إهداء ......... هيثم الريماوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    إهداء ......... هيثم الريماوي



    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    إهــــــــــــــــــداء
    هيــــــــــثم الريمـــــــــاوي

    أهدي إلى دود الأرض بعد موتي رفاتي

    شكراً لمن كانوا أصدقاءً على الذكرياتِ

    تمتصُّ دمي (كالكَرادِ) , وتذبحني من فوضى الانكسارات

    تلقي بجثتي معرضاً , أو براويزاً في الممراتِ

    وترتقي بالانتخابِ الطبيعيِ, لتعلمني , بثالث المستحيلاتِ

    ولكني اختلستُ فرحةً , من نصٍ عن الجمالِ

    شكراً لمن كانت تُرتب الفوضى في الظلالِ:

    نزقي, شهوتي, عريي, و سكري, صمتي الثقيلَ بينَِ فداحةِ الكلماتِ.


    عنفيني يا أمي كي أغفو على العتباتِ

    كي أكسر تجربتي عند الأقدام الحفاة

    ضميني إليك تواً , لا مكان الأن للأشخاص الثقاتِ

    لا زمانَ لهم لكي ينسلوا فرادىً ,كالجمالِ من سُمِّ الخياطِ

    مذ حضنكِ العالي, رذاذاً ناعماُ من الوجوه العراة

    هربوا فجأةً ,(كطرطشاتِ) الوحلِ من وُجْهةِ العَبَراتِ

    ضميني أمي , كي أكون نفسي, طفلاً سقيماً من حمّى الأمسياتِ.


    أعدو نحو خطوي , نحو رقّةِ النظراتِ

    بعيداً عن عواءِ ذئبٍ , ونحو تَجَمُّعِ الشجيراتِ

    ولكنّي مِنْ فَرْطِ : وحدي , ووحدي كصدى الناياتِ

    يهزمني وقتٌ سارحٌ تفلّتَ من دقةِ الساعاتِ

    لا رفيقَ لي غيرَ ظلّي على مرآىً من الجهاتِ

    تكسّرت على أصغرِ بُرعمٍ جدليةُ الثنائياتِ:

    كم كنتَ وحيداً أيها القلب الوحيدُ

    وحيداً تعوي على صدى الأُغنياتِ

    وحيداً تعيشُ... وحيداُ تموتُ ,

    وتهدي إلى الغفاريين خالصَ التحياتِ:....

    لازالَ أبو دجانة بعَصابتهِ الحمراءَ يهذي..الهباءَ الهباء

    لازالَ لوركا جريحاً على سجيَّتهِ

    ولازالَ دمي مسرحاً للسَّمر هذا المساء.


    مساءٌ بتوقيتِ الشايِ الإنجليزي – للعرضِ الكبير-:

    وجعُ عذراءَ في الأربعين, سرَّحت شعرها بالحنّاءِ

    تقرأ رسائلَ حبيبها الأخير

    كرنفالٌ ( دِيونيٌ ) قابعاً على ركنِ السرير

    نبيذُ كليوبترا لأنطونيو الأمير

    اعتذار ُمن تخلَّفَ يومَ تبوكَ عن المسير.

    لا فَراشَ في جعبتي كي أشعلَ دمي على الهجيرِ

    لا شمعدانَ يضيء دمعي الآن في العشاء الأخيرِ

    أهدي إلى دودِ الأرضِ ما تبقّى من رفاتي

    عظم العَجُزِ وحزني الكبير.




  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2


    قــــــراءة منجيــــــة بن صالــــــح

    قصيــــدة الشــــاعر

    هيثــــم الريمــــاوي

    إهــــــــــــــــــداء

    للجمال مكانة في حياتنا نحزن عندما يكتنف الشغور مكانها يفارقنا معناه لينهار مبناه و يكون ركام أحزان و رفاتا نبحث لها عن مكان نواريها فيه أو ربما نبحث لأنفسنا عن مكان نتوارى فيه من أعين يتشابه فيها الحزن ليبكي القلب في صمت بدون دمع
    هي جدلية مشاعر تتقاذفنا نعيش تفاصيلها في خضم أحداث الأيام و الليالي لنكون لحظة فرح تارة سرعان ما ينقضي زمانها و أخرى لحظة حزن تطول حتى كأنها لا تنتهي

    تمر الأيام بلياليها على أحداث سعيدة و أخرى تثخننا جراحها لتبقى لنا ذكريات ماضي يحتل حاضرا له حكايا و وجوه عرفناها و لم نعرفها و كأن الأيام تقول لك أهديك ذاكرتي و ما حوت لتتواصل الصور و ترتب نفسها في شريط و كأنه مسلسل لا ينتهي بل يكون مستمرا في مداه لتتواصل حقب الزمان مع تاريخ الإنسان الفردي و الجماعي هو فضاء حافل تتفرد فيه الصورة بسرد حكاية لا تنتهي حتى تتواصل من جديد مع أخرى .
    هي حياتنا المليئة بأحداث كنا فيها الكاتب و المخرج و الممثل نشقى بنهايتها أو نسعد نطوف بها و معها عالم الذاكرة المشبع بصور و مشاعر لها هيجان البحر و هدوئه, جمال أمواجه و غيب عمقه, الذي نعيشه دون أن ندرك ظلمته و جمال درره الثمينة.

    يحتاج الإنسان في فترة معينة من حياته أن يتوقف عن المسير , أو عن طواف أخذه في دوامة لا يدري متي تفتح له أبوابها لتطلق سراحه, و إن فعلت فهي تتركه مع نفسه يعيش الوحدة و حزن غائر في ثناياه مع صور ألفها و لم يعرفها حق المعرفة أو خيل له معرفتها تحتفظ بها الذاكرة و بأدق تفاصيلها المادية و المعنوية الشعورية, ترسخ في العقل لتطفو على سطح البيان عندما تثيرها أحداث تتشابه معها لكنها ليست هي.... لنقول هل الإنسان يعيد صياغة ماضيه ؟ أم أن الماضي هو الذي يعيد صياغة الإنسان بأدوات جديدة تحتل الواقع ليكون له حضور مذهل يشدك فلا تدري هل أنت ماضي أم حاضر؟ تجد نفسك أمام مشاهد و كأنها تتكرر, تثير فيك مشاعر و أحاسيس تصدمك قسوتها , لأنك لم تدرك أبعادها و ما تخفي ثناياها الغائرة في العمق الإنساني...

    يشدنا الحنين إلى ما تبقى من تفاصيل حياة عشناها مع أحب الناس إلينا, انتقشت صورتها على شاشة الخيال.... يلازمنا حاضرها لتكون رفيق خطى نسيرها أو ربما هي التي تسيرنا على أديم أرض خلقنا منها, هي أم ولادة تحتفظ بكل تفاصيل حياتنا , فهي مقام جمع و حاضنة للعائلة الإنسانية منذ الخلق الأول, صورة أوحت بها قصيدة الشاعر و الناقد القدير هيثم الريماوي فكانت مشاهد ذاكرة رسمتها مشاعر صادقة نحو أحب مخلوق في الوجود و أقدسه, هو نبع حب و جمال مشاعر, تعجز الكلمات عن وصفها لتبقى مشدوهة أمامها لا تستطيع إستيعاب حبها و لا حمل معانيها , فمهما أفصحت و وصفت دهشتها يبقى بيانها عاجزا عن التواصل مع العقل الذي يجد نفسه قاصرا عن الإدراك .....

    وجدت نفسي أمام قصيدة بعنوان "إهداء" وهي حقيقة هدية إلى كل إنسان سكنته مشاعر وفاء أحتفظ بها لتعيش في الذاكرة صورة أم حبيبة لا تبهت معالمها , لها حياة أخرى تعيشنا لنحيا مع ذكراها فهي الحاضر الغائب لها شوق و حنين يأخذنا في ثناياه للحظات إلى عالم الأم لنبثها أحزانا و أحداثا موجعة خلفت جراحا خلناها اندملت لتنزف من جديد.
    يقول الشاعر في بداية القصيدة :

    أهدي إلى دود الأرض بعد موتي رفاتي
    شكراً لمن كانوا أصدقاءً على الذكرياتِ
    تمتصُّ دمي (كالكَرادِ) , وتذبحني من فوضى الانكسارات
    تلقي بجثتي معرضاً , أو براويزاً في الممراتِ
    وترتقي بالانتخابِ الطبيعيِ, لتعلمني , بثالث المستحيلاتِ
    ولكني اختلستُ فرحةً , من نصٍ عن الجمالِ
    شكراً لمن كانت تُرتب الفوضى في الظلالِ:
    نزقي, شهوتي, عريي, و سكري, صمتي الثقيلَ بينَِ فداحةِ الكلماتِ.

