أكثر من النصف
في مكان الصفعة التي تلقيتها ليلة البارحة من كفها اللدن، قبلتني زوجتي المصون هذا الصباح، وهي تدفن في راحتي قائمة طويلة بطلباتٍ لا تنتهي.! طويتُ الورقةَ بعناية، وضعتها داخل محفظتي جنبا إلى جنب مع أوراقي المالية، وقررتُ بابتسامة فاضحة أخفيتها في داخلي أن لا أعد مرة أخرى إلى ... ... ...
بيني وبين تلك النافذة تسعة أجساد متفاوتة الأحجام، مختلفة الأعمار والألوان تقف بلا نظام. سكان الصف الذي أقف في وسطه يمتطون ظهر سلحفاة تعاني من هشاشة العظام، فما أن ترفع رجلها الأمامية استعدادا لحركة طال انتظارها حتى يكف الجميع عن مضغ لبان الصبر، يقتسمون ابتسامة واحدة بينهم بالتساوي دون أن يتحمس أحدهم لملامسة غشاء الحديث وفضه مع من يقف أمامه أو خلفه. خبأت نصيبي من الابتسامة تحت لساني وانشغلت بمراقبة شاب لا عنق له يقف أمام الشباك وجسده لا يكف عن الاهتزاز، يشير بيده البلاستيكية نافيا أو مؤكدا لعبارة قالها له الموظف القابع خلف زجاج مهشم، يدق بعصبية على حافة النافذة، يدفع بكوعه الرجل الأكبر منه سنا الملتصق به بزاوية شبه منفرجة، يخرج عن المسار غاضبا وفي يده ورقة تقفز منها خطوطا حمراء لتستقر تحت بعض الكلمات. تسلحف الصف قليلا .. رفعت لساني عن ظهر الابتسامة وحسبت جهرا .. ثمانية أجساد فقط تشكل جدارا أسمنتيا يفصلني عمن في قبضته نصف حياتي الآخر.
كمن زج أحدهم آلة نفخ اتوماتيكية في مثانتي انتفخت المثانة حتى لامست سقف الانفجار، تفقدتُ المكان بحثا عن أمكنة التفريغ، لا علامة تشير إلى جهة اللامكان. صالة طويلة تلتصق في جدرانها ملصقات مهترئة، لوحات من ورق فاخر يتوسطها خط ردئ يتحدث عن محاسن الارتباط، وكيفية تكوين أسرة عصرية ومحافظة في ذات الوقت، صورة كبيرة لرجل بدين لا يحمل على عاتقه شاربا، بكامل شبقه يقف بجانب فتاة قصيرة لا يخلو وجهها من ذهول، تتكئ بيدها اليسرى على عصا نحاسية رفيعة، بضعة كراسي حديدية مثبتة على أرضيتها، مكتب يتيم نقف أمام نافذته. فكرتُ أن أفض بكارة الحديث مع الفتاة التي تقف أمامي، لا أرى منها غير ظهرها الممتد كساق نخلة، شعرها المستعار ليس مسدلا على كتفيها، اكتفت بأن جعلته يشبه ذيل حصان قصير، قامتها تحجب عني رؤية ما يحدث خلف النافذة، رنين هاتفها لا يتيح لي فرصة لأصافحها بسؤالي. خفتُ أن يتلاشى الغشاء دون أمر مني ويفضحني، التفتُ نصف التفاتة لأسأل من يقف خلفي .. أسمع حركته ولا أراه .. تفقدت مؤخرتي، تفاجأت بأن كل شئٍ في مكانه .. ضحكت .. تساءلت :
أين وجه هذا الرجل ؟.
المثانة كفت عن التقيح، وتوقفتْ عند حد معين. شعرت بمخالب تمسُّ فخذي الأيمن، قفزت نصف قفزة، لويت عنقي، نظرت جهة الأرض، كتمت ضحكتي ..
لِمَ كل هذه الضجة إذن ..؟
مجرد قزم لا يتعدى طوله طول ساقي، يقف خلفي في استقامة عسكرية كاملة منتظرا مثله مثل الآخرين إكمال نصف دينه الآخر، وجهه طويل كوجه غزال. أشار بذراع قصير جهة باب خشبي صغير في ركن بعيد من أركان الصالة. لا أدري كيف عرف هذا القزم بأمر مثانتي، فكرت أن أحتفظ بمكاني قبل الذهاب، جلست على أمشاطي، اقتربت من وجه القزم، قلت له أريد مكاني عندما أعود سالما من مهمتي، وقبل أن أتأكد من ظلال الابتسامة التي بدت تلوح في وجهه إذ به يصفعني صفعة خفيفة سماها مزاحا في ذات المكان الذي تصفعني فيه زوجتي المصون كلما حان موعد تفقدها لجسدي لتصهر جسدها فيه.
