شط الأمومة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هائل الصرمي
    أديب وكاتب
    • 31-05-2011
    • 857

    شط الأمومة

    شط الأمومة
    أمَّاهُ وانْتَفَضَ الأسَى بِكَياني وتَورَّمَتْ مُقَلي منْ ألأحْزَانِ
    وخُطَاكِ أسْمَعُهَا فأرْتَقِبُ الخُطَا وأتِيْهُ في وَجَعِي فَلاَ ألْقَانِي
    أمَّاهُ والذِّكْرَى تُلاَحِقُ مُهْجَتِي والهَمُّ منْ ألمِ الفِراقِ ذوَانِي
    وأرَاكِ بَينَ مَشَاعِري مَزْرُوعَةً وأنَامُ والذِّكْرَى عَلىَ أجْفَانِي
    والوجْهُ يَضْحَكُ كَالصَّبَاحِ بَشَاشَةً والصَّوتُ هَزْهَزَ مَسْمَعِي فشَجَاني
    فأقولُ أمي أيْنَ أنتِ فلا أرىَ عذبَ الحديثِ ولا أرى أشْجَاني
    قالوا طواكِ الموتُ ويلَ الموتِ هلُ تَطْويِ المنِيةُ جَنَّتي وجَنَانِي
    أنَا لا أطِيقُ بأنْ أرىَ بيتي بلاَ أُمٍ أيَخلُو البَيْتُ منْ وِجْدَانِي
    في كُلِّ نَاحِيةٍ أراكِ بها أرى نفسي تَذوبُ بهذه الأركان
    وبكُلِّ مُتَّكَئٍ جَلَسْتِ بهِ هُنَا وبكلِّ ركنٍ من سَناكِ أرَانِي
    في فرشكِ الُْمُمْتَدِ حَيثُ تَرَكْتِهِ يَشْكُو فِرَاقَكِ بَعْدَمَا أبْكَاني
    مِنْدِيلُ رأسِكَ عِطْركِ الفلي مِثـْ ـلِي يُتِّمَا وعَليْــكِ يَنْتَحِبَان
    ويداكِ في الأسْحارِ تَنْفُض نَوْمنَا حَباً لنَتْلو سُورةَ الرحمنِ
    وَتلِمِلمُ الأبْنَاءَ حَوْلَ مَوَائِدِ الـ ـقُرآنِ وَالَهَفِي على قُرْآنِي
    وأراك والأبناء في قيلولة كَالظِّلِّ حِينَ يَقِيلُ في الودْيَانِ
    فَيُرَفْرِفُونَ بِِشَدْوهمْ ونشيدهم كالطَّير حِينَ يَرِفُّ في الأغْصَانِ
    وتَطِيرِي منْ فَرَحٍ ( بزَيَنَبَ)عِندمَا حَفِظَتْ كِتَابَ اللهِ في إتْقَانِ
    وتَعَافُ عيْنُكِ غَمْضَهَا قَلَقاً إذَا جَارَ الزَّمَانُ عَليَّ أو أضْنَانِيِ
    ويَظلُّ طرفك شَارِداً هل صورتْ نَبْضَ الأمُومَةِ لوْحَةُ الفَنَّانِ
    وتَظَلُّ أذْنُكِ تَسْمَعُ الأخْبَارَ عنْ سَفَري القَريبِ وكم أراكِ تُعَانِي
    وإذَا اعْتَرتنِي كَبْوَةٌ ومَلَّمَّةٌ أنْتِ الملاذ ُ لكَبْوَتِي وأمَانِي
    وإذا نَهَضْتُ لحَاجَةٍ ومُهِمَّةٍ عَيْنَاكِ تَرْقبُ عَوْدَتِي بِِحَنَانِ
    أمَّاهُ كَيْفَ أعِيشُ بَعْدكِ والأسىَ يَقْـتَاتُ أحْلاَمِي وكلَ كَيَاني
    والليلُ لا أجِدُ المسرَّةَ عِنْدَهُ فالنَّجْمَةُ الكبرى بلا عِنْوانِ
