حكاية تروى بليل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    حكاية تروى بليل

    حكاية تروى بليل

    عندما جاءني مسرعاً ، يرتجف من البرد ، جلس بجواري ، يحاول أن يلتصق بي ، لكأنه يريد أن يحتضنني ، أن يقفز فجأة ، ليصير داخلي فأحتويه ، علني أزيل عنه بعض ما يشعر به ، أو أخفف بعضاً من مصابه .
    كان يطعمني ، يراقب اشتعالي فينقلب على انكماشه ، كأنه يزداد قوة كلما ازددت أنا ، لما هدأ ، جاء بمظروف صغير ، فضه عنوة ، حتى كاد يمزق ما داخله أيضاً ، أخرج ورقة صغيرة وصار يقرأ ، وملامح وجهه تعبس مرة أخرى ،والرجفة تعود لأوصاله ، فيعود إلي ليطعمني أكثر ، يرجو قوة من قوتي ، أو بعضاً من دفئي ، يعتصر الورقة الصغيرة بيده ، ويدندن بلحن شعبي :
    - ضرب الخناجر ولا ... حكم النذل فيا
    ينظر للسقف المحطم ، الذي تبدو النجوم منه ، بارزة قريبة يحسبها ستهوي فجأة لتسحقه ومنزله تحت ثقلها ، كنت أسميها باسمك ، تلك النجوم ، كلها كانت عندي مريم ، كلها لحنتها قصائد غزل وألقيت بها تحت أقدامك يوما ، علك ترضين ، علك تصفحين عن فقري وقلة حيلتي ، آه يا أنتِ كم عذبتني بفراقك .
    ذهب عني ، وهو يحدث نفسه، ابتعد قليلاً ، حيث جهاز التليفون العتيق ، ضرب رقمها وانتظر ، وعندما سمع الاسم صرخ ، نادى باسمها بأعلى صوت يملكه ، كأنها تضيع منه ، تحسبها تسقط في بئر عميقة ، فيمد حبال صوته تستغيث بها ، لتتعلق بصدى صوته فتعود ..
    ثم أنه استشاط غضباً ، ضرب الهاتف بقدمه فأسقطه من فوق "الترابيزة" الصغيرة التي يستقر عليها .
    بالخارج كان صوت يقترب ، السيارة القديمة التي تحسبها قادمة من فيلم تاريخي ، تتوقف أمام المنزل ، يدخل صاحبها على عجل ، فيشاهد صاحبنا وقد احتضنته الأرض مع هاتفه ، تشاركا السقوط حين هوى مع هاتفه إذ تعثر بسلكه القصير ، يجد المنظر المضحك ، فلا يهتم بدموع أخيه التي نزفت ، بطيئة غير مرئية إلا للمدقق ، فيقول :
    - أظنك ما تفعل في حياتك إلا أن تماطل ، تعلم يا أخي أني بحاجة للمنزل ، ولم تخله سيادتك حتى الآن.
    أراه ينظر لأخيه بعينٍ لم تعد تحتمل أكثر ، ينفجر بصوتٍ أراده صراخاً ، فخرج متحشرجاً ضعيفاً :
    - إن هذا المنزل لي ، عقد المنزل يقول هذا ، ألم يرضك والدي بما تريد وأكثر ، ألم يترك لك "الديوان" ودكان العطارة فقلبت الدكان محلاً لملابس النساء ، وديوان العائلة لمنزل صيفي ، ماذا تريد أكثر يا حسن ؟
    كان يتحدث مرتجفاً، وهو يخرج من طيات ملابسه عقداً قديماً مهترئاً ، تناوله حسن بيده بسرعة خاطفة ، ورماه لي ، وانصرف .
    وددت لو كففت ألسنتي ، وددت لو منعت نفسي ، لو كبلتها ، فلا أطال هذه الورقة ، فلم أستطع ، غير أني هدأت قليلاً ، حين مرت بعباءتها السوداء أمامي ، وجدت الباب موارباً فدخلت ، وجَدَتْه يستند إلى الجدار ، كأنه يخاف أن يسقط ، هو أو الجدار لم تعرف الفرق ، كأنهما يستندان لبعضهما ، فلا يود أحدهما الفراق .
    شالها يغطي نصف شعرها ، تبدو الشمس كأنها جمعت كل جمالها في خصلات ذهبية وأهدتها إلى مريم ..
    كأن الحياة اختصرت جمالها سراً أودعته في عينيها ، وسحراً وزعته في ثناياها ، فكل نظرة منها حكاية ، وكل همسة قصيدة ، احتضنته ، مررت يدها على شعره في حنو :
    - ما بالك يا صغيري ، ألم نتفق على فراق هادئ ؟ ما بالك كأنك طفلي ولا عيش لك دوني

