العلاقة النحوية وتشكيل الصورة الشعرية ( أحلى الأسماء ) للأستاذ جودت الأنصار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    العلاقة النحوية وتشكيل الصورة الشعرية ( أحلى الأسماء ) للأستاذ جودت الأنصار



    سأهمسه لأزهاري
    وأعزفه رقيقاً فوق
    أوتاري

    بهذا المفتتح الغزلى الجميل والذى لابد لتلقيه من أن نتلقى العنوان الذى يضىء علاقة ضمير الغائب التى تحويها علاقة ( سأهمسه ) والتى تأويلها ( أحلى الاسماء سأهمسه ) مما يجعل العنوان منذ بداية النص هو السطر الأول فيه

    - عندما نتلقى علاقة ( سأهمسه ) نجد أن دلالة السين توحى بتغاير الفعل لدى بطل النص ، بينما تترك علاقة حرف التنفيس الذى يرنو للآتى تترك لنا أن نتخيل كيف كان بطل النص قبل أن يلقى هذا الاسم وما يرمز إليه وهو التخيل الذى ستزداد تفاصيله ويتجلى ثراؤه مع تلقى سياق النص بعد ذلك

    - كما تمثل علاقة الجملة الفعلية ( سأهمسه ) حالة من المداومة والتجدد الذى يستحيل معه هذا الهمس أشبه بورد يومى يردده بطل النص بما يجعل العلاقة تستحيل تعبيرا كنائيا عن تمكن هذى العاطفة من وجدان النص

    - ثم نتلقى علاقة المفعول به والتى تحتضن علاقة الهمس ( سأهمسه لأزهارى ) وهى العلاقة التى تستحيل استعارة مكنية تجسد لنا الزهر وقد صار كيانا حيا يشجيه أن يصغى لهمس بطل النص بل ويدرى ما يكابده

    - ثم إن علاقة المفعول به ( سأهمسه لأزهارى ) تستحيل تعبيرا كنائيا موحيا بمدى تناغم وجدان بطل النص مع الحياة من حوله وكيف ينبض هذا الوجدان بنبض الحياة ويؤثر فيها


    - نتلقى عبر علاقة العطف التى تزاوج بين السياقين نتلقى علاقة (وأعزفه رقيقاً فوقأوتاري ) وهى العلاقة التى تمثل فيها علاقة الحال المفردة ( رقيقا ) تناغما جماليا ودلاليا مع علاقة الجملة الفعلية ( سأهمسه ) بما يوحى برقة هذا الاسم الذى لا تجلوه الشدة والجهر وإنما الهمس والرقة ، هنا نحن أمام تفصيلة وملمح لهذى الحبيبة التى يستحيل اسمها لحنا على الوتر مهموسا حالما بما يكثف من الإيحاء بمدى هيام بطل النص وذوبان فؤاده فى هذى العاطفة النبيلة

    - ثم ولنتأمل ذكاء علاقة الظرف ( فوق أوتارى ) وهى العلاقة التى توحى بمدى رهافة الاسم الذى يتدلل على الوتر فلا يمسه وإنما يهمى نغمه فوقه فى عذوبة يغلفها الدلال والسمو

    يتبع ،،،،،

    رابط النص بملتقى التفعيلى
    http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=79300
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    #2
    ثم نتلقى هذى اللوحة النيرة والتى ينداح فيها حضور اسم الحبيبة وأثره على وجدان بطل النص

    يهدهدني اذا ما حطّم الواشون
    مزماري
    اذا ما هجر الطوفان
    أطياري

    وأدفنه عميقاً بين
    اسراري
    ليغرقني متى ما جفف النسيان
    انهاري
    يلملمني كقاموسٍ اترجم فيه
    افكاري
    وهل في الارض من اسمٍ سوى ليلى


    وأول ما يطالعنا فى هذى اللوحة هو علاقة الجملة الفعلية ( يهدهنى إذا ما حطم الواشون مزمارى ) فنحن أمام تفصيلة جمالية جديدة لحضور اسم الحبيبة ، إنه يستحيل رؤوما كأم تهدهد القلب فى لحظات الألم والحسرة

