مرايا الروح ـ نص شعري درامي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود النجار
    عضو الملتقى
    • 28-10-2007
    • 438

    مرايا الروح ـ نص شعري درامي

    [frame="14 90"]
    مرايا الروح


    متقيئًا روحي
    يجيءُ الليلُ
    محتضرًا
    كنار ذات وقدٍ أُطفئتْ للتوِ
    وانقبض المكانْ
    واستسلمتْ أقتابُها الحرى لبطن الأرضِ
    بحرا من ركامْ
    ما كانت النيران بردا أو سلاماْ
    كانت كبركان تجرع من خطايا الليل بركانًا
    أشد تمردًا
    كانت صواعق تخطَف الأبصارَ
    تقترف الخطيئةْ
    تحثو حجارتها ؛
    فتجعل كل شيء حولها عصفا تناهى الموت فيهِ
    وكنت قد علقت رموشي في جدار الليلِ
    منسلا من التاريخِ
    منفلتا من الأفق الذي صد الحمامَ ، ومن رعاة الشاءِ من كلأ المراعي ، من تعاليم القبيلةْ ،
    وكأنني سهم رمته يدٌ ؛ فأفلت من عقالٍ ، أنكر مطلع الشمس ، احتسى فوق السحاب شرابه ، وأراق هيكله الشقي على سواقي الرملِ ، أشرع جسمه المعتلَ ، عـودا ناشفـًا ؛
    فبكى الغمامُ
    وأزهر الحنون من دمهِ ؛
    فأبكى كلُّ راعٍ نايهُ
    وعلا ثغاءُ الماعز الجبليِّ ..
    شيءٌ ما هنا يغتال أرواح الفصول ِ
    فيا لهذا الليلِ
    يأتي القلب أعمى
    لا يرى وهج النجومِ
    ولا يرى وجه القمرْ
    ها .. إنها الأبصار لا تعمى
    ولكن القلوب هي التي ...
    يا أيها الليل الطويل ألا انجل ِ
    فالقلب مرتهن لقيد النارِ
    مصلوبٌ على سعف النخيلِ
    معلق ما بين روحي والمدى
    صمتـا يئنُّ
    وليس ثمة ياسمين
    وليس ثمة من ندى
    صوت من الصحراء يصرخ بي :
    تمهل أيها المعتم بالقلق الوجودي
    استعد عنوانك المنسي
    واهرب من بشاعتك القديمة
    يكفيك مقـتًا
    أن تنام على رؤاك المعتمات
    وأن تعض على ولائك للمنافي
    فيجرك الترحال نحو محيط يأس
    ليس آخره نهارا
    تمشي على زقومك المنبت من خصب الحياة
    فتسقط الكلمات من قدميك شعرا
    فيه تقتتل الحروف
    وتهرب الحناء من شفتيك خوفا
    تقتفيك عقارب الكلمات
    تبحث عنك في أضلاعك الكسلى
    وفي صلصالك المدمي
    مذ فارقتَ
    عرس البيدر المحفوف بالصلوات
    وانتهبتك نار الردة الكبرى
    ونام الليل في صدرك
    نام الليل … نام الليل …
    أشباحا تمص العشب من رئتيك
    تلقي الرعب في قلبك
    وتأخذ منك آخر ومضة في العين ِ
    يقتلك اجتراحُ الشوق ِ
    كل حدائق العشاق في عينيك
    شوك أو حريقْ
    ها .. كبرياؤك عاجزةْ
    هرم ولكن من رمادْ
    عرش من القش استطالْ
    ومناك ليس لها رموشٌ
    تحفظ الأسرار من ريح السموم ِ
    فيستبد بها الغبارْ
    شفتاك عاجزتان عن لثم الندى
    ومسام جلدك تسكب الآهات في شفة النهارْ
    وتسمم الأزهارَ
    تلتمس الهروب من البياض ِ
    إلى المحطات البعيدةْ
    تمشي وتعبث بالمرايا البيض
    تستبق الحصار إلى الحصارْ
    متسكعٌ ..
    في كل وجه للتشرد ماثلا كفنًا
    يمزقه الوجومْ
    حيران في طول المسافةِ
    يرتديك الخوف
    يحملك العويلْ
    بردانَ ..
    تنتكث الذي نسجته أمك بالدموعِ
    فلم تزل عيّ الفؤادِ
    ولم تزل هش الضلوعْ
    وتظل وحدك نائحا
    ويظل ينهبك السدى
    وتظل أبعد ما تكون
    من الرجوعْ
    تركتك أشرعة الرفاق
    فرحت تبحث عن ملاذ
    رحت تبحث في المدى
    عن كربلاء
    لعلها تعطيك معنى للوجود ِ
    وكل شيء دون عينيك اقتراف للتراجعْ
    يكفيك أنك لا تناجي الليل مثل بقية الشعراء ..
    تعوي مثل ذئب تاه في الصحراء ،
    أجهش بالعواء وأطلق العينين للريح ..
    استبد النزف في جفنيه ؛
    فاغتيل النهارُ
    فكن إذا أوهتك أوهام المآرب عنكبوتا
    يختفي خلف الكلام .. يخيفه عبق القصيدة
    تخشى من الكلمات
    حين تجيء حبلى بغتة ؛
    فتنوء بالأجل المسمى للكلام
    يكفيك أن مسام جلدك ليس فيها برعم
    يزهو إذا صب النسيم على ذراعك شهوة العشاق
    أو شهق المساء على فؤادك ياسمين
    لو قبلتك حمامة ؛
    شفتاك تختبئان خلف غمامتين
    أو رشك العشاق بالنسرين ؛
    أدماك الأنين ..
    كن مثل جوف النار أسودَ
    أو كبحر من جحيمْ
    *****
    غيض النداءُ
    وتاهت الصحراء في كهف المساء
    وكل ملامح الكلمات حولي
    كالجراد تؤزني
    وقروح جسمي تستجير من الصديد
    وأفقت من عشرين عاما عابرة
    جدلا ونزفا واحتقانا
    جولة في إثر أخرى خاسرة
    وبعثت من وجع الكروم
    ذوت عناقيدي التي حملت فؤادي مضغة
    أشعلت نارا
    قلت أشرب قهوة
    فلعله يشتد عود القلب شيئا
    علها تستعجل المنفى قليلا
    علها تتكسر اللحظات
    أخرج من مرايا الوهم
    أكسر باب خوفي فلقتين
    وقلت علّ القهوة السمراء
    تبزغ من ضمير الليل شمسا
    علها تغتال آخر أنفس الليل الطويلْ
    فيكون آخر قرفصاء الليل فوقي
    آه كم لصقت سياط الليل في ظهري
    وكم طبعت أنامله على وجهي ليونتها
    وكم أرخى على صدري سدوله
    أمضيت عمري أشتهي
    أن تهرب القضبان من سجني قليلا ؛
    لأعود شأن العائدين من السواد ..
    أفتش الآهـات عن سلمى التي
    افترشــت على تنهيدتي عمـرا طويــلا
    لست أدري أي واحـــدة تكـون ؛
    فكل عمري ضاع بين تنهد وتنهد ..
    عيناكِ ما نامت
    وعيني لم تنم
    الليل يلدغ فجرك المخبوء في عيني إذا الصبح اقترب
    أواه لو تدرين كم شرخا على جدران قلبي لم تزل تنزف نارا !
    كم بكت عيني اعتذارا !
    لم أزل أنزف .. أبكي ..
    والمرايا السود
    تغتال النهارا ..

