كتب مصطفى بونيف
كوابيس سيادتـــك أوامـــر !

لا زالت عادة الصراخ أثناء النوم تلازمني منذ أكثر من عشرين عاما، أحمد لله أنه لم يتطور إلى مرحلة المشي أثناء النوم، أو الضرب أثناء النوم، أو إلى ال ( بيبي) أثناء النوم عند بعض الأطفال الذين هم في سن حضرتي!!.
والذي يصرخ أثناء نومه حتما لا يصرخ لرؤيته أحلاما وردية، ولكنها كوابيس تتكرر وتتطور ..فكمية العدس والحمص التي نأكلها طوال نصف السنة، ثم كمية الشكشوكة بنكهة البيض التي نتسمم بها في النصف الآخر من العام لا ترسل إلى الذهن سوى تلك الصور البشعة ...ففي أحد الكوابيس رأيت السيد رئيس الوزراء يدعوني أن أركب معه في سيارته الفارهة لكنني امتنعت عن الركوب معه، حتى حملني إليها حرس أشداء على المواطنين البسطاء ذوو بأس عظيم..وأركبوني جنبا إلى جنب مع السيد رئيس الوزراء...أي والله رئيس الوزراء، ثم سار بنا الموكب نحو وجهة غير معلومة، وإذا بوابل من الرصاص يمطر الموكب ..واستيقظت من نومي وأنا ألعن سنسفيل الحكومة، ومن يركب مع الحكومة، غير أن واحدا من أولاد الحلال فسر لي الحلم قائلا" ستصبح وزيرا يا مصطفى".
لم أصدقه طبعا لأن الذي كنا بصدده لا يعتبر حلما وإنما كابوسا، اللهم إلا إذا صدر كتاب للعلامة ابن سيرين اسمه "تفسير الكوابيس"!!
وفي الليلة الأخرى، وبينما أنا نائم إذ توقفت سيارة السيد رئيس الوزراء أمامي وطلب مني سيادته "أن أركب"، لكنني رفضت الركوب حتى لا يقال عني مات رميا بالرصاص وهو نائم...غير أن حرس سيادته الغلاظ الشداد على أمثالي حملوني ورموني جنبا إلى جنب مع السيد رئيس الوزراء، فهمست في أذنه" لماذا أتيت بنفسك ألا يكفي بأن ترسل إلي رنة على المحمول" وسأكون مثل عفريت المصباح بين يديك...
وانطلق بنا الموكب نحو وجهة غير معلومة...
أخرج السيد الرئيس من جيبه ورقة وطلب مني أن أقرأها، لم يكن في الورقة أية كتابة..فقال بصوت غاضب "اقرأ" فقلت له "ما أنا بقارئ" حتى صرخ وقال "اقرأ" فقلت له "ما أقرأ؟"..وإذا بالسيارة تتعرض لوابل من الرصاص، لم ينقدني سوى أنني صرخت حتى أيقضني الوالد وهو يحمل كوب الماء، قائلا "اشرب !"..
وعندما قصصت كابوسي على صاحبي، "مفسر الكوابيس" حتى قال لي " مبروك عليك ستصبح وزيرا للتربية والتعليم"، وعندما سألته عن تأويل وابل الرصاص قال لي "هؤلاء أعداء النجاح"..
وفي الليلة الموالية، استلقيت على فراشي في انتظار موكب رئيس الوزراء، حتى نمت...وفي عز النوم وصل موكب رئيس الوزراء، لكن السيد الرئيس لم يكن معهم ..بل أرسل إلي مدير مكتبه، الذي هو الآخر معه حراس شداد غلاظ من الذين يحبهم قلبك أخي المؤمن، وأخبرني أن السيد الرئيس قد تعرض لإصابة نتيجة محاولة الاغتيال، وانطلق بنا الموكب إلى وجهة غير معلومة، حتى أخرج السيد مدير مكتب رئيس الوزراء زجاجة بها ماء، وقال لي" اشرب"، فاعتذرت وقلت له "أنا صائم" فقال لي بحزم قلت لك "اشرب!"، وكدت أن أشرب لولا أن أعداء النجاح أطلقوا وابل الرصاص إياه...وكنت أصرخ، حتى أيقظتني أمي وهي تحمل زجاجة ماء ثم قالت لي "اشرب"...
