الآلة / كلود شنيرب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    الآلة / كلود شنيرب

    الآلة

    قصّة لكلود شنيرب
    تعريب :محمد فطومي


    عديدة هي المناسبات التي ضغط فيها على الزرّ؛جرحى،موتى،مرضى يحتضرون،خيول مبقورة البطن،صبية يختصمون تفّاحة نصف فاسدة.
    و بآلة التّصوير كان دائما بوسعه أن يشرح المعضلات على نحو مختلف، أو يمدّد في الزّمن عمر مشهد ما.
    على الحدود الفرنسيّة مثلا أين اضطرّ الإسبان إلى تسليم أسلحتهم و عتادهم.كان يلتقط الصّورة تلو الصّورة و هم يجبَرون على تكديسه هناك.
    كان أغلبهم يائسا من إمكانيّة عبور الحدود يوما ما.
    و تحلّق طائرة فوق رؤوسهم كنسر الجيف.
    حينها لم ينس أن يتّخذ صورة لأحدهم و قد ارتسم الرعب على وجهه.
    لمّا عاد إلى فرنسا توجّه أوّلا إلى معسكر بـ(أرجلاس) غصّ باللاّجئين.
    بإمكانك أن تفوز هناك بصورة مذهلة:
    نيران المطابخ الفقيرة ،الدّخان الذي يتصاعد ببطء كلّ مساء،أو أنّك في أسوىء الأحوال ستظفر وسط المربّع بعجوز يرتعش..
    حين صار على مقربة من الشّاطىء استوقفه أحد الإسبان قائلا:
    - هذا ليس جميلا.. و أشار إلى آلة التّصوير بيده،يوحي له بالتقاط بعض الصّور.بعض الفظائع .
    فعلا لم يكن المنظر جميلا أبدا؛نفايات عفنة ،و جثث آدميّة ،و جريح ينتهي من لفّ ضمّادة على فخذه الأيمن.
    طلب منه أن يفكّ الضمّادة من أجل الصّورة ففعل.
    الجرح غائر و ليس جميلا أيضا،و حدّث نفسه بأنّ الإصابة ربّما التهبت و أنّ الّلحم في طريقه ليتآكل.
    ثمّ ابتعد عن السّاحل.
    و وسط حشد من النّاس تجمّعوا بمحاذاة نيران المطبخ،دنا منه طفل صغير.كان قد فقد عائلته في الحرب و لم يعد يحتمل البقاء في المعسكر.
    - باريس؟( قال الطّفل دون مقدّمات).ثمّ عرض خدماته.قال بأنّه يتقن فعل كلّ شيء.
    - مثل ماذا؟
    - الغسيل،الصّحون ،المطبخ...
    - و ماذا أيضا؟
    - بإمكاني أن أصلح السيّارة.
    " كذّاب صغير "( فكّر الرّجل).
    - و بعد أن تنجز كلّ هذا ما الذي تستطيع القيام به؟ (سأله بصوت خافت و نبرة متآمرة خبيثة.)
    خجل الطّفل و احمرّ خدّاه و تراجع إلى الوراء كما ليهرب من الموقف،و لكنّ الرّجل وجد الوقت الكافي ليوثّق خلف عدسته ذاك الوجه الذي تعكّر فجأة.
    في بيته استيقظ.غيّر ملابسه ثمّ ألقى بالآلة داخل خزانة ،فوق كومة من الملابس المعدّة للغسيل.لم يُفرغ محتواها لأنّها لم تكن محشوّة يوما.
    و في قلب شارع " مون مارتر "
    يدخل الرّجل إلى شقّة.تستقبله معينة السيّدة صاحبة المضافة.كانت تعرفه جيّدا.و دون أن تقول كلمة واحدة ،تقوده إلى غرفة مظلمة.يتعرّى تماما ثمّ عبر نافذة صغيرة في مستوى الرّأس ، زجاجها غير مطليّ بأيّ لون يظلّ طويلا يراقب داخل الغرفة المجاورة المضيئة،رجلا و امرأة يمرحان..
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة
  • سمية الألفي
    كتابة لا تُعيدني للحياة
    • 29-10-2009
    • 1948

    #2
    القدير/ محمد
    حنانيك يا سيدي, الروائع تنساب من بين يديك كالرمال الناعمة
    إنتقاء وترجمة وروح وملامسة للحس الأدبي برقي وتفاعل مميز
    لا أدري محمد أأنت الرائع أم كلود
    كلاكما بل أنت الأروع أن مكنتنا منه
    صدقتني محمد!! (جمالية القبح ) هكذا ظهرت مع أضداد الأفعال

    بتلات الفل وعناقيد البنفسج

    تقديري



    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      ضعف الكاتب و المترجم سميّة الغالية،بل هي عين الجمال التي ترين بها.
      و هذا هام جدا ،فكلّ النّصوص عقيمة لو لم نقرأها بذوق أكبر منها.
      شكرا لك أيّتها الرائعة.
      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        و كل شىء يباع
        فى تلك المفرمة
        الأعضاء .. العرض .. الحياة .. الحب .. الإنسان !!
        أرض مفخخة بالموت
        لا تنبت فيها الزهور و لا الأحلام
        لا تنبت سوي القبح و الغائر من الجراحات !

        أشكرك محمد على ذاك العمل الرائع فى قسوته !

        محبتي
        sigpic

        تعليق

        • عباس العكري
          أديب وكاتب
          • 07-07-2016
          • 139

          #5
          [aimg=borderSize=0,borderType=none,borderColor=blac k,imgAlign=none,imgWidth=,imgHeight=]https://2.bp.blogspot.com/-mbnbjZzJT2I/V45gNMFznJI/AAAAAAAADe4/5M3zVMi5vk8p6iQayXTd5iZtESU-prHSQCLcB/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A2%25D9%2584%25D8%25A9 .png[/aimg]

          تعليق

          يعمل...
          X