    محمود النجار
    [/frame]
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود النجار; الساعة 18-07-2008, 09:35.



    الموقـــــع : http://belahaudood.org/vb/




  • بنت الشهباء
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 6341

    #2
    وأنا أتلو على مسامعي هذا الشدو الحزين ياأخي محمود
    عدت إلى أنشودة أحفظها
    اشتدي أزمة تنفرجي

    مهما طال ليل الظلام وحلكته , ومهما حاول هؤلاء الجبناء المنافقين أن يسدوا علينا منافذ الفجر .... فالصبح لا يمكن له إلا أن ينجلي ويبقى الصدق والوفاء هو ميزان القوى التي تثبت وجودنا وكياننا أينما كنا وتواجدنا .....
    يكفي يا أخي أن نزيل الغشاوة عن أعيننا , ونرى حقيقة هؤلاء الذي يتربصون الدوائر للشرفاء والأحرار من رجال أمتنا ....

    أمينة أحمد خشفة

    تعليق

    • عبد الرحيم محمود
      عضو الملتقى
      • 19-06-2007
      • 7086

      #3
      أخي الكريم الشاعر المفكر
      ارتحلت بين مواسم كثيرة وتنقلت بين شواطئ عدة
      كان هناك تناص مع كتاب الله في اكثر من موقع وكذا
      تناص زمكاني مع احداث التاريخ ، وهذا شيء جميل
      يدل على عمق ثقافي تمزجه قدرة متناهية الذوق في
      إطار فكري عذب جميل للغاية !!
      تحياتي لك وللنص المغرق في الفكر الموغل في التجريد !
      نثرت حروفي بياض الورق
      فذاب فؤادي وفيك احترق
      فأنت الحنان وأنت الأمان
      وأنت السعادة فوق الشفق​

