متصفّح خاص بالأدب النسائي مابين جيلين / يسري راغب وسليمى السرايري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    متصفّح خاص بالأدب النسائي مابين جيلين / يسري راغب وسليمى السرايري

    [frame="2 95"]




    غادة السمان


    1
    غادة أحمد السمان (مواليد 1943) كاتبة وأديبة سورية. ولدت في دمشق لأسرة شامية عريقة، ولها صلة قربى بالشاعر السوري نزار قباني. والدها الدكتور أحمد السمان حاصل على شهادة الدكتوراه من السوربون في الاقتصاد السياسي وكان رئيسا للجامعة السورية ووزيرا للتعليم في سوريا لفترة من الوقت. تأثرت كثيرا به بسبب وفاة والدتها وهي صغيرة. كان والدها محبا للعلم والأدب العالمي ومولعا بالتراث العربي في الوقت نفسه، وهذا كله منح شخصية غادة الأدبية والإنسانية أبعادا متعددة ومتنوعة. سرعان ما اصطدمت غادة بقلمها وشخصها بالمجتمع الشامي (الدمشقي) الذي كان "شديد المحافظة" إبان نشوئها فيه.
    أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "عيناك قدري" في العام 1962 واعتبرت يومها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، مثل كوليت خوريوليلى بعلبكي، لكن غادة استمرت واستطاعت ان تقدم أدبا مختلفا ومتميزا خرجت به من الاطار الضيق لمشاكل المرأة والحركات النسوية إلى افاق اجتماعية ونفسية وإنسانية.
    --------------------------
    2
    منذ ألف عام كنت أروح جيئة وذهاباً طوال الليل على شرفة
    بيتي في ساحة النجمة الدمشقية،
    أنادي حباً لن يأتي.
    اليوم هدموا المبنى، وما زالت الشرفة معلّقة في الفضاء،
    وشبحي مازال يروح ويجيء طوال الليل فوقها...
    بحثاً عن حب لن يأتي!
    -------------------------
    رسم لي بالطبشور دائرة على الجدار
    وقال لي : قفي داخلها ...
    فانطلقت هاربة
    إلى شوارع البحر.
    * * *
    غاضباً لحق بي
    غاضباً زقزق في وجهي ، وقرّعني
    وقال ان القضية جادة
    وان "البث مباشر"
    ويجب أن أعود معه إلى (الاستديو)
    لأقف وسط دائرة الطباشير
    وتحت دائرة الضوء
    -------------------------
    3
    تخرجت من الجامعة السورية في دمشق عام 1963 حاصلة على شهادة الليسانس في الأدب الإنجليزي، حصلت على شهادة الماجستير في مسرح اللامعقول من الجامعة الأمريكية في بيروت، عملت غادة في الصحافة وبرز اسمها أكثر وصارت واحدة من أهم نجمات الصحافة هناك يوم كانت بيروت مركزا للأشعاع الثقافي. ظهر إثر ذلك في مجموعتها القصصية الثانية " لا بحر في بيروت" عام 1965.
    ثم سافرت غادة إلى أوروبا وتنقلت بين معظم العواصم الاوربية وعملت كمراسلة صحفية لكنها عمدت أيضا إلى اكتشاف العالم وصقل شخصيتها الأدبية بالتعرف على مناهل الأدب والثقافة هناك، وظهر أثر ذلك في مجموعتها الثالثة "ليل الغرباء" عام 1966 التي أظهرت نضجا كبيرا في مسيرتها الأدبية وجعلت كبار النقاد آنذاك مثل محمود أمين العالم يعترفون بها وبتميزها.
    كانت هزيمة حزيران 1967 بمثابة صدمة كبيرة لغادة السمان وجيلها، يومها كتبت مقالها الشهير "أحمل عاري إلى لندن"، كانت من القلائل الذين حذروا من استخدام مصطلح "النكسة" وأثره التخديري على الشعب العربي. لم تصدر غادة بعد الهزيمة شيئا لفترة من الوقت لكن عملها في الصحافة زادها قربا من الواقع الاجتماعي وكتبت في تلك الفترة مقالات صحفية كونت سمادا دسما لمواد أدبية ستكتبها لاحقا.
    في عام 1973 أصدرت مجموعتها الرابعة "رحيل المرافئ القديمة" والتي اعتبرها البعض الأهم بين كل مجاميعها حيث قدمت بقالب أدبي بارع المأزق الذي يعيشه المثقف العربي والهوة السحيقة بين فكره وسلوكه. في أواخر عام 1974 أصدرت روايتها "بيروت 75" والتي غاصت فيها بعيدا عن القناع الجميل لسويسرا الشرق إلى حيث القاع المشوه المحتقن، وقالت على لسان عرافة من شخصيات الرواية "أرى الدم.. أرى كثيرا من الدم" وما لبثت أن نشبت الحرب الاهلية بعد بضعة أشهر من صدور الرواية.
    مع روايتيها "كوابيس بيروت " 1977 و"ليلة المليار" 1986 تكرست غادة كواحدة من أهم الروائيين والرئيات العرب. ويعتبرها بعض النقاد الكاتبة العربية الأهم حتى من نجيب محفوظ.
    ---------------------------
    4
    أين أنت أيها الاحمق الغالي ؟
    ضيعتني لأنك أردت امتلاكي ! ....
    * * *
    ضيعتَ قدرتنا المتناغمة على الطيران معاً
    وعلى الإقلاع في الغواصة الصفراء ...
    * * *
    أين أنت ؟
    ولماذا جعلت من نفسك خصماً لحريتي ،
    واضطررتني لاجتزازك من تربة عمري ؟
    * * *
    ذات يوم ،
    جعلتك عطائي المقطر الحميم ...
    كنت تفجري الأصيل في غاب الحب ،
    دونما سقوط في وحل التفاصيل التقليدية التافهة ..
    * * *
    ذات يوم ،
    كنتُ مخلوقاً كونياً متفتحاً
    كلوحة من الضوء الحي ...
    يهديك كل ما منحته الطبيعة من توق وجنون ،
    دونما مناقصات رسمية ،
    أو مزادات علنية ،
    وخارج الإطارات كلها ...
    * * *
    لماذا أيها الأحمق الغالي
    كسرت اللوحة ،
    واستحضرت خبراء الإطارات ؟
    * * *
    أحمل لك في منقاري رسالة من امرأة أحبّتك مرة، ونجتْ
    منك حين تحولتْ إلى سنونوة.
    رسالة حب مكتوبة بتموجات الشفافية المائية، بحبر شاحب
    كالفراق.
    رسالة كالهواء، عبثاً أبثّها لك على شاشة كومبيوتر البورصة
    حيث تقيم نظراتك.
    رسالة من امرأة سُنبلة، عشقت حدّ منجلها، والنجوم شهود.
    رسالة من امرأة تخلصت منهم جميعاً.. تخلّصت من
    أحبابها وأعدائها وازدهرت ازدهاراً سافراً... تخلّصت من المدن
    كلها، وصارت تقيم في اللامكان واللازمان.
    وحدها جثتك لا تتسع لأهوالها المقابر التذكارية التي شيّدتها
    باتقان...
    وحدك ما زلتَ تتدلى من عنقها كطائر اللعنة والتذكارات
    العذبة!
    -------------------------
    5
    رغم وجود الجنس في أدب غادة السمان إلا إنه يشهد لها أنه دوما في خدمة السياق الروائي والبعد الدرامي للشخصيات ولم تنزلق أبدا إلى تقديم أدب إباحي كذلك الذي صارت بعض الكاتبات يكتبنه لاحقا من أجل الشهرة والرواج. مثال على ذلك، العجز الجنسي الذي يصيب بطل "ليلة المليار" المثقف هو رمز درامي كثيف لعجز المثقفين العرب عموما في مواجهة أزمات الأنظمة وانهيار الحلم العربي الجميل.
    تزوجت غادة في أواخر الستينات من الدكتور بشير الداعوق صاحب دار الطليعة وأنجبت ابنها الوحيد حازم الذي أسمته تيمنا باسم أحد ابطالها في مجموعة ليل الغرباء. كان زواجهما آنذاك بمثابة الصدمة أو ما سمي بلقاء الثلج والنار، لما كان يبدو من اختلاف في الطباع الشخصية، كان بشير الداعوق سليل أسرة الداعوق البيروتية العريقة بعثي الانتماء ولا يخفي ذلك وظل كذلك إلى وفاته في 2007 - أما انتماء غادة الوحيد فقد كان للحرية كما تقول دوما. لكن زواجهما استمر وقد برهنت غادة على أن المراة الكاتبة المبدعة يمكن أيضا أن تكون زوجة وفية تقف مع زوجها وهو يصارع السرطان حتى اللحظة الأخيرة من حياته. أنشئت دار نشرها الخاص بها وأعادت نشر معظم كتبها وجمعت مقالاتها الصحفية في سلسة اطلقت عليها " الاعمال غير الكاملة"- في خمسة عشر كتابا حتى الآن- ولديها تسعة كتب في النصوص الشعرية. يضم أرشيف غادة السمان غير المنشور والذي أودعته في أحد المصارف السويسرية مجاميع كثيرة من الرسائل تعد غادة بنشرها "في الوقت المناسب" ولأن غادة كانت نجمة في سماء بيروت الثقافية في عقدالستينات فإنه من المتوقع أن تؤرخ هذه الرسائل لتلك الحقبة..و من المتوقع أيضا أن تكشف عن علاقات عاطفية لم تكترث غادة لإخفائها آنذاك!!! بالذات مع ناصر الدين النشاشيبي الصحفي الفلسطيني الذي كشف عن وجود رسائل عاطفية موجهة له من غادة في أواسط الستينات. من الأسماء الأخرى المرشحة لنشر رسائلها الشاعر الراحل كمال ناصر.
    تجمع غادة في أسلوبها الأدبي بين تيار الوعي في الكتابة ومقاطع الفيديو-تيب مع نبض شعري مميز خاص بها. صدرت عنها عدة كتب نقدية وبعدة لغات، كما ترجمت بعض اعمالها إلى سبعة عشر لغة حية وبعضها انتشر على صعيد تجاري واسع. لا تزال غادة تنتج، صدرت لها " الرواية المستحيلة: فسيفساء دمشقية" بمثابة سيرة ذاتية عام 1997، وسهرة تنكرية للموتى عام 2003 والتي عادت فيها للتنبوء بأن الأوضاع في لبنان معرضة للانفجار.
    عام 1993 أحدثت غادة ضجة كبرى في الأوساط الأدبية والسياسية عندما نشرت مجموعة رسائل عاطفية كتبها لها غسان كنفاني في الستينات من القرن العشرين، حيث جمعتهما علاقة عاطفية لم تكن سرا آنذاك. واتهمت بسبب ذلك أن نشرها هذا هو جزء من المؤامرة على القضية الفلسطينية التي كانت تواجه مأزق أوسلو وقت النشر.[بحاجة لمصدر] تعيش غادة السمان في باريس منذ اواسط الثمانينات. ولا تزال تكتب أسبوعيا في إحدى المجلات العربية الصادرة في لندن. ترفض تماما إجراء أي حوار تلفزيوني بعد أن تعهدت لنفسها بذلك في السبعينات عندما أجرت حوارا تلفزيونيا في القاهرة واكتشفت أن المذيعة المحاورة لم تقرأ أيا من أعمالها. ينبغي التفريق بين غادة السمان وبين الشاعرة السورية غادا فؤاد السمان.
    --------------------------------
    6
    كيف كان بوسعي أن أحمل على صدري، ثقل مئات الشوارع
    الموحشة التي مررت بها،
    ومئات من حقائب السفر التي طالما هرولت بها تحت
    المطر،
    ومئات من الغرف المفروشة الكئيبة التي طالما أقمت فيها،
    ومئات من القطارات المغبرة المنتخبة على أكتاف السكك
    الحديدية، ومئات القرى المجهولة النائية
    ومئات الفنادي الرمادية في مدن أجهل لغة أهلها،
    ومئات النوافذ التي تهطل خلف زجاجها وجوه عدوانية
    وثلوج، ومئات الحقول والمتاهات المغطاة بالضباب وأنا أبحث
    عن مطارات تقود إلى مدن سرابية الآفاق، ومئات الأرصفة
    المرتجفة في الزلزال...
    كيف كان بوسعي أن أطيق ذلك كله، لو لم أكن أطبق بيديّ
    على خارطة بلدي؟
    -----------------
    أعلن على الملأ: وطني محبرتي.
    كل من يكسرها لصبغ حذاء غروره،
    كل من يحاول اغتصاب أبجديتي لتلميع أوسمة هذيانه،
    كل من يحاول تسوير جموحي في شوارعه المكهربة،
    وإيداعي في أقفاص حديقة ببغاواته...
    هو ببساطة خصمي الوحيد الأزلي بوجوهه المتعددة
    المتوالدة.
    لا. لم أنسَ شيئاً عن المقصّات التي طالما طاردت أجنحتي.
    لم أنسَ جبروته على حطامي حين سقطت،
    ومنادمته لقوتي حين خرجت من رمادي وطرت.
    لم أنسَ أنه حاول اقتحام أسوار نفسي عبر ثغرة جرحي.
    فهل نجرؤ ثانية على ارتكاب الفراق، أو اللقاء؟!!...
    وهل نذعن من جديد لقرع الطبول الافريقية في القلب
    -------------------------
    7
    مجموعة " الأعمال غير الكاملة "
    1 - زمن الحب الآخر- 1978- عدد الطبعات 5.
    2- الجسد حقيبة سفر- 1979- عدد الطبعات 3.
    3- السباحة في بحيرة الشيطان - 1979- عدد الطبعات 5.
    4- ختم الذاكرة بالشمع الأحمر- 1979- عدد الطبعات 4.
    5- اعتقال لحظة هاربة- 1979- عدد الطبعات 5.
    6- مواطنة متلبسة بالقراءة - 1979- عدد الطبعات 3.
    7- الرغيف ينبض كالقلب- 1979- عدد الطبعات 3.
    8- ع غ تتفرس- 1980- عدد الطبعات3.
    9- صفارة إنذار داخل رأسي- 1980- عدد الطبعات 2.
    10- كتابات غير ملتزمة- 1980- عدد الطبعات 2.
    11- الحب من الوريد إلى الوريد - 1981- عدد الطبعات 4.
    12- القبيلة تستجوب القتيلة- 1981- عدد الطبعات 2.
    13- البحر يحاكم سمكة - 1986- عدد الطبعات 1
    14- تسكع داخل جرح- 1988- عدد الطبعات 1.
    15 - محاكمة حب