    دفن رأسه قليلاً في صدرها ، صوته متهدج كأنه ينوح ، ثم أن نواحه تحول إلى ثورة إذ هتف فجأة :
    - لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ..
    تنظر له في دهشة ، مستغربة سلوكه المفاجئ ، فيدفعها ، وهي تقاوم ، يلطمها على وجهها ، فلا تصدق ما تراه ، يتغلب حيناً عليها ، وتقترب هي من الهروب حيناً آخر ، يحاول أن يعتصرها بيديه ، فتقاوم وتستكين ، تضربه وتحضنه ، تدفعه وتجذبه ..
    تسرقهما الغرفة الوحيدة ، تخبئهما عني ، فأزداد اشتعالاً كأني أريد أن أبلغ مدىً ليس لي ، لأرى ما لم يعد بإمكاني أن أراه ، أسمع الصوت فلا أميز الآه عن الأخرى ، ولا أعرف متى يكفان ..
    جاءني هو أولاً ، يلهث كأن الدنيا كلها كانت تطارده ، يرمي برسالتها إلي ، يريد أن أبتلع كلمات الفراق وحدي ، وأن أظل بعدهما وحدي ، يربط أزرار قميصه ، يخرج من الباب تاركاً مريم ، تخرج وقد سقط شالها عن شعرها فبدا كأنه خاض معركة ، جسدها يرتجف ، نشوة أم انفعالاً لم أعد أعرف الفرق ، جلست قربي ، التصقت بي ، نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها ، ألمها وذنبها ، مطرقة رأسها نحوي ، وقد أدارت ظهرها له ، لعالمه ، لصمته وثورته ..
    جاءتني ..
    تقتلني بدموعها
    حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها .
    ****


    15 يوليو - الثانية صباحاً
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد عيسى; الساعة 12-08-2011, 20:32.
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    وعند مريم الكثير من الأسرار والحكايا ..
    وهذه الجدران العتيقة ...ضمّتْ كلّ الأصوات التي حملت ملامح أصحابها ..
    بكلّ شجونهم ، وإسقاطاتهم ، وصراعاتهم ..
    صورة مدهشة ، رسمتها بإتقانٍ شديدٍ
    زميلي الرائع : أحمد عيسى ..
    لقد افتقدناك زمناً
    واليوم تعود بهذا النصّ القويّ الرائع ليشهد على إبداعك ..خاصة في قفلة النصّ ..
    أهديك أحلى أمنياتي ...وتحيّاتي..

