مربّع مستدير /محمد فطومي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    مربّع مستدير /محمد فطومي

    مربّع مستدير


    يدسّ كلّ يوم بعد انتهاء الدّوام مربّع خزف تحت حزامه بين الملابس صيف شتاء..يعدّل نتوءاته بعناية لم يفقد حماسه حيالها حتّى آخر يوم عمل له بالمصنع.مربّع واحد لا غير..
    و اشترط على البنّاء أن يكسو بها جميعا جدران البيت.عددها كان مهولا ،حتّى أنّه تردّد بعد ذلك في كساء الأسقف أيضا.
    كان طوال الوقت يقف إلى جانبه كظلّه و هو يعمل.لم يكفّ دقيقة واحدة عن التّقريع و إملاء التّعليمات.لم يركّب مربّعا واحدا دون حضوره:
    - أعد هذه..أشبع هذه بالاسمنت..عدّل هذه..ضع هذه مكان الأخرى..الزّهرة من فوق يا غبيّ..هذه مقلوبة يا خائب..قرّب هذه أكثر...
    الذين لم يسبق لهم أن دخلوا بيته من المعزّين،أجّلوا دهشتهم إلى ما بعد.
    في الجهة الأخرى،و تحديدا في المقبرة،رجل بملابس رثّة يضع مربّعات خزف من جانب الرّأس لقبر جديد..كان يصفّفها بمزاج عكر و كما اتّفق. كلّ ما كان يشغله هو أن ينجح في تجميع النصّ الذي عليها.و كان كلّما وضع مربّعا في مكانه الصّحيح تمتم بنشوة:
    - هيّا..!لم سكتّت..هيّا أفق و أرني كيف أضعها..



    محمد فطّومي
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    قراءة كلماتك و حديثك ( محمد فطومي ) فى حد ذاته متعة
    فما بالك إن كان الحديث على هذه الصورة ؟
    كانت نفس حالتك فى الكتابة حالتي فى القراءة
    و أنت تضع لبنة فوق أخري
    و تتوقف لتستمتع بما ترى أمامك من ألوان الخزف
    أو السيراميك المجتزأ من صحن بدا لى حكوميا
    بلا صاحب لمن كان على شاكلة هذا .. ليؤسس به
    و بكامل روعته و متعته ما أراد ، و يقيم خزفا من اللا فهم
    بمن اقتربوا منه ، حتى أنهم انتظروا منه بعد الموت أن يدلهم
    و لم تسعفهم ذواكرهم الخزفية بأى منطق يفعلون .. فهنيئا لما خلفت
    من تركة و إرث يضني و يحير !!

    شكرا ( محمد فطومي ) على ما تقدمه ، على حماسك الجميل ، على جمال ما تؤسس

    تقبل خالص احترامي !

    قل لى محمد : أليست تلك قصة قصيرة و ليست جدا ؟!
    sigpic

    تعليق

    • ريما ريماوي
      عضو الملتقى
      • 07-05-2011
      • 8501

      #3
      وهو يدس مربع الخزف في ثيابه كان يهمه أن يكون ضمن استدارة جسده فلا يظهر,
      ولما بدأ يلصق الخزفيات على جدران بيته بالاستعانة بالبنّاء,
      كان نيقا جدا ويهمه الترتيب الهندسي جدا,
      لكنه نسي أن الرسمات التي في الخزفيات كانت المرشدة لترتيب نفسها بنفسها,
      حتى هذا البناء الغبي -على حد قوله- نجح في تركيب النص بمكانه
      على قبر هذا الرجل دون ان يكون موجودا لإرشاده,
      وأنا بصراحة لا يوجد عندي فضول لرؤية
      بيت الرجل بعد تركيب الخزفيات بل
      قبره, أعتقد انه سيكون أجمل بكثير
      لأنه ركب على راحته وطبيعته
      على الرغم من العيوب
      الهندسية, التي قد تكون موجودة فيه.
      هكذا أنا فهمت نصك أستاذي الكبير,
      أيها المتميز في النصوص والردود والتفكير,
      أعترف أنه من الصعب عليي جدا مجاراتك.
      بانتظار ردود الباقين!
      تقبل ودي وتقديري,
      وأحلى تحياتي.
      التعديل الأخير تم بواسطة ريما ريماوي; الساعة 13-07-2011, 08:28.