    - لذا سنلاحظ أن الفاعل قد تغير فلم يعد الفاعل هو بطل النص كما سبق وتلقينا فى لوحة المفتتح ( سأهمسه - أعزفه ) هنا ستتغاير العلاقة إلى فاعل جديد هو الحبيبة واسمها
    - أن تغاير علاقة الفاعل هى السمة الرئيسة لهذى اللوحة والتى كان توظيفها دالا على تغاير تفاصيل اللوحة والسياق الجمالى الذى يتغاير تجاه الحبيبة وحضور اسمها وكيف يكون هذا الحضور

    - سنجد أن علاقة الجملة الفعلية ( يهدهدنى ) تمتد لتسيج علاقة الشرط التالية (اذا ما هجر الطوفانأطياري) بما يوحى بأن هذى الهدهدة الرهيفة على رهافتها قادرة على أن تصمد أمام طوفان لأنها هدهدة الحب ، وهذى الدلالة التى تمثلها علاقة الشرط تستحيل تعبيرا كنائيا دالا على ما يراه بطل النص فى هذا الحب وجسارة حضوره التى لها أن تصمد أمام طوفان يهجر ويخرب

    - ثم ولنتأمل علاقة جملتى الشرط ( يهدهدنى إذا ما حطم الواشون مزمارى ، إذا ما هجر الطوفان أطيارى ) نحن هنا أما تقديم جواب الشرط على فعل الشرط ولنتأمل الجملة فى سياقها النحوى العادى ( إذا ما حطم الواشون مزمارى يهدهدنى ) لكن هذى ليست العلاقة التى قام عليها سياق النص لأنه قد تم تقديم الجواب بما يجعل التقديم لعلاقة جواب الشرط كناية عن اليقين فى هذا الحي وأثره فى حياة بطل النص إنه يقدم الجواب كأن الحنو متحقق قبل أن يكابد ما سيكابده

    - ثم نتلقى هذا السياق (وادفنه عميقاً بين
    اسراري،
    ليغرقني متى ما جفف النسيان
    انهاري)

    وهو السياق الذى يبدأ بعلاقة الجملة الفعلية ، التى تسمتد دلالة مفعولها من عنوان النص ( أحلى الاسماء ) وهى العلاقة أيضا التى تكنز الاستعارة المكنية ، التى تخيل لنا اسم الحبيبة بذرة طيبة فإذا كان ظاهر ما نفعل بهذى البذرة أن ( ندفنها ) فالحقيقة أننا نحييها ونمنحها طورا من حياة جديدة وهذا ما يتحقق فى سياق النص ، فحين يستدعى ظاهر الحقل الدلالى للفعل ( و
    أدفنها ) حين يستدعى فكرة الموت بل تكراره عبر دلالة المضارعة ، فإن تمعن السياق يجلو لنا التخييل عبر الاستعارة الذى تكنزه علاقة الجملة الفعلية والتى تخيل لنا الحبيبة بذرة خضراء تكبر حين تضمرها بساتين الفؤاد تكبر وارفة حانية


    - تمثل علاقة الفاعل ( إذا ما جفف النسيان أنهارى ) استعارة مكنية تتناغم مع الاستعارة السابقة ( أدفنها عميقا بين أسرارى ) لكن فى علاقة الفاعل سنجد أننا أمام هيئة أخرى للنسيان تتراءى لنا ، حيث يبدو عبر تخييل الاستعارة موسما للجدب ، وطقسا للخريف تجف فيه الأنهار

    - هنا يمكن القول أن الاستعارة التى تمثلها علاقة الفاعل ( إذا ما جفف النسيان ) تكثف من علاقة استعارة ( أدفنها عميقا ) لأنها تتجلى لنا فيضا فى الجدب وغيثا وغرقا جميلا يكسر وطأة النسيان ويطوى مواسمه الأليمة

    - ثم ينداح التخييل لنتلقى هذا السياق (يؤرجحني كمولودٍ على حلّيواسفاري ) وهو السياق الذى يتناغم أكثر مع سياق ( يهدهدنى إذا ما حطم الواشون مزمارى ) بل إن هذا السياق يبدو ربما تنويعة على لحنه ، وكأنه التفات إلى لوحة ( يهدهدنى ) لا يريد لها أن ترتحل سريعا عن بصائرنا

    - ثم نتلقى تخييلا متناغما عبر سياق
    (ويُدفئني اذا ما مرّ كانون
    بأسحاري)

