خادم عزرائيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نبيه أبو غانم
    أديب وكاتب
    • 26-05-2010
    • 94

    خادم عزرائيل

    خادم عزرائيل


    لم أعد أشكُّ أن روحاً شيطانية تسكنك، ولن يطردها منك سوى شخص ملأ عينيه بالتراب.. فأصبحتما عنده سيّان.
    كنتَ خليلي الوحيد طوال سنين عديدة، أو هكذا خُيّل لي، أخلصتُ لك بكل جوارحي حتى أني أوشكتُ أنْ أعبدك، لقد خسرتُ كل من حولي، ونجحتَ في زرع الشك في مخيلتي، فصرتُ أرى الغدر والخيانة عند كل الناس، ما أنْ دخلتَ حياتي ومشاعري تحجرتْ، وتفكيري بات معدوماً.. كنتُ أرى العالم من خلالك، وأشعرُ بهالة سوداء تظلّل رأسي كلما لمستك، وأظنُّ أنَّ الوقت قد حان كي أتحرر من سجنك، وأمحوَ معالمك الساحرة، وأُطفئ هذه النظرة الآسرة التي خلبتَ بها الألباب، وأنا كلي يقين أنك تستحق ذلك، فكم من دمٍ سُفك من أجلك؟..
    وكم من إخوة وأصدقاء تخاصموا بسببك؟.
    لقد صُنِعت مرةً واحدة ولكن كم من التماثيل الأحياء صنعتْ؟.
    حتى لحظة خروجك إلى النور، أبيتَ أنْ تغادر مرتعك حتى يحلّ مكانك شخص غدر به صاحبه من أجل وهجك.
    لقد أصبحتَ عبئاً ثقيلاً عليّ يعجز كاهلي عن حمله، ولا بدّ أنْ أتخلّص وأُخلّصَ العالم من غيّك، وسأفعلها الليلة فلن أنتظر بزوغ الفجر.
    امتطيتُ صهوة حصاني وانطلقتُ عبر الغابة لأجد مكاناً ملائماً لدفن هذا الشيطان. كنتُ أسيرُ بسرعة كبيرة محاولاً مسباقة الزمن، حتى أبصرتُ شجرة سنديان ضخمة، فقررت أن أدفنه تحتها.. وبينما كنتُ منهمكاً بالحفر أحاط بي أربعة رجال جاءوا على وقع ضربات المعول.
    - ماذا تفعل هنا؟.. وماذا يوجد داخل الكيس؟.
    - أرنا ما لديك- يتابع آخر- بسرعة يا هذا.
    - فتحتُ الكيس وأخرجتُ التمثال وقدمته لهم دون تفكير.
    وما أنْ رأوه حتى أصابتهم لوثة عقلية، غير مصدقين ما تشاهده أعينهم.
    - ما هذا التمثال؟!. ومن أين حصلت عليه؟.
    - إنه لكم إن أردتموه ولكن دعوني أذهب.
    - لا يعقلُ أن تتخلى عنه بهذه السهولة لو لم تكن تمتلك غيره..إنْ لم تدلنا على باقي الكنز فسوف نقتلك.
    - أقسم لكم لا يوجد عندي غيره، خذوه ودعوني وشأني أرجوكم.
    - اتركه يا رجل أظنه يقول الحقيقة.
    - لا لن نتركه.. حتى ولو كان يقول الحقيقة يجب أن نجهز عليه، فقد يجلب لنا المتاعب.. خصوصاً أنه رأى وجوهنا.
    لم أنطق ببنت شفة، إنها المرة الأولى التي أشعر فيها أني مستسلم لقدري، قانعٌ بما سيحصل لي وكأنه الجزاء العادل الذي أستحقه.
    في هذه اللحظات لم أكن أرى سوى ذلك التمثال.. وكأنه يسخر مني مشيراً إليّ بالصولجان الذي يحمله بيده, وخُيّل لي أنَّ التاج الذي يعتلي رأسه قد تحول إلى قرنين، وتحولت نظرات عينيه إلى سهام قاتلة أصابتني في الصميم.
    استل زعيمهم سيفه وغرزه في صدري ولم ينزعه حتى أوقف نبض قلبي.
    فارقت روحي جسدي فسقطتُ جثة هامدة مضرجة بدمائها، وفارقتني الهالة السوداء التي كانت تظلّل رأسي لتلازم أحد الرجال الأربعة..
    وما أن ابتعدوا مسافة قصيرة حتى سقط صاحب الهالة صريعاً بطعنة سكين من أحدهم.. لتنتقل الهالة إلى رجلٍ آخر من الثلاثة الباقين الذين اختفوا في ظلمة الغابة.

    **************
    تمت
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    #2
    لا يمكن لمن يعبد الشيطان سوى أن تكون له تلك النهاية ..
    جميل هذا النص..أعجبني ..
    لكن , هل النصرة دائما للشيطان ؟
    ألا يمكن أن يكون دفنه و تخلّص منه و رأى هالة بيضاء
    تظلّل رأسه ؟
    مجرد أسئلة طافت بخاطري الآن ..
    تحيتي لك أخي و تقديري.
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