    والفجرُ رَغْمَ ضيائه ِوجَمَالِهِ من لوعتي وردٌ بلا ريحانِ
    وأغِيبُ عَنِّي لا أراني حَاضِراً وأتِيهُ عنْ نَفْسي وعن خِلاَّنِي
    وأهُشُّ للأصْحَابِ حِينَ أراهُمُ والقلبُ مُنْشَغِلٌ بِموت جَنَانِي
    أنَا لا أُعَارِضُ حِكْمَةَ البَاري ولا حُكْمَ القضَاءِ ولمْ يَخِلْ مِيزاني
    لكـنَّ أمي نَسْمةٌ كانتْ هنَا ما عُدْتُ ألقَاهَا ولا تَلْقَانِي
    لكنَّ أمي رَوْضَةٌ كانتْ لنَـا مثل الرَّبِيْعِ وزَهرِهِ الفَيْنَانِ
    كانتْ ظِلالاً وارِفاً وسَنَابِلاً ثَمَراً منِ الأعنابِ والرُّمَـانِ
    لكــن أمي قِبلةٌ لثمتْ هنا سجـــداتها بيتي بكل مكان
    كانتْ إذا مَرَّ الضُّحى بجِوَارِهَا صَلَّتْ فَصَلَّى مِثَلهَا ودعاني
    وإذا دَجَى ليلٌ رأيتُ دموعهَا كالمزنِ أو كالنَّهرِ في جَرَيَانِ
    والصَّبحُ يُسْفِرُ في يديهِ بَذلُهَا ليوزعَ الإحسانَ للجــيـرانِ
    أقراطها بِِِيعَتْ لتبني مَسْجِداً والعقدُ مُرْهُونٌ لِنُصْرةِ عَانِ
    وهناكَ في الأقصَى سَحَائبُ جودهَا تُتْلىَ بِسَمعِ الدَّهرِ والحَدَثَانِ
    كانتْ سَوَاعِدُ خَيْرَهَا مَمْدُودَةً تَـفْـتَـرُّ بين دقائقٍ وثـُـوانِ
    وفم الزمانِ وإنٍ نَسيتُ مُحَدِّثاً عنْ بِرِّهَا في السِّرِّ والإعْلاَنِ
    وعن المكَارمِ كَيفَ تَغْرِسُ بَذْرَهَا في النَّشْءِ دونَ تَكَلُّفٍ وتواني
    عُمْرٌ طَوَاهُ الموْتُ كَيْفَ أصُوغُهُ لَحْناً ..وإني سيد الألحان
    أو تَعْذُلونِي أنَّ قلبي هَائمٌ ولِبُعْدِهَا يَرْثِي الرِّثاءَ لِسَانَي
    لا تَعْذلوا قَلْباً تَقَرَّحَ بالأسَى فالموْتُ مرٌٌ ..ليس في إمكاني
    يَعَقوبُ منْ فَرَطِ الْتِيَاعِ فِرَاقِهِ لوَلِيدِهِ ابْـــيَضَّتْ لهُ عَيْنَـانِ
    ولهُ منْ الأبناءِ مَا يَعْتَاضُهُ مـَــنْ ذَا يُعَوْضُنِي بِأُمٍ ثََـانِ
    لا تَعْذُلونِي إنْ نَثَرتُ كَنَانَتِي ورَسَمْتُ أوْجَاعِي على أوزَانِي
    لا تَعْذُلوني في رِثاءِ سَعَادَتِي فَدِمَاؤُهَا تَجِري علىَ شِريَانِي
    يَبكِي الوجُودُ فَكَيْفَ لا أبْكِي أنَا ومَلِيكَتي رَحَلتْ بلاَ اسْتِئْذانِ
    تَبْكِي السَّمَاوَاتُ العُلىَ لفِرَاقِهَا والأرضُ تَبْكِيهَا على الإحْسَانِ
    تَبكي لهَا الآفاق والدنيا ومـا أبْكَاهُمَا يَا عَاذِلي أبْكـَانِي
    شَطُّ الأمُومَةِ كانَ مِرْفَأ رِحْلَتِي واليَومَ أمَوَاجٌ بِِلاَ شُطْـــآَنِِ