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      أهلا بك صديقي أحمد،اشتقت نصوصك التي لا تقرأ بأيّ حال من الأحوال سيرا فوق البيض.
      التّعبير عن الأوجاع التي قد يتسبّب فيها الحبّ أو نكران الشّرخ بين الإخوة،وصل بعنف جميل ،طارق يتفجّر طاقة و حيويّة.
      لم أجد سردا هنا،بقدر ما وجدت سيلا هادرا من كلّ زوج متناقضات.
      حتّى الهدوء صارخ و الرضى ناقم و القناعة فورة.دائما أعتبر القناعة في الحبّ حماقة كبيرة.
      و أشفق على الرّاوي،هذا الكائن المسالم،السّاكت العارف العاشق الحزين و يوقر في ذهني عشرات الخواطر و التّجارب التي عشتها و عايشتها ؛و أسمّيه المالك لما بين أيديهم و الأكثر جدارة و إحساسا و كيّا و حوزا لضياعه و هو الصّامت الذي لا يجيد عملا أكثر من مواساة غيره عن فقدهم لما يحقّ له و لا يحقّ لهم و تصبيرهم على مل أصابهم من لفح ساخن جرّاء احتراقه.

      غرّر بي نصّك أحمد فتناثرت دون أن أشعر،و لا يهمّ إن كنت فشلت في الوقوف أمامك،المهمّ أن نكون قد نظرنا إلى نفس الاتّجاه.

      مودّتي الخالصة أيّها الصّديق الجميل.
      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • أحمد عيسى
        أديب وكاتب
        • 30-05-2008
        • 1359

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
        وعند مريم الكثير من الأسرار والحكايا ..
        وهذه الجدران العتيقة ...ضمّتْ كلّ الأصوات التي حملت ملامح أصحابها ..
        بكلّ شجونهم ، وإسقاطاتهم ، وصراعاتهم ..
        صورة مدهشة ، رسمتها بإتقانٍ شديدٍ
        زميلي الرائع : أحمد عيسى ..
        لقد افتقدناك زمناً
        واليوم تعود بهذا النصّ القويّ الرائع ليشهد على إبداعك ..خاصة في قفلة النصّ ..
        أهديك أحلى أمنياتي ...وتحيّاتي..
        الزميلة الرائعة : ايمان الدرع

        أسعدني مرورك وتواجدك في متصفحي المتواضع
        كنتِ مع الجدران وصاحبنا الذي كاد أن يفقد كل شيء مرة واحدة
        كنتِ بقلبك في جوهر النص

        دمتِ دوماً بكل الود والألق
        أرق التحايا
        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

        تعليق

        • أحمد عيسى
          أديب وكاتب
          • 30-05-2008
          • 1359

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
          أهلا بك صديقي أحمد،اشتقت نصوصك التي لا تقرأ بأيّ حال من الأحوال سيرا فوق البيض.
          التّعبير عن الأوجاع التي قد يتسبّب فيها الحبّ أو نكران الشّرخ بين الإخوة،وصل بعنف جميل ،طارق يتفجّر طاقة و حيويّة.
          لم أجد سردا هنا،بقدر ما وجدت سيلا هادرا من كلّ زوج متناقضات.
          حتّى الهدوء صارخ و الرضى ناقم و القناعة فورة.دائما أعتبر القناعة في الحبّ حماقة كبيرة.
          و أشفق على الرّاوي،هذا الكائن المسالم،السّاكت العارف العاشق الحزين و يوقر في ذهني عشرات الخواطر و التّجارب التي عشتها و عايشتها ؛و أسمّيه المالك لما بين أيديهم و الأكثر جدارة و إحساسا و كيّا و حوزا لضياعه و هو الصّامت الذي لا يجيد عملا أكثر من مواساة غيره عن فقدهم لما يحقّ له و لا يحقّ لهم و تصبيرهم على مل أصابهم من لفح ساخن جرّاء احتراقه.

          غرّر بي نصّك أحمد فتناثرت دون أن أشعر،و لا يهمّ إن كنت فشلت في الوقوف أمامك،المهمّ أن نكون قد نظرنا إلى نفس الاتّجاه.

