الخيط والإبرة .. مجموعة قصصية ...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الفتاح أفكوح
    السندباد
    • 10-11-2007
    • 345

    #31
    [align=center]بدون مقدمات
    ... فإن أمسكت عن نصحك، وضننت عليك بكلمة الحق، فلا خير ترجوه أو يرجوه غيرك مني، وسأكون شيطانا أخرسا، وإن بخلت علي بسماع ما سأسديه لك من النصح صادقا، وجعلت أصابعك في أذنيك، فلا خير أنتظره أو يترقبه سواي منك، ولن تكون إلا مثيلا لمن أخذته العزة بالإثم، ولن يكون حالك إلا نظيرا لحال من أورد نفسه موارد الهلاك، وكفى بهذه الحال التي إن ارتضيتها دليلا على أنك ظالم جهول ...
    أمسك الصاحب رأسه بكلتا يديه، وقد أفصح جبينه بالعرق مبينا عن بالغ ندمه، وكذلك فاضت عيناه بدمع سخين، أرسلته على خذيه معلنة به شديد حسرته، فلم يعد للحروف مكان في هذا المقام ...
    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com[/align]

    تعليق

    • عبد الفتاح أفكوح
      السندباد
      • 10-11-2007
      • 345

      #32
      [align=center]على طرف اللسان
      ... وإلى غاية هذه الساعة، التي أتجاذب معك فيها أطراف الحديث، ما يزال ذهني منشغلا بذاك الوجه الذي رأيته هذا الصباح، فأنا جد متأكد بأني أعرف صاحبه مثلما أعرفك، ولا أجهل اسم حامله، لكن الذاكرة لم تسعفني بعد على تذكره، وإن كنت أشعر بأني غير بعيد من القبض عليه والنطق به، بل أستطيع الجزم بأن حروفه على طرف لساني ...
      لا بد أن أحمل ذاكرتي على بعث هذا الإسم من مرقده، وأخشى إن لم أتذكره سريعا، أن يشل انشغالي به كل تفكيري، فكأني بحروفه تستفزني وتتحداني ...
      توقف عن محادثة جليسه، وأغمض عينيه، ثم أقبل على جبهته يطرقها بأنامل أصابعه اليمنى، وهو يستعرض بينه وبين نفسه بعضا من الحروف عسى أن يعثر في الإسم المطلوب: ... س .. ك .. هـ .. ج ...
      د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
      aghanime@hotmail.com[/align]

      تعليق

      • عبد الفتاح أفكوح
        السندباد
        • 10-11-2007
        • 345

        #33
        [align=center]نشرة الأخبار
        ... فاندفع مسرعا، يحث قدميه على طلب الوصول إلى حيث سيلقي على مسامع المشاهدين نشرة إخبارية جديدة، إذ لم يبق على حلول موعدها سوى خمس دقائق، وأثناء عبوره الممر الطويل، أخذ يحيي كعادته بابتسامته المألوفة كل من يصادفه، وكان يلقي بين الحين والحين نظرة على الأوراق التي يحملها بين يديه ...
        دخل غرفة صغيرة، والتحق بمكانه المعتاد، وما هي إلا لحظة وجيزة، حتى بدأ العد العكسي .. اثنان، واحد ..
        مشاهدي الكرام الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسعد الله مساءكم، وجد سعيد بلقائكم في نشرة الأخبار المسائية لهذا اليوم، وفي البداية إليكم عناوينها الرئيسة:
        ... وقد أعرب .. ثم إن الحادث خلف .. ومن جهة ثانية، فقد .. إلا أن اللقاء لم يسفر على .. وقد أفاد مراسلنا أن .. هذا، وقد أضاف المبعوث إلى .. وبعد هذه الجولة الإخبارية خارج البلاد، نعود إلى .. وبهذا الخبر الطريف نختم نشرة المساء .. دمتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
        د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
        aghanime@hotmail.com[/align]