ضغطت غبني حتى تفتت إلى جزئيات سائلة ودهنت بها حواسي، تلمست فروة رأسه الكبير واتجهت صوب الباب الخشبي كمن ينتظر مفاجأة هناك. ولأن مسالكي فرحة بأنصاف الحلول تذكرت الصف وعدت سريعا، لا أرى له آخراً، تمطى خارج الصالة ومسَّ طرف الشارع العام، بحثت عن مكاني، مارست حقي في السؤال ..
- أين العلامة التي تدلني على مكاني ؟ أين القزم يا قوم ؟
تفقدت أربعين مليون نسمة، تأملت قاماتهم، لا تهمني الوجوه، الدليل الذي يقودني إلى مكاني هو قامة جسد وليس وجها ..
لا أريد وجوها الآن ..!
أريد جسدا هزيلا كفّ عن النمو منذ الاستقلال ..
أستخدمت ذكائي وشرعت في عد الهياكل البشرية، أعرف أن ترتيبي الثامن، مستت حافة الشباك كفرد أصيل من أفراد القصر الجمهوري. صياح وصراخ، واحتجاجات تصلني من بداية الصف إلى آخره ..
- التزم بالصف أيها المخبول ..
ما الذي يميزك عنا أيها العجوز ..؟
مكانك آخر الصف أيها الوقح .. تعبنا من المحسوبيات ..
لماذا تقفزوا من فوق رؤوسنا يا بشر ..؟
شعرت بأني نكرة، دني، رديء وسارق، انسحبت ببطء، حسبت الأجساد المصطفة على أطراف أصابعي، الذي يقف أمام موظف الشباك هو رقم واحد، الذي بعده هو رقم ...، وفجأة رأيته بقامته التي زادت ثلاثة مليمتر في غيابي.
الحمد لله القزم مازال في مكانه، بينما تبخرت المرأة بشعرها المستعار.
كصديق حميم مددت له يدي لأشكره، لم يعرني انتباها، تزحزح حتى الصق وجهه بمؤخرة الذي يقف أمامه. جلست على أمشاطي، همست في أذنه وقلت له بأني أريد مكاني في الصف، كررت رجائي عشرات المرات، وفي المرة الأخيرة رفع ذراعه القصيرة، جمع أصابعه السبعة وصفعني على خدي كما لم يصفعني أحد بهذه الطريقة من قبل.
انتهزت شياطين العالم فرصتها، وبيد واحدة، رفعته حتى قارب أن يمسَّ سقف الصالة. تسلق كل من كان يقف في صف إكمال النصف الآخر من الحياة عبر ذراعي كسلم من مئات الدرجات، أنزلوا القزم بلطف، وضعوه كقطعة أثرية نادرة في مكانها وفق التريب، ثم انتظم الجميع في وقفتهم.
لا أدري كيف حدث هذا، وجدت نفسي في آخر المسار وخلفي قضبان القطار ..
كفَّ الموظف عن استلام الطلبات، وأغلق نافذته عند الخامسة مساءً، تفرق الجمع تتبعهم كلماتهم الساخطة. ثلاثة أيام فقط، ويقفل باب التقديم النهائي، وعليه لن أكمل نصفي الآخر بهذه الطريقة.
بعد تفكير عميق قررتُ أن أكون أول الواصلين للشباك في الصباح الباكر، وبما أنني أقطن في أطراف الأطراف فلن أكون من الأولين. شعرتُ بجوع كافر حتماً سينسف نصفي الأول إن لم أتداركه. ذهبت جهة فتى يقف خلف طاولة أمام متجر تجاري، وعليها كثبان من (الفلافل) المعروضة على الهواء مباشرة للمارة. لم يرد على تحيتى المقتضبة، تناولتُ وأنا أصطنع ابتسامة قطعة منها، رميتها داخل فمي، مضغتها حتى صارت كالعجين، ابتلعتها ثم أشعلتُ سيجارة. انشغل صاحب الكثبان بلفافة تحوي مادة سوداء أخرجها من جيبه، أدخل أصبعين من أصابعه داخل الكيس، قبض حفنة منها وهم أن يضعها في التجويف القابع بين أسنانه وباطن شفته السفلى. أصابعه التي ستمسك بعد قليل بحبات (الفلافل) تغوص الآن في هذا التراب، خفتُ أن يصيبني مكروه، قلتُ له بصوت هامس دون أن تصطدم عيني بعينه ..
- لو تكرمت يا أستاذ، يمكنك أن تؤجل ما تفعله إلى وقت آخر؟، أريدك أن تمزق جزءاً من هذه (الفلافل) داخل قطعة خبز، سأدفع لك ما تريده ..
