لُغَوِيَّاتٌ مِن محي الدين عبد الحميد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • المأمون الهلالي
    مُستعلِم
    • 25-10-2009
    • 169

    لُغَوِيَّاتٌ مِن محي الدين عبد الحميد



    هُنا مَسألتانِ في اللغةِ كنتُ حَيْرانَ فيهما ما أعرِفُ للصَّوابِ سَبيلاً حتى قرأتُ حاشيةَ العلاّمةِ مُحَمَّدِ بنِ محي الدينِ بنِ عبدِ الحميدِ –رحمه اللهُ- فأفدتُهما ، ومِن دُونِهما جَمٌّ من المَسائلِ ضَمَّتها تِيكَ الحاشيةُ النفِيسةُ .
    فأمَّا إحدى المَسألتَيْنِ فإدخالُ (أنَّ ومَعمولَيها : اسمَها وخَبَرَها ) على الفِعلِ الماضي (هَبْ) ؛ كأنْ أقولَ –مثلاً- : هَبْ أنَّ زيدًا مُسافِرٌ ، فعَلِمْتُ أنَّ ذلك جائزٌ ، وكنتُ أظنُّ (هَبْ) يدخلُ على مَفعُولَينِ صَرِيحَيْنِ فقط ؛ فأقولُ : هَبْ زيدًا مُسافِرًا .
    و(هَبْ): فِعلُ أمْرٍ وهو مِن (أخواتِ ظنَّ) التي تنصبُ مَفعولَيْن أصْلُهما مبتدأٌ وخبرٌ ومَعناه : احسُبْ واعدُدْ ، تقولُ – مثلاً- ( هَبْ عَمْرًا عالِمًا) :
    أي : احسُبْه واعدُدْه كذلك ، ولا يُستعملُ منه ماضٍ ولا مُضارعٌ في هذا المعنى.
    قال العلامةُ (محي الدين) بعدما شرحَ بيتَ (ابنِ همامٍ السلوليِّ) الذي أورده (ابنُ عقيلٍ) في شرحِه (لألفية ابن مالكٍ) في بابِ (ظنَّ وأخواتها) وهو:
    فقلتُ أجِرْني أبا مالكٍ وإلا فهَبْني امرأً هالِكا .
    قال العلامةُ (عبدُ الحميدِ):
    {واعلمْ أيضًا أنَّ الغالبَ على (هَبْ) أنْ يتعدَّى إلى مَفعولينِ صريحَينِ كما في البيتِ الشاهدِ ، وقد يدخلُ على (أنَّ) المُؤكدةِ ومَعموليها ، فزَعَمَ ابنُ سيده والجرمي أنه لَحْنٌ –أي خطأ- ، وقال الأثباتُ من العلماءِ المحققين : ليس لَحْنًا ، لأنه واقعٌ في فصيحِ العربيةِ . وقد رُوِيَ من حديثِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ-رض- " هَبْ أنَّ أبانا ..."،، وهو – مع فصاحتِه- قليلٌ }.
    وأمَّا المَسألةُ الأخرَى فترخيمُ غيرِ المُنادَى ضَرُورةً في الشِّعرِ ، وحِينَ كتبتُ قصيدةَ (آمِنْ بعقلِك) ختمتُها بترخيمِ غيرِ المنادَى فقلتُ :
    إنَّ السلامة َ لا تكونُ لِمُبْحِرٍ ترَكَ السَّفِينَ تقودُها حِيتانُ.
    فرخَّمتُ (السفينة) ، فلمَّا أسمَعتُ البَيتَ أُستاذَيْنِ هما أعلمُ بالشعرِ مِني أنكرا عليَّ ما صنعتُ ، فلم آخُذ بقولِهما ؛ إذ خُيِّلَ إليَّ أنَّ ضروراتِ الشعرِ تسَعُ ترخيمَ غيرِ المنادى ،،، ذلك وفي كلمةِ ( السَّفِين) وجهٌ آخَرُ مَرضِيٌّ في الوزنِ والمعنى وهو كونُها جَمْعَ سَفِينةٍ ؛ فالسفينةُ تُجمَعُ على سُفُن وسفائن وسَفِين ،،، ثمَّ قرأتُ حاشيةَ العلامةِ ( محي الدين) في بابِ (الترخيم) فوجدتُه يقولُ:" وفي الشعرِ العربيِّ حذفُ بعضِ الكلمةِ بكلِّ حالٍ ، وإنْ لم تكن صالِحةً للنداءِ ؛ للضرورةِ ، كحذفِ بعضِ الضميرِ وبعضِ الحرفِ وبعضِ الاسمِ المقرونِ بأل ، وكلُّ هذه الأنواعِ لا تصلحُ للنداءِ ، فمِن ذلك قولُ لبيدِ بنِ ربيعة:
    دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأبانِ فتقادمتْ ، فالحَبسِ فالسُّوبانِ
    أرادَ "دَرَسَ المَنازِل " فحذف حرفينِ من الكلمةِ ......
    ومنه قولُ النجاشيِّ :
    فلستُ بآتِيهِ ولا أستطيعُهُ ولاكِ اسقِني إنْ كانَ ماؤكَ ذا فضْلِ.
    فحَذَفَ النونَ مِن "ولكنْ " لاجتماعِ الساكنينِ ضرورةً لِيستقيمَ له الوزنُ ....
    ومِثلُ ذلك كثيرٌ في شِعرِ العربِ وهو-مع كثرتِه- بابٌ لا يحتمِله إلا الشعرُ ...".}.
    لقد صدقَ العلامةُ محي الدين –رحمه اللهُ- عندما قالَ في خاتمةِ حاشيتِه على ألفية ابن مالكٍ {" قد تلاقت في هذا الكتابِ كتبٌ فأغنى عنها جميعًا في حين أنه لا يُغني عنه شيءٌ منها"} . ذلك بأني قرأتُ شرحَ (ألفيةِ ابنِ مالكٍ) أربعَ مِرارٍ بل خَمْسًا أو أكثرَ فما ظفرْتُ بما يدفعُ جَهلي بِعُبابِه ؛ فأمَمْتُ سِواه مِن كتبِ النحوِ القديمةِ والحديثةِ فلم أجد كِفايتي في واحِدٍ منها ، ولا يزالُ الإنسانُ طالِبًا رَكوبَ العِلمِ ورُكوبَه حتى يُلحَدَ في رَمْسِه أو يُرْمَسَ في لَحْدِه.
    التعديل الأخير تم بواسطة المأمون الهلالي; الساعة 15-04-2012, 22:39. سبب آخر: تغيير كلمة
    sigpic
    إنَّ السلامةَ لا تكونُ لِمُبحِرٍ ترَكَ السفِينَ تقودُها حِيتانُ
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة المأمون الهلالي مشاهدة المشاركة

