ثرثرة فوق هضاب الصمت
الف من السنين مرت ،عبرت كوة عقلي ،واخترقت محيط حيرتي، ومزقت برازخ سكوني، خبت ناري الموقده خلف ذلك الديجور،الذي راح يلفنا بردائه المعتم ،.حيث يقبع مارد اسود ،كل ليلة يأتي، لا نعرف من اين يأتينا او نعرف سرا لمجيئه ،كل شيء يكتنفه الغموض ،وأنا هنا اترقبه من خلال تلك النافذة القميئة ،هو الوحيد الذي اليه أرنو أخاف قدومه وأحن اليه حين يؤوب ،
لكنه قدر محتوم سوف يأتي بلا ريب ،دون اذن منا، شئنا أم أبينا ، يقدم إلينا حاملا للعشْق راية، يُسلم العالم الى سكون لذيذ ، حيث تهجع الكلمات في أقبية العقل ، وتمر الساعات يتقاصر فيها الزمن كومضات برق ، لمن لم يبتلى بعشق أو يأخذه السبات العميق ، اما انا العاشق الولهان المبتلى بحميا العشق والهذيان ،فتمر الساعات ثقيلة وكأنها مشدودة الى ذلك القمر البعيد بحبال العتمة لتعيق كل محاولة منه للهروب ، قمرا كلما صار تماما يحرك نوبات من هستريا انفعاليه ، تخرجني من مألوف المعقول لدى اولئك المجانين ، ويجعلني اغرق في فوبيا المجهول ،دقات الساعة نبض يسري في اوصالي كل ثانية منها تجعلني احلق في هذا الفضاء السرمدي اسير سير هذه الكرة المفلطحة والتي لا يعرف لها من مستقر ، منذ مليارات السنين وهي تدور بلا قرار .
أدور معها أطارد الكواكب من أثير الى سديم حتى أدرك رجوم الشياطين وأعود . تسير تلك الخيوط المعتمة بلا كلل ولا عناء نحو تلك الوهاد نحو السهوب والبراري ، لا أحد يقف بوجه البطل المغوار الرابض على قلبي ،فهو الحاكم الوحيد، حتى يشاء له أن يرحل من جديد، حين (يعلو صوت الاذان بالتكبير )تنقلب الصورة ، فيأتي البديل ،تدب الحركة في كل الشوارع ويتنفس الصبح ملئ رئتيه ، يتمطى ،يتثاءب ، يتمزق الصمت بعد ان يخرج من شرنقته العتيدة ، يقد م فارسا اخر شاهرا سيفه يهزم تلك الجحافل المتبقية من الظلام ، يعلن ميلاد يوم جديد بعد تقهقر مزعوم ، من خلف تلك الاسوار
تتسلق خيوط النور فلول الظلام الهاربة وتتكئ عليها متئدة ، فمنذ فجر التأريخ وهذه الحرب لازالت سجال يوم له ويوم عليه ، تدب خطاه بحركة حثيثة لا يترك شاخصا على الارض إلا ويرسم له ظلا، هناك بعيدا عن أعين الناظرين اقتنص الضوء شبحينا انا وهي ، هي جاءت من خلف المجهول وأنا ظلا هاربا من جسدي .كون َّ القادم لنا ظلا ومضى غير آبه لنا تركنا وذهب بعيدا اقترب ظلينا حتى صارا ظلا واحدا ، وكعقرب ساعة دار الظل ، أمتد أمامنا حتى كاد يلامس الضفة الاخرى امتزج الجزء من الظل بالكل ، فزعت كل المصابيح استبد بها الذعر خافت تلك الأرتال المهاجمة من جديد فأعلنت عن وجودها تجاوزت حدود المكان هيأت لنفسها مكان لتتوسد تلك العتمة وتنام ، حتى تغرق في بحر الضوء من جديد يتباعد ظلنا يصبح اثنين صوت يشرع جناحيه في هذا الغبش مع تلك النسمات:_ كم لبثنا ونحن نجتر من سحر الحديث
قلت :_ دورة ظل ،وليل ،وساعة
قالت :_ أزفت ساعة اللقاء إذا ( دعنا نرحل )
قلت :_أين ترحلين
قالت :_ إلى ذلك اليم العميق فهو داري ومستقري . ثم تركتني ورحلت حاولت اللحاق بها ، صرخت بأعلى صوتي إياك والذهاب هاهو البحر يبتلعك تجاوزت الشاطئ ثم اختفت شيئا فشيئا حتى ضاعت في لجة البحر وهذيانه المحموم ، (إنها هناك ، إنها هناك ،إن حبيتي تغرق ) لم يصدقوني وأجبروني أن أوقع لهم بأني سوف لن
أفارق ظلي بعد اليوم ، ثم أعادوه اليّ بعد ان ضبطوه في ردهات النساء يتسكع شدوه الى جسدي من جديد، أعادوني الى غرفة اللعب مع الكهرباء همست الدكتورة بأذني وقالت :_ قاتل الله كل مدع اي حب هو
هذا الذي تدعيه ، فمنذ ان مات قيس على شاهد قبر ليلى ما عاد للحب من وجود إلا في احلام المجانين ، هُجر العشق وأخذ الناس يمتهنون معسول الكلام في اسواق الاوهام المجردة . لم أأبه لكلامها لأنها تريد ان تخرجني من عالم المثل المجردة الى عالمها الفقير ، جردوا رأسي من كل العوازل الكهربائية ثم شدوني الى سرير تحيط به أسلاك نحاسيه براقة ،من كل جانب غذوني بالموصلات ، الأضواء تتراقص أمام عيني ، ارادوا ان يحولوني الى مصباح لكني احترقت قبل ان أضئ ، أعطوني الاذن بأ ن اصرخ بأعلى صوتي فالصراخ غير محضور ، حاولت أن أتذكر كم مجنونا يحيط بي : لم أعرف كل ما عرفته أن جسدي غادر المكان وبقى ظلي شاهدا على انني كنت يوما جزءا من هذا الفراغ..............!!
تعليق