ابتسم وزجَّ ترابه الأزرق في جيبه، أدخل مقدمة سكين حادة في بطن الرغيف، رمي السكين جانبا، وبأظافر متسخة صنع تجويفا منتفخا محاطا بين ضفتين من الخبز، حرك سبابته قليلا داخل أنفه، نفض عنها الغبار، تناول خمس قطع من (الفلافل)، واعتصرها بكف واحد. نزعت منه قطعة الخبز المنتفخة، وضغطت عليها بأسناني. من القضمة الأولى تأملتُ صانعها، صرحت له علنا بأنها لذيذة جدا، نازعتني نفسي لتناول وجبة أخرى من ذات النوع، منعتني عيون المارة من ذلك، حمدتُ الله كثيرا على هذه النعمة. رفعتُ غطاء متسخا فوقه إناء من الألمونيوم عن برميل مصنوع من البلاستيك لا لون له ممتلئ ثلثه الأخير بالماء. أمسكتُ بالإناء، أدخلتُ نصف جسدي الأعلى داخل البرميل، ملأته بالماء، وشربتُ حتى سال الماء خارج فمي. شعرتُ بأني حي يرزق. سحبتُ جنيها كاملا من محفظتي، وورميته على الطاولة، وقبل أن أغادره ذكرته بأني إذا لم يستلم الموظف طلبي للحصول على نصف الآخر غدا، عليه أن يعتمدني زبونا دائما وفوق العادة على مائدة افطاره الشهية ..
هاجس أن أكون أول الحاضرين غدا أمام شباك التقديم مازال يسيطر عليّ، حسمت الأمر بطريقة لا مساحة فيها للتفاوض، وقررت أن أقضي هذه الليلة هنا، ولكن لازال الوقت مبكرا على الاستلقاء على الرصيف. طفتُّ أكثر من ثمان مرات حول البناية الشاهقة ذات اللافتة المضيئة المكتوب عليها بخط أنيق ..
" هنا يمكنك أن يمكنك الحصول على نصفك الحلو، الفرص محدودة .. سارع وقابلنا، وستجدنا تحت خدمتك من الألف إلى الجيم ".
الملابس المعلقة على حبالٍ تخرج من مكان صغير في طرف الشارع، نبهتني لقميصي المتسخ ..
الغسال عادة لا يفي بوعده، التأخر عن مواعيد العمل لا يشكل له هاجسا، لا معايير لديه للتصنيف الطبقي، مصانع النسيج لا فرق بينها، ترمي ما تنتجه في طست واحد ..
أشبعتُ هواجسي المتوجسة ضربا، قتلتها بضربة قاضية، وصلت إلى الرجل الذي يقوم بمهمة الغسيل في هذا المكان، قلت له على طريقة الندوات السياسية ..
- أنا لست بوزير، وفي ذات الوقت لست بخفير، وكل ما أرجوه عندما يصبح الصبح ..
لم يدعني أكمل كلامي، رفع سبابته، محذرا بكلام فظ :
- إياك أن تكمل الأغنية وتترنم بها كاملة وتقول .. أصبح الصبح .. ولا السجن ولا السجان باق ..
لم أهبه سوى نصف ضحكة، ثم أوضحت له بأني لا علاقة لي بالسجن ولا بالسجان، وكل ما أريده عندما يصبح الصبح، أن يكون ثوبي الذي أرتديه الآن نظيفا ومكويا، ولا يوجد في هذه الدنيا أفضل من مكواة الفحم، فكلما تسمع جلبابا يتشدق خلف مكبر صوت تائه في الأزقة تذكر بأنه خارج للتو من تحت الفحم .. حالما فهم قصدي أفسح لي مساحة في سريره، ونمتُ بجواره عاري الصدر، حتى أيقظني المؤذن معلنا عن أوان صلاة الفجر ..
حالما فتح الموظف نافذته لوحت له بطلبي، تجاهلني طويلا، ارتشف كوب الشاي الموضوع أمامه على مهل، خط خطوطا حمراء كثيرة تحت إجاباتي، وأعاد لي الطلب، أمرني أن أفسح المجال لغيري، رفضت أن أبتعد عن مكاني، سألني سؤالا مباشرا عن مدى حاجتي للزواج الجماعي !. لزمتُ الصمت وأشرت إلى الورقة التي في يدي، نزع مني الورقة، وسحب يدي حتى لامست طاولته، قبض على أصبع واحد من أصابعي، ضغط به على الجملة التي كتبتها بخطي، رفع رأسه وأوضح لي بأن هذه ليست بإجابة منطقية لسؤال يتحدث عن مواصفات المرأة التي تريدها زوجة لك، وأن جملة " أن تحتملني فقط " التي كتبتها ليست بمواصفات ولا مقاييس. نريد وصفاً شكليا .. " طويلة، قصيرة، ممتلئة، غير ممتلئة، حمراء كالمريخ، أم زرقاء كالهلال ".