    هُنا مَسألتانِ في اللغةِ كنتُ حَيْرانَ فيهما ما أعرِفُ للصَّوابِ سَبيلاً حتى قرأتُ حاشيةَ العلاّمةِ مُحَمَّدِ بنِ محي الدينِ بنِ عبدِ الحميدِ –رحمه اللهُ- فأفدتُهما ، ومِن دُونِهما جَمٌّ من المَسائلِ ضَمَّتها تِيكَ الحاشيةُ النفِيسةُ .
    ...

    لقد صدقَ العلامةُ محي الدين –رحمه اللهُ- عندما قالَ في خاتمةِ حاشيتِه على ألفية ابن مالكٍ {" قد تلاقت في هذا الكتابِ كتبٌ فأغنى عنها جميعًا في حين أنه لا يُغني عنه شيءٌ منها"} . ذلك بأني قرأتُ شرحَ (ألفيةِ ابنِ مالكٍ) أربعَ مِرارٍ بل خَمْسًا أو أكثرَ فما ظفرْتُ بما يدفعُ جَهلي بِعُبابِه ؛ فأمَمْتُ سِواه مِن كتبِ النحوِ القديمةِ والحديثةِ فلم أجد كِفايتي في واحِدٍ منها ، ولا يزالُ الإنسانُ طالِبًا رَكوبَ العِلمِ ورُكوبَه حتى يُلحَدَ في رَمْسِه أو يُرْمَسَ في لَحْدِه.
    أهلا بك أخي الفاضل المأمون و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

    أمتعتنا، أخي الفاضل، بما نثرته هنا من درر نفسية، بارك الله فيك و زادك علما و حلما و فهما و همة !

