القى بالدلو المشدود الى الحبل, في احد الابار, هي المرة الاولى التي يغرف فيها من بئر ماء. تبادلت يداه المتسارعتين في نشاط جذب الحبل الى الاعلى. امسك فرحا, بالدلو الواصل للتو محملا بالماء, كغريق امسك بطوق نجاة. تأمل الماء قليلا, اغترف غرفة بكفه, تلاشى بعضها متساقطا قبل ان يبلغ فاه. تذوق الماء , ولعق من كفه بقاياه, كمحتضر يتذوق اكسيرالحياه. اراد ان يعيد الكره, لم يصدق عينيه. قلب الدلو في البئر, وبدد ما فيه من المياه. تلاطمت كتلة الماء الساقط من الاعلى, بالماء الساكن في الاسفل..حيث صفوة المجهول تعلو في سكون وجه الماء. سمع صدى اصوات, انحنى قليلا يحتضن فوهة البئر.. ورمى مجيبا بصيحات متتاليات. خُيل اليه انه يسمع رجع اصوات.. زمجرات..واستغاثات..همهمات.. قادمات من اعماق تاريخ اقوام, تنازعت السيطرة على هذه الابار, ومروا بتاريخ هذه البلاد. أرخى السمع من الاعماق.. لصهيل خيول.. وهدير جيوش..وصليل سيوف.اصوات اذان..تراتيل صلوات, ونساءٌ يكبرن..وأنين غربه..ودموع شتات. اعاد رمي الدلو,وجذب الحبل ,وتبديد الماء.. ثلاث مرات. لم يساله احد في باحة المسجد الاقصى عما يفعل. لاجئ ..مشتت..هو, يريد ان يفعل في عودته هذه ما يشاء. بعد اكثر من ستين عاما, وبلدته حيث مسقط رأسه, وحيث جاء الان ليذهب , لاتبعد سوى عدة اميال عن القدس. هذه هي المرة الاولى التي تطأ فيها قدماه تلك الساحات, وتلامس يداه هذه المياه. وضع الدلو على طرف البئر,تذكر الوضوء, يريد ان يدرك الصلاه. اه.. واية صلاه, انها الصلاة في الاقصى. اتم وضوءه. واحس ان وجه يزداد بهاءً ونورا, وهويسبغ في وضوءه من هذا الماء. صب على راسه مابقي في الدلو من الماء, فابتل عقال رأسه وثيابه البيضاء. ربما لن يحضا بفرصة اخرى, يغتسل فيها بهذا الماء. احس انه يمسح عن نفسه ادران غربه, ويطهر جسده من جنابة شتات. انطلق في لهفه, تتسابق منه الاقدام, وثيابه ماتزال تقطر بعض ماء. برك بين الجموع,غارقا في خشوع, ومنتشيا بفرح كطفل صغير. اتم صلاته,سلم عن اليمين,ثم سلم عن الشمال. وبعد ان رفع يديه بالدعاء والشكر, انحنى قليلا,مد يده,تناول عقال رأسه الذي انزلق وهو يصلي,عند موضع السجود. انطلق في لهفه,يسابق بها المصلين,خارجا من حرم المسجد الاقصى. مسحت يده دمعا ترقرق, ثم سال, فبلل وجنتين توردتا في نشوه,وتلاشت قطراته على مشارف لحية قصيره بيضاء لشيخ جاوز الستين. سار وهو يضع عقاله تحت ابطه,ويوازن منديل راسه الابيض,جاذبا طرفيه. بدت له مدينة القدس, ونوى ان يتفرج فيها قبل ان يذهب لبلدته. رأى سماءً في القدس تتلبد بالغيوم .ومن مرتفع, اشرف على القدس. سمع هدير اصوات, وضجيج يعلو في المدينه , وقرقعة سلاح. تكبيرات اذان, وقرع اجراس, وتراتيل صلوات. سمع لغة خطابات سلام تتعالى. وتعالت صاخبه.. لهجات تهديد.. وويل وثبور. ولكنه لمح صبرا. يلف المدينه و يسترخي على سفوح التلال .توقف.. اعتمر العقال, واماله قليلا,مشى يتبختر كعريس جديد, يضحك مع نفسه, فتنتفخ اوداجه , ويتبسم في نفسه, فتنشرح نفسه, يفرك راحتيه ببعضهما في سرور.. ضفر بما يريد..