وقفة بين قراءتين
عدنان عبد النبي البلداوي
تهيأ لي قراءة قصيدة الشاعر باسل بزراوي ( نبض البحر) ثم مضمون الناقدة منجية بن صالح حول النص.
اقول في أجواء قراءة الناقدة : إن الإسلوب الإنشائي الذي يوظفه الناقد في كتابة نقده النص لايخرج عن كونه في المنظور الثقافي العام – اسلوبا أدبيا طبيعيا ، هدفه إيصال التقويم أو التقييم لجانب ، أو أكثر من الجوانب الفنية ، وقد لايعترض قارئ ما على إنشاء جملة نقدية ،طالما تؤدي الغرض المطلوب في تقريب المفهوم أو توضيح المأخذ .. إلا أن هناك مسالة ذوقية وعاطفية قد تسهم من قريب أو بعيد في خلق لذة لفظية ، أو متعة إضافية ، وهذه المسألة أو الحالة كثيرا ما يخلقها الناقد نفسه بطريقة تركيب جملته النقدية المختارة الألفاظ ، حتى يُخيل لقارئ المضمون النقدي كأنه يقرأ نصا مبدعا لاتوجيها نقديا، وقد جاد العصر الحديث بأقلام بارعة ارتقت بمضامينها الى مستوى إبداع صاحب النص ، وإنه لمن إشراقات الأمل أن يكون قلم الناقدة منجية قد أخذ موقعه المناسب بين هذه الأقلام.
أما نص الشاعر باسل ، فقد حقق مستلزمات الإبداع بدليل ان أي نص تعود الى قراءته يعطيك اللذة نفسها التي استمتعت بها في أول قراءة له ، وإضافة الى ذلك فقد حقق الشاعر في نصه مايأتي:
- التآلف التدريجي بين حروف شطري البيت وحروف القافية ، ومعالجة الحروف الثقيلة بصياغة تعتمد الموازنة والتنسيق.
- مواصلة العزف اللفظي بفضل التوزيع العادل للحروف ذات المهمة الواحدة ، فتتابع حرفي ( القاف والعين ) مثلا وهما من أطلق الحروف وأضخمها جرسا ، وحرفي ( الدال والباء )وهما من الحروف التي تجمع بين الشدة والجهد لتشكيل نغمات متتابعة ذات إيقاع صوتي خاص ، إنما هو تتابع منسق يستقي توجيهه من قابلية مثقفة ذات دليل موسيقي واضح .
وبخصوص الإنسجام الموسيقي بين الحروف والألفاظ ، وردت كلمة ( لفلفت) في قول الشاعر:
فانت عراق الروح والنخل لفها
كما لفلفت مزنُ السماء سنا البدر
ولكون حرف الفاء من الحروف التي تسبب جهدا في التنفس حين النطق بها ، ولأنها تتابعت في كلمة واحدة ،اقترح كلمة ( التحفت ) مكانها ، ليصبح البيت :
فأنت عراق الروح والنخل لفها
كما التحفتْ مزن السماء سنا البدر
إنه اقتراح يتعلق بالإنسجام الصوتي ، والأمر لصاحب النص.
وجميل جدا أن ينقل لنا الشاعر ومضة تراثية هنا وهناك لكي نعيش نكهة التراث وعطر المعاصرةمعا كما في ( أرخى سدوله)بقوله:
فإن كان بحر الصمت أرخى سدوله
وخيّم ليل السهد دهرا على دهر
فما طال عهد الليل والصبح سابح
يداعب هدب الشمس في موجه السحري
ومعروف أن ( أرخى سدوله) وردت في قول إمرئ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
وكما في ( بين الرصافة والجسر)بقوله:
وقفت أناجي الموج حتى أذاقني
(هواك الهوى بين) الرصافة والجسر
و(بين الرصافة والجسر) وردت في قول علي بن الجهم:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أشكر بوافر السرور الأديبة الناقدة منجية بن صالح لإرسالها النصين . تحية لها وتحية للشاعر المبدع باسل بزراوي ، والى مزيد من الإبداع والعطاء الدائم.
