أكره ربيع / عائده محمد نادر
أكره ربيعا
فاجأني ربيع حين كنت ساهمة بملامح وجهه
يرمقني عميقا
أحسست برعشة جليدية تقتحمجسدي, وعيناه الثاقبتان تخترقان قفصي الصدري المحموم كتنور مسجور, وأنا أتفحص تلكالقسمات الحادة, التي..... !!
كم كان عمري حين أنجبتهخالتي
ست سنين؟
غضة طرية كورقة فل لم تتفتح أوردتهابعد!
أذكر أني كنت في المرحلة الأولى
لا
ربما الثانية
حقيقة لا أدري
زهري الجلد ناعما, يقولبعيناه جلد ثخين ومتهطل كجرو صغير, أدهشني مرآه, ولسانه ما فتئ يتلولب خارج شفتيه, كأفعى صغيرة تتلوى!
أكره الأفاعي, حد العمى
ابتسمت رغما عني وأنا أتذكر إولى لحظات ولوجه عالمنا المجنون, يصرخ وجههالعابس المنتفخ, كبالونة صغيرة, ونلتف حوله جميعا, كمهرجين نفتعلالحركات والأصوات, عساه يصمت!!
وليته يفعلها, ويخرس إلىالأبد!
كمكرهته
بغضت صوته المجلجل, والكل يسرع لتلبية طلباته
حقدت عليه, وهو يستحوذ علىاهتمام الجميع
وحب خالتي له الذي جعلني في دائرة الظلمة
ألقمه زجاجة الرضاعة, أدفعهالفمه الممطوط دفعا, يغص فيها أحيانا, يتقيأ جوفه, لبنامتخثرا
ضحكت بصوتي المبحوح العالي وأنا لم أزل أنظر له, متفحصة.
صدمتني نظراته التي اخترقت وريقات عمري المطوية, بلمحة, وهي تلتقي بنظرة عيني كأنه أحس بما يعتمل داخلي, فارتبكتمحتارة
ربمااحمر وجهي
وشعور من هذيان انتابني, أضناني سنين طويلة
سألت نفسيألومها!!
هل فضحتني ملامحي الساذجة, حدالبلاهة
ويحي
هل أنا حمقاء؟
استطاع رجل بكل سهولة أن يفك طلاسمها, المخبأة بينالأفئدة!؟
كيفسأواجهه, وأواجه خالتي التي احتضنتني منذ صغري بعد الفجيعة التي أصابتني بفقدانوالدي, وأختي الأصغر.
بمَ سأبرر موقفي لهذه المرأة التي أخذت بيدي, يوما بعدآخر, حتى أصبحت تلك الفتاة التي يشير الجميع أنها, الإبنةالمثالية!
وهاهي صورتي المعلقة على جدران الصالة, تحدجني بقرف, وأناأبتسم لخالتي وزوجها بكل حب, يوم تخرجي,
وبحماسة تحكي للجميع عن ذكائي, وكفاحي المستميت أن أكون المتميزة, تسفعنيبسياط محفوفة بالغموض!
مسكينة خالتي
يالها من امرأة مخدوعة!
لم تدر أني, في يوم غافلتالزمن
وتركت ربيع حين كان بعمر زهرة ندية, تحت صنبور الماء فيحديقة الدار, يشهق بأنفاسه, وحين باغتني وجودها, حملته من بين براثن الموت مرتعشة, أرفعه بين يدي عاليا, فأصبحت البطلة بنظرها, ونظر زوجها, والآخرين.
وغفوت أنشج متحسرة, تلك الليلة الغبراء على ما فعلته, نادمة على غفلتي المقصودة
حاصرتني نظرات ربيع, وأناأدير وجهي عنه, لعلني أتفادى رماحا أدمتني أعواما, بعدد سنين عمريوعمره.
تقدم نحوي بخطى ثابتة, يخترق جموع المهنئين بخطبة أخته, يرد عليهم بكلمات مقتضبة, يقتلع الابتسامة من بين أسنانه اقتلاعا, ومقلتاهالمحمرتان أرعبتني, حد الشعور بالتلاشي.
صار قاب قوسين أو أدنى
كأنالمكان خلا, إلا مني ومنه!
وحدسي ينبئني أنه ينوي شيئا
يريد انتزاع اعترافامني
ينوي تعريتي, بحقائق دامغة
لا أقوىعليها
وصورة واضحة لسر دفين,لا أستطيع البوح فيه!