غافل الجنود.. وحرس الحدود ..صلى في الاقصى. لاجئ مشرد لايملك تصريح دخول.لكنه لم يرَ الجنود. يجب الحذر, فهم مبثوثين في كل مكان, خلف الاحجار,بين الاشجار ,على سطح الدار. مال الى الحديقة الغربيه, وقف تحت اشجار السرو العتيقه, اخذته رهبة المكان, ثبت عينيه, ارخى اذنيه, حرك انفه, شم رائحة الزمان.. يعبق بها المكان. لمح جنودا لسليمان, تخطف كالبرق عند قمم الاشجار. التفت خلفه, تذكر عصاه التي يتوكأ عليها,تركها هناك في المسجد, لن يعود اليها, لن يدخل المسجد مرة اخرى, ربما فيه الان جنود. لم يعد بحاجة اليها, احس انه ولد من جديد, ليترك اثاره في المسجد. نظر الى اشجار السرو, اراد ان يحفر اسمه على جذع احدى الاشجار,لايملك شيئا يحفر به. انتبه خلفه, التفت عن يمين, وعن شمال. جذب غصنا تدلى على احد الجذوع. ادار طرف الغصن في فمه, اقتطع باسنانه الخلفيه ما يملأ جوفه.فليس في مقدمة فمه اسنان.مضغ تلك القطعه, ثم ابتلعها.قال في نفسه.. ان لم نسجل اسمائنا فيك .. فاسكن انت فينا.. ياوطنا يسكننا. ابصر كوكبة من الجنود تمتطي الخيول, سار بحذر وعيناه ترقبهم, اتجهوا الى الغرب, انسل بين الاشجار..كتاريخ, اتجه جنوبا. وضع يده على رأسه, يثبت عقاله ويتحنجل هابطا بضعة ادراج. سار في احد الدروب,يقبض ذراعيه ويبسطها,يسير في اعتداد مسير الجنود. يدق بكعبيه الارض, ويرخي السمع لوقع خطواته, اتراها مرصوفة هذه الدروب؟ ام هي ارض من الاحجار. انحنى وقطف زهرة حمراء,لشقائق نعمان, نمت في الشقوق التي تفصل الاحجار. وضعها في جيبه, عند صدره.وسار يتبختر ناضرا ومتفرجا. شده الى بلدته في الطرف الاخرحنين, سيخترق القدس حتى يصل الى طرفها, ومن هناك سيذهب الى بلدته. ولكنه يضن انهم الان يبحثون عنه, مرت مركبة دوريه للجنود, ادار وجهه, وقف الى الحائط.. باكيا, مرت بسلام. واصل خطاه, وقف عند بائع شراب, زنجي اسود, وضع حلقة في اذنه. وبدت اسنانه البيضاء خلف شفتيه الغليظتين, وهويبتسم اليه في احترام. سقاه شراب من عرق سوس, صبه اليه بعد ان امال الى اسفل, عنق ابريق ضخم من النحاس,ثبته على ظهره بجديلتين من الجلد, تعاقبتا على صدره العاري. وقف امام مرءاه,ابتسم لنفسه ,اعجبه وجهه, يبدو شيبه الابيض قد ازداد بهاءا وتوردت وجنتاه ,وتراقصت فوقهما عيناه كنجمتي صبح اطلتا من خلف التلال. كيف لا , وها هو الان في القدس, بعد اكثر من ستين عاما , هي عمره .. وهي شتاته. مر على فتا اشقر,غلب بياض وجهه احمرار, وهوينادي: تين..تين.. خليلي ياتين. واستند بيده على ظهر بغل هرم تدلت اذناه. وتقابل على ظهره صندوقين خشبيين, طُرح بينهما ميزان. تطاول بعنقه ناظرداخل احد الصناديق, تين اسمر من الخليل, لوح بيده وهويتفحص التين, هش بضع نحلات, جذبها العصير الحلو المتصفي من التين. اشترى شئ من التين, وبكمية لابأس بها, ولم يسأل نفسه,لم اشتراه. المهم ان كان يقول للفتى البائع: تين بلادي .. اه يا تين. ثم ذهب واشترى سله لها حامل ووضع فيها التين. حمل سلته وهويُعدل عقال رأسه وواصل المسير, وفي زحمة الناس عند محطة للباصات, وقف تحت لوحة ضخمه للاعلان. عليها صوره لرجلين, مد كل منهما يده للاخر.. يتصافحان. وتحت اللوحه كُتبت عبارات قليله. تأمل اللوحه.