    المجموعات القصصية


    1- عيناك قدري- 1962- عدد الطبعات 9.
    2- لا بحر في بيروت- 1963- عدد الطبعات 8.
    3- ليل الغرباء- 1966- عدد الطبعات 8.
    4- رحيل المرافئ القديمة- 1973- عدد الطبعات 6.
    5 - زمن الحب الآخر
    6- القمر المربع



    الروايات الكاملة


    1- بيروت 75-1975- عدد الطبعات 5.
    2- كوابيس بيروت - 1976- عدد الطبعات 6.
    3- ليلة المليار- 1986- عدد الطبعات 2.
    4 - الرواية المستحيلة (فسيفساء دمشقية)
    5 - سهرة تنكرية للموتى (موزاييك الجنون البيروتي) - 2003 -
    عدد الطبعات 2



    المجموعات الشعرية


    1- حب- 1973 - عدد الطبعات9.
    2- أعلنت عليك الحب- 1976- عدد الطبعات 9.
    3- اشهد عكس الريح- 1987- عدد الطبعات1.
    4- عاشقة في محبرة - شعر- 1995.
    5- رسائل الحنين إلى الياسمين
    6- الأبدية لحظة حب
    7- الرقص مع البوم
    8- الحبيب الافتراضي و لا شيء يسقط كل شيء !



    مجموعة أدب الرحلات


    1- الجسد حقيبة سفر
    2- غربة تحت الصفر
    3- شهوة الأجنحة
    4- القلب نورس وحيد
    5- رعشة الحرية



    أعمال أخرى



    الأعماق المحتلة- 1987- عدد الطبعات 1.
    رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان- 1992.


    الكتب التي صدرت عن حياة غادة السمان



    - غادة السمان بلا أجنحة- د. غالي شكري- دار الطليعة 1977.

    - غادة السمان الحب والحرب- د. الهام غالي- دار الطليعة 1980.
    - قضايا عربية في أدب غادة السمان- حنان عواد- دار الطليعة 1980.
    - الفن الروائي عند غادة السمان- عبد العزيز شبيل-
    دار المعارف - تونس 1987.


    - تحرر المرأة عبر أعمال غادة وسيمون دي بوفوار- نجلاء الاختيار (بالفرنسية) الترجمة عن دار الطليعة 1990.


    - التمرد والالتزام عند غادة السمان (بالإيطالية) بأولادي كابوا- الترجمة عن دار الطليعة 1991.


    - غادة السمان في أعمالها غير الكاملة- دراسة - عبد اللطيف الأرناؤوط- دمشق 1993.




    --------------------------------
    8
    الشامية الجارحة المجروحة
    :
    أين تلك الامسيات المتقشفة اللطيفة في ساحة النجمة
    الدمشقية،
    حين كان القلب يجنّ فرحاً لطلوع القمر، وهبوب رائحة
    الياسمين على الشرفة، وأصوات الليل الشامي المجنون هوى بما
    لا يدريه؟
    أين ذلك الصدى
    الذي كان أعلى من كل الأصوات،
    وتلك الظلال الأكثر حقيقة من كل الأجساد؟
    أين تلك الأوهام الغابرة الأكثر كثافة من أي صدق؟
    وأين تلك الرعشات التي تولد من اللاشيء لتصير كل شيء؟
    وأين تلك البنت الطيبة التي لم تكن تحلم بأكثر من حبيب
    اسمه الاستقرار، ومنحها القدر كل شيء باستثنائه؟
    أين تلك الصبية التي لم تكن لتذوب في النوم إلا لتتجسد في
    أحلامها حقيقة خرافية؟
    أين تلك البنت الضالة التي لم تضيّع يوماً نجم قطبها ولم
    تتقن يوماً فن التلاشي ولا فن الاستقرار فتحولت إلى مركب يهيم
    على أبواب القارات؟
    أين تلك العاشقة البسيطة التي تنشد المطلق في كل رجل،
    حتى دمرت رجالها بشهوة الكمال المستحيل؟
    أين ذلك الصوت الذي بدأ صراخه داخل أذن الحبيب
    المجهول، ثم صار يصرخ في البرية بين الماء والماء على طول
    أربع قارات وعمقها؟
    ثمة لحظات نادرة في بيروت...
    على شاطئ البحر الساكن المسائي،
    ألمح فيها وجهها حين أحدّق في المياه الأزلية...
    أيتها البنت الشامية الجارحة المجروحة، أما زلت تذكرينني
    كما أذكرك؟
    عيد سعيد أيتها القاتلة القتيلة

