الفرحة المختنقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جودت الانصاري
    أديب وكاتب
    • 05-03-2011
    • 1439

    الفرحة المختنقة

    الفرحة المختنقة
    بسم الله ....
    ولا حول ولا قوة الا بالله .. وصلى الله على محمد واله .. اصبحنا واصبح الملك لله .
    بهذه الكلمات بدأت ام احمد يومها .
    وليس اليوم فحسب بل هذا ديدنها كل صباح .. وكما يسمّيه ..احمد نشيد الصباح . لكنها تنهره والحنان يكاد يغطيه حتى اخمص قدميه
    شيآن لا تنساهما .. لا دعاء الصباح هذا.. ولا سماع ما تيسر من القرآن من مذياعها القديم الذي احتفظت به وكأنه كائن من زمن اخر حتى انها صنعت له ثوباً يقيه التراب .
    كان صباحا عاديا هذا الصباح لا يختلف عن غيره من الايام لدى ام احمد وكلها سواسية منذ استشهاد زوجها في ثمانينات القرن الماضي في احدى مغامرات النظام الدكتاتوري المجنون .. وعلى حد قولها دائماً . قّدر ولطف ...قد عوضني بأحمد وراتب تقاعدي يسد الرمق وحليب للطفل .
    اليوم جمعه قالتها ثانية وهي ترقب الباب على امل ان يأتي احمد .. ثم كتمت ضحكة صغيرة بين اسنانها المتهالكة .(اصبحت انسى كثيرا) فقد اتصل بها احمد ليلاً واخبرها ان لديه واجب ولن يعود حتى المساء .. فأحمد اليوم ليس ذلك الطفل الصغير الذي تركه والده قطعة من لحم ..بل رجل علمته صعوبة الحياة مختلف انواع الاعمال .لكن العمل في الدولة اضمن وهو اليوم جندي في الحرس الوطني بعد ان فشل في الدراسة كغيره من ا بناء .القرى حيث
    يتدنى مستوى التعليم هناك ...كما انها لم تحتمل ان يضربه احد اخواله عند تغيبه عن الدوام...
    ( لو يقبل ان يتزوج لأراحني من هم البيت وملأه علي بمن يؤنسني ) قالتها وهي تضع ابريق الشاي كجميع الامهات ............
    كان الانفجار كبيراً .. قالها صاحب الخضار للقصاب المجاور فانتبهت ام احمد وسقطت حبات الطماطم من يديها بل وسقطت العباءة من رأسها حين اضاف القصاب بصوته المبحوح .. ان باب المعظم قد اهتزت من شدة الانفجار ... لقد كان احمد في موقع قريب جداً من الانفجار حسب تقديرها وتصورها .
    جنت المرأة وذكرت يوم شهادة زوجها وكيف فقدت وعيها حيث قيل لها فيما بعد انها كانت لا تفرق بين الضحك والبكاء .. وضلت تقلب هذه الذكريات وهي تكرر السؤال على السائق اين وصلنا هل وصلنا ... ما ابعد بغداد ... ما ابعد بغداد واخيراً كان المكان يعج بقوات الامن وسيارات الاسعاف تصك الاسماع بصفاراتها حين وصلت ام احمد الى باب المعظم .
    لم يكن مسموح للسيارات المدنية بالمرور وكان التفتيش دقيقاً خوف من انتحاري اخر فقد تعود الارهاب على التفجير المزدوج ليوقع اكثر ما يستطيع من الضحايا .
    في تلك اللحظات توقف الزمن بالنسبة للمرأة وجمدت الدموع في عينيها .. وانهار الجسد المتعب كمهر وصل بعد عناء الى خط النهاية .
    ....تحركت الارض من تحتها ..وخذلها مقبض الكرسي الجلدي .. لتسقط بين ساعديه وهو يفتح الباب لتفتيش السيارة كان احمد مكلف بالتفتيش احيتها رؤيته من جديد وكأنه قادم من زمن اخر ...... زمن ليس فيه لا حبات طماطم ولا قصاب بصوت مبحوح ينسيها عباءتها في محل البقال .....تتحسّسه كمن فقد عينيه فجاة .......وشفتاها لا تنفك تردد احححححمد وكانها تمتع نفسها بتذوق الحروف
    لكن الكثير من الامهات غيرها في العراق عدن وهن لا يفرقن بين الضحك بالبكاء .
    التعديل الأخير تم بواسطة جودت الانصاري; الساعة 10-08-2011, 13:43.
    لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا
  • دينا نبيل
    أديبة وناقدة
    • 03-07-2011
    • 732