    يهدي الشاعر رفاته إلى أرض لها ساكنيها بعد موت سبقه موت آخر : اختفاء أصدقاء عمر و ذكريات من حياته هو أيضا موت من نوع آخر.... عندما تكون حياتنا حركة دائبة لها تواصل مشبع بالحكايا و الأحداث الجميلة, تترك لنا بصمتها ثم تختفي و كأنها لم تكن هو موت لحظات حملت فرحها في طياتها و أنقضت لتترك مرارة مذاقها الذي نسترجعه كلما رجعت بنا الذاكرة إلى الوراء لنجد أن للموت مظاهر شتى فاختفاء اللحظة هو في حد ذاته موت نعيشه و لا ندرك أبعاده.
    للجسد رفات بعد موت , و للذكريات أخرى تحكي لنا انكسار إنسان يعيش فقدا هو في حد ذاته حرمان, لم يسعى إليه بل فُرض عليه. تتظافر عوامل شتى, لتنجز واقعا لا نحبذه ولكننا نعيش تفاصيله دون الاستطاعة على تغييره , هذا ما يحز في إنسان اعتاد على نمط حياة معين ليجد نفسه وسط فراغ هو بمثابة موت مؤقت ينتظر آخر مؤجل.

    للانكسارات فوضى, تجعل من الشاعر ضحية تُذبح, و فدية تنزف دماء حياتها, تودع لحظة وجود كانت لها روعة تواصل و سعادة , ليبقى للذكرى جمال انقضى وقته, ليصبح الموت المعنوي من نصيب شاعر ينشد لحظة فرح عاش تفاصيلها ليفقدها فجأة , ليكون جثة هامدة في ممرات الحياة , يتعرف على موت قبل أخر يعيش مرارته بجسد فقد زمن مكان, كانت له حركة فرح, و لحظة سعادة , و حدثا كان مناسبة جميلة.
    الإنتخاب الطبيعي لأحداث يعيشها الشاعر هو في حد ذاته إرتقاء يكسبه معرفة, ليكون المستحيل هو المعلم و العارف , بممرات الحياة و دهاليزها التي نتوه فيها و نحن ننشد اللقاء و الإرتقاء.

    تحدث نقلة نوعية في النص لتقول لنا,أن الشاعر أسترجع زمام الحركة, بعد أن كان متلق سلبي, أصبح له فعل إيجابي استطاع من خلاله أن يختلس فرحة من نص له جمال, بطلته امرأة ليست ككل النساء, أو ربما هي كلهن مجتمعات لها وجود يرتب حياته , مع أنها تعيش في الظل دون أن تجلب الانتباه إليها, بل تعمل في صمت و كأنها خلقت لتؤدي مهمة مستحيلة لا يستطيع القيام بها غيرها, لتكون نصا جميلا تنتظم مفرداته ليس لتقرأ لكن لتعاش, كأجمل ما يكون, مخلفة وراءها أجمل المشاعر و أرقها, هذا النص الذي يتحدث عنه الشاعر , هو هدية خالق إلى الخلق, ليكون للفوضى نظام يجعلنا نعيش الإرتقاء بالحس و المعنى, لندرك أهمية جمالية نص أبدع الخالق مفرداته, صورة رائعة يبتكرها خيال شاعر ليقول لنا أنه مدين بشكر لمن رتبت مفردات حياة ليس من السهل ترتيبها و لا التعامل معها.

    لخطاب الشاعر فداحة كلمات تشتمل عليها حياته ليكون للصمت ثقل, للسكر عري و للشهوة نزق, لا يقدر على ترتيب فوضى الفكر و الحواس و ردعها غير وجود هو حب محض و حنان دافق و مشاعر إيجابية ليست لها حدود و يقول الشاعر لهذا الوجود الحنون :


    عنفيني يا أمي كي أغفو على العتباتِ
    كي أكسر تجربتي عند الأقدام الحفاة
    ضميني إليك تواً , لا مكان الأن للأشخاص الثقاتِ
    لا زمانَ لهم لكي ينسلوا فرادىً ,كالجمالِ من سُمِّ الخياطِ
    مذ حضنكِ العالي, رذاذاً ناعماُ من الوجوه العراة
    هربوا فجأةً ,(كطرطشاتِ) الوحلِ من وُجْهةِ العَبَراتِ
    ضميني أمي , كي أكون نفسي, طفلاً سقيماً من حمّى الأمسياتِ.

    للعنف عنفوان أُمّ نغفو بين ثناياه لنتعلم منه الحلم و الشدة , العطاء و الأخذ ,حياة الجمال و موت القبح الطاعن السن فينا ...... ترتمي كلمات الشاعر في أحضان حبيبة لها سلطة المعنى و عطاء وجود ليس له حدود, له نفوذ رباني على سلبيات الخلق إذا ما اعترفوا أن للخالق عليهم نفوذ مالك الملك.
    يطلب الشاعر من أم هي جزء أساسي في حياته أن يكون لها عنف حنون, يشقيه ليسعده ,يخرجه مما هو فيه ليسترجعه كأجمل و أنقى ما يكون . للتجربة حياة بعد انكسار, و حلاوة مذاق بعد مرارة, نتذوقها نتألم لنتعلم ,و نحزن لنفرح, هي الحياة التي تقلبنا لنتقلب في ثناياها. للأم حضور مشرق المعنى على وجود نعيش طفولته على أعتاب و في حضن حبيبة, مهما كبرنا تبقى دائما شامخة, يحملها قدمان حفاة خلعا الزيف و التحفا بصدق فطرة و نقاء سريرة, تَسبح في بحر حب ليس له مدى, لتكون الموج و السفينة, والتي يكون باسم الله مجراها و مرساها , و كأنها أرض تطوف حول نفسها و حول شمس وجود هي نوره و منها إشراقته .

    لضمة الأم دفيء حياة و إحياء بعد موت, لتتخلق فينا معاني الحب من جديد و تدفعنا إلى خوض غمار الأيام بعد أن كنا سنفقد الأمل منها, لتقول لنا ليس هكذا تعاش الحياة و التي تجعلنا نركض ورائها الحب وحده قادر على أن يجعلنا نسبح في بحر سكينة ننشدها و لا نقدر على التواصل معها .

    يحتمي الشاعر بحضن أم, بعد أن فقد الثقة من أناس خالهم جزء منه , فكأن هذا الجزء تسربت إليه الخيانة ,ليكون الوجع مضاعفا داخله ,يعيش مرارته, و خارجه يعيش خيانته, يقوده إحساسه الفطري إلى آخر يرتمي في أحضانه, و كأنه يريد الانصهار فيه, ليستمد منه القوة بعد ضعف أوقعه على أرض إنسانيته, ليكون لسقوطه دوي يزلزل مفاهيم بنتها التجربة لها انهيار مؤلم, ووجع له جراحا تنزف كلما فقد الشاعر قيمة إنسانية اعتقد أنها موجودة... هي الثقة التي تفقد منا بعد إن فقدناها من الغير لتجعل الحياة سراب متقشع و خيال له فرس جامح ليس له ثبوت بل حركة متسارعة الإيقاع تصيب صاحبها بالدوار ليكون للحياة ثمالة و لمفرداتها سكر يفقدنا التوازن على مستوى الفكر و الحركة على الأرض.

