من أجل صديقتي.../ آسيا رحاحليه /

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    من أجل صديقتي.../ آسيا رحاحليه /

    أذكر أنني في تلك اللحظات أحسست بكرهي الشديد لها , تمنّيت لو أنها تمرض أو تموت أو أن معلّمتي توسعها ضربا , و تجعلها تقف في آخر الحجرة و وجهها إلى الحائط , لكنها اكتفت بفكّ تشابكنا فخلّصت شعري من قبضتها و خدّها من أظافري , و نهرت التلاميذ الذين وجدوا في شجارنا على من يفوز بالجلوس على المقعد الأوّل , فرصة للفرجة و الفوضى و الهرج .
    عاد كلّ إلى مكانه و انتشر الهدوء , و بقينا طيلة اليوم , سلمى و أنا , ترمق إحدانا الأخرى بنظرات محمومة كأنّنا ألدّ الأعداء , لكن في صبيحة اليوم الموالي , وجدتها واقفة أمام مدخل المدرسة . ابتسمت لي . ابتسمت لها.. و تحدّثنا كأنّ شيئا لم يكن .
    من يومها أصبحنا أروع صديقتين .
    كانت سلمى في مثل سني .. جميلة القسمات , رقيقة الملامح , في وجهها مسحة من المرح الدائم , حتى أنه من الصعب أن تميّز ما يعتريها أحيانا من مشاعر غضب أو حزن .. و في عينيها براءة عجيبة تجعلك تشفق عليها من مداعبة الريح و تود لو تحميها من قبلة النسيم أو رشّة المطر .
    تركنا مقاعد الإبتدائي و انتقلنا إلى المتوسطة ثم الثانوية ..كنا دائما معا , في الفصل و النادي و المكتبة . كانت أختي التي لم تلدها أمي و مرآة تعكس أفكاري و أحلامي ..قلّما اختلفنا حول فكرة أو موضوع . و كنا , كما هو شأن الصبايا في مثل سنّنا نوشوش بأحاديث الحب و الغرام و نترقّب الوقوع في شرك الهوى , و حين أحكي لسلمى عن فارس أحلامي و أوصافه الخيالية , كانت تضحك و تقول :
    - أما أنا فلن أحب إذا كان حبيبي سيبعدني عنك ..أو ما رأيك ..تعالي نحب نفس الشخص ؟
    و نغرق معا في ضحك عفويٍ بريء .
    و... زارنا المبعوث الخفيّ الذي كنا نرهبه و نحلم به . مرّ أولا بقلب سلمى فأربك دقّاته , مسح بكفّه الرقيقة على وجنتيها فصبغتا بلون الورد , و ضرب بعصاه السحرية ضربا خفيفا على رأسها فامتلأ أحلاما وردية شفّافة جميلة . كان ذلك حين التحق بثانويتنا من مدينة بعيدة طالب يدعى محمود ..شابٌ شديد الوسامة , فارع القامة , أسمر البشرة , فاحم الشعر , لطيفا جدا و مؤدّبا ..لاحظت على سلمى ارتباكها و احمرار وجنتيها كلما أتى أحد على ذكر اسمه أو اجتمعنا به في ساحة الثانوية أو المكتبة ...
    - سلمى ..صارحيني . هل تحبيبنه ؟
    - من..من تقصدين ؟
    - محمود الطالب الجديد في الثانوية . لن أتركك حتى تخبريني بكل شيء.
    - لا أدري ..أشعر بإحساس غريب لم أحسه من قبل .أحب أن أراه و أحزن حين يبتعد..و كلما أنظر إليه يرتجف قلبي و تتلاحق أنفاسي و كأنّ..كأنّ .. كل جارحة مني تكاد تطير من الخفقان . قولي لي..هل هذا هو الحب ؟
    - أعتقد هذا هو الحب ..لقد جرفك التيار عزيزتي .
    - لا تسخري مني ..أرجوك .. دبّريني ماذا أفعل ..كيف أعرف شعوره نحوي ؟
    - لا تفعلي شيئا ..دعينا نرى ما يكون منه أولا ..اصبري .
    و لم تستطع سلمى أن تصبر.. كانت تتعذّب و لا يحس بعذابها سواي ..لم يكن يسعدها حديث سوى عنه ..و لا تنشرح نفسها إلا إذا رأته أو كلّمته .. و عشت معها أحاسيسها دفقةً بدفقة..شاركتها لوعتها..و شوقها ... قاسمتها قشعريرة الحب , وزفرة الوله , و أحلام اليقظة . كل آهة تبدأ في صدرها تنتهي في صدري و كل حلم يراود خيالها يمرح في خيالي ..صرت أردّد اسم حبيبها لأنها تحب اسمه , أختلق الأسباب لكي أكلمه لأن ذلك يسعدها , أسعى إلى لقائه لأن ذلك يبعث الحياة في عينيها و ... ابتسامتها .
    و أفقت يوما على الحقيقة ..
    أنا أحب محمود و أندفع نحوه بكل وجداني ..
    انتفضت , صرخت ..لا..غير معقول .. لا يمكن !.. تصوّرت الحب واقفا يشير بيده و يقهقه..انظروا كيف ألعب بقلوب الصبايا ..فلتعترفوا بقدرتي و جبروتي . ثرت على نفسي .. لا يمكن أن تكوني بهذه الخسّة . لقد وقعت سلمى في حبّه قبلك . إنه ملك لها . كيف تسرقين فرحتها و بريق عينيها ؟
    حاولت مقاومة مشاعري ..و خنق أحاسيسي فلم أفلح و احترت هل أرثي لنفسي أم لصديقتي و أنا أراها تذبل , يوما عن يوم , يشحب لونها و يقل مرحها و تستقر الدموع في عينيها ..
    لم أعد أدري هل أبكي عليّ أم عليها ..
    و قرّرت أن أفعل شيئا. مهما كلّفني الأمر .

