جلست على شاطئ البحر أراقب اللون الأزرق القريب للسواد ، وهو يمتد بعيداً إلى ما لانهاية . وخطر لي أن أصرخ بأعلى صوتي ، أضمه إلى ملايين الأصوات والصرخات التي ابتلعها البحر ومازالت تختنق في أحشائه ، وتخيّلت في لحظة كم يحوي بطن هذا البحر من صرخات استغاثة ، أطلقها بحارة غرقت سفنهم ومراكبهم ، وملايين الصرخات التي خرجت ممزوجة بحشرجة الموت من أشخاص كانوا يركبون هذا البحر لغايات شتى ، وفاجأهم غضب البحر بأنوائه المختلفة والمخيفة فغاصت صرخاتهم إلى قعر المحيط . وتخيّلت كم امتزج ماء البحر بدماء الملايين على مر العصور والسنين ، وكم من البحارة والمحاربين الذين تقاتلوا فوق الماء وتحته ، واختلطت أصوات رعبهم وألمهم مع صوت القذائف وقرقعة السيوف والرماح ، وما لبثوا أن ذابوا في الماء .
تنهدت أكثر من مرة وأنا أتأمل هذا الكم الهائل من الماء ، وتساءلت لو أن البحر لفظ على اليابسة ما ابتلعه منذ ملايين السنين ، كم سيكون حجم الكوارث ، وكم سيتغيّر وجه الأرض ؟؟؟
وفجأة رأيت زجاجة تطفو على سطح الماء ، وكأن شيئاً ما ناداني من الأعماق ، وكأن صرخة مجهولة دوت في أذني وقالت : اخرجني ..!!!
لم تكن الزجاجة قريبة من الشاطئ ، فانتظرت قليلاً حتى تقذفها الأمواج نحوي ، لكن الأمواج كانت هادئة لدرجة أنها لم تدفع الزجاجة متراً واحداً ، انتظرت ساعة أخرى دون جدوى، عندها قررت أن أحضرها بنفسي فخلعت ملابسي ووضعتها على الشاطئ ورميت بنفسي في الماء وأخرجتها ، ولسبب ما كنت متلهفاً لفتحها ورؤية ما بداخلها ، كانت ورقة بيضاء ، اصفرّت بفعل أشعة الشمس ، خفق قلبي بشدة وأصابتني قشعريرة في جسمي حسبتها من البرد ، لأني لم أكن قد ارتديت ملابسي بعد . أمسكت الورقة ويديّ ترتجفان وأول ما رأيت الحروف شعرت بدوار في رأسي وخشيت أن يغمى عليّ ، أمعنت النظر ملياً وأنا لا أصدق ما أراه .....كأنني أعرف هذه الحروف منذ زمن بعيد ، وقرأت بصوت عال : صباح الخير يا قارئ كتابي ..... مساء النور يا سامع جوابي
الغالي فايز : قد تمنعنا الحواجز البرية أن نلتقي قريباً ، لكن البحر سيجمعنا بالتأكيد .....وسنلتقي يوما ما ولو كنا على عكازين ، إذا وصلتك رسالتي هذه اعلم أنني ما زلت بانتظارك ................أحبك .......رحمة .
تملّكني شعور لا يمكن أن أصفه بأي حال من الأحوال ، شعور ممزوج بالحزن والفرح معاً أسقط دمعتين ساخنتين على وجهي ، وقلبي كأنه لم يعد مكانه ، ودفء غريب سرى بجسمي جعلني أسترجع شريط حياتي منذ عشرين سنة مضت ،وتذكّرت أنني منذ سنوات كنت أراسل صديقة من المغرب واستمرت علاقتنا البريدية لأكثر من سبع سنوات متواصلة ، تعاهدنا خلالها على الصداقة والمحبة ، وتطور الأمر وطلبت منها الزواج إذا استطاعت إقناع أهلها بالعيش في سوريا ، لكنهم لم يوافقو لأنها لم تنه دراستها بعد وقد يرسلونها لتكمل تعليمها عند بيت خالتها في بلجيكا ، تذكّرت كم كنت أعيد قراءة رسائلها على مر السنوات الماضية وخاصة بعد أن انقطعت أخبارها منذ خمسة عشر عاماً تقريباً ، كانت تجمع بيننا قواسم مشتركة عديدة .... ......إيمانها بالوطن الكبير وأن هذه الحواجز ستزول بأي حال ....تمردها على بعض الأعراف القديمة السائدة ، فلسفتها حول الانسان المغيّب و المتغيّب عن الواقع .... نظرتها للحياة ...ولا أنسى كلمة قالتها : رغم قسوتك إلاّ إنني أحبك أيتها الحياة الكلبة !! يالله..........كم تمنيت لو أنها أمامي الآن ..!!