    لا زمان لمفردات متقلبة ليس لها ثبوت هي كلماتنا التي تفصح من أعماقنا عن زيغها, خداعها , و كل ما يراودنا من مشاعر سالبة لإنسانية , خلقنا لنكرس مفرداتها و نرسخها على أرض الإنسان و الكون, فللجِمال حياة و وجود لا يستطيع اختراق سم الخياط كما لثقة فقدناها استحالة وجود في إنسان أصبح له ضيق سم الخياط......

    لحضن الأم علو و رذاذ طل هو رحمة تغمر ملامح وجوه عراة من الحياء, بعد أن فقدت منها أجمل المشاعر الإنسانية, لهم هروب أمام إشراقة عين أحبت, عشقت , فاستنارت...
    لضمة الأم مفعول سحري يسترد به الشاعر طفولة أخرى , تخلصه من سقم و حمى أمسيات لها حرارة سالبة, لصحته المعنوية النابعة من فطرته السليمة و يقول الشاعر:

    تعليق

    • منجية بن صالح
      عضو الملتقى
      • 03-11-2009
      • 2119

      #3



      أعدو نحو خطوي , نحو رقّةِ النظراتِ
      بعيداً عن عواءِ ذئبٍ , ونحو تَجَمُّعِ الشجيراتِ
      ولكنّي مِنْ فَرْطِ : وحدي , ووحدي كصدى الناياتِ
      يهزمني وقتٌ سارحٌ تفلّتَ من دقةِ الساعاتِ
      لا رفيقَ لي غيرَ ظلّي على مرآىً من الجهاتِ
      تكسّرت على أصغرِ بُرعمٍ جدليةُ الثنائياتِ:

      للشاعر عَدو في مسالك الحياة, يلاحق رقة نظرة تشبع حنينه إلى وجود يشرق على حياته و يؤنس وحدته , بعيدا عن ذئاب البشر في غابة الحياة , ليجد الشاعر نفسه وحيدا دون أنيس, ينفرط عقد وحدته ليكون رفيقه مع وجع يضنيه تحمله. للنايات صدى و لألم الوحدة آخر يجعل الشاعر يعزف عليه شجن هو لحن وجوده السابح في تيه, يبحث فيه عن نفس تعيش كثرة سالبة, و في نفس الوقت وحدة ترهق الفكر لأنها تفتقد المنطق المتوازن, الذي يُوَفِق بين الحالتين, بعد أن يدرك أبعادهما, ليكون هناك مقام جامع لهما, تتناغمان لتتكاملان. الله هو الواحد الأحد الكامل في صمديته ليس للإنسان كمال في الوحدة بل يحتاج إلى كثرة تُكَمِّل وجوده الناقص كما هو في حاجة دائمة إلى غيره لأنه اجتماعي بطبعه والوحدة تقتل فيه إنسانيته الفطرية .

      يأخذنا الزمن في ثناياه لتتفلت اللحظات منا رغم دقتها, ليكون الوقت سارقا لحياتنا متمتعا بانكساراتنا التي تترك بصمتها, على ذاكرة هي أرض وجود إنساني, حامل لوجع ذكريات لها نزيف جراح, نحاول نسيانها لتعود و تطفو من جديد على ملامح حياتنا .
      يبقى للشاعر رفيق هو ظله الملازم ,هي حياته الماضية و التي ترافق حاضره, لتكون الغائب الحاضر. للشاعر وجود مادي مشرق و غيب له ظل مرئي خفي, مفارقات نعيش ثنائياتها , لكننا لا ندركها و كأن العقل عاجز على استيعابها أو تصديقها, ربما طغيان الحواس عليه يجعله راسخا في المادية ,لا يستطيع تصديق غيب فاعل هو المحرك لحياة تخال النفس أنها هي الوحيدة المسيطرة عليها .
      للجهات مرايا تغري الشاعر بإتباعها, هو شعوره بسيطرة وحدة و غربة, يعيشها تجعله يتبنى نظرة أحادية تقنعه بتوجه يزيد من ترسيخ وحدته , لتتكسر على أصغر برعم وليد, جدلية الثتائيات , و التي هي مقومات حياتنا, فلا نستطيع التوازن و التكامل الخلاق إلا بها.

      للشاعر وعي بحاله الموغل في الشعور بالوحدة التي ترهق الفكر و الجسد, وهو العارف بأن للثنائية جدلية خلاقة لتوازن يتوق إليه, يدرك بالفطرة أنه موجود في حضن أم تحتويه, ليحتوي مشاعر تفيض من بحر حب يقيم على أرضها , فهي مقام جمع لمعنى يسكنها ليسكن إليها طفل وكهل يبقى دائما جنينا في أحشائها , فهو الجسد الذي تخلق في أرحامها, ليكون قطعة منها, كلما يضيق به الحال, و تنحسر رقعة الأرض, يشعر بالاختناق, يلوذ إلى هذا الحضن ليستقي منه مفردات حب, و معاني عشق تغذي روحا عذبتها الوحدة و أضناها السير, في متاهات النفس الموغلة في التفرد بذات لا تمتلكها بل هي مُلك المَلك الديان و يقول الشاعر:

      كم كنتَ وحيداً أيها القلب الوحيدُ
      وحيداً تعوي على صدى الأُغنياتِ
      وحيداً تعيشُ... وحيداُ تموتُ ,
      وتهدي إلى الغفاريين خالصَ التحياتِ:....

      للوحدة مفردات لها جراح تنتقش في الذاكرة , ليشعر الجسد بوجعها, ترهقه لتنثال منه الكلمات..... لها صوت ألم يبحث عن أنس, و وحدة تبحث عن تكامل , و رجع صدى في أغنيات لها حزن الداخل و شجن يحتوي المشاعر.... نعيش الوحدة لنموت بها و معها, لنهدي إلى الغفاريين خالص تحياتنا , هي غربة وجود رغم إختفاء الحدود, و وحدة لها رهق رغم الكثرة المتكاثر فينا وحولنا ,نعيش تفاصيلها و وجع سني عمر لها أحداث و غبار مشاعر, يحتوينا لنشعر في كل لحظة و حين , أننا في سفر دائم يحدونا الزمان على أرض التيه البشري و يقول الشاعر :

      لازالَ أبو دجانة بعَصابتهِ الحمراءَ يهذي..الهباءَ الهباء
      لازالَ لوركا جريحاً على سجيَّتهِ
      ولازالَ دمي مسرحاً للسَّمر هذا المساء.

      لأبي دجانة هذا الصحابي الجليل وجود على أرض القصيدة والتاريخ, الذي يستحضره الشاعر ليجعله شاهدا على حاضر يعيش في وجدانه و ينسج كلماته بمشاعره, لتكون خيوطا يتواصل بها القديم بالحديث .
      للحياة وحدة وجودية, تتفاعل على أرض الإنسان و بيانه والطبيعة الكونية , ليكون أبو دجانة و لوركا وحدة و شهادة على مسرح الحياة كلاهما كانت له رسالة إستمات في الدفاع عنها, رغم اختلاف مفرداتها لكن محتواها الإنساني القيمي هو نفسه.

      يتماهي الشاعر مع هذه الشخصيات لتكون روحه هي الشهيدة, و دمه مسرحا يحتضن سمر المساء, ليعيش الشاعر مع ذكريات حياة , تجري في دمه يسترجعها , ليعيد كسرها على عتبات الحاضر في محاولة منه, التخلص من ألم الماضي و جراحه التي تتوالى صوره على شاشة الخيال ليقول:

      مساءٌ بتوقيتِ الشايِ الإنجليزي – للعرضِ الكبير-:
      وجعُ عذراءَ في الأربعين, سرَّحت شعرها بالحنّاءِ
      تقرأ رسائلَ حبيبها الأخير
      كرنفالٌ ( دِيونيٌ ) قابعاً على ركنِ السرير
      نبيذُ كليوبترا لأنطونيو الأمير
      اعتذار ُمن تخلَّفَ يومَ تبوكَ عن المسير.