        تعليق

        • عبد الفتاح أفكوح
          السندباد
          • 10-11-2007
          • 345

          #34
          [align=center]أصوات
          ... آه، لقد تأخرت كثيرا .. هيا يا أولاد، لقد حان وقت الذهاب إلى المدرسة .. ألم أقل لكم إن السهر داء وخيم؟.. من رأى منكم قميصي؟.. أمي لم أجد محفظتي .. أين حذائي وجواربي؟.. حاول أن تعود إلى البيت في أقرب وقت ممكن، حتى يجدك الضيوف في استقبالهم .. أين فرشاة الأسنان يا أمي؟.. لا تنس أن تحمل معك مفتاح البيت، فربما قد لن تجد فيه عند عودتك من العمل من يفتح لك ...
          مساكن متراصة متقابلة، قد استند جدران بعضها إلى بعض، وأصوات تنبعث منها متآلفة حينا ومتنافرة أحيانا، منها الخفيض والجهير، ومنها الهادئ والمضطرب، وهي تندفع من الدور صادرة عن الأحياء والجمادات، متأرجحة بين مد الأمر والإجابة، وجزر السؤال والطلب، متقلبة بين جزر السؤال والأمر، ومد الطلب والإجابة ...
          أبواب ونوافذ تفتح، وصوت مذياع هنا، وصوت تلفاز هناك، وذاك رجل يسأل، وتلك امرأة تجيب، وهذا شيخ يتثاءب، وتلك عجوز تنادي، وهؤلاء أطفال يسرعون بخطواتهم الصغيرة إلى مدارسهم، وهذا طفل يبكي، وتلك صبية الجيران تضحك، وهذه طفلة تبكي، وذاك صبي الجيران يضحك، وهذه عصافير قد أطلقت العنان لتغريدها الصباحي متنافسة، وذلك ديك على السطح قد أرسل صيحاته المسترسلة وكأنه يباريها ...
          د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
          aghanime@hotmail.com[/align]

          تعليق

          • عبد الفتاح أفكوح
            السندباد
            • 10-11-2007
            • 345

            #35
            [align=center]خبر كان
            ... ثم إن الأهل يا بني كانوا في زماننا أهلا بحق، وكذلك كان الجيران، والأصدقاء في ذاك الزمان، وإني أذكر كيف كان الكبير يحنو ويشفق على الصغير، وكيف كان الصغير يجل ويوقر الكبير، ولن أنسى ما حييت كيف كان الرجل يقدر زوجه ويرفق بها وبأولاده، وكيف كانت المرأة تجل زوجها وتسهر على راحته وراحة أبنائها ...
            أرسل الشيخ عينيه المغرورقتين بالدمع إلى السماء، ثم ارتد بهما مغمضتين إلى الأرض، وقد كست محياه مسحة من الحزن والأسى، في حين أثقلت لسانه غصة جاثمة في حلقه منذ أعوام خلت، واضطربت في دواخله حرقة عاصفة، وبعد أن تجرع الغصة الحارقة، عاد يحدث الفتى، والفتى منصت صامت ...
            إني أراك يا بني في جلستك هذه كما كنت أراني وأرى أباك في سنك، ولن أنسى كيف كان الود بين الناس صافيا، وكيف كان الحياء والأدب بينهم راقيا ساميا ...
            - أترى تلك الشجرة؟
            - أجل أراها، ما شأنها؟
            - إنها لو نطقت الساعة لشهدت مصدقة على ما ذكرت لك، ولربما حدثتك أحسن مني بمثل ما رويت لك، وحتما ستضيف إلى الذي قد حكيت لك كثيرا مما قد نسيت ...
            د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
            aghanime@hotmail.com[/align]

            تعليق

            • عبد الفتاح أفكوح
              السندباد
              • 10-11-2007
              • 345

