ندوة الإربعاء 27-7 ( الشعراء والثورة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صادق حمزة منذر
    الأخطل الأخير
    مدير لجنة التنظيم والإدارة
    • 12-11-2009
    • 2944

    ندوة الإربعاء 27-7 ( الشعراء والثورة )

    [align=center][table1="width:95%;background-color:black;border:10px double black;"][cell="filter:;"][align=center]
    [frame="2 98"]

    الأخوات والأخوة الأفاضل
    يدعوكم الصالون الأدبي (2)
    وفي تمام الـ 11 مساء بتوقيت القاهرة
    لحضور ندوة بعنوان
    " الشعراء العرب و حركة التحرر العربي "



    [/frame]


    [frame="2 98"]
    حيث سنرصد تأثير حركة التحرر العربي والفكر الثوري
    في المشهد الثقافي العربي المعاصر



    [/frame]


    [frame="2 98"]
    يعد الندوة ويقدمها
    المفكر العربي أ. يسري راغب

    [/frame]

    فكونوا معنا وشاركونا الحوار
    [/align][/cell][/table1][/align]




  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    #2
    اخي العزيز
    الاستاذ صادق الغالي
    مابين فلسطين والثورة هاتف ينام ويستيقظ على صوت عربي
    كان الصوت من قلب العروبة القاهرة يوم ان هبت قوى التحرر العربي بقيادة جمال عبد الناصر
    فكان القائد والزعيم الملهم للشعراء كل اناشيد وقصائد واغاني الحرية
    مع فلسطين والقدس وعبدالناصر نعيش هذه الامسية في الذكرى الستين لانطلاقة ثورة يوليه 1952م
    فلنتابع تلك الهامات التي طالت بابداعها قامة الثورة الام في عالمنا العربي

    1
    قصيدة / الشهيد
    للشاعر : علي محمود طه


    أَخِي ، جَاوَزَ الظَّالِمُونَ المَـدَى=فَحَقَّ الجِهَادُ ، وَحَقَّ الفِـدَا
    أَنَتْرُكُهُمْ يَغْصِبُونَ العُرُوبَــةَ=مَجْدَ الأُبُوَّةِ وَالسُّــؤْدَدَا ؟
    وَلَيْسُوا بِغَيْرِ صَلِيلِ السُّيُـوفِ=يُجِيبُونَ صَوْتَاً لَنَا أَوْ صَدَى
    فَجَرِّدْ حُسَامَكَ مِنْ غِمْــدِهِ=فَلَيْسَ لَـهُ، بَعْدُ ، أَنْ يُغْمَـدَا
    أَخِي، أَيُّهَـــا العَرَبِيُّ الأَبِيُّ=أَرَى اليَوْمَ مَوْعِدَنَا لاَ الغَـدَا
    أَخِي، أَقْبَلَ الشَّرْقُ فِي أُمَّــةٍ=تَرُدُّ الضَّلالَ وَتُحْيِي الهُـدَى
    أَخِي، إِنَّ فِي القُدْسِ أُخْتَاً لَنَـا=أَعَدَّ لَهَا الذَّابِحُونَ المُــدَى
    صَبَرْنَا عَلَى غَدْرِهِمْ قَادِرِيـنَ=وَكُنَّا لَهُمْ قَدَرَاً مُرْصَــدَا
    طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ طُلُوعَ المَنُــونِ=فَطَارُوا هَبَاءً ، وَصَارُوا سُدَى
    أَخِي، قُمْ إِلِى قِبْلَةِ المَشْرِقَيْـن ِ=لِنَحْمِي الكَنِيسَةَ وَالمَسْجِـدَا
    يسوع الشهيد على ارضها =يعانق، في جيشه ، احمدا
    أَخِي، قُمْ إِلَيْهَا نَشُقُّ الغِمَـارَ=دَمَاً قَانِيَاً وَلَظَىً مُرْعِــدَا
    أَخِي، ظَمِئَتْ لِلْقِتَالِ السُّيُوفُ=فَأَوْرِدْ شَبَاهَا الدَّمَ المُصْعَـدَا
    أَخِي، إِنْ جَرَى فِي ثَرَاهَا دَمِي=وَشَبَّ الضَّرَامُ بِهَا مُوقــدَا
    فَفَتِّشْ عَلَى مُهْجَـــةٍ حُرَّةٍ=أَبَتْ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَا العِــدَا
    وَخُذْ رَايَةَ الحَقِّ مِنْ قَبْضَــةٍ=جَلاَهَا الوَغَى ، وَنَمَاهَا النَّدَى
    وَقَبِّلْ شَهِيدَاً عَلَى أَرْضِهَــا=دَعَا بِاسْمِهَا اللهَ وَاسْتَشْهَـدَا
    فِلَسْطِينُ يَفْدِي حِمَاكِ الشَّبَابُ=وَجَلَّ الفِدَائِيُّ وَالمُفْتَــدَى
    فِلَسْطِينُ تَحْمِيكِ مِنَّا الصُّـدُورُ=فَإِمَّا الحَيَاةُ وَإِمَّــا الرَّدَى
    -----------------------------------------------------
    ارادة الحياة
    للشاعر التونسي / ابو القاسم الشابي
    -----------------------


    إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة=فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
    ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي=ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ
    ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة=تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
    فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـا=ة مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ
    كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ=وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ
    ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج=وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ:
    إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ=ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ
    ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب=ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ
    ومن يتهيب صعود الجبال=يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ
    فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب=وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ...
    وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ=وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ
    وقـالت لـي الأرضُ - لمـا سـألت:=أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــرْ?
    أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح=ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ
    وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ=ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ
    هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة=ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ
    فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ=ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ
    ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم=لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ
    فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا=ة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ!
    وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف=مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجـــرْ
    ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم=وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ
    سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ,=لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــرْ?
    فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام=ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ
    وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ=مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ:
    يجــئ الشــتاءُ, شــتاء الضبـاب=شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ
    فينطفــئُ السِّـحرُ, سـحرُ الغصـونِ=وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ
    وســحرُ السـماءِ, الشـجيُّ, الـوديعُ=وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ
    وتهـــوِي الغصــونُ, وأوراقُهــا=وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ
    وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ,=ويدفنُهَــا الســيلُ, أنَّــى عــبرْ
    ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ,=تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ
    وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ=ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ, غَــبَرْ
    وذكــرى فصــولٍ, ورؤيـا حيـاةٍ,=وأشــباحَ دنيــا, تلاشــتْ زُمَـرْ
    معانقــةً - وهـي تحـت الضبـابِ,=وتحــت الثلـوجِ, وتحـت المَـدَرْ -
    لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ=وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ
    وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ=وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ
    ويمشـي الزمـانُ, فتنمـو صـروفٌ,=وتــذوِي صــروفٌ, وتحيـا أُخَـرْ
    وتُصبِـــحُ أحلامُهـــا يقظَـــةً,=مُوَشَّـــحةً بغمـــوضِ السَّــحَرْ
    تُســائل: أيــن ضبـابُ الصبـاحِ,=وسِــحْرُ المسـاء? وضـوء القمـرْ?
    وأســرابُ ذاك الفَــراشِ الأنيــق?=ونحــلٌ يغنِّــي, وغيــمٌ يمــرْ?
    وأيـــن الأشـــعَّةُ والكائنــاتُ?=وأيــن الحيــاةُ التــي أنتظــرْ?
    ظمِئـتُ إلـى النـور, فـوق الغصونِ!=ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ!
    ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ, بيـن المـروجِ,=يغنِّــي, ويــرقص فـوقَ الزّهَـرْ!
    ظمِئــتُ إلــى نَغَمــاتِ الطيـورِ,=وهَمْسِ النّســيمِ, ولحــنِ المطــرْ
    ظمِئـتُ إلـى الكـونِ! أيـن الوجـودُ=وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــرْ?
    هـو الكـونُ, خـلف سُـباتِ الجـمودِ=وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ
    ومـــا هــو إلا كخــفقِ الجنــا=حِ حــتى نمــا شــوقُها وانتصـرْ
    فصَـــدّعت الأرضَ مــن فوقهــا=وأبْصــرتِ الكـونَ عـذبَ الصُّـوَرْ
    وجـــاء الـــربيعُ, بأنغامِـــه,=وأحلامِـــه, وصِبـــاه العطِــرْ
    وقبَّلهـــا قُبَـــلاً فــي الشــفاهِ=تعيــدُ الشــبابَ الــذي قـد غَـبَرْ
    وقــال لهــا: قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَ=وخُــلِّدْتِ فــي نســلكِ المُدّخَــرْ
    وبـــاركَكِ النُّـــورُ, فاســتقبلي=شــبابَ الحيــاةِ وخِــصْبَ العُمـرْ
    ومَــن تعبــدُ النــورَ أحلامُــه,=يُبَارِكُـــهُ النّــورُ أنّــى ظهــرْ
    إليــكِ الفضــاءَ, إليــكِ الضيـاءَ=إليــك الــثرى, الحـالمَ, المزدهـرْ!
    إليــكِ الجمــالَ الــذي لا يَبيــدُ!=إليــكِ الوجـودَ, الرحـيبَ, النضِـرْ!
    فميـدي - كمـا شئتِ - فوق الحقولِ,=بحــلوِ الثمــارِ وغــضِّ الزّهَــرْ
    ونــاجي النســيمَ, ونـاجي الغيـومَ,=ونــاجي النجــومَ, ونـاجي القمـرْ
    ونـــاجي الحيـــاةَ وأشــواقَها,=وفتنــةَ هــذا الوجــود الأغــرْ
    وشـفَّ الدجـى عـن جمـالٍ عميـقٍ,=يشُــبُّ الخيــالَ, ويُــذكي الفِكَـرْ
    ومُــدّ عـلى الكـون سِـحرٌ غـريبٌ=يُصَرّفــــه ســـاحرٌ مقتـــدرْ
    وضـاءت شـموعُ النجـومِ الوِضـاءِ,=وضــاع البَخُــورُ, بخـورُ الزّهَـرْ
    ورفــرف روحٌ, غــريبُ الجمـال=بأجنحــةٍ مــن ضيــاء القمــرْ
    ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ=سُ فــي هيكـلٍ, حـالمٍ, قـد سُـحِرْ
    وأعْلِــنَ فــي الكـون: أنّ الطمـوحَ=لهيـــبُ الحيــاةِ, ورُوحُ الظفَــرْ
    إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ=فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر

    --------------------------------
    قصيدة / المعركة
    للشاعر الفلسطيني / معين بسيسو
    ----------
    المعركة