      أنين ناي
      يبث الحنين لأصله
      غصن مورّق صغير.

      تعليق

      • جمال عمران
        رئيس ملتقى العامي
        • 30-06-2010
        • 5363

        #4
        الاستاذ محمد فطومى
        ،رجل بملابس رثّة يضع مربّعات خزف من جانب الرّأس لقبر جديد..كان يصفّفها بمزاج عكر و كما اتّفق. كلّ ما كان يشغله هو أن ينجح في تجميع النصّ الذي عليها.و كان كلّما وضع مربّعا في مكانه الصّحيح تمتم بنشوة:
        - هيّا..!لم سكتّت..هيّا أفق و أرني كيف أضعها.
        *********************
        مفارقة غريبة تلك التى ألمحت إليها فى رد فعل ( البَنَاء )..وهى عبرت بصدق عن النفس الإنسانية..بكل عمقها ..وردود أفعالها..
        ء أعجبتنى قصتك ؟..
        صدقنى و لقد آلمتنى أيضاً ..بنفس قدر إعجابى بها..فقد تخيلت التجربة..الفكرة..وأخذنى فيض التساؤلات..أتعرف ؟..لقد أعدت التفكير فيما بعد موتى ألا يدفن جثمانى فى تلك المقبرة (المشَيَدَة )التى تملكها الأسرة..ولسوف أوصى لجثمانى بلحد ..يعلوه حجر كبير كـ ( شاهد ) فقط ليستدل به على المكان إذا ما غيرت ملامحه العاصفة..
        شكرا لك أخى ..
        التعديل الأخير تم بواسطة جمال عمران; الساعة 13-07-2011, 11:20.
        *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

        تعليق

        • شريف عابدين
          أديب وكاتب
          • 08-02-2011
          • 1019

          #5
          هذا العامل البسيط (البناء) لم ينس إسلوب تعامله معه أثناء كساء جدران البيت والذي اعتبره نوع من المضايقة والتدخل في صميم عمله. انتهز ظروف وفاته ليسخر منه ويتهكم على تعليماته التي كانت تزعجه وقتها بإسلوب يتناسب مع شخصيته المتواضعة.
          هؤلاء البسطاء ذو الحالة النفسية الخاصة تتسم ردود أفعالهم بالغرابة والطرافة.
          أحييك أستاذي الكبير محمد فطومي على رسم هذه اللوحة الإنسانية لهذه الفئة من الناس على هامش المجتمع.
          تقديري واحترامي.
          مجموعتي القصصية الأولى "تلك الحياة"

          تعليق

          • توفيق بن حنيش
            أديب وكاتب
            • 14-06-2011
            • 490

            #6
            واستدار المربّع ..التوى بفعل الزّمان ...والزمان ذو غير

            تعليق

            • عبدالرحيم التدلاوي
              أديب وكاتب
              • 18-09-2010
              • 8473

              #7
              اسجل اعجابي بالنص، صنعة و بناء
              كما العنوان الذي جاء مثيرا.
              مودتي

              تعليق

              • محمد فطومي
                رئيس ملتقى فرعي
                • 05-06-2010
                • 2433

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                قراءة كلماتك و حديثك ( محمد فطومي ) فى حد ذاته متعة
                فما بالك إن كان الحديث على هذه الصورة ؟
                كانت نفس حالتك فى الكتابة حالتي فى القراءة
                و أنت تضع لبنة فوق أخري
                و تتوقف لتستمتع بما ترى أمامك من ألوان الخزف
                أو السيراميك المجتزأ من صحن بدا لى حكوميا
                بلا صاحب لمن كان على شاكلة هذا .. ليؤسس به
                و بكامل روعته و متعته ما أراد ، و يقيم خزفا من اللا فهم
                بمن اقتربوا منه ، حتى أنهم انتظروا منه بعد الموت أن يدلهم
                و لم تسعفهم ذواكرهم الخزفية بأى منطق يفعلون .. فهنيئا لما خلفت
                من تركة و إرث يضني و يحير !!

