كتب مصطفى بونيف
يا حبيبي كلنا بنات عائلات !!

ما أجمل المواصلات في بلاد الأتوبيسات أوطاني!..خاصة عندما يكتظ الأتوبيس بالراكبين عفوا الواقفين...عندما تختلط روائح العطور بالخضار بروائح الأنفاق، والغازات المسيلة للدموع...وعلى كل مواطن أن يلبس درعا واقيا ليحمي ما يجب حمايته وإلا سينزل من الحافلة إلى النيابة ثم إلى الطبيب الشرعي ..
لم أكن أفهم اللغز وراء تفضيل المرأة "الحافلة" كوسيلة للمواصلات ...إلا مؤخرا، وذلك عندما صرخت إحداهن في وجهي وأنا أقف خلفها ببراءة الأطفال ( يا قليل الأدب!)...ثم راح الأتوبيس كله يحوقل ( لا حول ولا قوة إلا بالله)، بينما كنت أحاول أن أشرح لهم وأنا أتلعثم كمن ضبطوه يسرق الأحذية من الجامع ...( والله أنا بريئ، بريئ)...لم يسمعني أحد، ثم استرسلت الفتاة في البكاء، وكانوا سيعقدون قراني عليها لولا أنني قفزت من الشباك، والفتاة تصرخ ( العريس طار يا أما، العريس طار)..
الحمد لله الذي خلصني من أتوبيس العوانس، وتمنيت لو أنني همست في أذن السائق أن يحط رحاله في مجاهل أفريقيا فهناك إن لم يتزوجن سيصبحن مع شوربة الفريك ليس لهن شريك!!.
ما أجمل المشي ...حقا إنها رياضة ممتعة أن تتمشى على قدميك فتستشعر نعمة الخالق الذي حباك بسيارة من نوع r2، لا تتطلب منك وقودا...ثم إننا في زمن المشوار الذي تقطعه عن طريق الأتوبيس أو السيارة في نصف ساعة، تقطعه بقدميك في عشرة دقائق..
نظرت أمامي فإذا بفرقة مدرعة بنات تسير أمامي...كل واحدة منهن تلبس فستانا يرتفع خمسين سنتمترا عن سطح البحر، التفت ورائي فإذا بفريق بنات آخر بالفستان إياه ...حتى أنني اعتقدت بأنني أسير في مظاهرة تقوم بها الفتيات لتغيير النظام ...خاصة وأننا في زمن لا يعلم به إلا ربنا ..تستطيع بنت العشرين أن تقلب نظام حكم بمجرد وقفة في ميدان ...أنظمة تتغير في غرفة تغيير الملابس النسائية، هذا هو واقع حال الديكتاتوريات التي أرعبتنا لعقود من الزمن ...
كنت أسير ببراءة الأطفال ...وأدندن أغنية أم كلثوم الشهيرة ( بوس الواوا ..ليك الواو..خلي الواوا يصح)، فإذا بإحداهن تلفت إلي بوابل من الشتائم...واتهمتني بالتحرش، وفجأة وجدتني مطاردا من أولاد الحلال الذين أخذتهم النخوة ...كنت أركض وأصرخ ( بريئ والله أنا بريئ، أين كنتم عندما اغتصبوا فلسطين، أين كنتم عندما احتلوا العراق...؟).
ولم ينقذني سوى أتوبيس توقف فجأة امتطيته، وأنا أنهج وأمسح عرقي الذي يقضي على أزمة المطر في أثيوبيا ...!!
كان الأتوبيس يضج بالأوانس أقصد العوانس ...حاولت أن أتفادى الالتصاق بإحداهن، والتصقت بعمود حديدي كان سيقضي على مستقبلي لولا أنني التويت عليه كالثعبان...
أشفق علي أحدهم ثم قال لي: " تعال يا ولدي واجلس في مكاني "
لم أصدق ما تسمعه أذناي، كيف لأحد أن يتنازل عن مقعده بالأتوبيس، خاصة أننا في زمن أصبح فيه الحصول على مقعد بالأتوبيس أشبه بالحصول على مقعد في البرلمان...!!