    حيث يتغاير الظل الجمالى عبر تلقى هيئة جديدة لاسم الحبيبة حيث يستحيل جمرا حيا فى البرد ، وذلك عبر الاستعارة المكنية التى تمثِّلها علاقة المضارعة ( يدفئنى ) وسنلاحظ كما سبق أن أشرنا تقديم علاقة جواب الشراط على علاقة فعل الشرط بما يكثف من حالة اليقين التى تكتنف وجدان بطل النص تجاه هذا الاسم

    - ثم ينداح التخييل لنتلقى هذا السياق (يلملمني كقاموسٍ اترجم فيهافكاري ) وهو السياق الذى سيحمل أيضا تغاير للظل الجمالى لاسم الحبيبة فها هو يتغاير من جمر دفىء فى كانون عبر الاستعارة المكنية ، إلى سِفر يحوى الفكر ويزيل عجمته ويترجم الحس والمشاعر وذلك عبر علاقة التشبيه التى قامت الأداة فيها بإضاءة علاقة ( يلملمنى ) وجلت لنا كيف وقوعها فى تخييل يحمل حسية سلسة على التلقى

    - ( وهل في الارض من اسمٍ سوى ليلى )

    وهكذا نتلقى علاقة الجملة الاستفهامية التى تسيج ما سبق من سياق ، هنا يتجلى لنا اسم الحبيبة بل يختزل الاسماء كلها فى اسم ليلى
    فى السياق السابق سنجد أن علاقة التقديم والتأخير تكثف من دلالة السياق ومن حالة التشويق والتحفيز حيث تم تقديم علاقة الخبر شبه الجملة ( وهل فى الأرض ) وهى العلاقة التى تم تقديمها لتكون براحا وسيعا يحيط بالأعصر والأزمنة كلها التى عرفت الحب وأبطالها الكبار

    - ثم نتلقى علاقة شبه الجملة التالية ( من اسم ) وهنا تلعب علاقة ( من ) دورا هاما فهى تكثف من الحصر والاستثناء وتوحى بتفرد اسم ليلى وكونه متوجا فردا على اسماء الحبيبات كلهن

    - ثم بعد ذلك نتلقى علاقة المبتدأ المؤخر ( سوى ليلى ) وهى العلاقة التى يضاف إليها اسم الحبيبة ليلى إمعانا فى تكثيف دلالة الحصر والاستثناء لاسم الحبيبة ليلى ، أى أننا لا نتلقى اسم الحبيبة إلا بعد تلقى الخبر المقدم ثم تلقى علاقة المبتدأ ثم فى النهاية نتلقى علاقة المضاف إليه ( ليلى ) بما يوحى بسمو هذا الاسم فى وجدان بطل النص وتجذره فى حنايا الوجدان
    يتبع ،،،،

    تعليق

    • محمد الصاوى السيد حسين
      أديب وكاتب
      • 25-09-2008
      • 2803

      #3
      ثم نتلقى هذى اللوحة الأخيرة الباهرة
      وهل في الارض من اسمٍ سوى ليلى
      يذيب الثلج عن نظمي
      وأشعاري
      سأحمله كفانوسٍ يتيم بين
      انواري
      سأحفظه اذا ولى قطار العمر
      لا يلوي على شيء وامسكه بأسناني
      واظفاري
      اداعبه وحيداً خلف
      اسواري
      وأذكاري

      - فى مفتتح هذى اللوحة سنتلقى أول دفقة تخييل تكنزها الاستعارة التصريحية ( يذيب الثلج عن نظمى وأشعارى ) وهى الاستعارة التى تكنزها علاقة المفعول به بما يكثف من الإيحاء الجمالى بسحر اسم الحبيبة وطاقاته الخلابة ، حيث يستحيل الثلج هنا عبر الاستعارة موازيا للنسيان والتجاهل والكآبة

      - وحين نتأمل علاقة الجملة الفعلية المضارعة ( يذيب ) نجد أن الحقل الدلالى للفعل يوحى لنا ليس بمجرد تخييل الاستعارة ولكنه يكنز ظلا دلاليا يخيل لنا اسم الحبيبة مشابها لفصل الربيع ذاته الذى يذيب الثلوج ويحيى الحياة من جديد