ثم اقطب حاجبيه.. ومضى, فهو لم يفهم اللغه التي كتبت بها العبارات. وصل الى طرف القدس, وفي درب يؤدي الى مخارجها, جلس على طرف صخرة باديه في المكان, وهو يضع سلته بجانبه, ويراقب الطريق. اقبل نحوه شيخ طاعن في السن.يسير في تكاسل ويخطو خطوا ونيئ, بعد ان احنت ظهره تعاقبات السنين, واندثرت اسنانه ,فأوهن ذلك واضعف مخارج الحروف من كلماته وهويقول: زيتون.. زيتونة نابلس.. دواء المتعبين.وسارخلفه حمار ابيض, وضع مقدمة راسه في ظهر الشيخ العجوز, وكأنه يدفع سيده للمسير. وحمل على ظهره كيس, فيه زيتون. اعترض طريق الشيخ العجوز وحماره وهويقول مازحا: تعال واجلس هنا, يكفيك تعب السنين, يكفيك ما جمعت ايها العجوز. سأشتري منك كل الزيتون.. وأن بعتني الحمار سأشتريه, انا ذاهب لبلدتي واحتاج اليه لاحمل عليه بعض اغراض. ضحك الشيخ الطاعن في السن, وهو يهم بالجلوس, وانفرجت شفتاه عن فم كفم الاطفال, لااسنان فيه. وزاد توسع فمه ضاحكا, خطوطا عميقه في عرض وطول, رسمتها الايام على محياه.وقال:اذا كان لديك المال, السيارات موجوده , لم الحمار؟ اجابه: انه لايريد ان يذهب بالسيارات ويمر بحواجز الجنود, وبلدته ليست ببعيد, سيسير اليها ماشيا. دهش الشيخ العجوز, وضرب كفا بكف, وهو يسمع منه عن بلدته هذا الكلام, وقال: انك تعيش في زمان غير الزمان, تلك البلده كانت منذ سنين, لم يبق منها حتى الاحجار, ربما عدة اشجار زيتون, ما تزال تمسك بالارض هناك, شاهده على بلدة كانت عمار. اصر الرجل وهو يكابر, على انه يريد ان يذهب الى هناك ويرى بنفسه بلدته والاطلال, فباعه الشيخ العجوز اسياً لحاله, الزيتون والحمار. وودعه وهو يقول: مثل الدنيا من الاخره.. كمجلسنا هذا على طرف الصخره, لفترة من الزمان.. ثم يمضي كل منا الى مكان.. فلا تأس عليها. انطلق الى بلدته, متلمسا مداخل المكان, ومستدلا من بعض من قابلهم, وهويجر خلفه الحمار حينا , ويركبه حينا اخر. بعد ان حمل على ظهره التين والزيتون. واشرف على ما بد انه هو ذات المكان, لبلدة كانت منذ زمان. فتلك بقايا احجار استخدمت في ما مضى في بناء, رغم الجهد الذي بذل لتسوية الارض.. والانسان. وتلك بضعة اشجار زيتون عمرت, وتوزعت في تباعد, وكأنها تحرس مداخل المكان, ولم يدرٍلم تذكر, الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ,فأماته الله وحماره, ماْئة عام, ثم احياه, فقرأ في نفسه بضع ايات تشير الى تلك الواقعة, وتيمم صعيدا طيبا وصلى ركعتين, في المكان. ثم انزل حمل التين والزيتون,ووضعهما على الارض, وخلى سبيل الحمار, وهويسبح سبحان الحي الذي لايموت. جلس يستذكر كلام ابيه عن زيتونة الدار, وايها اقرب الى وصف ابيه,وفي ما سمع من اخبار. كان النهار قد بدأ يلفض انفاسه. وقرص الشمس يرمي بأشعاعات باهته,هي اخرمافي جعبته,نهاية ذلك النهار,قبل ان ينزوي خلف التلال. وبدت ظلال اشجار الزيتون قبل المغيب, كأشباح