    سَفُنِي تُبَعْثِرُهَا الرِّيَاحُ وزَوْرَقي يَمْشِي بلاَ هَدَفٍ ولا رُبَّانِ
    أماهُ لا أنْسَاكَ يَومَ وعَظتِني وأذَقْتِ قَلبي منْ شَذَاكِ مَعَانِي
    هذي الحياةَ مَحَّبةٌ فارحل بها (ولدي) الحَبِيب بِِهِمَّةٍ وتَفــان
    وذ َكَرْتِِ لي أنَّ المَرَارَةَ بُرْهَــةٌ تُـذوى معَ الأيامِ بالنِّسْيَانِ
    للموتِ نُخْلَقُ يا بُنَيَ فلاَ تَهُنْ يَفْنَى الجَمِيعُ فكُلُّ حَيٍ فَانِ
    أماه قلبي مطمئن إنما بترتْ من الفجر الجميل يـــــدان
    أَنَّى سَرَيْتُ سَرَتْ خِلاَلُكِ في دمي فزمانُهَا لوْ تَسْألوهُ زَمَانِي
    كانتْ إذَا احْتَدَمَ الخِلافُ رأيْتَهَا جِسْر الوصَالِ ومَوْرِد الإحْسَان
    كانت تُحَلِّقُ في الفَضَاءِ مشاعراً وتبثُّ نَجْواهَا بِقلبِ حَانِ
    وأنا وأهلي من رباهَا نَجْتَنِي أحْلَى الثِّمَارِ بكَفِّهَا الوَهْنَانِ
    تَتَفَتَّقُ الرَّحَمَاتُ بينَ ضُلوعِهَا كَتَفَتُّقِ الأزْهَارِ في البُسْتَانِ
    وتُسَايرُ الأقْدَارَ إنْ هي أظْلَمتْ ودُعَاؤها جِسرٌ إلى المنَّانِ
    كانَ المحَيَا بالوَضَاءَةِ مُشْرقاً واليومَ يُطْوى في ربَا نَيْسَانِ
    أماه ما وفيتُ حقكِ إنني مازلتُ فيك مراوحاً بمكاني
    كم ليلةٍ سَهِرتْ على جَمْرِ الغَضَى عَيْنٌ عَلَيَ وَأُخْرَى في إخْواني
    أيَامَ كُنَّا والطُّفُولةُ حَولنَا مَرْحَى وقلبُ الأمِ في خَفَقَانِ
    عينَاكِ من أجْلي تَقَرَّحَ جفنها والدَّمْعُ أطْلُبُهُ فمَا وَافَانِي
    واليومَ تَطْلُبُني الدُّمُوعُ ولمْ أجدْ شيئاً يَفِيكِ ولا وَفَتْ أحْزَانِي
    أماهُ يا نَبْعْ الحَنَانِ ومَوْئِلي مَهْمَا نظمتُ فلنْ يَفِيكِ بَيَاني
    لو أنَّ عندي مِلْكُ منْ مَلَكُوا الدُّنَا كَي أفْتَدِيكِ فَدَيْتُ دونَ تَوَانِ
    لكنَّهَا الأقدارُ ليسَ يُهِمُهَا نَوْحُ القَصِيدِ ولا تّثَكُّلُ عَانِ
    وافَتْ لتَخْطَفَ منْ أُحِبُّ كَأنَّمَّا قَدَرُ المَنِيَةِ يَبْتَلي إيمَانِي
    رَبَّاهُ فارْحَمْهَا ونّوَّرْ قَبْرهَا وامْنُّنٌ عليها منكَ بالرضوان
    ربَّاهُ واجْعَلْ في الجِنَان مَقَامَهَا العَالي وقَرِّبَهَا من العَدْنَانِ
    واربط على قلبي الكليل فإنني أرجو رضاك بحبها وكفاني
  • توفيق الخطيب
    نائب رئيس ملتقى الديوان
    • 02-01-2009
    • 826