          مودّتي الخالصة أيّها الصّديق الجميل.
          الجميل المورق ، والمبدع دائماً / محمد فطومي
          لا أخفي سعادتي من كل مرور لك على نص من نصوصي ، مرور يزين النص برد بالغ الرقة ، وتحليل بالغ العمق ، وتوغل داخل النص يظهر ما بطن ، ويحدد معالم لم تكن ظاهرة الا للمتلقي الفطن ..
          تعجبني دائماً طريقتك في تحليل النصوص ، فهنيئاً لنصي بك

          شكراً لك أيها الرائع
          ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
          [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            جاءتني ..
            تقتلني بدموعها
            حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها .
            أكان هذا التذييل هو نصيب الشاهد و السارد
            أم نص رسالة سابقة نسيها على طاولة الحديث ؟
            إن كان الأمر تلك الواقعة التى تحكي بليل ، فإني أتساءل هن حسن
            و عن ما خلفه والدهما .. أيستقيم الحال أم نعتبره حشوا ليس إلا ؟
            إن كان هذا المسالم المتخاذل البكاء أمام ظروفه و غيابها
            فلم كان استئساده عليها ، و انتهاك ما ليس له ؟
            و ما دور السارد فى الحكاية الليلية
            أشاهد ليس إلا ، أم فاعل كما أخذني التذييل ؟
            لأرى مريم محض روايات و حكايا ، تكتشف بحضرة السارد
            و هو يترك البيت لصاحبه مخلفا إياها .. تشابكات و تشابهات
            فى حكايا الليل .. و أى عالم هذا .. أهو عالم من خيانات
            ترتمي على بساط واحد ، و بشهود عدة و ليس واحدا أيضا

            أعجبتني اللغة كثيرا و إلى حد بعيد
            و أعجبني رسمك لحالة الضعف و الخور
            و بعد انقلاب الحال إلى القوة و الانتهاك !

            دمت جميلا صديقي

            محبتي
            وكل سنة و أنت بخير و سعادة


            sigpic

            تعليق

            • أحمد عيسى
              أديب وكاتب
              • 30-05-2008
              • 1359

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              جاءتني ..
              تقتلني بدموعها
              حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها .
              أكان هذا التذييل هو نصيب الشاهد و السارد
              أم نص رسالة سابقة نسيها على طاولة الحديث ؟
              إن كان الأمر تلك الواقعة التى تحكي بليل ، فإني أتساءل هن حسن
              و عن ما خلفه والدهما .. أيستقيم الحال أم نعتبره حشوا ليس إلا ؟
              إن كان هذا المسالم المتخاذل البكاء أمام ظروفه و غيابها
              فلم كان استئساده عليها ، و انتهاك ما ليس له ؟
              و ما دور السارد فى الحكاية الليلية
              أشاهد ليس إلا ، أم فاعل كما أخذني التذييل ؟
              لأرى مريم محض روايات و حكايا ، تكتشف بحضرة السارد
              و هو يترك البيت لصاحبه مخلفا إياها .. تشابكات و تشابهات
              فى حكايا الليل .. و أى عالم هذا .. أهو عالم من خيانات
              ترتمي على بساط واحد ، و بشهود عدة و ليس واحدا أيضا

              أعجبتني اللغة كثيرا و إلى حد بعيد
              و أعجبني رسمك لحالة الضعف و الخور
              و بعد انقلاب الحال إلى القوة و الانتهاك !

              دمت جميلا صديقي

              محبتي
              وكل سنة و أنت بخير و سعادة


              هي حكايات الجسد ، والرغبة ، والشهوات التي تسيطر علينا فتأخذ منا كل تفكيرنا
              السارد هنا كان متفاعلاً مع الأحداث دون أي قدرة على تغييرها ، أو حتى التأثير فيها
              هو دور لا يستطيع ألا يؤدي غيره ، مع امكانية تخيلنا لتفاعله وتأثره
              الربيع الرائع
              مرورك وحده تشريف لي ، وتعلم أنت كم يسعدني هذا التواجد ، وكم يطربني أن أقرأ اسمك في متصفحي ، فكيف ان كان هناك اشادة بعمل متواضع مثل هذا

