ركن في حياتي

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دينا نبيل
    أديبة وناقدة
    • 03-07-2011
    • 732

    ركن في حياتي

    ركن في حياتي

    ركن في حياتي...
    ليس في سرة بستان ...مزدانة بزهر ياقوت ومرجان
    ليس جنب جدول ماؤه يتبختر...وسط الظلال يتكسر ويتبعثر
    ليس فوق شجرة أغصانها مترنحة... تحلق حولها الأطيار مترنمة
    ليس تحت غيمة آتية ... بعبير صبح نسماتها حانية
    ليس وسط موج متلاحق ... يحمل قاربا بكاهله معانق
    إنه ركن....

    بل هو مكان ليس ككل مكان ... مكان حيث أنا أكون ... كيفما أريد أن أكون ...
    قارئة ... كاتبة ... باحثة ... راسمة ... وراكعة

    إنه كوني حين أكون...
    لا أكون فيه كما أنا .. أخرج من حدود جسدي حيث أستسلم إلى لا محدود روحي... يحلق فيه عقلي فيرتشف من العلوم فنونا وصنوفا ... ويغوص فيه خاطري فيخرج يزين كتبي باللؤلؤ واليواقيت ألوفا ... فيد تكتب ... ولسان يقرأ ... وفكر حائر يقلب المسائل تقليب اليد للثوب حتى ينكسي بأبهاها ... وعين تبصر بنور عقل متلهف لكمال قاصر في الوجود ... وأذن تنسجم لأهازيج أدب تبعث النشوة في الوجدان ...
    تنفصل روحي عن جسدي فلا يكون له عليها سبيلا .. ولا تكون عليه شفيقا ... فتثب منه كطفل صغير لا يعرف الكل َّ والملل ... وتثب كراشد فتيِّ لا يعرف سوى الجد والعمل
    فيأخذ يتعقبها .. ألا جودي بساعة راحة أو راحة ساعة أكون فيها تحت غطاء أثير على فراش وثير .. فتصيح فيه قائلة :" إننا ما خلقنا للهو ولعب وإنما خلقنا لكد وتعب ".. فتعانده بساعة على الساعة .. لها فيها فكرة جديدة تأخذ بلبها ولبابها فتسيح معها أيما سياحة ....
    ما بالك بتعلم لغة كذا ؟! ... ما رأيك في هذا الكتاب ؟! ... هذا الكاتب لنطالع له !
    ضعي القوائم ورتبي ... سوف أنكفئ على كتبي
    لن أدعها حتى أنجزها كلها .. وإن طال الدهر ... أنجزها ها هنا
    في ركن حياتي..!
    وقد أكون فيه أنا ... قد استللت قلما رصاصا كالح اللون لا يُميَّز وطرحت بين يديه صفحة بيضاء لا تُميَّز ... ثم أطلقه عليها فإذا اللون الرمادي يعانق الأبيض فصار من لا تميّز إلى تمييز روعة وإبداع .. فيصوران معا ألوانا وأشكالا فيوجدان حياة بلا حياة!
    هذا لون رمادي .. إنه ظلي ... لا يراني أحد إلا في ظله ... فلا يعرف كنهه إلا بين " ظل وضوء " .. أجل يصعب الوصول إليه فهناك دائما " نقطة الهروب " ولكن ما بين " بُعد " وبُعد " ، " مساقط " عدة تنجلي عندها الصورة !
    هذا قلمي .. وهذه ورقتي ... وهذا رسمي .. حيث تنتشي نفسي لرؤيتي أخرج شيئا من لا شئ .. هنا
    في ركن حياتي..!
    وهذه حياتي هنا ... حيث أركع وأسجد ...فهنا أرتبط أنا والأرض من تحتي فنصير جسدا واحدا ... أستشعرها تنبض .. تحت يدي .. أو لعله إثر دمع .. أو ربما سماعها مناجاة في همس ...أو التقامها تسبيح في حر نفس
    فإذا ما فرغت دبت في روح غير الروح .. روح سماوي غير روحي التي بين جنبي ... وأعود إلى العمل ...
    هذا ركن حياتي حيث أكون .. وهو معي أينما أكون في حلي وترحالي ... فينتقل معي باحثا في المكان الجديد عن ركن له لحين تركن إليه نفسي .. أنسل فيه من كافة الروابط والعلائق .. إلا رابطتي بروحي ... وأنسى فيه كل إنسان إلا إنساني وحده ... فكأنه عالمي أنا فقط ... فخارج حدوده حياة بأسرها .. وداخل حدوده حياتي بأسرها !
    لكم أترقب ساعة هدوء خارج حدوده حتى يفتح لي هو اللاحدود فما ألبث إلا أن ألج مسرعة خشية اعتراض عارض من خارج حدوده .. هذه مملكتي أنا !
    أنا الحاكمة فيها .. الآمرة .. الناهية .. وليس لي من الرعايا فيها إلا واحد .. أنا ! ... فأنا الحاكمة .. والمحكومة ، الآمرة ... والمأمورة ، الناهية .. والمنهية ... ربما أكون متسلطة وفي آن واحد خانعة لا يدور بخلدي انقلاب .. لأن هذه المملكة
    ركن حياتي ...!
    وهناك ركن آخر موصد مظلم كئيب .. مذ وعيت الإدراك .. أو أدركت الوعي ... لا يراه أحد ... سواي ! إنه ركن يبعث سراياه لغزو ركن حياتي
    إنه مارد ... ينهض بلا سابق إنذار من وسط رماد متناثر تحت أنقاض ذكريات متهالكة قد تهاوت مصاريعها ، فما استطاعت كف الأيام لها ترميما ... فيخرج المارد مهاجما مملكتي فينشر فيالقه في كل اتجاه نحوها ...يريد لها خرابا ... يريد لها محقا !
    فإذا تملك أذني ... أصمها ...فلا ينفذ إليها صوت
    وإذا تملك عيني ... أعماها ... فلا ينفذ إليها نور
    وآه .. لو تملك جناني ... لم يدعه حتى يلوكه بين أنيابه بعد أن يهيم به في كل النواحي ... صعودا وهبوطا ... ويعصف به ذهابا وإيابا .... بين ماض مغلول ومستقبل مجهول !
    فأتحامل على نفسي ... وأجمع شتاتي .... فتنير من ورائي ذكريات أضاء بسناها الخافت نبض قلبي ... وتبرق من أمامي آمال لطالما رمقتها بناظري تبعث بشعاعها إلى نفسي فتحييها من رمس
    فتخرج طبيعتي الأسدية .. شديدة الشكيمة قد استنت مخالبها وأخذت تتعقب المارد وتأبي إلا أن تمزقه وتقطعه إربا فتخور قواه ويهوي على الأرض مخضب بالدماء .. فما يجد بدا سوى اللوذ بالفرار .. إنه لم يمت ... وأنا لا أستطيع أن أقتله !

