البــــيدق - قصة قصيرة -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حميد بن خيبش
    أديب وكاتب
    • 08-09-2010
    • 28

    البــــيدق - قصة قصيرة -

    البـــيدق – قصة قصيرة-


    حميد بن خيبش


    لم تكن "هنية" على علم بما يجري ..
    بدا الزفاف عاديا , ونزولا طيعا عند رغبة أب عاشت هنية دوما طوع بنانه . أما الأب الذي لازمه لقب "البيدق" حتى خفي عن القرية اسمه الحقيقي , فكانت تعلو محياه ابتسامات ذابلة.. يوزعها يمنة و يسرة على حضور تنضح أساريرهم بعطر الشماتة !
    لم يجرؤ أحد من الأهالي أن يحتال على البيدق يوما أو يغنم منه خُطام بعير ! فالرجل رغم قصر قامته , و ضمور بنيته إلا أنه يتصدر أخبار القرية و أسمارها . فالضحايا كـُثــُر , و المقالب تُنبيك عن دهاء غير عادي .
    كان اليـُتم شفيعه لدى أهل القرية ليتولى رعي قُطعانهم لقاء دراهم معدودة , لكنه سُرعان ما كشف عن مواهبه ليُصبح تاجرا للمواشي ثم مسؤولا عن تموين الثكنة العسكرية المجاورة بالزاد والأفرشة .وكعادة أثرياء الطفرة الكاذبة, سُرعان ما اجتـالته شياطين المدينة ونادته مفاتنها : هيت لك !
    عاد إلى القرية رُفقة صبية كالبدر ليلة تمامه ! صدق الأهالي توبته وعزمه التفرغ لرعاية ابنته فتولت أياديهم البيضاء سد حاجة العائدين بعد طول غيبة . كان المشهد قبيل الغروب مَكرُمة تعالت على الوصف .. سلال خضر و أكياس قمح تفد على البيت المتواضع من جهات القرية الأربع ! حتى " أمي زهرة" التي تعيش على الكفاف زينت جيد هنية بقلادة من الخرز الملون .
    لكن البيدق سرعان ما كشف عن مواهبه مجددا ليُقنع شباب القرية بالعائد المُغري للهجرة ما وراء البحر , فانسلوا تباعا حتى خلت القرية من ساعد يُباشر الحرث و البذار ! و أسرع البيدق إلى تمكين الأهالي من الجرارات و المحاريث العصرية لقاء سداد مؤجل .حتى إذا ناءت الكواهل بعبء الديون , تطوع البيدق للسداد لقاء حيازة مؤقتة للأرض, ريثما يعود ابن مهاجر أو تصل حوالة منقذة !
    خيم على القرية همود مهيب..
    بدت كأن غاصبا استل روحها ..
    الخضرة و بيادر القمح غدت مثار حسرة في نفوس الأهالي , فعما قريب سيجلب "البيدق" حمالين لنقل خيرات القرية إلى سوق الجملة حتى يستوفي ديونه , ويُمكن الأهالي من قروض صغيرة تسد الرمق .
    تنبهت شياطين المدينة مجددا للبيدق فاجتالته.. لكن ..في عقر داره !
    دُبرت له المكائد تباعا للنيل من دهائه وغنائمه , و ترنح هو مرارا تحت ضربات كادت أن تُفقده صوابه , حتى إذا ضاقت عليه السُبُل قصد كبيرهم لينقاد مُرغما لشروط اللعبة و يُقدم هنية ثمنا للإبقاء عليه و على ..مواهبه !
    طبعا ..لم تكن هنية على علم بما يجري ..
    فقد بدا الزفاف عاديا , ونزولا طيعا عند رغبة أب عاشت هنية دوما ..طوع بنانه !
    التعديل الأخير تم بواسطة حميد بن خيبش; الساعة 03-08-2011, 11:11.
    فرق بين أن تحمل رماد السلف .. أو تحمل شعلته
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    هنيّة أم البيدق ذو المواهب العديدة أم أهل القرية،من كان ضحيّة الآخر و متى نبدأ العدّ للظلم؟
    ما أجزم به بعد قراءة هذا النص المتميّز ،أنّ هنيّة كالحجر السّفلي حملت على كاهلها الجميع بعد تحمّلت والدها و أهواءه عمرا بأسره.
    إنّ أخطر خلق الله و أفتكهم على الإطلاق الجياع الذين انتفخوا كالجيف لا بمثابرة و رغبة في التّغيير و لكن بدأب من غلّ و حقد و كرّسوا حياتهم للثأر من الأيام العصيبة فمن أين نبدأ العدّ لرحلة الظلم،منذ كان البيدق راعيا لا يرى و لا يسمع سوى ما يؤذيه أم منذ الّلحظة التي أمسك فيها بزمام القرية و صار يلعب بالمصائر؟


