العلاقة النحوية وقصيصة " جنرال من ورق " للأستاذ أسعد جماجم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    العلاقة النحوية وقصيصة " جنرال من ورق " للأستاذ أسعد جماجم

    ( تتمايل به ساحة الطابور , تستعد الأرتال المتراصة لتحيته , قبل تحية العلم )


    هكذا نتلقى سياق المفتتح لهذا النص السردى الجميل ، وهو السياق الذى يقوم على علاقة المضارعة باستخدامين دلالين مختلفين متغايرين تماما ولنتأمل السياق

    - ( تتمايل به ساحة الطابور ) هنا نتلقى علاقة المضارع عبر تخييل الاستعارة المكنية الذى يخيل لنا ساحة الطابور الجهمة الرزين غير ذلك تماما ، لم يعد لها ثباتها ورسوخها العسكرى ، الساحة تتمايل وهى ليست ميلة عارضة لعلها تكون من طارىء أو توهم

    - لأننا عبر علاقة المضارع نتلقى التخييل فى صورة دائمة إن الساحة تتمايل لا يفتر و لا ينقطع تمايلها

    - ثم ولنتأمل علاقة شبه الجملة التى تسيج دلالة المضارعة ( تتمايل به ) هذى العلاقة توحى لنا بما لم نره فهى تقول لنا أن الجنرال تأمل ما حوله وتيقن أن إحساسه بهذا التمايل يخصه وحده ، إن تمايلها لا يبدو على أحد سواه

    - والذى يكثف من دلالة علاقة الجر هو روتينية توحى بها علاقة المضارعة التالية ( تستعد الأرتال ) وهى التى لا تقدم لنا كالعلاقة الأولى ( تتمايل .... ) لا تقدم دلالة طارئة مرعبة

    - بل هى تكثف من دلالة العلاقة الأولى للمضارعة فتمايل الساحة لا يحس به إلا الجنرال الورقى ، بينما الأرتال على هيئتهم ككل صبيحة يستعدون لتحيته هو قبل العلم الذين يفترض أنهم فى خدمته لا الجنرال

    - مع تلقى علاقة المضارعة الثانية ( تستعد الأرتال ) نكون أمام تعبير كنائى عن حالة التوتر التى تعترى الجنرال مما طرأ له فالساحة تتمايل به وحده ، لكنه لا يقدر أن يتكلم أو ينطق فلا يليق بمهابته أن يبدو مرتعبا ، لكن المؤلم والمرعب أنه لا يبدو على الأرتال شىء ترى ماذا يدبر هؤلاء ؟

    - ثم نتلقى سياق (بطنه الحامل بمال الشعب يتسع لدبابة من الحجم الصغير ) وهو الذى يبدو التفاتا ذكيا متقنا عن حالة التوتر ومشهديتها الضاغطة على عصب الحدث ، فنتلقى علاقة الجملة الاسمية ( بطنه يتسع )

    - ومن الجلى أن الجملة الاسمية تنشر ظلها الدلالى الذى يوحى بحالة اليقين والثقة والسخرية المريرة التى تنبع من صدق المشهد وتجذره بهذى الهيئة فى بصيرة السرد

    - ثم إن علاقة المبتدأ تتصل بعلاقة النعت ( بطنه الحامل ) وهى العلاقة التى تكثف من دلالة السخرية وتخدش عميقا فحولة الجنرال وتجبِّره

    - حيث تستحيل علاقة النعت تعبيرا كنائيا عن زيف هيئة الجنرال وهشاشة اعتداده وانتفاخه الذى لا يستدعى إلا منظر أنثى فى حالة ضعفها فى أشهر الحمل

    - ثم نتلقى صفة الجنين الذى مهدت له علاقة النعت ( بطنه الحامل بمال الشعب ) لتتكثف حالة السخرية من هذا الجنين الذى يتراءى لأعين الجنود كلما خطر بينهم الجنرال أو وقف فى اعتداد

    - ثم تجىء علاقة الخبر المضارعة ( بطنه الحامل بأموال الشعب تتسع لدبابة .. ) إن التعبير هنا بعلاقة المضارع ينشر ظلا دلاليا يوحى بشراهة هذى البطن ونهمها الذى لا يفتر عن الابتلاع والنهب

