الماء يشربني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عادل الدرة
    أديب وكاتب
    • 02-06-2011
    • 34

    الماء يشربني

    تشربي حزني كؤوسي مترعه=فتثور من ألمِ المواجعِ زوبعه
    لاتشربي حزني دعيني أكتوي=وحدي أقيمُ مضرجاً في صومعه
    طالت ليالينا وفجري غائبٌ=نجمٌ يسامرني ويجهلُ مطلعَه
    عتّقتُ أحزاني وجئتكِ في يدي=جرحٌ وفي الأخرى أداري مبضعَه
    الغيمُ أودعني لجمرةِ موقدي=حلماً تدندنهُ الاصابعُ موجعه
    أشباحُ صوتكِ في العيونِ عرائشٌ=تغفو ويغفو الهدْبُ يدني مصرعَه
    تعوي برأسي منْ خيالاتِ النوى=أشباحُ أحزان الهوى مُتمنْعه
    وتسيلُ من شفتي حروفُ قصيدةٍ =حبلى بآلآمِ الفراق متعتعَه
    في غضبةِ البحرِ المُهيمنِ موجهُ=نصبَ الرحيلُ على الضلوعِ الأشرعَه
    وتراقصتْ حيتانُ حزني بهجةً=والريحُ تعْولُ في الفصولِ الأربعه
    بينَ الليالي المدلهمّةِ والضحى=صارتْ عيوني للمواجعِ مزرعه
    حلمي تضرّجهُ سنونُ فجيعةٍ=يا ويحهمْ مَنْ بالرزايا أوجعه
    سكرتْ سنيني منْ حنينِ طفولتي=تغفو وتصحو والطيوفُ موزّعه
    وصبايَ في لجج الزمانِ مُضيّعٌ=مَنْ يا تُرى بين الليالي ضيّعه
    بينَ الركامِ مددتُ بعضَ أصابعي=غولٌ يغالبني ويرسلُ إصْبعه
    فنصبتُ خيمةَ لوعتي ومناحتي=تعلو ولا أحدٌ تقاويمي معه
    كالقشِّ أدراجَ الرياحِ تناثرتْ=ساعاتُ عمرٍ يائساً لنْ أجمعه
    كلُّ المسلّات الكئيبةِ وجهها=عارٍ ووجهي كالحٌ كالأقنعه
    تتخاذلُ الأحلامُ في صمتِ المرا=ياأو تغالبني السنينُ مروّعه
    الماءُ يشربني كؤوسَ مسرّةٍ=ويقيؤني أسرارَ حبٍّ ممتعه
    أيُّ الليالي أستبيحُ نجومها=والصبحُ وردٌ بالمواقدِ أودعه
    والنهرُ يحضنُ في المسيرِ ضفافهُ=حبّاً وينسى في المواجعِ منبعه
    خلفَ الظنونِ كئيبةٌ أيّامنا=جاءتْ إلينا بالرسائلِ مفجعه
    شمسي تخبّؤها النجومُ وليلتي=أقمارها خلفَ الغيوم مُقطّعه
    عند الضفافِ وقفتُ أرسلُ ناظري=والأرضُ تحتي من دمائي مُشْبعه
    فالحبُّ ينسى إنْ سألتَ جريحهُ=والعرشُ ينسى في المهامهِ تُبّعه
    ونيابةٌ عن كلِّ آلآم النوى=جاء القتامُ لعالمي ما أسرعه
    نبتتْ على عينيَّ نخلةُ شوقنا= شوكٌ يمدُّ الى جنوني أفرعه
    هزّي إليكِ بجذعِ نخلةِ بهجةٍ=يأوي إليكِ حمامُ روحٍ مفزَعه
    لا تشربي حزني وعودي إنَّني =جاءت إليَّ سنينُ حزني مهطعه
    وحدي أكابدها صخورُ متاعبي=وخيامُ قلبي للأحبّةِ مُشرعه
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    #2
    1. هزّي إليكِ بجذعِ نخلةِ بهجةٍ=يأوي إليكِ حمامُ روحٍ مفزَعه

    يمكن القول أننا أمام توظيف متميز للعلاقة النحوية فى صياغة السياق الشعرى ، ولنتأمل علاقة الأمر الطلبى التى تكنزها علاقة الفعل الأمر ( هزى إليك ) هنا يتناغم جرس الهاء مع همس الرجاء بما ينشر ظلا جماليا على حالة فعل الأمر ليجعله ناعما رهيفا خاليا من علو الآمر عابقا بأمنيات العاشق الذى يهمس ويتمنى

    - ثم نتلقى التخييل عبر الاستعارة المكنية التى تكنزها علاقة النعت ( نخلة بهجة ) وهى العلاقة التى تنشر ظلا جماليا على النخلة فتحيلها كيانا آخر غير ما ندرى عن النخل

    - إنها تستحيل نخلة للبهجة بما يجعلنا أمام براح وسيع من التخيل لرسم هيئة هذى النخلة وطبيعتها الجمالية التى تجعل البهجة طلعها وسباطها بل وبساتينها التى تحويها ، وهنا التلقى يتغاير حسب خبرات كل متلق للسياق

    - ثم نتلق عبر الشطرة الثانية جواب الأمر الطلبى والذى يقوم على سياق ( يأوى إليك حمام روح مفزعة ) وهو السياق الذى يكنز استعارة مكنية تمثلها علاقة المضاف إليه ( حمام روح .. وهو أيضا السياق الذى ينفتح براحا وسيعا أمام المتلقى ليتخيل هيئة هذا الحمام الشجى البديع حمام الروح

    - بل إنه يتخيله فى هيئة الفزع الذى لا خلاص منه إلا عبر أن يدعوه نخل البهجة فى هزة كهزة المشوق الطروب