      هو المساء بظلمته , يحتضن الشاعر و يذكره بظلمة أخرى تفقده التركيز على أحداث و ذكريات , حتى لا يستطيع إدراك خفاياها و أسبابها ليتخلص من ضبابية رؤية, ترهق الفكر فتحتويه الغربة و الحيرة ...... تتكاثر السبل و تدخله النفس في متاهات التيه البشري, ليكون البحث ضياعا , و الضياع بحثا مستمرا و السراب حاضرا في صحراء نفس يكون لها عطش دائم و ارتواء مؤجل .

      للشاي الإنقليزي توقيت له عرض , و لعذراء و سنينها الأربعين قراءة لرسالة حياة, تعيش الموت داخلها , و حبيب مُنتظر الوجود فاقده, فهو الأخير في زمن لا تريد له آخر. لكرنفال ديوني تربع على عرش سرير هو حضن منام و يقظة يستحضر تاريخ حياة, و مشاعر قصة و وجع الإنسانية له حضور في وجدان شاعر.
      لنبيذ كليبترا لأميرها أنطونيو حضور آخر يحكي قصة سكر حياة بمفردات مشاعر, لها مذاق آخر, يحتوي قصة الإنسان, تجسدها ثنائية خلقت عند أول لحظة في الزمان لتستمر إلى آخره , لا تتكرر لكنها تتجدد لتسترسل .

      لتاريخ الفتوحات الإسلامية , وجود في ملف ذكريات شاعر يطوف بمشاعره الإنسانية, حول نفس وكأنها عاشت الماضي ,بكل تفاصيله أو ربما قرأت مفرداته على صفحات الذاكرة, لتسترجع أحداثا إنتقشت في خلاياها, لتكون خزائن يوسف على أرض العزيز لها نماء و ثراء على أرض الواقع و زمن الحاضر, تستمطر مفرداته و روحه العارفة بماض هو قصص قرآن و تجربة إنسان .
      تفردت القصيدة بجمال حذق الشاعر مفرداته باستعراض بانوراما ذكريات و مدونات في الذاكرة , و على صفحات كتب التاريخ و الأدب لتكون للمشاعر تفاعل مع أخرى رغم فارق الزمان و أختلاف المكان .

      بعد طواف في ثنايا الزمان و أمكنة لها غياب ووجود, يستقر الشاعر على عرش كيانه ليكون له رجوع إلى داخل له غيب و انفعال,لا يستطيع إدراك أسبابه ليقول:

      لا فَراشَ في جعبتي كي أشعلَ دمي على الهجيرِ
      لا شمعدانَ يضيء دمعي الآن في العشاء الأخيرِ
      أهدي إلى دودِ الأرضِ ما تبقّى من رفاتي
      عظم العَجُزِ وحزني الكبير.

      عدم الإستقرار الذي يعيشه الشاعر يفقده راحة المقاتل الذي أضنته محاربة أشباح الماضي التي تَعُود لتتشكل من جديد على أرض الحاضر, نتفاعل معها و كأننا لا نعرفها, لنستفيق على ضرباتها الموجعة ,و نتذكر أننا عشناها و أدركنا تفاصيل شراستها, لكننا تناسينها بإرادة منا أو بغيرها , ليكون الحال هو نفسه, و المآل أيضا, تتكسر الذكريات على أعتاب أُمّ حافية القدمين و الذاكرة و كأنها تدفن الماضي في الحاضر لتعيش بفطرة مريمية نقية لا تعرف المعانات و لا تجاربها .
      للإحتراق هجير يجعل من الذكريات رمادا..... تتلاشى لتفقد فاعليتها في وجدان شاعر أتعبه الطواف , حول حياة صنع مفردات ,أحداثها لتثخنه جراحا لها نزيف دائم.

      للعشاء الأخير دمع ينهمر ليغسل حرقة شاعر, يبحث عن شمعدان تكون له إشراقة معرفة, و ليس حَرق مشاعر إنسانية.... فهو في حاجة إلى حب و وجود يحتضن معانات روحه المتعبة , في مسالك تيه النفس و الحياة .
      للعشاء الأخير مذاق وداع, ينتظر موتا مؤجلا , و آخر حاضر, يحتضن الذكرى , الصورة و الحدث ,مع حزن مشاعر و وجع إنسانية , للارتقاء إلى عالم غيب لا يعرف من زاره الرجوع .

      هكذا يهدي الشاعر إلى دود الأرض ما تبقى من رفات ذاكرة , حاول استئصال ما فيها من ذكريات, ليتخلص من زمن حزن , و غربة وحدة , و حيرة فكر استقرت في عظم العَجُز لتحكي الأرض للأرض حزن مشاعر وتيه شاعر فقد حضن أم دافئ .
      شعور الشاعر بالوحدة بعد فراقه لذكريات, انتظر أن يشكل معها الثنائية التي يكتمل بها كيانه, لتُشبع فيه غريزة البقاء المادي و الفكري , يطغى على القصيدة, لنشعر بهذه الحيرة التي تجتاح أعماقه لتطفو على كلماته المشبعة بالألم و الحزن .
      للذاكرة ذكريات, و للأحداث صور حاضر , تثير غابة مشاعر, تجعلنا نعيشها كأشد ما يكون, لها وزر يرهق الفكر و الجسد , يوهن كيانه و يفقده القدرة على التركيز الذي له مفرداته الفاعلة , تخرجه من أتون الانتظار و الانكسار, لتتجلي الحقيقة نتوق إلى معرفتها, نبحث عن جمع الشتات و نعيش التيه , عن الفرح لنعيش غربة الحزن , و عن السعادة لنعيش مرارة التعاسة .
      مفارقات تحتوينا ثناياها , نفقد الرؤية الواضحة و نعجز عن مشاهدة إشراقات حقيقة تُسهب في الإفصاح عن نفسها , لكننا لا نراها لعمى مزمن لا يتركنا نشاهد الأشياء إلا من خلاله.

      للذكريات صور تسكننا, لتصبح عالما مستقلا بذاته, يحتوينا لنعيش ارتدادات أحداث, لها رجع صدى, تثيره أحداث أخرى, لها صور الواقع, ليكون للماضي حاضر يعيشنا, له تفاصيل تثير مشاعر ألفناها, هي وليدة لحظة حزن أو فرح, لتكون الذاكرة في الإنسان و كأنها أرض ولادة لشخوص, تحتل شاشة الخيال, لها حياة و مشاعر تضعنا أمام حيرة وجودية, لنسأل هل نحن أمام حقيقة أم خيال ؟ هل ما نعيشه على مستوى الفكر و أحداث ماضي له حضور في زمن اللحظة المعاشة هو استرجاع موت أم حياة أموات ؟ و أقول أن الإنسان على مستوى الفكر و الجسد هو, أرض ولادة لها خصوبتها و خيالها الخلاق, لحياة تتلاشى لتتجدد, يختفي الزمان و المكان, لنعيش لحظة الفكرة و الصورة و المشاعر المصاحبة لها, فالإنسان مقام جمع لعوالم تعيش فينا و تفرض علينا وجودها , تتبنى مشاعرنا, لنتذكر أننا كنا في رحم هو بحر حب و دفء إنساني , نشأنا في حضنه تخلل كل خلاينا, و أقام فيها ليكون للحب معنى و للعشق وجود آخر , يحتوينا كلما ضاقت بنا الحياة.
      شخصية الأم, هي عالم في حد ذاته, يحتوينا و يذكرنا أنه الأرض, التي نشأنا منها وفيها, لتكون كعبة وجودنا نطوف حولها و ندعو لها في حضورها و الغياب, نشتاق إلى حضنها و ضمة تغنينا عن وجود ذكريات, لها ألم مقيم فينا.

      للأم حضور يأخذنا إلى شاطيء الشوق لنكون على ضفاف بحر حب, تعلمنا فيه السباحة فللحياة فيه مذاق آخر, و لشمسه إشراقة يستنير لها وجود شاعر , تجمع شتاته و ترتب فوضى حياته , فهي الحضن و البحر والنور, و عالم له عقل جامع ,لحقيقة الوجود في زوجية خلقت منها, لتكون الحاضنة لها , تتكسر الوحدة على أعتابها, ليكون لجدلية الثنائيات خصوبة الحركة الفاعلة على أرض الكون و الإنسان, فللأمومة مفردات و مشاعر حب هي بحر وجود ليس له حدود.