    أنا إن سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح

    وانظر إلى شفتي أطبقتا على هوج الرياح

    أنا لم أمت! أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراح

    واقرع طبولك يستجب لك كل شعبك للقتال

    يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد الموت زال

    يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد الموت زال

    ولتحملوا البركان تقذفه لنا حمر الجبال

    هذا هو اليوم الذي قد حددته لنا الحياة

    هذا هو اليوم الذي قد حددته لنا الحياة

    للثورة الكبرى على الغيلان أعداء الحياة

    فإذا سقطنا يا رفيقي في حجيم المعركة

    فإذا سقطنا يا رفيقي في حجيم المعركة

    فانظر تجد علما يرفرف فوق نار المعركة

    ما زال يحمله رفاقك يا رفيق المعركة

    ما زال يحمله رفاقك يا رفيق المعركة

    ---------------------------






    تعليق

    • يسري راغب
      أديب وكاتب
      • 22-07-2008
      • 6247

      #3
      أهلاً بعبد الناصر
      للشاعر السوري / سليمان العيسى


      أهلاً .. بعبد الناصرِ=أهلاً .. بحلم الشاعرِ
      أهلاً .. بماضينا العظيم ،=يُطلّ بسمةَ ثائرِ
      ويجسِّد الحلم الكبير ،=على شفاه الحاضر
      أهلاً .. بزمجرة النسور=كواسراً ، بكواسر
      أهلاً .. بأغنية الصبايا ،=في الكفاح الظافر
      أهلاً .. صغاري يرقصون=على جناحَيْ طائر
      ويقبِّلونك .. فاتحين=قلوبهم .. للزائرِ
      أهلاًَ .. دموعي في السطور=قصيدتي ، وخواطري
      أهلاً .. مدينتيَ الكبيرةُ=زغرداتُ بشائرِ
      وحناجرٌ .. هَدرت لتَغرقَ=في هديرِ حناجرِ
      أنا ضائع بين الجموع ،=تموجُ نارَ مَشاعرِ
      الدرب .. غطاه الصغار ،=كوشي روضٍ ناضرِ
      والأرض تزخر بالحشود ،=كأنّ رُقيْةَ ساحر
      عقدت لسانَهمُ على=اسم جمال عبد الناصرِ !
      أهلاً .. مدينتيّ الطّروب=جنونُ حب غامرِ
      زحفت على النبأ الحبيب..=مع الغمام الهادرِ
      سَيْلان هدّاران .. جُنّا=في الصباح الباكر
      سيلان .. من شعب يموج ،=ومن سحابٍ ماطرِ
      زحفت مدينتيَ الطروب=مع الغمام الهادر
      زحفت بأجمعها .. تريد=عناق عبد الناصرِ !
      يا مارد العرب الحبيبِ ،=أأنت؟ أم حلمٌ أطلا !
      جُمعت على الشفة الخواطرُ=كلها: أهلا وسهلا !
      ألعرس .. عرس المجد ، لم=تر أمتي أشهى ، وأحلى
      عبثاً .. أفتش عن خيالٍ ،=حسبيَ العبراتُ تمْلي
      حسبي هتاف : يا جمال !=ترده الآلاف جّذلى
      حسبي دويّ الشعب :=أهلاً قائد الأحرار أهلا !
      أنا من عرينك في الشمال ،=تمرُّ بي الأعراسُ عجلى
      من قلعة الأبطال ، من حلبٍ ،=أعُلّ البِشْرَ عَلا
      هي بانتظارك يا جمال ،=لتستحيلَ الأرض فُلا
      وبنفسجاً ، وزنابقاً=عربيةً ، وندىً وظلا
      ومواكباً كالرعد ، تهزج=للرئيس ، وقد أطلا
      النافضِ الأجيال عن=أعناقِنا رهَقاً وذلاً
      الصانع التاريخ مَلْحَمةً=بساح المجد تُتْلى
      الشعب ظامٍ يا جمال ،=فَبُلّ نار الشوق بُلا !
      ألقلعة الشمّاء يقتلها=الحنين إليكَ قتلا
      وحسامُ سيف الدولة=الجبار مَلّ الغمد مَلا
      إني لألمح نصله=في القبضة السمراء سُلا
      أهلا .. فتى العرب الحبيب ،=وحلمَهم .. أهلا وسهلا !


      عبد الناصر في حلب
      للشاعر السوري / سليمان العيسى

      ناجاك شعري دفقةً من ضياءْ=وثورةً .. فجّرها الأنبياءْ
      جمال .. يا أغنيةً حلوةً=شق بها شعبي عنان الفضاءْ
      يُقَطِّع الإعياءُ أنفاسه=ولا يَملّ اسمك حلوة الحداءْ
      جمال .. يا أسطورةً من هوىً=تموج في أرضي ، ومن كبرياء
      ما أنتَ ؟ تاريخٌ غفا حقبةً=ثم تمطّى عن جوابِ السماءْ
      ما أنت؟ ميلادٌ سفحنا على=دروبه الدمعَ ، وخضنا الدماء
      ميلادُ شعبٍ ملّ قتلَ الدجى=يبحث عن معجزةٍ ، عن رجاءْ
      عن بطلٍ .. يصهر تاريخنا=في بسمة ثائرة ، في نداءْ ..
      عن أسمرٍ .. من قلب صحرائنا=يفجّر الصحراء ظلا وماء
      ألفٌ من الأعوام غُبْرُ الخطى=سودٌ ، أناخت فوق رأسي ، ظماءْ
      نفضتُها عني ، وعن أمتي=في طلّة الأسمر .. هذا المساءُ
      أأحبس الدمعة في مقلتي ؟=للفرح الطاغي دموعُ الإباء
      يا أملَ الأجيال .. حوِّم على=تخوم هذا الوطن الثائرِ !
      حَوِّمْ .. فهذا الموج – أنّى تسِر-=تعانق الزاخر بالزاخر
      أنى تَسِرْ .. فالشعب يا أسمري=إعصارُ حبٍّ كاسحٍ هادر
      لَوِّحْ له.. في كل إيماءةٍ=مستقبلٌ أكثر من زاهر
      إبسم له.. في كل إطلالة=حضارةٌ في فجرها الظافر
      عدنا إلى التاريخ .. يا أسمري=عدنا .. كصوت القدَر القاهر
      بين المحيطين .. لنا طلعةٌ=بألف فجر عَبِقٍ ناصرِ
      بين المحيطين .. لنا أمةٌ=مدت إلى الخلد يديْ قادرِ
      بين المحيطين .. لنا دولةٌ=رايتها في قبضَتيْ ناصرِ
      يا روعة البركان .. فوق الرؤى=وفوق خَلْج الشعرِ والشاعر
      لن يهدأ الزحفُ .. وفي أمتي=ظلٌ "لعلجٍ" غاصبٍ غادر
      لن يقفَ الزحفُ ، وفي أمتي=عرش "لعبد" قَزَمٍ فاجرِ
      يا أملَ الأجيال.. إنّا هنا=نضمّ بالروح جناح البَطَلْ !
      نحرس بالأكباد أحلامه=نوقظها في كل صدرٍ شُعلْ
      إنّا هنا.. فاملأ رحاب المدى=بنا ، ونَضِّرْ شامخات القُلل
      إخوتنا خلف سدود الدجى=يرنون ، والفجرُ وأنتَ الأمَلْ
      إخواتُنا الثوار .. يا اسمري بها=درات النيل شدّوا المُقَلْ
      بالشام ، بالوحدة ، عملاقها=مدّ إلى الشمس يداً واكتحلْ
      إخوتنا الثوار .. باسم الضحى=باسم جمالٍ ، يصفعون الأجلْ
      دماؤهم في الساح أنشودةُ=السفح إذا غنّى ، وعطرُ الجبَل
      إخوتنا في القدس ، في دجلةٍ=ينازلون البغي ، انّى مَثَلْ
      يصارعون الغدْرَ مستشرياً=يرنون ، والنصر وأنت الأملْ
      ويلفظ الثائرُ أنفاسه=وزادُهُ في النزع طيفُ البطل
      بين المحيطين.. لنا وقفةٌ=ودولةٌ جبارةٌ .. لا دُوَلْ

      ------------------------------------------------

      في عيد الوحدة
      للشاعر السوري / سليمان العيسى


      أنا في هدرة الحناجر ، أنسابُ=هتافاً ملءَ الدجى ، ودويا
      أنا في زحمة الجماهير ، لا أملكُ=إلا الدموع في مقلتيّا
      الأهازيج تُرعش الأفق حولي=وتصبّ الحياة في مسعميا
      أنا في زحمة الطريق ، وغابٌ=من زنودٍ سُمْرٍ يرِفّ عليا
      الأغاريد .. أي كأسٍ أديرت=في حنايا الدجى ، وأي حميّا !
      فرحةُ الضائعين عادوا مع الفجر=يصوغونه ضحىً أبديا
      فرحةُ الشعب ، شعبنا وهو يطوي=ظلمات العصر والذل طيّا
      وعنانُ التاريخ في قبضتيْه=يا عناني انطلقْ ، ودعْ فبضتيّا
      أنا في سكرةٍ مع الشارع النشوان ،=ازجي ، مرنّحاً ، قدميا
      أنا في سكرة دفنت بها الليل ،=وصنت الصباح في جانحيا
      أطفأوا النور ألف عام بعينيّ ،=ولموا الأفراح عن شفتيا
      لا تلمني ، فلن أعدّ حياتي=في دورب الضياعِ والذلِ شيّا
      منذ يومين قد وُجدت ، فعمري=يوم أعلنتُ مولدي العربيا
      أنا في زحمة الحناجر أنسابُ=جنوناً حينا ، وحيناً ذهولا
      لحظاتٌ .. والليل يرقص ،=والأضواء تعلو مدينتي إكليلا
      وعلى الأفق نجمةٌ هزّها العيدُ=فروّت جاراتها تقبيلا
      لحظاتٌ .. غنَّيتُ في حلمها شعري=وصارعتُ ليلَها مغلولا
      يا ليالي الضياع ، والقيد ، زولي=نحن باقون وحدةً لن تزولا
      وحدة .. تلهم الكواكبَ مسراها=وتمشي في القفر ظلاً ظليلا
      وحدة .. في السماء والأرض منها=لهبٌ يغسل الأذى والدخيلا
      وحدة .. تَفْجُرُ الينابيع في الكون=فراتاً يسقي العطاش ونيلا
      وحدة .. تجمع المشرّد بالأهلِ ،=عناقاً بعد الفراق طويلا
      وتلمّ المعذبين بأرضي=موجةً لن تضلّ بعدُ السبيلا
      يا ليالي الضّياع والذل غوري=تحت أقدامنا رعيلا رعيلا
      عربيّ الشعاع هذا الضحى=المتلعُ جيداً إلى الخلود أصيلا
      سلبتنا الدنيا قناديلنا الزهرَ ،=فعدنا .. نُحيلها قنديلا
      أين أهلي ؟ أضمُهم وأدقّ=الكأس نخبَ انطلاقهِ العملاق
      منذ يومين قد وُلدتُ ، فصبِّيني=نشيداً يا روعةَ الإشراقِ
      أين أهلي على الذرى الشمّ في=لبنان ؟.. تحلو في العيد كأس التلاقي
      أينَ أهلي.. في القدس، فوق الضفاف=الخضر، ضجّت في صدرهم أشواقي
      أين بغداد معقلُ الصيِّد من قومي=تدكّ الأسوارَ بين العناقِ
      لكأني أجرّ خلفي حطاماً=من عقال في زندها ووثاقِ
      العراقُ الحبيبُ .. طال دجاه=أنا أدرى بصاعقات العراقِ
      أين أهلي فالعيد في كل صدرٍ=زغرداتٌ تضيء في الآفاق
      خذ جناحي في الشرق واترك جناحاً=لي على الأطلسي .. لفّ رفاقي
      يا صقورَ الجزائر السمر ، عيدي=وقصيدي لكم ، ووهج احتراقي
      يا دويّ الرصاص زغرد على "الأ=هراس"..باقٍ عرسُ العروبة باقِ
      لن نردّ السيوف في الغمد حتى=نلتقي تحت بندنا الخفاقِ
      وأزيحُ العصورَ عني ضباباً=في ضباب ، وغمةً كالجبالِ
      ويلوحُ التاريخ تاريخ قومي=شعلاً من حضارةٍ وجلالِ
      همدت ، ريثما نعدّ لها الخلد ،=ونُلقي قيادها لجمالِ
      فاشهديه يا أرضُ ميلادَ شعبي=وتملّيْ مواكب الأبطالِ
      ينسجون الحياة عزاً ، ويمضون ،=فمن ريشهم شموخُ الأعالي
      قد طلعنا يا أرض.. وحدتنا=الكبرى مصيرٌ في قبضة الأشبال
      قدَرٌ عودةُ الربيع إلى الدنيا ،=فدقِّي السدود للشلالِ
      قد طلعنا ، فاي سدّ كسيح=سيعوق انتفاضةَ الأجيال !
      اسمرَ النيل .. في حنايا بلادي=ظمأ ، والمعينُ دفقُ زُلالِ
      إسقنا النصرَ ساحةً بعد أخرى=من نضال مظفَّرٍ لنضالِ
      لك منا العيون تنزل فيها=بسمات يُشرقن بالآمالِ
      لك منا الزنود يا حاطم الأغلال ،=فاضرب بقيةَ الأغلالِ
      الملايين في ثرى الضاد حُلْمٌ=يتحدى بالأسمر الرئبالِ
      هات لي اخوتي .. فروعةَ عيدي=فوق شعري غداً وفوق خيالي
      يوم أمشي .. في الأطلسيّ يميني=دون حدٍّ ، وفي الخليج شمالي