رمي الورقة في وجهي معلنا عن انتهاء المقابلة. رميت بعناد الطلب في وجهه، أخرجت مصحفا صغيرا من جيبي، وضعت يدي اليمنى فوقه، أقسمت بأني لا أريد شكلا، ولا أريد مضمونا، وإن لم يكن بطرفكم امرأة تحتملني كما أنا، فلتكن واحدة أخرى صامتة كالحجر، لا تجيد حتى لغة الإشارة. ضحك رواد الصالة كل على طريقته، تحدثوا في وقت واحد في وجه الموظف، رفعوا لافتات كتبت على عجل، وطالبوا بأن يتم قبول طلبي في الحال. لم يجد الموظف مفرا، أعطاني بطاقة ملونة عليها اسمي والرقم (56) كرقم سري خاص بي، وحدد لي شفاهة متى وأين سيتم الزفاف الجماعي ..
تأنقت قدر ما استطعت، وذهبت إلى الميدان العام، علقت الرقم الخاص بي كزوج رقم (56) في المكان المخصص له في واجهة قميصي، وفي جيبي احتفظت برقم المرأة التي ستصبح زوجتي بهذا الإعلان الجماعي، وعليّ أن أبحث عن الرقم (85) التي تحمله رفيقتي المفترضة فوق كتفها.
الميدان مكتظ بحقائب وروائح نفاذة. سرب من الفتيات بفساتين بيضاء يركضن بأرقامهن بحثا عن توافق الأرقام، شباب، وشيوخ ومعاقون، (عرجان، عميان، برصان، وحولان)، الكل يلهث لقبض نصيبه الناعم من الحياة. وصلت إلى الخيمة المنصوبة أوتادها في منتصف الميدان، والتي يتم فيها عملية التسليم والتسلم. يتقدم العريس المرتقب من المتعهد، يسلمه رقم فتاته الموعودة، وبمكبر صوت يصيح المتعهد على صاحبة الرقم، تظهر الفتاة فجأة وكأنها كانت قابعة تحت الطاولة، يمسك بها الزوج ويتقدمان جهة الكراسي المرتصة في الواجهة الأخرى انتظارا لمأذون واحد يلم بمداده هذا الشمل. أكثر من شاب يافع يحتجون لدي المتعهد، يريدون تغيير أرقام زوجاتهم بالرقم (85)، لم أنتبه في بداية الأمر أن هذا الرقم يخصني. حاول المتعهد أن يهدئ الثائرين، وعلى كل شاب أن يرضى بنصيبه، فهو الذي كتب مواصفات زوجته، وعليه أن يكتفي بالصفات التي أرادها ..
تمعن في بطاقتي الشخصية طويلا، تأكد بأني مستوف لكافة الشروط المطلوبة لاستلام الفتاة التي تحمل الرقم المختلف عليه، رفع مكبر الصوت، صاح بأعلى صوته .. من باب صغير في ركن قصي في الخيمة خرجتْ، تأملتها، عرفت بأنها هي التي ستعيد لي حشرجاتي بعد أن كانت رميما، هرولتُ نحوها، تذكرت بشار بن برد ..
" إذا قامت لمشيتها تثنت كأن عظامها من الخيزران ".
قلت لنفسي :
كيف لامرأة كهذه تقبع في قمة برج الأنوثة في العالم، ترضى أن تجلس معي في مقاعد عامة تنتظر مأذونا عاما ؟.
سجنتُ ابتهاجي، خنقت عنق فرحتي، ودفنت رأس شهوتي تحت غطاء شفاف ..
أرحتُ راحة يدها في راحتي، اتجهنا صوب رجل وقور تلتف عمامة خضراء حول رأسه. دقائق قليلة واستلمتُ منه ورقة تثبت ملكيتي لهذا الصرح المنير. أخفيتُ وثيقتي، تأبطتُ حقيبة وأوراقا مالية قد تكفينا أسبوعا كاملا، لو استطعنا أن نطبخ العسل في جوف سمكة والتهامه في ليلة واحدة ..
انزويتُ بها بعيدا في مقصورة التوحد، وبعد جهد جهيد اتفقت معها على أن يكون اسمها (عفت) واسمي (عفيف).
(عفت) امرأة لا تتكلم، لا تجيد لغة الإشارة. التهمتُ معها العسل في صمت مريب، وغسلنا ثيابنا في صبيحة اليوم التالي. راقني الوضع، مارستُ معها طقوس الطاعة والوفاء، وبأني لن اتخلى عنها مهما كان الأمر ..
حالما تأكدتْ من صدق وعودي امتصت إفرازاتي في شوط واحد، علمتني كيف أتقبل صفعاتها في آخر كل ليلة، على أن تغسل مكان الصفعة في الصباح، وهي تدسُّ في يدي قائمة بطلبات لا تنتهي ..
صفعة البارحة كانت أكثر قسوة من سابقاتها ..
لن أهبها خدي في الصباح لتغسلني، وقطعا عندما تراني غاضبا ستقذف جملتها الوحيدة في وجهي، قبل أن تدفعني خارج حياتِها.
