجين، ومدارسَ لم
تتحوّل إلى ثكنات حربية. حدائق بلا ألغام، يقهقه بين أزهارها
الأطفال ولا يلعبون بالجماجم... وبيوت عبادة لا ترفع
الصلوات لغير الخالق العظيم وبلا ناطقين رسميين باسمه، وأفراناً
لم تصبح متاريس عداء تبيع الخبز المسموم.
أهديك مقاهي أدباء لها جدران بلا آذان. مجالس حوار لا
ديك "أوحداً" فيها ولا بطل فكرياً ملهماً.
أهديك عشاقاً لشاطئ الكورنيش يخبئون في أعينهم النجوم
وهم يتجرعون القهوة، في جيوبهم تطير الفراشات الملونة كما
في فضاء، وأقفاصهم الصدرية مليئة بعصافير تغرد ألحاناً نقلها
موزار في سرقات فنية باهرة.
أهديك الشواطئ المقمرة بلا مهربي مخدرات، ومطارات
بلا خاطفين.
أهديك في العيد راحة البال بدلاً من المال، أهديك النسيان
والصحو في آن، وأتمنى لو أهديك أثمن ما في الكون:
الحرية... الحرية... الحرية.
ولكن الحرية وحدها ترفض تعليبها وصرّها بالشرائط الحريرية
الملونة وإهداءها.
الحرية لا تُعطى ، وعليها أن تنبت على رمال شواطئك
وجبالك ووديانك... فهل سترعاها؟
وما الذي ستهديه لعشاقك مثلي؟
رصاصة
--------------------------
10
ثملة بالربيع أم بحبك؟
:
حبك يشبه العودة إلى الطفولة.
من جديد تتحول علب الكبريت الفارغة إلى قطارات ،
وتبدو الفراشة فوق الوردة لغزاً ذهبياً ،
ويعود قوس القزح دروباً معبّدة بالبرتقالي والبنفسجي
والأزرق والأصفر في السماء.
من جديد يصير بوسعنا أن نشتري بطاقة سفر في طائرة ورقية
ملونة لتحلّق بنا إلى سماوات الدهشة وأكوان النشوة بأسرع من
"الكونكورد" و "البوينغ".
من جديد يعود العالم جديداً ، ونلتهم تفاح البراءة ، والأفعى
ساكتة والعمر لحظة خلود صغيرة...
من جديد نعيد الاعتبار إلى كلمة: "أحبك"... بعدما تلوثت
طويلاً ، ومضغوها كاللبان و "الشيكلتس"، وعهّروها وباعوها في
أسواق الرياء، وغطّوها بالأقنعة ورموا بها ليلاً في براميل القمامة
كأطفال الخطيئة.
حبك رئة الأوكسجين في كوكب ملوّث حتى موت الأرانب
البيض كلها...
تعليق