مسجاة على الارض,بضعف حجم تلك الاشجار. التي تو زعت عليها اقراص اعشاش, لأطيار بدأت تعود اليها عند ذاك المغيب, وهدلت يمامات على بعض الاشجار,باصوات متضاربه ومتباعده, وكأنهن يسبقن بعضهن نوحا, ويرون لليل القادم عند كل غروب, قصة هذا المكان. كان مايزال جالسا تحت احدى الاشجار, يستذكر كلام الشيخ الطاعن في السن, عن هذه الحياه, ويستذكر باكيا, اهله والوطن وقصة الشتات. حين فزع لصوت مفاجىء في تلك البريه الموحشه, وارتعب في ذهول لخروج شخص من خلف احدى الاشجار, فجفل الحمار, وعلا صوته في اضطراب. واقبل نحوه ذلك الشخص, ولم يتذكر كيف اقبل, ولم يتذكر له خطوات. وقف امامه صامتا وناظرا اليه بلا معنى, استبد السكون, قبل ان تقطعه عزيمة استجمعها في نفسه,للسؤال حين قال: من انت ومن تكون؟. واجابه الذي بدا انه لم يره مثله ولايشبه الانسان: انا مَلَك الموت جئت لاقبض روحك هنا ,فلم يعد لك في هذه الدنيا من ساعات. ابتلع ريقه يستجمع الكلام, وتراجفت اعضائه في اضطراب وهويقول: لكن.. انا جئت لأرى بلدتي, واهلي بعيد. قال مَلك الموت: قلت ما لك بعد هذه اللحضات من حياه, الاتحب ان تموت في هذه الارض. اجاب وهومايزال في اضطراب: نعم .. نعم .. كنت اتمنى ان يضمني في بلادي التراب, ولكن هل تدفنني اِن قبضت روحي ام تتركني جثة هامده؟ تنهشها الضواري, في هذه البريه. اجابه ملك الموت في حزم : ليس لي الا ان اقبض روحك وامضي. قال الرجل: اذن استحلفك بالله ان تمهلني لاحفر لي قبرا تحت زيتونة الدار, واصلي ركعتين لله. قال له مَلَك الموت : اما ان تحفر قبرا.. فلك هذا, واما ان تصلي ركعتين.. فلا, فلقد كان لك اكثر من ستين عاما لتعبد فيها الله. هرع الرجل في ذهول يحفر قبره بيده, واستعان في ذلك ببعض اعواد واغصان, يبست تحت الاشجار, ومَلَك الموت يقف في الانتضار. اتم حفر قبره, ونزل فيه يقيس طوله. ثم نادى على مَلَك الموت.. وقال : ها انا ذا مستعد الان.. واراك مَلاكا رحيما, رغم ما سمعنا عنك من اخبار, بل ان وجهك ليس كما نظن.. ففيه شيء من الجمال. وقال له مَلك الموت: لتعلم اني لن اُهيل عليك بعد موتك التراب. اجابه وهوممدد في قبره يستعد للميعاد: ربما تأتي على هذه الاقوام صاعقة, او رجفه من عذاب, فتدفنني وتهيل علىَ التراب.. انا مستعد الان.. واغمض عينيه,ينتضر الموت ويتشهد. باغته صوت يوقظه, ويد تربت على صدره.. افق ابي.. افق ابي.. هذا اوان السحور. تعلق, متشبثا ببقايا احلام, وهو يزيح اليد التي تربت على صدره. ويقول في تسارع في الكلام: انا جاهز هيا اقبض روحي في بلدتي, اشهد ان لااله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله.وفزعت ابنته التي كانت توقظه, ليشهد السحور, فهزته بيديها وهي تقول: افق ابي, انت هنا في الغربه, وبلادنا تبعد الاف الاميال. كان مايزال يردد الشهاده, حين فتح عينين متعبتين,جحظتا في شرود ودارتا في سقف الغرفه. ابتسمت له ابنته, حين رأته ينظر اليها في حيره,وهي تقول: كنت تحلم يا ابي. ولكن خشيت عليك. اعانته فاستوى جالسا في فراشه, وهويتمنى انه لم يفق.