    9
    من لبنان وإلى لبنان
    :
    أطير إليك من مدن الضباب الرمادية مثخنة بجراحي، وما
    أكاد أعمّد جسدي في ماء بحرك حتى أشفى وأعود مهرة صبيّة
    بوسعها أن تركض قروناً أخرى فوق سهوب الورق الأبيض...
    معك يا لبنان أنسى أنني محكومة بالموت ككل الناس، ففي
    ينابيع جبالك ماء الخلود والشباب الدائم...
    معك أنسى أن العشب سينمو ذات يوم داخل قفصي الصدري
    الهشّ الذي يخفق الآن بحبك...
    معك أنسى أنه لن يتبقى من أصابعي التي تسطّر لك رسائل
    الحب سوى سلاميات عارية يركض عليها النمل، ويتخللها ماء
    المطر البارد في ليل مقبرة باريسية.
    معك أتحوّل من امرأة إلى غيمة.
    لم أكن أدري أن لي أنا أيضاً دموع فرح، إلا بعدما وطئت
    مطارك بعد سبعة قرون من الفراق أو سبع ثوانٍ، ويزعم جواز
    سفري أنها سبعة أعوام...
    كنت اظن الشموع وحدها تبكي ليلاً، حتى وعيت معنى
    فراقك... فماذا أهديك في العيد؟
    أهديك غابات لم تستبدل أشجارها بغابات أسمنت...
    وشوارع نظيفة من "الثورجية" ومجانين "الكلاشنكوفات الزواريبية
    الوطنجية".
    أهديك رجالاً يفعلون ما يقولون بعيداً عن أقنعة الكرنفالات
    السياسية وتانغو الأهواء: خطوة إلى الأمام وقرناً إلى الوراء...
    رجالاً يتحدثون عن الوفاق بلا وفاق.
    أهديك نساء بلا خوف من الكمامة والسياط وبلا ضعف أمام
    الطواويس الشهريارية؛ نساء يطالبن بحق الخطأ لا الخطيئة...
    أهديك بيوتاً لم يسمع قرميدها أنين سجين، ومدارسَ لم
    تتحوّل إلى ثكنات حربية. حدائق بلا ألغام، يقهقه بين أزهارها
    الأطفال ولا يلعبون بالجماجم... وبيوت عبادة لا ترفع
    الصلوات لغير الخالق العظيم وبلا ناطقين رسميين باسمه، وأفراناً
    لم تصبح متاريس عداء تبيع الخبز المسموم.
    أهديك مقاهي أدباء لها جدران بلا آذان. مجالس حوار لا
    ديك "أوحداً" فيها ولا بطل فكرياً ملهماً.
    أهديك عشاقاً لشاطئ الكورنيش يخبئون في أعينهم النجوم
    وهم يتجرعون القهوة، في جيوبهم تطير الفراشات الملونة كما
    في فضاء، وأقفاصهم الصدرية مليئة بعصافير تغرد ألحاناً نقلها
    موزار في سرقات فنية باهرة.
    أهديك الشواطئ المقمرة بلا مهربي مخدرات، ومطارات
    بلا خاطفين.
    أهديك في العيد راحة البال بدلاً من المال، أهديك النسيان
    والصحو في آن، وأتمنى لو أهديك أثمن ما في الكون:
    الحرية... الحرية... الحرية.
    ولكن الحرية وحدها ترفض تعليبها وصرّها بالشرائط الحريرية
    الملونة وإهداءها.
    الحرية لا تُعطى ، وعليها أن تنبت على رمال شواطئك
    وجبالك ووديانك... فهل سترعاها؟
    وما الذي ستهديه لعشاقك مثلي؟
    رصاصة
    --------------------------
    10
    ثملة بالربيع أم بحبك؟
    :
    حبك يشبه العودة إلى الطفولة.
    من جديد تتحول علب الكبريت الفارغة إلى قطارات ،
    وتبدو الفراشة فوق الوردة لغزاً ذهبياً ،
    ويعود قوس القزح دروباً معبّدة بالبرتقالي والبنفسجي
    والأزرق والأصفر في السماء.
    من جديد يصير بوسعنا أن نشتري بطاقة سفر في طائرة ورقية
    ملونة لتحلّق بنا إلى سماوات الدهشة وأكوان النشوة بأسرع من
    "الكونكورد" و "البوينغ".
    من جديد يعود العالم جديداً ، ونلتهم تفاح البراءة ، والأفعى
    ساكتة والعمر لحظة خلود صغيرة...
    من جديد نعيد الاعتبار إلى كلمة: "أحبك"... بعدما تلوثت
    طويلاً ، ومضغوها كاللبان و "الشيكلتس"، وعهّروها وباعوها في
    أسواق الرياء، وغطّوها بالأقنعة ورموا بها ليلاً في براميل القمامة
    كأطفال الخطيئة.
    حبك رئة الأوكسجين في كوكب ملوّث حتى موت الأرانب
    البيض كلها...
    [/frame]
    التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 18-04-2011, 20:58.
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    #2
    [frame="2 95"]




    أحلام مستغانمي


    كلمات مضيئة في عتمة وطن مزقة ابنائه بعد ان دفعوا مليون شهيد لتحريره

    ***************

    ولدت في ( 13 أبريل1953 ) كاتبة جزائرية.
    من مواليد تونس ،ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري حيث ولد أبوها محمد الشريف حيث كان والدها مشاركا في الثورة الجزائرية،ّ عرف السجون الفرنسية, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 . وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلدية, ومع ذلك فإنه يعتبر محظوظاً إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك ( 45 ألف شهيد سقطوا خلال تلك المظاهرات) وأصبح ملاحقًا من قبل الشرطة الفرنسية, بسبب نشاطه السياسي بعد حلّ حزب الشعب الجزائري. الذي أدّى إلى ولادة حزب جبهة التحرير الوطني FLN . عملت في الإذاعة الوطنية مما خلق لها شهرة كشاعرة، إنتقلت إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي ، حيث تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينات نالت شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون. تقطن حاليا في بيروت. وهي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد.
    ألّفت على مدى مسيرتها الأدبية التي دامت 25 عاما، روايات من أكثر الروايات مبيعا في العالم العربي يذكر منها "ذاكرة الجسد" و "فوضى الحواس" و "عابر سرير". حيث باتت أول امرأة جزائرية تؤلّف رواية باللغة العربية وأول أديبة عربية معاصرة يُباع لها مئات الآلاف من النسخ من أعمالها وتكتسح بذلك قائمة الكتب الأكثر رواجا في لبنان والأردن وسوريا والإمارات العربية المتحدة.
    وتعبر كتابات مستغانمي التي جعلت من بيروت مسكنها الدائم عن الحنين إلى وطن "يسكننا ولا نسكنه". ويظهر في أعمالها عشق لجزائر تفتقدها وأسى لجيل أخفق في بناء أمة قوية بعد رزحه تحت نير الاستعمار 130 عاما. وتتجاوز رواياتها الحدود المرسومة لتحكي قصة الأحلام المنكسرة والمآسي التي تجزف بالإنسان، مما يجعل حكاياتها ذات مغزى لقرائها عبر مختلف أرجاء العالم العربي.


    -------------------------------
    2
    ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~ تحـدي ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    --------------------
    لأني رفضت الدروب القصيرة ..
    و أعلنت رغم الجميع التحدّي ,
    و أنيّ سأمضي
    لأعماق بحر ٍ دون قرار ْ
    لعلني يوماً أُحطم عاجية شهريار ..
    أُحرر من قبضتيه الجوراي
    لعلي يا موطني رغم قهرك
    أَعود بلؤلؤة من بحاري
    لأًنيّ صرخت أريد الحياة
    لأًنيّ وقفت أمام الغزاة
    قراصنةُ البحرِ ثارت عليّ ..
    تُحاصر ُ كل سبيل إلي ّ
    تمزق ُ كلّ شراعٍ لديّ
    ^^
    لأَنيّ جهلتُ دورب النفاق
    و أَهملت عند إِبتداءِ الطريق ْ
    سبيل التجارة بإِسم القيّم
    و كنت أناشيد أعلى القمم
    يُحاصرني كلّ يومٍ قزم ْ..
    لأَغدو شراعاً دون هوية
    لأَن ّ الكوابيس تغتال صوتي
    و أنّي أُنادي بدون صدى
    لأنيّ ...
    لكني رُغم َ كلّ إغترابي ..
    سأَبقى على مهرة من عذابي
    و أزرع من العمر ضوءَ الشباب
    و عند بداية كلّ إحتراق
    أَموت أنا و يظلُ الطريق !!
    ------------------------
    3
    ô¦¦§¦¦ô¤~ مذكرات ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    -------------------
    ـ المذكرة الأولى ـ
    قال لي يوماً صديق
    " قد تأكدت أخيراً دون ريّبة
    أًنّ ما من شاعر ٍ يولد إلاّ
    يوم مأساة غرام ... بعد خيبة !!
    و توقفت أمام القول حيرى
    أصحيحاً صار عمري اليوم عــ ؟؟ــام ..
    -------------------
    ـ المذّكرة الثانية ـ
    اليوم في حقيبتي مجموعة بريد
    رسائل أزهو بها ....
    بلونها ,,
    بخطها ,,
    بنوعها الفريد .
    فواحد بنيّة المراسلة
    وواحد يهوى هنا المغازلة ..
    و ثالث يحتال كي يراني
    لأنّه من همستي أصبح لا ينام !!
    -------------------
    ـ المذّكرة الثالثة ـ
    و ساءلني " القمر الأحمر "
    تراه يعودْ ؟
    و رددّت الطير عن الغروب ..
    بأًنّ هزار الربوع .... إختفى ....
    ----------------------
    - المذكرة الرابعة -
    الريح و الثلوج و الأمطار
    تعرّت الأشجار
    و إختفت الطيور و الأطفال
    لكنني سآتي يا حبيبي ..
    فحبك معطفي الوحيد ..

    المذكرّة الخامسة -
    قتلت مرتين
    هناك في المغارة ..
    لأنني رفضت أن اموت كلّ يوم
    في عشّ عنكبوت ..
    وشِئتَ أن أموت ..

    -المذكرة السادسة -
    " الكل أقسم أن ينام "
    يا أنت يا مدن المدافن قد سئمت من النيام
    فأنا أجوب بحيرتي كالطيف حيّ الميتين
    و إلى متى ؟!
    سأظلّ أبحث في إنتظار
    وجه يطلّ من النيام !!
    ----------------------
    4


    ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~ سفينتي ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    مازلتُ يا رفيقتي
    أُصارع المياه ,
    منهوكة سفينتي ..
    ـ لكنها ـ
    بقوة الإله
    ستقطع البحار
    و تهزم المؤامرة .
    أشرعتي ممزقة ..
    ليس لها جناح
    تسخر منها العاصفة
    تهزّها الرياح
    لأنها ـ أشرعة ـ
    نشيدها جراح !
    لأنها حديثة
    لا تعرف الكفاح !!
    ------------------------
    5
    ~¤ô¤~ بحارتي ~¤ô¤~
    على السطوح الباهتة
    يصارعون قوة الدوار
    و يقطعون أبحاراً
    ليس لها قرار
    و يبحثون
    في الدوب المقفرة عن جوهرة
    يضمها محار
    يسائلون أنجماً
    بعيدة المدار
    عن لؤلؤة
    أضاعها بحّار
    تهزّ كفّ بحرنا تغيّر الأقدار !!
    -------------------------------
    6


    ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~ االى الفارس الجبان ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    لو أنّني وقفت عند بابكم
    ألقيت وجهي القديم عن سمائي ..
    و دسته لأنه أصبح لا يليق
    لانّه من صدقه لم يعد له صديق
    و أنني مثل الألوف " الشاطرة "
    أصبح لي قناع ..
    لكنت شاعرة .
    لو أنني أحترف الخطابة
    ألقيت في محفلكم أطروحة النفاق
    صيّرتُ من أكواخكم لمعبدي قبابا ..
    و أرضكم سحاباً
    صيّرت من حصانكم
    ذاك الجبان فارساً في ساحة النفاق ..
    لو أنني قبلت أن أموت بالمجان
    مقابل إبتسامة رضيت أن أُهان
    لجئت كي أُدفنَ قبل موتي
    في مكتبٍ وأًدتُ فيه صوتي
    ------------------------
    7
    كلــمات ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    عجيبة هي الحياة بمنطقها المعاكس ..
    أنت تركض خلف الأشياء لاهثاً ؟، فتهرب الأشياء منك ..
    وما تكاد تجلس وتقنع نفسك بأنها لا تستحق كل هذا الركض ،
    حتى تأتيك هي لاهثة .
    وعندها لا تدري أيجب أن تدير لها ظهرك أم تفتح لها ذراعيك ، وتتلقى هذه الهبة التي رمتها السماء اليك ..،
    والتي قد تكون فيها سعادتك ...او هلاكك..؟؟
    8


    ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~ حتى أنت ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    و تبقى تناشدني كي أبوح
    لماذا بعينيّ يغفو الوجود .. !
    و ذاك الشرود..
    تراهُ إرتِعاشة حبّ كبير ؟
    و ينتحر اللحن في أَضلعي
    و ـ أبكي ـ
    و تبقى القوافي معي ..
    و أبقى أمامك دون دموع ..
    أُفتشُ عن فارسٍ ليس يأتي
    ***
    و يعصف بي الصمتُ في شفتيك ْ
    و ذاك البرود ..
    يمزّق ُ أعصابي المنهكة
    فيا أًسفي يا صديقتي الأًخير !
    ظللت بعيداً عن المعركة
    و لم تغف يوماً بجفن الضياع
    و لم تغتسل مرّة ًيا صديقي
    يطوفان نوح ..
    فما عسايَ أبوح ... ؟ ؟
    9


    ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~ الرسالة الثانية ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    لا حلم يا حبيب
    لا شمس مُذ رحلت َ لا سلام
    لا موعداً يزهو به الغمام
    لا قبلة يسرقها الحمام
    فكيف يا حبيب ..
    من بعد ما بذّرت في قلوبنا الهناء ..
    بَذّرتنا هباء !!
    سرقت من عيوننا الضياء
    و أنت في حياتنا أساور الربيع !
    ـ لكننّا ـ
    من يوم أَن ّ رحلت َ دون ماء
    نخاف يا ربيع
    نَخافُ إنّ نسيت َ نضيع ..













    [/frame]
    التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 18-04-2011, 18:00.

    تعليق

    • سليمى السرايري
      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
      • 08-01-2010
      • 13572

      #3


      مقتطفات من النت بعد البحث





      الشاعرة التونسية زبيدة بشير



      الشاعرة التونسية زبيدة بشير نموذج حي للمثقف التونسي
      * زبيدة بشير
      (تونس).
      * ولدت عام 1938 في ساقية سيدي يوسف - تونس.
      * لم تتلق تعليماً مدرسياً, بل ثقفت نفسها في البيت تثقيفاً ذاتياً, وتلقت توجيهات شعرية من الشاعر مصطفـى خريف.
      * عملت مذيعة, ومنتجة, ومنشطة إذاعية منذ عام 1958وحتى 1984, ثم تفرغت لأعمالها الأدبية.
      * ظهرت بداياتها الشعرية عام 1956بعد أن انتقلت مع أسرتها إلى العاصمة.
      * دواوينها الشعرية: حنين 1968.
      * فازت بالجائزة الأولى من إذاعة باريس العربية 1956, والجائزة الأولى من إذاعة تونس 1956.
      * ممن كتبوا عنها:
      محمد صالح الجابري في: "الشعر التونسي المعاصر"
      محمد مصمولي في "الفكر",
      بنت الشاطئ في "الأهرام,"
      رابح لطفـي جمعة في (الفكر)
      * عنوانها: الإذاعة التونسية - مدينة تونس.
      - زبيدة بشير صاحبة أول مجموعة شعرية في تونس
      ،وزبيدة حالة نادرة بين المثقفين التونسيين، فهي أول شاعرة تجرأت على نشر أول مجموعة شعرية في تونس بعنوان "حنين" سنة 1968، كما كانت الصوت النسائي الوحيد الذي يسمع وسط مجالس المثقفين من الرجال، فقد كانت تتمتع إلى جانب ثقافتها العالية وتميز تجربتها الشعرية بشخصية قوية وآراء رافضة للقيود الإجتماعية المكبلة للإبداع في الستينات
      زبيدة بشير، هي شاعرة والمذيعة أيضا ، شغلت الناس في ذلك الوقت وملأت أخبارها وصورها الصحف والمجلات، لكن المفاجأة الكبرى في حياتها والتي نقلها على لسانها الباحث محمد المّي، أنها لم تقصد يوما مؤسسة تعليمية للدراسة، ولم تجلس يوما في مقعد في مدرسة أو معهد ثانوي أو جامعة لأن والدها كان رجلا يرفض خروج بناته، وكي لا يحرمهن نعمة الدراسة والمعرفة هي وشقيقتها أحضر لهن أحد مشائخ العلم ليعلمهن الكتابة والقراءة وليلقنهن القرآن الكريم والعلم والمعرفة.
      بعد صدور مجموعتها الثانية "آلاء" حققت زبيدة بشير المزيد من الشهرة إلى جانب الريادة، لكنها فجأة إختفت من المشهد الثقافي والإعلامي برغبة من نفسها، وقررت عدم الظهور وإختارت العزلة، في المقابل تلاشى أصدقاء الشعر ومحبيه أمام أميرة الشعر ونسوها ولم يبق منها سوى "آلاء الحنين"، واكتفت هي بمتابعة أخبارهم من خلال الصحف والمجلات، أما لماذا ترفض الظهور فذلك هو السّر الدفين في قلب زبيدة بشير حتى وإن صرحت لبعض المقربين أنها قررت الإنسحاب حين تغيرت أخلاق المثقفين إذ لا شيء يجبرها على البقاء في الأجواء الموبوءة. لكن على حدّ علمنا أن المحبطات غزيرة في حياة الشاعرة الكبيرة زبيدة ...
      وكما يقول المثل :

      "كم مات قوم وما ماتت مكارهم وكم عاش قوم وهم في الناس أمواتا"،
      فحين أطلق مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف" سنة 1995 ، إسم زبيدة بشير على جائزة تمنح لأفضل عمل يتناول المرأة يتم الإعلان عنها يوم الإحتفال السنوي باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس من كل عام، لم تكن إدارة "الكريديف" تعلم أن الشاعرة على قيد الحياة.

      والشاعرة سمحت لهم باستغلال إسمها وجعله وليمة لهم، وظلّت محافظة على صمتها وعزلتها، وقد حضرت خلال مرات معدودات إلى مقر"الكريديف" لتقديم الجائزة التي تحمل إسمها للفائزة خلال الحفل الذي ينتظم سنويا وتشرف عليه وزيرة المرأة.
      تبلغ قيمة الجائزة كبيرة توزع خلال حفل باذخ ينظم على شرف الفائزات والمدعوين والمدعوات، لكن تبقى القيمة الأساسية للاسم الذي يفوز بإسم زبيدة بشير لانه سيكبر باسم هذه المرأة.
      ومنذ فترة قريبة تمكن الباحث محمد المّي من زيارة زبيدة بشير في بيتها لمدة ساعة كاملة، وأظنها ضربة حظ حالفته ، لأن هذه المرأة ترفض قطعيا الصحافة وتصر على الصمت.
      يبدو أن الشاعرة زبيدة بشير المتنازع عليها بين وزارتي الثقافة والمرأة، على إعتبار أنها حين خيرت الخروج من جلباب الثقافة طوعا خطفتها وزارة المرأة، والمرأة التونسية تحظى بمنزلة رفيعة جدا وحاضرة في كل المواقع، قد إنتهى مشوارها الشعري على الطريق الملتوية الرابطة بين وزارتي الثقافة والمرأة إنطلاقا من القصبة وصولا إلى شارع الحبيب بورقيبة مرورا بجامع الزيتونة وسوق بيع الحناء والعطور، لكن زبيدة ستظل قافية منغمة تسكن في بيت شعري صادق وأنيق .

      نهاية تجربة
      ***
      عندما كنت أحبّك
      لم اكن أعلم أنّ الحب وهم
      و خيال
      لم أقل يوما أحبّك
      غير أنّي كنت أحيا
      في ضلال
      ****
      عندما كنت أقول
      ينتهي العمر
      و حبّي لا يزول
      لم أكن أدرك معنى
      ما أقول
      كنت أفراحي و أنسي
      كنت اشراقة شمسي
      يا لنفسي
      كم تردّت في حماقات عميقة
      ارتضاها القلب
      مذ ظلّ طريقه
      غير أنّي اليوم
      أدركت الحقيقة
      ****
      مرّت اليّم بالحبّ الهوينا
      و اهتدينا
      وطوى النّسيان حبّا
      كاد أن يقضي علينا
      كم عبدتك
      و سهرت اللّيل بعدك
      و ظننت القلب ملكا
      لك وحدك
      لا و حقّك
      ****
      انّني أسخر من نفسي
      و من أمسي القريب
      عندما كنت حبيبي
      عندما كنت أظنّ الحبّ حقّا
      وخلودا
      وجمال
      فاذا الحبّ خيال
      في خيال
      كنت لي نعم العزاء
      عندما تجتاحني ريح الشّقاء
      و دوائي
      كلّما عزّ الدّواء
      و فؤادي
      ظامئ الأشواق
      مشبوب النّداء
      ****
      في سخافات الهوى
      ضيّعت عمري
      بالذّي أدريه من حبّي
      و ممّا لست أدري
      كادت الأوهام
      أن تفسد امري
      غير أنّي اليوم
      قد غيّرت سيري
      ****
      كان لي في حبّه
      ألف علامة
      كاعتقاد المؤمن الرّاسخ
      في يوم القيامة
      يالسخف العاشق الولهان
      ترضيه ابتسامة
      التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 28-08-2011, 16:57.
      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

