في بقعة ما من هذا العالم ..
صبي يجثو في زاوية الغرفة ، وعلى أرضها المتهالكة ، سُمّي بجميل ، يستر جسده الغضّ بضع أسمالٍ باليةٍ .
شعره الذهبيّ الأشعث المخلوط بلونٍ دخانيٍ، يدلي بأنه و منذ زمن ، لم تطلق يد حانية، تمسح عنه مخلّفات الشقاء، و حظّه العاثر !
راح يقضم خبزه المرّ، و يتابع مجيئ، و مرواح أبيه، الذي تبدّت قسمات وجهه، كميت بُعث مجدّداً من لحده !
وعاد ليرمقه بعينيه الخضراوين ، اللّتين تشعّان كزمردتين، تخالهما درّتين نفيستين .
ثم باغت أباه بسؤال مفاجئ :
ـ أبي .. هل يمكن لي يوماً ما، أن أقتني دراجةً و ساعة يد ..و و ؟؟
جاءه الردّ، وبابتسامةٍ باردةٍ ، ووجهٍ كوجه ( العشماوي ) :
ـ تعال .. تعال ..اقترب ..
أمسك برأسه لاقطا بأصابعه أذنه الصغيرة ، و راح يهزّها يمنة ويسرة :
ـ من أين لك بهذا الكلام !؟ كفى ثرثرة .. هيّا لقد تأخرت على شغلك في الكراج ، لا تدع العمّ محمود يغضب منك، فإن طُردت هذه المرة ،قسماً : ليس لك من مبيت سوى الشارع.
ـ حاضرأبي ..
قالها ،و انطلق من حجره، كفأر مذعور !!!
و في بقعة ما من هذا العالم !
إمرأة جميلة في أواخر الثلاثينيات ، توحي ملامحها بالأرستقراطية ، ترتمي في حضن مرتبة وثيرة، في غرفةٍ تفترش سقفها نجومٌ ضوئية تومض، و تختفي .
على الأرض ،قرب الجدار ، يقبع حذاء رياضيّ ، يبدو بأنه لم يبرح مكانه، منذ شهورٍ.
وبدلة رياضيّة، ملقاة على الكرسيّ المخمليّ بعشوائيّةٍ، يبدو بأنها لم تمسّ أيضا.
و على الحائط مضرب لكرة التنس، معلّق إلى جانب صورٍ لوجوه عديدةٍ ، من فرق موسيقيّة ،وأبطال رياضيين، و صورة لفتى يانع، ذي عينين خضراوين .. و خصيلات شقراء، تنسدل فوق الجبين، و ابتسامة عريضة، أطلقها حاملاً بيديه المزلاج .
ولذات الفتى صورة أخرى ، تدسّها المرأة في صدرها، تشدّ عليها براحتيها ، واهمة بأن
أحداً يريد إنتزاعها منها ، ترفعها تارة، و تطلق ضحكاً هيستيرياً ، و تعود لتخفضها ، فتصدر عويلاً كذئبة مجروحة ، ثم تهدأ وتعزف أنيناً كبكاء نايٍ ٍ عند الفجر .
إنه وحيدها ، حظيتْ به بعد أن كانت قد ركنت حلم الأمومة، و تصادقت مع واقعها بأنها لن تنجب ، هذا ما أكده لها الأطباء .
أعطتها الأقدار ، ثم استردّتْ ما أعطتْ ، و كحلم قصيرٍ ، و تركتها منحوتة جميلة مرمرية لامرأة ميتة .
أما الفتى جميل ذاك : لم يزل يركض مذعورا، هلعاً من أن يدركه الوقت ، فيطرده العم محمود .
المرأة المكلومة ، و الفتى جميل ، حجرا نردٍ للعبةٍ واحدةٍ !!
و الحقيقة قدر الله وما شاء فعل ..
صبي يجثو في زاوية الغرفة ، وعلى أرضها المتهالكة ، سُمّي بجميل ، يستر جسده الغضّ بضع أسمالٍ باليةٍ .
شعره الذهبيّ الأشعث المخلوط بلونٍ دخانيٍ، يدلي بأنه و منذ زمن ، لم تطلق يد حانية، تمسح عنه مخلّفات الشقاء، و حظّه العاثر !
راح يقضم خبزه المرّ، و يتابع مجيئ، و مرواح أبيه، الذي تبدّت قسمات وجهه، كميت بُعث مجدّداً من لحده !
وعاد ليرمقه بعينيه الخضراوين ، اللّتين تشعّان كزمردتين، تخالهما درّتين نفيستين .
ثم باغت أباه بسؤال مفاجئ :
ـ أبي .. هل يمكن لي يوماً ما، أن أقتني دراجةً و ساعة يد ..و و ؟؟
جاءه الردّ، وبابتسامةٍ باردةٍ ، ووجهٍ كوجه ( العشماوي ) :
ـ تعال .. تعال ..اقترب ..
أمسك برأسه لاقطا بأصابعه أذنه الصغيرة ، و راح يهزّها يمنة ويسرة :
ـ من أين لك بهذا الكلام !؟ كفى ثرثرة .. هيّا لقد تأخرت على شغلك في الكراج ، لا تدع العمّ محمود يغضب منك، فإن طُردت هذه المرة ،قسماً : ليس لك من مبيت سوى الشارع.
ـ حاضرأبي ..
قالها ،و انطلق من حجره، كفأر مذعور !!!
و في بقعة ما من هذا العالم !
إمرأة جميلة في أواخر الثلاثينيات ، توحي ملامحها بالأرستقراطية ، ترتمي في حضن مرتبة وثيرة، في غرفةٍ تفترش سقفها نجومٌ ضوئية تومض، و تختفي .
على الأرض ،قرب الجدار ، يقبع حذاء رياضيّ ، يبدو بأنه لم يبرح مكانه، منذ شهورٍ.
وبدلة رياضيّة، ملقاة على الكرسيّ المخمليّ بعشوائيّةٍ، يبدو بأنها لم تمسّ أيضا.
و على الحائط مضرب لكرة التنس، معلّق إلى جانب صورٍ لوجوه عديدةٍ ، من فرق موسيقيّة ،وأبطال رياضيين، و صورة لفتى يانع، ذي عينين خضراوين .. و خصيلات شقراء، تنسدل فوق الجبين، و ابتسامة عريضة، أطلقها حاملاً بيديه المزلاج .
ولذات الفتى صورة أخرى ، تدسّها المرأة في صدرها، تشدّ عليها براحتيها ، واهمة بأن
أحداً يريد إنتزاعها منها ، ترفعها تارة، و تطلق ضحكاً هيستيرياً ، و تعود لتخفضها ، فتصدر عويلاً كذئبة مجروحة ، ثم تهدأ وتعزف أنيناً كبكاء نايٍ ٍ عند الفجر .
إنه وحيدها ، حظيتْ به بعد أن كانت قد ركنت حلم الأمومة، و تصادقت مع واقعها بأنها لن تنجب ، هذا ما أكده لها الأطباء .
أعطتها الأقدار ، ثم استردّتْ ما أعطتْ ، و كحلم قصيرٍ ، و تركتها منحوتة جميلة مرمرية لامرأة ميتة .
أما الفتى جميل ذاك : لم يزل يركض مذعورا، هلعاً من أن يدركه الوقت ، فيطرده العم محمود .
المرأة المكلومة ، و الفتى جميل ، حجرا نردٍ للعبةٍ واحدةٍ !!
و الحقيقة قدر الله وما شاء فعل ..
تعليق