عيد ميلاد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دينا نبيل
    أديبة وناقدة
    • 03-07-2011
    • 732

    عيد ميلاد

    عيد ميلاد


    -- " ألن ترتدي حلّتك الجديدة ؟"
    -- " إنها حمراء يا أمي ... أرتدي حلّة حمراء وأنا في الثلاثين! "
    -- " ولم لا ! .. فهذا عيد ميلادك ، ستبدو وسيما فيها ... سترى !"

    مترددا تناولها من يديها ... وبيدين مرتعشتين خلع ملابسه ووضع الحلّة الجديدة عليه
    حمراء .. جديدة ... يشع منها وهج يحس له انعكاسا على وجهه .. في عينيه ...حتى تألمتا من شدة حمرتها ، فراحتا تذرفان دمعا علّه يطفئ لهيبا أحمر اتقد بهما ... فازدادت مآقيه حمرة واتهابا !
    الحجرة خاوية ، لا يوجد بها أثاث عدا كرسي معدني ... بقدمين متثاقلتين راح نحو الجدار واستند إليه يريد فيه الذوبان . أطرافه باردة كالثلج لم يفلح معها وهج حلته ، وقلبه مضطرب لم تدفئه حرارة لونها الأحمر .. فأراد ان يقفز من صدره ليعانق دفء الحائط ،فاصطدم به ... إنه حجر ، لن يرأف به ... لن يقبل عناقه .. لن يرضى له الذوبان فيه
    أهي لعنة الحجر أم قانونه ؟!

    وأطفئ النور ، وازدادت الحجرة ظلمة وصارت تعج بخيالات مبهمة تتراقص حوله وترسم أشكالا خليطها سواد الظلمة وحمرة الحلّة
    وسريعا أنيرت الغرفة بنور ثلاثين شمعة تتوسط كعكة كرز .. حمراء على الكرسي

    ولكن ..
    -- " أين الحضور يا أمي ؟! ... لم يأت إلا أنت فقط ! "
    ضمته إلى صدرها وهمست بصوت حان في أذنه " لا تقلق ، سيحضرون .. حتما سيحضرون !"

    خطوات مسرعة ... يُطرَق الباب ..... وتدخل امرأة شابة تحمل رضيعا صغيرا
    -- " من هذه ؟ .. تشبه أمي وهي شابة ! .. لكن لا ، هذه عابسة !"
    اقتربت منه مسرعة " انظر إلى طفلي ! .. يشبهك في صغرك !" .. ثم اطفأت الشمعة الأولى وتلاشت يسابقها ظلها
    يُطرَق الباب ... امرأة أخرى تلاعب طفلا ، تقذفه عاليا ثم يعود إلى أحضانها ، والصبي يضحك وهي لا تبتسم " تشبه سابقتها .. لعلها أختها " . ثم تطفئ شمعة أخرى وتجلس إلى جواره .. " إنها ترمقني !!"
    يُطرَق الباب ... تدخل امرأة .." تشبه التي إلى جواري .. تحتضني بقوة !"
    -- " كل عام وأنت بخير "
    ثم تأخذ شمعة وتجلس إلى جوار المرأة .. يكبر ظلها على الحائط ، جسم أسود طويل يرتعش يمنة ويسرة ذو شعر منفوش " إنه ينظر إلىّ بعينين سوداوين .. يريد الانقضاض علي !" .. ثم اطفأت الشمعة


    كل دقيقة ...
    يُطرَق الباب .. امرأة تدخل ... شمعة تطفأ .. لم يتبق الكثير
    --" كلهن يشبهن أمي ! ... كيف ولم اجتمعن ؟!
    نعم هذه تشبه أمي كثيرا .. لم تبكي ؟؟ .. وهذا .. هذا يشبهني تماما .. لكنه ليس أنا "
    انطلقت نحوه تمسح دموعها بوجهه
    " كل عام وأنت بخير " .. وتطفئ شمعة أخرى

    امتلأت الغرفة بالنساء ... متشابهات نفس الصوت والصورة مع فروق العمر ، وحولهن يتماوج دخان فتيل الشمع المحترق ورائحة الشمع المذاب تعلو الهواء والنساء حوله يأكلن الهواء بأنوفهن وأفواههن
    يُطرَق الباب .. " هذه أمي ! ... جريحة تنزف ! "
    تأخذ الشمعة الأخيرة وتبتسم " كل عام وأنت بخير "

