اعتراف متأخر
..... ثم أحمل نفسي على حنث القسم الذي اخترت له أغلظ الأيمان ، فأعود إلى الخمرة التي تنكرت لصحبتها فخذلتها رغم حسن المعاشرة ،
من يدري ؟ لعلها تأويني بعد طول التيه بحثا عن وجه امرأة ظلت تسكنني في الذاكرة .
حين أقنعت رغبتي الملحة بالتحلل من الارتباط بها، لم يكن الدافع قصور يدي فقط ،
أعود في الهزيع الأخير من الليل أجر خطوي كارها صحوي أمامها ، فيعلو صياحها أحد من صوت ديك الفجر في جنح الصمت ، تعيرني بما أسمعه وما لا أسمعه ، ينتابني خجل من صغاري خلف الباب ، فأشعر بالحرج لعجزي عن إقناعهم بما أنا فيه معها ، كيف أشرح لهم أن أمهم والزمان عليّ ؟
أتألم أحيانا لصبرها على جنوني كل تلك السنين ، لكنني أبقى مصرا على حاجتي لحريتي مما يقيدني بها ،
ذات يوم ، انتهزت فرصة روقانها بين يدي ، ناسيا ما تسمعته من كلماتي المتقطعة هاذيا باسم تلك المرأة الغريبة ، فهمست لها على سبيل المزاح ، برغبتي في الانفصال عن هذا العالم بكل مافيه ، لم تنتظر كعادتها ربط حديثي بإحباطاتي السياسية ، فبادرت مرعدة غير مزبدة ، تسألني عن اختياري من البداية ربط مصيرها بهذا الخرف:
خذي كل ما نجحت في امتلاكه بعد ربحة العمر في هذه اليانصيب ، ألست تقولين بأني ما عدت أصلح لشيء بعدما وهن العظم مني ؟
ازورت عني دامعة العينين تمزقها حسرة على استعدادي للتخلي عنها ،
ليتها كانت سمعت حديثي لنفسي ، هل كانت ستزور عني كما فعلت ؟
ثم أحمل نفسي على الصبر من جديد ،
مخلفا وعدي بمصارحتها ،
وليس بين يدي ما أقنعها به غير وهم انتظار الفرج بموتها قبلي .
تعليق