              #36
              [align=center]نكران الجميل
              ... وكم أسدى لهم بالأمس من النصح الجميل، ولم يبخل عليهم يوما بشيء لهم فيه النفع والخير والنهج الجليل، وكم أهدى إليهم البشرى والفرحة في الكثير والقليل، وبذل كل ما في وسعه من أجل إسعادهم ورسم البسمة على ثغورهم وهو عليل، وكان يبيت الليالي ساهرا ليناموا في سكينة، ويتعب غاية التعب حتى الإرهاق لينعموا بالراحة، وكم سعى في خدمتهم بجسمه النحيل ...
              لم يشتك يوما ولم يتأفف، وكانت نفسه المطمئنة تلازمه كظله ولا تفارقه، وعلى الرغم من أن الحمل كان ثقيلا جدا عليه، وأن ما أصابه من جراحات الألسن كان عميقا، إلا أنه اتخذ من الصبر مركبا، وجعل من الجلد بلسما ...
              أشفقت عليه القلوب، وذابت أسى لحاله، واحتارت في عجيب أمره العقول، عندما استعصى عليها الفهم، وشردت فيه شرودا بعيدا، إذ لم يشاهده أصحابها يوما غزير القول، ولم يروه يوما يسير العمل، إلا أنه لم يحدث أن جعل أحاديثه وأعماله مغلولة أو مبسوطة كل البسط ...
              واليوم إذ شبوا واشتدت سواعدهم، تنكروا له، فلم يرحموا ضعفه، ولم يقدروا شيبته، وصار في أعينهم المكتنزة قسوة غريبا، وأصبح وجهه لديهم مريبا ...
              د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
              aghanime@hotmail.com[/align]

              تعليق

              • بوبكر الأوراس
                أديب وكاتب
                • 03-10-2007
                • 760

                #37
                المشاركة الأصلية بواسطة أبو شامة المغربي مشاهدة المشاركة
                [align=center]نكران الجميل
                ... وكم أسدى لهم بالأمس من النصح الجميل، ولم يبخل عليهم يوما بشيء لهم فيه النفع والخير والنهج الجليل، وكم أهدى إليهم البشرى والفرحة في الكثير والقليل، وبذل كل ما في وسعه من أجل إسعادهم ورسم البسمة على ثغورهم وهو عليل، وكان يبيت الليالي ساهرا ليناموا في سكينة، ويتعب غاية التعب حتى الإرهاق لينعموا بالراحة، وكم سعى في خدمتهم بجسمه النحيل ...
                لم يشتك يوما ولم يتأفف، وكانت نفسه المطمئنة تلازمه كظله ولا تفارقه، وعلى الرغم من أن الحمل كان ثقيلا جدا عليه، وأن ما أصابه من جراحات الألسن كان عميقا، إلا أنه اتخذ من الصبر مركبا، وجعل من الجلد بلسما ...
                أشفقت عليه القلوب، وذابت أسى لحاله، واحتارت في عجيب أمره العقول، عندما استعصى عليها الفهم، وشردت فيه شرودا بعيدا، إذ لم يشاهده أصحابها يوما غزير القول، ولم يروه يوما يسير العمل، إلا أنه لم يحدث أن جعل أحاديثه وأعماله مغلولة أو مبسوطة كل البسط ...
                واليوم إذ شبوا واشتدت سواعدهم، تنكروا له، فلم يرحموا ضعفه، ولم يقدروا شيبته، وصار في أعينهم المكتنزة قسوة غريبا، وأصبح وجهه لديهم مريبا ...
                د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                aghanime@hotmail.com[/align]
                السلام عليك يا أستاذي تحياتي
                كلماتك تخفي فيها الكثير والكثير ولكن هذا هو حال الأمة لقد تنكر الصديق والأخ مع أحيه وأحيانا تتنكر الأم مع ابنائها نتيجة أطماع دنيوية أو قسوة في القلب ...أحي أبو شامة الحياة أحيانل تتحول إلى طلام وخاصة حينما تقلب لك ظهر المجن وقد تتغير القلوب لتصبح أقسى من الحجر ....مجموعة قصصية سردية استعمل فيها الكاتب ضمير الغائب كثير ويظهر في كتابته أنه كان متعجلا غير راض بالواقع المعاش حينما تتقلب القلوب ..كما أن الكاتب لم يكن غرضه القصة أراد أن يوصل عدة رسائل ربما استعمل السجع كما استعمل التكرار كما استعمل أسلوب السخرية وهو يعبر بذلك عن نفسيته وقد ضاقت به الحياة عندما تنكر له الأحباب والأصحاب وربما ظروف أخرى ألمت به ولم يجد مساعد له ..كما أن الكاتب استعمل التكرار في قصصه والغرض من ذلك إيصال رسائل محتلفة لإصحابه أو من يظنهم أصحابه ..المهم هذه المجموعة تحتوي كثير من الالغاز المبهمة في الغالب ولكي تعرف ذلك يجب أن تقترب من الكاتب وتقرأ جيدا كتابته السابقة والحاظرة والتغير الذي طرأ عليها تحياتي أستاذي الكريم ....الجدزائر شرقا