صاحبي مفسر الكوابيس قال لي والسعادة تشع من عينيه" مبروك عليك ستصبح وزيرا للري"...
وانتظرت الليلة الرابعة..لم يأت الموكب، ولكن الذين قدموا هم الحرس فقط، وعندما سألتهم عن الموكب، قالوا لي بأن ثورة حصلت في البلاد، وبأن الحكومة كلها رهن الحبس...وكادوا أن يشبعوني ضربا لولا أنني هربت منهم طالبا النجدة..حتى استيقظت من النوم ...
لكنني في الليلة الخامسة، أغمضت عيني فإذا بي داخل فقص كبير، وحولي الصحافة والمصورون...شعرت بفزع شديد لأنني خفت أن يكون الله قد مسخني إلى قرد..
وإذا بصوت مجلجل يهز أركان القاعة، ينادي باسمي، فقلت "نعم حاضر"
ثم واصل قائلا:" ما رأيك في التهم الموجهة إليك؟"، ورغم عدم علمي بالتهم الموجهة إلي قلت في بلاهة " أنا أنكر هذه التهم كاملة"..نظر القاضي إلى مستشاريه، ثم قرأ الحكم" حكمت المحكمة حضوريا، بإعدام مصطفى شنقا حتى الموت"..ثم صرخ "رفعت الجلسة". بينما رحت أصرخ "بريئ، أنا بريئ"...وإذا بدلو من الماء يبلل جثتي ووالدتي تقول "أحرقت دمنا بكوابيسك"...
وفي الصباح سألت صاحبي عن تفسير هذا الكابوس فنظر إلى وقال يا سيادة الرئيس " إنا لله وإنا إليه راجعون"...
مصطفى بونيف
كوابيس سيادتـــك أوامـــر !

لا زالت عادة الصراخ أثناء النوم تلازمني منذ أكثر من عشرين عاما، أحمد لله أنه لم يتطور إلى مرحلة المشي أثناء النوم، أو الضرب أثناء النوم، أو إلى ال ( بيبي) أثناء النوم عند بعض الأطفال الذين هم في سن حضرتي!!.
والذي يصرخ أثناء نومه حتما لا يصرخ لرؤيته أحلاما وردية، ولكنها كوابيس تتكرر وتتطور ..فكمية العدس والحمص التي نأكلها طوال نصف السنة، ثم كمية الشكشوكة بنكهة البيض التي نتسمم بها في النصف الآخر من العام لا ترسل إلى الذهن سوى تلك الصور البشعة ...ففي أحد الكوابيس رأيت السيد رئيس الوزراء يدعوني أن أركب معه في سيارته الفارهة لكنني امتنعت عن الركوب معه، حتى حملني إليها حرس أشداء على المواطنين البسطاء ذوو بأس عظيم..وأركبوني جنبا إلى جنب مع السيد رئيس الوزراء...أي والله رئيس الوزراء، ثم سار بنا الموكب نحو وجهة غير معلومة، وإذا بوابل من الرصاص يمطر الموكب ..واستيقظت من نومي وأنا ألعن سنسفيل الحكومة، ومن يركب مع الحكومة، غير أن واحدا من أولاد الحلال فسر لي الحلم قائلا" ستصبح وزيرا يا مصطفى".
لم أصدقه طبعا لأن الذي كنا بصدده لا يعتبر حلما وإنما كابوسا، اللهم إلا إذا صدر كتاب للعلامة ابن سيرين اسمه "تفسير الكوابيس"!!