    #2
    استاذ جودت ...ابن العراق الأصيل حفظه الله

    ما أجمل قصتك أستاذي الفاضل ... انسياب من المشاعر ووصف دقيق لبعض الحركات مما اكسب القصة نوعا من الحياة كالتي تحلم بها أم أحمد ، إلى جانب بعض التشبيهات الجميلة التي أعجبتني مثل إلباسها المذياع ثوبا قديما وبعض الدلالات الذهنية كآخر سطر في القصة

    لن أخفي عليك أستاذي كيف اهتز فؤادي عند قراءتي " ما أبعد بغداد ! " ... حفظها ربي

    ولكن الحمد لله ان أحمد لم يقتل في الانفجار وإلا لانفجرت بكاء

    لكن يبقى بعض ما أريد التنويه عليه مثل الانتباه لهمزات القطع وعلامات التنصيص لأن هذا ييسر القراءة إلى جانب كلمة "ضلت " والصحيح هي " ظلت " بالظاء لأن في العامية تقلب الظاء ضاء وهذا ما أردت التنويه عليه فحسب

    شكرا لك على النص الرائع .. وفقك الله

    تعليق

    • جودت الانصاري
      أديب وكاتب
      • 05-03-2011
      • 1439

      #3
      [marq]يا سيدتي الكريمه
      اهلا بك وبكل المتعاطفين مع الجرح العراقي النازف
      من خلال انطباعك الجميل اتمكن ان افهم كم انت حساسه ورقيقه
      بالنسبه للهمزات وما شاكلها انا اعتمد على بداهة وحسن القراءه لدى الاخوه
      شكرا للمرور العذب ودام التواصل[/marq]
      لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

      تعليق

      • دينا نبيل
        أديبة وناقدة
        • 03-07-2011
        • 732

        #4
        استاذي الفاضل ...

        أرفض قولك " المتعاطفين مع الجرح العراقي "... لقد اغضبتني سيدي بشدة !

        إنه جرحنا نحن قبلكم استاذي ...

        نحن المفرطون والنتيجة سلب بلادنا الواحدة تلو الأخرى فلسطين .. لبنان ... العراق ... السودان ... ما الفرق بينها وبين أن أقول مصر أو الخليج أو المغرب .. كلنا وطن واحد كبير جريح دائم النزف وإن كنا نبكي ونحن ننظر إليكم من وراء مرآة التلفاز فليس بكاء تعاطفيا وإنما بكاء على أنفسنا معكم



        أما بشأن علامات الترقيم والهمزات .. فما الضير من الكمال استاذي الكريم ؟!

        تقبل تحياتي

        تعليق

        • جودت الانصاري
          أديب وكاتب
          • 05-03-2011
          • 1439

          #5
          يا سيدتي
          اشكر واعتذر فانا نادرا ما اكتب القصه حيث اجد نفسي في الشعر ابرع.......وكعربون اخوه اهديك ابيات من قصيده لم تر النور بعد انوي نشرها قريبا ويكون توقيعك ديباجتها
          تبت يدا ابي لهب
          ما بال اعمامي العرب..؟؟..........يقودهم ابو لهب
          تعثرت خيولهم..................وعدْوها امسى خبب
          تخاذلوا مع العدا............واستبسلوا على الشعب
          .حتى الشعب....تباينت آراؤه والامنيات والخطب
          هل يا ترى اسكرهم.................بخمره ابو لهب!!؟
          تبت يدا ابي لهب
          لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