    وعلى ضوء منبثق من الشمعة التفت باقي النسوة حولها .. ينعكس الضوء على وجه الأم من أسفل فيعلو السواد جفونها المسدلة وشعرها ، وتختفي باقي النسوة في أوشحة الظلام فلا يستبان سوى كتائب متراصة ذات شعور ثائرة تتحرك خلسة في العتمة .. يخرج من باطنها بين همهمة ونشيج " كل عام وأنت بخير " في أغنية حالكة بلا قيثارة

    دفعت إليه أمه الشمعة .. " هيا حبيبي .. انفخها وتمن أمنية !"
    -- " لن أفعل "
    -- " هيا .. نريد تقطيع الكعكة ليأكل الحضور !"
    صهده ليبها ، فخانته زفرة مرتعبة قوية فانطفأت على إثرها الشمعة الثلاثون
    --" أريد ألا أراكن .. أريد أن أنام !"
    -- " حسنا يا حبيبي ... أغمض عينيك "
    وضمته إلى صدرها :
    " كان يا ما كان ... ولد شقي تبكي عليه أمه دما بدل الدموع .. جاءه الشيخ يعظه فما انتهي .. فجاءه رجل كبير ذو شارب عظيم ومعه كيس أسود فألبسه إياه في رأسه ... وقال له " لن ترى أمك ثانية !" ... وأخذه إلى حجرة مظلمة ولفّ حول عنقه حبلا وعلقه في السقف ...

    خلصت الحدوتة !!!"


    تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا الصادر من محكمة جنايات ( ... ) على المدعو ( ... ) في تاريخ ( .. )
    التعديل الأخير تم بواسطة دينا نبيل; الساعة 23-07-2011, 15:39.

  • أحمد أبوزيد
    أديب وكاتب
    • 23-02-2010
    • 1617

    #2
    الأستاذة الفاضلة / دينا نبيل

    الأعدام شنقاً

    يكون الأعدام للجسد و العقل

    و تنفيذ قراره جبراً

    نتيجة فعل إتخذه العقل و نفذه الجسد

    و قد يكون الأعدام أمنية

    لفعل إتخذ قراره القلب و نفذه

    بدون العقل و الجسد

    قرار إعدام القلب طلب

    نتمنى حدوثه

    و ننتظر بالدعاء تنفيذه

    و لكن لما يعاقب العقل و الجسد

    و الفاعل .... قلب خدر بكلام العسل

    سحقاً لقلب تقلب على العقل و الجسد

    هكذا قرأت حدوتك ...


    أحمد أبوزيد
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد أبوزيد; الساعة 21-07-2011, 08:55.

    تعليق

    • دينا نبيل
      أديبة وناقدة
      • 03-07-2011
      • 732

      #3
      شكرا لك سيدي الكريم على المرور والتعليق

      وهذا فعلا ,, ما اعنيه

      تعليق

      • إيمان الدرع
        نائب ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3576

        #4
        الأديبة الرّائعة : دينا نبيل ..
        عند قراءة كلّ نصّ لك ..
        أعرف أكثر ..
        كم تمتلكين هذا الحسّ الأدبيّ القويّ ..
        الذي يرسل لوحات فنيّة غاية في الإتقان ، والجودة ..والخيال الرّحب ..
        أسلوبك مبهر ، مدروس الخطا ، لا تكتبين جزافاً ، كلّ سطرٍ في مكانه ..
        لقد صوّرتِ مشهداً مبدعاً ، ينطق بكلّ صراعات دقائق ما قبل الرّحيل ، تنفيذاً لحكم ..
        أهديك غاليتي دينا، أحلى أمنياتي ...وتحيّاتي

        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

        تعليق

        • دينا نبيل
          أديبة وناقدة
          • 03-07-2011
          • 732

          #5
          أشكرك أستاذتي الحبيبة إيمان على التشجيع والتعليق الجميل

          وأرجو من حضرتك أن توجهيني إن كان لك ملاحظات على ما أكتب

          لك مني كل الحب والود

          تعليق

          • دينا نبيل
            أديبة وناقدة
            • 03-07-2011
            • 732

            #6
            سؤال إلى أساتذتي الفضلاء


            ألا ترون حضراتكم أن هذه القصة تقصد الحديث عن شخص ما ؟

            تعليق

            • سائد ريان
              رئيس ملتقى فرعي
              • 01-09-2010
              • 1883

