إلى الخلود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مريم محمود العلي
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 594

    إلى الخلود


    يحترقُ الزمنُ أمامَ عينيها .. يخترقُ أجسادَ الرجالِ والنساءِ والأطفال .. يركضُ مسرعاً مخلفاً في الذاتِ القلقَ والإحباط .
    رياحُ كراهيةٍ.. وزمهريرحقد دفينٌ يقتربُ منها .. من أهلها .. من مقدساتها .. هدفُهُ أن يقتلعَ الأشجارَ ، يطفيءَ الأقمارَ ، يوقظَ الأئمةَ الراقدينَ بسلام .
    أحستْ بحملها ثقيلاً في أحشائها يكادُ يشلُّ حركتَها وقدراتِها .. تُرى هلْ يرى النورَ أم ستغتالُهُ يدُ الغدرِ الآثمةِ قبلَ ولادته .
    انتفضَ الجنينُ بقوةٍ جعلتها تصرخُ بهِ : ماذا تريد ؟.
    تلقتِ الردَّ ركلة أقوى منَ الأولى :كمْ هوَ قويٌّ ومتمردٌ .. كلما خطرتْ لي فكرةٌ لا تعجبُهُ أبدى غضبَهُ بركلاتٍ في بطني .
    منَ الشرفةِ تأملتِ المدينةَ المتلألئةَ في قلبِ الليلِ ، المرتميةَ بينَ ذراعي عاشقِها المتدفقِ بالحيويةِ والعطاءِ والذي يعانقُها بسحرٍ عجيبٍ ، فتروي لهُ في هدأة اللي الحزين حكايا ألفِ ليلةٍ وليلة .. ومغامراتِ السندباد .. وعلي بابا .. ويتحدثُ لها عنْ حضاراتِ الشرقِ التي روّاها منْ مائهِ العذب .
    تُرى أينَ زوجُها الآن .. والذي لمْ تعدْ تراهُ منذُ لبّى نداءَ الجهاد .
    لماذا هيَ وحيدةٌ تفترشُ الآلامَ وتتلحفُ الأحزان .. وهذا الجنينُ الذي لا يهدأُ والغاضبُ من كلِّ شيءٍ وكأنهُ حقاً يدركُ ما تعانيهِ أمهُ .
    فكرتْ لماذا لا يكونُ جنينُها أولَ شهيدٍ في هذهِ المعركة .
    ولأولِ مرةٍ تململَ الجنينُ بهدوء .
    عليها أنْ تقررَ مصيرَهُ ومصيرَها لأنها لنْ تحتملَّ رؤيةَ المدينةِ تنهارُ صروحُها العظيمةُ .
    عادت إلى غرفتِها ، وقفت أمامَ المرآةِ تتأملُ نفسها .. خلعت منديلَها وتناولتِ العقالَ العربيَّ ووضعتْهُ فوقَ رأسها .. انتابها شعورُ الفخرِ والاعتزاز .. استعرضتْ ذاكرتُها النساءَ العربياتِ وبطولاتِهنَّ التي سجلَها التاريخُ ابتداءً من زنوبيا مروراً بالخنساءِ وسميةَ وجميلةَ انتهاءً بسناءَ وآيات .. وهيَ أيضاً مكانُها معسكرُ التدريب .
    لمْ تعدْ تشعرُ بحملِها ثقيلاً .. إنما كانَ خفيفاً ينسابُ في داخلِها بعذوبةٍ لاحدودَ لها وتساءلتْ أيمكنُ للجنينِ أنْ يفهمَ ويدركَ مشاعرَ أمهِ !!؟.
    لمَ لا ما دامَ هناكَ حبلٌ سريٌّ يربطُ بينهما .
    سألتها رفيقتُها : لماذا أنتِ هنا .. عودي من أجلِ الجنينِ وسأقومُ بالمهمةِ وحدي .
    أجابتها أنا هنا من أجله 00 هوَ يريدُ ذلك .
    استغربتْ رفيقتُها كلامَها .. فتابعتِ القول : أجلْ أنهُ يفهمُ كلَّ ما أريدُ .. وأفهمُ ما يريدُ .. ولا نريدُ أن نستسلمَ لموتٍ تحتَ الأنقاض .
    امتدتْ مسافةٌ منَ الصمتِ بينهما تعانقُ روحَ كلٍّ منهنَّ بينما السيارةُ تقطعُ أطولَ اللحظاتِ في حياتهنَّ .. اللحظاتِ التي امتزجتْ فيها مشاعرُ الرهبةِ والخوفِ .. الحبِّ الكراهيةِ .. الفخرِ .. القهرِ .
    اقتربتِ السيارةُ من جنودِ العدوِّ .. نظرتْ كلٌّ منهنَّ في عيني الأخرى لترى الوطنَ يزغردُ منتصراً رغمَ احتراقهِ .. تحسستْ جنينَها الساكنَ بيديها الحانيتينِ ثمَّ صرختْ بصوتٍ أقوى من صوتِ دويِّ الإنفجار ."هبا إلى الخلود ياولدي "