                تعليق

                • عبد الفتاح أفكوح
                  السندباد
                  • 10-11-2007
                  • 345

                  #38
                  [align=center]بسم الله الرحمن الرحم
                  سلام الله عليك أخي الكريم
                  أبو زينب
                  ورحمته جل وعلا وبركاته
                  وبعد ...
                  لك غيث الشكر وفيض التقدير على إطلالتك المشرقة في هذه الواحة الثقافية، ثم إني أسأل الله عز وجل لنا جميعا التوفيق والسداد وحسن الخاتمة ...
                  حياك الله
                  د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                  aghanime@hotmail.com
                  [/align]

                  تعليق

                  • عبد الفتاح أفكوح
                    السندباد
                    • 10-11-2007
                    • 345

                    #39
                    [align=center]الخسران
                    ... فأقبل قاصدا عابثا يجني ما يضره، وانبرى متعمدا متهورا يحصد بنهم شديد ما لا ينفعه، ثم ود ظالما لنفسه لو أن بينه وبين زمن استقامته أمدا بعيدا، وحسب الفوز الكبير في المكر والغدر والخديعة، وظن الربح الوفير في الظلم والعدوان ...
                    ضاق صدره بما تلقى سمعه من النصح الجميل، وصم أذنيه مطلقا عن سماع كلمة الحق، وأجرى على لسانه لفظ الباطل، فاستبشر خيرا بما دأب يمسي عليه ويصبح من سيرة، وحسب النجاة في ركوب أهوائه والمعاصي، وأن غيث الصواب لم يخطئ أرضه، فغدا يصرخ في وجههم كلما خاطبوه بلسان النهي: ذروني وشأني ...
                    ثم إن هذا العبد الضعيف يا سادة، اختار لنفسه بعد الإهتداء ظلمة الشقاء، ونأى بها عن نور السعادة، فصار وجهه مسودا واغتربت في حياته العبادة، واتخذ في يقظته من شنيع القول وقبيح الصنيع ألف عادة وعادة، وضروبا شتى من الأذى وزيادة، واقتفى أثر الخير بالشر عدوانا بلا هوادة، وتعلقت نفسه الأمارة بالسوء بكل ضلالة كتعلق الرأس في منامه بالوسادة ...
                    مكث وحيدا معزولا في عسر مقيم، وانفض من حوله كل صديق وحميم، وانكب على وجهه في غابة الخسران يحتطب بفأس الغواية شوك الفساد وكل عمل عقيم، فلم يخفق فؤاده بالخير والمودة يوما ولا بالذكر الحكيم، ولم تفض عيناه بالدمع حزنا وندما لا في النهار ولا في الليل البهيم، بل جنى على نفسه وخاب إذ دساها في وديان الظلمات حيث ظل يهيم ...
                    والآن قد أوشك ما قصصناه عليكم يا سادة يا كرام على نهايته والتمام، وإني لأسأل الله تعالى ذا الجلال والإكرام، أن يرزقكم وإياي حسن الختام ...
                    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                    aghanime@hotmail.com
                    [/align]

                    تعليق

                    • عبد الفتاح أفكوح
                      السندباد
                      • 10-11-2007
                      • 345