    #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الشاعر هائل الصرمي
    عندما يكتب شاعر مبدع رثاء في أمه فإن أول من يبكي معه قصيدته , ومن نزف حروفها تنزف القلوب , لقد أبكيتنا وأحزنتنا معك, وأسرت مشاعرنا ونحن نقرأ مرثيتك التي بالتأكيد وصلت إلى قلوب المتلقين بكل ماتحمله من حب وحزن .
    الأم نبع الحب والحنان والعطاء بلا حدود , لاتفي كل قصائدنا بجزء صغير مما قدمته لنا نحن الأبناء , وكما تقول في قصيدتك :
    أماه ما وفيتُ حقكِ إنني مازلتُ فيك مراوحاً بمكاني
    أماهُ يا نَبْعْ الحَنَانِ ومَوْئِلي مَهْمَا نظمتُ فلنْ يَفِيكِ بَيَاني
    إن المشاعر الصادقة المتأججة التي تصرخ في كل كلمة وبيت من قصيدتك هي أهم مايميزها , وهذا لايتأتى إلا من شاعر عرف أسرار الشعر وامتلك ناصية البيان , لقد أبدعت في مزج المشاعر مع الصور الشعرية التي جاءت حية بالتصاقها مع الأماكن والأحداث الواقعية التي رسمتها من ذكرياتك عن أمك الغالية .
    في كُلِّ نَاحِيةٍ أراكِ بها أرى نفسي تَذوبُ بهذه الأركان
    وبكُلِّ مُتَّكَئٍ جَلَسْتِ بهِ هُنَا وبكلِّ ركنٍ من سَناكِ أرَانِي
    في فرشكِ الُْمُمْتَدِ حَيثُ تَرَكْتِهِ يَشْكُو فِرَاقَكِ بَعْدَمَا أبْكَاني
    مِنْدِيلُ رأسِكَ عِطْركِ الفلي مِثـْ ـلِي يُتِّمَا وعَليْــكِ يَنْتَحِبَان
    ولم تقتصر الذكريات على الأشياء المادية بل امتدت وتعمقت لتشمل النواحي المعنوية التي لايدركها إلا الإحساس :