    إن العربية، و قسمها هنا، يحتجانك أخي الفاضل، فليتك تفيدنا بما عندك و ستجدنا شاكرين معترفين ؛ و رحم الله الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد فقد كان، رحمه الله تعالى (ت 1972)، خادما وفيا للغة و غيرها من العلوم الإسلامية و أغنى المكتبة العربية و الإسلامية بكنوز من مؤلفاتها القيمة كلها، فقد أخلص النية، فيما أحسب، و أجاد العمل فوضع الله القبول عند الناس فأقبلوا على كتبه يقتنونها و يفيدون منها، فجزاه الله عنا خيرا، اللهم أمين يا رب العالمين.
    ألست القائل : "آمِن بنفسِكَ أيُّها الحَيرانُ
    وانهضْ بها، فنهوضُها إيمانُ
    إنَّ السلامة َ لا تكونُ لِمُبْحِرٍ
    ترَكَ السَّفِينَ تقودُها حِيتان"ُ


    ؟
    تحدثت، أخي الكريم، عن حاشيته على الألفية فليتك أعطيتنا تفاصيل أكثر عنها كالعنوان الكامل و الناشر وغيرهما من المعلومات التي تمكننا من البحث عن تلك الحاشية النفيسة و لك مني جزيل الشكر سلفا فالشيخ، رحمه الله تعالى و أحسن مثوبته، كان معطاء كريما غزير العلم و له كتب كثيرة و له على الكتاب الواحد حواش كثيرة و لا أدري عن أية حاشية تتحدث و أنا أريد أن أأمن بنفسي كما قلت في قصيدك !
    http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=48988
    تحيتي و تقديري.

    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

    تعليق

    • المأمون الهلالي
      مُستعلِم
      • 25-10-2009
      • 169

      #3
      الأستاذ الفاضل حسين ليشوري
      وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
      ما أحسنَ الذي أضفتَ إلى المقالة !، والحقُّ فيما قصدَتَ مَورِدَه ، كان عليَّ أن أضع ترجمةً ولو قصيرةً للعلامة (محي الدين) ، وأذكرَ اسمَ الكتابِ الذي كتبتُ المقالةَ لأجْلِه ، وهو (شرح ابنُ عقيل على ألفية ابن مالك) ومَعَها تحقيقُ (محمد محي الدين عبد الحميد) ، أعرَبَ في أسفلِ الشرحِ أبياتَ الألفيةِ كلَّها، وشَرَحَ شواهِدَ ابنِ عقيلٍ وأعربها وبيَّن مَوضِعَ الشاهدِ منها ، وكثيرًا ما أضاف تعليقاتٍ نفيسةً يُوضِّحُ بها غامِضًا أو يكشِفُ خَلَلاً أو يُكمِلُ ناقِصًا ، ثم أتبعَ الكتابَ تكملةً في الصرفِ تدارك بها ما أغلفته الألفيةُ من مسائلِ الصرفِ ، وعندي كلُّ ذلك في طبعةِ ( المكتبة العصرية) البَيروتِيَّةِ ، وربما تحمِيلُها في الشبكةِ العنكبوتيةِ واقِعٌ فيَسعُك الانتفاعُ بها على عَجَلٍ مِن غير نفقةٍ ولا تجْوالٍ في المكتباتِ .
      عسى جَوابي أن يُوفِيَ سؤالَك حقَّه ،،،
      أفرحني حُسنُ ظنكَ وجميلُ ثنائكَ ، فلكَ شُكرٌ ودُعاءٌ.
      sigpic
      إنَّ السلامةَ لا تكونُ لِمُبحِرٍ ترَكَ السفِينَ تقودُها حِيتانُ