                      #40
                      [align=center]سرقة أدبية
                      ... فحدث نفسه بقوله: ... وأنا على يقين بأن أمري لن ينكشف بين الكتاب والقراء، وما علي إلا أن أبذل كل ما في وسعي لأطمس أي أثر من شأنه أن يكون سببا في افتضاحي بينهم، وحتما سيحالفني التوفيق في سعيي، الذي لن أجد له شاكرا على أي حال سواي، ومن هم على شاكلتي يقتفون ما أقتفي ...
                      أرخى سدول السطو على ما ليس له، وهان عليه أن يمد يده غاصبا إلى ما لم يبذل من أجل تحقيقه جهدا، وسولت له نفسه سرقة ما لم ينفق في سبيله وقتا، فانكب ناهما على ما بين يديه بالنسخ واللصق، وهو لا يحفل بما يمتصه من دماء الكتاب، ولا يلقي بالا إلى عنوانه، ولا يهتم حتى باسم صاحبه، فالوقت من ذهب، حدث بها نفسه، وفي عرفه ما خاب من نهب ...
                      أتى بسطوه على الكتاب برمته، وانتقى له بعد فراغه من رص فقراته وفصوله عنوانا رنانا طلبا لشهرته، ثم أسرع به إلى دار النشر مزهوا بفرحته، وترك لمديرها واسع النظر في تصميم الغلاف وصورته وشكله، ومنحه في ذات الوقت كامل الإختيار في زخرفة اسمه الشخصي الثلاثي حفاظا على سمعته، وخول له إعمال الرأي وتمام التصرف في إخراج وتنميق أولى طبعاته ...
                      أصبح الكتاب بعد أيام مطبوعا، وموزعا، ومعروضا في واجهة المكتبات بأبهى حلة، وأضحى حديثا يجري على ألسن الأدباء والنقاد والقراء على حد سواء، ومثلا سائرا في معارض الكتب، وغدا محورا تعقد من أجله الندوات واللقاءات، وظل لزمن غير قصير يشغل في الصحف والمجلات بدل الصفحة صفحات، وصار الذي ادعى تأليفه ضيفا معززا مكرما يتهافت عليه أصحاب البرامج الثقافية الإذاعية والتلفزية، ثم اعتاد رواد المكتبات الأوفياء، كلما مروا بها، أن يقفوا مليا أمام كل واجهة، ويلقوا نظرة إعجاب وتقدير على اسمه المخطوط بحروف عربية جميلة على غلاف الكتاب، وأن يمعنوا النظر في العنوان، وهم يقرءون دون عجلة من أمرهم: سرقة أدبية ...

                      د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                      aghanime@hotmail.com
                      [/align]

                      تعليق

                      • عبد الفتاح أفكوح
                        السندباد
                        • 10-11-2007
                        • 345

                        #41
                        [align=center]الجدار
                        ... ثم إن الغدر حيكت خيوطه السوداء ليلا، وبيت أهله المؤامرة والمكر سرا، فكان لاجتهادهم في ما حاكوه وبيتوه فنونا شتى يندى لها الجبين، فلم يستحوا وقست قلوبهم واسودت كالقطران، وصنعوا ما زينه لهم الشيطان بزخرفه، وكادوا يضاهون بصنيعهم ما أشار موسوسا عليهم به ...
                        أسفر الصبح، فبدت عتمة ما يلفظونه خبيثا من أفواههم جلية في ما بينهم، وأفصح جرمهم عن بشاعة ما يضمرون، وأصبح من ينظرون إليهم بعين العداوة والحقد والحسد، وقد وجدوا أمامهم جدارا قائما قد تم نصبه، وعلا فاصلا في ما بينهم بأيدي المتآمرين عليهم، ممن حسبوا كل الخير لأنفسهم في ما مكروه، وظنوا الفوز كل الفوز وعظم قدر الغنيمة في ما غرسوه، فظنوا أن الجدار الذي بنوه سيظل حائلا منيعا ...
                        اتخذوه حماية لأنفسهم في ما يزعمون من أعداء هم الذين صنعوهم، وشيدوه صدا في ما يدعون لعداوة هم من أوقد وأجج نارها، ثم إنهم أرادوه حجابا لمواراة وجوه يكرهون النظر إليها، ولمنع أياد من الإمتداد يمقتون مصافحتها ...
                        حتى إذا طال عليهم الأمد خلف الجدار، وضاقت عليهم أنفسهم بما رحبت من الضلال والشقاء، وتفجرت أفئدتهم بما انطوت عليه من ظلمات الإثم وشناعة العدوان، أيقنوا أن لا عدو لهم في هذه الدنيا غير إبليس ولا أحد ثاني سواهم، وأدركوا أن العداوة سم يجري في عروقهم بدل الدماء، وأن الجدار الذي أقاموه فرحين، لم يوار إلا أوجههم المنكرة بأثر ما تخفي صدورهم، ولم يحجب غير أيديهم الملوثة بدماء الأبرياء ...

