كتب مصطفى بونيف
ياخاتم من يشتريك؟

جلست والخوف بعينيها (أمي طبعا)، ثم قالت ( يا ولدي لا تحزن، الزواج عليك هو المكتوب)..لكن الفرق بين أمي وقارئة الفنجان أن أمي سرعان ما سحبت السكين من المطبخ ووضعته على خاصرتي وقالت لي ( امشي قدامي وأنت ساكت)...لم أكن أعرف إلى أين تختطفني والدتي، ولأن طاعة الوالدين واجب، كنت أسير، لا أدري إلى أين، لكني أبصرت طريقا أمامي فمشيت...حتى قالت مزمجرة ( اذهب بنا إلى أقرب صائغ، وإياك أن تنطق بكلمة!).. لم أكن أعرف بأن (ست الحبايب) تحمل كل هذا الإجرام لدرجة أنها تحولني لدرع بشري في عملية سطو على محل مجوهرات..وأنا الذي كنت أعتقد بأن والدي - حفظه الله ورعاه- كان لها نعم الزوج والقائد . قلت لها :- أفضل محلات المجوهرات هي تلك التي في وسط البلد. فردت بغضب:- وسط البلاد، هل سنسير في مظاهرة؟، لنذهب إلى محل عمك عيسى في الحي. بيني وبينكم معها حق، الأحياء التي تتوسط المدن أصبحت كلها فوضى، خاصة وأن الربيع العربي الطلق قد أقبل ضاحكا!!. كنت أسير أمامها محطم الخطوات، لا يؤنسني سوى تبادل التحية مع أهلي وجيراني والمجتمع والناس، ولا أحد منهم انتبه إلى السكين المغروس في خاصرتي. وسرعان ما عبرت ( أمي الحنون) عن رفضها الشديد لعلاقاتي المتشعبة قائلة ( الكل يحييك، لم أكن أعرف بأنك نجم مشهور، أتظن نفسك تامر حسني؟)... لم أكن أعرف بأن (ماما زمانها جاية) بكل هذه العدوانية والشراسة، ووقفت حائرا كيف تحملها والدي طيلة هذه العقود من الزمان إذا كانت الشعوب العربية قامت بانتفاضة على حكامها، لماذا لم يفعلها أبي هو الآخر، وخرج إلى ساحة التحرير في البيت ليطالب بتغيير النظام، أقصد سجادة الصالون!. حتى وصلنا إلى محل المجوهرات وثورة الشك في أحشائي تفجرت لولا ستر الله ...استقبلنا عمي عيسى بابتسامة عريضة وهو لا يدري مصيره الذي لا يختلف كثيرا عن مصير فاطمة في فيلم ليلة القبض على فاطمة!!....، ثم قال كما لو أنه يرحب بالملكة إليزابيث ( يا أهلا وسهلا بالحاجة أم مصطفى!)..، واستغل عمو عيسى شبهه الغريب بعفريت مصباح علاء الدين ليقول لها ( شبيك لبيك، ابن خالتك عيسى بين يديك). فجاء طلب أمي ساحقا ماحقا: ( أريد خاتم خطوبة). كدت أن أقع من الصدمة - على طريقة المسسلات العربية- بدأ العرق يتجبب من صبيني أقصد يتصبب من جبيني ...ثم قلت وأنفاسي تتقطع كمن وقف ملك الموت عند رأسه ( وأبي.. هل ستتزوجين على أبي الحنون أينما يحل أينما يكون؟). صرخت: اسكت يا المهبول يا بن المهبولة! - حاضر يا أمي. ثم قالت لعمو عيسى الذي كان يمسح زجاج نظاراته من الصدمة، مع ظهور بعض الشعر على صلعته البهية( لأنني قرأت في دراسة علمية حديثة أن الصدمة أحيانا تكون سببا في إنبات الشعر، كما قد تكون سببا في سقوطه).... - أريد خاتم خطوبة لابني. لم أستوعب ما سمعته، كنت أعتقد بأن والدتي تحكي عن شقيقي الذي بلغ من العمر سبعة عشر ربيعا عربيا. قلت لها : يا أمي نسيم لا يزال صغيرا، أقصى ما يمكن أن يفعله هو أن يعشق كارتون سالي، أو ماما نجوى في برنامج جزيرة الأطفال. توجهت ( أمي ما أحلاها، أحيا بذكراها) إلى عمو عيسى الذي طال شعر أنفه حتى التصق بذقنه من الدهشة... - أريد أن أزوج هذا البغل .