      -------------------------------------

      قتلناك يا آخر الأنبياء
      للشاعر السوري / نزار قباني
      --------------------
      قتلناك ……
      فليس جديداً علينا
      اغتيال الصحابة والأولياء
      فكم من رسول قتلنا
      وكم من إمام ذبحناه
      وهو يصلى صلاة العشاء
      فتاريخنا كله محنة
      وأيامنا كلها كربلاء


      نزلت علينا كتابا جميلاً
      ولكننا لا نجيد القراءة
      وسافرت فينا لأرض البراءة
      ولكننا ما قبلنا الرحيلا
      تركناك فى شمس سيناء وحدك
      تكلم ربك فى الطور وحدك
      وتعرى ..وتشقى ..وتعطش وحدك
      ونحن هنا نجلس القرفصاء
      نبيع الشعارات للأغبياء
      ونحشو عقول الجماهير تبناً ..وقشاً
      ونتركهم يعلكون الهواء


      قتلناك يا جبل الكبرياء
      وأخر قنديل زيتٍ
      يضيئ لنا فى ليالى الشتاء
      وأخر سيف من القادسية
      قتلناك نحن بكلتا يدينا
      وقلنا :المنية
      لماذا قبلت المجىء الينا؟
      فمثلك كان كثيراً علينا
      سقيناك سم العروبة حتى شبعت
      رميناك فى نار عمان حتى احترقت
      أريناك غدر العروبة حتى كفرت
      لماذا ظهرت بأرض النفاق
      لماذا ظهرت ؟
      فنحن شعوب من الجاهلية
      ونحن التقلب
      نحن التذبذب
      والباطنية ..
      نبايع أربابنا فى الصباح
      ونأكلهم حين تأتى العشية


      قتلناك يا حبنا وهوانا
      وكنت الصديق ، وكنت الصدوق، وكنت أبانا
      وحين غسلنا يدينا ..
      اكتشفنا بأنا قتلنا مُنانا
      وأن دماءك فوق الوسادة ..
      كانت دمانا
      نفضت غبار الدراويش عنا
      أعدت إلينا صبانا
      وسافرت فينا إلى المستحيل
      وعلمتنا الزهو والعنفوانا
      ولكننا …
      حين طال المسير علينا ..
      وطالت أظافرنا ولحانا
      قتلنا الحصانا ..
      فتبّت يدانا ..
      فتبّت يدانا ..
      أتينا إليك بعاهاتنا ..
      وأحقادنا وانحرافاتنا
      إلى أن ذبحناك ذبحاً
      بسيف أسانا
      فليتك فى أرضنا ما ظهرت
      وليتك كنت نبى سوانا


      أبا خالد يا قصيدة شعر
      تقال.. فيخضر منها المداد
      إلى أين ؟
      يا فارس الحلم تمضى
      وما الشوط
      حين يموت الجواد
      إلى أين ؟
      كل الأساطير ماتت
      بموتك وانتحرت شهرزاد


      ***
      وراء الجنازة سارت قريش
      فهذا هشام .. وهذا زياد
      وهذا يريق الدموع عليك
      وخنجرة تحت ثوب الحداد
      وهذا يجاهد فى نومه
      وفى الصحو يبكى عليه الجهاد
      وهذا يحاول بعدك
      وبعدك ..كل الملوك رماد
      وفود الخوارج جاءت جميعاً
      لتنظم فيك ملاحم عشق
      فمن كفروك ..ومن خونوك
      ومن صلبوك بباب دمشق


      ***
      أنادى عليك أبا خالد
      وأعرف أنى أنادى بوادٍ
      وأعرف أنك ان تستجيب
      وأن الخوارق ليست تعاد
      -------------



      آخر تانغو في الصعيد
      للشاعر السوري / محمد الماغوط

      إعصار جديد في أميركا
      حوت جديد في اليابان
      أرز جديد في الصين
      زهور جديدة في هولندة
      سجاد جديد في إيران
      قريدس جديد في الإمارات
      قات جديد في اليمن
      طائفة جديدة في لبنان
      لغة جديدة في الجزائر
      كنيسة جديدة في فلسطين
      جامع جديد في السودان
      هرم جديد في مصر
      مصيبة جديدة في العراق
      شعار جديد في دمشق

      *
      أيتها الأغصان الباردة كأطراف الموتى
      أيتها المواهب الذابلة في ربيعها الأول
      أيتها السجون المزدحمة بالأحرار
      أيتها القطارات الغاصة بالمهاجرين
      أيتها الخطب المرتجلة من الشرفات
      أيتها المسيرات المعطلة في كل مكان
      أيها المتثائبون والمتثائبات:
      في المطابخ
      في المقاهي
      في الحقول
      في المدارس
      في المعابد
      في الفنادق
      في المسابح
      في المباغي
      في المعسكرات...

      أما من عبد الناصر جديد ولو برتبة عريف؟
      ---------------

      تعليق

      • يسري راغب
        أديب وكاتب
        • 22-07-2008
        • 6247

        #4
        ::: لا تصالح :::


        (1 )

        لا تصالحْ!
        ..ولو منحوك الذهب
        أترى حين أفقأ عينيك
        ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
        هل ترى..؟

        هي أشياء لا تشترى..:

        ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،

        حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،

        هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،

        الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..

        وكأنكما

        ما تزالان طفلين!

        تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:

        أنَّ سيفانِ سيفَكَ..

        صوتانِ صوتَكَ

        أنك إن متَّ:

        للبيت ربٌّ

        وللطفل أبْ

        هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟

        أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..

        تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟

        إنها الحربُ!

        قد تثقل القلبَ..

        لكن خلفك عار العرب

        لا تصالحْ..

        ولا تتوخَّ الهرب!

        (2)

        لا تصالح على الدم.. حتى بدم!

        لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ

        أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟

        أقلب الغريب كقلب أخيك؟!

        أعيناه عينا أخيك؟!

        وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك

        بيدٍ سيفها أثْكَلك؟

        سيقولون:

        جئناك كي تحقن الدم..

        جئناك. كن -يا أمير- الحكم

        سيقولون:

        ها نحن أبناء عم.

        قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

        واغرس السيفَ في جبهة الصحراء

        إلى أن يجيب العدم

        إنني كنت لك

        فارسًا،

        وأخًا،

        وأبًا،

        ومَلِك!

        (3)

        لا تصالح ..

        ولو حرمتك الرقاد

        صرخاتُ الندامة

        وتذكَّر..

        (إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)

        أن بنتَ أخيك "اليمامة"

        زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-

        بثياب الحداد

        كنتُ، إن عدتُ:

        تعدو على دَرَجِ القصر،

        تمسك ساقيَّ عند نزولي..

        فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-

        فوق ظهر الجواد

        ها هي الآن.. صامتةٌ

        حرمتها يدُ الغدر:

        من كلمات أبيها،

        ارتداءِ الثياب الجديدةِ

        من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!

        من أبٍ يتبسَّم في عرسها..

        وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..

        وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،

        لينالوا الهدايا..

        ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)

        ويشدُّوا العمامة..

        لا تصالح!

        فما ذنب تلك اليمامة

        لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،

        وهي تجلس فوق الرماد؟!

        (4)

        لا تصالح

        ولو توَّجوك بتاج الإمارة

        كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟

        وكيف تصير المليكَ..

        على أوجهِ البهجة المستعارة؟

        كيف تنظر في يد من صافحوك..

        فلا تبصر الدم..

        في كل كف؟

        إن سهمًا أتاني من الخلف..

        سوف يجيئك من ألف خلف

        فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة

        لا تصالح،

        ولو توَّجوك بتاج الإمارة

        إن عرشَك: سيفٌ

        وسيفك: زيفٌ

        إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف

        واستطبت- الترف

        (5)

        لا تصالح

        ولو قال من مال عند الصدامْ

        ".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."

        عندما يملأ الحق قلبك:

        تندلع النار إن تتنفَّسْ

        ولسانُ الخيانة يخرس

        لا تصالح

        ولو قيل ما قيل من كلمات السلام

        كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟

        كيف تنظر في عيني امرأة..

        أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟

        كيف تصبح فارسها في الغرام؟

        كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام

        -كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام

        وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟

        لا تصالح

        ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام

        وارْوِ قلبك بالدم..

        واروِ التراب المقدَّس..

        واروِ أسلافَكَ الراقدين..

        إلى أن تردَّ عليك العظام!

        (6)

        لا تصالح

        ولو ناشدتك القبيلة

        باسم حزن "الجليلة"

        أن تسوق الدهاءَ

        وتُبدي -لمن قصدوك- القبول

        سيقولون:

        ها أنت تطلب ثأرًا يطول

        فخذ -الآن- ما تستطيع:

        قليلاً من الحق..

        في هذه السنوات القليلة

        إنه ليس ثأرك وحدك،

        لكنه ثأر جيلٍ فجيل

        وغدًا..

        سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،

        يوقد النار شاملةً،

        يطلب الثأرَ،

        يستولد الحقَّ،

        من أَضْلُع المستحيل

        لا تصالح

        ولو قيل إن التصالح حيلة

        إنه الثأرُ

        تبهتُ شعلته في الضلوع..

