مربّع مستدير
يدسّ كلّ يوم بعد انتهاء الدّوام مربّع خزف تحت حزامه بين الملابس صيف شتاء..يعدّل نتوءاته بعناية لم يفقد حماسه حيالها حتّى آخر يوم عمل له بالمصنع.مربّع واحد لا غير..
و اشترط على البنّاء أن يكسو بها جميعا جدران البيت.عددها كان مهولا ،حتّى أنّه تردّد بعد ذلك في كساء الأسقف أيضا.
كان طوال الوقت يقف إلى جانبه كظلّه و هو يعمل.لم يكفّ دقيقة واحدة عن التّقريع و إملاء التّعليمات.لم يركّب مربّعا واحدا دون حضوره:
- أعد هذه..أشبع هذه بالاسمنت..عدّل هذه..ضع هذه مكان الأخرى..الزّهرة من فوق يا غبيّ..هذه مقلوبة يا خائب..قرّب هذه أكثر...
الذين لم يسبق لهم أن دخلوا بيته من المعزّين،أجّلوا دهشتهم إلى ما بعد.
في الجهة الأخرى،و تحديدا في المقبرة،رجل بملابس رثّة يضع مربّعات خزف من جانب الرّأس لقبر جديد..كان يصفّفها بمزاج عكر و كما اتّفق. كلّ ما كان يشغله هو أن ينجح في تجميع النصّ الذي عليها.و كان كلّما وضع مربّعا في مكانه الصّحيح تمتم بنشوة:
- هيّا..!لم سكتّت..هيّا أفق و أرني كيف أضعها..
محمد فطّومي
تعليق