عدنان عبد النبي البلداوي
تهيأ لي قراءة قصيدة الشاعر باسل بزراوي ( نبض البحر) ثم مضمون الناقدة منجية بن صالح حول النص.
اقول في أجواء قراءة الناقدة : إن الإسلوب الإنشائي الذي يوظفه الناقد في كتابة نقده النص لايخرج عن كونه في المنظور الثقافي العام – اسلوبا أدبيا طبيعيا ، هدفه إيصال التقويم أو التقييم لجانب ، أو أكثر من الجوانب الفنية ، وقد لايعترض قارئ ما على إنشاء جملة نقدية ،طالما تؤدي الغرض المطلوب في تقريب المفهوم أو توضيح المأخذ .. إلا أن هناك مسالة ذوقية وعاطفية قد تسهم من قريب أو بعيد في خلق لذة لفظية ، أو متعة إضافية ، وهذه المسألة أو الحالة كثيرا ما يخلقها الناقد نفسه بطريقة تركيب جملته النقدية المختارة الألفاظ ، حتى يُخيل لقارئ المضمون النقدي كأنه يقرأ نصا مبدعا لاتوجيها نقديا، وقد جاد العصر الحديث بأقلام بارعة ارتقت بمضامينها الى مستوى إبداع صاحب النص ، وإنه لمن إشراقات الأمل أن يكون قلم الناقدة منجية قد أخذ موقعه المناسب بين هذه الأقلام.
أما نص الشاعر باسل ، فقد حقق مستلزمات الإبداع بدليل ان أي نص تعود الى قراءته يعطيك اللذة نفسها التي استمتعت بها في أول قراءة له ، وإضافة الى ذلك فقد حقق الشاعر في نصه مايأتي:
- التآلف التدريجي بين حروف شطري البيت وحروف القافية ، ومعالجة الحروف الثقيلة بصياغة تعتمد الموازنة والتنسيق.
- مواصلة العزف اللفظي بفضل التوزيع العادل للحروف ذات المهمة الواحدة ، فتتابع حرفي ( القاف والعين ) مثلا وهما من أطلق الحروف وأضخمها جرسا ، وحرفي ( الدال والباء )وهما من الحروف التي تجمع بين الشدة والجهد لتشكيل نغمات متتابعة ذات إيقاع صوتي خاص ، إنما هو تتابع منسق يستقي توجيهه من قابلية مثقفة ذات دليل موسيقي واضح .
وبخصوص الإنسجام الموسيقي بين الحروف والألفاظ ، وردت كلمة ( لفلفت) في قول الشاعر:
فانت عراق الروح والنخل لفها
كما لفلفت مزنُ السماء سنا البدر
ولكون حرف الفاء من الحروف التي تسبب جهدا في التنفس حين النطق بها ، ولأنها تتابعت في كلمة واحدة ،اقترح كلمة ( التحفت ) مكانها ، ليصبح البيت :
فأنت عراق الروح والنخل لفها
كما التحفتْ مزن السماء سنا البدر
إنه اقتراح يتعلق بالإنسجام الصوتي ، والأمر لصاحب النص.
وجميل جدا أن ينقل لنا الشاعر ومضة تراثية هنا وهناك لكي نعيش نكهة التراث وعطر المعاصرةمعا كما في ( أرخى سدوله)بقوله:
فإن كان بحر الصمت أرخى سدوله
وخيّم ليل السهد دهرا على دهر
فما طال عهد الليل والصبح سابح
يداعب هدب الشمس في موجه السحري
ومعروف أن ( أرخى سدوله) وردت في قول إمرئ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
وكما في ( بين الرصافة والجسر)بقوله:
وقفت أناجي الموج حتى أذاقني
(هواك الهوى بين) الرصافة والجسر
و(بين الرصافة والجسر) وردت في قول علي بن الجهم:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أشكر بوافر السرور الأديبة الناقدة منجية بن صالح لإرسالها النصين . تحية لها وتحية للشاعر المبدع باسل بزراوي ، والى مزيد من الإبداع والعطاء الدائم.
تعليق