        إذا ما توالت عليها الفصول..

        ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)

        فوق الجباهِ الذليلة!

        (7)

        لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم

        ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..

        كنت أغفر لو أنني متُّ..

        ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.

        لم أكن غازيًا،

        لم أكن أتسلل قرب مضاربهم

        لم أمد يدًا لثمار الكروم

        لم أمد يدًا لثمار الكروم

        أرض بستانِهم لم أطأ

        لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!

        كان يمشي معي..

        ثم صافحني..

        ثم سار قليلاً

        ولكنه في الغصون اختبأ!

        فجأةً:

        ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..

        واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!

        وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ

        فرأيتُ: ابن عمي الزنيم

        واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم

        لم يكن في يدي حربةٌ

        أو سلاح قديم،

        لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ

        (8)

        لا تصالحُ..

        إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:

        النجوم.. لميقاتها

        والطيور.. لأصواتها

        والرمال.. لذراتها

        والقتيل لطفلته الناظرة

        كل شيء تحطم في لحظة عابرة:

        الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ

        وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة

        كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة

        والذي اغتالني: ليس ربًا..

        ليقتلني بمشيئته

        ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته

        ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة

        لا تصالحْ

        فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..

        (في شرف القلب)

        لا تُنتقَصْ

        والذي اغتالني مَحضُ لصْ

        سرق الأرض من بين عينيَّ

        والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!

        (9)

        لا تصالح

        ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ

        والرجال التي ملأتها الشروخ

        هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم

        وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ

        لا تصالح

        فليس سوى أن تريد

        أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد

        وسواك.. المسوخ!

        (10)

        لا تصالحْ

        لا تصالحْ

        تعليق

        • يسري راغب
          أديب وكاتب
          • 22-07-2008
          • 6247

          #5
          الموت على الأسفلت
          للشاعر المصري / عبدالرحمن الابنودي


          من الزوايا والأركان

          خرج الطوفان:

          ألوفات شبان.

          إصعد يادخان

          إبعد ياشيطان

          إجبن ياجبان

          رجع الاسم ورجع العنوان.

          يغلى البركان

          ويفور

          ويدور

          إتهد السور .. طلع الإنسان.

          الصدر العالى عليه الوشم:

          خريطة الدم .. فلسطين ياأحلا الأوطان.

          مين قال بعنا ..؟

          مين قال ضعنا؟

          يا تمانية واربعين كدابه وكدابه ياسبعه وتسعين.

          التار له نار طى الكتمان

          واليوم يا خليل

          يا جليل

          يا بيت لحم ..الإعلان

          يا..صوت الطفل اللى بيحررنى ف بلدى

          بارك ربى فيك.....ياولدى

          يا..نهر النار الفايره اوعى تبطل جريان

          دراعات الوحش الغاضب..أصوات الكروان

          راجح

          فالح

          مازن

          مروان

          وأخدنا بتارك يا غسان

          يا كمال ناصر

          دمك حاصر

          أعداءك..مش بس فى لبنان

          يا ... ماجد يابو شرار جينا

          دمك فينا

          لسة سامعينك تنيادينا

          ما عادتش الدمعة مكتومه

          صبحت صرخة

          صبحت صرخةروح محمومه

          تصفع روما

          ع الكتف نشيلوا سرير الفندق ونشيلك

          مواويل الثوره مواويلك

          تحت قميصك غنوة شهدا

          من كل مخيم...

          زاحفه يا ماجد تحت الثوره تغنى لك

          عطر الآنبياف مناديلك

          أولادك يابو شرار بالطوب

          عدلوا المقلوب

          شطبوا كل القدر المكتوب

          فتحوا بوابة الفجر

          وواجهوا الغدر

          وصاحوا:يا فلسطين

          يسقط كل الكدب العربى

          يسقط كل الاخوه الخاينين

          نرسم بالدم خريطه للآوطان

          إتفلت الجان

          والمسجون قام ياكْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْل السجان

          دارت دارت

          لعبتهم بارت..

          قوتهم خارت.. وانهارت

          والدايره على الباغى دارت

          دارت .. دارت

          يادنان الكبت ..الظلم .. القهر .. على الطرقات .. فارت.

          ومخيم بات .. وصبح ميدان

          صبح ميدان والدنيا

          الدنيا اتحطت واتشالت

          ----------------


          الغاضبون
          قصيدة نزار قباني
          اهداء
          الى تلاميذ غزه
          ياتلاميذ غزة علمونا
          بعض ما عندكم فنحن نسينا
          علمونا بان نكون رجالا
          فلدينا الرجال صاروا عجينا
          علمونا بان الحجارة تغدو
          بين ايدي الاطفال ماسا ثمينا
          يا تلاميذ غزة لا تبالوا
          باذاعاتنا ولا تسمعونا
          اضربوا اضربوا بكل قواكم
          واحزموا امركم ولا تسالونا
          نحن اهل الحساب والجمع والطرح
          فخوضوا حروبكم واتركونا
          اننا الهاربون من خدمة الجيش
          فهاتوا حبالكم واشنقونا
          نحن موتى لا يملكون ضريحا
          ويتامى لا يملكون عيونا
          قد لزمنا جحورنا وطلبنا
          منكم ان تقاتلوا التنينا
          قد صغرنا امامكم الف قرن
          وكبرتم خلال شهر قرونا
          يا تلاميذ غزة لا تعودوا
          لكتاباتنا ولا تقراونا
          نحن اباؤكم فلا تشبهونا
          نحن اصنامكم فلا تعبدونا
          نتعاطى القات السياسي والقمع
          ونبني مقابرا وسجونا
          حررونا من عقدة الخوف فينا
          واطردوا من رؤوسنا الافيونا
          علمونا فن التشبث بالارض
          ولا تتركوا المسيح حزينا
          يا احباءنا الصغار سلاما
          جعل الله يومكم ياسمينا
          من شقوق الارض الخراب طلعتم
          وزرعتم جراحنا نسرينا
          هذه ثورة الدفاتروالحبر
          فكونوا على الشفاه لحونا
          امطرونا بطولة وشموخا
          واغسلونا من قبحنا اغسلونا
          لا تخافوا موسى ولا سحر موسى
          واستعدوا لتقطفوا الزيتونا
          ان هذا العصر اليهودي وهم
          سوف ينهار لو ملكنا اليقينا
          يا مجانين غزة الف اهلا
          بالمجانين ان هم حررونا
          ان عصر العقل السياسي ولى
          من زمان فعلمونا الجنونا
          نزار قباني
          انتفاضة اطفال الحجاره
          عام 1990م