      كنت معكم في قراءة لقصيدة بعنوان إهداء للشاعر و الناقد القدير هيثم الريماوي ....عشنا فيها مع أحلى وجود ,يحتل عرش القلب و الذاكرة , لتتلاشي من أمامه كل الذكريات التي شوهت معالم الجمال في حياة إنتقشت جراحها فينا , الأمُّ بلسما, عند ذكراها يحتوينا دفء حضنها , لتكون الدمعة نقطة في بحر حبها, لها إشراقة شمس على وجود هي نوره ...

      منجية بن صالح و قراءة لقصيدة "إهداء" للشاعر القدير هيثم الريماوي

      تعليق

      • سليمى السرايري
        مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
        • 08-01-2010
        • 13572

        #4
        [frame="1 90"]
        دائما تلك الفكرة تراودنا،
        فكرة النهاية والدود الذي ينخر جسدا كان يتّقد حيوية

        نسترق بعض الجمال
        ونرحل في المستحيل
        غير عابئين بطعنات بعض الاصدقاء
        كأنّ الحزن يملا اركان الشاعر فغاص بنا في فوضى الانكسارات
        يعانق في صمت افكاره القتيلة
        يبحث عن أرض تحمله بكل ما ينبض قلبه
        يتوارى في مدافنها
        وبين هذا وذاك يبحث عن حنان أرض أخرى هي الأم
        هذه الأم التي تختزن السنابل في قلبها
        تختزن سنابل الحب والاخضرار والعطاء
        يعانقه شوق دائم لحضنها
        لدفئها من صقيع الزمن والوقت والوجع
        وكلنا بحاجة لهذ الأرض العظيمة
        الأم
        الوطن
        ليدٍ معطاءة في زمن شح فيه العطاء
        نبحث دائما دائما عن ظل شجرة خضراء
        تقينا عواء الذئاب البشرية ربما
        والشجرة هي الحياة
        لعل شاعرنا هنا يرمز بالشجرة عشقا في حياة مفعمة بالحب والجمال ؟
        شاعرنا اراد الاشارة الى غربتنا ونحن في خضم التواجد
        رغم الانهزامات ، انهزام الوقت، سنظل نرنو إلى الأمل.

        استاذتي منجية
        شكرا لقلمك الذي يعبر عباب الكلمات ويشق طريقه بكل ثبات
        وهذا لعمري غاية ما نصبو وما نتمناه دائما
        فتحية تونسيّة مفعمة بالحب والتقدير والامتنان

        استاذي هيثم

        كلما قرات حرفا لك، إلاّ واخذني طائر النورس إلى جزر بعيدة كريستاليّة
        كم جميل ان اغفو هنااااااااك


        محبتي وامتناني وتقديري
        [/frame]
        التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 19-06-2011, 23:53.
        لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

        تعليق

        • محمد عزت الشريف
          أديب وكاتب
          • 29-07-2010
          • 451

          #5
          [GASIDA="type=center bkcolor=#CCFFCC color=#993366 width="70%" border="6px double #FF0000" font="bold x-large Arial" bkimage="""]إهداء .. هيثم الريماوي

          ــــــــــ

          محبطٌ جداً أن نجد أولئك الذين يجتهدون دائما للتأسيس لقصيدة نثرية جديدة وبدلاً من التقدم خطوةٍ إلى أمام ، نجدهم يرتدّون خطواتٍ إلى الخلف ! حتى أنهم من فرط إرتجالهم ، يعودون بنا للقوافي الرتيبة التي كانت أُولى دوافع الحداثيين ، نحو شكل جديد يتخلص من تلك القافية الحتمية، الرتيبة، محتفظاً بوحدة بحر الشعرأو بإحدى تفعيلاته، وفي خطوة أخرى جديدة حاول المجددون التخلص من قيد التفعيلة ، بعد أن تخلصوا من حتمية القافية، انطلاقا إلى سماوات رحبة من حرية الإبداع والتعبير، تبرر خروجهم ذلك عن أصول الوزن والقافية، العجيب أن الخطوة الأخرى التالية المنتظَرَة، عادت بنا إلى نقطة البداية !! في قصيدة الأخ هيثم الريماوي (إهداء) وجدنا القافية القديمة مائلة أمام أعيننا ، إلا أنها هذه المرة كانت أكثر رتابة!! وإني لأتعجب لهذا الإصرار المستميت على إعتماد القافية الرتيبة إيّاها ، في قصيدة النثر التي لا تعتمد أصلا موازين الشعر!! ...... إن المنادين بما أسموها القصيدة التناغمية، لم يعتمدوا أفكارا جديدة لبث تلك النغمات المرجوة للقصيدة الجديدة، بل نلاحظ هنا محاولة غير ناجحة في بث تلك الروح المأمولة في قصيدة النثر الجديدة تلك، عن طريق العودة إلى القافية الواحدة التي إعتمدتها القصيدة العمودية (وكأنك يا أبو زيد ، ما غزيت!!) بل جاءت التقفية المتكلَّفةُ هذه المرة نشازاً قلقاً، وقيدا آخر جديداً، جعل الشاعر ينشغل بصنعة التقفية اللحوحة، إبتداءً من منتصف الشطر الشعري حتى آخره ! وليت الشاعر هنا كان يشتغل على التنوع في التفعيلات التي تتنقل بين بحر شعري وآخر داخل إطار الشطر الشعري لقصيدة تفعيلة جديدة ؛ عندها بالتأكيد كانت توجيهاتنا هنا سوف تنصب على ضرورة تفهم الدوائر العروضية، والاعتماد على دراسة العلاقات بين البحور المتقاربة ، زائدا الذائقة العالية َ الحساسية لكاتب النص الشعري . ولكن الغرابة وصلت مداها عندما وجدنا أن النص الذي يدّعي مُتبَنُّوه أنه يؤسس لقصيدة تناغمية جديدة، ابتعد كثيرا عن محاولة خلق موسيقى داخلية، تعتمد فيما تعتمد على طريقة مبتكرة في الإيقاعات الناتجة عن تراتيب ما، بين الحركات والسكنات، بل وجدنا كاتب النص يأتي بأكثر من أربع متحركات متتالية بلا سكنات وبالتالي لم نجد أي محاولة لإبتداع ما يمكن أن يُنتجَ إيقاعا يبث روحا في النص ، أو أي موسيقى داخلية تعطي الشرعية لمصطلح التناغمية المُدّعَى !! ....

          ملاحظات أخرى جاءت لفظة (براويزاً) مُنوّنة رغم كونها قد جاءت على صيغة منتهى الجموع (مفاعيلن)، وبالتالي كان الصحيح هنا الفتحة وليس التنوين .

          كما جاءت لفظة (الكَرادِ).. أظن المقصود منها هنا (الجراد) وهي الحشرة المعروفة

          وأخيراً لي ملحوظةٌأُخرى
          على المقطع الصوتى للشطر الأول الذي جاء ت مخارج حروف كلماته متشابهة ومتداخلة ما بين حرفي ( الضاد ، والدال) المتشابهين بل وزاد الطين بلة وجود أكثر من حرف تاء متشابه في مخرجه الصوتي مع حرفي الضاد والدال، حيث تنطق الحروف الثلاثة، من وضعية واحدة للسان، في مقدمة سقف الفم، عند اتصاله بمنبت الأسنان (أذكر تلك الملاحظة لأن مَنْ يهتم بفكرة التناغمية في قصيدة النثر ، يجب أن يشتغل على مثل هذه العلاقات الصوتية)
          ولكم التحية
          ــــــــ[/GASIDA]
          "حَتَّى يُظْهِرَهُ الله .. أو أَهْلَكَ دُوْنََهْ "
          ـــــــــــــــــــ
          { مع الوطن ... ضد الاحتلال }
          ـــــــــ
          sigpic

          تعليق

          • هيثم الريماوي
            مشرف ملتقى النقد الأدبي
            • 17-09-2010
            • 809

            #6
            القديرة منجية ...

