عباقرة الفساد ! (*)
قد يتعجب بعض القراء الكرام من هذا العنوان الغريب لأن العبقرية لا ترتبط في تصورهم إلا بالإصلاح و الخير و العمل الصالح، و لا يتصورون أن العبقرية قد تكون كذلك في الإفساد و الشر و العمل السيئ و ما مثال عبقرية إبليس، عزازيل اللعين، عنا بمجهول !
فأين هذه الحقيقة من واقعنا المعيش، الواقع الذي مهما بذلنا من جهد لوصفه، و مهما حاولنا تحليله و تفسيره، فإننا، لا محالة، سنفشل لأن السبل ستتفرق بنا إلى ما لا نهاية، و في الأخير نجد أنفسنا عاجزين عن الفهم و عن التفسير فنحتار في اتخاذ المواقف الملائمة لحل المشاكل، و قديما قيل:"إذا عرف السبب بطل العجب" فما دمنا لا نعرف السبب، سبب ضياعنا و المتمثل في تعريف عباقرة الفساد عينهم، فإننا لا ريب سنبقى نعجب إلى الأبد !
إننا نؤجل الرد عن هذا السؤال إلى فرصة أخرى قد تأتي إن ملكنا الشجاعة الكافية لذلك و قد لا تأتي ثم لأن الرد ليس مهما في حدِّ ذاته الآن ثم لأنه، ربما، سيساهم في تعميق الحيرة و تجذير الضياع، ثم ما جدوى معرفة أولئك "العباقرة"، إن عرفوا، ما دمنا عاجزين العجزكله عن زحزحتهم من مواقعهم التي يعضون عليها بالنواجذ لما تحققه لهم من امتيازات لا تكاد تعد أو تحصى و الفاهم يفهم ؛ المهم أن يدرك القارئ أن بإمكانه مواجهة "هؤلاء" دون أن يعرفهم و ذلك بالتزامه بمبادئ بسيطة جدا تبطل ببساطتها عبقرية الفساد التي يتحلى بها المفسدون.
إن "هؤلاء" لم ينجحوا في تضييعنا إلا لأنهم أدركوا مدى ضعفنا و عجزنا و هواننا على أنفسنا و على الناس، فإذا ما عمّقنا معرفتنا بأنفسنا، على ضعفنا، كل حسب قدرته و كل في موقعه، أبطلنا مكرهم الخبيث.
و إذا ما التزمنا بالانضباط الذي تفرضه علينا طبيعة الحياة الجماعية و عرفنا حدود حريتنا و سعينا جاهدين لنصحح من أخطأ منا فإننا، بالتأكيد، سنقوي بعضنا ونكون بمثابة المرآة المجلوة التي تعكس لنا صورنا الحقيقية دون تزييف، المرآة التي "تجيب" بصراحة عن أسئلتنا و لا "تسكت" أو "تسألنا" كما قال أحدهم: "ذهب إلى المرآة ليسألها فلم تجبه و سألته !".
إن عباقرة الفساد يستمدون قوتهم من ضعفنا، فإذا ما أردنا أن يضعفوا و يفشلوا فما علينا إلا بتقوية أنفسنا، ثم إن "هؤلاء" قد اتخذوا إبليس أستاذا لهم و أكبر ميزة لإبليس هو الدهاء الذي تمكن به من كسب البراءة من أعدائه لأنه أوحى إليهم أنه غير موجود إطلاقا و كذلك عباقرة الفساد يوحون إلى أوليائهم ليضلوهم و يضلوا غيرهم من الغافلين !
ــــ
(*) كتبت هذه المقالة أول مرة في فيفري عام 1993، و نشرت في العدد 706 من جريدة "الخبر" الجزائرية ليوم الإثنين 22/02/1993، 30 شعبان 1413، و روجعت بعد ذلك شكلا في 21/01/1999 الموافق 4 شوال 1419، و أنشرها اليوم هنا للتذكير و التفكير، و ستتبعها، إن شاء الله تعالى، مقالتان: "التخليط العلمي" و "دهاء إبليس" !
فأين هذه الحقيقة من واقعنا المعيش، الواقع الذي مهما بذلنا من جهد لوصفه، و مهما حاولنا تحليله و تفسيره، فإننا، لا محالة، سنفشل لأن السبل ستتفرق بنا إلى ما لا نهاية، و في الأخير نجد أنفسنا عاجزين عن الفهم و عن التفسير فنحتار في اتخاذ المواقف الملائمة لحل المشاكل، و قديما قيل:"إذا عرف السبب بطل العجب" فما دمنا لا نعرف السبب، سبب ضياعنا و المتمثل في تعريف عباقرة الفساد عينهم، فإننا لا ريب سنبقى نعجب إلى الأبد !
إننا نؤجل الرد عن هذا السؤال إلى فرصة أخرى قد تأتي إن ملكنا الشجاعة الكافية لذلك و قد لا تأتي ثم لأن الرد ليس مهما في حدِّ ذاته الآن ثم لأنه، ربما، سيساهم في تعميق الحيرة و تجذير الضياع، ثم ما جدوى معرفة أولئك "العباقرة"، إن عرفوا، ما دمنا عاجزين العجزكله عن زحزحتهم من مواقعهم التي يعضون عليها بالنواجذ لما تحققه لهم من امتيازات لا تكاد تعد أو تحصى و الفاهم يفهم ؛ المهم أن يدرك القارئ أن بإمكانه مواجهة "هؤلاء" دون أن يعرفهم و ذلك بالتزامه بمبادئ بسيطة جدا تبطل ببساطتها عبقرية الفساد التي يتحلى بها المفسدون.
إن "هؤلاء" لم ينجحوا في تضييعنا إلا لأنهم أدركوا مدى ضعفنا و عجزنا و هواننا على أنفسنا و على الناس، فإذا ما عمّقنا معرفتنا بأنفسنا، على ضعفنا، كل حسب قدرته و كل في موقعه، أبطلنا مكرهم الخبيث.
و إذا ما التزمنا بالانضباط الذي تفرضه علينا طبيعة الحياة الجماعية و عرفنا حدود حريتنا و سعينا جاهدين لنصحح من أخطأ منا فإننا، بالتأكيد، سنقوي بعضنا ونكون بمثابة المرآة المجلوة التي تعكس لنا صورنا الحقيقية دون تزييف، المرآة التي "تجيب" بصراحة عن أسئلتنا و لا "تسكت" أو "تسألنا" كما قال أحدهم: "ذهب إلى المرآة ليسألها فلم تجبه و سألته !".
إن عباقرة الفساد يستمدون قوتهم من ضعفنا، فإذا ما أردنا أن يضعفوا و يفشلوا فما علينا إلا بتقوية أنفسنا، ثم إن "هؤلاء" قد اتخذوا إبليس أستاذا لهم و أكبر ميزة لإبليس هو الدهاء الذي تمكن به من كسب البراءة من أعدائه لأنه أوحى إليهم أنه غير موجود إطلاقا و كذلك عباقرة الفساد يوحون إلى أوليائهم ليضلوهم و يضلوا غيرهم من الغافلين !
ــــ
(*) كتبت هذه المقالة أول مرة في فيفري عام 1993، و نشرت في العدد 706 من جريدة "الخبر" الجزائرية ليوم الإثنين 22/02/1993، 30 شعبان 1413، و روجعت بعد ذلك شكلا في 21/01/1999 الموافق 4 شوال 1419، و أنشرها اليوم هنا للتذكير و التفكير، و ستتبعها، إن شاء الله تعالى، مقالتان: "التخليط العلمي" و "دهاء إبليس" !
تعليق