          تعليق

          • يسري راغب
            أديب وكاتب
            • 22-07-2008
            • 6247

            #6
            قصة قصيرة : المدفع / غسان كنفاني

            لقد عرفه الجميع ...وكادوا أن يعهدوا وجهه كجزء لا ينفصل عن القرية كلها: وجهه المربع يعترضه حاجبان يتصلان ببعضهما باخدود يعين طرف انفه العلوي، وانفه المفلطح تدور باسفله دائرتان واسعتان فوق شارب رمادي كثيف، يتدلى، فيخفي شفته العليا ... اما ذقنه فلقد كانت عريضة حادة، كانها قطعت لتوها من صدره، ومن ثم، بردت رقبته الثخينة بردا.
            ان سعيد الحمضوني نادرا ما يتكلم عن ماضيه، انه دائما يتحدث عما سياتي، وما ينفك يعتقد ان غدا سيكون احسن من اليوم، ولكن اهل(السلمة) يتناقلون فيما بينهم، بشيء كثير من المبالغة، اخبار سعيد الحمضوني ايام كان يقود حركات ثورية في 1936، يقولون-هناك في القرية- ان سعيدا اطلق سراحه من المعتقل لانه لم يدن .. ويقال انه لم يقبض عليه بعد، ومهما يكن، فهو الان يملأ القرية، ويربط الصبيان كل احاسيسهم وتخيلاتهم التي يرسمونها للرجل الممتاز .. وليد المغامرة القاسية ...
            لقد عاد سعيد مؤخرا من يافا، واحضر معه رشاشا من طراز(الماشينغن) كان قد قضي قرابة اسبوع كامل يجمع ثمنه من التبرعات، ومع ان سكان السلمة كانوا على يقين كبير ان ثمن مدفع من هذا الطراز لا يمكن انيجمع من التبرعات، فلقد اثروا ان يسكتوا، لان وصول المدفع الرائع اهم بكثير جدا من طريقة وصوله، فالقرية في اشد الحاجة الى اي نوع من انواع السلاح، فكيف اذا حصلت على سلاح من نوع جيد؟..
            لقد عرف سعيد الحمضوني ماذا يشتري! ان هذا المدفع، مدفع (الماشينغن ) كفيل برد اي هجوم يهودي مسعور، انه نوع راق من السلاح، والقرية في اشد الحاجة اليه.. فلماذا يفكرون في طريقة و صول المدفع ؟ . ولكن سكوت رجال السلمة، لا يعني سكوت نسائها، لقد بقيت المشكلة بالنسبة لهن تلح الحاحا قاسيا، ولما لم يجدن من يدلهن على حقيقة الأمر، استطعن ان يقنعن انفسهن، ان سعيد الحمضوني كان قد سلم في ثورة 1936 مدفعا من هذا الطراز ابلى من خلفه بلاءا حسنا، ثم خبأه في الجبال الى ان ان اوان استعماله من جديد .. ولكن التساؤل بقي متضمنا في اعمق اعماق السلمة، لم يكن من اليسير ان يجمع الانسان ثمن مدفع من طراز الماشينغن ..
            اذن فمن اين اتى سعيد الحمضوني بهذا المدفع ؟ نعم .من اين؟
            المهم .. ان هذا المدفع الاسود صار قوة هائلة تكمن في نفوس اهل السلمة، و هو يعني بالنسبة لهم اشياء كثرة، اشياء كثيرة يعرفونها، واشياء اكثر لا يعرفونها .. ولكنهم يشعرون بها، هكذا، في ابهام مطمئن .. ان كل كهل و كل شاب في السلمة، صار يربط حياته ربطا وثيقا بوجود هذا المدفع، وصار من صوته المتتابع الثقيل، اثناء تجربته في كل امسيتين، نوعا من الشعور بالحماية..
            وكما يرتبط الشيء بالاخر، اذا تلازما، ربط الناس صورة المدفع بوجه سعيد الحمضوني المربع، لم تعد تجد من يفصل هذا عن ذاك في حديث الدفاع عن السلمة، ان سعيد الحمضوني اصبح الان ضرورة مكملة .. بل اساسية، للمدفع، وعندما يتحدث الناس عن سعيد، كانوا يشعرون انه اداة من ادوات المدفع المعقدة .. شيء كحبل الرصاص، كقائمتي المدفع .. كالماسورة: كل متماسك لا تنفصل اطرافه عن بعضها . بل واكثر من ذلك، لقد صار يربط سعيد الحمضوني حياته نفسها ربطا شديدا بوجود المدفع . كان المدفع يعني بالنسبة له شعورا هادئا بالطمأنينة، شعورا يوحي بالمنعة : فهو دائم التفكير بالمدفع، دائم الاعتناء به، تكاد لا تراه الا وهو يدرب شباب القرية على استعماله، ويدلهم في نهاية التدريب على المكان الذي وضع فيه خرقة لمسح المدفع، هذا المكان الذي سيصير –فيما بعد – معتادا . ومع مرور الايام بدأ سعيد الحمضوني يتغير.. لقد تبدل لونه عن ذي قبل . وبدا كأنه يضمر شيئا فشيئا، و احس شباب السلمة ان سعيد الحمضوني صار يبدو اكبر من ذي قبل، وانه صار يققد هذه الحركة الحية في وجهه وفي صوته .. انه صامت الان، صامت الى حد يخيل للانسان معه انه نسى كيف كان يتكلم الناس، وصار شيئا مألوفا ان يجده الناس منطلقا الى جنوب السلمة، حيث ركز المدفع، ليجلس وحيدا بقربة الى العشية .
            هذا الرجل الجبار .. الهاديء.. الثائر.. هل كان يعتقد انسان انه سيرتجف كذرة من القطن المندوف على قوس المنجد؟ لقد فتحواعليه باب داره والصباح يوشك ان ينبلج، وتضاخمت امامه كتلة سوداء، وضربت الارض وبرز منها صوت احد رجاله، يدوركالدوامة، ليبتلع كل احساس بالوجود :
            - المدفع .. لقد اصابه العطب .. ان ماسورته تتحرك بغير ما توجيه.. اليهود يتقدمون.
            وأحس سعيد الحمضوني بقوة جبارة تقتلع من جوفه شيئا يعز عليه ان يضيع منه، شيئا كقلبه لا يستطيع ان يتابع وجوده الا معه .. كان يشعر بكل هذا و هو منطلق عبر الحقول الباهتة النائمة في اخر الليل .. ووصل الى حيث كان الرشاش يتكيء كالطفل الميت على الاغصان اليابسة، كل شيء ساكن، الا طلقات البنادق الهزيلة، تحاول عبثا الوقوف في وجه الهجوم .. اما المدفع .. اما جهنم ..
            وهز سعيد الحمضونيرأسه و كأنه يواسي نفسه بمصاب ابنه، ثم فكر : ان لا بد من اجراء .. لا بد .. شيء قوي كالكلابة يجب ان يمسك الفوهة الهاربة الى بطن الدفع.. شيء قوي..
            - اسمع .. سأشد الماسورة الى بطن المدفع بكفي. وحاول ان تطلق .. لا يوجد اية دقيقة لتضيع في كلام .. دعنانجرب،
            - لكن ..
            - اطلق!
            - سيرانا اليهود وانت فوق الحفرة .
            - اطلق!
            - ستحرق كفيك بلهب الرصاص..
            - اطلق.. اطلق!.
            وبدأالمدفع يهدر بصوته المتتابع الثقيل، ومع صوته المحبوب، شعر سعيد الحمضوني بنفسيته التي تغذت طويلا بالثورة والدم والقتال في الجبال، شعر بانها النهاية .. نهاية تاق اليها طويلا وها هي ذي تتقدم اليه بتؤدة، كم هو بشع الموت .. وكم هو جميل ان يختار الانسان القدر الذي يريد.. وسمع صوته من خلال دقات الرصاص:
            - اسمع اريد ان اوصيك و صية هامة ..
            - وعاد يصيخ الى المدفع واستخلص من صوت الرصاص ثقة جديدة ليتابع وهو يحاول ان يمضغ المه:
            - قرب قرية ( ابو كبير ) ابعد منها قليلا، يوجد مستشفى للسل ..عرفته؟حسنا! لي هناك مبلغ جيد من المال، قالوا لي .. ان ارجع لأقبضه بعد ان يفحصوا الدم .. انا متأكد انه .. دم جيد.. في كل مرة يقولون انهم يريدون ان يفحصوا الدم كأن دم الانسان يتغير في خلال اسبوع و نصف .. اسمع .. ان ثمن المدفع لم يسدد كله .. ستجد اسم التاجر في داري .. هو من يافا . لقد دفعت قسما كبيرا من ثمنه من تبرعاتكم . لقد اوشك ثمنه ان يتم .. هل تعرف انهم يشترون الدم بمبلغ كبير؟ لو عشت شهرين فقط؟ شهرين اخرين لاستطعت ان اسدد كل ثمنه .. انني اعطيهم دما جيدا .. ثمنه جيد .. خذ حسن و حسين واذهب الى ذلك المستشفى .. الا تريد ان يبقى المدفع عندكم .. ان حسن وحسين .. ولدي.. يعرفان كيف يذهبان الى هناك.. لقد كانا يذهبان معي في كل مرة .. ان دماءنا جميعا جيدة.. جيدة جدا.. القضية قضية الحليب الذي رضعناه . قضية.. اريد ان اقول لك شيئا اخر.. اذا تراجع اليهود هذه المرة .. تكون اخر مرة يهجمون بها من هذه الناحية .. سيخافون .. فعليكم ان تنقلوا المدفع الى الشمال .. لان الهجوم التالي سيكون من هناك ..
            واشتد شعوره بالنار تلسع كفيه بقسوة .. واحس احساسا ملحا انه لو كان في صحته العادية لاستطاع ان يقاوم احسن من الان، وراوده شعور قاتم بالندم على انه سلك في شراء المدفع ذلك السبيل، ولكنه احس احساسا دافقا ان المدفع طرف اخر من الموضوع، طرف هام.. ان وجوده يحافظ على اهميته قبل ان يموت هو، وبعد ان يموت..
            فأغمض عينيه، وحاول جاهدا ان يحرر نفسه من سجن ذاته كي ينسى المه .. لكنه لم يستطع .. فأسقط ركبته على الارض في ثقل..

            وعلى صوت الطلقات المتقطعة بانتظام وعنف.. احس سعيد الحمضوني باشياء كثيرة .. كانها ملايين الابر تدخل في شرايينه فتسلبه ما تبقى من دمه، ثم شعر باطرافه جميعها تنكمش كانها ورقة جافة في نهاية الصيف.. وبجهد شرس حاول ان يرفع راسه ليشم الحياة، الا انه وجد نفسه فجأة في تنور من ذلك النوع الذي يكثر .. في السلمة، والذي عاش الى جواره فترات طويلة من صباه، وجد نفسه في ذلك التنور جنبا الى جنب مع الارغفة الساخنة تحمر تحت السنة اللهب، ورأى بعينيه فقاقيع العجين الملتهبة، تطير عن رغيف المرقوق وتلتصق على شفتيه، وشعر بيد قاسية تشد رأسه الى ادنى .. الى ادنى .. الى ادنى .. فيسمع لفقرات رقبته صوتا منتظما ثقيلا وهي تتكسر تحت ثقل راسه .. واحس انه فعلا لا يريد ان يموت، واعطته الفكرة دفقة اخرى من الحياة .. فاكتشف ان صوت تكسر فقرات رقبته هو صوت الرصاص الذي ينطلق من المدفع الرشاش، وشعر بمواساة من نوع غريب، مواساة تشبه تلك التي يراها الوالد في ولد عاش بعد مصرع اخيه، فابتسم باطمئنان، وخرج من( التنور ) لكنه شعر انه لم يلمس الارض بقدميه..
            وشيعته القرية كلها الى مقره الاخير.. او الاول .. سيان..

            دمشق 12/8/57

            من رواية : رجال في الشمس / غسان كنفاني


            " ها هو إذن الشط الذي تحدث عنه الأستاذ سليم قبل عشر سنوات ! ها هو ذا يرتمي على بعد آلاف من الأميال والأيام عن قريته وعن مدرسة الأستاذ سليم.. يا رحمة الله عليك يا أستاذ سليم !.. يا رحمة الله عليك ! لا شك أنك ذا حظوة عند الله حين جعلك تموت قبل ليلة واحدة من سقوط القرية المسكينة في أيدي اليهود.. ليلة واحدة فقط.. يا الله ! أتوجد ثمة نعمة إلهية أكبر من هذه؟.. صحيح أن الرجال كانوا في شغل عن دفنك وعن إكرام موتك.. ولكنك على أي حال بقيت هناك.. بقيت هناك ! وفرت على نفسك الذل والمسكنة وأنقذت شيخوختك من العار .. يا رحمة الله عليك يا أستاذ سليم .. ترى لو عشت، لو أغرقك الفقر كما أغرقني.. أكنت تفعل ما أفعل الآن؟ أكنت تقبل أن تحمل سنيك كلها على كتفيك وتهرب عبر الصحراء إلى الكويت كي " تجد لقمة خبز؟ .

            نهض، واستند إلى الأرض بكوعيه وعاد ينظر إلى النهر الكبير كأنه لم يره قبل ذلك. إذن هذا هو شط العرب: " نهر كبير تسير فيه البواخر محملة بالتمر والقش كأنه شارع في وسط البلد تسير فيه السيارات.. " هكذا صاح ابنه، قيس، بسرعة حين سألة تلك الليلة:
            - " ما هو شط العرب؟ "
            كان يقصد أن يمتحنه، إلا أن قيس صاح الجواب بسرعة، وأردف قائلا:
            - ".. لقد رأيتك تطل من شباك الصف اليوم.. "
            التفت إلى زوجه فضحكت، أحس بشيء من الخجل، وقال ببطء:
            - " إنني أعرف ذلك من قبل.. "
            - " كلا، لم تكن تعرفه.. عرفته اليوم وأنت تطل من الشباك.. "
            - " طيب ! وماذا يهمني أن أعرف ذلك أو أن لا أعرفه، هل ستقوم القيامة؟ "
            رمقته زوجته من طرف عينيها ثم قالت:
            - " اذهب والعب يا قيس في الغرفة الأخرى... "
            وحين صفق الباب خلفه قالت لزوجها:
            - " لا تحكي أمامه بهذا الشكل، الولد مبسوط لأنه يعرف ذلك، لماذا تخيب أمله؟ "
            قام واقترب منها ثم وضع كفه على بطنها وهمس:
            - " متى ؟ "
            -" بعد سبعة أشهر "
            - " أوف !"
            - " نريد بنتا هذه المرة.. "
            - " كلا ! نريد صبياً ! صبياً ! "
            ***

            ولكنها أنجبت بنتاً سماها "حسنا " ماتت بعد شهرين من ولادتها وقال الطبيب مشمئزاً: " لقد كانت نحيلة للغاية ! "
            كان ذلك بعد شهر من تركه قريته ، في بيت عتيق يقع في قرية أخرى بعيدة عن خط القتال :
            - " يا أبا قيس، أحس بأنني سألد ! "
            - " طيب، طيب، اهدئي "
            وقال في ذات نفسه :
            وربما نبني غرفة في مكان ما ..
            - " بودي لو تلد المرأة بعد مئة شهر من الحمل ! أهذا وقت ولادة ؟ "
            - " يا إلهي ! "
            - " ماذا؟ "
            - " سألد "
            - " أأنادي شخصاً ؟ "
            - " أم عمر"
            - " أين أجدها الآن؟ "
            - " ناولني هذه الوسادة.."
            - " أين أجد أم عمر؟ "
            - " يا إلهي.. ارفعني قليلا، دعني أتكىء على الحائط.. "
            - " لا تتحركي كثيراً، دعيني أنادي أم عمر.. "
            - " أسرع... أسرع.. يا رب الكون ! "
            هرول إلى الخارج، وحين صفق وراءه الباب سمع صوت الوليد، فعاد وألصق أذنه فوق خشب الباب..

