راح في سبات عميق، ولم يوقظه سوى الانفجار الهائل حين اصطدم القطاران..
نزل مع النازلين وركض إلى المكان المتضرر من الحادث.. رأسا القطارين كأنهما في عناق..
بعض الأشلاء تطايرت فبعثت مسحة من الكآبة على المكان، هرع المسافرون يسعفون الجرحى، ويقدمون لهم الخدمات .. لم يبق أثر للنوم في عينيه، وطار النعاس بعيدا .. قدّم معطفه لجريح وضعيته حرجة ..
جو الصباح بارد.. وشهر مارس يفجر الطبيعة ألقا وجمالا، ووهران تستقبل زوارها بابتسامتها المعهودة، وصلها والشمس ترسل أشعتها الأولى معلنة بيوم جميل..لكن آثار الحادث الأليم لا زال يهيمن على مخيلته ..
لم يخطر بباله أن يهاتف زوجته ..وأرجأ ذلك إلى حين إنهاء مهمته، سيجعل منها موضوعا رئيسا سيسرده بالتفصيل الممل على مسمعها عند عودته قريبا..
ـ من دون شك ستكون فخورة حين تعرف خدماتي التي قدمتها، وما معطفي الذي قدمته لذلك الجريح سوى دليل قوي على تضحيتي.. ولولا قدوم رجال الحماية المدنية، وتكفلهم بالحادث كلية لما فارقت المكان..
تحدث الناس عن الحادث الإرهابي المروع.. وانتشر خبره بعد أن بثته القنوات التلفزيونية..
شاع نبأ وفاته .. واتصل أهله بأرقام الهواتف التي ظهرت أسفل الشاشة .. بكل تأكيد انتقل إلى رحمة الله..
بدأت الاستعدادات لمراسيم دفنه، سيخرج الناس كلهم لأن الحادث تأثر له الجميع ..
ـ من حسن حظه سيتبعه هذا الجمع ..فلو مات موتة عادية ما تبعه إلا أقرباؤه..هذا ما قاله آخرون ..
ـ مسكين لم يمر على زواجه سوى أشهر ثلاثة، قال البعض..
جلست زوجه تستعيد ذكرياتها في الفترة التي جمعتهما، تذكرت طيبته، ورأت أن هذه غير كافية وحدها، لابد من أن يكون الزوج غنيا يستطيع تغطية مصاريف البيت، ومصاريف الزوجة.. تذكرت إرشاداته المتكررة لها ..
وأسرّت في نفسها ما كانت تردده على سبــيــل التنكيت مع إحدى صديقاتها التي كانت تزورها من حين إلى آخر ..لقد تزوجت إماما..لابد من الحجاب للمرأة، لابد من الالتزام، لابد من التديّن..لابد..لابد ..
ـ عمرك طويلة ..الآن جلت بخاطري ..وتمنيت وصولك..
ـ المعذرة كان لي مشوار..و كان لزاما عليّ أن أقوم به..وللتو أنهيته، وأسرعت بالقدوم..
ابتسامة صفراء خبيثة تنطلق من الشفاه، تغلقان الباب دونهما..
أنت الآن حرة..
- لقد انزاح من على ظهري حمل ثقيل..
ـ ستكونين الآن حرة بكلك، وكلكلك..
ـ هل من تعويض ستقبضين؟ ..
ـ ذاك ما لم أستطع السؤال عنه.. ولكنه راح ضحية حادث إرهابي، فمن دون شك هناك تعويضات محترمة.
فجأة يظهر في الشارع في طريقه إلى بيته، يحتار من يعرفونه، ينادونه، إنه هو بعينه، سبحان محيي الأموات..ينظر بعضهم في عيون البعض وهم يصافحونه..
إنه هو بلحمه ودمه، لا أثر للجروح ، أو الخدوش..
ارتباك في البيت ..الفرحة تعم الأهل ..انتشر المعزون يباركون السلامة للمسافر..يحكــي قصة الحادث.. يسمعها الناس باهتمام بالغ.
ـ إذن.. مات الجريح الذي قدمت له المعطف، وفي جيب المعطف نسيت هويتي..
لم تتحمل الزوجة الصدمة فانهارت في البيت أسرعوا بها ..ولكنها فارقت في المشفى..