ويقول: حلمت اني ذهبت الى القدس, ورايت بلدتي, وكنت اموت هناك. مسحت بيدها على رأسه وهي تقول: اطال الله في عمرك يا ابي, كلها بلاد الله ما لنا من خيار. وبدأت عيناه تمتلئان دموعا ساخنه, تسابق كلماته,وعلا صوته واشتدت نبرته في نشيج : نعم يا ابنتي ما لنا من خيار. الموت في الغربة.. قدرنا. ما اقسى ان يموت الرجل مقهورا. بعد حلم وطن, يشب معه.. ويشيب عليه. ثم يموت دون ان يدركه, اوحتى يرى ابناءه يقتربون من ذاك الحلم.فيعزي نفسه, انهم سيدركونه ذات يوم. وازداد بكائه ونشيجه, وابنته تخفف عنه, حين ادرك ان نواقيس الحقيقه, تطرد من نفسه اضغاث احلام. وانه ملزم بالاستسلام لواقع الغربه . الذي يضغط على نفسه, ويشعره بعبث وقهر الايام, فيغدو جوار الرب ارحم, ويصبح هو الهدف الذي تستعجله النفس. خرجت ابنته وهي تحثه على النهوض, وهاربة بدموع لاتريد له ان يراها. فجال بعينين علتهما غشاوة الدموع, في زوايا غرفته. حيث وحشة الغربه, وانين الصمت الذي يقتل الامل في النفوس ,فيقصر الاعمار. وناضرا الى عصاه التي يتوكأ عليها, مسنده الى جانب السرير, تئن بالفراغ, فلا ارض تحمله اليها, ولا جامع ومسجد يغدو بها اليه. ونافذة الغرفة تلك,التي تشرف من علو شاهق ,على شارع صاخب لايعرف الاخطوات حياة رتيبه ممله على اهله, فكيف بالذي جاء غريبا عن الديار. تناول عصاه, وقام في تكاسل, سار..يتمايل, حتى وقف على نافذة الغرفه, اسند رأسه المتعب للزجاج. وهوينضر الى اسفل, حيث الشارع يتشبث ببعض حياة ليل. وفي صمت نضرالى ذلك المكان الذي اعتاد منذ وصوله الى هنا ان يراه.. لوحة اعلان ضوئيه, تعلن منذ مده عن فتاة بملابس ليس فيها احتشام, وتستعد لاداء حفلة رقص وغناء. واناس تدلف الى المكان في صمت, يتقاطرون كالاشباح, هاربين من دنيا حقيقه, الى مسرح اوهام. توقفت امام لوحة الاعلان تلك سياره فارهه, وهوينضر اليها, خرج من المحل رجل يتمايل في ميوعه, وفي تعب سهر. وصل الى السياره,وفي تزلف ونفاق وهوينحني قليلا, فتح الباب. نزل رجل يرتدي ثوب عربي وعقال , وانطلق الى المكان, والرجل المنافق يتقافز بخطوات سريعه,عن يمينه وعن الشمال.ككلب انطلق يهز ذيله وجسده في عنف,ويدور حول سيده الذي يحمل بين يديه طعام. باغته صوت ابنته, من خلفه.. هيا يا ابت.. لم يبق لاذان الفجر الا القليل. انتبه, واستدار, فهذا اول رمضان يشهده في بلاد غير المسلمين. بعد ان تفرق الابناء في الاقطار, كل يغني على ليلاه. ولم يتمكن اي منهم, الا هذه الابنه, اكملت له اوراق سفره اليها, بعد ان عجز عن ذلك بقية الابناء. ودفعته الخشيه من الموت وحيدا, للمجيئ بوثيقة اللجوء الى هذه البلاد, واضحت العوده الى بلاد العرب ,بعيدة المنال. انطلق, يترنح مهتزا في مشيته متوكئا على عصاه, وابنته خلفه تراقبه. واقبل بمضض على يوم اخر من ايام دنيا, اصبح كارها لها, وعزائه انه يوم اخريعبد فيه الله. وبعد ان اتم سحوره, صلى الفجر, واستعجل العودة الى فراشه, عله ينسا, اويجد في حلم اخر ما يحب ان يراه. وحين كان مستغرقا في نومه, قال في نفسه: نعم .. هذا ما احب ان اراه, ان القى وجه الله. فلقد احس بغيبة الممات. وان هناك من جثم على صدره, وجاء ليقبض روحه.