    - بقى لنا أن نتأمل جمالية أخرى قامت عليها العلاقة النحوية للأمر الطلبى هى أن العلاقة لا تقوم على الجزم لجواب الطلب فلو كان مجزوما لكانت دلالة السياق كما يلى ( إن تهزى نخلة بهجة يأوى إليك حمام روح مفزعة ) فيكون الجواب تاليا للفعل متربتا عليه لا يكون إلا به ، بينما السياق الذى اختاره النص تؤويله هكذا ( هزى إليك نخلة بهجة آوية لك فى هذى الهزة روح حمام مفزعة ) هنا ينساب فعل الشرط وجوابه فى سبيكة واحدة

    تعليق

    • منجية بن صالح
      عضو الملتقى
      • 03-11-2009
      • 2119

      #3
      هزّي إليكِ بجذعِ نخلةِ بهجةٍ=يأوي إليكِ حمامُ روحٍ مفزَعه
      لا تشربي حزني وعودي إنَّني =جاءت إليَّ سنينُ حزني مهطعه
      وحدي أكابدها صخورُ متاعبي=وخيامُ قلبي للأحبّةِ مُشرعه

      الشاعر القدير عادل الدرة

      وجدت أن هذه الأبيات اختزلت تقريبا معاني كل القصيدة و التي تداخل فيها الوجود الإنساني مع الآخر الشعوري و المادي الكوني نرى الشاعر يتنقل بينهما بسلاسة ماء البحر الذي ينساب على الشاطيء ليغمره
      و ينقى ترابه و يروي عطشه
      يستقي الشاعر من القرآن صورة من روائعه المتعددة ليقول هزي إليك بجذع نخلة لنستحضر المشهد المريمي عند المخاض وهو أيضا مخاض شاعر يعيشه في كل لحظات عمره بالفكر الحائر امام أسئلة وجودية تثير حزن و ألم سني العمر على ما فات و التوجس من القادم و الذي هو غيب تخافه النفس و تسعد به الروح لأنها وحدها العارفة و القارئة لمفرداته

      يهرب الإنسان من النفس ليلوذ بروح تشرق عليه بنورها ليهتدي إلى طريق يلفه ظلام جهلنا الدامس. هو الحزن الذي يفترش أرض الإنسان يخال أنه يمتلك قدرته و قدراته الفاعلة ليكتشف أنه مسير و خاضع لمشيئة هي التي رسمت وجوده بكلمة و سيرتها أيضا بكلمة فكانت "كن" و لا شيء آخر معها
      يلفنا الحزن على مافات و يعتيرنا الخوف من كل ما هو آت هو الإنسان بين خوف و رجاء بين فرح وحزن بين أمل و يأس مفارقات نعيشها و لا نسعد في حياتنا حتى نقتنع أنها تتكامل فينا و لا تتصارع
      فتكون الحقيقة هي حادينا لنكون المسافر العارف بسبل الحياة الملتوية و المتعبة

      لا يلغي وجود الحزن فينا غير حب يكون بحر مشاعر صادقة و عارفة بوجودها الخلاق للجمال و التواصل البناء للإنسان و الفكر و المحيط و هذا ما توصل إليه الشاعر في آخر القصيدة ليقول لنا
      و خيام قلبي للأحبة مشرعة
      يترك الحزن و المكابدة و سني العمر المشبعة بالحيرة و الحزن المثقل للقدمين في مسالك و دروب الحياة الصعبة ليفتح أبواب خيمة قلب مترع بالحب ليكون بحر مشاعر يغتسل فيه كل من أضناه الشوق و ألم به الحزن

      و جدت نفسي أكتب هذه الكلمات و التي هي من وحي قصيدة و مشاعر شاعر صادقة
      تفتح أبواب عالم آخر لنلجه دون خوف منه بل بكل حب و سكينة
      كل التحية و التقدير لشاعرنا عادل الدرة على هذا الجمال

      تعليق

      • عادل الدرة
        أديب وكاتب
        • 02-06-2011
        • 34

        #4
        الاستاذ الصاوي محمد السيد حسين المحترم
        تشرفت صفحتي وقصيدتي بوجود إسمك وتعليقك عليها
        تقبل تحياتي القلبية

        تعليق

        • عادل الدرة
          أديب وكاتب
          • 02-06-2011
          • 34

          #5
          الاستاذة منجية بن صالح المحترمة
          كلماتك باقة ورد عطرت صفحتي
          كل الشكر لك

          تعليق

          • وفاء الدوسري
            عضو الملتقى
            • 04-09-2008
            • 6136

            #6
            لا تشربي حزني وعودي إنَّني =جاءت إليَّ سنينُ حزني مهطعه
            وحدي أكابدها صخورُ متاعبي=وخيامُ قلبي للأحبّةِ مُشرعه


            هنا شعر يتدفق ببوح حنون
            بنقاء يرتدي غيما.. عذب الهطول ، الشفافية
            كان نبض القصيدة رائع
            الضوء
            تقديري
            التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 09-09-2011, 10:46.

            تعليق

            • عادل الدرة
              أديب وكاتب
              • 02-06-2011
              • 34

              #7
              الشاعرة المبدعة وفاء عرب
              كانت كلماتك غيمة حب هطلت قطراتها عطرا على صفحتي
              شكرا لك

              تعليق

              • حسن علي
                أديب وكاتب
                • 24-09-2011
                • 110

                #8
                قصيدة بارعة جميلة قرأتها مرارا .
                إعجابي ومحبتي

                تعليق

                • عادل الدرة
                  أديب وكاتب
                  • 02-06-2011
                  • 34

                  #9
                  الاخ حسن علي المحترم
                  شكرا لمرورك على صفحتي ولكلماتك الرقيقة

                  تعليق

                  يعمل...
                  X