    - فالسياق لم يقل لنا بطنه اتسعت بل هى تتسع أى أنها فى ترحيب دائم بما تلتقمه ولو كان حديد دبابة

    - يمكن القول أن سياق الجملة الاسمية ( بطنه الحامل ) يستحيل تعبيرا كنائيا عن رؤية السرد لآدمية الجنرال التى تتلاشى مع تلقى السياق بحيث يصير فى هيئة أخرى لا علاقة لها بالآدمية ، هيئة بشعة كريهة تكلل الجنرال وتسيِّجه عبر مشهدية السياق

    - ثم يلتفت السياق إلى مشهدية التوتر الذى بدأ به المفتتح حيث نتلقى هذا السياق

    - (صاح ضابط المناوبة...؟؟؟
    _ انتبه الجميع....إستعد...؟؟؟



    - وهو السياق الذى يعيدنا فى حدة مقصودة إلى توتير المشهد واللقطة الأولى لتمايل ساحة الطابور بالجنرال وحده ومكابدته لهذا الإحساس المخيف الذى يجعله وحيدا محصورا بين أرتاله المحيطة به

    - ثم إننا نتلقى السياق عبر علاقة الفعل الماضى ( صاح ... ) أى ان الجنرال عندما سمع الصيحة كانت قد حدث وصارت ماضيا ، ماذا ينتظر إذن ماذا ينوون ؟ الساحة تتمايل به وحده وهم إمعانا فى الخديعة والمكر يخيلون له أن كل شىء عادى لا طارىء فيه يستعدون لماذا ؟

    - وهنا يسكت السياق بذكاء فنى فلا نتلقى علاقة شبه الجملة للفعل ( استعد لتحية العلم ) أو لعل الضابط قالها لكن الجنرال لم يسمعها وفى الحالتين فإن علاقة شبه الجملة المسكوت عنها تستحيل تعبيرا كنائيا عن حالة التوتر الشديد الذى يكتنف المشهد وعن مدى التوجس الذى يكابده الجنرال حتى أنه ما عاد ربما يستمع حقيقة لما يقال

    - ثم نتلقى السياق (ضربت الأحذية العسكرية الغليظة إسمنت الساحة ضربة واحدة ) وهو السياق الذى نتلقاه عبر علاقة الجملة الفعلية الماضية التى تباغتنا الحدث كما تباغت الجنرال إنه يشعر بضرب الأحذية الأرض بعد أن يكون الفعل قد صار ماضيا بما يكثف من توتره وقلقه وحيرته

    - ثم ولنتأمل علاقة المفعول المطلق ( ضربة واحدة ) فالسياق كان من الممكن أن يكون هكذا (ضربت الأحذية العسكرية الغليظة إسمنت الساحة ) لكن السياق وظف علاقة المفعول المطلق ( ضربة واحدة ) لتستحيل أيضا تعبيرا كنائيا يكثف من حالة التوتر والقلق الذى يكابده الجنرال ، فيبدو له أن صوت الأحذية العسكرية على الأرض لا يشبه فعل القطيع الذى اعتاده كل يوم ، يستشعر الجنرال كأن هناك روحا جديدة تناغم بين أفعال جنوده إنها تحيلهم كيانا واحدا فتتجلى له أصوات الأحذية العسكرية صارت هى الأخرى نذيرا مخيفا لما يمكن ان يحدث

    - ثم نتلقى سياق ( تحركت الأرض وماجت مع رأس الجنرال , أحس بحركة مريبة في بطنة ,أسرع إلى دورة المياة ) لنتلقى فنية توظيف علاقة الماضى عبر فنية جديدة فها هو أثر صوت أحذية الجنود الذى تلقيناه عبر علاقة الماضى يغاير من سرعة الحدث فلم يعد الجنرال تتمايل به الأرض بل هى تحركت وباغتته ، لذا نتلقى ما يكثف من سرعة الحدث عبر علاقة العطف ( وماجت مع رأس الجنرال )

