مسرحيّة من مشهدين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • توفيق بن حنيش
    أديب وكاتب
    • 14-06-2011
    • 490

    مسرحيّة من مشهدين

    مسرحيّة من مشهدين

    (في غرفة النّوم.شهرزاد بثياب السّهرة ,شهريار يقف قرب النافذة )
    وما إن صاح الدّيك في الصّباح حتّى سكتت شهرزاد عن الكلام المباح …كانت تنتظر أن يبدأ غطيط شهريار العجوز المسكين غير أنّ الملك أشعل سيجارته الأخيرة ورمى بالعلبة من النافذة المفتوحة وتوجّه إلى شهرزاد بالقول وعيناه نصف مفتّحتين :
    - قصّتك لا تنتهي يا امرأة… حكايتك طالت إلى حدّ لا يطاق ها قد مرّت السّنوات الثلاث وأنت تنسجين الحكاية تصلينها بالحكاية والكذبة تربطينها بالكذبة …ثلاث سنوات وأنا أسهر إلى الصّباح وأنام النّهار كلّه …ثلاث سنوات لم أعقد خلالها مجلسا ولم أقعد فيها يوما للقضاء ولعلّني لا أدري على وجه اليقين هل مازال عرشي كما تركته أم تراه حلّ فيه سندباد من الذين يسافرون في خيالك ؟”
    استدار في حركة سريعة وألقى بالسّيجارة في المنفضة ومشط بأصابعه لحيته التي لم يحلقها منذ ألف يوم وقال وقد بدت في صوته بحّة متعبة :
    - لا أدري ما فعلوا بالعراق …سمعت بعضا من حاشيتي تذكر ما أتاه التّتار …كنت في كلّ يوم أمنّي نفسي بأن أقطع مع حكاياتك وأثوب إلى واجباتي ولكنّي ما إن أغادر سريري حتّى أحسّ برغبة ملحّة تدعوني لالتهام القصص …كم تمنيت أن أنهض من نومي ذات صباح فأفجع فيك وأبكيك ثمّ أتحرّر من ربقة عبودية لا ترحم …”
    (تنهض شهرزاد وتتجه إليه وهي تلملم ثوبها على صدرها )قالت:
    -:مولاي قد أتعبك السّهر وبرّح بك السّهاد …هلاّ ذهبت إلى سريرك يا مولاي .
    (تشعر بغضب زوجها وتذهب لتتهالك على المقعد)
    ينظر إليها شهريار في احتقار واستخفاف وقال لها:
    - “حان الوقت لكي أقصّ عليك ما لم تخبر به الجنّ ولا الكتب القديمة …سأحدّثك يومي هذا من صباحه إلى المساء …سأختصر حكاية ألف يوم في يوم …أنا متعب ومشتاق إلى عرشي والشّمس والناس وتعقّب الشّهور والفصول …سأحدّثك عن الحضارة وتبدّل الأحوال وسأقصّ عليك حكايتي جدّي الملك وحكاية أبيه وجدّه وجدّ جدّه …سأحدّثك عنهم لعلّي أجد في الحكاية عنهم سلوى أو بعض قوّة تعيد إليّ ما ضاع منذ ألف ليلة “
    قامت شهرزاد تتمشّى في الغرفة وقالت في غنج:
    - مولاى لم يضع من ملكك شيء بل …
    ضرب شهريار كفّا بكفّ ,…ورفع يده أمام وجهه وهويقول مقهقها ساخرا:
    -”يصحّ هذا لو كان ملك التّتار غبيّا مثلي ومولعا بالحكايات …”
    ثمّ يتوجّه بالسّؤال إلى شهرزاد وهو يتسمّع ما يدور في الخارج من جلبة
    :”أتسمعين ما أسمع ؟الأمر غير عاديّ …شيء غريب يحدث في القصر …ماهذا ؟أتسمعين وقع أحذية العسكر؟”
    (ترفع شهرزاد يدها مستفسرة محرّكة حاجبيها )(يقترب الإثنان من النافذة محاولين التّطلّع إلى ما يدور في الخارج )(تبدو على شهريار الحيرة والارتباك )
    ويدخل وزيره وقد شاب وتساقطت أسنانه ..وجهه يكشف عن شعور بين الأسف والشّماتة وهو يقول له بعد أن أطال الوقوف :
    -مولاي انتهى كلّ شيء …تفضّل بمرافقتي …لقد ….”
    ينتبه شهريار إلى تجاوز الوزير للبروتوكول فرفع يده ليسكته ثمّ يقول :
    - استولى التّتار على القصر …طيّب سأذهب
    (ثمّ يلتفت إلى شهرزاد ليقول لها في ضراعة وضعف)
    - ما الذي حدث بعد ذلك ؟هل سينجو السّندباد هذه المرّة ؟”
    ويسدل السّتار