    وتَعَافُ عيْنُكِ غَمْضَهَا قَلَقاً إذَا جَارَ الزَّمَانُ عَليَّ أو أضْنَانِيِ

    ويَظلُّ طرفك شَارِداً هل صورتْ نَبْضَ الأمُومَةِ لوْحَةُ الفَنَّانِ

    وتَظَلُّ أذْنُكِ تَسْمَعُ الأخْبَارَ عنْ سَفَري القَريبِ وكم أراكِ تُعَانِي

    وإذَا اعْتَرتنِي كَبْوَةٌ ومَلَّمَّةٌ أنْتِ الملاذ ُ لكَبْوَتِي وأمَانِي
    وإذا نَهَضْتُ لحَاجَةٍ ومُهِمَّةٍ عَيْنَاكِ تَرْقبُ عَوْدَتِي بِِحَنَانِ







    ثم ذلك الوصف البارع المؤثر لشعورك الداخلي وحالتك النفسية بعد فراق أمك في أبيات غنية عن التعليق :
    أمَّاهُ كَيْفَ أعِيشُ بَعْدكِ والأسىَ يَقْـتَاتُ أحْلاَمِي وكلَ كَيَاني
    والليلُ لا أجِدُ المسرَّةَ عِنْدَهُ فالنَّجْمَةُ الكبرى بلا عِنْوانِ
    والفجرُ رَغْمَ ضيائه ِوجَمَالِهِ من لوعتي وردٌ بلا ريحانِ
    وأغِيبُ عَنِّي لا أراني حَاضِراً وأتِيهُ عنْ نَفْسي وعن خِلاَّنِي
    ولم تنس في خضم عاطفة الحزن الجارفة أن تلون اللوحة الخلفية لقصيدتك بالصور الشعرية البديعة المؤثرة , لتبتعد بقصيدتك عن المباشرة في الخطاب وترفعها إلى مصاف الشعر المحلق البديع الذي يأخذنا معه في رحلة من العواطف التي تأسر القلب والعقل في آن معا , كقولك وقد أصبحت أمك قبلة لثمت سجداتها كل مكان في البيت :
    لكــن أمي قِبلةٌ لثمتْ هنا سجـــداتها بيتي بكل مكان
    ليليه هذا البيت الروحاني الرائع :
    كانتْ إذا مَرَّ الضُّحى بجِوَارِهَا صَلَّتْ فَصَلَّى مِثَلهَا ودعاني
    ولم تخل أبياتك من الحجة لإثبات منطقك وصدق عاطفتك حين تحاجج فتقول :
    يَعَقوبُ منْ فَرَطِ الْتِيَاعِ فِرَاقِهِ لوَلِيدِهِ ابْـــيَضَّتْ لهُ عَيْنَـانِ
    ولهُ منْ الأبناءِ مَا يَعْتَاضُهُ مـَــنْ ذَا يُعَوْضُنِي بِأُمٍ ثََـانِ
    وكذلك حين تقول :
    يَبكِي الوجُودُ فَكَيْفَ لا أبْكِي أنَا ومَلِيكَتي رَحَلتْ بلاَ اسْتِئْذانِ
    تَبْكِي السَّمَاوَاتُ العُلىَ لفِرَاقِهَا والأرضُ تَبْكِيهَا على الإحْسَانِ
    تَبكي لهَا الآفاق والدنيا ومـا أبْكَاهُمَا يَا عَاذِلي أبْكـَانِي
    ولم تنس ذكر فضائل أمك في مواضع متفرقة في مرثيتك وذلك لزوم الرثاء , وأختار منها مالا تستطيع فعله إلا الأم في هذه الأبيات :
    كانتْ إذَا احْتَدَمَ الخِلافُ رأيْتَهَا جِسْر الوصَالِ ومَوْرِد الإحْسَان
    كانت تُحَلِّقُ في الفَضَاءِ مشاعراً وتبثُّ نَجْواهَا بِقلبِ حَانِ
    وأنا وأهلي من رباهَا نَجْتَنِي أحْلَى الثِّمَارِ بكَفِّهَا الوَهْنَانِ
    تَتَفَتَّقُ الرَّحَمَاتُ بينَ ضُلوعِهَا كَتَفَتُّقِ الأزْهَارِ في البُسْتَانِ
    وتُسَايرُ الأقْدَارَ إنْ هي أظْلَمتْ ودُعَاؤها جِسرٌ إلى المنَّانِ
    وماأروع الصورة الشعرية والتشبيه في هذا البيت :
    تَتَفَتَّقُ الرَّحَمَاتُ بينَ ضُلوعِهَا كَتَفَتُّقِ الأزْهَارِ في البُسْتَانِ