لم أكن كافراً ..ولم أكن مؤمناً ..كان بيني وبين الإيمان خطوة واحدة ، توقعت أن الأمر صدفة ليس إلاّ أو لعل الحظ لعب دوراً في حدوث ذلك ، حاولت إقناع نفسي بأي شيء يبعدني عن خطوتي الأخيرة لكني عجزت عن ذلك .
تنهدت أكثر من مرة وأنا أتأمل هذا الكم الهائل من الماء ، وتساءلت لو أن البحر لفظ على اليابسة ما ابتلعه منذ ملايين السنين ، كم سيكون حجم الكوارث ، وكم سيتغيّر وجه الأرض ؟؟؟
وفجأة رأيت زجاجة تطفو على سطح الماء ، وكأن شيئاً ما ناداني من الأعماق ، وكأن صرخة مجهولة دوت في أذني وقالت : اخرجني ..!!!
لم تكن الزجاجة قريبة من الشاطئ ، فانتظرت قليلاً حتى تقذفها الأمواج نحوي ، لكن الأمواج كانت هادئة لدرجة أنها لم تدفع الزجاجة متراً واحداً ، انتظرت ساعة أخرى دون جدوى، عندها قررت أن أحضرها بنفسي فخلعت ملابسي ووضعتها على الشاطئ ورميت بنفسي في الماء وأخرجتها ، ولسبب ما كنت متلهفاً لفتحها ورؤية ما بداخلها ، كانت ورقة بيضاء ، اصفرّت بفعل أشعة الشمس ، خفق قلبي بشدة وأصابتني قشعريرة في جسمي حسبتها من البرد ، لأني لم أكن قد ارتديت ملابسي بعد . أمسكت الورقة ويديّ ترتجفان وأول ما رأيت الحروف شعرت بدوار في رأسي وخشيت أن يغمى عليّ ، أمعنت النظر ملياً وأنا لا أصدق ما أراه .....كأنني أعرف هذه الحروف منذ زمن بعيد ، وقرأت بصوت عال : صباح الخير يا قارئ كتابي ..... مساء النور يا سامع جوابي
الغالي فايز : قد تمنعنا الحواجز البرية أن نلتقي قريباً ، لكن البحر سيجمعنا بالتأكيد .....وسنلتقي يوما ما ولو كنا على عكازين ، إذا وصلتك رسالتي هذه اعلم أنني ما زلت بانتظارك ................أحبك .......رحمة .
تملّكني شعور لا يمكن أن أصفه بأي حال من الأحوال ، شعور ممزوج بالحزن والفرح معاً أسقط دمعتين ساخنتين على وجهي ، وقلبي كأنه لم يعد مكانه ، ودفء غريب سرى بجسمي جعلني أسترجع شريط حياتي منذ عشرين سنة مضت ،وتذكّرت أنني منذ سنوات كنت أراسل صديقة من المغرب واستمرت علاقتنا البريدية لأكثر من سبع سنوات متواصلة ، تعاهدنا خلالها على الصداقة والمحبة ، وتطور الأمر وطلبت منها الزواج إذا استطاعت إقناع أهلها بالعيش في سوريا ، لكنهم لم يوافقو لأنها لم تنه دراستها بعد وقد يرسلونها لتكمل تعليمها عند بيت خالتها في بلجيكا ، تذكّرت كم كنت أعيد قراءة رسائلها على مر السنوات الماضية وخاصة بعد أن انقطعت أخبارها منذ خمسة عشر عاماً تقريباً ، كانت تجمع بيننا قواسم مشتركة عديدة .... ......إيمانها بالوطن الكبير وأن هذه الحواجز ستزول بأي حال ....تمردها على بعض الأعراف القديمة السائدة ، فلسفتها حول الانسان المغيّب و المتغيّب عن الواقع .... نظرتها للحياة ...ولا أنسى كلمة قالتها : رغم قسوتك إلاّ إنني أحبك أيتها الحياة الكلبة !! يالله..........كم تمنيت لو أنها أمامي الآن ..!!
لم أكن كافراً ..ولم أكن مؤمناً ..كان بيني وبين الإيمان خطوة واحدة ، توقعت أن الأمر صدفة ليس إلاّ أو لعل الحظ لعب دوراً في حدوث ذلك ، حاولت إقناع نفسي بأي شيء يبعدني عن خطوتي الأخيرة لكني عجزت عن ذلك .
تعليق