مصطفى هذا الشحط الذي يقف أمامك. وكمن دوت في أذنه صاعقة، صرخت ( من؟). وعلى طريقة (أم جوزيف) في مسلسل باب الحارة، سحبت أمي السكين من جيبها وهي تقول ( اخرس). وكأي شاب عربي مضطهد، خرست كالملكوم على فمه، لأنني لو نبست ببنت شفة بعد ذلك سوف أحسب صف أسناني العلوي على الأرض. ثم صرخت: ماذا تنتظر حتى تتزوج، حتى تأتي أمريكا وتزوجك على طريقتها...(وأظنكم تعرفون الزواج على الطريقة الأمريكية، طريقة 4.2.4) وسرعان ما تدخل عمو عيسى تماما كما يتكلم أمين جامعة الدول العربية ( معك حق يا حاجة، في وقت مضى كنا نقول فلان جاب فلانة من الشارع، اليوم أصبحنا نقول فلان جاب فلانة من الفيس بوك، والله أعلم إن كان من يخاطبها امرأة أم رجل لاسمح الله..). دب الخوف والشك إلى قلبي فلربما فاتي وتاتي وناني شباب تيكاتيكي رومانتيكي...يا فضيحتك يا ابن أبو مصطفى وأم مصطفى. سألت أمي سؤالا أحسبه بريئا : ( خطيبتي من تكون؟). فأجابتني ..سكينة! وكالملسوع صرخت: ( سكينة بنت الجيران). والذي لا يعرف سكينة هي الشقيقة الكبرى لريا..هي تشبه إليسا كثيرا في انحراف فمها إلى اليمين، تماما مثل حبة الإجاص..لها أنف أنفت له الأنوف يسبقها بثلاثة أيام، تدق به على الأبواب، وتهش به أطفال الحي ولها فيه مآرب أخرى..هذا غير أنها مثل الأتوبيس الحكومي يعرفها كل شباب المدينة وضواحيها مع مراعاة فروق التوقيت...من كثرة مشيها في الشارع أصبح مقاس قدميها 58 بوصة في الثانية. هل من العدل أن أصوم أصوم لأفطر على سكينة وضواحيها؟. ولأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أطلقت الريح لساقي، فالجري في مثل هذه المواقف كل الشجاعة..وذهبت إلى اقرب مظاهرة تطالب بتغيير النظام....ويارب تكونوا فهمتوني!!.
مصطفى بونيف
ياخاتم من يشتريك؟

جلست والخوف بعينيها (أمي طبعا)، ثم قالت ( يا ولدي لا تحزن، الزواج عليك هو المكتوب)..لكن الفرق بين أمي وقارئة الفنجان أن أمي سرعان ما سحبت السكين من المطبخ ووضعته على خاصرتي وقالت لي ( امشي قدامي وأنت ساكت)...لم أكن أعرف إلى أين تختطفني والدتي، ولأن طاعة الوالدين واجب، كنت أسير، لا أدري إلى أين، لكني أبصرت طريقا أمامي فمشيت...حتى قالت مزمجرة ( اذهب بنا إلى أقرب صائغ، وإياك أن تنطق بكلمة!).. لم أكن أعرف بأن (ست الحبايب) تحمل كل هذا الإجرام لدرجة أنها تحولني لدرع بشري في عملية سطو على محل مجوهرات..وأنا الذي كنت أعتقد بأن والدي - حفظه الله ورعاه- كان لها نعم الزوج والقائد . قلت لها :- أفضل محلات المجوهرات هي تلك التي في وسط البلد. فردت بغضب:- وسط البلاد، هل سنسير في مظاهرة؟، لنذهب إلى محل عمك عيسى في الحي. بيني وبينكم معها حق، الأحياء التي تتوسط المدن أصبحت كلها فوضى، خاصة وأن الربيع العربي الطلق قد أقبل ضاحكا!!. كنت أسير أمامها محطم الخطوات، لا يؤنسني سوى تبادل التحية مع أهلي وجيراني والمجتمع والناس، ولا أحد منهم انتبه إلى السكين المغروس في خاصرتي. وسرعان ما عبرت ( أمي الحنون) عن رفضها الشديد لعلاقاتي المتشعبة قائلة ( الكل يحييك، لم أكن أعرف بأنك نجم مشهور، أتظن نفسك تامر حسني؟)... لم أكن أعرف بأن (ماما زمانها جاية) بكل هذه العدوانية والشراسة، ووقفت حائرا كيف تحملها والدي طيلة هذه العقود من الزمان إذا كانت الشعوب العربية قامت بانتفاضة على حكامها، لماذا لم يفعلها أبي هو الآخر، وخرج إلى ساحة التحرير في البيت ليطالب بتغيير النظام، أقصد سجادة الصالون!. حتى وصلنا إلى محل المجوهرات وثورة الشك في أحشائي تفجرت لولا ستر الله ...