    وماأروع المعاني في هذين البيتين الذين غسلتهما الدموع :
    عينَاكِ من أجْلي تَقَرَّحَ جفنها والدَّمْعُ أطْلُبُهُ فمَا وَافَانِي
    واليومَ تَطْلُبُني الدُّمُوعُ ولمْ أجدْ شيئاً يَفِيكِ ولا وَفَتْ أحْزَانِي
    لقد تصاعدت العاطفة تدريجيا منذ بداية القصيدة لتصل إلى ذروتها في منتصفها لتتراجع بهدوء في ختامها بأبيات دعاء للأم الراحلة إلى الجنان , وهذا من حسن السبك والتنطيم الشعري للأفكار التي عالجها النص .
    اللغة حداثية بامتياز مع حفاظها على اللغة الصحيحة العالية .
    هناك ملاحظتان على النص أولاهما في هذا البيت :
    وتَطِيرِي منْ فَرَحٍ ( بزَيَنَبَ)عِندمَا حَفِظَتْ كِتَابَ اللهِ في إتْقَانِ
    فلم أجد سبباً لجزم تطيرين بحذف النون , كما أن الوزن مختل في هذا الصدر في التفعيلة الأولى , وأقترح هذا التعديل :
    وأراك في فرح بزينب بعدما
    والملاحظة الثانية في هذا البيت :
    كم ليلةٍ سَهِرتْ على جَمْرِ الغَضَى عَيْنٌ عَلَيَ وَأُخْرَى في إخْواني
    حيث أن الوزن مكسور عند أخرى فلايجوز اختلاس الألف هنا .
    أخي الشاعر هائل الصرمي
    هذا غيض من فيض مرثيتك , أطال الله أعمار أمهاتنا ومتعهن بالصحة والعافية , ورحم الله أمك وأسكنها فسيح جنانه .
    ملاحظة جانبية على النص :
    بعد قراءتي للنص مرة ثانية وبتمعن, أثار فضولي اكتمال عناصر الإبداع في النص من العاطفة الصادقة إلى الصور الشعرية البديعة ,إلى الوصف المفصل للأماكن والحوادث ,إلى الحكم الموفقة التي رافقت النص إلى ذكر أسماء بعينها لزيادة مصداقية النص وزيادة تأثيره في نفس المتلقي مثل زينب , وكل هذا له دلالة خفية لايدركها إلا الشعراء الذين يحاولون الإبداع في لحظات العاطفة الجارفة كالحزن لفقد عزيز , كما هو الحال في هذا النص , فالعاطفة المتأججة تكون بالتأكيد دافعا هاما لكتابة نص صادق العاطفة , ولكنها في الوقت نفسه تأخذ أو تحجب قسما هاما من الإبداع الشعري كالصور الشعرية وإيراد الحكم والمواعظ , وحتى يستطيع الشاعر أن ينظم قصيدة كهذه مكتملة العناصر مؤثرة لابد له من كتابتها بعد فترة هدوء يسترجع فيها محاكمته العقلية وقدرته على استحضار عناصر الإبداع وأدوات الشعر بعيدا عن التأثير السلبي للعاطفة البشرية المتأججة .
    فقصيدة كهذه لابد أنها كتبت بعد فترة كافية من الحزن على الفقيدة بحيث استعاد الشاعر قدرته الإبداعية مع استحضاره لعاطفة الحزن في قلبه , أو انه قد كتبها نيابة عن قريب له أو صديق وتمكن من تقمص شخصه وحزنه , ولابد أن هذا الصديق كان شديد القرب من الشاعر بحيث عرف عنه تلك التفاصيل التي ذكرها عن أمه الراحلة من الأفعال والأسماء .
    وبكل الحالات فقد جاءت الرثائية صادقة مؤثرة بديعة تدل على شاعر قدير تمكن من أدواته الإبداعية .

