الأستاذة الفاضلة نجلاء
التخفي في الحقيقة لا يصح إلا في لحظات الاستطلاع، حين خوض الحروب أو عند التأهب لها، فيتوارى المستطلع عن العدو باستعارته حتى الاسم وشكل الهيـئة ويغير مستعيرا الكثير من صفات أولائك القوم الذين يريد خداعهم، حتى تنطلي عليهم حيله.
أما الإستعارة الأخرى غير المعلنة، فهي طريق اللصوص والسرّاق ومن لا خلاق لهم، لأن الشخص الذي يتخفى بلا داع إنما هو مخادع مخاتل، والمخادع لا خير فيه، ولا خير فيما يقول، طالما أن الكذب سيكون أقصر الطرق إليه، فهو حينما يخفي هويته يكذب على الناس كما كذب عليهم بعرض هوية ليست هويته، انتحلها، ولن يرجّى من هؤلاء أفعالَ أهل الكرامة، فالإسم جزء من هوية الشخص وهو عنوانه، وهوالحاجز بينه وبين الانفلات، فإن أخفى هويته ومنها اسمه فقد أمكنه الخروج من قيد الحرج، ولن يجد بعدها للجد والالتزام أي معنى.
حضرني وأنا أرد حكاية التيس المستعار، الذي يسمح لنفسه بارتكاب فعل الزنا من أجل التحايل على أحكام الله، وقد لعنه الله، وفي فعله التخفي، فهو يتفق في السر مع الزوج المطلق الأول بالثلاث،لأجل بعض المال، ففي ذلك التواعد والتعاهد السري مافي التيس المستعار كما تعرف العرب.
ونحن نتكلم عن المخير لا المضطر، فللمضطر حكمه، وله طرق منها أن يُعلم أهل الشأن حتى لا يغرر بهم، وحتى يعود لهويته وشخصيته الحقيقية بعد زوال الموانع ، ومن هنا يكون شخصا مضطرا باسم مستعار لكنه معروف للبعض، وبالتالي له ما يحافظ عليه ويتحرج منه، ومن هنا تنضبط أفعاله وسلوكاته.
والقضية عامة، لا استثناء فيها، إلا بضوابط دقيقة في حلات خاصة قليلة، وأول ضابط فيها هو مراقبة الله، والكثيرون اليوم في العالم الرقمي استسهلوا التخفي والتستر واستعارة الشخصيات والأسماء والرتب بل حتى الأعمال الإبداعية استعاروها ونسبوها لأنفسهم، وهي في الحقيقة قرصنة وقطع الطرق على المبدعين، وكأننا في غابة بلا أخلاق وبلا شرف، وهذا حسب ظني هو الذي أساء للكثير من المواقع الافتراضية.
وكل التحايا الخالصة