            كل التقدير على هذه القراءة المبدعة التي ,,كانت تعبر كثيرا عن النقد الإبداعي الواعي ودوره الخلّاق , كرافد مهم جداً في مسيرة الأدب ,,,له دوره الفاعل وليس التابع فقط...شرف كبير لي هذه القراءة ,,,وجهد تستحقين عليه كل الثناء والتقدير والامتنان....

            اعتزازي الكبير
            هيثم الريماوي

            ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

            بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
            بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

            تعليق

            • منيره الفهري
              مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
              • 21-12-2010
              • 9870

              #7
              الأستاذة الناقدة القديرة منجية الرائعة

              قال الشاعر الكبير هيثم الريماوي اعتزازي كبير بهذه القراءة

              و أنا و الله اعتزازي أكبر لعمق قراءاتك و روعتها و تغلغلك في أعمق أعماقها...

              و شكري كبيرا أيضا لروعة هذا القصيد "إهداء" للشاعر و الناقد الكبير هيثم الريماوي..

              فلو لا جمال حروفه و بعده الفلسفي الذي يجعل لك الفضاء مفتوحا لتشريح روائعه

              لما قرأت القصيدة أنا التي أعرفك و أعرف انه لا تستهويك كل القصائد...

              و هذا القصيد بحق جميل جدا ...

              أستاذتي التي أعتز أن أقول انها صديقتي الغالية

              كم أنا فخورة بقراءاتك الأكثر من رائعة

              و التي ترسلنا حتى السماء الأخيرة لروعة تحليلها

              و أبعادها الفلسفية التي يصعب على القارئ العادي فهم ما ترمي إليه...

              دمت بألق و دمت بهذا المستوى الراقي

              و أشكرك ألف مرة على قراءتك العميقة لهذا القصيد الرائع ذي البعد الفلسفي

              و أجدد شكري للشاعر هيثم الريماوي

              تعليق

              • هيثم الريماوي
                مشرف ملتقى النقد الأدبي
                • 17-09-2010
                • 809

                #8
                العزيزة سليمى ....

                كل التقدير على هذه الروعة في التوغل داخل النص... وهذه الشفافية في القراءة...
                امتناني الكبير وباقة ياسمين

                هيثم الريماوي

                ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

                بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
                بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

                تعليق

                • منجية بن صالح
                  عضو الملتقى
                  • 03-11-2009
                  • 2119

                  #9
                  استاذتي منجية
                  شكرا لقلمك الذي يعبر عباب الكلمات ويشق طريقه بكل ثبات
                  وهذا لعمري غاية ما نصبو وما نتمناه دائما
                  فتحية تونسيّة مفعمة بالحب والتقدير والامتنان

                  العزيزة سليمى

                  شكرا لك على خاطرتك الجميلة و على تعليقك البهي والذي يسعدني دائما

                  الإرتقاء بالكلمة هو رسالة كل كاتب يحترم نفسه وقلمه
                  اتمنى أن أكون منهم
                  ألف شكر و تحية

                  تعليق

                  • منجية بن صالح
                    عضو الملتقى
                    • 03-11-2009
                    • 2119

                    #10
                    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

                    الأخت الغالية منيرة

                    كم انا سعيدة بوجودك معي نِعم الأخت أنتِ و الصديقة الرائعة الوفية في زمن تصعب الكلمة على نفسها

                    دخولي إلى الملتقى كان لأداء رسالة أعتبرها مقدسة لها قداسة الكلمة التي أكتبها و الحمد لله اعتبر أن الله تعالى قد وفقني في ذلك تعرفت على أسماء لها إحترامها و مستواها المعرفي و الأخلاقي الراقي و هذا شرف كبير وكنت أنت من بين هؤلاء الأفاضل لنترافق في سهرة الآراء النقدية

                    الشكر وحده لا يكفيك على رقي ذوقك و إحساسك الرفيع الصادق
                    و قناعتك الراسخة بأداء رسالة تخلى عنها الكثير
                    كل التحية والود و المحبة لأخت لها مكانتها عندي

                    تعليق

                    • هيثم الريماوي
                      مشرف ملتقى النقد الأدبي
                      • 17-09-2010
                      • 809

                      #11
                      العزيز محمد عزت الشريف

                      كان ثقيلا أن تقول محبط جدا...بداية ولم أر –في رأيي- أنك قدمت شيئاً بعد ذلك يدلل على ما تقول ,,,وانا لا أقول محبطاً بل أقول :
                      1
                      لم أفهم كثيراً ماذا تعني أو من تعني بقولك من (( من يجتهدون للتأسيس لقصيدة النثر)) إن كنت تعنيني أنا شخصياً فأنا لم أجتهد لتأسيس قصيدة النثر , إن كنت تقصد الندوات التي كان موضوعها (قصيدة النثر) هي جهد لتأسيس لقصيدة النثر فأكون آسفا كثيرا أن الفكرة لم تصل...بأنها استعراض لما تم تأسيسه فعلاً...وإن كنت تقصد رواد قصيدة النثر فعلاً فهم لم
                      لم يكونوا أبدا (( من فرط إرتجالهم ، يعودون بنا للقوافي الرتيبة))
                      2
                      لم أفهم إطلاقاً ((إن المنادين بما أسموها القصيدة التناغمية، لم يعتمدوا أفكارا جديدة لبث تلك النغمات المرجوة للقصيدة الجديدة، بل نلاحظ هنا محاولة غير ناجحة في بث تلك الروح المأمولة في قصيدة النثر الجديدة تلك)) وما يعني الربط بين القصيدة التناغمية وما أسميته قصيدة النثر الجديدة أو من أين كان هذا المصطلح ( قصيدة النثر الجديدة) إذا كان هذا ما فهم من ندوة القصيدة التناغمية فأكون آسفا جدا مرة أخرى أن الفكرة لم تصل,,,بأن القصيدة التناغمية هي مختلفة عن قصيدة النثر كثيرا...وإن كانت تتقاطع معها ولكنها تحاول تهديم الكثير من أعمدتها
                      3
                      لم أفهم إطلاقا كيف قررت أن هذا النص هو نموذج أمثل للتناغمية وكيف قررت بناءً على نموذج واحد وألغيت بمنطقك الخاص كل التنظيرات التي قيلت حول هذا الموضوع من قبل الكثير من الأشخاص وأيضاً ألغيت كل النصوص التي كتبت عليه من قبل الكثيرين ..استنادا أن شكلا لنص لم يعجبك ,,وأكثر من ذلك أني تحدثت عن شكل هذا النص بالذات في الغرفة الصوتية وقلت صراحة أنه نص قديم ,,أعتمد على شكله الحالي هذا كمحاولة تجريبة أولية للخروج عن الوزن حتى قبل أن تكتمل فكرة القصيدة التناغمية أو ظهور مصطلح القصيدة التناغمية ,,,أفترض أن الاعتراض على تجربة تم التنظير لها والكتابة عليها عبر أخذ نص واعتباره نموذجا أمثل هو تسخيف كبير لهذا الإعتراض,,,وأذكر أنك في معرض ردك في الغرفة الصوتية حول القصيدة التناغمية ,,تحدثت عن قضايا شكلية بسيطة لم تضف شيئا