في مكان الصفعة التي تلقيتها ليلة البارحة من كفها اللدن، قبلتني زوجتي المصون هذا الصباح، وهي تدفن في راحتي قائمة طويلة بطلباتٍ لا تنتهي.! طويتُ الورقةَ بعناية، وضعتها داخل محفظتي جنبا إلى جنب مع أوراقي المالية، وقررتُ بابتسامة فاضحة أخفيتها في داخلي أن لا أعد مرة أخرى إلى ... ... ...
بيني وبين تلك النافذة تسعة أجساد متفاوتة الأحجام، مختلفة الأعمار والألوان تقف بلا نظام. سكان الصف الذي أقف في وسطه يمتطون ظهر سلحفاة تعاني من هشاشة العظام، فما أن ترفع رجلها الأمامية استعدادا لحركة طال انتظارها حتى يكف الجميع عن مضغ لبان الصبر، يقتسمون ابتسامة واحدة بينهم بالتساوي دون أن يتحمس أحدهم لملامسة غشاء الحديث وفضه مع من يقف أمامه أو خلفه. خبأت نصيبي من الابتسامة تحت لساني وانشغلت بمراقبة شاب لا عنق له يقف أمام الشباك وجسده لا يكف عن الاهتزاز، يشير بيده البلاستيكية نافيا أو مؤكدا لعبارة قالها له الموظف القابع خلف زجاج مهشم، يدق بعصبية على حافة النافذة، يدفع بكوعه الرجل الأكبر منه سنا الملتصق به بزاوية شبه منفرجة، يخرج عن المسار غاضبا وفي يده ورقة تقفز منها خطوطا حمراء لتستقر تحت بعض الكلمات. تسلحف الصف قليلا .. رفعت لساني عن ظهر الابتسامة وحسبت جهرا .. ثمانية أجساد فقط تشكل جدارا أسمنتيا يفصلني عمن في قبضته نصف حياتي الآخر.
كمن زج أحدهم آلة نفخ اتوماتيكية في مثانتي انتفخت المثانة حتى لامست سقف الانفجار، تفقدتُ المكان بحثا عن أمكنة التفريغ، لا علامة تشير إلى جهة اللامكان. صالة طويلة تلتصق في جدرانها ملصقات مهترئة، لوحات من ورق فاخر يتوسطها خط ردئ يتحدث عن محاسن الارتباط، وكيفية تكوين أسرة عصرية ومحافظة في ذات الوقت، صورة كبيرة لرجل بدين لا يحمل على عاتقه شاربا، بكامل شبقه يقف بجانب فتاة قصيرة لا يخلو وجهها من ذهول، تتكئ بيدها اليسرى على عصا نحاسية رفيعة، بضعة كراسي حديدية مثبتة على أرضيتها، مكتب يتيم نقف أمام نافذته. فكرتُ أن أفض بكارة الحديث مع الفتاة التي تقف أمامي، لا أرى منها غير ظهرها الممتد كساق نخلة، شعرها المستعار ليس مسدلا على كتفيها، اكتفت بأن جعلته يشبه ذيل حصان قصير، قامتها تحجب عني رؤية ما يحدث خلف النافذة، رنين هاتفها لا يتيح لي فرصة لأصافحها بسؤالي. خفتُ أن يتلاشى الغشاء دون أمر مني ويفضحني، التفتُ نصف التفاتة لأسأل من يقف خلفي .. أسمع حركته ولا أراه .. تفقدت مؤخرتي، تفاجأت بأن كل شئٍ في مكانه .. ضحكت .. تساءلت :
أين وجه هذا الرجل ؟.
المثانة كفت عن التقيح، وتوقفتْ عند حد معين. شعرت بمخالب تمسُّ فخذي الأيمن، قفزت نصف قفزة، لويت عنقي، نظرت جهة الأرض، كتمت ضحكتي ..
لِمَ كل هذه الضجة إذن ..؟
مجرد قزم لا يتعدى طوله طول ساقي، يقف خلفي في استقامة عسكرية كاملة منتظرا مثله مثل الآخرين إكمال نصف دينه الآخر، وجهه طويل كوجه غزال. أشار بذراع قصير جهة باب خشبي صغير في ركن بعيد من أركان الصالة. لا أدري كيف عرف هذا القزم بأمر مثانتي، فكرت أن أحتفظ بمكاني قبل الذهاب، جلست على أمشاطي، اقتربت من وجه القزم، قلت له أريد مكاني عندما أعود سالما من مهمتي، وقبل أن أتأكد من ظلال الابتسامة التي بدت تلوح في وجهه إذ به يصفعني صفعة خفيفة سماها مزاحا في ذات المكان الذي تصفعني فيه زوجتي المصون كلما حان موعد تفقدها لجسدي لتصهر جسدها فيه.