ولأنك أخي المواطن عربي..فبالتأكيد أنت تعرف مدى خطورة كراسي الأتوبيسات التي لا تقل عن العمود إياه!!.
أردت أن أطمئن بنظري إلى من يجلس بقربي، فإذا بها فتاة ..يبدو بأنها تعبت كثيرا حتى تمكنت من أن تدخل في ملابس أختها الصغرى، أو ربما ولدت بملابسها هكذا وكبرت معها...لالا ..أعتقد بأنها لا تلبس شيئا ولكنها رسمت على جسمها ملابس ثم قامت بتلوين بشرتها..
كيف ..ولماذا، وأين لبست هذا؟؟
المشكلة كانت كبرى بالنسبة لي أشبه بمشكلة تلك الطاولة العملاقة التي في مجلس الأمن، إذ أن باب قاعة مجلس الأمن صغير وبدفة واحدة فكيف أدخلوا تلك الطاولة؟...
قال لي أحد العباقرة من الذين فتح الله عليهم بأن تلك الطاولة جاؤوا بها صغيرة ثم قاموا برعايتها في القاعة حتى كبرت وأصبحت بالشكل الذي هي عليه ..!
كانت الفتاة تجلس فيما يشبه الاستعراض، كانت تواجه التيارات بصدر واسع ورحب..يبدولي بأنها فتاة تتمتع بحق فيتو كبير جدا جدا...
وفي مواجهتها عجوز ( رحم الله أيام لبن) ...فنحن في زمن يقاس فيه صمود الأمم بالصدور العارية في مواجهة الأخطار المحدقة!!.
سألت الفتاة في براءة الأطفال طبعا : ( يقال بأن سعر اللبن أصبح مرتفعا)..
وقبل أن ترفع صوتها، ويلحق بي الشبان إياهم قفزت من الشباك....
تذكرت وأنا أركض راقصة قالت لأترابها والصيف يحتضر ( يا حبيبي كلنا بنات عائلات، من البيت للكباريه ومن الكباريه للبيت)
عجبي يا زمن!
مصطفى بونيف
يا حبيبي كلنا بنات عائلات !!

ما أجمل المواصلات في بلاد الأتوبيسات أوطاني!..خاصة عندما يكتظ الأتوبيس بالراكبين عفوا الواقفين...عندما تختلط روائح العطور بالخضار بروائح الأنفاق، والغازات المسيلة للدموع...وعلى كل مواطن أن يلبس درعا واقيا ليحمي ما يجب حمايته وإلا سينزل من الحافلة إلى النيابة ثم إلى الطبيب الشرعي ..
لم أكن أفهم اللغز وراء تفضيل المرأة "الحافلة" كوسيلة للمواصلات ...إلا مؤخرا، وذلك عندما صرخت إحداهن في وجهي وأنا أقف خلفها ببراءة الأطفال ( يا قليل الأدب!)...ثم راح الأتوبيس كله يحوقل ( لا حول ولا قوة إلا بالله)، بينما كنت أحاول أن أشرح لهم وأنا أتلعثم كمن ضبطوه يسرق الأحذية من الجامع ...( والله أنا بريئ، بريئ)...لم يسمعني أحد، ثم استرسلت الفتاة في البكاء، وكانوا سيعقدون قراني عليها لولا أنني قفزت من الشباك، والفتاة تصرخ ( العريس طار يا أما، العريس طار)..
الحمد لله الذي خلصني من أتوبيس العوانس، وتمنيت لو أنني همست في أذن السائق أن يحط رحاله في مجاهل أفريقيا فهناك إن لم يتزوجن سيصبحن مع شوربة الفريك ليس لهن شريك!!.
ما أجمل المشي ...حقا إنها رياضة ممتعة أن تتمشى على قدميك فتستشعر نعمة الخالق الذي حباك بسيارة من نوع r2، لا تتطلب منك وقودا...ثم إننا في زمن المشوار الذي تقطعه عن طريق الأتوبيس أو السيارة في نصف ساعة، تقطعه بقدميك في عشرة دقائق..