وفي الليلة الأخرى، وبينما أنا نائم إذ توقفت سيارة السيد رئيس الوزراء أمامي وطلب مني سيادته "أن أركب"، لكنني رفضت الركوب حتى لا يقال عني مات رميا بالرصاص وهو نائم...غير أن حرس سيادته الغلاظ الشداد على أمثالي حملوني ورموني جنبا إلى جنب مع السيد رئيس الوزراء، فهمست في أذنه" لماذا أتيت بنفسك ألا يكفي بأن ترسل إلي رنة على المحمول" وسأكون مثل عفريت المصباح بين يديك...
وانطلق بنا الموكب نحو وجهة غير معلومة...
أخرج السيد الرئيس من جيبه ورقة وطلب مني أن أقرأها، لم يكن في الورقة أية كتابة..فقال بصوت غاضب "اقرأ" فقلت له "ما أنا بقارئ" حتى صرخ وقال "اقرأ" فقلت له "ما أقرأ؟"..وإذا بالسيارة تتعرض لوابل من الرصاص، لم ينقدني سوى أنني صرخت حتى أيقضني الوالد وهو يحمل كوب الماء، قائلا "اشرب !"..
وعندما قصصت كابوسي على صاحبي، "مفسر الكوابيس" حتى قال لي " مبروك عليك ستصبح وزيرا للتربية والتعليم"، وعندما سألته عن تأويل وابل الرصاص قال لي "هؤلاء أعداء النجاح"..
وفي الليلة الموالية، استلقيت على فراشي في انتظار موكب رئيس الوزراء، حتى نمت...وفي عز النوم وصل موكب رئيس الوزراء، لكن السيد الرئيس لم يكن معهم ..بل أرسل إلي مدير مكتبه، الذي هو الآخر معه حراس شداد غلاظ من الذين يحبهم قلبك أخي المؤمن، وأخبرني أن السيد الرئيس قد تعرض لإصابة نتيجة محاولة الاغتيال، وانطلق بنا الموكب إلى وجهة غير معلومة، حتى أخرج السيد مدير مكتب رئيس الوزراء زجاجة بها ماء، وقال لي" اشرب"، فاعتذرت وقلت له "أنا صائم" فقال لي بحزم قلت لك "اشرب!"، وكدت أن أشرب لولا أن أعداء النجاح أطلقوا وابل الرصاص إياه...وكنت أصرخ، حتى أيقظتني أمي وهي تحمل زجاجة ماء ثم قالت لي "اشرب"...
صاحبي مفسر الكوابيس قال لي والسعادة تشع من عينيه" مبروك عليك ستصبح وزيرا للري"...
وانتظرت الليلة الرابعة..لم يأت الموكب، ولكن الذين قدموا هم الحرس فقط، وعندما سألتهم عن الموكب، قالوا لي بأن ثورة حصلت في البلاد، وبأن الحكومة كلها رهن الحبس...وكادوا أن يشبعوني ضربا لولا أنني هربت منهم طالبا النجدة..حتى استيقظت من النوم ...
لكنني في الليلة الخامسة، أغمضت عيني فإذا بي داخل فقص كبير، وحولي الصحافة والمصورون...شعرت بفزع شديد لأنني خفت أن يكون الله قد مسخني إلى قرد..
وإذا بصوت مجلجل يهز أركان القاعة، ينادي باسمي، فقلت "نعم حاضر"
ثم واصل قائلا:" ما رأيك في التهم الموجهة إليك؟"، ورغم عدم علمي بالتهم الموجهة إلي قلت في بلاهة " أنا أنكر هذه التهم كاملة"..نظر القاضي إلى مستشاريه، ثم قرأ الحكم" حكمت المحكمة حضوريا، بإعدام مصطفى شنقا حتى الموت"..ثم صرخ "رفعت الجلسة". بينما رحت أصرخ "بريئ، أنا بريئ"...وإذا بدلو من الماء يبلل جثتي ووالدتي تقول "أحرقت دمنا بكوابيسك"...
وفي الصباح سألت صاحبي عن تفسير هذا الكابوس فنظر إلى وقال يا سيادة الرئيس " إنا لله وإنا إليه راجعون"...
مصطفى بونيف
تعليق