      تعليق

      • يسري راغب
        أديب وكاتب
        • 22-07-2008
        • 6247

        #4
        [align=center]

        [frame="1 98"]
        الفنانة

        الاديبة
        الاعلامية
        الراقية سليمى
        كل التقدير لهذا الابداع



        وعن شعر الشاعرة زبيدة بشير يقول النقاد :
        تستعير الشاعرة زبيدة بشير من " زهرة النيلوفر " ذاتها الشعرية التي تبتت ونمت تلقائيا ، وهي المتشبعه بلغة القرآن ، والمتلقية للعلوم النقلية والعقلية ، فالشعر ينمو عبر اغتسال الذات عبر اللغة التي تنطوي على طاقات الخلق والإبداع والتجلي ، فزهرة النيلوفر من خلال التعريف لها المصاحب للقصيدة : " حسب الأسطورة الهندية نبتت تلقائيا في الماء العذب على أرض طيبة ، وطائر لطيف يتدانى منها عند مهبط الشمس ، فتضم عليه أوراقها ، وتغيب به في الماء ، فإذا أشرق الصبح طفت على وجه الماء وتفتحت أوراقها ، فينطلق الطائر " فالتلازم بين الزهرة والطائر في ماء الوجود هو الذي منح اللغة لحظاتها الانطولوجية ، بين طياتها ، وفي انتزاع هذا الظائر تفقد اللغة قدرتها على تجلي الكمون ... فثمة تلازم بين اللغة والروح ( الزهرة والطائر ) في حالات الطهارة الشعائرية ( الماء العذب ) ، و في غياب هذه الروح القادمة من الأعالي والتي تستكنهها الذات عبر الحلم الخلاق في سكون الليل ، وفي ماء الوجود ... فاللغة تفقد بدرها ونجومها وغيومها وبالتالي تفقد ضوءها ... ولكنها تأبى أن تعيش في هذا الدجى وهي تحن الى طائر الروح ، وبذلك تخرج الشاعرة في هذا الديوان من ترسبات الحنين للمعنى الغائب في ديوانها الأول ، وترنو نحو استدعاء ذلك الغائب وهي ترسم لوحة الذات الشعرية : لتبقى الزهرة تلك المرأة الشاعرة التي تونو لاكتمال بعدها الثاني عبر طائر المعرفة ...




        الزهــرة البيــضاء حــنت فاستطابت فيضها وحبورهـــــــا
        جاءتـك تـرفل في الضياء وملكتك فؤادها وسحرهـــــــــا
        فأخذت طير الــــحب منـها واختصرت عطاءها وسطورها
        ما خفت من غضب السماء ولا رعيت وفاءا وشعورهــــــــا
        لا تعتــذر فالــعذر لا يكـفي لفـــــــهم حزنــــها ودمـــــــوعها
        أطفأت في ليل كتب بدرها ونــــجــومـــها وغـــــــيـــومـــها
        لكنها ستظل شامخة تداري بالتـــرفــــع والابـــاء خضوعها



        تنتقل الشاعرة في قصيدة " نجمة " لتعمق حالات الوحشة والعتمة في لغة تسبح في الدجى وقد غادرت ماء الوجود ، لترى ظلالها وأوهامها ، والأبعاد المظلمة لهذه الكتلة الضوئية التائهة ، فهي تتساءل حين رفرف القلب ( هل هو الحلم أم خيال السراب ؟ ) ، ففي شعلة الذات يستحيل طيف الأخر الى طيف زائف ، فهو غائب ، واللغة تبصر هذا الغياب ( وإذا بالطيف وهم وزيف ) لتكشف لنا الشاعرة عن المسافة الطويلة التي تفصلها عن ذلك النور الغائب ، وهي بذلك توظف اللغة الفيزيائية في تعريفها للطيف الذي يفصل بين كوكب واخر ، سيما وإن كان هذا الطيف غير مرئي ... فتنحو إلى البحث عن ذلك الجانب في صورة طبيعية ، يكمن داخلها ، في قصيدة " الطلع النضيد " ، وهي تعطي تفسيرا لذلك الغلاف الذي ينطوي على مادة إخصاب النخلة ، وهي في تأملها للطلع النضيد بدت كمن ترى انبراء هذا الطيف في صورة مجسمة وملموسة ، وترى في هذا الاكتشاف الفردي لحظة مشتركة ، تستحق التوقف :




        قفوا جميــــعا ... قليل الحزن يجمعنا
        وومضة النــــــور مازالت بأيــــــــدينا
        لا تتركوها لشـجو اليأس تخمـــــــدها
        فلحظة الصفـــــــو من أغلى أمانينا



        ويختلف سبر الذات لعوالمها من الاستعارة والرمز الى الحقائق الواضحة ، لذلك تختلف قيمة قصائدها وهي تعبر عن حتمية بزوغ نور المعنى ، وقد بدا لنا في قصيدة " شروق " أنها تستعيض عن الرمز الى المعنى المباشر ، وإلى لغة العقل الذي يرى الظواهر واضحة ، ولغة العاطفة وهي تحمل رسالة النور ، ليستحيل المبدع الى نبي كما وصفته المدارس الرومنسية " الضوء الهادي للبشرية " ، وهي بذلك تقطع مسافة طويلة في سبرها لهذا الضوء الكامن في روح وقلب وجسد الشاعرة ، ينعكس في أكثر من صورة وأكثر من مشهد ، وهي ترسم لحظة التحول ، من العتمة الى الضوء ... مما يدل على التجدد وعلى حركة الذات تصارع الوهم ، وتكتب الحقائق عبر الصور المرئية ... والشمس التي تبقى مصدر الحركة والطاقة والجهد والضوء المنتشر ، تبقى من أكثر الاستعارات لنور الحقيقة سواء كانت مرئية أو روحية .




        ستشرق الشمس مهما امتدت الظلم
        وجرحنا في رحاب الأمن يلتئم
        فننشر النور في ذرات كوكبنا
        كأننا من ظلم الأمس ننتقم



        وتبزغ الشمس على غلاف الديوان المكتوب باللون الأصفر ، وتنشر أشعتها في فضاء الورقة حيث الظل الداكن ... فالصورة والظل يتلازمان ، والضوء والعتمة يتلازمان ، والحقيقة والوهم يتراءان ، ليشطر هذا الديوان صور الذات وهي تتحول من الظلام الى النور بعدما ودعت وهمها وكتبت أحرف حقيقتها الروحية بسبائك أشعة الشمس الساطعة .... وهي بذلك تشعرنا باهمية تجربتها الذاتية الخالصة في وأد الوهم الذي تستحق عليه الأجر ، فذلك نتاج جهد وتأمل :




        سانحا أو بارحا ماذا يهم ؟
        نحن أقوى من تباريح الألم
        إن وأدنا الوهم فالأجر لنا



        زبيدة بشير هذه المرأة المبدعة التي عادت الى الساحة الثقافية عودة لا ئقة ، هي أنموذج للمرأة التي كرسها إبداعها الذي ينطوي على تحقيق حلم اكتمال الكيان ، وشعرها ارهاصات لأزمنة تتعاقب لتنصهر في الزمن النفسي للشاعرة ، فالماضي والحاضر والمستقبل كلها أزمنة حافلة بالتطلع ، والفضاءات التي تتوزع بين الذات المبدعة وشعرها هي فضاءات للجهد والحركة النفسية ، تتأمل الفضاء الخارجي كمجال للبحث عن ابعاد الذات في الأطياف والصور


        أمسكت بالجمر في كفي فما احترقت
        مازال يسكنهم فضل به عرفوا
        وإن بدت في عيون الناس تحترق
        إن ساءهم حظهم يسمو به خلق
        لأن عنصرنا في البدء متحد
        الله هم - كم أضاءوا حولهم غسقا
        فالنار بالنور تزكو حين ينبثق
        كأنهم من شعاع الشمس قد خلقوا



        فراق.. زبيدة بشير





        إذ عبرنا بالهوى حد الجنون
        وأخيرا .....
        كان لابد لهذا أن يكون
        كان لابد من السير كلانا
        في طريق

        ثم يسعى ليرى في إلفه وجه الصديق
        وكأنا لم يكن يجمعنا حب عميق
        وليال لم نزل منها سكارى .. لانفيق
        آه كم أغرقنا فيض الخيال
        فاندفعنا خلف وهم كاذب
        صعب المنال
        كل مافيه جمال وانتظار للمحال
        إي سخف هذه الدنيا وأحلام الهوى
        أصحيح ان ماضينا بما فيه انطوى؟
        وشبابي ما ارتوى منه ولا قلبي ارتوى
        ليتني أُنسى ولكن ؟؟؟
        أي شئ فيك يُنسى
        نبل إحساسك أم طيبة قلبك؟
        أم سجاياك التي جلّت عن الوصف
        وما ألقى بقربك؟
        شاعري
        لابأس من هذا سنبقى أصدقاء
        دون أن يجمعنا درب اللقاء
        نحن روحان غريبان
        خُلقنا للشقاء
        فافترقنا
        أتُرى من أجل هذا
        قد خُلقنا ؟





        وتقبلي كامل مودتي وتقديري
        التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 09-05-2011, 19:40.

        تعليق

        • سليمى السرايري
          مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
          • 08-01-2010
          • 13572

          #5
          [frame="2 95"]
          مقتطفات من النت بعد البحث



          جائزة الكريدف لزبيدة بشير
          مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة
          (كريديف)


          يعلن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (كريديف)عن فتحه مسابقة الكتابات النسائية التونسية لإسناد "جائزة زبيدة بشير" لسنة 2010 وهي جائزة تمنح سنويا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) لأحسن إنتاج نسائي أدبي أو علمي تم نشره خلال هذه السنة وتشمل المسابقة الجوائز التالية :

          • جائزة الإبداع الأدبي باللغة العربية
          • جائزة الإبداع الأدبي باللغة الفرنسية
          • جائزة الدراسات العلمية باللغة العربية
          • جائزة الدراسات العلمية باللغة الفرنسية
          • جائزة الأطروحات باللغة الفرنسية
          • جائزة الأطروحات باللغة العربية
          • جائزة المرأة والإعلام تسند لإعلامي أو إعلامية أنجزت بحثا أو دراسة علمية حول صورة المرأة في الإعلام
          • جائزة خاصة بالبحث العلمي حول المرأة تسند لباحث أو باحثة أنجز دراسة أو عملا علميا متميزا يتعلق بقضايا المرأة التونسية والنوع الاجتماعي.
          • جائزة الكتابات النسائية التونسية في مجال العلوم الصحيحة لمعرفة مدى انخراط المرأة في مجتمع المعرفة والتحديث التكنولوجي ومساهمتها في إثراء الإنتاج البحثي العلمي تشجيعا لمزيد تفعيل دورها في اختصاصات دقيقة.
          وتسند "جائزة زبيدة بشير " في مجال العلوم الصحيحة لأفضل إنتاج نسائي نشر خلال سنة 2010 و 2011 في الاختصاصات التالية: الرياضيات/ الإعلامية / الفيزياء/ الكيمياء / علوم الحياة /علوم الأرض / الهندسة والعلوم التقنية .