                شكرا ( محمد فطومي ) على ما تقدمه ، على حماسك الجميل ، على جمال ما تؤسس

                تقبل خالص احترامي !

                قل لى محمد : أليست تلك قصة قصيرة و ليست جدا ؟!
                جاءت ساعة القصاص بشماتة .المشهد ينقصه أن يلقي ذاك من تحت منفاه نظرة على حقير الأمس و ما صار منه و له من حرّيّة و امتلاك لساعديه و للسانه.
                ما أجمل كلامك أستاذي و الغالي على قلوبنا ربيع.
                بالفعل معك حقّ،لعلّها أقرب إلى القصيرة.
                مدوّنة

                فلكُ القصّة القصيرة

                تعليق

                • إيمان الدرع
                  نائب ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3576

                  #9
                  لو عرف الإنسان ..كينونته ..
                  قبل الموت ..وبعده ..
                  وما سيؤول إليه حاله ..!!!
                  لهندس أيّامه..
                  بأحلى لوحات الخزف بكلّ جمالياتها ..
                  لتنعم روحه ، في العالمَين ..
                  شكراً لقلمك الجميل، الذي يغرف من الواقع مداده
                  زميلي ، وأخي الغالي محمد..
                  أهديك أحلى أمنياتي ...وتحيّاتي ..

                  تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                  تعليق

                  • إيمان عامر
                    أديب وكاتب
                    • 03-05-2008
                    • 1087

                    #10
                    أستاذي القدير

                    محمد فطومى
                    أخذتني بين فلسفة الحياة والموت ....

                    وبين هذا وذاك لحظة بل أقل من الحظة بكثير

                    نص عميق وقلم نحترمة كثيرا

                    دمت بخير ودام قلمك مشرقا

                    لك أرق تحياتي

                    "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                    تعليق

                    • محمد فطومي
                      رئيس ملتقى فرعي
                      • 05-06-2010
                      • 2433

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                      وهو يدس مربع الخزف في ثيابه كان يهمه أن يكون ضمن استدارة جسده فلا يظهر,
                      ولما بدأ يلصق الخزفيات على جدران بيته بالاستعانة بالبنّاء,
                      كان نيقا جدا ويهمه الترتيب الهندسي جدا,
                      لكنه نسي أن الرسمات التي في الخزفيات كانت المرشدة لترتيب نفسها بنفسها,
                      حتى هذا البناء الغبي -على حد قوله- نجح في تركيب النص بمكانه
                      على قبر هذا الرجل دون ان يكون موجودا لإرشاده,
                      وأنا بصراحة لا يوجد عندي فضول لرؤية
                      بيت الرجل بعد تركيب الخزفيات بل
                      قبره, أعتقد انه سيكون أجمل بكثير
                      لأنه ركب على راحته وطبيعته
                      على الرغم من العيوب
                      الهندسية, التي قد تكون موجودة فيه.
                      هكذا أنا فهمت نصك أستاذي الكبير,
                      أيها المتميز في النصوص والردود والتفكير,
                      أعترف أنه من الصعب عليي جدا مجاراتك.
                      بانتظار ردود الباقين!
                      تقبل ودي وتقديري,
                      وأحلى تحياتي.
                      العفو أختي ريما.
                      صدّقيني لا أملك ذرّة واحدة من نيّة الإفحام أو التّعقيد،و ها هو النصّ مضاء بقابليّة الأحداث لأن تكون واقعيّة.
                      السّؤال:
                      حرص كالذي أبداه مالك البيت مملوك القبر،أليس غريبا أن لا يرتطم بأيّة عقبة صلبة مضمونها:
                      و ماذا بعد؟..لم كلّ هذا؟

                      نوّرت كعادتك ريما.
                      مدوّنة

                      فلكُ القصّة القصيرة

                      تعليق

                      • دينا نبيل
                        أديبة وناقدة
                        • 03-07-2011
                        • 732

                        #12
                        أستاذي الفاضل

                        قصة رائعة ...قد اتحرج قليلا وأنا أكتب عليها تعليقا ... فأقف متقازمة نفسي أمام هذا النص القصير الحجم الكبير محتوى وموضوعا ....