    المشهد الثاني
    (القائد التّتري في قاعة التّشريفات وقد جلس على عرش الملك وهو يضع رجلا على رجل في شيء من العجرفة وقد جلست بالقرب منه شهرزاد وقد ندّت عنها ابتسامة عريضة …ثلّة من العسكر في حالة استعداد …والفضاء أصبح مزيجا من الرّوح الشهّرياريّة والعنجهيّة التّتاريّة )
    قال القائد التّتري بلهحة السّاخر :
    _تبغكم ممتع يا سيّدتي …الآن أنا أقدّر شدّة إقبال شهريار المسكين عليه
    ثمّ يضيف ضاحكا :
    -هذا التّبغ لوحده فما بالك إذا جمع بامرأة مثلك
    (تُسرّ شهرزاد بالمديح فتقهقه فخورة )…ثمّ قالت :
    -مولاي لم يكن للتّبغ جدوى لو لا حكاياتي البديعة …لقد قلبا حكاياتي الزّمن في ذهن مولاى شهريار المسكين …جعلت نهاره سباتا وليله معاشا …لم يكن يطيق على الأحداث الميّتة صبرا …
    (يقاطعها القائد مشيرا إلى جنديّ واقف آمرا إيّاه بجلب شهريا …يسرع الجنديّ ويذهب في الحين ثمّ ما يلبث أن يعود بشهريار المكبّل بالحديد قد تلوّث قميصه ببقع من الدّم …يتقدّم به حتّى يقف به بين يدي سيّده وكان وقوفه به على مقربة من شهرزاد…ظلّ الجميع في صمت مطبق بينما كان قائد الجيش التّتري يجول ببصره بين شهرزاد وشهريار )قال للملكة :
    -أكملي له الحكاية ياسيّدتي …لا نريده أن يموت جائعا ضمآن …
    (يتضاحكان بينما يصرّ شهريار على الإعراض عن النّظر إلى شهرزاد )قالت شهرزاد ساخرة وقد قامت لتقف بجانب شهريار وهي تفرك أصابعها .
    -بلغني أيّها الملك السّعيد ..(تضحك ) أخبرني يا مولاي من نثق في أخبار(هههه )…أتريد أن أواصل يا قاتل النّساء …قبلت الزّواج منك لأوقف مجزرة النّساء (تغضب …تزمجر)ساقتك الحكايات إلى حتفك
    (في غمرة نشوة شهرزاد ينهض قائد التّتار من مجلسه …يقترب من شهريار …ينحنى أمامه …ويأخذ في نزع أغلاله وسط ذهول شهرزاد التي لم تتمالك نفسها فأسرعت لتلقي بنفسها على الأريكة القريبة منها )قال القائد لشهريار :
    -سيجارتك مولاي …اليوم لها طعم آخر …
    يضحك شهريار ملء فيه حتّى تسمع قهقهته المرعبة في الخارج ثمّ أشعل سيجارته وهو يقول لشهرزاد :
    -أكملي حكايتك ,,,قولي كيف أصبح السّندباد ؟؟
    ستارة
    موجود:http://www.madarate-alifba.com/showthread.php?637-%E
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    ربما الرؤية جاءت مخالفة تماما
    ليس فقط للحكايات
    بل لمجمل الدراسات التي طرحت منذ ظهور الحكايات و حتى وقتنا هذا
    و المفاجأة التى وضعت كخاتمة تعطي دلالة خطيرة ، و ربما مشتتة إلى حد بعيد
    لدور تلك المرأة
    وما جرته على الأمة من ويلات
    و أيضا هذا المجتمع الذكوري العجيب
    و الذى أبدا لن يكون كذلك فى فنطزية فقط

    لا أدري .. ربما أحنقت عليك هؤلاء الذين يعتزون كثيرا
    بل يؤمنون بالتراث مهما كان كتابو
    و ها أنت تحطم التابو و لكن ليس فى شأن جدلي كما عودنا المسرح !!

    أهلا بك صديق و بأفكارك المدهشة
    و إن كان الطول هنا مطلوب لتمام المعالجة
    و العرض على الخشبة
    فالمسرج وجد للعرض و ليس للقراءة و فقط !

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • توفيق بن حنيش
      أديب وكاتب
      • 14-06-2011
      • 490

      #3
      لقد سرني ما قلت ,أخي ربيع ,فشكرا جزيلا على تشريفك هذا النص الفقير الى قراءتك والمحتاج إلى تقويمك ...دمت لنا صديقا

      تعليق

      يعمل...
      X