[align=justify]
الكابوس الوردي
كان عشاء الأمس دسما على غير العادة التي روض نفسه عليها . لكنه اضطر تحت الإلحاح للتحامل عليها ويجر رجليه جرا ، ملبيا دعوة أحد أصدقاء الطفولة ورفاق الدراسة . وها قد زج به في مجلس جله من " الطلبة " ، فلم يعر أحد اهتماما لقلة أكله وعزوفه عن الطبق الثاني .. طبق الدجاج .
الآن بدأ يشك . هل هو في حلم ؟... فليستعرض أغرب ما مر به وينتقي ما هو مثير للعجب . وليبدأ بالمصحة حيث أخذ موعدا لزوجته الحامل التي حان وضعها ، وشيعه الطبيب وهو يربت على كتفيه ويكاد يحتضنه . ولم لا وهو سيتقاضى أجرا على ذلك ؟... ألا يكون حادث هذا الصباح جديرا بالاهتمام ؟.. أليس تجمهر ثلة من الشبان أمام بناية الوالي و تفرقهم تحت أنظار الفضوليين واللامبالين ، وفي هدوء ودون تداعيات ، حقيقا بأن يستغرب له ؟
تتمثل له أشياء و أشياء يستعصي عليه كنهها ، فيفرك عينيه و يعض شفتيه.. دون جدوى . وتتوالى الخواطر وتتوارد الأفكار، وتنهال الأحداث ، الواحدة تلو الآخرى ، فيعجز عن التمييز بين الغريب والعادي منها ... محاكمـة دركيين ؟.. شاب يلفظ أنفاسه تحت التعذيب ؟.. رفع الإقامة الإجبارية عن الشيخ ؟ .. الوعود الكاذبة ؟.. القبض على متورطين في الفساد ؟.. احتكار مناصب الشغل ؟.. التناوب ؟.. المركب الرياضي ؟..حقا ، إن مجرد التفكير في هذا يسبب الدوار .
- ماذا دهاك يا هذا ؟... أجننت ؟
حملق مشدوها في الجسد البدين أمامه بصلعته اللامعة ، ثم التفت يمينا وشمالا .. الوجوه تتطلع إليه في فضول ، وبعض الأعين ترمقه في استنكار وأخرى في شفقة .. همهمة الناس تزيد من حيرته . ماذا يفعل ؟.. تمتد إليه يـد مقفزة لتسحبه خارج الصف ، فينقاد إليها طواعية . صفعة أخرى ؟.. ليته يحلم .
- سيدي، لقد صدر ذلك على غير وعي مني .. وأنا مستعد للاعتذار.
- حسنا.."
في الأفق البعيد ، إلى حيث تتسابق السحب الداكنة ، تبزغ حمرة الغروب مشوبة باصفرار بهيج .. هل يصطدم هذا " الشرقي" باندفاع نسمات المحيط ؟.. إذا أصبح الجو صحوا ، فليمن نفسه من الآن بالانطلاق في رحلة ينفــض بها غبار الكسل والملل .. والقنوط .
[/align]
تعليق