    ... وأعود إلى ركن حياتي .. حيث حياتي التي أريد
    ليس في سرة بستان ..
    ولا جنب جدول ماء...
    ولا فوق شجرة غناء ..
    ولا تحت غيمة علياء ...
    ولا وسط موجة زرقاء...
    وإنما هو ركن في حياتي ...!

  • شيماءعبدالله
    أديب وكاتب
    • 06-08-2010
    • 7583

    #2
    مرحبا بالجميلة دنيا حياك بيننا وبياك
    أتفق معك أن الأنسان يملك ذاته فيما يرى وما يريد وأن ذاته تضطرب مابين المارد المتوغل فيها وبين الخير السائد والمنبثق منها وبيدنا نخرج المارد أو ننطلق بالخير ليسود
    ورغم أننا نملك الكثير من مقدراتنا بما نحب ونريد ونبتغي إلا إننا لا بد أن نسلم إن المالك لهذه الذات هو الله سبحانه فهو من يمتلكنا وله السلطة المطلقة علينا وهو القادر والقاهر فوق عباده إن كنت آمرة نفسي فأذللها لله وفي الله حبا وطاعة وما سوى ذلك قطعا لنا أمر آخر فنحن أمانة في هذه الدنيا
    ممكن ذهبت بك بعيدا
    ولكن سردك جعل من قلمي يبث بعض ما به وربما أحببت الاسترسال
    لأتوقف هاهنا ...

    جميل بوحك متمنية لك المزيد إلى الأمام والأفضل
    منية كانت أن تكون الخواطر بصورة مقطعة بعدة صفحات كي نكون معك خطوة خطوة
    ونترك الإطناب من تكرار الكلمات فحتما سينبثق جمال فوق جمال وينبلج ويظهر ويتضح ؟
    سلم العطاء والحضور وهذا الجهد المميز
    كوني بالقرب وبانتظار مزيدك
    تحيتي وتقديري

    تعليق

    • أمريل حسن
      عضو أساسي
      • 19-04-2011
      • 605

      #3
      أهلا دينا ....قدرة عالية على السرد..مشاعر جياشة مخبوءة تحت لسان يريد أن ينتفض....

      ولكن انتفضي أختي بتمهل...شكرا لك لكن..هنالي اشارة(تقليب اليد للثوب حتى ينكسي بأبهاها) ممكن يكون يكتسي ماهيك أفضل وإلا شورأيك...؟
      التعديل الأخير تم بواسطة أمريل حسن; الساعة 05-07-2011, 14:19.
      [IMG]http://www.uparab.com/files/xT4T365ofiH2sNbq.jpg[/IMG]

      تعليق

      يعمل...
      X