                        د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                        aghanime@hotmail.com
                        [/align]
                        التعديل الأخير تم بواسطة عبد الفتاح أفكوح; الساعة 25-03-2008, 03:29.

                        تعليق

                        • عبد الفتاح أفكوح
                          السندباد
                          • 10-11-2007
                          • 345

                          #42
                          [align=center]حمل كاذب
                          ... فمنذ أشهر معدودات، وهو يحسب نفسه قادرة على أن تجود عليه ببعض ما اعتقد واهما أنها تمتلكه لوحدها، دون منازع لها فيه، حتى إنه حرص على الملازمة الوثيقة لما توهمه، وكره أن يعود إلى أرض اليقظة قبل أن يرى حلمه قد تحقق، ورغب عن أوبته إلى اليابسة بعد أن أسره الإبحار وأخذ بلبه ...
                          انتظر وانتظر كثيرا ثم انتظر أن تضع النفس حملها، وطال به الشوق إلى احتضان ذاك المولود الجديد بخفق فؤاده، ورؤيته باسم الثغر، نشيط الحركة تارة، ونائما تارة على فراش مهده الأبيض ...
                          لقد استبشر خيرا بمقدمه، وأعد له أجمل ترحيب يليق به، واصطفى له الأحسن من بين الأسماء، وقطع وعدا بينه وبين نفسه لئن رزق ذاك المولود، ليشركن جميع من يبادلونه صافي الود في فرحته الكبرى بمولده، لكن تعذر على النفس أن تستجيب له، إذ لم تعده بشيء من قبل، وعز عليها أن تراه منساقا بلهفة ذي الشوق الملتهب وراء سراب لن يدركه ...
                          د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                          aghanime@hotmail.com
                          [/align]

                          تعليق

                          • عبد الفتاح أفكوح
                            السندباد
                            • 10-11-2007
                            • 345

                            #43
                            المنصة
                            ... ثم ما إن أيقظهم شروق شمس ذلك اليوم، حتى أقبل بعضهم على بعض مهنئا مباركا، ومن فورهم توجهوا مسرعين إلى المكان المعلوم، وقد جاءوا من كل صوب ركبانا وراجلين، وحلقوا بالحدث السعيد المرتقب قدر ما حلق بهم عاليا، واهتموا به قدر ما ذاع خبره في المدينة الصغيرة وملأ ارجاءها، واحتفلوا به مسبقا في مخيلتهم قدر ما بلغ صيته وشغل غيرهم من الناس ...
                            كانت المنصة منصوبة بعناية فائقة، وكانت الكراسي الوثيرة المعدودة على رؤوس الأصابع عليها مصفوفة بذوق أنيق، وقد أعدت لكبار المدعوين من الضيوف وغير الضيوف، وظل الوافدون واقفين على أرض الساحة، تحت شمس حارقة تلهب رءوسهم، وتلسع بسياطها ما تبقى من أجسادهم، ومكثوا على تلك الحال يحصون الدقائق والساعات، ولا يتحدثون في ما بينهم سوى عن الحدث السعيد الذي سيحل قريبا معززا مكرما بينهم، وكانت ألسنتهم لا تنطق، فضلا عن هذا الحديث، غير أسماء كبار المدعوين الذين سيشرفون مدينتهم النائية بالحضور ...
                            لم يسفر موعد استهلال الحفل عن شيء ذي بال، وتجاوزته الساعة والساعتين والساعات، وتطلع عمار الساحة إلى المنصة، عسى أن تظفر أعينهم ولو بضيف واحد، لكنهم لم يروا عليها سوى تلك الكراسي اليتيمة، ولم يبصروا غير ما اريد لها أن ترتدي من الزخارف والزينة، فعلت الوجوه علامات الإستفهام ومآثر الإستغراب، ولاحت من العيون نظرات الإستنكار والخيبة، فاندفعت من أكثر الأفواه ألفاظ اللعن والشتم بصوت جهير، وانبعث من بعضها صفير حاد يصم الآذان، بينما تجرع القليل ممن غصت بهم الساحة غصة قصة أصبحوا في عداد ضحاياها، ولم يكونوا من أبطالها، فتلاشى كل ما وعدوا به منذ شهر أو يزيد، وانفض الجمع سريعا، وبدت ساحة المدينة كئيبة، فلم يعد الحدث المنتظر من قبلهم إلا سرابا، بعد أن كان متخيلا في أذهانهم كالقصر المشيد ...
                            د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                            aghanime@hotmail.com