نزل مع النازلين وركض إلى المكان المتضرر من الحادث.. رأسا القطارين كأنهما في عناق..
بعض الأشلاء تطايرت فبعثت مسحة من الكآبة على المكان، هرع المسافرون يسعفون الجرحى، ويقدمون لهم الخدمات .. لم يبق أثر للنوم في عينيه، وطار النعاس بعيدا .. قدّم معطفه لجريح وضعيته حرجة ..
جو الصباح بارد.. وشهر مارس يفجر الطبيعة ألقا وجمالا، ووهران تستقبل زوارها بابتسامتها المعهودة، وصلها والشمس ترسل أشعتها الأولى معلنة بيوم جميل..لكن آثار الحادث الأليم لا زال يهيمن على مخيلته ..
لم يخطر بباله أن يهاتف زوجته ..وأرجأ ذلك إلى حين إنهاء مهمته، سيجعل منها موضوعا رئيسا سيسرده بالتفصيل الممل على مسمعها عند عودته قريبا..
ـ من دون شك ستكون فخورة حين تعرف خدماتي التي قدمتها، وما معطفي الذي قدمته لذلك الجريح سوى دليل قوي على تضحيتي.. ولولا قدوم رجال الحماية المدنية، وتكفلهم بالحادث كلية لما فارقت المكان..
تحدث الناس عن الحادث الإرهابي المروع.. وانتشر خبره بعد أن بثته القنوات التلفزيونية..
شاع نبأ وفاته .. واتصل أهله بأرقام الهواتف التي ظهرت أسفل الشاشة .. بكل تأكيد انتقل إلى رحمة الله..
بدأت الاستعدادات لمراسيم دفنه، سيخرج الناس كلهم لأن الحادث تأثر له الجميع ..
ـ من حسن حظه سيتبعه هذا الجمع ..فلو مات موتة عادية ما تبعه إلا أقرباؤه..هذا ما قاله آخرون ..
ـ مسكين لم يمر على زواجه سوى أشهر ثلاثة، قال البعض..
جلست زوجه تستعيد ذكرياتها في الفترة التي جمعتهما، تذكرت طيبته، ورأت أن هذه غير كافية وحدها، لابد من أن يكون الزوج غنيا يستطيع تغطية مصاريف البيت، ومصاريف الزوجة.. تذكرت إرشاداته المتكررة لها ..
وأسرّت في نفسها ما كانت تردده على سبــيــل التنكيت مع إحدى صديقاتها التي كانت تزورها من حين إلى آخر ..لقد تزوجت إماما..لابد من الحجاب للمرأة، لابد من الالتزام، لابد من التديّن..لابد..لابد ..
ـ عمرك طويلة ..الآن جلت بخاطري ..وتمنيت وصولك..
ـ المعذرة كان لي مشوار..و كان لزاما عليّ أن أقوم به..وللتو أنهيته، وأسرعت بالقدوم..
ابتسامة صفراء خبيثة تنطلق من الشفاه، تغلقان الباب دونهما..
أنت الآن حرة..
- لقد انزاح من على ظهري حمل ثقيل..
ـ ستكونين الآن حرة بكلك، وكلكلك..
ـ هل من تعويض ستقبضين؟ ..
ـ ذاك ما لم أستطع السؤال عنه.. ولكنه راح ضحية حادث إرهابي، فمن دون شك هناك تعويضات محترمة.
فجأة يظهر في الشارع في طريقه إلى بيته، يحتار من يعرفونه، ينادونه، إنه هو بعينه، سبحان محيي الأموات..ينظر بعضهم في عيون البعض وهم يصافحونه..
إنه هو بلحمه ودمه، لا أثر للجروح ، أو الخدوش..
ارتباك في البيت ..الفرحة تعم الأهل ..انتشر المعزون يباركون السلامة للمسافر..يحكــي قصة الحادث.. يسمعها الناس باهتمام بالغ.
ـ إذن.. مات الجريح الذي قدمت له المعطف، وفي جيب المعطف نسيت هويتي..
لم تتحمل الزوجة الصدمة فانهارت في البيت أسرعوا بها ..ولكنها فارقت في المشفى..
تعليق