            صوت الشط يهدر، والبحارة يتصايحون، والسماء تتوهج والطائر الأسود ما زال يحوم على غير هدى.
            قام ونفض التراب عن ملابسه ووقف يحدق إلى النهر..
            أحس، أكثر من أي وقت مضى، بأنه غريب وصغير، مرر كفه فوق ذقنه الخشنة ونفض عن رأسه كل الأفكار التي تجمعت كجيوش زاحمة من النمل.
            وراء هذا الشط، وراءه فقط ، توجد كل الأشياء التي حرمها.

            هناك توجد الكويت.. الشيء الذي لم يعش في ذهنه إلا مثل الحلم والتصور يوجد هناك.. لا بد أنها شيء موجود، من حجر وتراب وماء وسماء، وليست مثلما تهوم في رأسه المكدود.. لا بد أن ثمة أزقة وشوارع ورجالاً ونساء وصغاراً يركضون بين الأشجار.. لا.. لا.. لا توجد أشجار هلاك.. سعد، صديقه الذي هاجر إلى هناك واشتغل سواقا وعاد بأكياس من النقود قال إنه لا توجد هناك أية شجرة.. الأشجار موجودة في رأسك يا أبا قيس.. في رأسك العجوز التعب يا أبا قيس.. عشر أشجار ذات جذوع معقدة كانت تساقط زيتونا وخيرا كل ربيع.. ليس ثمة أشجار في الكويت، هكذا قال سعد.. ويجب أن تصدق سعدا لأنه يعرف أكثر منك رغم أنه أصغر منك.. كلهم يعرفون أكثر منك.. كلهم. في السنوات - العشر الماضية لم تفعل شيئاً سوى أن تنتظر.. لقد أحتجت إلى عشر سنوات كبيرة جائعة كي تصدق أنك فقدت شجراتك وبيتك وشبابك وقريتك كلها.. في هذه السنوات الطويلة شق الناس طرقهم وأنت مقع ككلب عجوز في بيت حقير.. ماذا تراك كنت تنتظر؟ أن تثقب الثروة سقف بيتك.. بيتك؟ إنه ليس بيتك.. رجل كريم قال لك: أسكن هنا ! هذا كل شيء وبعد عام قال لك أعطني نصف الغرفة، فرفعت أكياسا مرقعة من الخيش بينك وبين الجيران الجدد..

            وبقيت مقعيا حتى جاءك سعد وأخذ يهزك مثلما يهز الحليب ليصير زبداً.. "

            - " إذا وصلت إلى الشر بوسعك أن تصل إلى الكويت بسهولة، البصرة مليئة بالأدلاء الذين يتولون تهريبك إلى هناك عبر الصحراء.. لماذا لا تذهب؟ "
            سمعت زوجته كلام سعد فنقلت بصرها بين وجهيهما وأخذت تهدهد طفلها من جديد.
            - " إنها مغامرة غير مأمونة العواقب؟ "
            - " غير مأمونة العواقب؟ ها ! ها ! أبو قيس يقول، غير مأمونة العواقب.. ها ها " !
            ثم نظر إليها وقال:
            - " أسمعت ما يقول زوجك؟ غير مأمونة العواقب ! كأن الحياة شربة لبن ! لماذا
            لا يفعل مثلنا ؟ هل هو أحسن؟..
            لم ترفع بصرها إليه، وكان هو يرجو أن لا تفعل..
            - " أتعجبك هذه الحياة هنا؟ لقد مرت عشر سنوات وأنت تعيش كالشحاذ..
            حرام ! ابنك قيس، متى سيعود للمدرسة؟ وغدا سوف يكبر الآخر.. كيف ستنظر إليه وأنت لم... "
            - " طيب ! كفى ! "
            - لا ! لم يكف ! حرام ! أنت مسؤول الآن عن عائلة كبيرة، لماذا لا تذهب إلى هناك . ما رأيك أنت ؟
            زوجته ما زالت صامتة وفكر هو: " غدا سيكبر هو الآخر.. " ولكنه قال:
            - " الطريق طويلة، وأنا رجل عجوز ليس بوسعي أن أسير كما سرتم أنتم.. قد أموت .. "
            لم يتكلم أحد في الغرفة زوجته ما زالت تهدهد طفلها ، وكف سعد عن الإلحاح ولكن الصوت ! انفجر في رأسه هو :
            - " تموت؟ هيه ! من قال أن ذلك ليس أفضل من حياتك الآن ؟ منذ عشر سنوات وأنت تأمل أن تعود إلى شجرات الزيتون العشر التي امتلكتها مرة في قريتك... قريتك ! هيه ! "
            عاد فنظر إلى زوجته :
            - " وماذا ترين يا أم قيس؟ "
            حدقت إليه وهمست:
            " كما ترى أنت.. "
            " سيكون بوسعنا أن نعلم قيس.. "
            - " نعم " ..
            - " وقد نشتري عرق زيتون أو اثنين.. "
            - " طبعاً ! "
            - " وربما نبني غرفة في مكان ما.."
            - " أجل "
            - " إذا وصلت.. إذا وصلت.."
            كف، ونظر قليلا ثم ستنساب دمعة واحدة تكبر رويداً رويداً ثم تنزلق فوق خدها المغضن الأسمر.. حاول أن يقول شيئاً، ولكنه لم يستطع، كانت غصة دامعة تمزق حلقه.. غصة ذاق مثلها تماما حين وصل إلى البصرة وذهب إلى دكان الرجل السمين الذي يعمل في تهريب الناس من البصرة إلى الكويت، وقف أمامه حاملا على كتفيه كل الذل وكل الرجاء اللذين يستطيع رجل عجوز أن يحملهما.. وكان الصمت مطبقاً مطنا حين كرر الرجل السمين صاحب المكتب:
            - " إنها رحلة صعبة، أقول لك، ستكلفك خمسة عشر ديناراً ".
            - " وهل تضمن أننا سنصل سالمين؟
            - " طبعاً ستصل سالماً، ولكن ستتعذب قليلا، أنت تعرف، نحن في آب الآن، الحر شديد والصحراء مكان بلا ظل.. ولكنك ستصل.."
            كانت الغصة ما تزال في حلقه، ولكنه أحس أنه إذا ما أجل ذلك الذي سيقوله فلن يكون بوسعه أن يلفظه مرة أخرى:
            - " لقد سافرت آلافا من الأميال كي أصل إليك، لقد أرسلني سعد، أتذكره؟ ولكنني لا أملك إلا خمسة عشر ديناراً، ما رأيك أن تأخذ منها عشرة وتترك الباقي لي؟ "
            قاطعه الرجل:
            - " إننا لا نلعب.. ألم يقل لك صديقك أن السعر محدود هنا؟ إننا نضحي بحياة الدليل من أجلكم.. "
            - " ونحن أيضا نضحي بحياتنا.. "
            - " إنني لا أجبرك على هذا "
            - " عشرة دنانير؟ "
            - " خمسة عشر ديناراً.. ألا تسمع؟ "
            لم يعد بوسعه أن يكمل، كان الرجل السمين الجالس وراء كرسيه، المتصبب عرقاً، يحدق إليه بعينين واسعتين وتمني هو لو يكف الرجل عن التحديق، ثم أحس بها، ساخنة تملأ مؤقه وعلى وشك أن تسقط.. أراد أن يقول شيئاً لكنه لم يستطع، أحس أن رأسه كله قد امتلأ بالدمع من الداخل فاستدار وانطلق إلى الشارع، هناك بدأت المخلوقات تغيم وراء ستار من الدمع. اتصل أفق النهار بالسماء وصار كل ما حوله مجرد وهج أبيض لا نهائي. عاد، فارتمى ملقيا صدره فوق التراب الندي الذي أخذ يخفق تحته من جديد.. بينما انسابت رائحة الأرض إلى أنفه وانصبت في شرايينه كالطوفان."


            من رواية : عائد إلى حيفا / غسان كنفاني

            "حين وصل"سعيد س إلى مشارف حيفا، قادما إليها بسيارته عن طريق القدس، أحس أن شيئا ما ربط لسانه، فالتزم الصمت، وشعر بالأسى يتسلقه من الداخل.وللحظة واحدة راودته فكرة أن يرجع، ودون أن ينظر إليها كان يعرف أنها آخذة بالبكاء الصامت، وفجأة جاء صوت البحر، تماما كما كان. كلا،لم تعد إليه الذاكرة شيئا فشيئا. بل انهالت في داخل رأسه، كما يتساقط جدار من الحجارة ويتراكم بعضه فوق بعض. لقد جاءت الأمور والأحداث فجأة، وأخذت تتساقط فوق بعضها وتملأ جسده. وقال لنفسه أن"صفية"زوجته، تحس الشيء ذاته، وأنها لذلك تبكي .

            منذ أن غادر رام الله في الصباح لم يكف عن الكلام، ولا هي كفت، كانت الحقول تتسرب تحت نظرة عبر زجاج سيارته، وكان الحر لا يطاق، فقد أحس بجبهته تلتهب، تماما كما الإسفلت يشتعل تحت عجلات سيارته، وفوقه كانت الشمس، شمس حزيران الرهيب، تصب قار غضبها على الأرض ، طوال الطريق كان يتكلم ويتكلم ويتكلم، تحدث إلى زوجته عن كل شيء، عن الحرب وعن الهزيمة وعن بوابة مندلبوم التي هدمتها الجرارات. وعن العدو الذي وصل إلى النهر والقناة ومشارف دمشق خلال ساعات. وعن وقف إطلاق النار والراديو ونهب الجنود للأشياء والأثاث، ومنع التجول، وابن العم الذي في الكويت يأكله القلق، والجار الذي لم أغراضه وهرب، والجنود الثلاثة الذين قاتلوا وحدهم يومين على تله تقع قرب مستشفى أوغستا فكتوريا، والرجال الذين خلعوا بزاتهم وقاتلوا في شوارع القدس، والفلاح الذي أعدموه لحظة رأوه قرب أكبر فنادق رام الله. وتحدثت زوجته عن أمور كثيرة أخرى، طوال الطريق لم يكفا عن الحديث. والآن، حين وصلا إلى مدخل حيفا، صمتا معا، واكتشفا في تلك اللحظة أنهما لم يتحدثا حرفا واحدا عن الأمر الذي جاءا من أجله!
            هذه هي حيفا إذن، بعد عشرين سنة.ظهر يوم الثلاثين من حزيران 1967، كانت سيارة"الفيات"الرماية التي تحمل رقما اردنيا أبيض تشق طريقها نحو الشمال، عبر المرج الذي كان اسمه مرج بن عامر قبل عشرين سنة، وتتسلق الطريق الساحلي نحو مدخل حيفا الجنوبي. وحين عبر الشارع ودخل إلى الطريق الرئيسي انهارت الجدار كله، وضاعت الطريق وراء ستار من الدموع، ووجد نفسه يقول لزوجته صفية
            هذه هي حيفا يا صفية"!