              أحييك أستاذي الفاضل
              لك خالص مودتي وحبي
              ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
              [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

              تعليق

              • عائده محمد نادر
                عضو الملتقى
                • 18-10-2008
                • 12843

                #8
                آه ياأحمد
                كم وجدتك مختلفا هنا
                نص فيه كل تناقضات المشاعر الإنسانية بكل حنوها ووحشيتها
                الوفاء والخيانة كان وجودهما يثير السؤال تلو الآخر
                ربما كانت بعض الجمل تحتاج للتكثيف
                وهل جاءت مريم لتنهي أمرها معه أم تبدأ حكاية أخرى؟
                أحببت ومضة النهاية فعلا لأنها أعطت للنص الشيء الكثير
                محبتي وودي لك أحمد
                الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                تعليق

                • د.نجلاء نصير
                  رئيس تحرير صحيفة مواجهات
                  • 16-07-2010
                  • 4931

                  #9
                  أستاذي القدير :أحمد عيسى
                  هنا وجدت إنسانا كاد يقفد كل شيء حتى بيته المهدوم سقفه
                  إلى أن جاءته مريم فرتقت هذا السقف واحتضنت جراحه المضمخة بالصراع
                  تحية لقلمك المبدع
                  يسعدني أن أكون أول من يتابع ابداعك
                  sigpic

                  تعليق

                  • أحمد عيسى
                    أديب وكاتب
                    • 30-05-2008
                    • 1359

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                    آه ياأحمد
                    كم وجدتك مختلفا هنا
                    نص فيه كل تناقضات المشاعر الإنسانية بكل حنوها ووحشيتها
                    الوفاء والخيانة كان وجودهما يثير السؤال تلو الآخر
                    ربما كانت بعض الجمل تحتاج للتكثيف
                    وهل جاءت مريم لتنهي أمرها معه أم تبدأ حكاية أخرى؟
                    أحببت ومضة النهاية فعلا لأنها أعطت للنص الشيء الكثير
                    محبتي وودي لك أحمد
                    \
                    الغالية عائدة
                    أحببت أنا ايضاً أن أكون مختلفاً هنا
                    في التقنية
                    والسرد
                    والراوي
                    لكني كنت أنا
                    فذاتها الأرض - البيت الذي يغتصب
                    والذي رافقني في كل ما أكتب
                    وذاتها الهوية
                    وذاته الحب الضائع
                    وذاته الأخ الذي لا يصون العهد
                    المفردات واحدة
                    رغم الاختلاف

                    مودتي عائدة الجميلة
                    وباقات ورد جوري
                    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                    تعليق

                    • عبير هلال
                      أميرة الرومانسية
                      • 23-06-2007
                      • 6758

                      #11
                      قصة مذهلة

                      أديبنا الرائع

                      أحمد

                      بالفعل كنتَ هنا مختلفاً

                      أمنياتي لك

                      بالمزيد من التألق والإبداع

                      لك مني أرق تحياتي
                      sigpic

                      تعليق

                      • أحمد عيسى
                        أديب وكاتب
                        • 30-05-2008
                        • 1359

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة نجلاء نصير مشاهدة المشاركة
                        أستاذي القدير :أحمد عيسى
                        هنا وجدت إنسانا كاد يقفد كل شيء حتى بيته المهدوم سقفه
                        إلى أن جاءته مريم فرتقت هذا السقف واحتضنت جراحه المضمخة بالصراع
                        تحية لقلمك المبدع
                        يسعدني أن أكون أول من يتابع ابداعك
                        القديرة : نجلاء نصير

                        وأنا يسعدني ويشرفني وجودك
                        فكوني بالجوار دائماً
                        ليسعد حرفي بك
                        هذا النص أوجعني أكثر
                        وشعرت به أكثر
                        لأني ككل فلسطيني أعرف جيداً ألم الضياع
                        أن تفقد منزلك فجأة
                        أو حبيبتك
                        أو كل ما تملك
                        وبلمح البصر