    - يمكن القول أن سياق ( تحركت الأرض وماجت مع رأس الجنرال ) يكنز استعارة مكنية توحى لنا كيف انسرب قلق الجنرال إلى الأرض فصارت ترتعش مثله ، كما أن الاستعارة نتلقاها عبر علاقة الفاعل بما يكثف من دلالة تسرب مشاعر الجنرال إلى الأرض التى يقف عليها ، وهى الاستعارة التى تستحيل تعبيرا كنائيا عن تشبع المشهد تماما بالقلق والتوجس

    - ولنتأمل علاقة الظرف ( وماجت مع رأس الجنرال ) وهى العلاقة التى توحى بمشهدين مشهد خارجى للأرض تتحرك وتميد ومشهد داخلى تميد فيه السكينة فى رأس الجنرال

    - ثم نتلقى سياق (أحس بحركة مريبة في بطنة ,أسرع إلى دورة المياة )

    وهو السياق الذى تمثل فيه علاقة شبه الجملة ( فى بطنه ) دلالة تسيج سياق الجملة الماضية ( أحس بحركة مريبة ) فعلاقة شبه الجملة هى التى تندفق معها السخرية العميقة فلا أثر إذن لما كان يتخيله الجنرال ويعتمل فى نفسه من قلق وتوجس ، الأرض ما كانت تتمايل إلا لعارض تخمة بسيط يعانيه ، الأمور إذن بخير ولا مشكلة ولا خطر

    - لكن لا ، لن ينتهى المشهد هكذا ، الجنرال سيتهشم تماما حيث نتلقى هذا السياق (وقبل أن يدركها كان البلل قد استباح سرواله

    - وهو السياق المؤكد بقد كما أنه يقوم على علاقة الجملة الاسمية ( استباح ) وهى العلاقة التى تستدعى عبر الحقل الدلالى للفعل تخييلا يتمثل فى الاستعارة المكنية التى يتراءى فيها البلل كما يود أن يراه السرد ، فالبلل مدرك حانق بالغضب والرغبة فى الانتقام من الجنرال فهو يستبيح سرواله كأنه وهو البلل ما عاد يطيق هيئة التجبر الجوفاء ولا هذا التكبر المتورم بالخداع والخسة

    ختاما يمكن القول أن توظيف علاقة المضارعة وعلاقة الماضى كان توظيفا فنيا محكما وقادرا على أن يعبر بسلاسة وذكاء عن رسالة النص وكان توظيفا مواكبا لتغاير المشهد وطبيعة التغاير واحتياجاته ، كما أن علاقة الجملة الاسمية كانت قادرة على أن تعبر عن بصيرة السرد ويقينه الذى ينشر ظله على السياق


    رابط النص http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?80572-
  • أمل ابراهيم
    أديبة
    • 12-12-2009
    • 867

    #2
    الآستاذ محمد الصاوي
    مساء الخير
    وكل عام وأنت بخير
    قرأت لك وتهت بكلماتك وأحرفك ونقدك
    ومجهودك المشكور عليه في تفكيك النصوص ومنحها الر ؤية الآفضل
    رائع أنت يا أستاذي
    وردة جورية لر وحك
    http://www.almolltaqa.com/vb/forumdisplay.php?710-كرامتي في خزانتي
    درت حول العالم كله.. فلم أجد أحلى من تراب وطني

    تعليق

    • محمد الصاوى السيد حسين
      أديب وكاتب
      • 25-09-2008
      • 2803

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة أمل ابراهيم مشاهدة المشاركة
      الآستاذ محمد الصاوي
      مساء الخير
      وكل عام وأنت بخير
      قرأت لك وتهت بكلماتك وأحرفك ونقدك
      ومجهودك المشكور عليه في تفكيك النصوص ومنحها الر ؤية الآفضل
      رائع أنت يا أستاذي
      وردة جورية لر وحك
      http://www.almolltaqa.com/vb/forumdisplay.php?710-كرامتي في خزانتي
      شكرا جزيلا أستاذ أمل وأنا سعيد بحضوركم الكريم وهذى الكلمات الفواحة بالشذا شكرا جزيلا جزيلا

      تعليق

      يعمل...
      X