                      4
                      أرى يا صديقي أنك وقعت في خطأ منطقي كبير عندما تحدث عن الشكل فقط وبنيت عليه كل استنتاجاتك , فأفرغت البنية الشعرية تعسفيا من محتواها للتحدث عن الهيكل فقط وهذا يعني بالضرورة أن كل ما استنتجته لا يعني شيئا لأن النتائج بنيت على مقدمات ناقصة ,,,,لم يحدث لا في دارسة نقدية أو حتى قراءة عادية لنص ما منذ نظرية النظم للجرجاني,,,والنقد التفسيري وحتى التفكيكية الحديثة بالحكم على النص من شكله دون معناه ,,رغم ان الشكل مهم جدا وخاصة في الكتابات الحديثة إلا أنه لا يعني شيئاً دون المعنى بل يكون خواء لا أكثر,,,,واسمح لي أنا ادعي هنا أن النص مليء بالترمزيات المتوافقة , أستعرضها هنا ليس استطرادا على التعمق البارع الذي قامت به القديرة منجية ,,وليس مدحا أو ادعاءًُ بجمال النص وإنما استكمالاً للفكرة
                      الكراد...وليس الجراد هي حشرة ماصّة لدماء الحيوانات تتصف بالبلادة الكبيرة يعرفها كثيرا فلاحي فلسطين , فلا تستطيع نزعها عن الحيوان إلا إذا قتلتها ,,وهذا منسجم كثيرا مع الذكريات السيئة
                      الانتخاب الطبيعي..إشارة إلى نظرية النشوء والتطور ,,,المنسجمة مع تطور الذكريات
                      ثالث المستحيلات..إشارة إلى المستحيلات الثلاثة (الغول , العنقاء , الخل الوفي) التي ثالثها الخل الوفي و الذي استحالته منسجمة مع تصاعد الصورة
                      اختسلت فرحة من نص عن الجمال ..إشارة للدراسات السيكولوجية لعلم الجمال التي تقول بأن الجمال يبث السعادة في النفس على الأغلب وهذا منسجم كثيرا مع التصوير اللاحق
                      كالجمال من سمّ الخياط ..أشارة للآية الكريمة التي تقول باستحالة دخول الجمل من سم الخياط والمنسجم مع استحالة وجود الثقات
                      جدلية الثناثيات ..أشارة إلى المنطق الجدلي الذي يقول ان تنامي بالثنائيات هو منطق عام يحكم الأشياء...والقول بكسره منسجم مع شدة الوحدة
                      والكثير المنسجم من الترميزات
                      الغفاريين ...نسبة إلى أبو ذر الغفاري
                      أبو دجانة ..الصحابي المعروف
                      لوركا ...الشاعر الأسباني المعروف فردريكو لوركا
                      العادة الإنجليزية في شرب الشاي بموعد محدد ودقيق
                      ديونيّ..نسبة إلى طقوس التقرب من إله الخمر عند اليونان ديونيسيوس
                      كليوبترا ,وانطونيوا.... نسبة لقصة مصرع انطونيو الشهيرة
                      قصة الأعذار الواهية لمن تخلفوا عن غزوة تبوك
                      اشارة للعشاء الأخير في قصة سيدنا عيسى عليه السلام
                      اشارة لعظم العجز الذي يبقى وحده بعد ان تفنى كل العظام ...والذي منه تبعث الأجساد يوم القيامة

                      أعتقد أن هذه الإشارت وبهذه الكثافة يمكن لها أن تشكل – بقليل من الترتيب- قصيدة نثر مائزة , وايضا يمكن لها أن تكون قصيدة تفعلية بتغيير صياغي ,,, فلو أردت هذا الشكل أو ذالك لكتبت عليه لهذا تحديدا أقول أن كل ما قلته لم يقدم شيئاً لأنه تحدث عن شكلية الموضوع فقط

                      وحقيقة كنت أتمنى أن تكون النقاط المثارة أكثر عمقاً ..كما فعل العزيز رضا الزواوي

                      ملاحظة : هذا النص هنا مأخوذ عن نسخة قديمة ...تم التعديل عليها ونشرها هنا في الملتقى قسم شغب القصيدة ..وتم تعديل براويز المشار إليها ...وهذا ما أشرت له تحديدا في الغرفة الصوتية


                      محبتي الكبيرة...
                      هيثم الريماوي

                      ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

                      بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
                      بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

                      تعليق

                      • هيثم الريماوي
                        مشرف ملتقى النقد الأدبي
                        • 17-09-2010
                        • 809

                        #12
                        العزيز محمد عزت الشريف

                        كان ثقيلا أن تقول محبط جدا...بداية ولم أر –في رأيي- أنك قدمت شيئاً بعد ذلك يدلل على ما تقول ,,,وانا لا أقول محبطاً بل أقول :
                        1
                        لم أفهم كثيراً ماذا تعني أو من تعني بقولك من (( من يجتهدون للتأسيس لقصيدة النثر)) إن كنت تعنيني أنا شخصياً فأنا لم أجتهد لتأسيس قصيدة النثر , إن كنت تقصد الندوات التي كان موضوعها (قصيدة النثر) هي جهد لتأسيس لقصيدة النثر فأكون آسفا كثيرا أن الفكرة لم تصل...بأنها استعراض لما تم تأسيسه فعلاً...وإن كنت تقصد رواد قصيدة النثر فعلاً فهم لم
                        لم يكونوا أبدا (( من فرط إرتجالهم ، يعودون بنا للقوافي الرتيبة))
                        2
                        لم أفهم إطلاقاً ((إن المنادين بما أسموها القصيدة التناغمية، لم يعتمدوا أفكارا جديدة لبث تلك النغمات المرجوة للقصيدة الجديدة، بل نلاحظ هنا محاولة غير ناجحة في بث تلك الروح المأمولة في قصيدة النثر الجديدة تلك)) وما يعني الربط بين القصيدة التناغمية وما أسميته قصيدة النثر الجديدة أو من أين كان هذا المصطلح ( قصيدة النثر الجديدة) إذا كان هذا ما فهم من ندوة القصيدة التناغمية فأكون آسفا جدا مرة أخرى أن الفكرة لم تصل,,,بأن القصيدة التناغمية هي مختلفة عن قصيدة النثر كثيرا...وإن كانت تتقاطع معها ولكنها تحاول تهديم الكثير من أعمدتها
                        3
                        لم أفهم إطلاقا كيف قررت أن هذا النص هو نموذج أمثل للتناغمية وكيف قررت بناءً على نموذج واحد وألغيت بمنطقك الخاص كل التنظيرات التي قيلت حول هذا الموضوع من قبل الكثير من الأشخاص وأيضاً ألغيت كل النصوص التي كتبت عليه من قبل الكثيرين ..استنادا أن شكلا لنص لم يعجبك ,,وأكثر من ذلك أني تحدثت عن شكل هذا النص بالذات في الغرفة الصوتية وقلت صراحة أنه نص قديم ,,أعتمد على شكله الحالي هذا كمحاولة تجريبة أولية للخروج عن الوزن حتى قبل أن تكتمل فكرة القصيدة التناغمية أو ظهور مصطلح القصيدة التناغمية ,,,أفترض أن الاعتراض على تجربة تم التنظير لها والكتابة عليها عبر أخذ نص واعتباره نموذجا أمثل هو تسخيف كبير لهذا الإعتراض,,,وأذكر أنك في معرض ردك في الغرفة الصوتية حول القصيدة التناغمية ,,تحدثت عن قضايا شكلية بسيطة لم تضف شيئا

