عصفور في الصف التاسع
دخل عصفور غرفة الصف التاسع، فحاصره الطلاب مبتهجين بقدومه،وأخذوا يطاردونه من مقعد إلى مقعد، ومن ركن لآخر، ولمّا ضايقوه بحصارهم وقف على مسمار مرتفع، لا تطوله أيديهم الطويلة واخذ يحاورهم من علٍ
_ هربت من قفصي على أمل ن أجد عندكم الأمان!
_ هربت من قفص إلى قفص كمن يهرب "من تحت الدلفة إلى تحت المزراب"
_ أنتم تعيشون في حرية نحسدكم عليها!
_ أتحسدنا على "سجننا" وأنت الذي تعيش في فضاء لا نهاية له، ترتفع فوق الجبال، وتهبط في الوديان، تخترق الغابات، وأحيانا تعبر البحار والقفار
وتجتاز الأسلاك الألكترونية والشائكة
_ احتلّ الإنسان الأرض والسماء، فاختلطت الجغرافية، وضاق الفضاء، فلم أعد اجد الهواء النقيّ في هذا الكون الواسع!
_ وهل جئت تفتش عنه هنا!؟
_ جئت أفتش في بطون الكتب عن جغرافية غير مصطنعة، بدون حدود وأسلاك شائكة، وعن تاريخ مكتوب بأقلام المؤرخين لا العسكريين.
قهقه حد الطلاب وقال:
_ الجغرافيا في بطون الكتب لم تعد جغرافيا،والتاريخ انشقّ على نفسه ولم يعد تاريخا، ومعظمنا ينصب الفاعل يكسر مواثيق الرياضيات والفيزياء والكيمياء
ومعها ميثاق جنيف!
حنى العصفور رأسه، وذبلت عيناه، وانزلقت منها دمعة، رقت لها قلوب الصغار الأبرياء ففتحوا له الأبواب، قفز على أثرها عبر الشباك، وانطلق إلى الفضاء الرحب يفتش عن تاريخ جديد، وجغرافية أخرى!!!!
تعليق