ضغطت غبني حتى تفتت إلى جزئيات سائلة ودهنت بها حواسي، تلمست فروة رأسه الكبير واتجهت صوب الباب الخشبي كمن ينتظر مفاجأة هناك. ولأن مسالكي فرحة بأنصاف الحلول تذكرت الصف وعدت سريعا، لا أرى له آخراً، تمطى خارج الصالة ومسَّ طرف الشارع العام، بحثت عن مكاني، مارست حقي في السؤال ..
- أين العلامة التي تدلني على مكاني ؟ أين القزم يا قوم ؟
تفقدت أربعين مليون نسمة، تأملت قاماتهم، لا تهمني الوجوه، الدليل الذي يقودني إلى مكاني هو قامة جسد وليس وجها ..
لا أريد وجوها الآن ..!
أريد جسدا هزيلا كفّ عن النمو منذ الاستقلال ..
أستخدمت ذكائي وشرعت في عد الهياكل البشرية، أعرف أن ترتيبي الثامن، مستت حافة الشباك كفرد أصيل من أفراد القصر الجمهوري. صياح وصراخ، واحتجاجات تصلني من بداية الصف إلى آخره ..
- التزم بالصف أيها المخبول ..
ما الذي يميزك عنا أيها العجوز ..؟
مكانك آخر الصف أيها الوقح .. تعبنا من المحسوبيات ..
لماذا تقفزوا من فوق رؤوسنا يا بشر ..؟
شعرت بأني نكرة، دني، رديء وسارق، انسحبت ببطء، حسبت الأجساد المصطفة على أطراف أصابعي، الذي يقف أمام موظف الشباك هو رقم واحد، الذي بعده هو رقم ...، وفجأة رأيته بقامته التي زادت ثلاثة مليمتر في غيابي.
الحمد لله القزم مازال في مكانه، بينما تبخرت المرأة بشعرها المستعار.
كصديق حميم مددت له يدي لأشكره، لم يعرني انتباها، تزحزح حتى الصق وجهه بمؤخرة الذي يقف أمامه. جلست على أمشاطي، همست في أذنه وقلت له بأني أريد مكاني في الصف، كررت رجائي عشرات المرات، وفي المرة الأخيرة رفع ذراعه القصيرة، جمع أصابعه السبعة وصفعني على خدي كما لم يصفعني أحد بهذه الطريقة من قبل.
انتهزت شياطين العالم فرصتها، وبيد واحدة، رفعته حتى قارب أن يمسَّ سقف الصالة. تسلق كل من كان يقف في صف إكمال النصف الآخر من الحياة عبر ذراعي كسلم من مئات الدرجات، أنزلوا القزم بلطف، وضعوه كقطعة أثرية نادرة في مكانها وفق التريب، ثم انتظم الجميع في وقفتهم.
لا أدري كيف حدث هذا، وجدت نفسي في آخر المسار وخلفي قضبان القطار ..
كفَّ الموظف عن استلام الطلبات، وأغلق نافذته عند الخامسة مساءً، تفرق الجمع تتبعهم كلماتهم الساخطة. ثلاثة أيام فقط، ويقفل باب التقديم النهائي، وعليه لن أكمل نصفي الآخر بهذه الطريقة.
بعد تفكير عميق قررتُ أن أكون أول الواصلين للشباك في الصباح الباكر، وبما أنني أقطن في أطراف الأطراف فلن أكون من الأولين. شعرتُ بجوع كافر حتماً سينسف نصفي الأول إن لم أتداركه. ذهبت جهة فتى يقف خلف طاولة أمام متجر تجاري، وعليها كثبان من (الفلافل) المعروضة على الهواء مباشرة للمارة. لم يرد على تحيتى المقتضبة، تناولتُ وأنا أصطنع ابتسامة قطعة منها، رميتها داخل فمي، مضغتها حتى صارت كالعجين، ابتلعتها ثم أشعلتُ سيجارة. انشغل صاحب الكثبان بلفافة تحوي مادة سوداء أخرجها من جيبه، أدخل أصبعين من أصابعه داخل الكيس، قبض حفنة منها وهم أن يضعها في التجويف القابع بين أسنانه وباطن شفته السفلى. أصابعه التي ستمسك بعد قليل بحبات (الفلافل) تغوص الآن في هذا التراب، خفتُ أن يصيبني مكروه، قلتُ له بصوت هامس دون أن تصطدم عيني بعينه ..
- لو تكرمت يا أستاذ، يمكنك أن تؤجل ما تفعله إلى وقت آخر؟، أريدك أن تمزق جزءاً من هذه (الفلافل) داخل قطعة خبز، سأدفع لك ما تريده ..
