لحظات مجنونة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
    أديب وكاتب
    • 03-02-2011
    • 413

    لحظات مجنونة

    تزيّن، تعطّر ودلف خارجا، لحقته عند باب الغرفة الوحيدة :أريد بعض النقود لشراء طعام للصغيرة.
    : لا أملك ثمن الطعام، حاولي تحصيل المال بأيّ وسيلة.
    : لا أملك شيئا، بعتُ كل ّ شيء، هاهي رزمة المال تطل من سترتك.
    : هذه الرزمة طعام الطاولة الخضراء في الكازينو، لا مانع عندي إن زارك ابن صاحب المنزل ليقضي ليلة معك، ارفعي السعر قليلا ليكفي طعام الصغيرة ودواءها.
    توترسيطرعلى أعصابها، ابتسم بدهاء وخرج، تبعته نظراتها بقهرعند عتبة الباب وهو يلوّح لها بإشارات بذيئة ويرميها بكلمات نابية.
    جالت ببصرها أنحاء الغرفة، تبحث عن بقايا طعام للصغيرة، البيت خواء، رجفة في اليدين، التوتر العصبي يزداد ، ابتسامة غبية ارتسمت على الشفاه، نظرات تائهة، استيقظت الصغيرة باكية، شدّت طرف ثوبها :ماما ،جائعة أريد خبزا!! زاغت العيون، الطفلة تزداد بكاء صراخا، لطمتها بقسوة لى وجهها:اصمتي لا أريد سماع نواحك.
    : ماما،خبزا،خبزا، ماما، جائعة، جائعة !!
    : من أين؟ لا شيء في البيت، اسكتي، صوتك يخترق شياطين رأسي. وضعت يدها على الفم الجائع، الدموع تتدفق، رمتها أرضا، البكاء أضحى عويلا.
    : ماما، خبزا،خبزا، ماما، جائعة، جائعة !!
    : بعت كلّ شيء حتى جسدي، اصمتي، الرزمة في سترته، الطاولة الخضراء تبتلع كلّ شيء، الطاولة لا تشبع،هبطت فوقها صهرتها بجسدها.
    : أمي أنا جائعة، عويل صمّ الآذان، لا تريد سماع صوت عويلها، سدّت الفم بيدها ،لم تسكت، انحدرت اليدان نحو الرقبة :سأغلق مجرى الطعام حتى لا تقولي جائعة.
    :ماما، جائعة، جائعة ،تاهت النظرات، زاغ العقل، اليدان ترتجفان فوق عنقها .
    : اخرسي، لاأريد سماع الصراخ والعويل ،صوتك يلسعني بسوطه.
    تجمهر الجيران ، تتابعت الأصوات: ما بك أنت تخنقين البنت!!
    :الموت يبعد الجوع.
    ضحكات هستيريّة ضجّت بالمكان، العينان برزت من جوفهما، الطفلة تقاوم بشدة.
    صاحت إحداهن: ابتعدي عنها، البنت ستموت
    : تموت، الرزمة هناك فوق الطاولة، تموت، بعد قليل سيأتي ابن صاحب المنزل يريد الأجرأو يدفع الثمن، تموت، كشفت عن ساقها، خطوط السوط حفرت أخاديد، تموت...تموت .
    : لون البنت أزرق،ابنتك اختنقت، ابتعدي
    :تموت، هناك ستأكل وتشبع، حرام (تضحك بهستيريا، ها، ها، ها،) من يدفع ثمن الطعام؟الطاولة الخضراء نهمة لا تشبع ، لا تشبع.
    قالت إحداهن : من تجرؤ على إبعادها عن الصغيرة؟
    : لا أحد هذه مجنونة قد تؤذينا.
    شدت على الرقبة بقوة:هاها ها، نعم مجنونة، العقل تاه من شدة الجوع، العقل تاه في دوامة القهر اليومي، العقل تاه من لؤم ابن الحرام، اصمتي، لا أريد العقل أنّه يقيدني بألف وثاق، يجب أن يتحرر من قسوة الفاجر،اخرسي، لا تطلبي الخبز، الخبز مغموس بالذل و بالعهر وبكل صور الفسق.
    هدأت الطفلة بين يدي الموت، وصلت الشرطة، ضربها الشرطي بكعب بندقيته، لكن ضحكاتها الهستيرية عانقت الجنون، ووقعت أرضا وحملتهما سيارة الإسعاف كلّ إلى مستقرها.


