عندما يأتي المساء.. يتسلل عاشق النعومة خلسة إلى مرابع الحسن..ومراتع الجمال ..باحثا عن نديم يقضي بقربه سويعات الهناء في الليالي السجسجيّة.. وذات ليلة معتدلة الأجواء ..صافية السماء .. ظفر العاشق بضالته .. ووجد عند الغدير نديمته ..فقام يلثم ثغرها الباسم وهي تنقث في جوفه نفحات من شذا رحيقها الخامر وأنفاسها الزكية..ثم افترش جسمها الغض وتوسّد وجنتها النضره .. ولما بلغ من النشوة عتيّا .. أخذ ينسج عليه من خيوط القمر لحافا لؤلؤيا..
أمسى مشعشعاً كبقعة وميضٍ في سديم المجره ..ومرتعشاً فوق ميّاسةٍ ترعرع قدّها على ضفاف العذوبة.. تراقصهما النسيمات على ألحان الخرير.. ونغمات القفز المقوّس لسميكات الغدير..وعندما بلغ الليل أطراف السحر..وشارف على مضارب الإسفار..ارتخت أوداج الطبيعة وهدأت أصوات الكائنات..وكأن الجميع يسترقون السمع منصتين لصرخات ثائر يتردد صداها في حنايا السفوح..يزمجرها فجرٌ تشبّع من آثام الظلام فأقبل نحو النور تائباً يتوكأ على الجبال البعيدة ..
وبينما كان عاشق الخدودالطريّة يغفو على طلاء النعومة ..احتضنته أشعة الشمس الدافئة فانساب خجلاً نحو الثرى.. ولكن فراشات الروض كانت تترصد هطوله..فقامت ترفرف في الفضاء الأسفل متلقفةً حبيباته الباردة..ومستحمّةً بأريجه الفواّح..
تعليق