                        4
                        أرى يا صديقي أنك وقعت في خطأ منطقي كبير عندما تحدث عن الشكل فقط وبنيت عليه كل استنتاجاتك , فأفرغت البنية الشعرية تعسفيا من محتواها للتحدث عن الهيكل فقط وهذا يعني بالضرورة أن كل ما استنتجته لا يعني شيئا لأن النتائج بنيت على مقدمات ناقصة ,,,,لم يحدث لا في دارسة نقدية أو حتى قراءة عادية لنص ما منذ نظرية النظم للجرجاني,,,والنقد التفسيري وحتى التفكيكية الحديثة بالحكم على النص من شكله دون معناه ,,رغم ان الشكل مهم جدا وخاصة في الكتابات الحديثة إلا أنه لا يعني شيئاً دون المعنى بل يكون خواء لا أكثر,,,,واسمح لي أنا ادعي هنا أن النص مليء بالترمزيات المتوافقة , أستعرضها هنا ليس استطرادا على التعمق البارع الذي قامت به القديرة منجية ,,وليس مدحا أو ادعاءًُ بجمال النص وإنما استكمالاً للفكرة
                        الكراد...وليس الجراد هي حشرة ماصّة لدماء الحيوانات تتصف بالبلادة الكبيرة يعرفها كثيرا فلاحي فلسطين , فلا تستطيع نزعها عن الحيوان إلا إذا قتلتها ,,وهذا منسجم كثيرا مع الذكريات السيئة
                        الانتخاب الطبيعي..إشارة إلى نظرية النشوء والتطور ,,,المنسجمة مع تطور الذكريات
                        ثالث المستحيلات..إشارة إلى المستحيلات الثلاثة (الغول , العنقاء , الخل الوفي) التي ثالثها الخل الوفي و الذي استحالته منسجمة مع تصاعد الصورة
                        اختسلت فرحة من نص عن الجمال ..إشارة للدراسات السيكولوجية لعلم الجمال التي تقول بأن الجمال يبث السعادة في النفس على الأغلب وهذا منسجم كثيرا مع التصوير اللاحق
                        كالجمال من سمّ الخياط ..أشارة للآية الكريمة التي تقول باستحالة دخول الجمل من سم الخياط والمنسجم مع استحالة وجود الثقات
                        جدلية الثناثيات ..أشارة إلى المنطق الجدلي الذي يقول ان تنامي بالثنائيات هو منطق عام يحكم الأشياء...والقول بكسره منسجم مع شدة الوحدة
                        والكثير المنسجم من الترميزات
                        الغفاريين ...نسبة إلى أبو ذر الغفاري
                        أبو دجانة ..الصحابي المعروف
                        لوركا ...الشاعر الأسباني المعروف فردريكو لوركا
                        العادة الإنجليزية في شرب الشاي بموعد محدد ودقيق
                        ديونيّ..نسبة إلى طقوس التقرب من إله الخمر عند اليونان ديونيسيوس
                        كليوبترا ,وانطونيوا.... نسبة لقصة مصرع انطونيو الشهيرة
                        قصة الأعذار الواهية لمن تخلفوا عن غزوة تبوك
                        اشارة للعشاء الأخير في قصة سيدنا عيسى عليه السلام
                        اشارة لعظم العجز الذي يبقى وحده بعد ان تفنى كل العظام ...والذي منه تبعث الأجساد يوم القيامة

                        أعتقد أن هذه الإشارت وبهذه الكثافة يمكن لها أن تشكل – بقليل من الترتيب- قصيدة نثر مائزة , وايضا يمكن لها أن تكون قصيدة تفعلية بتغيير صياغي ,,, فلو أردت هذا الشكل أو ذالك لكتبت عليه لهذا تحديدا أقول أن كل ما قلته لم يقدم شيئاً لأنه تحدث عن شكلية الموضوع فقط

                        وحقيقة كنت أتمنى أن تكون النقاط المثارة أكثر عمقاً ..كما فعل العزيز رضا الزواوي

                        ملاحظة : هذا النص هنا مأخوذ عن نسخة قديمة ...تم التعديل عليها ونشرها هنا في الملتقى قسم شغب القصيدة ..وتم تعديل براويز المشار إليها ...وهذا ما أشرت له تحديدا في الغرفة الصوتية


                        محبتي الكبيرة...
                        هيثم الريماوي

                        ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

                        بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
                        بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

                        تعليق

                        • محمد عزت الشريف
                          أديب وكاتب
                          • 29-07-2010
                          • 451

                          #13
                          أخي العزيز
                          هيثم الريماوي
                          إحترامي لشخصك الكريم
                          وأضع خطاً فاصلاً
                          ــــــ

                          وأقول لك أنك لا ترعى الدقة في وصف الأشياء على وجهها الصحيح
                          وأرى ـ ومن خلال تطوافي على بعض ما وصلني مماكتبتَ ـ أنّ هذا هو دأبُك في التعامل مع الأشياء، ومنها طريقتك في التعامل مع الكتابات الشعرية، التي تدخلها من باب واسع، كل شيء فيه جائز !!
                          أخي العزيز : هل كنتَ دقيقاً عندما إدّعيتَ هنا أنني كتبتُ لك
                          في مداخلتي السابقة أنك مِنْ


                          =هيثم الريماوي;680976]
                          (( مَنْ يجتهدون للتأسيس لقصيدة النثر))
                          هذه بداية نقاش لا تبشر بخير أخي ....
                          أخي هيثم أنا قلت :
                          الذين يجتهدون دائما للتأسيس لقصيدة نثرية جديدة
                          !!!!

                          المحبط فعلا وجدا ـ كما قلت لك ـ هو ذلك الإرتداد إلى الخلف خطوات، واعتماد هذه التقفية البدائية التي ثُرنا على أفضلَ منها كثيراً ـ نحن الحداثيين ـ منذ زمـــــــــان !!
                          لتعود أنت إليها هذه المرة في قصيدة كهذه (وبلا أيّ أوزانٍ شعرية !!)
                          لتزيدَ الرتيبَ رتابةً، والنشَازَ نُشُوزاً ... !



                          المشاركة الأصلية بواسطة هيثم الريماوي مشاهدة المشاركة
                          إذا كان هذا ما فهم من ندوة القصيدة التناغمية فأكون آسفا جدا مرة أخرى أن الفكرة لم تصل,,,بأن القصيدة التناغمية هي مختلفة عن قصيدة النثر كثيرا...وإن كانت تتقاطع معها ولكنها تحاول تهديم الكثير من أعمدتها

                          أخي الكريم هيثم .. عذرا، هل أطمعُ أن تفهمني مرة أخرى ما المقصود بما أطلقتم عليه مؤخراً (القصيدة التناغمية)؟
                          وتقول لي كيف هدمت الكثير من أعمدة قصيدة النثر ؟ وعلى أي أعمدة بديلة قامت هذه القصيدة ؟! وفي أيّ شيء اختلفت عنها ؟ وكيف تقاطعت معها ؟


                          المشاركة الأصلية بواسطة هيثم الريماوي مشاهدة المشاركة
                          لم أفهم إطلاقا كيف قررت أن هذا النص هو نموذج أمثل للتناغمية
                          أخي أنا لم أقرر .. !
                          بل أنت قررت ، والسيدة مقدمة البرنامج ومّن معها قرروا، واختاروا ذلك النص وكتبوا فيه المديح الكثير ، وأنت أقرَرْتَهم على ذلك وأشدت بهم ولم تُبدِ هنا في ردك عليهم في المتصفح أي تحفظ على هذا الإختيار !!


                          المشاركة الأصلية بواسطة هيثم الريماوي مشاهدة المشاركة
                          أرى يا صديقي أنك وقعت في خطأ منطقي كبير عندما تحدثت عن الشكل فقط وبنيت عليه كل استنتاجاتك
                          أخي ، مَنْ قال لك أنّ هذه هي كل استنتاجاتي ؟!!!
                          أنا ـ فقط ـ لدي دائما عادة أن أُلقي الضوءَ على ما تغافل عنه الآخرون ...
                          ثم أنني لست من أولئك الذين يظلون دائما يردّدون كلاماً مكرورا ... !
                          أنا أخي ، تحركني الفكرة الجديدة التي أضيفها، ولست معلما في مدرسة إعدادية أو حتى أستاذا في كلية تدرس منهاجاً جامداً ( يتهدّدُ كل مَنْ يخرج عليه ، الرسوبُ في الإمتحان !!)
                          أنا أنشد الإبداع، والتجديد
                          رموزك هذه كلها احترمتها ولم أناقشها، عند هذا المستوى من الحوار
                          ولكنْ يَحتملُ هذا المقام أن أقول لك أنّ ما يُمكن أن تُضمِّنه القصيدة الشعرية
                          غير ما يمكن أنْ تُضَمِّنه القصة أو الخاطرة أو المقالة ... !
                          قصيدة يعني : موسيقى، وإيقاعات، وهارموني ، و .....
                          وليس محض حشد لعنصر واحد ، أو عناصر عدة مُخَلطة ًهكذا بلا وعي، ودون مراعاة للذائقة العربية التي اعتمد عليها أجدادنا المُقََعِّدون، لكل أشكال الشعر العربي (قديمه، وحديثه)

                          ـــــــــ
                          ولكم التحية
                          ـــــ

                          "حَتَّى يُظْهِرَهُ الله .. أو أَهْلَكَ دُوْنََهْ "
                          ـــــــــــــــــــ
                          { مع الوطن ... ضد الاحتلال }
                          ـــــــــ
                          sigpic

                          تعليق

                          يعمل...
                          X