ابتسم وزجَّ ترابه الأزرق في جيبه، أدخل مقدمة سكين حادة في بطن الرغيف، رمي السكين جانبا، وبأظافر متسخة صنع تجويفا منتفخا محاطا بين ضفتين من الخبز، حرك سبابته قليلا داخل أنفه، نفض عنها الغبار، تناول خمس قطع من (الفلافل)، واعتصرها بكف واحد. نزعت منه قطعة الخبز المنتفخة، وضغطت عليها بأسناني. من القضمة الأولى تأملتُ صانعها، صرحت له علنا بأنها لذيذة جدا، نازعتني نفسي لتناول وجبة أخرى من ذات النوع، منعتني عيون المارة من ذلك، حمدتُ الله كثيرا على هذه النعمة. رفعتُ غطاء متسخا فوقه إناء من الألمونيوم عن برميل مصنوع من البلاستيك لا لون له ممتلئ ثلثه الأخير بالماء. أمسكتُ بالإناء، أدخلتُ نصف جسدي الأعلى داخل البرميل، ملأته بالماء، وشربتُ حتى سال الماء خارج فمي. شعرتُ بأني حي يرزق. سحبتُ جنيها كاملا من محفظتي، وورميته على الطاولة، وقبل أن أغادره ذكرته بأني إذا لم يستلم الموظف طلبي للحصول على نصف الآخر غدا، عليه أن يعتمدني زبونا دائما وفوق العادة على مائدة افطاره الشهية ..
هاجس أن أكون أول الحاضرين غدا أمام شباك التقديم مازال يسيطر عليّ، حسمت الأمر بطريقة لا مساحة فيها للتفاوض، وقررت أن أقضي هذه الليلة هنا، ولكن لازال الوقت مبكرا على الاستلقاء على الرصيف. طفتُّ أكثر من ثمان مرات حول البناية الشاهقة ذات اللافتة المضيئة المكتوب عليها بخط أنيق ..
" هنا يمكنك أن يمكنك الحصول على نصفك الحلو، الفرص محدودة .. سارع وقابلنا، وستجدنا تحت خدمتك من الألف إلى الجيم ".
الملابس المعلقة على حبالٍ تخرج من مكان صغير في طرف الشارع، نبهتني لقميصي المتسخ ..
الغسال عادة لا يفي بوعده، التأخر عن مواعيد العمل لا يشكل له هاجسا، لا معايير لديه للتصنيف الطبقي، مصانع النسيج لا فرق بينها، ترمي ما تنتجه في طست واحد ..
أشبعتُ هواجسي المتوجسة ضربا، قتلتها بضربة قاضية، وصلت إلى الرجل الذي يقوم بمهمة الغسيل في هذا المكان، قلت له على طريقة الندوات السياسية ..
- أنا لست بوزير، وفي ذات الوقت لست بخفير، وكل ما أرجوه عندما يصبح الصبح ..
لم يدعني أكمل كلامي، رفع سبابته، محذرا بكلام فظ :
- إياك أن تكمل الأغنية وتترنم بها كاملة وتقول .. أصبح الصبح .. ولا السجن ولا السجان باق ..
لم أهبه سوى نصف ضحكة، ثم أوضحت له بأني لا علاقة لي بالسجن ولا بالسجان، وكل ما أريده عندما يصبح الصبح، أن يكون ثوبي الذي أرتديه الآن نظيفا ومكويا، ولا يوجد في هذه الدنيا أفضل من مكواة الفحم، فكلما تسمع جلبابا يتشدق خلف مكبر صوت تائه في الأزقة تذكر بأنه خارج للتو من تحت الفحم .. حالما فهم قصدي أفسح لي مساحة في سريره، ونمتُ بجواره عاري الصدر، حتى أيقظني المؤذن معلنا عن أوان صلاة الفجر ..
حالما فتح الموظف نافذته لوحت له بطلبي، تجاهلني طويلا، ارتشف كوب الشاي الموضوع أمامه على مهل، خط خطوطا حمراء كثيرة تحت إجاباتي، وأعاد لي الطلب، أمرني أن أفسح المجال لغيري، رفضت أن أبتعد عن مكاني، سألني سؤالا مباشرا عن مدى حاجتي للزواج الجماعي !. لزمتُ الصمت وأشرت إلى الورقة التي في يدي، نزع مني الورقة، وسحب يدي حتى لامست طاولته، قبض على أصبع واحد من أصابعي، ضغط به على الجملة التي كتبتها بخطي، رفع رأسه وأوضح لي بأن هذه ليست بإجابة منطقية لسؤال يتحدث عن مواصفات المرأة التي تريدها زوجة لك، وأن جملة " أن تحتملني فقط " التي كتبتها ليست بمواصفات ولا مقاييس. نريد وصفاً شكليا .. " طويلة، قصيرة، ممتلئة، غير ممتلئة، حمراء كالمريخ، أم زرقاء كالهلال ".