                            تعليق

                            • عبد الفتاح أفكوح
                              السندباد
                              • 10-11-2007
                              • 345

                              #44
                              [align=center]أهل الدار
                              ... ولم يتبادر إلى أذهانهم يوما هذا النأي الذي أكرهوا عليه غصبا، وقد عهدوا أنفسهم منذ عقلوها معززين مكرمين، في أرض غالية عليهم، توارثوها أبا عن جد، ولم تحدثهم أنفسهم يوما ولا حدثوها بالهجرة قسرا بعيدا عمن ألفوهم واستأنسوا بهم، من الصغار والكبار والأقران، وقد أمضوا بينهم أعوام الصبا والشباب ...
                              جميعهم يذكرون جيدا تلك الوجوه الحاقدة، ولن ينسوا ما جرت الدماء في عروقهم سوء العذاب الذي أذابهم وشابت من آثاره رءوسهم، وسيحكون لمن سيشبون بينهم كل صغيرة وكبيرة تجرعوها من الذل والهوان، وفي ذاكراتهم سينحتون عميقا وشم ما صنعت بهم وبأرضهم تلك الأيادي الأثيمة اللئيمة، وستخفق قلوبهم على الدوام بيوم العودة المنشود، آمنين مطمئنين، إلى حيث رسا أصلهم العريق واستقرت جذورهم الثابتة ...
                              سوى الأعداء منازلهم بالأرض ودكوها، إمعانا في الظلم وحرصا على الشماتة بهم، وعمدوا إلى كل أخضر فاقتلعوه، وفي كل يابس أشعلوا النار فأحرقوه، ثم ساقوهم ليلا مقيدين بالأصفاد سوق الأغنام، بل أدهى وأمر، فأدموا بسياطهم العفنة وعصيهم النثنة الأجساد الطاهرة، وآذوا ببذيء ألسنتهم النجسة الأنفس الزكية الراضية، وداسوا بأقدامهم القذرة رءوس الأطفال والشيوخ والنساء ...
                              د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                              aghanime@hotmail.com
                              [/align]

                              تعليق

                              • عبد الفتاح أفكوح
                                السندباد
                                • 10-11-2007
                                • 345

                                #45
                                [align=center]خصام
                                ... فإذا به فجأة يرفع كفه عاليا ثم يهوي بها على خده الأيسر، وما إن استعاد المصفوع توازنه حتى استجمع مبلغ قوته في قبضة يده اليمنى، ثم أرسلها ضاربة مزلزلة إلى وجه من لطمه، غير متردد أو مبطئ، فما إن وقف الملكوم على رجليه، بعد سقطته، حتى تماسكا معا بالأيدي، وتشابكا بالأرجل، فأطلق كل منهما العنان للسانه بما يؤذي الأسماع أذى شديدا، ويقع في الآذان وقوعا منكرا ثقيلا ...
                                ما الذي جرى؟ ما الذي حدث؟ ما السبب في هذا الحريق الذي شب بينهما؟ ما هذا الحمق؟ ما هذا العبث؟ كيف سولت لهما نفساهما التردي في ما لا يليق بمن هم في سنهما؟..
                                إمنعاهما من مواصلة هذا العراك البشع الشنيع الأهوج؟ أعيدوهما إلى رشدهما قبل أن يضيعا ويضيعانه، وإلى الأبد يفقدانه ...
                                لم تجد مناشدات المناشدين في كثير أو قليل، ولم ينفع النصح الجميل، وكذلك لم يفد أمر الآمرين في بعثهما على تقديم الخير، ولم يفلح نهي الناهين في إجبارهما على تأخير الشر، إذ وضعا الصمم صخرة صماء في أذنيهما، وسكبا العمى عتمة في عينيهما، فدقوا بينهم من الكره والقسوة والعداوة ما غاص عميقا، وعز على من أرادوا لهما الصلح اقتلاعه من جذوره ...
                                د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
                                aghanime@hotmail.com
                                [/align]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X