مسرحية قاتلة أبنائها
محمد زعل السلوم
لا أعلم ما الذيحملني على تصفح عدد قديم لدي لمجلة العربي الكويتية وهو عدد يعود لعام 1994 ومنضمن الأعداد التي جمعتها وأنا أحضر عام 2001 للدخول إلى المعهد العالي للفنونالمسرحية بدمشق وكنت أبحث عن كل ما كتب في المسرح .
لفت نظري عنوان قاتلةأبنائها وشخصية ميديا وهي أصعب دور مسرحي كتب لامرأة على مر العصور فهي أكثر قوةونارية من الليدي ماكبث وأكثر حرمانا من الحب من فيدرا وقد مثلت هذا الدور عام1994 الممثلة ديانا ريج وانتقلت بالعمل من مسارح لندن إلى برودواي حي المسارح النيويوركيالشهير وقد رشحها هذا العمل للوقوف إلى جانب كانويل وجوديث أندرسون التي لعبت نفسالدور في برودواي عام 1948 بشموخ يصعب تكراره وخصوصا عندما تبلغ ذروتها في مشهدمذهل فبعد أن تروي ميديا غليلها بأبشع طريقة يمكن أن تقدم عليه امرأة أي ذبحأبنائها من زوجها المخادع حتى ينتهي نسله إلى الأبد تبحر إلى حياة جديدة وكانتمعظم العروض السابقة تنتهي وميديا خارج غرفتها تتحدث بالكاد عن الرحيل أما فيالعرض عام 1994 الذي أخرجه جوناثان كنت فينهار حائط ليكشف عن ديانا ريج التي لعبتدور ميديا وهي التي تحدب ظهرها من أيام القمع والغضب وتنتصب معتدة وكأنها تمثال فيمقدمة السفينة تلفها الأضواء الذهبية بينما السحب القاتمة تلف الماضي ثم تستديروتنظر إلى الوراء نحو مسرح جريمتها التي لم تتأسف عليها وبالطبع نحو الجمهورالمشدود بجمال وقوة هذه النهاية أما بقية أحداث المسرحية فهي نفس الأحداث الكلاسيكية.
ولكن ما يشد بالعنوانهو الأنظمة العربية القاتلة لأبنائها أو تلك التي تنظر إلى شعوبها مجرد أدوات وسلعللبيع والعبودية وحيوانات في مزارعهم فلا علاقة لمفهوم المواطنة بل ولا يدخل مفهومالمواطنة في قواميس أدمغتهم المهترئة فهم يعتبرون الدول التي يستحكمون بها مجردمزرعة وملكية خاصة لهم ولعائلاتهم فعندما يكتشف أي زعيم بالأرض أن رحلته لا تمتدإلى الأبد وأنها واجب تشريعي وسلطوي يمتد لأربع أو ثمان سنوات حينها لن يتغلغلأفراد عائلة هذا الحاكم أو ذاك لأن الزمن لن يسمح له بذلك
ولكن من هي المرأةالقاتلة لأبنائها هل هي الأنظمة العربية بالفعل أم الشعوب المترددة في وجه البطشالعائد للعصور الوسطى ومفاهيم الأمن المهترئة...الله وحده يعلم...!!
تعليق