هربت ملتحفة برؤوس الحاضرين, أتخفى بينها, أحشرني
كلص مبتديء أهوج
أدفن رأسي كنعامة مرة, وكنورسة مبللة أخرى, يغرقها المطر بمد بحري لا حدود له, أبتعد عن مرماه,
لكني مازلت أحسه قربي!!
يلاصقني
يتغلغل مساماتي
بلأكاد أجزم أني سمعت طرق طبول نبضات فؤاده, تلامس رجفات قلبي المشنوق, هلعا!
خذلتني أنفاسي, وأطاح الدوار بجمسي يتهاوىسحيقا
امتدت يده, انتشلتني قبل أن أحط مرتطمة
دافئة وحنونة , كانت
وعيناه النديتان تترقرقان بالدمع, حين احتواني بينساعديه
همس بما يشبه الأنين, يزفر الأنفاس حروفا مجمرة فوقرقبتي:
- حبيبتي, أعشقك حد الثمالة, إلى متى تبقين تتهربين منحبي!؟
يرمقني عميقا
أحسست برعشة جليدية تقتحمجسدي, وعيناه الثاقبتان تخترقان قفصي الصدري المحموم كتنور مسجور, وأنا أتفحص تلكالقسمات الحادة, التي..... !!
كم كان عمري حين أنجبتهخالتي
ست سنين؟
غضة طرية كورقة فل لم تتفتح أوردتهابعد!
أذكر أني كنت في المرحلة الأولى
لا
ربما الثانية
حقيقة لا أدري
زهري الجلد ناعما, يقولبعيناه جلد ثخين ومتهطل كجرو صغير, أدهشني مرآه, ولسانه ما فتئ يتلولب خارج شفتيه, كأفعى صغيرة تتلوى!
أكره الأفاعي, حد العمى
ابتسمت رغما عني وأنا أتذكر إولى لحظات ولوجه عالمنا المجنون, يصرخ وجههالعابس المنتفخ, كبالونة صغيرة, ونلتف حوله جميعا, كمهرجين نفتعلالحركات والأصوات, عساه يصمت!!
وليته يفعلها, ويخرس إلىالأبد!
كمكرهته
بغضت صوته المجلجل, والكل يسرع لتلبية طلباته
حقدت عليه, وهو يستحوذ علىاهتمام الجميع
وحب خالتي له الذي جعلني في دائرة الظلمة
ألقمه زجاجة الرضاعة, أدفعهالفمه الممطوط دفعا, يغص فيها أحيانا, يتقيأ جوفه, لبنامتخثرا
ضحكت بصوتي المبحوح العالي وأنا لم أزل أنظر له, متفحصة.
صدمتني نظراته التي اخترقت وريقات عمري المطوية, بلمحة, وهي تلتقي بنظرة عيني كأنه أحس بما يعتمل داخلي, فارتبكتمحتارة
ربمااحمر وجهي
وشعور من هذيان انتابني, أضناني سنين طويلة
سألت نفسيألومها!!
هل فضحتني ملامحي الساذجة, حدالبلاهة
ويحي
هل أنا حمقاء؟
استطاع رجل بكل سهولة أن يفك طلاسمها, المخبأة بينالأفئدة!؟
كيفسأواجهه, وأواجه خالتي التي احتضنتني منذ صغري بعد الفجيعة التي أصابتني بفقدانوالدي, وأختي الأصغر.
بمَ سأبرر موقفي لهذه المرأة التي أخذت بيدي, يوما بعدآخر, حتى أصبحت تلك الفتاة التي يشير الجميع أنها, الإبنةالمثالية!
وهاهي صورتي المعلقة على جدران الصالة, تحدجني بقرف, وأناأبتسم لخالتي وزوجها بكل حب, يوم تخرجي,
وبحماسة تحكي للجميع عن ذكائي, وكفاحي المستميت أن أكون المتميزة, تسفعنيبسياط محفوفة بالغموض!
مسكينة خالتي
يالها من امرأة مخدوعة!
لم تدر أني, في يوم غافلتالزمن
وتركت ربيع حين كان بعمر زهرة ندية, تحت صنبور الماء فيحديقة الدار, يشهق بأنفاسه, وحين باغتني وجودها, حملته من بين براثن الموت مرتعشة, أرفعه بين يدي عاليا, فأصبحت البطلة بنظرها, ونظر زوجها, والآخرين.
