رحلة في أعماق المرآة .. على ضوء حديث أم زرع .. طبائع ودلالات ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ياسرسالم
    أديب وكاتب
    • 09-04-2011
    • 397

    رحلة في أعماق المرآة .. على ضوء حديث أم زرع .. طبائع ودلالات ..

    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ
    جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا
    قَالَتْ الْأُولَى
    زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلَ
    قَالَتْ الثَّانِيَةُ
    زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ
    قَالَتْ الثَّالِثَةُ
    زَوْجِي الْعَشَنَّقُ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ
    قَالَتْ الرَّابِعَةُ
    زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرَّ وَلَا قُرَّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ
    قَالَتْ الْخَامِسَةُ
    زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ
    قَالَتْ السَّادِسَةُ
    زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ وَإِنْ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ
    قَالَتْ السَّابِعَةُ
    زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ
    قَالَتْ الثَّامِنَةُ
    زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ
    قَالَتْ التَّاسِعَةُ
    زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ النَّادِي
    قَالَتْ الْعَاشِرَةُ
    زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ
    قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ
    زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ وَبَجَّحَنِي فَبَجَحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي
    وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ
    فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ
    أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ
    بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا
    جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا
    قَالَتْ ... خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ
    فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ
    فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا
    فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا
    قَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِي مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ
    قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ
    ***
    هذه الحديث مما تذاكرته كثيرا
    فقد حوى ما اجتمع عليه عقل النساء في وصف أحوالهن مع أزاجهن
    محبة ونفورا وقربا وبعدا ..
    اشتمل على دروس كثيرة وافرة نافعة
    لعلني أبسط منها ما يهيأه الله لى
    والله المستعان وعليه التكلان ولاحول ولا قوة إلا به
    ***


    ______________

    الحديث برواية الإمام مسلم /بَاب ذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ
    التعديل الأخير تم بواسطة ياسرسالم; الساعة 02-05-2011, 14:20.
  • ياسرسالم
    أديب وكاتب
    • 09-04-2011
    • 397

    #2
    قوله جلس احدى عشرة .....

    قلت : وهكذا حال مجالس النساء ..مهما اتسعت طولا وعرضا فإن احتمال اشتمالها على الغريبات لا يحول أبدا دون إذاعة السر وإفشائه بأشد ما يكون ذلك .. فلا تكاد تخلو مجالس النساء من غيبة وكذا الغالب على كثير من مجالس الرجال .. ولكنه في النساء آكد وأظهر ، حتى كاد أن يكون ذلك عندهن فطرة مورورثة وجِبِلّة مركوزة وطبع غالب..

    ولا يحلو لهن الحديث إلا في خواص الأمور ، وما انطبقت عليه السرائر ، وكلما كان الحديث هامسا أو خلف الأبواب ، كلما كانت عيونهن أبصر وآذانهن أوسع وأسمع .. ولا يكتفين بقول قيل أو أمارة بادية ، بل يستنطقون في ذلك الحركات والأفعال والأحوال بأكثر ما تحتمله أو تدل عليه .. كل ذلك تأكيدا لنظرتهن ، وشحذا للأسماع ، وطرح كلام ماعداهن .. يشبعن بذلك حاجة بل حاجات في أنفسهن ..

    يتحدثن كأنما كل واحدة منهن أخذت على أختها العهد والميثاق ألا تدخر شيئا من كلام إلا أذاعت به ، وإلابينته على الوجه الذي ينبغي ..

    فهاهن أولاء قد تعاقدن وتعاهدن على الغيبة والنميمة وذكر مالا ينبغي ذكره ...

    فقالت الأولى : زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقي، ولا سمين فينتقي أو ينتقل

    تصف هاهنا زوجها – كما باقي الأخريات - وصف حاذق خبير ماهر كأنما الوصف لها رسالة أوحي بها إليها ، وأنيط بها تبليغها ، ولا تريد أن تقصر في البلاغ طرفة عين ..

    فتصفه بأنه قليل الخير، ومع قلة خيره فإنه في بذله بعيد جدا ولا يكاد يبين ..

    استعارت هذه المرأة الماهرة صورا من الحياة حولها لتعرض عليها بيانها .. فكانت آية في البيان والعرض ..

    قالت هو لحم جمل غث أى مهزول ، ولو كان كذلك وكفي لكان أقرب ، ولكنه بعيد المنال يعي المحتاج الوصول إليه ، لأن مكانه فوق رأس جبل وأى جبل .. جبل شديد العورة عسير الاجتياز ، فلا تستطيع أن تظفر بهذا اللحم البائس الهزيل إلا بجدع أنفك أو طلب حتفك بظلفك ..فأى عناء هذا !

    ثم تعود لتزيد الصورة كآبة فتقول عن الجبل لا سهل فيُرتَقى من أجل الظفر بلحم الجمل المهزول وتقول عن اللحم ولاسمين فيُنتقَى ، وهو امتداد لما أجملته بصدر مقالتها عن هذا البائس الذي اقترنت به ..

    وقد استخرج الحذاق من قولها معان أدق وأبعد من ظاهر لفظها

    فقد ذكر الخطابي أنها أشارت ببعد خيره إلى سوء خلقه، وترفعه بنفسه تيها، وأرادت أنه مع قلة خيره يتكبر على عشيرته وأهله، وبقولها: (ولا سمين فينتقل) إلى أنه ليس في جانبه طرف وفائدة، يحتمل بذلك سوء عشرته له.

    ويروى بدل لحم جمل غث: لحم جمل قحر، وهو المسن المهزول.
    ***
    يتبع إن شاء الله..
    التعديل الأخير تم بواسطة ياسرسالم; الساعة 02-05-2011, 14:17.

    تعليق

    يعمل...
    X