  • ريما ريماوي
    عضو الملتقى
    • 07-05-2011
    • 8501

    #2
    قصة تقشعر البدن, لم احب ما قرأت من احداث وتطوراتها ابدا,
    هذه امرأة ضعيفة, لما لم تشتغل في اي عمل شريف
    كالخدمة في البيوت, بدلا من الانهيار, وهي انهارت لانها رضيت ان تزاول
    ارذل الاعمال والهدف سد لقمة الجوع.
    لاشك ان القصة سلسة تشد الانتباه الى الأخر, لكن فيها بعض الهفوات
    التي تحتاج التعديل. تحياتي
    التعديل الأخير تم بواسطة ريما ريماوي; الساعة 03-06-2011, 12:50.


    أنين ناي
    يبث الحنين لأصله
    غصن مورّق صغير.

    تعليق

    • فاطمة يوسف عبد الرحيم
      أديب وكاتب
      • 03-02-2011
      • 413

      #3
      الأستاذة ريما
      تحية وبعد
      أشكر تواجدك وتحليلك القيم للنص ، أنا معك فيما ذكرته لكنّي أنقل بقلمي حدثا واقعيا بكل آلامه ، فأنا مع الفضيلة في كل أحوالها لكن لا ننسى أنّ هناك أناسا يتصفون بالضعف الإنساني فيجب البحث عن سبب الوقوع في الآثام ومعالجته
      ودمت
      فاطمة

      تعليق

      • إيمان الدرع
        نائب ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3576

        #4
        يا أستاذة فاطمة :
        يا غالية :
        كم هي موجعة أحداث قصّك ..
        سمعت صراخ المرأة ...وطفلتها ..والزوج القميء
        وعويل الأيام ..
        ومنظر الطاولة الخضراء التي ابتلعت كلّ كرامة ..وأنفاس ..
        مشاهد قاسية يا فاطمة ..بقلمٍ بارعٍ ..
        لهذا جاء صارخاً ..يستحثّ الضمائر ..
        إليك أحلى أمنياتي ...وتحيّاتي ...

        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

        تعليق

        • بسمة الصيادي
          مشرفة ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3185

          #5
          قصة مؤلمة وصارخة
          نعم الطاولة الخضراء التهمت كل شيء
          عقل الأم ، روح الفتاة و..و..و
          لتبقى وحدها صامدة تلتهم ..وتلتهم
          مشهد جنوني أتقنت الأديبة تصويره
          لتجعلنا مباشرة أمام الحدث
          يحيرني سؤال: هل الموت فعلا أرحم للطفلة..؟! ربما ..!
          الأديبة فاطمة يوسف عبد الرحيم
          نسجت الحدث ببراعة واستطعت أن تغرسي سكينك
          في صدر الطاولة الخضراء ..!
          تحياتي.. وزهر
          في انتظار ..هدية من السماء!!

          تعليق

          • وسام دبليز
            همس الياسمين
            • 03-07-2010
            • 687

            #6
            لحظات مجنونة
            إنها بحق لحظات مجنونة ولا نملك فيها إلا الجنون حين تصبح تلك الطاولة أهم من ثمن خبز لطفلة
            حين يهبط الرجل لدرجة يصبح عنه الشرف كأي شيء يباع ويشترى
            هي لمحة ...صورة ...لواقع ...واقع وللأسف موجود
            أحياننا يتجرد البعض من الضمير والمشاعر والقلب وتغدو كل الصرخات غير قادرة على إعادتها
            مع هذا القلم طابت لي القراءة
            مودتي

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              رغم أنك هنا كنت أسيرة اللون الأسود
              إلا أنك لم تخرجى عن دائرة الفن ، و عن تلك الرقعة الخصبة التى تجمع بين الألوان ، وهى ما نطلق عليها المنطقة الرمادية
              نعم نحن مع الفضيلة ، و نحارب لأجلها
              و ياروح ما بعدك روح .. و لكنها امتهنت الأمر ، و لم تكن المرة الأولى للفعل
              هى وقفة استثنائية إذن
              و كان لا بد أن تكون أكثر عمقا ، و أنت قادرة على فعل هذا
              أظن أنى قرأت عملا مشابها لك بذات البطل و تلك السيدة و الطفلة
              مما يجعلنى متشوقا إلى العودة إلى كافة أعمالك المنشورة هنا
              لأرى بعض ملامح ، و ارتكازات أفكارك التى تبهرنى

              أقول لك شيئا أستاذة فاطمة
              قد نضطر فى بعض الأحيان إلى تنئيت الواقع قليلا
              و نحاول الانتصار للفكرة بعيدا
              لم وجدت أن قتل الطفلة هو الحل .. أو هى ذهبت إلى ذلك
              أم أنها فقدت عقلها ، و أصابتها لوثة
              لم لم يكن الزوج
              و حيل النساء كثيرة و لا تقف عند حد ( إن كيدهن عظيم )