                        أشكرك
                        ولك المودة كلها
                        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                        تعليق

                        • عبد الحميد عبد البصير أحمد
                          أديب وكاتب
                          • 09-04-2011
                          • 768

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
                          حكاية تروى بليل

                          عندما جاءني مسرعاً ، يرتجف من البرد ، جلس بجواري ، يحاول أن يلتصق بي ، لكأنه يريد أن يحتضنني ، أن يقفز فجأة ، ليصير داخلي فأحتويه ، علني أزيل عنه بعض ما يشعر به ، أو أخفف بعضاً من مصابه .
                          كان يطعمني ، يراقب اشتعالي فينقلب على انكماشه ، كأنه يزداد قوة كلما ازددت أنا ، لما هدأ ، جاء بمظروف صغير ، فضه عنوة ، حتى كاد يمزق ما داخله أيضاً ، أخرج ورقة صغيرة وصار يقرأ ، وملامح وجهه تعبس مرة أخرى ،والرجفة تعود لأوصاله ، فيعود إلي ليطعمني أكثر ، يرجو قوة من قوتي ، أو بعضاً من دفئي ، يعتصر الورقة الصغيرة بيده ، ويدندن بلحن شعبي :
                          - ضرب الخناجر ولا ... حكم النذل فيا
                          ينظر للسقف المحطم ، الذي تبدو النجوم منه ، بارزة قريبة يحسبها ستهوي فجأة لتسحقه ومنزله تحت ثقلها ، كنت أسميها باسمك ، تلك النجوم ، كلها كانت عندي مريم ، كلها لحنتها قصائد غزل وألقيت بها تحت أقدامك يوما ، علك ترضين ، علك تصفحين عن فقري وقلة حيلتي ، آه يا أنتِ كم عذبتني بفراقك .
                          ذهب عني ، وهو يحدث نفسه، ابتعد قليلاً ، حيث جهاز التليفون العتيق ، ضرب رقمها وانتظر ، وعندما سمع الاسم صرخ ، نادى باسمها بأعلى صوت يملكه ، كأنها تضيع منه ، تحسبها تسقط في بئر عميقة ، فيمد حبال صوته تستغيث بها ، لتتعلق بصدى صوته فتعود ..
                          ثم أنه استشاط غضباً ، ضرب الهاتف بقدمه فأسقطه من فوق "الترابيزة" الصغيرة التي يستقر عليها .
                          بالخارج كان صوت يقترب ، السيارة القديمة التي تحسبها قادمة من فيلم تاريخي ، تتوقف أمام المنزل ، يدخل صاحبها على عجل ، فيشاهد صاحبنا وقد احتضنته الأرض مع هاتفه ، تشاركا السقوط حين هوى مع هاتفه إذ تعثر بسلكه القصير ، يجد المنظر المضحك ، فلا يهتم بدموع أخيه التي نزفت ، بطيئة غير مرئية إلا للمدقق ، فيقول :
                          - أظنك ما تفعل في حياتك إلا أن تماطل ، تعلم يا أخي أني بحاجة للمنزل ، ولم تخله سيادتك حتى الآن.
                          أراه ينظر لأخيه بعينٍ لم تعد تحتمل أكثر ، ينفجر بصوتٍ أراده صراخاً ، فخرج متحشرجاً ضعيفاً :
                          - إن هذا المنزل لي ، عقد المنزل يقول هذا ، ألم يرضك والدي بما تريد وأكثر ، ألم يترك لك "الديوان" ودكان العطارة فقلبت الدكان محلاً لملابس النساء ، وديوان العائلة لمنزل صيفي ، ماذا تريد أكثر يا حسن ؟
                          كان يتحدث مرتجفاً، وهو يخرج من طيات ملابسه عقداً قديماً مهترئاً ، تناوله حسن بيده بسرعة خاطفة ، ورماه لي ، وانصرف .
                          وددت لو كففت ألسنتي ، وددت لو منعت نفسي ، لو كبلتها ، فلا أطال هذه الورقة ، فلم أستطع ، غير أني هدأت قليلاً ، حين مرت بعباءتها السوداء أمامي ، وجدت الباب موارباً فدخلت ، وجَدَتْه يستند إلى الجدار ، كأنه يخاف أن يسقط ، هو أو الجدار لم تعرف الفرق ، كأنهما يستندان لبعضهما ، فلا يود أحدهما الفراق .
                          شالها يغطي نصف شعرها ، تبدو الشمس كأنها جمعت كل جمالها في خصلات ذهبية وأهدتها إلى مريم ..
                          كأن الحياة اختصرت جمالها سراً أودعته في عينيها ، وسحراً وزعته في ثناياها ، فكل نظرة منها حكاية ، وكل همسة قصيدة ، احتضنته ، مررت يدها على شعره في حنو :
                          - ما بالك يا صغيري ، ألم نتفق على فراق هادئ ؟ ما بالك كأنك طفلي ولا عيش لك دوني

