كتب مصطفى بونيف
هذا أنا( أجاركم الله)!

لست أدري من أين تأتيني حالة الوقار( الغبي) عندما أجلس مع الناس، فجأة أجد نفسي أتكلم بصوت هادئ، وتعلو وجهي حمرة... وتحتل لساني تعابير نظيفة، فأقول لمن يحدثني" سعادتك، سيادتك، فخامتك"، مع أنني (والله العظيم) لست كذلك...والود ودي أن أدغدغ بطن من يتحدث، معي وأخرج له لساني..ثم أنطلق راكضا...وبدلا من تلك التعابير المليئة بالأدب، أتمنى أن أقول ما يجول بخاطري حقا من عبارات مثل (طز، يع، خخ، وع)، وأن أمسك الذي يقف أمامي من أرنبة أنفه، وأضع وجهه في حوض البانيو..لكن الأدب فجأة يفرض نفسه على الموقف فأجد نفسي شخصا مختلفا...
مع أنكم إذا دخلتم عندي إلى البيت ستجدون شخصا (مسخرة)..أي والله (مسخرة)، حتى أنه يحلو لي في كثير من الأحيان أن أدخل اصبعي في فتحة أنفي، فينفذ من مقدمة رأسي، وحين يوضع أمامي الطعام، أنسى الاختراع الذي اسمه المعلقة والشوكة، وأقع على (الدجاجة) اغتصبها اغتصابا بأصابعي وأسناني ..فتتحول إلى هباء منثور ولو شاهدتني منظمات الرفق بالحيوان سوف تحولني إلى مستشفى المجانين..رغم أنني في الحفلات ودعوات الأصدقاء، تحمر وجنتاي أمام ورك الدجاجة، كما لو أنه ورك هيفاء وهبي، وأسحب قطعة صغيرة من فخذها( الدجاجة طبعا)، والذي يراني يعتقد بأنني (رجل أتيكيت)، حتى يقول لي صاحب البيت ( بسم الله يا مصطفى، أنت أكلك قليل هكذا لماذا، اعتبر نفسك في بيتك)، والحقيقة لو أنني اعتبرت نفسي في بيتي، سوف أطرد الجميع وأستأثر بالأكل لوحدي..والرجل منهم يقترب، سيجد نفسه في موقف أشبه بالوقوف في شريط حدودي إطلاق الرصاص فيه جائز...
أما إذا كان في المجلس (امرأة جميلة) فمن المؤكد أنني لو تصرفت بطبيعتي سوف أجد نفسي في محكمة الجنايات....
كم أحسد أصدقائي الذين يطلقون العنان لأنفسهم في الرقص في الحفلات والأعراس...لست أدري ما الذي يقيدني ويمنعني من الحركة، فأتحول فجأة إلى (سفير سويسرا في الدنمارك)، مع أنني والله العظيم مسخرة، يخطر ببالي أن أخلع الجاكيت، وأتحزم بالكرفتة، وهاتك يارقص..إلى مطلع الفجر...
وعندما يدعوني أحدهم إلى الرقص والهلس...ترتسم على وجهي ملامح الوقار، وأستورد الوجه الخشبي، وتتصلب عضلاتي..ثم أطلق العبارة الشهيرة التي لا أساس لها من الصحة( أنا لا أحسن الرقص) مع أنني في الحقيقة العنصر الرجالي النظير لنجوى فؤاد، فيلح صاحبي في الدعوة..أقول له (عيب)، وإذا تجحشن صاحبي أتحول إلى مفتي الديار وأصرخ في وجهه (الرقص حرام يا أخي ولعنة الله على من تهتز لحيته لغير ذكر الله)، فتنقلب السهرة إلى نكد، مع أنني والله لست كذلك...
نفس حالة (الغباء) بعيد عنكم.. تنتابني وأنا داخل إلى مكاتب المسؤولين الكبار..أتفنن في رسم ملامح محترمة، وعندما أقف بين يديه، يصبح صوتي أثخن، ومليئا بالوقار، وأصبح في الشبه أقرب إلى يوسف بيك وهبي، وفي قرارة نفسي ..أن أمسك المسؤول من حزام سرواله، وأدغدغ بطنه ساخرا ( كل هذي كرش، يا آكل الجمل بما حمل)، وألعب على قفاه (القرعة) بقطعة نقود...ثم أركله في مؤخرته قائلا ( تعال لنلعب لعبة اللص والبوليس، على أن تكون أنت اللص طبعا، أو تعال لنلعب اللص والكلاب على أن تكون أنت الكلاب ، أو نلعب عروسة وعريس على أن تكون أنت العروسة )، ثم أطبع قبلة على خده الأيمن وأقول له (خدودك تفاح)، وأسقطه أرضا، ثم أنزع منه حذاءه وأرميه من النافذة...هذه بصدق مشاعري وأنا داخل إلى مكتب أي مسؤول...لكن شيئا ما أقوى مني يمنعني من الظهور بهذه الطفولة الممتدة...
ولست أدري ما الذي دها النقابة أن تنتدبنني لمقابلة السيد الوزير...يقولون بأنني (أكثر شخصية هادئة ووقورة..وصادقة)...وللأمانة لم يكن وزيرا ..بل وزيرة!!