            وأحس المقود ثقيلا بين قبضتيه اللتين أخذتا تنضحان العرق أكثر من ذي قبل، وخطر له أن يقول لزوجته
            "إنني أعرفها، حيفا هذه، ولكنها تنكرني" .. ولكنه غير رأيه، فقبل قليل فقط كانت فكرة قد خطرت له وقالها لزوجته،
            أتعرفين ؟ طوال عشرين سنة كنت أتصور أن بوابة مندلبوم ستفتح ذات يوم …ولكن أبدا أبدا لم أتصور أنها ستفتح من الناحية الأخرى. لم يكن ذلك يخطر لي على بال، ولذلك فحين فتحوها هم بدا لي الأمر مرعبا وسخيفا والى حد كبير مهينا تماما … قد أكون مجنونا لو قلت لك أن كل الأبواب يجب الا تفتح الا من جهة واحدة، وإنها إذا فتحت من الجهة الأخرى فيجب اعتبارها مغلقة لا تزال، ولكن تلك هي الحقيقة.
            والتفت إلى زوجته، إلا أنها لم تكن تسمع، كانت منصرمة إلى التحديق نحو الطريق : تارة إلى اليمين حيث كانت المزارع تمتد على مدى البصر وتارة إلى اليسار حيث كان البحر، الذي ظل بعيدا أكثر من عشرين سنة، يهدر على القرب. وقالت فجاءة
            "لم أكن أتصور أبدا أنني سأراها مرة أخرى"
            وقال
            "أنت لا ترينها، إنهم يرونها لك"
            وعندها فقدت أعصابها، كان ذلك يحدث للمرة الأولى. وصاحت فجاءة
            ما هذه الفلسفة التي لم تكف عنها طوال النهار؟ الأبواب والرؤيا وأمور أخرى، ماذا حدث لك؟"
            ماذا حدث لي؟
            قالها لنفسه وهو يرتجف، ولكنه تحكم بأعصابه وعاد يقول لها بهدوء
            لقد فتحوا الحدود فور أن أنهوا الاحتلال فجأة وفورا، لم يحدث ذلك في أي حرب في التاريخ، أتعرفين الشيء الفاجع الذي حدث في نيسان 1948، والآن، بعد لماذا؟ لسواد عينيك وعيني؟. لا. ذلك جزء من الحرب. إنهم يقولون لنا: تفضلوا انظروا كيف أننا أحسن منكم وأكثر رقيا. عليكم أن تقبلوا أن تكونوا خدما لنا، معجبين بنا… ولكن رأيت بنفسك : لم يتغير شيء … كان بوسعنا أن نجعلها أحسن بكثير
            إذن لماذا أتيت ؟
            ونظر إليها بحنق، فصمتت
            كانت تعرف، فلماذا تسأل؟ وهي التي قالت له أن يذهب، فطوال عشرين سنة تجنبت الحديث عن ذلك، عشرين سنة ثم ينبثق الماضي كما يندفع البركان!
            وحين كان يقود سيارته وسط شوارع حيفا كانت رائحة الحرب ما تزال هناك، بصورة ما، غامضة ومثيرة ومستفزة، وبدت له الوجوه قاسية ووحشية، وبعد قليل اكتشف أنه يسوق سيارته في حيفا دون أن يشعر بأن شيئا في الشوارع قد تغير. كان يعرفها حجرا حجرا ومفرقا وراء مفرق، فلطالما شق تلك الطرق بسيارته الفورد الخضراء موديل 1946. إنه يعرفها جيدا، والآن يشعر بأنه لم يتغيب عنها عشرين سنة، وهو يقود سيارته كما كان يفعل، كما لو أنه لم يكن غائبا طوال تلك السنوات المريرة .
            وأخذت الأسماء تنهال في رأسه كما لو أنها تنفض عنها طبقة كثيفة من الغبار : وادي النسناس، شارع الملك فيصل، ساحة الحناطير، الحليصة، الهادار، واختلطت عليه الأمور فجاءة، ولكنه تماسك، وسأل زوجته بصوت خافت
            حسنا، من أين نبدأ؟
            ولكنها ظلت صامته. وسمع صوتها الخافت يبكي بما يشبه الصمت، وقدر لنفسه العذاب الذي تعانيه، وعرف أنه لا يستطيع معرفة العذاب على وجه الدقة، ولكنه يعرف أنه عذاب كبير، ظل هناك عشرين سنة، وأنه الآن ينتصب عملاقاً لا يصدق في أحشائها، ورأسها، وقلبها، وذاكرتها، وتصوراتها، ويهيمن على كل مستقبلها. واستغرب كيف أنه لم يفكر أبداً بما يمكن أن يعينه ذلك العذاب، وبمدى ما هو غارق في تجاعيد وجهها وعينيها وعقلها. وكم كان معها في كل لقمة أكلتها، وفي كل كوخ عاشت فيه، وفي كل نظرة رمتها على أولادها وعليه وعلى نفسها. والآن ينبثق ذلك كله من بين الحطام والنسيان والأسى، ويأتي على ركام الهزيمة المريرة التي ذاقها مرتين على الأقل في حياته.وفجاءة جاء الماضي، حادا مثل سكين : كان ينعطف بسيارته عند نهاية شارع الملك فيصل (فالشوارع بالنسبة له لم تغير أسماءها بعد) ، متجها نحو التقاطع الذي ينزل يسارا إلى الميناء، ويتجه يمينا نحو الطريق المؤدي إلى وادي النسناس، حين لمح مجموعة من الجنود المسلحين يقفزون على المفترق أمام حاجز حديدي. وحين كان يرمقهم بطرف عينيه، صدر صوت انفجار ما من بعيد، وأعقبته طلقات رصاص وفجأة أخذ المقود يرتجف بين يديه، وكاد أن يرطم الرصيف، وتماسك في اللحظة الأخيرة، وشهد صبياً يعدو عبر الطريق، وعندها جاء الماضي الراعب بكل ضجيجه. ولأول مرة منذ عشرين سنة تذكر ما حدث بالتفاصيل، وكأنه يعيش مرة أخرى. "

            تعليق

            • يسري راغب
              أديب وكاتب
              • 22-07-2008
              • 6247

              #7

              بين يدي القدس
              للشاعر العراقي / احمد مطر
              --------------------------

              يا قدس يا سيدتي معذرة فليس لي يدان ،

              وليس لي أسلحة وليس لي ميدان ،

              كل الذي أملكه لسان ،

              والنطق يا سيدتي أسعاره باهظة ، والموت بالمجان ،

              سيدتي أحرجتني، فالعمر سعر كلمة واحدة وليس لي عمران ،

              أقول نصف كلمة ، ولعنة الله على وسوسة الشيطان ،

              جاءت إليك لجنة، تبيض لجنتين ،

              تفقسان بعد جولتين عن ثمان ،

              وبالرفاء و ا لبنين تكثر اللجان ،

              ويسحق الصبر على أعصابه ،

              ويرتدي قميصه عثمان ،

              سيدتي ، حي على اللجان ،

              حي على اللجان !
              -------------------------
              عربي أنا
              احمد مطر
              ------------
              عربيٌّ أنا أرثـيـنـي
              شقّي لي قبراً .. و اخـفـيـني
              ملّت من جبني أوردتـى
              غصّت بالخوف شرايـيـني
              ما عدت كما أمسى أسداً
              بل فأر مكسور العينِ
              أسلمت قيا دى كخروفٍ
              أفزعه نصل السكينِ
              ورضيت بأن أبقى صفراً
              أو تحت الصفرِ بعشرينِ
              ألعالم من حـولى حرٌّ
              من أقصى بيرو إلى الصينِ
              شارون يدنس معتقدى
              ويمرّغُ فـي الوحل جـبـيـني
              وأميركا تدعمه جهراً
              وتمدُّ النار ببنزينِ
              وأرانا مثلُ نعاماتٍ
              دفنت أعينها في الطّينِ
              وشهيدٌ يتلوهُ شهيدٌ
              من يافا لأطراف جنينِ
              وبيوتٌ تهدمُ في صلفٍ
              والصّمت المطبقُ يكويني
              يا عرب الخسّةِ د لونى
              لزعيمٍ يأخذ بيميني
              فيحرّر مسجدنا الأقصى
              ويعيد الفرحة لسنيني

              -----------------
              أصنام البشر
              احمد مطر
              -----------
              يا قدس معذرة ومثلي ليس يعتذر ،

              مالي يد في ما جرى فالأمر ما أمروا ،

              وأنا ضعيف ليس لي أثر ،

              عار علي السمع والبصر ،

              وأنا بسيف الحرف أنتحر ،

              وأنا اللهيب وقادتي المطر ،

              فمتى سأستعر ؟

              لو أن أرباب الحمى حجر ،

              لحملت فأسا فوقها القدر ،

              هوجاء لا تبقي ولا تذر ؛

              لكنما أصنامنا بشر ،

              الغدر منهم خائف حذر ،

              والمكر يشكو الضعف إن مكروا ؛

              فالحرب أغنية يجن بلحنها الوتر ،

              والسلم مختصر ،

              ساق على ساق ، وأقداح يعر ش فوقها الخدر ،

              وموائد من حولها بقر ،

              ويكون مؤتمر ؛

              هزي إليك بجذع مؤتمر يسا قط حولك الهذر ،

              عاش اللهيب ويسقط المطر
              ---------------------------
              بيت وعشرون راية
              احمد مطر
              ---------------------

              أسرتنا بالغة الكرم ،

              تحت ثراها غنم حلوبة، وفوقه غنم ،

              تأكل من أثدائها وتشرب الألم ،

              لكي تفوز با لرضى من عمنا صنم ،

              أسرتنا فريدة القيم ،

              وجودها عدم ،

              جحورها قمم ،

              لآتها نعم ،

              والكل فيها سادة لكنهم خدم ،

              أسرنا مؤمنة تطيل من ركوعها، تطيل من سجودها ،

              وتطلب النصر على عدوها من هيئة الأمم ،

              أسرتنا واحدة تجمعها أصالة، ولهجة، ودم ،

              وبيتنا عشرون غرفة به ، لكن كل غرفة من فوقها علم ،

              يقول إن دخلت في غرفتنا فأنت متهم ،

              أسرتنا كبيرة ، وليس من عافية أن يكبر الورم
              -----------------------------
              البيان الختامي لمؤتمر القمة
              احمد مطر
              -----------------

              لَيسَ مِنّا هؤلاءْ .

              هُمْ طُفَيْـليُّـونَ

              لَمْ يُدعَـوا إلى عُـرسٍ

              وَلم يُفتَـحْ لَهُمْ بابُ عَـزاءْ .

              خَلَطوا أنفسَهُمْ في زَحْمـةِ النّاسِ

              فَلمْا دَخَلـوا ذاكَ تغَطَّوا بالزّغاريـدِ

              وَلمّا دَخَلوا هذا تَغطّـوا بالبُكاءْ .

              ثُمَّ لمّا رُصَّـتِ الأطباقُ

              لَبـَّـوا دَعوةَ الدّاعي

              وَما الدّاعي سِوى قِـدْرِ الحَساءْ !