          فعلى كل المهتمين من كاتبات وباحثات وباحثين تونسيين راغبين في المشاركة في هذه المسابقة تقديم كتاباتهم أو دراساتهم لسنة إلى مكتب ضبط الكريديف في أجل أقصاه يوم 10 فيفريمن كل سنة.

          [/frame]
          التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 28-08-2011, 16:58.
          لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

          تعليق

          • يسري راغب
            أديب وكاتب
            • 22-07-2008
            • 6247

            #6
            السمفونية الرمادية / د. سعاد الصباح
            -----------------
            1
            يا أحبابي:
            كان بوُدّي أن أُسْمِعَكُمْ
            هذي الليلةَ، شيئًا من أشعار الحُبّْ
            فالمرأةُ في كلِّ الأعمارِ،
            ومن كلِّ الأجناسِ،
            ومن كلِّ الألوانِ
            تدوخُ أمامَ كلام الحُبّْ
            كان بوُدّي أن أسْرَقَكُمْ بِضْعَ ثوانٍ
            من مملكةِ الرَمْلِ، إلى مملكةِ العُشْبْ
            يا أحبابي:
            كان بودّي أن أُسْمِعَكُمْ
            شيئًا من موسيقى القلبْ
            لكنَّا في عصرٍ عربيٍّ
            فيه توقَّفَ نَبْضُ القلبْ . . .
            ***
            يا أحبابي:
            كيف بوُسْعي؟
            أن أتجاهلَ هذا الوطَنَ الواقعَ في أنيابِ الرُعْبْ؟
            كيف بوُسْعي؟
            أن أتجاوزَ هذا الإفلاسَ الروحيَّ
            وهذا الإحباطَ القوميَّ
            وهذا القَحْطَ . . وهذا الجَدْبْ.
            ***
            يا أحبابي:
            كان بودّي أن أُدخِلَكُمْ زَمَنَ الشّعِرْ
            لكَّن العالمَ - واأَسَفَاه - تَحوَّلَ وحشا مجنوناً
            يَفْتَرِسُ الشّعرْ..
            يا أحبابي:
            أرجو أن أتعلَّمَ منكمْ
            كيف يُغنّي للحرية مَنْ هُوَ في أعماقِ البئرْ
            أرجُو أن أتعلَّم منكُمْ
            كيفَ الوردةُ تنمُو من أَشْجَارِ القهرْ
            أرجو أن أتعلّم منكمْ
            كيف يقول الشاعرُ شِعْرًا
            وهوَ يُقلَّبُ مثلَ الفَرْخَةِ فوقَ الجمرة . .
            ***
            لا هذا عصرُ الشِعْرِ، ولا عصرُ الشُعَراءْ
            هل يَنْبُتُ قمحٌ من جَسَد الفقراءْ؟
            هل يَنْبُتُ وردٌ من مِشْنَقَةٍ؟
            أم هل تَطْلَعُ من أحداقِ الموتى أزهارٌ حمراءْ؟
            هل تَطْلَعُ من تاريخ القَتلِ قصيدةُ شعرٍ
            أم هل تخرُجُ من ذاكرةِ المَعْدنِ يومًا قطرةُ ماءْ
            تتشابهُ كالرُّزِ الصينيِّ . . تقاطيعُ القَتَلَهْ
            مقتولٌ يبكي مقتولاً
            جُمجُمةٌ تَرْثي جُمجُمةً
            وحذاءٌ يُدفَنُ قُرْبَ حذاءْ
            لا أحدٌ يعرِفُ شيئاً عن قبر الحلاّجِ
            فنِصْف القَتلى في تاريخِ الفِكْرِ،
            بلا أسماءْ . . .
            2
            نبذة حول الشاعرة : سعاد الصباح
            -----------------------
            ولدت الدكتورة سعاد محمد الصباح في الكويت عام 1942
            - حاصلة على بكالوريوس اقتصاد من جامعة القاهرة، ودكتوراه اقتصاد من جامعة ساري جلفورد 1981.
            - تشارك في العديد من الهيئات والمنظمات العربية والدولية ومنها :-
            عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة حقوق الإنسان، ومجلس الأمناء لمنتدى الفكر العربي، وجمعية الصحفيين الكويتية، ورئيسة شرف جمعية بيادر السلام النسائية.
            - تهتم بقضايا حرية الرأي وحقوق الإنسان.
            - أسست دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع.
            - رصدت جملة من الجوائز باسمها واسم الشيخ عبد الله المبارك الصباح لتشجيع الإبداع الفكري والعلمي والأدبي. من مؤلفاتها :
            "التخطيط والتنمية في الاقتصاد الكويتي" و"دور المرأة"
            و"أضواء على الاقتصاد الكويتي" صقر الخليج عبد الله المبارك الصباح – كتاب توثيقي تاريخي صدر عام 1995م
            هل تسمحون لي أن أحب وطني ( مجموعة مقالات) صدرت عام 1990م، القاهرة، الطبعة الثانية 1992م القاهرة. وغيرها.
            دواوينها الشعرية:
            ديوان "من عمري" صدر عام 1964م.
            ديوان "أمنية "صدر عام 1971م القاهرة. الطبعة الثانية الكويت دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع 1989 "إليك يا ولدي" صدر عام 1982م دار المعارف القاهرة (أربع طبعات)
            "فتافيت امرأة "صدر عام 1986م، الكويت 1989م،القاهرة 1992م.
            "في البدء كانت الأنثى "صدر عام 1988م لندن، القاهرة 1992م.
            "حوار الورد والبنادق" صدر عام 1989م لندن.
            "برقيات عاجلة إلى وطني" صدر عام 1990م القاهرة، الكويت 1992م.
            " آخر السيوف "صدر عام 1991م.
            "قصائد حب " صدر عام 1992م.
            "امرأة بلا سواحل" صدر عام 1994م.
            --------------------
            3
            العالم أنت
            --------
            خذ الخريطة..
            ورتبها كما تشاء
            فالقارات أنت
            والبحار أنت
            وأنا أنت..
            من اسمك تبدأ جغرافية المكان
            ومن عينيك تأخذ البحار ألوانها
            ومن ثغرك يولد الليل والنهار
            ومن إيقاعات صوتك
            ومن شرايين يديك
            أولد أنا...
            يطاردني حبك...
            كسمكة قرش لا تشبع
            يطاردني فوق الماء, وتحت الماء
            يختار نقاط الضعف في أنوثتي
            ويضربني بلا هواده
            على وجهي يضربني..
            على صدري يضربني..
            على ظهري يضربني..
            على أصابعي يضربني..
            حتى يصبغ دمي
            جميع المحيطات باللون الأحمر
            -------------------
            4
            القصيدة السّودَاء
            ***
            كم غيَّرتني الحربُ..ياصديقي
            كم غيَّرتْ طبيعتي
            وغيَّرت أنوثتي
            وبعثرت في داخلي الأشياءْ
            فلا الحوارُ ممكنٌ
            ولاالصراخُ مُمكنٌ
            ولا الجنونُ ممكنٌ
            فنحن محبوسانِ ِ في قارورةِ البكاءْ...
            ***
            قد كسرتني الحربُ ياصديقي
            ولخبطتْ خرائط الوجدان
            وحطَّمتْ بوصلة القلب،
            فلا زَرْعٌ..
            ولا ضَرْعٌ..
            ولاعُشبٌ..
            ولا ماءٌ..
            ولا دفءٌ..
            ولاحنانْ..
            قد شوَّهتني الحرب ُ ياصديقي
            والحربُ كم تُشَوِّهُ الإنسانْ..
            فها هناك فرصة ٌ أخرى..لكي تُحِبَّتي؟
            وليس في عينيَّ إلا مَطَرُ الأحزان...
            ***
            ياسيَّدي:
            ماعدتُ بعد الحربِ..أدري منْ أنا؟..
            أقِطَّة ٌجريحة ٌ؟
            أم نجمة ٌ ضائعة ٌ؟
            أم دمعة ٌ خرساءْ؟
            أم مركبٌ مِنْ ورق ٍ
            تَمْضُغُهُ الأنواءْ؟
            أين تُرَى سنلتقي؟
            وبيننا مدائن محروقة ٌ
            وأمَّة ٌ مسحوقة ٌ..
            وبيننا داحِسُ والغَبْراءْ...
            فهل هناك فرصة ٌ أخرى
            لكيْ تُحبنَّي..
            من بعد ما حوَّلني الحزنُ إلى أجزاءْ..
            قد سرقنني الحربُ مِنْ طفولتي
            واغتالتْ ابتسامتي..
            ومزَّقتْ براءتي
            واقتلعتُ أشجاريَ الخضراءْ...
            فلا أنا بقيتُ من فصيلةِ النساءْ..
            فمن ترى يُقنِعُني؟
            أنَّ السماءَ ام تَزََِلْ زرقاءْ؟
            وأنّنا..
            في زمن ِ التلوُّث الروحيِّ..
            والفكريّ..
            والقوميِّ..
            يمكن أن تظلَّ أصدقاءْ؟؟
            ***
            ياسيِّدي:
            لستُ أنا جزبرةً السَّلاَمْ
            ولاأنا الأنثى التي كان على أجْفانها
            يستوطِنُ الحَمَامْ..
            ولا أنا..
            نافورةْ الماء..
            وسيمفونيَّةُ الرُّخامْ...
            ياسيِّدي:
            قد يَسَ العُشْبُ على شفاهِنَا
            وانكسَرَ الكلامْ..
            فكيف نسترجعُ أيامَ الهوى؟
            ونحنُ مدفونانِ..
            تحت الوحل ِ والرُّكُامْ...
            ***
            ياسيِّدي:
            أنا التي غيرُ التي تعرفُها
            ذاكرتي مثوبةٌ
            فلا التَّواريخُ على جدارنها باقية ٌ
            ولا العناوينُ...
            ولا الوجوهُ..
            والأسماءْ..
            أين ترى نذهبُ ، ياصديقي؟.
            وما هناكَ بوصة ٌ واحدة ٌ نملكُها
            في عالم ِ الارض ِ ،
            ولا في عالم ِ السّماءْ...
            وماالذي نفعلُ في بلادِ؟
            يَصْطَفُّ فيها الناسُ بالطابور ِ..
            كي يَسْتَنشِقُوا الهواءْ!!
            ***
            ياسيِّدي:
            لكم ْ أنا أشعُرُ بالإحباطِ،
            والدُّواءِ..
            والإعياءْ..
            فلا تؤاخذني على كآبتي
            إذا قراتَ هذه القصيدةَ السَّوْداءْ...
            -----------------
            5
            آهة