                        رغم قصرها إلا أنها أحدثت لي كقارئة إشباعا ... فأنا أتخيل الزمان والمكان والأشخاص ... ودخلت إلى دواخلهم النفسية ... وكان للموضوع بداية ونهاية متساويتان

                        والرائع اكثر ، ذلك التوازن الحاصل بين فكرتي الحياة والموت ...
                        فنفس الفعل " وضع المربع " يفعل في الحالتين لكن لكل منهما شكل ... وأعتقد سيدي أن هذا التوازن يهيئ لغيره من الأفكار المتوازية ...
                        فالحياة عند هذا الرجل مرتبطة بالأوامر التي تصب عل رأسه ... أو الخضوع للآمر ... أما الموت فارتبط بالحرية ....الحياة ارتبطت عنده أيضا بأغلال وضعت على عقله وإبداعه .. أما الموت فارتبط بحرية إبداعه وفعله ... الحياة ارتبطت عنده بالمهانة والاذلال .. أما الموت فارتبط بالكرامة .. الحياة ارتبطت عنده بالصمت والاستماع فقط للأوامر .. أما الموت فارتبط عنده بالكلام بل وبالسخرية

                        رائع نصك سيدي

                        ومن حضرتك أتعلم ... لك كل الشكر والتقدير

                        تعليق

                        • أمين خيرالدين
                          عضـو ملتقى الأدباء والمبدعين العرب
                          • 04-04-2008
                          • 554

                          #13
                          غريب هذا الإنسان ... لا ليس غريبا!!!
                          " يركض ركض الوحوش وغير قبر لم يحش"
                          ماذا انتفع من الدسّ تحت الحزام
                          ماذا يأخذ معه اللص "أيّ لصٍّ
                          لم يكفّ عن التقريع
                          فقال له العامل بين القبور
                          " لم سكتَّ، هيا أفق، أرني كيف أضعها"
                          هذا السؤال لب القصة لأن فيه عبرة لمن يعتبر
                          قصة جميلة بعبرتها وبتسلسلها وحبكتها
                          تحياتي وودي
                          التعديل الأخير تم بواسطة أمين خيرالدين; الساعة 20-07-2011, 05:55.
                          [frame="11 98"]
                          لأني أحبُّ شعبي أحببت شعوب الأرض

                          لكني لم أستطع أن أحب ظالما
                          [/frame]

                          تعليق

                          • وفاء الدوسري
                            عضو الملتقى
                            • 04-09-2008
                            • 6136

                            #14
                            بين مربع ومستدير .. انتهى إلى
                            المستطيل
                            الذي يطيل النظر إلى بحر موحش
                            ليس له ساحل
                            شكرا المبدع محمد على النص الرائع
                            وكل التقدير للقلم الجميل

                            تعليق

                            • محمد فطومي
                              رئيس ملتقى فرعي
                              • 05-06-2010
                              • 2433

                              #15
                              أطال الله في عمرك أخي الرّقيق جمال عمران.
                              تتعامل بصدق مع ما تقرأ لذلك أراك تتنفّس مع صاحبها و تؤوّل بنبل و عفويّة.
                              صحيح أنّ العنوان "مربّع مستدير" كما لو أنّ الظّاهرة استثناء،لكنّي على يقين بأنّ المربّع مستدير و كلّ شيء مستدير كأحوالنا تماما.حتّى المواقف مستديرة و ملساء مقرفة.
                              لديّ اعتقاد بأنّ الأنشوطة الخانقة في طفولتها كانت أحلى من رغبة قريبة.و أنّ الأشياء الرّائعة أنشوطة مستديرة ضيقة و مؤجّلة.

                              لك منّي كلّ تحيّات التقدير و الجمال صديقي الغالي ،و كلّ عام و أنت بألف خير و رمضان كريم.
                              مدوّنة

                              فلكُ القصّة القصيرة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X