              هى لقطة صورت بمهارة ، و لحظة فى زمن محدود للغاية ، قالت كل شىء
              من الممكن تحويلها إلى مونودراما ( تمثيلية الممثل الواحد Representative and one representative )

              تقديري
              sigpic

              تعليق

              • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                أديب وكاتب
                • 03-02-2011
                • 413

                #8
                الأستاذ ربيع كم يسرني وجود قلمك باحثا عن متعة في نص سطرته، قد تقول أني أميل إلى الرمادية في الفكر لكني لست كذلك فأنا على قناعة إن وظيفة الأدب نقل صور من الواقع المؤلم لتغييره إلى الأفضل وكما يقال أن الدنيا أم والمرأة هي الأم ودائما أرى أن أي ظلم يقع على المرأة يكون سببه الرجل ويؤثر على المجتمع سلبا ،وأرجو أن لا تعتقد أن في داخلي سوداوية ولكن طبيعة عملي كمعلمة يجعلني أهتم بالطابع التربوي والواقعي من صور الحياة ، وقصة المرأة التي قتلت ابنتها رأيتها لحظة وقوعها بعيني ،وكذلك رأيت لحظة الجنون والانهيار العصبي الذي داهم المرأة قد يكون الفعل عظيما ولكنه ليس من بنات أفكاري لذا أنا لم ابتعد عن الواقع لحظة في هذا السرد وظلت الواقعة محفورة في ذاكرتي، فكتبت ، في استطاعتك أن تعدّ فاطمة يوسف تكتب من الواقع بلغة أدبية .آسفة للإطالة ودمتم فاطمة

                تعليق

                • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                  أديب وكاتب
                  • 03-02-2011
                  • 413

                  #9
                  الأخت إيمان الدرع أشكر تواجدك الثري في هذا النص وتفاعلك الوجداني مع أحداث النص ، فالظلم دائما قهّار لمن يسمع به أو لمن يقع عليه. ودمت عزيزتي فاطمة

                  تعليق

                  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                    أديب وكاتب
                    • 03-02-2011
                    • 413

                    #10
                    العزيزة بسمة الصيادي تعبيرك الراقي أعطى القصة أهمية وتلمست ثأثرك من خلال الكلمات المعبرة وهذا لأنها صورة واقعية من الحياة وشكرا للمشاركة ودمت عزيزتي فاطمة

                    تعليق

                    • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                      أديب وكاتب
                      • 03-02-2011
                      • 413

                      #11
                      عزيزتي وسام دبليز
                      تواجدك راقٍ ومعبر من خلال كلمات عفوية متعاطفة مع الطفولة التي تعاني مما يفعله الكبار من عمل( لعب الميسر) نهت عنه الشرائع السماوية
                      ودمت عزيزتي

                      تعليق

                      • م. زياد صيدم
                        كاتب وقاص
                        • 16-05-2007
                        • 3505

                        #12
                        ** الاديبة الراقية فاطمة.......

                        قصة عنيفة ..فاجعة اجتماعية..تفتح تساؤلات شتى اولها: اين القانون واين العدالة من كل هذا ؟؟!! واين الاهل من كلا الطرفين ؟؟

                        تحايا عبقة بالرياحين.......
                        أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
                        http://zsaidam.maktoobblog.com

                        تعليق

                        • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                          أديب وكاتب
                          • 03-02-2011
                          • 413

                          #13
                          المهندس زياد
                          لقد أشرقت صفحتي بكلماتك ، والسؤال كبير مثقل بالوجع وكثرة صور الظلم ، سررت بتواصلك وتحياتي لشخصك الكريم
                          فاطمة

                          تعليق

                          • مباركة بشير أحمد
                            أديبة وكاتبة
                            • 17-03-2011
                            • 2034

                            #14

                            وغالبا ماتنحدر تلك الضعيفة من برجها العالي رويدا رويدا، إلى أن تقع في حفرة الأحزان،

                            وقد لوثت الأوحال ثوبها الأبيض ،والسبب هو سوء اختيارها لشريك حياتها ..!!،
                            .............
                            سلمت يمناك أديبتنا الراقية فاطمة ،ودام قلمك شعلة تنير أمامنا للفهم ألف طريق ..!
                            تحياتي ومودتي

                            تعليق

                            • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                              أديب وكاتب
                              • 03-02-2011
                              • 413

                              #15
                              الأديبة مباركة
                              تحية وبعد
                              ثراء كلماتك أسعدني شكرا لتواجدك وحسن رأيك
                              فاطمة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X