              #7
              الاخت الاديبة
              الاستاذة دينا نبيل

              سأقول لك ما جال في خاطري وتخيلته وانا أقرأ قصتكم الرائعة
              وقبل قراءة رد الاستاذ احمد ابو زيد


              انا تخيلتها لشخص في الثلاثين من عمره وقد حكم عليه بالإعدام
              وعندما ناولوه سترة الإعدام الحمراء تذكر أعياد ميلاده والمقصود بها سنين عمره الثلاثين
              برفقه امه الحنونة - على شكل ( فلاش باك ) كما يقال في عام الإخراج السينمائي -
              وطوال القصة ضل يطفئ سنة تلو سنة حتى نفذ الإعدام بإطفاءة للشمعة الثلاثين


              اما قراءة الاستاذ احمد ابو زيد فقد بينت الموضوع بشكل جلي

              -------------------

              سؤالكم أن القصة تتحدث عن شخص ما .... فلا اعلم واحب ان اعلم ..... وسأتابع بشوق.

              لي عودة بمشيئة الله
              تحاياي كما تليق بحضرتكم



              ملاحظة
              عينين سوداوتين
              والصحيح عينين سوداوين
              عين سوداء
              ومثناها سوداوين

              تعليق

              • دينا نبيل
                أديبة وناقدة
                • 03-07-2011
                • 732

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة سائد ريان مشاهدة المشاركة
                الاخت الاديبة

                الاستاذة دينا نبيل

                سأقول لك ما جال في خاطري وتخيلته وانا أقرأ قصتكم الرائعة
                وقبل قراءة رد الاستاذ احمد ابو زيد


                انا تخيلتها لشخص في الثلاثين من عمره وقد حكم عليه بالإعدام
                وعندما ناولوه سترة الإعدام الحمراء تذكر أعياد ميلاده والمقصود بها سنين عمره الثلاثين
                برفقه امه الحنونة - على شكل ( فلاش باك ) كما يقال في عام الإخراج السينمائي -
                وطوال القصة ضل يطفئ سنة تلو سنة حتى نفذ الإعدام بإطفاءة للشمعة الثلاثين




                أشكرك سيدي الكريم على المرور والقراءة والتعليق
                لكن هذا ليس بالفلاش باك .. لأن الفلاش باك هو أن يمر شريط الأحداث الماضية بالزمان والمكان أمام عين الانسان
                وإنما في هذه القصة يفارق الماضي زمانه ومكانه ويصير منتميا إلى الحاضر
                فتأتي الأم مصطحبة ابنها فقط من الماضي في جميع مراحل حياتهما وتقف أمامه وتحادثه كأنها تنتمي للحاضر
                إذن فهذا ليس فلاش باك

                أما عن الشخص المقصود فالبعض قرأها وقال إنه مبارك " الرئيس المخلوع " وأن هذه الأم هي مصر
                والشموع هي مدة حكمه

                فما رأيكم ؟
                ## شكرا على التصويب

                تعليق

                • سائد ريان
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 01-09-2010
                  • 1883

                  #9
                  الاخت الاديبة دينا نبيل
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  اعلم بان ذلك ليس هو المقصود فقد اتضحت الصورة في رد الاستاذ ابو زيد
                  ولكن من باب الالتزام الادبي ذكرت لكِ ما جال في خاطري ..
                  وعلى كل فمنكم نستفيد

                  اما عن التشبيه فأنا لا اظنه تشبيه صحيح
                  بل و مخالف للفطرة .. لماذا ؟؟؟؟

                  لأن الام لا تكره إبنها أبداً

                  فلو كانت مصر إمرأته اسوة بإمرأة فرعون ودعائها بأن يبني الله لها بيت في الجنة - الآية -
                  لكان التشبيه اقرب

                  اما المخلوع ( مبارك ) فحتى تراب الارض يكرهه

                  لي عودة بمشيئة الله


                  تحاياي

                  تعليق

                  • دينا نبيل
                    أديبة وناقدة
                    • 03-07-2011
                    • 732

                    #10
                    أشكرك سيد سائد على المرور

                    لكني أخالفك الرأي فالأم قد تمقت ابنها و لو كانت لا تظهر هذ ا

                    إن كان ابنا شقيا عاقا شطح في طغيانه .. فتود لو أنها لم تنجبه إلا أنها لا تصرح بهذا وهذا ما ذكرته
                    في القصة

                    تعليق

                    يعمل...
                    X