وغفوت أنشج متحسرة, تلك الليلة الغبراء على ما فعلته, نادمة على غفلتي المقصودة
حاصرتني نظرات ربيع, وأناأدير وجهي عنه, لعلني أتفادى رماحا أدمتني أعواما, بعدد سنين عمريوعمره.
تقدم نحوي بخطى ثابتة, يخترق جموع المهنئين بخطبة أخته, يرد عليهم بكلمات مقتضبة, يقتلع الابتسامة من بين أسنانه اقتلاعا, ومقلتاهالمحمرتان أرعبتني, حد الشعور بالتلاشي.
صار قاب قوسين أو أدنى
كأنالمكان خلا, إلا مني ومنه!
وحدسي ينبئني أنه ينوي شيئا
يريد انتزاع اعترافامني
ينوي تعريتي, بحقائق دامغة
لا أقوىعليها
وصورة واضحة لسر دفين,لا أستطيع البوح فيه!
هربت ملتحفة برؤوس الحاضرين, أتخفى بينها, أحشرني
كلص مبتديء أهوج
أدفن رأسي كنعامة مرة, وكنورسة مبللة أخرى, يغرقها المطر بمد بحري لا حدود له, أبتعد عن مرماه,
لكني مازلت أحسه قربي!!
يلاصقني
يتغلغل مساماتي
بلأكاد أجزم أني سمعت طرق طبول نبضات فؤاده, تلامس رجفات قلبي المشنوق, هلعا!
خذلتني أنفاسي, وأطاح الدوار بجمسي يتهاوىسحيقا
امتدت يده, انتشلتني قبل أن أحط مرتطمة
دافئة وحنونة , كانت
وعيناه النديتان تترقرقان بالدمع, حين احتواني بينساعديه
همس بما يشبه الأنين, يزفر الأنفاس حروفا مجمرة فوقرقبتي:
- حبيبتي, أعشقك حد الثمالة, إلى متى تبقين تتهربين منحبي!؟
قراء في قصة "أكره ربيعا" للمبدعة عائدة محمد نادر
[align=justify]
إن أول ما يلفت الانتباه في القصة هو العنوان "أكره ربيعا" وهو عنوان مثير, يحيل في دلالته الأولى إلى التعبير الصريح عن الإحساس العميق بالكراهية تجاه شخصية ربيع.
ورغم بساطة العنوان وطابعه التقريري, إلا أن دلالته يمكن أن تتسع, ويكون محملا بكل المعاني التي تختزنها مكوناته, وخاصة كلمة "ربيع" التي تحيل إلى دلالة أخرى غير كونها اسم علم لمذكر عاقل, وهي دلالة فصل الربيع. وإذا سلمنا بهذا الاحتمال الثاني, ستكون الكراهية المعلنة في العنوان لحظية ستتحول في أي وقت إلى حب, لأن الربيع هو رمز الحياة والحب والعطاء.
وعموما فالعنوان بصيغته, يخلق أفقا للتوقع والانتظار لدى القارئ, بحيث نجد أنفسنا نتساءل باحثين ومستكشفين عن أسباب كل هذه الكراهية المعلنة تجاه ربيع؟ ومن هو ربيع؟ وما علاقة الساردة به؟ وما شعوره نحوها؟ وهل سيستمر كرهها له أم أن لكل شيء نهاية؟
تستهل الكاتبة قصتها بعنصر المفاجأة والتعبير بالنظرات عما يختلج النفس من أحاسيس متبادلة بين البطلة وشخصية ربيع, تقول:
فاجأني ربيع حيث كنت ساهمة بملامح وجهه
يرمقني عميقا
ونتساءل إزاء هذه البداية, هل شكلت عتبة استراتيجيه لنقل القارئ من مجال الواقع إلى مجال الحكي (التخييل)؟
البداية تستبق النهاية إذ نستشعر فيها الحب بدل الكراهية, فهي تعبر عن إحساس نبيل يتعارض مع دلالة العنوان المباشرة. فالذي يحس بالكراهية لا يطيق النظر في وجه من يكرهه, أما وهي (ساهمة في ملامح وجهه) وهو (يرمقها عميقا) فلا يمكن أن يدل ذلك إلا على الإعجاب والحب العميق.
وتعيش البطلة بين البداية والنهاية أحداثا تكون مشاركة فيها من خلال المواقف التي تعرضت لها. كما أن أحداثه القصة وسلوكيات الشخصيات وأبعادها العاطفية, هي استنباط لأحاسيس بشرية قائمة على التعارض والتضاد وهي:الغيرة والكراهية والا حساس بالذنب والحب.