      تعليق

      • فتحي المنيصير
        شاعر أويا
        • 13-06-2007
        • 659

        #4
        استمتعت بالقراءة هنا

        محبتي
        كتابةُ الشعر مضيعةٌ للوقتِ
        شاعر أويا


        تعليق

        • محمود النجار
          عضو الملتقى
          • 28-10-2007
          • 438

          #5
          أخي الكريمة بنت الشهباء
          لك التقدير على ما قرأت وعلقت ..
          أنا ممتن لوعيك وفهمك وتفاعلك مع النص ..
          وممتن لأنك ربطت بين القصيدة وأنشودة ( اشتدي أزمة تنفرجي ) ، هذه الأنشودة الجميلة الرائعة التي افتقدتها منذ فترة وأحن إليها .

          لك تقديري

          محمود النجار



          الموقـــــع : http://belahaudood.org/vb/




          تعليق

          • محمود النجار
            عضو الملتقى
            • 28-10-2007
            • 438

            #6
            [align=justify]
            المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرحيم محمود مشاهدة المشاركة
            أخي الكريم الشاعر المفكر
            ارتحلت بين مواسم كثيرة وتنقلت بين شواطئ عدة
            كان هناك تناص مع كتاب الله في اكثر من موقع وكذا
            تناص زمكاني مع احداث التاريخ ، وهذا شيء جميل
            يدل على عمق ثقافي تمزجه قدرة متناهية الذوق في
            إطار فكري عذب جميل للغاية !!
            تحياتي لك وللنص المغرق في الفكر الموغل في التجريد !
            أخي الفاضل والشاعر القدير عبد الرحيم محمود
            أشكر لك ما سبرت من غور النص ، وما وقفت عليه من خطوط وعلامات ، وإن دل ذلك على شيء ؛ فيدل على وعيك وجمال أدواتك الفنية ، وقد قلت في غير مناسبة بأن الشاعر اثنان ، واحد يكتب ، وآخر يقرأ ، وبما أنك شاعر أصلا ؛ فقد صرت شاعرين في ثوب شاعر .. ولأن النثر الناجح يدل على شاعر ناجح ؛ فقد ضممت إلى الشاعرين شاعرا ثالثا ..
            أرجو أن تقبل تحياتي وتقديري

            أخوك / محمود النجار
            [/align]
            التعديل الأخير تم بواسطة محمود النجار; الساعة 07-05-2008, 07:31.



            الموقـــــع : http://belahaudood.org/vb/




            تعليق

            • محمود النجار
              عضو الملتقى
              • 28-10-2007
              • 438

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة فتحي المنيصير مشاهدة المشاركة
              استمتعت بالقراءة هنا

              محبتي
              [align=justify]وأنا استمتعت لاستمتاعك ، وسرني أنك قرأت النص أخي الفاضل .
              أرجو أن تقبل تحياتي .

              محمود النجار
              [/align]



              الموقـــــع : http://belahaudood.org/vb/




              تعليق

              • نذير طيار
                أديب وكاتب
                • 30-06-2007
                • 713

                #8
                أخي العزيز محمود النجار:
                قصيدة نموذجية في صورها الحديثة ولغتها التجديدية.
                نحن هنا لا نقرأ شيئا مألوفا معتادا، بل وهجا من الإبهار والإدهاش.
                تحياتي القلبية

                تعليق

                • محمود النجار
                  عضو الملتقى
                  • 28-10-2007
                  • 438

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة نذير طيار مشاهدة المشاركة
                  أخي العزيز محمود النجار:
                  قصيدة نموذجية في صورها الحديثة ولغتها التجديدية.
                  نحن هنا لا نقرأ شيئا مألوفا معتادا، بل وهجا من الإبهار والإدهاش.
                  تحياتي القلبية
                  [align=justify]أشكر لك أخي الحبيب نذير إطلالة وعيك وثقافتك على نصي ..
                  أشكر لك أنك قرأت جيدا ، وتحملت عناء القراءة .
                  أحس بالنشوة وأنا أستمع إلى مثلك يقول في نصي ما يغري بالارتياح .

                  لك مودتي

                  محمود النجار
                  [/align]



                  الموقـــــع : http://belahaudood.org/vb/




                  تعليق

                  • محمود النجار
                    عضو الملتقى
                    • 28-10-2007
                    • 438

                    #10
                    [align=justify]أخي نذير طيار
                    شكرا لوهج بوحك

                    محمود النجار[/align]



                    الموقـــــع : http://belahaudood.org/vb/




                    تعليق

                    يعمل...
                    X