فيتوري أريجوني والعلاقة النحوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    فيتوري أريجوني والعلاقة النحوية

    تمثل دوما لوحة المفتتح أهمية كبرى فى التمهيد لتلقى النص وفى جلاء فكرته الشعرية وأجوائه النفسية وأفقه الجمالى وها هى لوحة المفتتح



    أَمْشِي بَينَ الْكَلِمَاتِ لَعَلَّ اسْماًي َسْمُو لي بَينَ حَوَاشِي الصَّدْمَةِ..
    أَشْبُكُهُ بِخِطَامِ الْغُصَّةِ وَالأَنْبَاءُ تَجِيشُ عَلى الْبَصَرِ


    نجد أن علاقة شبه الجملة من الظرف والمضاف إليه ( بين الكلمات ) والتى تمثل علاقة شبه جملة حال والتى تكنز استعارة مكنية تخيل لنا الكلمات أفقا يلجأ إليه بطل النص وسيعة هى الصورة الأولى فى النص ، أول دفقة تخييل يتلقاها قارىء النص ، بما يجعلنا أمام مفتح دلالى وهو حالة الحيرة العميقة التى تكتنف وجدان بطل النص الذى عبر عنه الشاعر ، ثم نتلقى الاستعارة المكنية التالية والتى تتمثل فى علاقة المضاف إليه ( حواشى الصدمة ) وهى الاستعارة التى تقدم لنا أفقا من كلمات تحاصره الصدمة وتشكل حواشيه ، يمكن القول أن الاستعارتين يتناغمان فى تكثيف جو الحيرة والدهشة الأليمة اللذين يحيطان بوجدان بطل النص من كل جهة ومنفذ

    - تمثل علاقة الترجى ( لعلّ اسما ... ) تكثيفا آخر للحيرة والألم فهو ترج لا يكلل بالنجاح ولا يتراءى لبطل النص اسم سواء اسم لما حدث أو اسم لفاعل يبوء بهذى الفاجعة

    - فى ذات اللوحة سنصطدم تبتخييل مربك للتلقى يعوق سلاسة المفتتح ويؤثر على جمالية التخييل يتمثل فى سياق ( أشبكه فى خطام الغصة ) وهو السياق الذى تكنز ذروته التخييلة علاقة الاسم المجرور ( خطام ) والذى أراه كلفظ يقف حجر عثرة فى وجه الصورة لما يلى :-

    1- معجمية اللفظ بما يحتاج من المتلقى العام أن يرجع لدلالة اللفظة

    2- التفات الصورة إلى بيئة تخييل لم يتم التمهيد إليها وهى الصحراء والأبل الراعية فيها والتى يخطم بعضها حتى يسلس قياده

    3- دلالة التخييل ( أمشى بين الكلمات لأجد اسما هذا الاسم أشبكه فى أنف الغصة ) هذى الدلالة التى تستدعى من المتلقى تقبُّل أن يكون الاسم حبلا فى أنف الغصة وهو تخييل لا تتوافر له سلاسة تقبل ذهنية لدى المتلقى ليكون من السهل بعدها تقبل جمالية تخييله بعد ذلك

    4- عدم دعم علاقة الحال المتمثلة فى الجملة الاسمية التالية للصورة بل اتجاهها للالتفات إلى تخييل آخر وأعنى سياق ( والأنباء تجيش على البصر ) ولندمج السياقين لنرى ( ( أمشى بين الكلمات لأجد اسما هذا الاسم أشبكه فى أنف الغصة ، والأنباء تجيش على البصر ) كان على العلاقة التالية خاصة وأنها علاقة حال كان عليها أن تكون أكثر إضاءة لعلاقة الجملة الفعلية وتخييلها أعنى علاقة ( أشبكه بخطام ....

    اللوحة الثانية التى أود الوقوف عندها هذى اللوحة الباهرة

    نَادَتْ وَالْحَسْرَةُ تَسْرِي في لَهَوَاتِ الْحَلْقِ تَغُوصُ بِها جَوفَ الصَّدْرِ
    لا تَتْرُكْ وَحْشَ الْغُرْبَةِ يَقْضِمُ مِنْ لَحْمِ الْكَتِفِ الْبَاقِي فَوقَ الْعَظْمِ

    تبدأ اللوحة بالفعل الماضى ( نادت ) وهى العلاقة التى توحى لنا بنهاية الأمر وتقرع جرس الفجيعة فى الوجدان وأن ما تحاذره الأم قد وقع فعلا ، ثم يمتد التخييل عبر علاقة الجملة الاسمية ( والحسرة تسرى ) وهى علاقة حال تسيج لنا علاقة النداء وتبين لنا كم كان مريرا ينبع فى أحرفه الأسى ، إن علاقة الجملة الاسمية ( والحسرة تسرى ) تكنز استعارة مكنيةتخيل لنا الحسرة مطرا يغرق أحرف النداء ، ثم إنها حسرة تسرى فى ( لهوات الحلق ) بل ( تغوص بها جوف الصدر ) فكاميرا النص هنا تكشف لنا كيف استحال كيان الأم وبدنها محتضنا لحسرة تسرى فيها وتغمره فى أساها الأليم ، ثم نتلقى النداء بعد أن تم تأخيره بذكاء فنى ليتيح لنا النص أن ندرى جذر النداء ومنبعه من كيان الأم ( لا تترك ) ونحن هنا أمام علاقة الأمر ظاهريا والحقيقة أننا أمام التماس حزين هامس وليس أمرا فماذا تملك الأم وهى ترى ولدها على قناعة وجسارة يستحقان كل إشادة وتقدير ، ماذا تملك إلا أن تحذره ( لا تترك وحش الغربة يقضم من لحم الكتف الباقى فوق العظم ) هنا يكنز التخييل علاقة المفعول به ( وحش .. والذى يخصص بعلاقة المضاف إليه ( وحش الغربة ) ثم يكثف عبر علاقة الحال الجملة الفعلية ( يقضم ) والتى تجلو بشاعتها وقساوتها العمياء وتوحى بنهم هذا الوحش الذى لا يشبع عالقة المضارعة التى توحى بقضم أليم لا يمل ولا يرتوى ، ثم تنغرس الصورة فى بصيرة لا تكون إلا لأم فى سياق ( من لحم الكتف .. ) أى ذات الكتف التى تكد فى نبل ، ولاتنوء بحملها الكبير من عطاء ومودة ، هى ذات الكتف التى يترصدها وحش الغربة ، ثم تأتى علاقة النعت ( الباقى ) – فى الحقيقة كان يجب أن تكون مؤنثة - تأتى علاقة النعت لنجد أننا أمام عتاب يبطن العلاقة حيث نهشت الغربة هى الكتف النبيلة قبل ذلك ولا تطلب الأم حين تدرك عجز ندائها أن يرد ابنها تماما ، لا تطلب إلا أن يحترس لنفسه ، فى الحقيقة نحن أمام لوحة باهرة شجية بحق

    رابط النص http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=77647
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الصاوى السيد حسين; الساعة 02-05-2011, 11:34.
يعمل...
X