في المدرسة علمونا بأن الذي لا يصلي جماعة في المسجد فهو : منافق !
أبي كان واحد منهم ..
و بأن شارب الدخان : فاسق !
أخي محمد كان واحدا منهم
و بأن المسبل لـ ثوبه : اقتطع لنفسه قطعه من نار !
أخي طارق كان واحدا منهم ..
و بأن وجه أمي الجميل : فتنة !
لكن لا أحد يشبه أمي !
...و بأن اختي مريم التي تطرب لـ عبدالحليم : مصبوب الحديد المذاب في أذنها لا محالة ! لقد فاتني أن أقول لهم بأنها أيضاً تحبه ، فهل ستحشر معه ؟
أظنهم سيحكمون بذلك ..
و بأن جامعتي المختلطة وكراً للدعارة !
رغم أنها علمتني أشرف مهنة و هي الطب !
و بأني أنا ، الساكتة عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر : شريكة في الإثم و العقاب !
و بأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفلة عيد ميلادها : صديقة سوء !
و بأن خادمتنا المسيحية : نجسة !
و زميلتي الشيعية : أكثر خبثاً من اليهود !
و بأن خالي المثقف : علماني !
لكني اكتشفت بأن أبي أطيب مخلوق في العالم ، كان يقبلني كل ليلة قبل أن أنام ، و يترك لي مبلغاً من المال كلما سافر من أجل عمله .
اخي محمد و طارق كانا أيضاً أكبر مما تصورته عنهما .
محمد يرأس جمعية خيرية في إحدى جامعات استراليا.
و طارق يعمل متطوعاً في مركز أيتام المدينة كـ مدرب للكارتيه .
أما أختي التي تصغرني بأربع سنوات بعد وفاة أمي حرمت نفسها الزواج من أجلنا .
أمي ؟ يكفي أنها تلتحف التراب و أبي راض عنها !
جامعتي المختلطه ؟ كونت لي أسرة سعيدة بـ زواجي من رئيس قسم الجراحة .
و من خلالها ربيت أطفاله الثلاثة بعد فقد والدتهم .
أما كيف اقضي وقت فراغي ؟ فكانت صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي ،
لقد تعلمنا سوياً كيف نغزل الكنزات الصوفية ، و ندهن العلب الفارغة لـ بيعها في مزاد لصالح الأسر المحتاجة .
أختي مريم أيضاً كانت تدير هذا البزار السنوي .
ماذا عن خادمتنا ؟ أنا لا أتذكر منها سوى دموعها الرقراقة، يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمني و أخوتي بعد أن أصيبت هي ببعض الحروق ..
زميلتي الشيعيه ؟
هي من أسعفتني أثناء رحلة لحديقة الحيوانات .
يومها سقطت في بركة قذرة للبط ، فلحقت بي و كُسرت ذراعها في الوحل من أجلي .
عمي؟ هو من بنى مسجدا و سماه باسم جدتي .
و أنا ؟
لا أزال أسأل: لماذا يعلمونا أن نكره الآخرين ؟
الشمس و الظلام كلاهما لا يحتاجان إلى دليل قطعي لثبوتهما !
بلقيس الملحم
شاعرة و كاتبة سعودية
أبي كان واحد منهم ..
و بأن شارب الدخان : فاسق !
أخي محمد كان واحدا منهم
و بأن المسبل لـ ثوبه : اقتطع لنفسه قطعه من نار !
أخي طارق كان واحدا منهم ..
و بأن وجه أمي الجميل : فتنة !
لكن لا أحد يشبه أمي !
...و بأن اختي مريم التي تطرب لـ عبدالحليم : مصبوب الحديد المذاب في أذنها لا محالة ! لقد فاتني أن أقول لهم بأنها أيضاً تحبه ، فهل ستحشر معه ؟
أظنهم سيحكمون بذلك ..
و بأن جامعتي المختلطة وكراً للدعارة !
رغم أنها علمتني أشرف مهنة و هي الطب !
و بأني أنا ، الساكتة عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر : شريكة في الإثم و العقاب !
و بأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفلة عيد ميلادها : صديقة سوء !
و بأن خادمتنا المسيحية : نجسة !
و زميلتي الشيعية : أكثر خبثاً من اليهود !
و بأن خالي المثقف : علماني !
لكني اكتشفت بأن أبي أطيب مخلوق في العالم ، كان يقبلني كل ليلة قبل أن أنام ، و يترك لي مبلغاً من المال كلما سافر من أجل عمله .
اخي محمد و طارق كانا أيضاً أكبر مما تصورته عنهما .
محمد يرأس جمعية خيرية في إحدى جامعات استراليا.
و طارق يعمل متطوعاً في مركز أيتام المدينة كـ مدرب للكارتيه .
أما أختي التي تصغرني بأربع سنوات بعد وفاة أمي حرمت نفسها الزواج من أجلنا .
أمي ؟ يكفي أنها تلتحف التراب و أبي راض عنها !
جامعتي المختلطه ؟ كونت لي أسرة سعيدة بـ زواجي من رئيس قسم الجراحة .
و من خلالها ربيت أطفاله الثلاثة بعد فقد والدتهم .
أما كيف اقضي وقت فراغي ؟ فكانت صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي ،
لقد تعلمنا سوياً كيف نغزل الكنزات الصوفية ، و ندهن العلب الفارغة لـ بيعها في مزاد لصالح الأسر المحتاجة .
أختي مريم أيضاً كانت تدير هذا البزار السنوي .
ماذا عن خادمتنا ؟ أنا لا أتذكر منها سوى دموعها الرقراقة، يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمني و أخوتي بعد أن أصيبت هي ببعض الحروق ..
زميلتي الشيعيه ؟
هي من أسعفتني أثناء رحلة لحديقة الحيوانات .
يومها سقطت في بركة قذرة للبط ، فلحقت بي و كُسرت ذراعها في الوحل من أجلي .
عمي؟ هو من بنى مسجدا و سماه باسم جدتي .
و أنا ؟
لا أزال أسأل: لماذا يعلمونا أن نكره الآخرين ؟
الشمس و الظلام كلاهما لا يحتاجان إلى دليل قطعي لثبوتهما !
بلقيس الملحم
شاعرة و كاتبة سعودية
تعليق