    نصّ ثمين أستاذ حميد.تجربة كهذه يجب أن تتابع و تقرأ.
    مودّتي لك.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • صالح صلاح سلمي
      أديب وكاتب
      • 12-03-2011
      • 563

      #3
      السلام عليكم.. قرأت لك اقصوصة الرعاة, ولم اشأ ان اعلق عليها حتى تكتمل الصوره في ذهني, فلربما كانت سحابة مطر عابره في صيف لاهب .. وتمضي. ولكني الان بعد هذه القصه اعلاه اجد ان قريحتك حبلى بالغيث فافتح لها الابواب ما اضنني الا امام قاص بقليل من الاجتهاد والحرفنه سيكتب اشياء يعتد بها .. تقبل تحياتي

      تعليق

      • حميد بن خيبش
        أديب وكاتب
        • 08-09-2010
        • 28

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
        هنيّة أم البيدق ذو المواهب العديدة أم أهل القرية،من كان ضحيّة الآخر و متى نبدأ العدّ للظلم؟
        ما أجزم به بعد قراءة هذا النص المتميّز ،أنّ هنيّة كالحجر السّفلي حملت على كاهلها الجميع بعد تحمّلت والدها و أهواءه عمرا بأسره.
        إنّ أخطر خلق الله و أفتكهم على الإطلاق الجياع الذين انتفخوا كالجيف لا بمثابرة و رغبة في التّغيير و لكن بدأب من غلّ و حقد و كرّسوا حياتهم للثأر من الأيام العصيبة فمن أين نبدأ العدّ لرحلة الظلم،منذ كان البيدق راعيا لا يرى و لا يسمع سوى ما يؤذيه أم منذ الّلحظة التي أمسك فيها بزمام القرية و صار يلعب بالمصائر؟


        نصّ ثمين أستاذ حميد.تجربة كهذه يجب أن تتابع و تقرأ.


        مودّتي لك.
        المحترم محمد فطومي ..اسعدني مرورك المميز بمحاذاة نصي و ثناؤك سيدي اعلى من قامتي المتواضعة ..
        أرجو أن اكون عند حسن الظن ..و شاكر لكم المتابعة الطيبة
        فرق بين أن تحمل رماد السلف .. أو تحمل شعلته

        تعليق

        • حميد بن خيبش
          أديب وكاتب
          • 08-09-2010
          • 28

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة صالح صلاح سلمي مشاهدة المشاركة
          السلام عليكم.. قرأت لك اقصوصة الرعاة, ولم اشأ ان اعلق عليها حتى تكتمل الصوره في ذهني, فلربما كانت سحابة مطر عابره في صيف لاهب .. وتمضي. ولكني الان بعد هذه القصه اعلاه اجد ان قريحتك حبلى بالغيث فافتح لها الابواب ما اضنني الا امام قاص بقليل من الاجتهاد والحرفنه سيكتب اشياء يعتد بها .. تقبل تحياتي
          و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

          و لك الشكر الجزيل اخ صالح على المتابعة الطيبة و التوجيه السديد
          فرق بين أن تحمل رماد السلف .. أو تحمل شعلته

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            و أنا أرى أنه نص مميز
            كشف عن قدرة و حنكة فى صياغة جمالية لقص جميل !!


            كل سنة و أنت بخير و سعادة

            محبتي
            sigpic

            تعليق

            • حميد بن خيبش
              أديب وكاتب
              • 08-09-2010
              • 28

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              و أنا أرى أنه نص مميز
              كشف عن قدرة و حنكة فى صياغة جمالية لقص جميل !!


              كل سنة و أنت بخير و سعادة

              محبتي
              ثناء اعتز به من متتبع قدير ..

              وانت كذلك سيدي ربيع ..اجزل الله لك العطاء و ادام لك المسرات
              فرق بين أن تحمل رماد السلف .. أو تحمل شعلته

              تعليق

              يعمل...
              X