    تعليق

    • ثروت مهدي
      طالب علم
      • 08-03-2009
      • 35

      #3
      الله أستاذ نبيه
      راق لي جدا أسلوبك القصصي

      هل لي أن أسألك من هو عزرائيل؟
      لك المودة
      <>::<> قصـة مثـل <>::<>

      تعليق

      • نبيه أبو غانم
        أديب وكاتب
        • 26-05-2010
        • 94

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
        لا يمكن لمن يعبد الشيطان سوى أن تكون له تلك النهاية ..
        جميل هذا النص..أعجبني ..
        لكن , هل النصرة دائما للشيطان ؟
        ألا يمكن أن يكون دفنه و تخلّص منه و رأى هالة بيضاء
        تظلّل رأسه ؟
        مجرد أسئلة طافت بخاطري الآن ..
        تحيتي لك أخي و تقديري.
        لا.. النصرة ليست دائماً للشيطان، وإن كانت فهي مؤقتة، أو تكون مسلّطة
        على من طغى وتجبر وملأ الطمع والجشع قلبه.
        نزعة الخير الموجودة في قلوبنا تُحب أن تكون النهاية جميلة.. ولكن في
        بعض النهايات الشريرة تكمن العبرة والموعظة.
        أختي أسيا نورتني بوجودك البهي
        دمت بخير ولكِ مني التحية

        تعليق

        • نبيه أبو غانم
          أديب وكاتب
          • 26-05-2010
          • 94

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ثروت مهدي مشاهدة المشاركة
          الله أستاذ نبيه
          راق لي جدا أسلوبك القصصي

          هل لي أن أسألك من هو عزرائيل؟
          لك المودة
          عزرائيل هو الأسم الشعبي لملك الموت كما تناقلته الألسن عبر الأجيال ويعتقد أن هذا الاسم له أصول عبرية
          أما في القرآن الكريم فقد جاء اسمه بملك الموت فقط.
          والمقصود بخادم عزرائيل هنا هو التمثال الذهبي الذي يسبب الموت لكل من يحصل عليه بعد أن يملأ الجشع
          قلبه، فيكون السبب بجلب عزرائيل إليه.
          أستاذ ثروت تقبل مني أسمى التحايا
          دمت بخير

          تعليق

          • تيجاني سليمان موهوبي
            أديب وكاتب
            • 29-03-2011
            • 198

            #6
            السلام عليكم الأخ نبيه أبو غانم وتقبل الله صيامك
            قصة رائعة وجميلة ، فحب الدنيا رأس كل خطيئة...ولكن أنت لما متت بعد أن غرز في صدرك أحد الأربعة عناصرسيفه ولم يستله إلا بعد أن تأكد من توقف نبض قلبك وبهذا قد وضع حدا لحياتك ، كيف عرفت بأن الهالة السوداء قد تحولت الى غيرك من أحد العناصر الأربعة الذين أحاطو بك في الغابة إحاطة السوار بالمعصم؟ أم انك رأيت ذلك في منامك بعد وفاتك ؟.....مودتي
            التعديل الأخير تم بواسطة تيجاني سليمان موهوبي; الساعة 09-08-2011, 00:05.

            تعليق

            • نبيه أبو غانم
              أديب وكاتب
              • 26-05-2010
              • 94

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة تيجاني سليمان موهوبي مشاهدة المشاركة
              السلام عليكم الأخ نبيه أبو غانم وتقبل الله صيامك
              قصة رائعة وجميلة ، فحب الدنيا رأس كل خطيئة...ولكن أنت لما متت بعد أن غرز في صدرك أحد الأربعة عناصرسيفه ولم يستله إلا بعد أن تأكد من توقف نبض قلبك وبهذا قد وضع حدا لحياتك ، كيف عرفت بأن الهالة السوداء قد تحولت الى غيرك من أحد العناصر الأربعة الذين أحاطو بك في الغابة إحاطة السوار بالمعصم؟ أم انك رأيت ذلك في منامك بعد وفاتك ؟.....مودتي
              وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أخي العزيز تيجاني سليمان موهوبي وتقبل الله صيامك:
              بعد مداخلتك الثرية بالنقد، استحضرني ردك.. لرد أديب آخر وهو من المملكة المغربية مشهودٌ له في الأدب والمعرفة وأحببت
              أن أنقل رده على هذه القصة وفيها ستجد جواباً لسؤالك وأشكرك سلفاً على مرورك الكريم وأسلوبك المؤدب بالنقد.

              الرد للأديب والناقد محمد النعمة بيروك:
              كلنا في حاجة إلى دفن الجانب الشرير من نفوسنا.. لكن الزمن اليوم بات يرفض حتى محاولة إصلاح النفس، لذلك ينتصر الشر أحيانا.. وإن لم يكن هذا الشر مالا بالضرورة كما قد يُفهم من النص، فهناك من عبد الشيطان نفسه..

              نص سريالي بامتياز بعيد عن التقليد القصصي الشائع.. وطرقٌ جميل للمستحيل، وتعبير جديد عن الهواجس النفسية..
              إنها محاولة إبهار ناجحة من وجهة نظري لكسر المألوف أخذتْ القارئ بروعة وشغف حتى نقطة النهاية..

              النص بدأ من عمق الإشكال القصصي، فأشعرَ القارئَ أنه داخل النص وهو في بدايته..

              لكن النص بدأ بضمير المخاطب وكأنه سيستمر على ذلك حتى النهاية عندما لم يستعمل المزدوجات ولا العارضة، ثم فاجأنا بعد ذلك بالضمير المتكلم..

              استمرار البطل في سرد الأحداث بعد موته تقنية جميلة تنم عن فهم عميق للنصوص الفوق واقعية ذات الهدف الواقعي..

              النص يحتوي بعض الجرأة المحببة من وجهة نظري.. و روعة الخاتمة في انفتاحها اللامحدود على عواقب الشر كمحور حاول القاص إثارته على اعتبار أنه جزء من التكوين النفسي للبشر..

              أحييك بحرارة أخي المبدع الجميل نبيه..
              التعديل الأخير تم بواسطة نبيه أبو غانم; الساعة 09-08-2011, 01:19.

              تعليق

              يعمل...
              X