استقبلنا عمي عيسى بابتسامة عريضة وهو لا يدري مصيره الذي لا يختلف كثيرا عن مصير فاطمة في فيلم ليلة القبض على فاطمة!!....، ثم قال كما لو أنه يرحب بالملكة إليزابيث ( يا أهلا وسهلا بالحاجة أم مصطفى!)..، واستغل عمو عيسى شبهه الغريب بعفريت مصباح علاء الدين ليقول لها ( شبيك لبيك، ابن خالتك عيسى بين يديك). فجاء طلب أمي ساحقا ماحقا: ( أريد خاتم خطوبة). كدت أن أقع من الصدمة - على طريقة المسسلات العربية- بدأ العرق يتجبب من صبيني أقصد يتصبب من جبيني ...ثم قلت وأنفاسي تتقطع كمن وقف ملك الموت عند رأسه ( وأبي.. هل ستتزوجين على أبي الحنون أينما يحل أينما يكون؟). صرخت: اسكت يا المهبول يا بن المهبولة! - حاضر يا أمي. ثم قالت لعمو عيسى الذي كان يمسح زجاج نظاراته من الصدمة، مع ظهور بعض الشعر على صلعته البهية( لأنني قرأت في دراسة علمية حديثة أن الصدمة أحيانا تكون سببا في إنبات الشعر، كما قد تكون سببا في سقوطه).... - أريد خاتم خطوبة لابني. لم أستوعب ما سمعته، كنت أعتقد بأن والدتي تحكي عن شقيقي الذي بلغ من العمر سبعة عشر ربيعا عربيا. قلت لها : يا أمي نسيم لا يزال صغيرا، أقصى ما يمكن أن يفعله هو أن يعشق كارتون سالي، أو ماما نجوى في برنامج جزيرة الأطفال. توجهت ( أمي ما أحلاها، أحيا بذكراها) إلى عمو عيسى الذي طال شعر أنفه حتى التصق بذقنه من الدهشة... - أريد أن أزوج هذا البغل .مصطفى هذا الشحط الذي يقف أمامك. وكمن دوت في أذنه صاعقة، صرخت ( من؟). وعلى طريقة (أم جوزيف) في مسلسل باب الحارة، سحبت أمي السكين من جيبها وهي تقول ( اخرس). وكأي شاب عربي مضطهد، خرست كالملكوم على فمه، لأنني لو نبست ببنت شفة بعد ذلك سوف أحسب صف أسناني العلوي على الأرض. ثم صرخت: ماذا تنتظر حتى تتزوج، حتى تأتي أمريكا وتزوجك على طريقتها...(وأظنكم تعرفون الزواج على الطريقة الأمريكية، طريقة 4.2.4) وسرعان ما تدخل عمو عيسى تماما كما يتكلم أمين جامعة الدول العربية ( معك حق يا حاجة، في وقت مضى كنا نقول فلان جاب فلانة من الشارع، اليوم أصبحنا نقول فلان جاب فلانة من الفيس بوك، والله أعلم إن كان من يخاطبها امرأة أم رجل لاسمح الله..). دب الخوف والشك إلى قلبي فلربما فاتي وتاتي وناني شباب تيكاتيكي رومانتيكي...يا فضيحتك يا ابن أبو مصطفى وأم مصطفى. سألت أمي سؤالا أحسبه بريئا : ( خطيبتي من تكون؟). فأجابتني ..سكينة! وكالملسوع صرخت: ( سكينة بنت الجيران). والذي لا يعرف سكينة هي الشقيقة الكبرى لريا..هي تشبه إليسا كثيرا في انحراف فمها إلى اليمين، تماما مثل حبة الإجاص..لها أنف أنفت له الأنوف يسبقها بثلاثة أيام، تدق به على الأبواب، وتهش به أطفال الحي ولها فيه مآرب أخرى..هذا غير أنها مثل الأتوبيس الحكومي يعرفها كل شباب المدينة وضواحيها مع مراعاة فروق التوقيت...من كثرة مشيها في الشارع أصبح مقاس قدميها 58 بوصة في الثانية. هل من العدل أن أصوم أصوم لأفطر على سكينة وضواحيها؟. ولأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أطلقت الريح لساقي، فالجري في مثل هذه المواقف كل الشجاعة..وذهبت إلى اقرب مظاهرة تطالب بتغيير النظام....ويارب تكونوا فهمتوني!!.
مصطفى بونيف
تعليق