                          دفن رأسه قليلاً في صدرها ، صوته متهدج كأنه ينوح ، ثم أن نواحه تحول إلى ثورة إذ هتف فجأة :
                          - لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ..
                          تنظر له في دهشة ، مستغربة سلوكه المفاجئ ، فيدفعها ، وهي تقاوم ، يلطمها على وجهها ، فلا تصدق ما تراه ، يتغلب حيناً عليها ، وتقترب هي من الهروب حيناً آخر ، يحاول أن يعتصرها بيديه ، فتقاوم وتستكين ، تضربه وتحضنه ، تدفعه وتجذبه ..
                          تسرقهما الغرفة الوحيدة ، تخبئهما عني ، فأزداد اشتعالاً كأني أريد أن أبلغ مدىً ليس لي ، لأرى ما لم يعد بإمكاني أن أراه ، أسمع الصوت فلا أميز الآه عن الأخرى ، ولا أعرف متى يكفان ..
                          جاءني هو أولاً ، يلهث كأن الدنيا كلها كانت تطارده ، يرمي برسالتها إلي ، يريد أن أبتلع كلمات الفراق وحدي ، وأن أظل بعدهما وحدي ، يربط أزرار قميصه ، يخرج من الباب تاركاً مريم ، تخرج وقد سقط شالها عن شعرها فبدا كأنه خاض معركة ، جسدها يرتجف ، نشوة أم انفعالاً لم أعد أعرف الفرق ، جلست قربي ، التصقت بي ، نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها ، ألمها وذنبها ، مطرقة رأسها نحوي ، وقد أدارت ظهرها له ، لعالمه ، لصمته وثورته ..
                          جاءتني ..
                          تقتلني بدموعها
                          حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها .
                          ****


                          15 يوليو - الثانية صباحاً
                          تجيد احكام العقد في نصوصك ..الفقرات مترابطة دون تكليف
                          كقارىء عادي أستطيع أن أقول ..أنت هنا من أجلي
                          شكراً لك
                          الحمد لله كما ينبغي








                          تعليق

                          • صالح صلاح سلمي
                            أديب وكاتب
                            • 12-03-2011
                            • 563

                            #14
                            ما قرأتها إلا للمذاكرة
                            ورأيت كم من الأنفاس أحصيت فيها
                            مبدع أنت يا صديقي
                            شكرا لك

                            تعليق

                            • روان عبد الكريم
                              أديب وكاتب
                              • 21-03-2010
                              • 185

                              #15
                              نص ممتع لا تكفيه قراءة واحدة

                              اعود مرة اخرى

                              تعليق

                              يعمل...
                              X