              وَبأفـواهِ بِحـارٍ

              بَلِعوا الأطباقَ والزَادَ مَعاً

              وانقلبَ الباقونَ مِن دُونِ عَشاءْ .

              ***

              لَيسَ مِنّا هؤلاءْ .

              ألفُ كـلاّ

              هِيَ دَعوى ليسَ إلاّ..

              زَعَموا أنَّ لَهُمْ حَقّاً علينا

              وَبهذا الزَعْمِ.. صاروا زُعَماءْ !

              وَأذاعوا: ( كُلُّنا راعٍ..)

              وَظنّوا أنَّهُمْ في الأرضِ ر عيانٌ

              وَظنّوا أَنَّنا قُطعانُ شاءْ !

              ثُمَّ ساقُونا إلى ا لمَسْلخِ

              لماّ لم نَجدْ في ظِلِّهمْ مرَعى

              وأسْرَفنا بإطلاقِ الثُّغاءْ !

              ***

              ليسَ مِنّا هؤلاءْ .

              هُمْ على أكتافِنا قاموا عُقوداً

              دُونَ عَقـدٍ..

              وأَقاموا عُقَدَ الدُّنيا بنا دونَ انتهاءْ .

              وانحنَينا كالمطايا تحتَ أثقالِ المَطايا..

              وَلِطُـولِ الانحنـاءْ

              لَمْ تَعُدْ أعيُننا تَذكُرُ ما الشَّمسُ

              ولا تَعرفُ ما مَعنى السَّماء !

              وَنَزحْنا الذَّهـبَ الأسْودَ أعواماً

              وَمازالَتْ عُيونُ الفَقْرِ تبكينا

              لأنّا فُقـراءْ !

              ذَهَبَ الموصوفُ في تَذهيبِ دُنياهُمْ

              وَظَـلَّ الوَصْـفُ في حَوْزتنا

              للِجِسْم والرّوحِ رداءْ !

              ***

              ليسَ مِنّا هؤلاءْ.

              لَمْ نُكلِّفْ أحَداً منهُمْ بتَطبيبٍ

              ولا قُلنا لَهُمْ هاتُوا الدَّواءْ .

              حَسْبُنا، لو صَدَقوا،

              أن يَرحلوا عَنّا بَعيداً

              فَهُمُ الدَاءُ ا لعَياءْ .

              كُلُّ بَلوى بَعْدهُمْ سَلْوى

              وَأقـوى عِلَّـةٍ

              في بُعْدِهِمْ عَنّا.. شِفاءْ !

              ***

              لَيسَ مِنّا هؤلاءْ .

              أنتَ تدري أنّهُمْ مِثلُكَ عَنّا غُرَباءْ

              زَحَفوا مِن حَيث لا ندري إلينا

              وَفَشَوا فينا كما يَفشُو الوَباءْ .

              وَبَقُوا مادُمتَ تَبغي

              وَبَغوا حتّى يُمدُّوكَ بأسبابِ الَبقاءْ !

              أنتَ أو هُمْ

              مُلتقى قَوْسين في دائِرةٍ دارتْ عَلَينا :

              فإذا بانَ لِهذا المنتهى

              كانَ بذاك الابتداءْ .

              مُلتقى دَلْوينِ في ناعُورةٍ :

              أنتَ وَكيلٌ عن بَني الغَرْبِ

              وَهُمْ عنكَ لَدَينا وُكلاءْ !

              ***

              ليسَ منّا هؤلاء

              إنهم منكَ

              فإنْ وافَوكَ للتَّطبيعِ طَبِّعْ مَعَهُمْ

              واطبَعْ على لَوحِ قَفاهُمْ ما تَشاءْ .

              ليسَ في الأمرِ جَديدٌ

              نَحنُ نَدري

              أنَّ ما أصبحَ تطبيعاً جَلِيّاً

              كانَ طبْعاً في الخَفاءْ !

              وَلَكُمْ أن تَسحبوا مِفرشَكُمْ نحو الضُّحى

              كي تُكمِلوا فِعْلَ المَساءْ .

              شأنكُمْ هذا

              ولا شأنَ لَنا نَحنُ

              بِما يَحدُثُ في دُورِ البِغاءْ !

              ***

              ليسَ مِنَا هؤلاء .

              ما لَنا شأنٌ بما ابتاعُوُه

              أو باعُوهُ عَنّا..

              لَمْ نُبايعْ أَحَداً منهُمْ على البَيعِ

              ولا بِعْناَ لَهُمْ حَقّ الشّراءْ .

              فإذا وافَوكَ فاقبِضْ مِنهُمُ اللَّغْوَ

              وَسَلِّمْهُم فَقاقيعَ الهَواءْ .

              وَلَنا صَفْقَتُنا :

              سَوفَ نُقاضِيكَ إزاءَ الرأسِ آلافاً

              وَنَسقيك كؤوسَ اليأسِ أضعافاً

              وَنَسْتَوفي عَن القَطرةِ.. طُوفانَ دِماءْ !

              ***

              أيُها الباغي شَهِدْتَ الآنَ

              كيفَ اعتقلَتْ جَيشَكَ رُوحُ الشُّهداءْ .

              وَفَهِمتَ الآنَ جدّاً أنَّ جُرْحَ الكبرياءْ

              شَفَةٌ تَصرُخ أنَّ العَيشَ والموتَ سواءْ .

              وَهُنا في ذلِكَ الَمعنى

              لَنا عِشرونَ دَرْساً

              ضَمَّها عِشرونَ طِر سا

              كُتِبتْ بالدَّمِ والحقْدِ بأقلامِ العَناءْ

              سَوفَ نتلوها غَداً

              فَوقَ البَغايا هؤلاءْ !
              -----------------------
              تعلم النضال
              احمد مطر
              -------------
              1

              تريد أن تمارس النضال؟

              تعال

              إغسل يديك جيداً من ذلة السؤال

              لدى أبي رغال

              وكف عن قتل عيال الناس

              في مقصلة قصيدة

              أو خجنرٍ مقال

              معتذراً بعيشة العيال!

              وأخرج على ديانة الريال

              وقل : تبرأت انا

              من قادة بغال

              وشرطة بغال

              ومن جيوش عقدت صفقاتها من جيبنا

              وجربت كل سلاحها بنا

              وأنطلقت تشرب قهوة لدى غاضبنا

              وتقرأ الفنجان كي ينبئها

              بموعد القتال!

              قلها لهم

              قلها فقط

              وضع على بعض حروفنا الغلط

              واحدة من النقط

              فييننا وبينهم بحر دموع ودم

              وليس بيننا وسط

              إلا لمن يمشي على الحبال

              قلها .. تكن مناضلا

              هذا هو النضال!

              2

              تريد أن تمارس النضال

              تعال

              أجمع شعارات جميع الانظمه

              وأمسح بها

              وبل على كل تقارير مصير

              الامم المتهمه!

              وأبصق بوجة قادة الجريمة المنظمة

              ذوي الكروش المتخمه

              من دمنا المُسال

              الفاتحين جرحنا

              دكان برتقال!

              والقاطعين رأسنا

              بسيف رأس مال

              من كل ذي عمالة

              وكل ذي عقال

              والراكبين نعشنا

              سفينة في دمنا

              كي يهربوا من ساحة القتال!

              إمسح بهم

              وبل وابصق

              وقل

              كل الذي عندك من شتائم محترمه

              للعاهر المحتشمه

              وأنق الكوفيه المكرمه

              من مهنة ( السوتيان ) و ( السروال )

              في ألف كرنفال

              يقيمة ( الاباء ) بأسم طفله

              كانت ولا تزال

              محشوة برأس مال ( آدم )

              معروضة برأس مال ( كارل )!

              ثم التقط بضعة أحجار وقل:

              ((لبيك يا مقاومه ))

              واقف لها نافذة المساومه

              وأرجم ( اخا شليتة )

              مستثمر دجال

              يقيم عرش جبنه

              من جثث الأبطال

              ثم آمش واثق الخطى

              على خطى الاطفال

              تكن من الرجال

              هذا هو النضال!

              3

              تريد أن تمارس النضال؟

              تعال

              كُل كثير مسكر قليله حرام

              فأعلن الصيام عن إذاعة النظام

              وأعلن الصيام عن صحافة النظام

              وأعلن التوبه ألف مرة

              عن خطب الحكام

              واستغفر الله على عمر مضى

              صدقت فيه مره .. وسائل الإعلام!

              ثم التقط بملقط

              ما قيل أو يقال

              وأرم به في سلة الزبال

              هذا هو النضال!

              4

              تريد أن تمارس النضال؟

              تعال

              إغسل ( عسيل المخ )

              وآفحص جيداً

              تاريخنا العضال

              إفحصه بالخيال

              خشية أن يعديك إن لمسته

              إفحصه تدرن .. ونصفه سعال

              تاريخنا يبحث عن تاريخه

              تاريخنا ضلال

              سطوره سطرها ضرب العصا

              وجلده .. ضرب من النعال!

              إغسل غسيل المخ

              وأنس ما مضى

              من قصص طوال

              عن مجد غطفان

              وعن بأس بني هلال

              وعن سيوف اشرقت في حالك الليال

              فشاب رأس الليل من اهوالها

              وشابت الاهوال

              ذلك التاريخ مضى

              أحداثه كانت قضا

              وأرضه كانت لظى

              وأهله كانوا من الرجال

              وكل شيء بعده رقص .. رقص على الحبال

              ولت الغرب عن أوطاننا

              وخلفت من بعدها

              جيشاً من النعال

              فبعضهم القي في دبابة

              وبعضهم القي وسط شارع

              وبعضهم حط بباب جامع

              وبعضهم حط على الجمال!

              هذا هو الحال

              وكل ما بدا خلافه انتحال!

              فقم بنا

              نبصق على تاريخنا

              وقم بنا

              نبرأ من المجد الرفيع المبتنى

              بكدح أولاد الزنى

              وقم بنا

              لنحشر الطبله في خلفية الطبال

              هذا هو النضال!

              5

              تريد أن تمارس النضال؟

              تعال

              قل : أنني ناجي العلي

              والويل لي

              إن لم أضع أصابعي العشر

              بعيني قاتلي

              والويل لي

              إن لم أحاسبه على

              ما ضاع من مستقبلي

              والويل لي

              إن لم أعلقه على مشنقة الأجيال!

              أني أنا مخترع الحجاره

              ومنقذ الثوره من مخالب التجاره

              إني أنا مخيم العفه

              يا فنادق الدعاره

              فالويل لي

              والويل لي

              إن لم أكن حنظلة في لوزة المحتال

              والويل لي

              إن بعت قامتي أنا

              بقامة التمثال

              قل : إنني ناجي العلي

              قلها

              فليست كلمة كغيرها تقال

              بل عبوة ناسفة

              تزلزل الجبال

              وغيمة نازفة

              في دمها يطفىء حره الندى

              وتزهر الرمال

              قلها تكن مناضلا

              هذا هو النضال

              -------------
              الشاعر / احمد مطر
              </b></i>

              تعليق

              يعمل...
              X