    *** *** ***

    مريم محمود العلي
    التعديل الأخير تم بواسطة مريم محمود العلي; الساعة 21-05-2007, 11:53.
  • عبلة محمد زقزوق
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 1819

    #2
    افهم من القصة أنها فجرت نفسها والحنين في وجه العدو المتربص برياض وطنها العزيز.
    والسؤال الذي يفرض نفسه على تلك العلميات التي باتت منتشرة لكل من ارد ان يعبر عن رفضه فقدم نفسه فداء وانتحر.
    أليس في كلمة الانتحار حرمانية؟ بغض النظر عن كونها فدائية؟!!
    أرى من وجهة نظري المتواضعة انه هروب من واقع وتصفية للذات التي وهبها الله القوة للمجابهة والمقاومة.
    فهل تفجيرها لنفسها سينهي الإحتلال ؟!!
    أم إنه إنهاء وفناء للبطولة التي كان من الممكن أن تكونها بجدارة صلابتها وصمودها هي وجنينها؟!!
    لذا كان افضل لها لو وقفت في الصف على حدود أرضها وهي تحمل السلاح، مدافعة عن كل شبر من أرضها، لكانت حقا أماً تعلم جنينها معنى البطولة والصمود.
    شكراً أختي الفاضلة الكاتبة المتمكنة أ. مريم العلي
    فنصك القصصي يناقش قضية باتت تشغل الفكر والعالم الإسلامي... فكرة تفجير النفس فداء للأرض والوطن.
    شكرا للإبداع والسرد
    مع فائق تقديري واحترامي

    تعليق

    • اسلام المصرى
      عضو أساسي
      • 16-05-2007
      • 784

      #3
      لان لو امسك السلاح سيقتل واحد لكنها بتفجير نفسها تقتل اكثر من فرد
      استاذة مريم عبرتى عن كل ام فلسطنية بطلة نعم اذا كنا نشاهد هذا من بعيد ونحزن ونبكى فما بال الذين بقلب الحدث
      منتظرين نصوصك الرائعة
      [color=#00008B][size=7][align=center]"واإسلاماه"[/align][/size][/color]

      [align=center][img]http://www.almolltaqa.com/vb/image.php?u=46&dateline=1179777823[/img][/align]
      [CENTER][SIZE="5"][COLOR="Black"]دعائكم لى بالشفاء[/COLOR][/SIZE][/CENTER]

      تعليق

      • مريم محمود العلي
        أديب وكاتب
        • 16-05-2007
        • 594

        #4
        [align=center]عبلة زقزوق
        عندما يكون الموت لا بد منه من الأفضل أن يكون الموت مشرفا
        هذه المرأة وجب عليها القتال لأنها لو انتظرت لماتت ميتة شنيعة
        تدربت على السلاح وقامت بعملية فدائية دفاعا عنها وعن وطنها وكرامتها
        قتلت العشرات واستشهدت هي وجنينها

        أشكرك على اهتمامك بالنص وأحترم رأيك
        ولك كل الحب
        تحياتي
        [/align]

        تعليق

        • مريم محمود العلي
          أديب وكاتب
          • 16-05-2007
          • 594

          #5
          [align=center]اسلام مصري
          نعم قتلت مجموعة من الذين استباحوا ارضها وعرضها
          أشكرك على مرورك الجميل ولك كل الشكر والتقدير
          تحياتي
          [/align]

          تعليق

          • الأديب السيد حنفي
            عضو الملتقى
            • 04-06-2007
            • 378

            #6
            احيانا أفضل الموت

            [align=justify]نعم أحيانا نفضل الموت على حياة الذل والقهر.. لماذا نحيا ؟ سؤال يفرض نفسه قبل أن نناقش لماذا قدمت نفسها للموت بهذه الطريقة { انتحارية, فدائية .... الخ } سمها كما تشاء, لكن لماذا هذا هو السؤال..
            اذا فقدنا الأمل لماذا نحيا.. فليكن موتنا اذن هدية لمن قد يحيا بعدنا..
            مريم العلي.. أنت أديبة معبرة وصادقة.. تحياتي واحترامي[/align]
            التعديل الأخير تم بواسطة الأديب السيد حنفي; الساعة 05-06-2007, 20:53.
            [align=center][CENTER][B][FONT="Arial"][SIZE="4"][COLOR="DarkRed"][frame="1 98"]أشهد أن لا إله إلا الله
            أشهد أن محمدا رسول الله
            أستغفرك ربي وأتوب إليك[/frame][/COLOR][/SIZE][/FONT][/B][/CENTER][/align]

            تعليق

            • مريم محمود العلي
              أديب وكاتب
              • 16-05-2007
              • 594

              #7
              [align=center]السيد حنفي
              نعم
              الموت أفضل ألف مرة من حياة ذل
              لكن يجب أن نختار الموت الحق
              وهو الشهادة
              عندما نكون في معركة
              الجهاد واجب على الصغير والكبير
              كل الشكر والتقدير لك
              تحياتي
              [/align]

              تعليق

              يعمل...
              X