          تعليق

          • دينا نبيل
            أديبة وناقدة
            • 03-07-2011
            • 732

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة جودت الانصاري مشاهدة المشاركة
            يا سيدتي



            اشكر واعتذر فانا نادرا ما اكتب القصه حيث اجد نفسي في الشعر ابرع.......وكعربون اخوه اهديك ابيات من قصيده لم تر النور بعد انوي نشرها قريبا ويكون توقيعك ديباجتها
            تبت يدا ابي لهب
            ما بال اعمامي العرب..؟؟..........يقودهم ابو لهب
            تعثرت خيولهم..................وعدْوها امسى خبب
            تخاذلوا مع العدا............واستبسلوا على الشعب
            .حتى الشعب....تباينت آراؤه والامنيات والخطب
            هل يا ترى اسكرهم.................بخمره ابو لهب!!؟

            تبت يدا ابي لهب
            لا تعتذر سيدي الفاضل ، وإنما أنا من يعتذر عن الانفعال... ولكنه ألمنا جميعا والألم يصرخ وما من طبيب رغم وجود العلاج !

            أما بالنسبة للأبيات الشعرية ..فأشكرك عليها بشدة
            وأرى أنك أجدت بالفعل يا سيد جودت ... لقد صورت حالنا والله وإنه لأسوأ من أيام جاهلية العرب ... فقد كانوا إذا نزل بهم خطب تكاتفوا معا لدرئه أما نحن الآن فكما تقول في أبياتك " تخاذلوا مع العدا واستبسلوا على الشعب " .. ولكن لو كانوا سكارى لعذروا بذلك رغم حرمة الخمر ...لكنهم ليسوا بالسكارى ... فما بالهم يا ترى ؟؟!!


            لك كل الشكر والتقدير واستمر في كتابة القصة لأن لك فيها حرفا راقيا

            تقبل مروري وتحياتي
            التعديل الأخير تم بواسطة دينا نبيل; الساعة 11-08-2011, 13:52.

            تعليق

            • سالم وريوش الحميد
              مستشار أدبي
              • 01-07-2011
              • 1173

              #7
              الأستاذ جودة الأنصاري.... مع التحية
              لقد، أوغلت في عمق الجرح ، أين من يأخذ بيد هذه الشعوب التي أبتلت بمصاصي الدماء ،
              وأضم صوتي لصوت الأستاذة دينا، في اننا نعاني من نفس البلاء ،
              ثمة هواجس أجتاحتني وأنا أقرأ قصتك هذه.. فكتبتها بل هي التي اجبرتني على كتابتها
              مال قلبي يخفق كخائف من مجهول وأنا اتنقل بين الفضائيات عند ما تهتز مبانيك وتتكوم على رأس طفل يبحث عن لعبة
              مال عيني تختلط عليها الصور بين ، دخان المباني ، ونواح الثكالى والآيامى .وبكاء أطفال غادرهم الفرح
              منذ أن اصبحت اجساد أباثهم مقابر للشظايا
              مال روحي تتلظى بنار الجوى حين اتغزل بأسمك ياوطن ،وأرى الغير يبيعك بالدولار.
              .وطننا جريح وكل يوم تنكئ جراحه تارة من أوكار الرعب
              ومرة من جيراننا ، قطعوا عنا المياه ، أرسلوا لنا قطعان متفجره ،حاربونا في أقتصادنا
              ، امعنوا في محاولات اذلال العراقي، دفع العراق للكويت 39 مليار دولار
              ولازال مطلوبا 19 مليار دولار وهذا ثمن نزوات صدام وهي ميزانية كل من لبنان وسوريا والأردن ،
              كل هذا ويصف صحفي كويتي العراق بالكلب المربوط ، الايحزننا هذا الهوان ،
              ( بغداد يابلد الرشيد ومنارة المجد التليد ) تغنت كوكب الشرق بها وتغنى بها كل أبي ،
              واليوم يتطاول عليها كل دعي ....
              وحينا من ساستنا الذين نسوا الشعب وهمومه وراحوا يكتنزون الاموال ،
              وكان اخرها العقود الوهمية للكهرباء ، والمتهم فيها وزراء وشخصيات في اعلى الهرم من السلطه،
              1.2 مليار دولار أختفت ، ولكن أين لاأحد يعرف، العلم عند علام الغيوب ....
              واعراقاه ...واعراقاه .. واعراقاه
              عذرا أخي لم أتمالك مشاعري ، أبكاني هذا الكم من المآسي ، الى متى أكبر أحتياطي نفطي في العالم و أطفاله يبحثون عن لقمة العيش في مخلفات الأمريكان وقاذوراته .....