      تعليق

      • حسين ليشوري
        طويلب علم، مستشار أدبي.
        • 06-12-2008
        • 8016

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة المأمون الهلالي مشاهدة المشاركة
        الأستاذ الفاضل حسين ليشوري
        وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
        ما أحسنَ الذي أضفتَ إلى المقالة !، والحقُّ فيما قصدَتَ مَورِدَه ، كان عليَّ أن أضع ترجمةً ولو قصيرةً للعلامة (محي الدين) ، وأذكرَ اسمَ الكتابِ الذي كتبتُ المقالةَ لأجْلِه ، وهو (شرح ابنُ عقيل على ألفية ابن مالك) ومَعَها تحقيقُ (محمد محي الدين عبد الحميد) ، أعرَبَ في أسفلِ الشرحِ أبياتَ الألفيةِ كلَّها، وشَرَحَ شواهِدَ ابنِ عقيلٍ وأعربها وبيَّن مَوضِعَ الشاهدِ منها ، وكثيرًا ما أضاف تعليقاتٍ نفيسةً يُوضِّحُ بها غامِضًا أو يكشِفُ خَلَلاً أو يُكمِلُ ناقِصًا ، ثم أتبعَ الكتابَ تكملةً في الصرفِ تدارك بها ما أغلفته الألفيةُ من مسائلِ الصرفِ ، وعندي كلُّ ذلك في طبعةِ ( المكتبة العصرية) البَيروتِيَّةِ ، وربما تحمِيلُها في الشبكةِ العنكبوتيةِ واقِعٌ فيَسعُك الانتفاعُ بها على عَجَلٍ مِن غير نفقةٍ ولا تجْوالٍ في المكتباتِ .
        عسى جَوابي أن يُوفِيَ سؤالَك حقَّه ،،،
        أفرحني حُسنُ ظنكَ و جميلُ ثنائكَ ، فلكَ شُكرٌ و دُعاءٌ.
        أخي الفاضل الأستاذ المأمون الهلالي، العربي الأصيل، السلام عليكمورحمة الله تعالى و بركاته.
        يذكرني لقبك ببني هلال الذين رحلوا من الجزيرة العربية و استوطنت بطون منهم الجزائر
        في القرن الخامس الهجري!
        يا لبركة الشبكة العنكبية لمن يحسن استعمالها في الخير فقد عرفتنا ببعضنا و مكنتنا من الحصول على المعرفة القيمة!
        أشكر لك أخي الكريمتفاعلك الجميل و ما تفضلت به من معلومات عن الكتاب موضوع حديثك
        و هو عندي في المكتبة مع غيره من كتب الشيخ العلامة محمد محي الدين عبد الحميد (1972/1900ـ 1392/1318) رحمه الله تعالى و رضي عنه.

        و ترجمة الشيخ موجودة بقلم نجله في نسخة "شرح شذور الذهب" بتحقيقه طبعة المكتبة العصرية، بيروت، 2002/1423.
        و ما يحز في نفسي عميقا أن كثيرا من كتب الأستاذ العظيم في النحو و غيره من العلوم الإسلامية و العربية لا يزال مخطوطا و لم ير النور بعد على قيمته و أهميته وحاجة طلاب العلم إليه !
        أسأل الله تعالى أن يوفق ورثة الشيخ الجليل إلى طبع كتبه المخطوطة و إعادة طبع الأخرى ليعم الانتفاع بها !
        أشكر لك أخي الفاضل المأمون جميل تفاعلك فالحديث معك متعة روحية و لغوية كبيرة حقا !
        تحيتي و تقديري المؤكَّدان !
        أخوك حسين.

        sigpic
        (رسم نور الدين محساس)
        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

        "القلم المعاند"
        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

        تعليق

        يعمل...
        X