            قلبي تميمة حزنٍ
            مقرونةٌ بالسواد
            ونظرتي بنت يأسٍ
            وبسمتي من حداد
            وناظراي ضفافٌ
            يرسو عليها سهادي
            وزورقي ليس يرسو
            فكل يوم بوادي
            أواه لو ذقت مثلي
            عذاب لهالك أني
            أعيش والدمع زادي
            بحرقةٍ في عيوني
            وخنجرٍ في فؤادي
            فإن رأيت ابتسامي
            فالنار تحت الرماد
            وكل آهة ليلٍ
            تذيب قلب الجماد
            6
            أم الشهيد
            رأيتها ملتفةً بالسواد
            في وجهها ملحمة من حداد
            مقروحة الجفن على فلذة
            من كبدها الحرى طواها الرماد
            تشكو تخلع قلب الجماد
            في ليلة العيد تهاوى ابنها
            مستشهداً في غمرات الجهاد
            ولم تزل نجواه في سمعها
            ولم تزل صورته في الفؤاد
            ---
            سألتها عنه فقالت: فتى
            ملتهب العزم, كريمٌ, جواد
            لما دعا للثار داعي الحمى
            وهبته لله... رب العباد
            فراح ملهوفاً على حقه
            مؤرق النوم, عنيد الوساد
            يطهر الأرض من المعتدي
            ويفتدي بالروح حق البلاد
            ---
            هب مع الأبطال في جمعهم
            يهتف بالعودة في كل واد
            وخر في الساحة مستشهداً
            يردد الصيحة بين الوهاد:
            لا تتركوا السيف على غمده
            فتارك السيف عدو الرشاد
            وقبلوا المدفع يثأر لكم
            و لا تبالوا بالليالي الشداد
            ----------
            7
            قصيدة حبّ إلى سيف عراقي
            ---------------

            أنا امرأة قررت أن تحب العراق

            وأن تتزوج منه أمام عيون القبيلة

            فمنذ الطفولة كنت أكحل عيني بليل العراق

            وكنت احني يدي بطين العراق

            واترك شعري طويلا ليشبه نخل العراق

            أنا امرأة لا تشابه أي امرأة

            أنا البحر والشمس واللؤلؤة

            مزاجي أن أتزوج سيفا

            وان أتزوج مليون نخلة

            وان أتزوج مليون دجلة

            مزاجي أن أتزوج يوما

            صهيل الخيول الجميلة

            فكيف أقيم علاقة حب

            إذا لم تعمد بماء البطولة

            وكيف تحب النساء رجالا بغير رجولة

            أنا امرأة لا أزيف نفسي

            وان مسني الحب يوما فلست أجامل

            أنا امرأة من جنوب العراق

            فبين عيوني تنام حضارات بابل

            وفوق جبيني تمر شعوب وتمضي قبائل

            فحينا أنا لوحة سومرية

            وحينا أنا كرمة بابلية

            وطورا أنا راية عربية

            وليلة عرسي هي القادسية

            زواجي جرى تحت ظل السيوف وضؤ المشاعل

            ومهري كان حصانا جميلا وخمس سنابل

            وماذا تريد النساء من الحب إلا

            قصيدة شعر ووقفة عز

            وسيفا يقاتل

            وماذا تريد النساء من المجد

            أكثر من أن يكن بريقا جميلا

            بعيني مناضل

            *
            سلام على ذكرياتي بشط العرب

            سلام على طائر الماء يرقص بين القصب

            سلام على الشمس تسقط فوق مياه الخليج

            كاسوارة من ذهب

            سلام عليه أبي وهو يهدي إلي بعيدي

            كتاب أدب

            سلام على وجه أمي الصبوح كوجه القمر

            سلام على نخلة الدار تطرح أشهى الثمر

            سلام على قهقهات الرعود

            سلام على قطرات المطر

            سلام على شهقات الصواري

            وحزن المراكب قبل السفر

            **
            عراق عراق

            إذا ما ذكرتك أورق في شفتي الشجر

            فكيف سألغي شعوري ؟

            وحبك مثل القضاء ومثل القدر

            **
            أنا امرأة قررت أن تحب العراق

            لماذا العراق ؟

            لماذا الهوى كله للعراق ؟

            لماذا جميع القصائد تذهب فدوى لوجه العراق ؟

            لان الصباح هنا لا يشابه أي صباح

            لان الجراح هنا لا تشابه شكل الجراح

            لان عيون النساء تخبيء خلف السواد السلاح

            لماذا العراق ؟

            لماذا تفيض دموع المحبين حين يفيض الفرات ؟

            لماذا شناشيل بغداد تختزن الكحل والذكريات ؟

            لماذا المقام العراقي يدخل في قلبنا من جميع الجهات ؟

            **
            لماذا تقاتل بغداد عن أرضنا بالوكالة

            وتحرس أبوابنا بالوكالة

            لماذا يموت العراقي حتى يؤدي الرسالة

            وأهل الصحارى

            سكارى وما هم بسكارى

            يحبون قنص الطيور

            ولحم الغزال ولحم الحبارى

            لماذا يموت العراقي والآخرون

            يغنون هندا ويستعطفون نوارا؟

            لماذا يموت العراقي والتافهون

            يهيمون كالحشرات مساء ويضطجعون نهارا ؟

            لماذا يموت العراقي والمترفون

            بحانات باريس يستنطقون الديارا؟

            ولولا العراق لكانوا عبيدا

            ولولا العراق لكانوا غبارا

            *
            لماذا أحب العراق لماذا

            ايا ليتني قد ملكت الخيارا

            الم تك بغداد درع العروبة

            وكانت أمام المغول جدار؟



            تعليق

            • يسري راغب
              أديب وكاتب
              • 22-07-2008
              • 6247

              #7
              فدوى طوقان .. أنشودة للحب
              --------------------------------
              هي فدوى طوقان بنت المرحوم عبد الفتاح طوقان وشقيقة الشاعر المرحوم إبراهيم طوقان . ولدت في مدينة نابلس بين عامي 1919-1920 في فصل الشتاء . تلقت دراستها في نابلس ، ولم تتح لها الظروف إتمام تعليمها الجامعي في الخارج فأكبت تسد هذا النقص بالدراسة الشخصية ، وكان ابراهيم طوقان شقيقها ، يتعدها بعنايته بالإضافة إلى دروس خاصة في اللغة الإنجليزية التي ما انفكت تطالع آثارها بجد واستمرار.
              تعرفت الى عالم الشعر عن طريق أخيها الشاعر ابراهيم طوقان.- عالج شعرها الموضوعات الشخصية والجماعية، وهي من أوائل الشعراء الذين عملوا على تجسيد العواطف في شعرهم وقد وضعت بذلك اساسيات قوية للتجارب الانثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على المجتمع. تحوّلت من كتابة الشعر الرومانسي بالأوزان التقليدية، الذي برعت فيه، إلى الشعر الحر في بدايات حركته، وعالج شعرها عدداً كبيراً من الموضوعات الشخصية والجماعية.
              فدوى طوقان من أوائل الشعراء الذين عملوا على تجسيد العواطف الصادقة في شعرهم، وقد وضعت بذلك أساسات قوية للتجارب الأنثوية في الحب أو الثورة واحتجاج المرأة على المجتمع. بعد سقوط بلدها في براثن الاحتلال الصهيوني هيمنت على شعرها موضوعات المقاومة
              ------------------
              2


              أنشودةٌ للحبِّ


              كان وراء البنت الطفلةِ


              عشرةُ أعوامْ

              حين دعته بصوتٍ مخنوقٍ بالدمعِ:

              حنانك خذني

              كن لي أنت الأبَ

              كن لي الأمّ

              وكن لي الأهلْ

              وحدي أنا

              لا شيء أنا

              أنا ظلّ

              وحدي في كون مهجور

              فيه الحبُّ تجمّدْ

              فيه الحسُّ تبلّدْ

              وأنا الطفلةُ تصبو للحبِّ وتهفو

              للفرحِ الطفْليِّ الساذجْ

              للنطّ على الحبلِ

              وللغوصِ بماءِ البركةِ

              للّهو مع الأطفالْ

              لتسلّق أشجارِ الدارْ

              القمعُ يعذبني

              والسطوة ترهبني

              والجسم سقيمٌ منهار

              أرفعُ وجهي نحو سماءِ الليلْ

              أهتفُ

              أرجُو

              أتوسّل:

              ظلّلني تحت جناحيكَ

              أغثني

              خذني من عشرة أعوامِي

              من ظلمةِ أيامي خذنِي

              وسّعْ لي حضنَك دَعْني

              أتوسَّدُ صدرَك امنحني

              أمنًا وسلام

              يا بلسمَ جرحِ المطحونينْ

              وخلاص المنبوذين المحرومينْ

              خذني!

              خذني!
              ----------------------
              3

              يجري نهرُ الأيام يمرُّ العامُ

              وراءَ العامِ وراءَ العامِ

              الطفلةُ تكبَرُ والأنثى

              وردةُ بستانْ

              تتفتّح والأطيارُ تطوفْ

              وتحوم رفوفًا حول الوردةِ

              بعد رفوفْ

              الزّمنُ الصعْبُ يصالحها

              ومجالي الكوْن تضاحكها

              والحبُّ يفيضُ عليها

              من كلّ جهات الدنيا

              ويطوّقها بتمائمه

              ويباركها بشعائِرِه

              ويساقيها من كوثرِهِ

              ما أحلى الحبّ وما أبهاه!