لقد انكبت الكاتبة على كشف تفاصيل هذه الأحاسيس السابقة اعتمادا على السرد والوصف, واعتمادا كذلك على الانتقال بين لحظتين أساسيتين في القصة: لحظة استحضار محطة أومحطات من طفولة البطلة, ولحظة آنية تعيش فيها ربيع حياتها (الحب إلى جانب التخرج والتتويج) .
إن بلوغ الذات إلى غايتها مر بمجموعة من المراحل ضمن برنامج سردي تتناوب فيه اللحظتان (الطفولية والآنية) كما يتناوب فيه السرد والوصف.
وفي مرحلة ما بعد البداية تنقلنا الساردة إلى التفاعل مع الأحداث, فتصف لنا وقع نظرات ربيع على نفسيتها, وما أثارته فيها من إحساس بالخوف والرهبة, تقول:
أحسست برعشة جلدية تقتحم جسدي, وعيناه الثاقبتان تخترقان قفصي الصدري المحموم كتنور مسجور وأنا أتفحص تلك القسمات الحادة.....
ونتعرف في مرحلة موالية, عن طريق الاستذكار على البطلة وهي طفلة صغيرة تبلغ من العمر ست سنوات, وعلى طفل حديث الولادة, هو ابن خالتها. وكأي طفل تحس الصغيرة بمشاعر الغيرة تجاه هذا الرضيع الوافد الذي استحوذ على كامل رعاية الأهل وبقيت هي خارج دائرة الاهتمام. فما كان منها إلا أن تعبر عن غيرتها منه وكراهيتها له, بسلوكاتها تجاهه وتصرفاتها معه, ونلمس كل ذلك في وصفها له بأبشع صورة ومتمنياتها له بالموت, تقول (جلد ثخين مهطل كجرو صغير لسانه كأفعى صغيرة تتلوى ـ وجهه العابس المنتفخ كبالونة صغيرة ــ عساه يصمت ـ وليته يفعلها ويخرس إلى الأبد ـ كم كرهته ـ بغضت صوته المجلجل ـ حقدت عليه وهو يستحوذ على اهتمام الجميع ـ ألقمه زجاجة الرضاعة أدفعها لفمه الممطوط دفعا, يغص فيها أحيانا, يتقيأ أحيانا جوفه, لبنا مخثرا.)
وتكشف هذه المتواليات السردية عن خلفية ضمنية مشتركة بين الساردة والقارئ (الغيرة) وهي إحساس طبيعي يعكس مجالا طفوليا بامتياز.
وفي مرحلة ثالثة تعيدنا الساردة من عالم الذكريات وعالم الطفولة, إلى اللحظة الآنية, موظفة تقنية الحوار الونولوجي والصراع الداخلي والاستبطان, وهذا ما مكنها من التتغلغل في أعماق ذاتها لتنقل اضطراباتها وارتباكها الناتج عن خوفها من أن تكون نظرات هذا الرجل (ربيع) قد اخترقت أعماقها وجالت في بواطنها واكتشف ما كانت تضمره له طوال السنين الماضية من كره وما صاحب ذلك من أفعال وصلت حد محاولة إغراقه تحت صنبورالماء, تقول:
صدمتني نظراته التي اخترقت وريقات عمري المطوية, بلمحة, وهي تلتقي بنظرة عيني كأنه أحس بما يعتمل داخلي, فارتبكت محتارة
ربما احمر وجهي
وشعور من هذيان انتابني, أضناني سنين طويلة
سألت نفسي ألومها!!
هل فضحتني ملامحي الساذجة, حد البلاهة
ويحي
هل أنا حمقاء؟
استطاع رجل بكل سهولة أن يفك طلاسمها, المخبأة بين الأفئدة!
و استمرت في استحضار مواقف وتصرفات طفولية بنبرة باعثة, هذه المرة, على القرف والإحساس بالذنب وتأنيب الضمير بكل قسوة, جراء ما فعلته في حق ربيع وخالتها التي كفلتها كل هذه السنوات بعد أن فقدت والديها وأختها في حادث مؤلم وهي ماتزال في سن مبكرة, تقول:
بمَ سأبرر موقفي لهذه المرأة التي أخذت بيدي, يوما بعد آخر, حتى أصبحت تلك الفتاة التي يشير الجميع أنها, الإبنة المثالية!