              على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
              جون كنيدي

              الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

              تعليق

              • جودت الانصاري
                أديب وكاتب
                • 05-03-2011
                • 1439

                #8
                الاخ العزيز سالم
                سلمت وسلم قلمك الغيور على العراق
                ادعوك انت والاخت العزيزه دينا الى قراءة مشاركاتي في باب الشعر التفعيلي والعمودي وخصوصا قصيدة رساله الى مذيع فالجرح واحد والمشاعر ملتهبه
                لي مدونه كامله في شبكة مجموعة اللسان تبرعوا مشكورين بجمعها ونشرها بعنوان مدونة جودت الانصاري
                بقي امر واعتذر عن الاطاله ..القصه بين يديك حقيقيه ومن لسان ام احمد دونتها وهي ترويها لنساء المحله بعد ان أ فاقت من صدمتها
                رعاك الله اخي
                ودام التواصل والود
                لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                تعليق

                • د.نجلاء نصير
                  رئيس تحرير صحيفة مواجهات
                  • 16-07-2010
                  • 4931

                  #9
                  الأستاذ الفاضل /جودت الأنصاري
                  قصتك نسجت بوجع العراق أستاذي الفاضل
                  ققد وجدت أم أحمد صور للعراق الحبيب
                  وأحمد هو أملها في استقرار الحياة مرة ثانية
                  والانفجارات الارهابية ما هي الا أيادي الشياطين الت تعبث بأمن هذا الشعب الكريم
                  ولهفة الأم على ابنها هو أمل في عودة الحياة الطبيعية لشعب العراق الأبي
                  تحية تليق بك
                  أستاذي الراقي أعلم أن حرف ض =ظ في اللهجة العراقية
                  لكن ليس أستاذي الكل يدرك هذه المعلومة
                  كما أن لنصك بهاء وجمال
                  يحتاج للاهتمام بعلامات الترقيم وهمزات الوصل والقطع
                  لكن هذا لم يقلل من بهاء هذه اللوحة الحزينة التي عبرت عن الحال الراهن في العراق الأبي
                  تحياتي
                  sigpic

                  تعليق

                  • جودت الانصاري
                    أديب وكاتب
                    • 05-03-2011
                    • 1439

                    #10
                    السيده نجلاء تحيتي
                    اشكر هذا المرور الخفيف الظل وملاحظات مفيده اسعدتني بحق
                    وما اجمل تحليلك للقصه والمشاركه في الشعور
                    اكرر شكري ودام التواصل
                    لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                    تعليق

                    • إيمان الدرع
                      نائب ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3576

                      #11
                      قرأت مشاركتك : نثراً ، سرداً ، شعراً ..
                      وجدت قلما يستمدّ من نبض الوطن بصمته العروبيّة ...
                      حيّاك الله أخي جودت ...
                      وكتب لأوطاننا كلّ السلامة والحماية ..والمعافاة ، والنصر ..
                      أهديك أحلى أمنياتي بشهرٍ كريمٍ زميلي الغالي جودت

                      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                      تعليق

                      • جودت الانصاري
                        أديب وكاتب
                        • 05-03-2011
                        • 1439

                        #12
                        [marq]المبدعه الغاليه ايمان
                        حيّاك الله ...من كل جوارحي اشكر هذا المرور الجميل
                        مرحب بك في كل وقت فالوطن لجميع الطيبين امثالك سيدتي
                        دام التواصل والود على حب الوطن[/marq]
                        لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                        تعليق

                        يعمل...
                        X