      - ثم ينداح التخييل لنتلقى سياق (سأحمله كفانوسٍ يتيم بين أنوارى ) وهو السياق الذى يكنز تشبيها يضيف تفصيلة جديدة عذبة على طاقات اسم الحبيبة ولوحاته ، حين يستحيل الاسم عبر تخيل التشبيه فانوسا ، وسنلاحظ أن الحقل الدلالى لعلاقة المشبه به ( كفانوس ) تستدعى حس الطفولة وبراءتها وعوالمها الخضراء حين تشبه اسم الحبيبة بفانوس

      - ويتجلى لنا أن التشبيه هنا يكثف من إيحاء رهيف عذب هو ان اسم الحبيبة يتراءى لبطل النص كما يشتهيه هو ويتمناه فالسياق لم يقل لنا مثلا ( سأحمله فانوسا يتيما ) وهو تخييل يجعل الاسم قد صار عبر التخييل فانوسا ، لكن السياق يقول لنا ( سأحمله كفانوس ) أى كما أحب أن أراه وأبصره ، هنا تكنز علاقة حرف التشبيه الكاف القدرة على هذا الإيحاء الرهيف

      - ثم نتلقى علاقة النعت ( كفانوس يتيم ) وهى العلاقة التى تكنز استعارة مكنية تخيل لنا اسم الحبيبة الذى استحال فانوسا ستجسد لنا كيانا حيا من حزن فهو على ضوئه يتيم

      - ثم نتلقى علاقة شبه جملة الجار والمجرور ( كفانوس يتيم بين أنوارى ) وهى العلاقة التى تكثف من مرارة اليتم وظلاله الحزينة التى لا تقدر على أن تتجاوب مع البهجة والفرحة التى تنثرها الأنوار بما يوحى بمرارة حالة اليتم وقساوتها وإيحائها الأليم على تفرد الحبيبة بشجن عميق يتراءى عبر التخييل فى هيئة فانوس يتيم

      - ثم تنداح اللوحة لنتلقى هذا السياق
      -
      (سأحفظه اذا ولى قطار العمر
      لا يلوي على شيء
      وامسكه بأسنانيواظفاري

      - وفى هذا السياق سنتلقى الاستعارة المكنية ( إذا قطار العمر ) كعلاقة فعل الشرط التى تم تقديم جواب الشرط عليها وهى سمة عامة تميز استخدام علاقة الشرط فى النص ، وتوحى بذكاء بيقين بطل النص باسم الحبيبة وما يرمز إليه ويقينه فى قدرته على أن يحتفظ بهذا الحب رغم تولى العمر قطارا راحلا إلى محطاته البعيدة الغامضة

      - ثم نتلقى هذا السياق ( وأمسكه بأسنانى وأظفارى ) وهو السياق الذى يكنز الاستعارة المكنية التى تحتاج تمعنا لتغاير ظلها الجمالى فجائيا عما سبقها من استعارة ( ولى قطار العمر ) حيث تخيل لنا هذى الاستعارة تخيل لنا اسم الحبيبة آخر طوق نجاة لبطل النص ، آخر طوق نجاة إذا ولى قطار العمر يتشبث بها بطل النص الذى يتراءى لنا غريقا فى لجة عمره التى يضرب موجها هائجا إلا من بصيص نور الحبيبة التى تستحيل طوقا للنجاة وفرصة أخيرة فى العمر لابد وأن يتشبث بها فهى الروح

      ثم نتلقى هذا الختام

      (اداعبه وحيداً خلف
      اسواري
      وأذكاري

      - وهو الختام الذى يتغاير فيه الظل الجمالى إلى نبرة أكثر طمأنينة وسكينة من التخييل السابق ، بما يوحى بالنجاة وقدرة بطل النص الذى رأيناه يكابد الغرف فى لجة العمر ، قدرته على أن يلوذ بحبه إلى فردوسه الخفى الذى يستكين فيه إلى مداعبة شجية ، تذكرنا بحنو الهدهدة التى بدأ بها سياق النص

      - فى الختام يمكن القول أننا أمام نص غزلى عذب يحمل رسالته الإنسانية تجاه حالة نبيلة من الحب ، ذاك الحب الذى يحمى ويدفىء ويضىء ويأوى ويحمى ، أمام حالة من الحب الذى يستحيل فيه اسم الحبيبة نشيدا صوفيا لحضورة طاقة نورانية تضفى على الحياة ظلالها الوجدانية الثرية

      تعليق

      يعمل...
      X