وهاهي صورتي المعلقة على جدران الصالة, تحدجني بقرف, وأنا أبتسم لخالتي وزوجها بكل حب, يوم تخرجي,
وبحماسة تحكي للجميع عن ذكائي, وكفاحي المستميت أن أكون المتميزة, صدمتني نظراته التي اخترقت وريقات عمري المطوية, بلمحة, وهي تلتقي بنظرة عيني كأنه أحس بما يعتمل داخلي, فارتبكت محتارة
ربما احمر وجهي
وشعور من هذيان انتابني, أضناني سنين طويلة
سألت نفسي ألومها!!
هل فضحتني ملامحي الساذجة, حد البلاهة
ويحي
هل أنا حمقاء؟
استطاع رجل بكل سهولة أن يفك طلاسمها, المخبأة بين الأفئدة!
و استمرت في استحضار مواقف وتصرفات طفولية بنبرة باعثة, هذه المرة, على القرف والإحساس بالذنب وتأنيب الضمير بكل قسوة, جراء ما فعلته في حق ربيع وخالتها التي كفلتها كل هذه السنوات بعد أن فقدت والديها وأختها في حادث مؤلم وهي ماتزال في سن مبكرة, تقول:
بمَ سأبرر موقفي لهذه المرأة التي أخذت بيدي, يوما بعد آخر, حتى أصبحت تلك الفتاة التي يشير الجميع أنها, الإبنة المثالية!
وهاهي صورتي المعلقة على جدران الصالة, تحدجني بقرف, وأنا أبتسم لخالتي وزوجها بكل حب, يوم تخرجي,
تسفعني بسياط محفوفة بالغموض
مسكينة خالتي
يا لها من امرأة مخدوعة
إن الندم والإحساس بالذنب ولوم الذات واتهامها بنكران الجميل ماهي إلا مؤشرات تعكس بلوغ البطلة مرحلة من النضج تستطيع فيها مراجعة تصرفاتها الطفولية, كما يمكن أن تكون بداية بوح وتصريح لما تستشعره من أحاسيس نبيلة تجاه ابن خالتها بدل الكراهية ولو كانت ظاهريا. وهو ما تقوله النظرات والهروب بكل شفافية. حتى أن وصفها له الآن, في استحضارها مشاهد طفولية تغير من صورة بشعة إلى صورة جميلة: (وتركت ربيع حين كان بعمر زهرة ندية تحت صنبور الماء في حديقة الدار يشهق بأنفاسه).
وفي مرحلة أخيرة تجد الأحداث طريقها إلى نهاية سعيدة غير متوقعة إلى حد ما, تنتهي القصة بالمفاجأة كما ابتدأت بها, فالحفلة والضيوف في بيت خالتها بمناسبة خطبة أخت ربيع, تتحول إلى احتفال البطلة بحبها الكبير الذي فتح لها ذراعيه في أخر المطاف في مشهد رومانسي, ويصبح ربيع هو ربيع حياتها.
إنها لحظة كشفت فيها البطلة عن عمق مشاعر الحب المتبادل بينهما. والذي يتعارض مع الدلالة التي يحملها العنوان.
إذا تأملنا وقائع هذه القصة من بدايتها إلى نهايتها نجدها تنتظم في خطاطة سردية تقوم على تعاقب سلسلة من الأفعال والسلوكات تتخللها ارتدادات إلى الماضي, وتنتهي باتصال الذات بالموضوع المرغوب فيه.
وأخلص في نهاية هذه القراءة إلى أن هذا النص القصصي تجربة فنية متميزة في استبطان أعماق الشخصية الإنسانية, وإبراز صراعها الداخلي وكشف أفكارها ورغباتها ومشاعرها المختلفة.
ومن الناحية الفنية تميز النص بوحدة الحدث والاقتصاد السردي وقلة الشخصيات والتكثيف والاختزال على مستوى الزمن ومحدودية المكان (فأحداث القصة وقعت لحظة تبادل النظرات بين الشخصيتين في البيت), إضافة إلى خصائص السرد القصصي والوصف الذي لعب دورا أساسيا في تكسير رتابة السرد, وفي الكشف عن الانفعالات والأحاسيس الكامنة في أعماق الشخصيات.وتميز النص كذلك بالتشويق وحمل المتلقي على التفاعل مع الأحداث والشخصيات.
إن النص بفكرته الجديدة وخصائص الفنية يمثل إضافة نوعية لرصيد المبدعة عائدة محمد نادر القصصي.
[/align]
تعليق