رمي الورقة في وجهي معلنا عن انتهاء المقابلة. رميت بعناد الطلب في وجهه، أخرجت مصحفا صغيرا من جيبي، وضعت يدي اليمنى فوقه، أقسمت بأني لا أريد شكلا، ولا أريد مضمونا، وإن لم يكن بطرفكم امرأة تحتملني كما أنا، فلتكن واحدة أخرى صامتة كالحجر، لا تجيد حتى لغة الإشارة. ضحك رواد الصالة كل على طريقته، تحدثوا في وقت واحد في وجه الموظف، رفعوا لافتات كتبت على عجل، وطالبوا بأن يتم قبول طلبي في الحال. لم يجد الموظف مفرا، أعطاني بطاقة ملونة عليها اسمي والرقم (56) كرقم سري خاص بي، وحدد لي شفاهة متى وأين سيتم الزفاف الجماعي ..
تأنقت قدر ما استطعت، وذهبت إلى الميدان العام، علقت الرقم الخاص بي كزوج رقم (56) في المكان المخصص له في واجهة قميصي، وفي جيبي احتفظت برقم المرأة التي ستصبح زوجتي بهذا الإعلان الجماعي، وعليّ أن أبحث عن الرقم (85) التي تحمله رفيقتي المفترضة فوق كتفها.
الميدان مكتظ بحقائب وروائح نفاذة. سرب من الفتيات بفساتين بيضاء يركضن بأرقامهن بحثا عن توافق الأرقام، شباب، وشيوخ ومعاقون، (عرجان، عميان، برصان، وحولان)، الكل يلهث لقبض نصيبه الناعم من الحياة. وصلت إلى الخيمة المنصوبة أوتادها في منتصف الميدان، والتي يتم فيها عملية التسليم والتسلم. يتقدم العريس المرتقب من المتعهد، يسلمه رقم فتاته الموعودة، وبمكبر صوت يصيح المتعهد على صاحبة الرقم، تظهر الفتاة فجأة وكأنها كانت قابعة تحت الطاولة، يمسك بها الزوج ويتقدمان جهة الكراسي المرتصة في الواجهة الأخرى انتظارا لمأذون واحد يلم بمداده هذا الشمل. أكثر من شاب يافع يحتجون لدي المتعهد، يريدون تغيير أرقام زوجاتهم بالرقم (85)، لم أنتبه في بداية الأمر أن هذا الرقم يخصني. حاول المتعهد أن يهدئ الثائرين، وعلى كل شاب أن يرضى بنصيبه، فهو الذي كتب مواصفات زوجته، وعليه أن يكتفي بالصفات التي أرادها ..
تمعن في بطاقتي الشخصية طويلا، تأكد بأني مستوف لكافة الشروط المطلوبة لاستلام الفتاة التي تحمل الرقم المختلف عليه، رفع مكبر الصوت، صاح بأعلى صوته .. من باب صغير في ركن قصي في الخيمة خرجتْ، تأملتها، عرفت بأنها هي التي ستعيد لي حشرجاتي بعد أن كانت رميما، هرولتُ نحوها، تذكرت بشار بن برد ..
" إذا قامت لمشيتها تثنت كأن عظامها من الخيزران ".
قلت لنفسي :
كيف لامرأة كهذه تقبع في قمة برج الأنوثة في العالم، ترضى أن تجلس معي في مقاعد عامة تنتظر مأذونا عاما ؟.
سجنتُ ابتهاجي، خنقت عنق فرحتي، ودفنت رأس شهوتي تحت غطاء شفاف ..
أرحتُ راحة يدها في راحتي، اتجهنا صوب رجل وقور تلتف عمامة خضراء حول رأسه. دقائق قليلة واستلمتُ منه ورقة تثبت ملكيتي لهذا الصرح المنير. أخفيتُ وثيقتي، تأبطتُ حقيبة وأوراقا مالية قد تكفينا أسبوعا كاملا، لو استطعنا أن نطبخ العسل في جوف سمكة والتهامه في ليلة واحدة ..
انزويتُ بها بعيدا في مقصورة التوحد، وبعد جهد جهيد اتفقت معها على أن يكون اسمها (عفت) واسمي (عفيف).
(عفت) امرأة لا تتكلم، لا تجيد لغة الإشارة. التهمتُ معها العسل في صمت مريب، وغسلنا ثيابنا في صبيحة اليوم التالي. راقني الوضع، مارستُ معها طقوس الطاعة والوفاء، وبأني لن اتخلى عنها مهما كان الأمر ..
حالما تأكدتْ من صدق وعودي امتصت إفرازاتي في شوط واحد، علمتني كيف أتقبل صفعاتها في آخر كل ليلة، على أن تغسل مكان الصفعة في الصباح، وهي تدسُّ في يدي قائمة بطلبات لا تنتهي ..
صفعة البارحة كانت أكثر قسوة من سابقاتها ..
لن أهبها خدي في الصباح لتغسلني، وقطعا عندما تراني غاضبا ستقذف جملتها الوحيدة في وجهي، قبل أن تدفعني خارج حياتِها.
تعليق