فمَلَك الموت في هذه الغربه يبدو انه قد جاء, خاطب مَلَك الموت في نفسه وهويقول: يامَلك الموت في الغربه.. ترفق قليلا بغريب وطن واهل.تردد الصوت في نفسه مجيبا: ليس في الموت رفق. ثم قال: الا تمهلني لاخبر ابنتي الان في الغرفة المجاوره, فلا تذهب الى عملها,وابقى جثة هامده الى العصر حيث تحين ساعة عودتها. فيأتيه الجواب القاطع وروحه تُنزع من كل عرق: ليس لك هذا. بل.. الان انزع روحك. وقال اخيرا: يا مَلَك الموت في الغربه..الا ترفقت.. الا تجملت .. انك تفزعني, وتخيفني. فيأتيه الجواب في قسوة المنهمك بنزع الروح: وهل في الموت رفق.. وهل في الموت جمال.. هل رأيت الموت قبل اليوم ؟ فأ جاب قبل ان يتشهد : نعم.. نعم.. هناك.. في بلادي الموت.. اهون .. حتى مَلَك الموت.. في بلادي اجمل.
قصه- مَلَك الموت اجمل
تقليص
X
-
السلام على كل رواد هذا المنتدى الكريم... وعذرا لانني ربما لااكون قد التزمت بقواعد محدده للقصه القصيره. ولكن عذري اني حاولت ان اكتب من قلبي مباشره. ربما يكون في تسرع... لكنه من القلب. حتى انني هذبت هذه القصه ووضعت لها علامات كثيره , وعدلت فيها. بعد وضعها على المنتدى .مرات ... ومرات. متناسيا بعض قواعد.ربما ظننت انها ستضيف صنعه لااحبذها لما كتبت.... فعذرا للجميع وارجوا ان تجدوا لحرفي الاعذار........... صالح صلاح سلمي
-
-
اخي الأستاذ صالح صلاح سلمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جعلك الله من أهل الصلاح
وسلمك من كل مكره
وأصلح بك
أخي الكريم
القصة رائعة جدا علما بأنني لم أقرأ إلا ثلثها
ولي عودة لإكمال قراءتها بمشيئة الله ، فكم أعجبت بها
مبدأياً عندي ملاحظة بسيطة أحببت أن أنبهك لها
وهي التنسيق في طرح القصص
(((((((- وجهة نظري ،،،،،، ولك أن تأخد بها أو أن تهملها -)))))))
وتجدها في المشاركة رقم أربعة في الموضوع تحت هذا الرابط
http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?82226
حبذا لو تقرأ مشاركتي أو الموضوع كله
فكم فيه من الفائدة
إن قرأت تلك المشاركة فستعرف لماذا لم أستطع أن أقرأ قصتك كاملة
تحاياي
ولي عودة إن شاء الله
أخوك في الله
سائد
تعليق
-
-
أخي صلاح أعجبني ما قرأت, فأنت تمتلك أسلوب سرد جميل
وبرأيي قصتك وصلت الذروة عندما أيقظته ابنته وعرفنا أنه
يقيم معها في الغربة منذ حين. يوجد بعض السرد أحسست
أنه جعلني أتشتت قليلا عن لب الموضوع.
كان هنالك إثارة وتوقع أن يكتشف أمره من قبل جنود الإحتلال
كي يطلقوا عليه النار وينتهي أمره, ولذلك رغم أن موته كان
متوقعا ولكن أسلوب المعالجة في الحلم لم يكن متوقعا بالنسبة
لي على الأقل.
هنالك بعض الملاحظات أحب أن أطرحها لأنني
شعرت أنك ترغب أن تعرف:- يجب إبراز الهمزات.
- عندك مشكلة في كثير من الكلمات التي تحتوي حرف الظاء
- لا تميز التاء المربوطة في الكلمات (ة) بل تطبع بدلا منها
التعديل الأخير تم بواسطة ريما ريماوي; الساعة 12-08-2011, 19:11.
أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
تعليق
-
أهلا بك وسهلا أخي, شكرا لك على الرد الجميل,
لكن ما زلت أتمنى تعديل الأخطاء في نصك ليصبح أجمل وأكمل.
مودتي وتقديري.
تحياتي.التعديل الأخير تم بواسطة ريما ريماوي; الساعة 12-08-2011, 19:15.
أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
تعليق
-
-
أخي الأستاذ صالح صلاح سلمي ..
ما أجمل هذا الحلم .. لقد كان هبة له من الله قبل أن يتوفاه .. فقد جال مارا في كل محطات مدينته القدس الحبيبة التي تسكن قلبه و تسري في شريانه ..
صلى في الأقصى المبارك .. إرتوى من ماءه .. تذوق التين والزيتون .. تنفس أثير بلدته مرتع الطفولة .. أستحضر والده و الأهل و الأحباب .. و لما حضره ملك الموت كان جاهزا لإنه كان بشعر بالرضا الذاتي و كأنه إختزل سني عمره كلها بهذه الرحلة الصغيرة في محراب الوطن المقدس ..صدقت سيدي حتى ملك الموت في رحاب الوطن أجمل ! و إلا لما صمم معظم المغتربين أن يعودوا إلى الوطن بعد أن يدركهم الهرم ليمضوا ما تبقى من العمر و يدفنوا فيه ..
رائعة أخي صلاح .. في كل سطر من القصة لوحة فنية مترفة بكل التفاصيل الجميلة التي يعرفها تماما من إختبر الإغتراب ..
إستمر أخي العزيز فلديك الكثير .. الكثير لتقوله من خلال قصك الرائع .. أما أن تكون متمكنا بشكل تام .. فهذا يأتي تباعا من خلال ممارسة الكتابة بشكل دائم و قراءة نصوص و مدخلات الإخوة الكتّاب و الأدباء الأعزاء الذين لا تقل أنت عنهم في خصوبة الأفكار و جمال الصور .. والأدب الراقي ..
دمت بألف خير .. تقديري
تحية وفاء لأغصان زيتون فلسطين الحبيبة ..التعديل الأخير تم بواسطة بيان محمد خير الدرع; الساعة 11-08-2011, 23:27.
تعليق
-
-
أخي صالح تحية طيبة ورمضان كريم
كنت واثق الخطا وأنت تسير بنا نحو خاتمة ولا أجمل
فقدت التركيز للحظات لكني عدت بسرعة لأتابع كلامك العذب
وصورك التي رسمتها بريشة فنان قدير ومتمكن
كان حلماً جميلاً رغم قسوته لأنه ممتلئ بالحنين إلى الديار وساحة الدار ومافيها
الحياة في الغربة ضيقة وقاسية وكذلك يكون الموت
أ جاب قبل ان يتشهد : نعم.. نعم.. هناك.. في بلادي الموت.. اهون .. حتى مَلَك الموت.. في بلادي اجمل.
هذه خاتمة من أجمل مايكون
أتمنى لك مزيد من التوفيق
هيهات منا الهزيمة
قررنا ألا نخاف
تعيش وتسلم يا وطني
تعليق
-
-
الزميل القدير : صالح صلاح سلمي
منذ المشاركة السابقة التي كان لي شرف قراءتها ...
عرفت بأني أقف أمام كاتبٍ له قيمته الأدبيّة الكبيرة ..
لأنه يطرح أفكاراً غاية في الأهميّة والموضوعيّة في وقتنا الراهن
إن من يشاغله حبّ الوطن ، حتى آخر نقطةٍ من حرفٍ
لايمكن إلا أن يعطي من فيض روحه ودمه لتلك السطور
فتفيض صدقاً ، وتلقائيّة ، وتأثيراً عفويّاً ..يريح القلب الذي أدمته جروح قهر الاغتراب والضياع
أحترم هذا القلم أخي سالم ..
وأنتظر المزيد من المشاركات ..
مودّتي ...واحترامي
تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود
تعليق
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 113449. الأعضاء 9 والزوار 113440.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 409,257, 10-12-2024 الساعة 06:12.
تعليق