    وقصيدتك للتثبيت

    دمت بحفظ الله تعالى

    توفيق الخطيب

    تعليق

    • عارف عاصي
      مدير قسم
      شاعر
      • 17-05-2007
      • 2757

      #3
      الشاعر الحبيب
      هائل الصرمي


      لله درك
      أبكيتنا معك بهذه المرثية
      الصادقة الهادرة العواطف

      وكيف لا ؟؟
      وهي للأم
      أحن قلب في الوجود

      من نبع صدقك
      أضأت مشاعل القصيد
      فبكت حروفه وقوافيه
      وألهبت عواطف من قرأ معك


      ماذا أقول بعد قول أستاذي توفيق الخطيب



      رحم الله أمك
      وأعظم أجرك فيها



      بورك القلب والقلم
      تحاياي
      عارف عاصي

      تعليق

      • هائل الصرمي
        أديب وكاتب
        • 31-05-2011
        • 857

        #4
        أحسنت الظن بي وأنا أقل مماذكرت وقد أدهشتني فارستك العجيبة المبنية على علم وإداراك عميق بالنقد وفنونه وذلك عندما قلتَ
        بعد قراءتي للنص مرة ثانية وبتمعن, أثار فضولي اكتمال عناصر الإبداع في النص من العاطفة الصادقة إلى الصور الشعرية البديعة ,إلى الوصف المفصل للأماكن والحوادث ,إلى الحكم الموفقة التي رافقت النص إلى ذكر أسماء بعينها لزيادة مصداقية النص وزيادة تأثيره في نفس المتلقي مثل زينب , وكل هذا له دلالة خفية لايدركها إلا الشعراء الذين يحاولون الإبداع في لحظات العاطفة الجارفة كالحزن لفقد عزيز , كما هو الحال في هذا النص , فالعاطفة المتأججة تكون بالتأكيد دافعا هاما لكتابة نص صادق العاطفة , ولكنها في الوقت نفسه تأخذ أو تحجب قسما هاما من الإبداع الشعري كالصور الشعرية وإيراد الحكم والمواعظ , وحتى يستطيع الشاعر أن ينظم قصيدة كهذه مكتملة العناصر مؤثرة لابد له من كتابتها بعد فترة هدوء يسترجع فيها محاكمته العقلية وقدرته على استحضار عناصر الإبداع وأدوات الشعر بعيدا عن التأثير السلبي للعاطفة البشرية المتأججة .
        فقصيدة كهذه لابد أنها كتبت بعد فترة كافية من الحزن على الفقيدة بحيث استعاد الشاعر قدرته الإبداعية مع استحضاره لعاطفة الحزن في قلبه , أو انه قد كتبها نيابة عن قريب له أو صديق وتمكن من تقمص شخصه وحزنه , ولابد أن هذا الصديق كان شديد القرب من الشاعر بحيث عرف عنه تلك التفاصيل التي ذكرها عن أمه الراحلة من الأفعال والأسماء .
        وبكل الحالات فقد جاءت الرثائية صادقة مؤثرة بديعة تدل على شاعر قدير تمكن من أدواته الإبداعية .هو ماذكرت بالظبط إنها لأم صديق مقرب مني حدثني عنها حتى أبكاني فانفعلت بهذه القصيدة على لسانه بوركت وبورك قلمك الجميل
        التعديل الأخير تم بواسطة هائل الصرمي; الساعة 29-04-2012, 04:11.

        تعليق

        • هائل الصرمي
          أديب وكاتب
          • 31-05-2011
          • 857

          #5
          المبدع المتألق رئس القسم الأستاذ عارف عاصم
          بوركت أستاذنا وشكر الله لك تعليقك الجميل ومرورك دمت بخير وجزيت الخير

          تعليق

          • حسن علي
            أديب وكاتب
            • 24-09-2011
            • 110

            #6
            نص جميل مبهر عميق الأثر , أعجبني النص وتحليل الأستاذ توفيق له , هكذا يعلو شأن الشعر والأدب بأمثالكما .

            حبي وإعحابي

            تعليق

            • هائل الصرمي
              أديب وكاتب
              • 31-05-2011
              • 857

              #7
              سلاطين الوفا أنتم
              سلام حيث ما كنتم
              مدى الأيام نشكركم
              هنيئا طبتمُ دمتم
              وأرجو الله يشكركم
              بما نلتم وما قمتم

              تعليق

              • وفاء الدوسري
                عضو الملتقى
                • 04-09-2008
                • 6136

                #8
                أنَا لا أُعَارِضُ حِكْمَةَ البَاري ولا حُكْمَ القضَاءِ ولمْ يَخِلْ مِيزاني
                لكـنَّ أمي نَسْمةٌ كانتْ هنَا ما عُدْتُ ألقَاهَا ولا تَلْقَانِي
                لكنَّ أمي رَوْضَةٌ كانتْ لنَـا مثل الرَّبِيْعِ وزَهرِهِ الفَيْنَانِ
                كانتْ ظِلالاً وارِفاً وسَنَابِلاً ثَمَراً منِ الأعنابِ والرُّمَـانِ
                لكــن أمي قِبلةٌ لثمتْ هنا سجـــداتها بيتي بكل مكان
                كانتْ إذا مَرَّ الضُّحى بجِوَارِهَا صَلَّتْ فَصَلَّى مِثَلهَا ودعاني
                وإذا دَجَى ليلٌ رأيتُ دموعهَا كالمزنِ أو كالنَّهرِ في جَرَيَانِ
                والصَّبحُ يُسْفِرُ في يديهِ بَذلُهَا ليوزعَ الإحسانَ للجــيـرانِ