نظرت أمامي فإذا بفرقة مدرعة بنات تسير أمامي...كل واحدة منهن تلبس فستانا يرتفع خمسين سنتمترا عن سطح البحر، التفت ورائي فإذا بفريق بنات آخر بالفستان إياه ...حتى أنني اعتقدت بأنني أسير في مظاهرة تقوم بها الفتيات لتغيير النظام ...خاصة وأننا في زمن لا يعلم به إلا ربنا ..تستطيع بنت العشرين أن تقلب نظام حكم بمجرد وقفة في ميدان ...أنظمة تتغير في غرفة تغيير الملابس النسائية، هذا هو واقع حال الديكتاتوريات التي أرعبتنا لعقود من الزمن ...
كنت أسير ببراءة الأطفال ...وأدندن أغنية أم كلثوم الشهيرة ( بوس الواوا ..ليك الواو..خلي الواوا يصح)، فإذا بإحداهن تلفت إلي بوابل من الشتائم...واتهمتني بالتحرش، وفجأة وجدتني مطاردا من أولاد الحلال الذين أخذتهم النخوة ...كنت أركض وأصرخ ( بريئ والله أنا بريئ، أين كنتم عندما اغتصبوا فلسطين، أين كنتم عندما احتلوا العراق...؟).
ولم ينقذني سوى أتوبيس توقف فجأة امتطيته، وأنا أنهج وأمسح عرقي الذي يقضي على أزمة المطر في أثيوبيا ...!!
كان الأتوبيس يضج بالأوانس أقصد العوانس ...حاولت أن أتفادى الالتصاق بإحداهن، والتصقت بعمود حديدي كان سيقضي على مستقبلي لولا أنني التويت عليه كالثعبان...
أشفق علي أحدهم ثم قال لي: " تعال يا ولدي واجلس في مكاني "
لم أصدق ما تسمعه أذناي، كيف لأحد أن يتنازل عن مقعده بالأتوبيس، خاصة أننا في زمن أصبح فيه الحصول على مقعد بالأتوبيس أشبه بالحصول على مقعد في البرلمان...!!
ولأنك أخي المواطن عربي..فبالتأكيد أنت تعرف مدى خطورة كراسي الأتوبيسات التي لا تقل عن العمود إياه!!.
أردت أن أطمئن بنظري إلى من يجلس بقربي، فإذا بها فتاة ..يبدو بأنها تعبت كثيرا حتى تمكنت من أن تدخل في ملابس أختها الصغرى، أو ربما ولدت بملابسها هكذا وكبرت معها...لالا ..أعتقد بأنها لا تلبس شيئا ولكنها رسمت على جسمها ملابس ثم قامت بتلوين بشرتها..
كيف ..ولماذا، وأين لبست هذا؟؟
المشكلة كانت كبرى بالنسبة لي أشبه بمشكلة تلك الطاولة العملاقة التي في مجلس الأمن، إذ أن باب قاعة مجلس الأمن صغير وبدفة واحدة فكيف أدخلوا تلك الطاولة؟...
قال لي أحد العباقرة من الذين فتح الله عليهم بأن تلك الطاولة جاؤوا بها صغيرة ثم قاموا برعايتها في القاعة حتى كبرت وأصبحت بالشكل الذي هي عليه ..!
كانت الفتاة تجلس فيما يشبه الاستعراض، كانت تواجه التيارات بصدر واسع ورحب..يبدولي بأنها فتاة تتمتع بحق فيتو كبير جدا جدا...
وفي مواجهتها عجوز ( رحم الله أيام لبن) ...فنحن في زمن يقاس فيه صمود الأمم بالصدور العارية في مواجهة الأخطار المحدقة!!.
سألت الفتاة في براءة الأطفال طبعا : ( يقال بأن سعر اللبن أصبح مرتفعا)..
وقبل أن ترفع صوتها، ويلحق بي الشبان إياهم قفزت من الشباك....
تذكرت وأنا أركض راقصة قالت لأترابها والصيف يحتضر ( يا حبيبي كلنا بنات عائلات، من البيت للكباريه ومن الكباريه للبيت)
عجبي يا زمن!
مصطفى بونيف
تعليق