              الأنثى الوردةُ بعد سُراها

              وتخبّطها في ليلِ متاههْ

              تتربَّعُ في ملكوتِ الحبّْ

              تصير إلههْ

              هالاتُ النورِ تتوّجُها

              وتلاطفها قُبَلُ الأنسامْ

              ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!

              فيه الليلُ سماءٌ تَهْمِي

              تُمطر موسيقى وقصائدْ

              وقناديلُ الكلماتِ تصبُّ

              الضوءَ على أملٍ واعدْ

              ما أحلى الحبّْ!

              تتفتح فيه عيون القلبْ

              ما أحلاه حين يمسُّ شغافَ القلبِ
              فيبصرُ ما لا يبصرهُ العقلُ ويدرِكُ
              ما لا يدركه الفكرُ ويسبرُ ما لا
              تبلغُهُ الأفهامْ
              ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
              كونٌ مكتملٌ ومعافى
              لم يتشظَّ ولم يتمزَّقْ
              يتناسق فيه العمرُ ويمسي
              إيقاعًا كونيّ الأنغامْ
              تتماهى فيهِ (أنا) مع (أنتْ)
              تزهو بحوارٍ موصولٍ
              حتى في الصمتْ
              ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
              يحيا بين يديْه رميمْ
              تندى أرضٌ, تحضرُّ عظامْ
              فيه الزمنُ المسحورُ يقاسُ
              بدقّاتِ القلبِ المبهورْ
              لا بالسَّاعاتِ يُقاس ولا
              بتوالي الأشهرِ والأعوامْ
              ما أحلى الحبّْ!
              -----------

              4
              إلى صورة


              (( لاتتكلم ، إن التفسير يقلل من طرافة الموضوع ! ))

              اذهبي ، واعبري الصحارى إليه

              فإذا ما احتواك بين يديه

              ولمحت الأشواق في مقلتيه

              مائجــــات أشعةً وظلالا

              مفعمات ضراعــةً وابتهالا

              فإذا الليل سفّ منه الجناح

              ومضت في انسراحها الأرواح

              تتلاقى على مهاد الأثير

              عبر آفاق عالم مسحور اللاشعور

              عالم الحلم ، مسبح اللاشعور

              فاسبقني أنت كل حلم إليه
              واستقرّي هناك في جفنيه
              عانقي روحه ، ورفّي عليه
              انشديه شعري وغنّي لحوني
              في هواه ،
              بثّيه كلّ شجوني
              صورّي لهفتي له وحنيني
              حدّثيه . . حتى يلوح الصباح
              فاذا قبّل النى عينيه
              وصحا ، لم يجد هناك لديه
              غير (( لا شيء)) ماثلاً في يديه
              وارجعي أنت صورةً بكماء
              وجهها خامدٌ بلا تعبير
              ميّت القلب والهوى والشعور !.
              هكذا وليظل حبّي سرا
              غامضاً ،
              إن للغموض لسحرا
              آسراً ، يجذب النفوس اليه
              حيث تبقى مشدودة في يديه
              ليس تقوي على الفكاك
              فكوني
              أنت مثلي لديه عمقاً وغورا
              هكذا ، وليظلّ نهب الظنون
              تائها بين شكه واليقين!.
              أنت روح طائر . . يشدو على كل الغصون . .
              يرتوي من خمرة الحب ، ومن نبع الفتون
              وأنا روح سجين قصّت الدنيا جناحي
              نغمي ينبيك عني ، عن مدى عمق جراحي !
              رحمة يا شاعري ، وانظر الى اصداء روحي
              إنها في شعري الباكي استغاثات ذبيح!
              إنها يا شاعري أنات مظلوم طريد
              إنها غصّات مخنوق بأطواق الحديد
              كلّما ضمّك حضن الليل في صمت وحزن
              ومضى قلبك حيران الهوى يسأل عني . .
              أرهف السمع ، تجد روحي مجروح النداء .
              ضارعاً في ألمٍ:
              رحماك لا تظلم وفائي!
              ----------------------

              5
              إلى الوجه الذي ضاع في التيه
              إلى .. J
              --------
              بشذى الذكرى وباقات الهوى
              بين قلبي ورفاه الحبِّ صحراءُ -
              حبالُ القيظ فيها تلتوي -
              تلتف من حولي أفاعي
              تخنق الزهر تفحُّ السمَّ فيه
              واللّظى
              لا تقل لي اذكريني
              لا تقل لي
              عتّمتْ ذاكرة الحبّ وغامتْ
              صور الأحلام، والحبُّ شبحٌ
              ضائعٌ يقصيه ليل التيه عن -
              عيني وقلبي.
              نحرَ الليل القمر
              يا رفيقي نحرَ الليل القمر
              أنت لو حدَّقت في مرآة قلبي
              لم تجد فيها مقر

              ----------

              6
              لسوى الوجه الذي هشّمه الليلُ -
              يغطِّي كلَّ قلبي
              وجهها الحلو المشوَّه
              آه ما أغْلاهُ حلواً ومشوَّه
              يا عذاباً يتنامى
              يتنامى كل يومٍ
              يا جراحاً تتأوَّه !
              كيف دارت هذه الدنيا بنا؟
              كيف كنّا ؟
              حبّنا كان وليداً ، هل نما
              وسط الهول وفي قلب الخطر ؟
              وطني كانت تغطيه مياه الليل ، كان
              قلبه الصامت في ليل الهزيمه
              ذاهلاً أسيان ؛ كان الدم في -
              الجدران باقات ورود
              كنت أهذي :
              افتحي صدرك يا أرض الجدودِ
              افتحي صدر الأمومه
              واحضنيها فالقرابين غوالي
              القرابين غوالي
              .....
              .....

              7
              كان وحش الغاب يحسو الخمر في

              حان الجريمه

              ورياحُ الشؤم تعوي

              في الجهات الأربعِ

              يومها كان معي

              يومها ما كنت في الهول أعي

              (أم تُرى كنت أعي ؟) أَنَّ الغدا

              سوف يقصيه وأنّا

              بعده لن نتلاقى أبداً

              ولقد نبسم أحياناً لكيما

              نخدع الحزن فلا نبكي، وأهذي :

              "آه يا حبي الغريب

              آه يا حبي لماذا ؟

              وطني أصبح باباً لسقر ؟

              ولماذا شجر التفاح صار اليومَ -

              زقّوماً ، لماذا

              لم يعد ضوْءُ القمر

              مستحمّاً لبساتين الزهر؟

              كان قومي يزرعون الأرضَ يحيونَ -

              يحبُّون الحياه

              يأكلون الخبز والزيت بحبٍّ وفرحْ

              كانت الأثمار والأزهار في كل الفصول

              تفرش الأرض بأقواس قزح

              أتُرى ترجع تعطي من هداياها الفصول

              لبلادي ولقومي ؟

              أترى ترجع تعطي ؟ "

              كنت أهذي، أتهاوى كذبيحه

              وأرى الهوَّة تدعوني ولكنَّ التصاقي -

              بذراعه

              كان يحميني ، فأرتدُّ لأحيا

              ولأقوى

              .......

              الأٍى يهطل، ليل القدس صمتٌ

              وقتام

              حظروا التجوال، لا تُطرق في

              قلب المدينة

              غير دقّاتِ النّعال الدمويّة

              تحتها تنكمش القدس كعذراٍ سبيّه

              وعلى السّاحة طائر

              خرق السهم جبينه

              وعلى الأرض دخانٌ وحطام

              .....

              شرفة المبنى، وطيفان يطلاَّن على -

              ليل المدينة

              كان في الركن حقيبه

              وثياب وادّ كاراتٌ من الأرض الحبيبه

              كانت الرزقةُ في عينيه تمتدّ -

              بحيراتٍ حزينه

              والأسى يطفح من شطآنها ملحاً

              وماء

              كانت القدس هواه، حبّه الصّوفيَّ كانت

              ويقينه

              وأنا أهذي وأهذي :

              "آه يا حبي لماذا

              هجر الله بلادي ؟ ولماذا

              حبس النور ، تخلّى عن بلادي

              لبحار الظلمات ؟!"

              وأرى العالم تنّيناً خرافيّاً

              على باب بلادي

              وأنادي : "يا حبيبي

              من يفك اللّغز من يكشفُ

              سرَّ الكلمات ؟ "

              آه: عشرون قمر

              مرَّ عشرون قمر

              وحياتي تستمر

              وغيابك

              كحياتي يستمرُّ

              ومعي ذاكرةٌ واحدةلإ : وجه بلادي

              وجهها الحلو يغطّي كل قلبي

              ......

              وحياتي تستمرُّ

              وتلفُّ الريح أيامي على الدرب العصي

              مع شعبي، ويلاقينا على حافاتِهِ -

              صخرٌ وأشواكٌ وصَلْبُ

              وحياتي مع شعبي تستمرُّ

              ووراء النهر غابات الرماحِ السمرِ -

              تهتز وتربو

              وهدير العاصفه

              يكشف اللغز ويعطي العالمَ التنّينَ -

              سرَّ الكلمات

              وهبوبٌ ودويْ

              ولهيبٌ وشرر

              يلفح السّارين في الدرب العصىْ

              والأضاحي زُمرٌ إثر زُمرْ

              في عناقٍ واحدٍ تهوي وموت أخويّ

              ويظل الليل - ما طال - يلد

              أنجماً تقفو خطاها في الدروبِ -

              السود أنجم

              وبلادي كوز رمّانٍ يفور الدمُ -

              فيه ويغمغم

              وحياتي تستمرُّ

              وحياتي تستمرُّ

              وحياتي تستمرْ

              وحياتي تستمرُّ

              وحياتي تستمرْ


              -------------
              8


              كفاني أظل بحضنها
              كفاني أموت على أرضها
              وأدفن فيها
              وتحت ثراها أذوب وأفنى
              وأبعث عشباً على أرضها
              وأبعث زهره
              تعيث بها كف طفلٍ نمته بلادي
              كفاني أظل بحضن بلادي
              تراباً
              وعشباً
              وزهره


              التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-05-2011, 18:47.

              تعليق

              يعمل...
              X