                الشاعر الصرمي
                رحم الله أم صديقك
                كانت مرثية ممطرة من أعالي المزن
                بوركت وبورك مداد قلمك المميز
                تحية وتقدير
                لك

                تعليق

                • هائل الصرمي
                  أديب وكاتب
                  • 31-05-2011
                  • 857

                  #9
                  لك كل التقدير والإمتنان أختي وفاء وأشكرك على كلماتك الجميلة التي أطريتني بها وجزاك الله خيرا دمت بعافية

                  تعليق

                  • هائل الصرمي
                    أديب وكاتب
                    • 31-05-2011
                    • 857

                    #10
                    شكرا حبيبنا حبيبنا
                    التعديل الأخير تم بواسطة هائل الصرمي; الساعة 29-04-2012, 04:01.

                    تعليق

                    • هائل الصرمي
                      أديب وكاتب
                      • 31-05-2011
                      • 857

                      #11
                      ما غبتَ عني أنتَ في أحداقي وأراك في ليلي وفي إشراقي
                      ما غبت يا قمري ونورك ساطع يمتد في روحي وفي آفاقي
                      ما أنت إلا الشمس مبسمُ ضوئها يفتر في قربي وعند فراقي
                      وبريق ألوان الجمال حلاوة تسري بأوردتي كحلو مذاق
                      ما غبت يوما والفؤاد مولعٌ بهواك دون معارفي ورفاقي
                      لو غبت كيف أراك بين خواطري وعلى عيون الحبر والأوراق
                      إن كنت تذكرني وأنت بنشوةٍ فأنا على ذكرٍ بغير رواق
                      أو كنت تأنس بي إذا لاقيتني فأنا بأنسك دون أي تلاقي
                      ولأن ذكرت إذا نسيتَ فإنني من غير نسيانٍ بذكرك باقي
                      أعرفت قدرك والقلوب عيونها تتجاوز الأزمان بالأشواقِ

                      تعليق

                      • هائل الصرمي
                        أديب وكاتب
                        • 31-05-2011
                        • 857

                        #12
                        حبيب جاء على فاقه

                        تعليق

                        • هائل الصرمي
                          أديب وكاتب
                          • 31-05-2011
                          • 857

                          #13
                          أيها الباحث عن ومض الألق
                          هل رأيت الفجر أم وجه الغسق

                          تعليق

                          • هائل الصرمي
                            أديب وكاتب
                            • 31-05-2011
                            • 857

                            #14
                            أيها الناظر بحثا عن ألقْ
                            دونك البحر خِضَمٌ كالشفقْ
                            دونك الأحرُف عطشى فاروها
                            من هيام الروح نورا في الغسق
                            وضَّح الكبوة في النص إذا
                            شط نبض الحرف أو زاغ الحدق
                            حدد النَّقصَ إذ الشعر نبا
                            عن حقول الفنِّ واصفرَّ الورق
                            أنت بحر العلم فارسل ومضة
                            تنعش الحرف إذا الحرف نزق
                            نبضك الوضاء لوفاض هنا
                            سَجَّلَ التاريخ فخراً ونطق
                            وإذا أعجبك النص فقل
                            زادك الله سموا وألق
                            عندها يبسم قلبي ضاحكا
                            يغلق الشَّكِ وشبَّاكُ القلق

                            تعليق

                            • احمد الصرمي
                              • 13-07-2012
                              • 1

                              #15
                              انت رائع

                              لا فض فوك ايها الشاعر الملهم حفظك الله وزادك ابداع الى ابداعك

                              تعليق

                              يعمل...
                              X