مصطفى بونيف
هذا أنا( أجاركم الله)!

لست أدري من أين تأتيني حالة الوقار( الغبي) عندما أجلس مع الناس، فجأة أجد نفسي أتكلم بصوت هادئ، وتعلو وجهي حمرة... وتحتل لساني تعابير نظيفة، فأقول لمن يحدثني" سعادتك، سيادتك، فخامتك"، مع أنني (والله العظيم) لست كذلك...والود ودي أن أدغدغ بطن من يتحدث، معي وأخرج له لساني..ثم أنطلق راكضا...وبدلا من تلك التعابير المليئة بالأدب، أتمنى أن أقول ما يجول بخاطري حقا من عبارات مثل (طز، يع، خخ، وع)، وأن أمسك الذي يقف أمامي من أرنبة أنفه، وأضع وجهه في حوض البانيو..لكن الأدب فجأة يفرض نفسه على الموقف فأجد نفسي شخصا مختلفا...
مع أنكم إذا دخلتم عندي إلى البيت ستجدون شخصا (مسخرة)..أي والله (مسخرة)، حتى أنه يحلو لي في كثير من الأحيان أن أدخل اصبعي في فتحة أنفي، فينفذ من مقدمة رأسي، وحين يوضع أمامي الطعام، أنسى الاختراع الذي اسمه المعلقة والشوكة، وأقع على (الدجاجة) اغتصبها اغتصابا بأصابعي وأسناني ..فتتحول إلى هباء منثور ولو شاهدتني منظمات الرفق بالحيوان سوف تحولني إلى مستشفى المجانين..رغم أنني في الحفلات ودعوات الأصدقاء، تحمر وجنتاي أمام ورك الدجاجة، كما لو أنه ورك هيفاء وهبي، وأسحب قطعة صغيرة من فخذها( الدجاجة طبعا)، والذي يراني يعتقد بأنني (رجل أتيكيت)، حتى يقول لي صاحب البيت ( بسم الله يا مصطفى، أنت أكلك قليل هكذا لماذا، اعتبر نفسك في بيتك)، والحقيقة لو أنني اعتبرت نفسي في بيتي، سوف أطرد الجميع وأستأثر بالأكل لوحدي..والرجل منهم يقترب، سيجد نفسه في موقف أشبه بالوقوف في شريط حدودي إطلاق الرصاص فيه جائز...
أما إذا كان في المجلس (امرأة جميلة) فمن المؤكد أنني لو تصرفت بطبيعتي سوف أجد نفسي في محكمة الجنايات....
كم أحسد أصدقائي الذين يطلقون العنان لأنفسهم في الرقص في الحفلات والأعراس...لست أدري ما الذي يقيدني ويمنعني من الحركة، فأتحول فجأة إلى (سفير سويسرا في الدنمارك)، مع أنني والله العظيم مسخرة، يخطر ببالي أن أخلع الجاكيت، وأتحزم بالكرفتة، وهاتك يارقص..إلى مطلع الفجر...
وعندما يدعوني أحدهم إلى الرقص والهلس...ترتسم على وجهي ملامح الوقار، وأستورد الوجه الخشبي، وتتصلب عضلاتي..ثم أطلق العبارة الشهيرة التي لا أساس لها من الصحة( أنا لا أحسن الرقص) مع أنني في الحقيقة العنصر الرجالي النظير لنجوى فؤاد، فيلح صاحبي في الدعوة..أقول له (عيب)، وإذا تجحشن صاحبي أتحول إلى مفتي الديار وأصرخ في وجهه (الرقص حرام يا أخي ولعنة الله على من تهتز لحيته لغير ذكر الله)، فتنقلب السهرة إلى نكد، مع أنني والله لست كذلك...
نفس حالة (الغباء) بعيد عنكم.. تنتابني وأنا داخل إلى مكاتب المسؤولين الكبار..أتفنن في رسم ملامح محترمة، وعندما أقف بين يديه، يصبح صوتي أثخن، ومليئا بالوقار، وأصبح في الشبه أقرب إلى يوسف بيك وهبي، وفي قرارة نفسي ..أن أمسك المسؤول من حزام سرواله، وأدغدغ بطنه ساخرا ( كل هذي كرش، يا آكل الجمل بما حمل)، وألعب على قفاه (القرعة) بقطعة نقود...ثم أركله في مؤخرته قائلا ( تعال لنلعب لعبة اللص والبوليس، على أن تكون أنت اللص طبعا، أو تعال لنلعب اللص والكلاب على أن تكون أنت الكلاب ، أو نلعب عروسة وعريس على أن تكون أنت العروسة )، ثم أطبع قبلة على خده الأيمن وأقول له (خدودك تفاح)، وأسقطه أرضا، ثم أنزع منه حذاءه وأرميه من النافذة...هذه بصدق مشاعري وأنا داخل إلى مكتب أي مسؤول...لكن شيئا ما أقوى مني يمنعني من الظهور بهذه الطفولة الممتدة...
ولست أدري ما الذي دها النقابة أن تنتدبنني لمقابلة السيد الوزير...يقولون بأنني (أكثر شخصية هادئة ووقورة..وصادقة)...وللأمانة لم يكن وزيرا ..بل وزيرة!!
مصطفى بونيف
تعليق