    صمّمت .." غدا سوف ألتقي بمحمود .." .
    و قضيت ليلة رهيبة.. تقلّبت فيها على جمر الحيرة و التردّد..أصوات تعصف برأسي ..أفكار تتقاذفني ..غبية ..مالذي ستفعلين ؟ ..كيف تضحّين بحبك ..نعم ..التقي به و لكن صارحيه بحبك أنت ..و سلمى سوف تفهم و تنسى.. لا..لا.. مستحيل ! هل ستغدرين برفيقة عمرك و حبيبة قلبك ؟ كيف تهدمين ما بنيتماه منذ الصغر ؟
    واعدت محمود في قاعة المطالعة عند انتهاء الحصة ..و التقينا .. تحدّثنا طويلا .. و بذكاء جسست نبض قلبه .. و اختبرت مشاعره فأخبرني بأنّ قلبه خالٍ و مازال ينتظر فتاة أحلامه و أنه معجب بنا صديقتي و أنا و يحترمنا..جدا .. و أنّ صداقتنا مضرب الأمثال ..

    كنت أستمع إليه و قلبي يرقص فرحا و إعجابا و حبّا , و كادت عزيمتي أن تنهار و قوّتي أن تتفتّت أمام نظرة عينية و سحر كلامه و عذوبة صوته..
    و .. لكني طعنت قلبي بيدي و أنا أبتسم , و أخبرته بكل شيء ..
    التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 13-09-2011, 12:05.
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي
  • ريما ريماوي
    عضو الملتقى
    • 07-05-2011
    • 8501

    #2
    نعم يوجد ناس بطبيعتهم التضحية وايثار الغير,
    وهكذا كانت بطلتنا, التي تحمل من أحاسيس كاتبتنا الرائعة آسيا,
    وأعتقد أنّني لو كنت مكانها لتصرفت نفس الشيئ,
    ذكرتيني بصديقتي أنا, والتي أحببنا بعض بعد سوء تفاهم, وكن
    المعلمات لا يصدقن هذا الحب الكبير لبنتين متنافستين على نفس المرتية,
    ولكنها كانت صداقة جميلة فعلا وما زلت أبحث عنها بغوغل والفيس بوك ولكنني لم أجدها.
    شكرا لك الأستاذة المبدعة آسيا وبالفعل دأئما قصصك واقعية
    وتمس شغاف قلوبنا, سعيدة للتعرف على مبدعة مثلك,
    مودتي وتقديري, تحيااااتي.
    التعديل الأخير تم بواسطة ريما ريماوي; الساعة 11-09-2011, 06:44.


    أنين ناي
    يبث الحنين لأصله
    غصن مورّق صغير.

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      قصة جميلة مثل قطفة العسل
      لأني أشعر أن الكلام سبقه كلام
      و نهاية الكلام كان كلاما
      ما أجمل أن نكون قصة هنا و فقط
      رحيقا ماتعا ، و درسا بلا مباشرة أو تعمد التفاصح !

      ما أرق و أجمل حديثك آسيا !
      sigpic

      تعليق

      • سائد ريان
        رئيس ملتقى فرعي
        • 01-09-2010
        • 1883

        #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        في البداية اسمها سلمى ثم أصبح سلوى
        يبدو أنه خطأ مطبعي

        وعلى كل
        والله إني لأشفق على البنات اللاتي يقمن علاقات حب (خارج إطاره ووقته )
        تتعلق البنت بشاب من نفس عمرها سواء في المدرسة أو الجامعه حيث لا زال يعد نفسه ليقف على أرجله قائما...
        فتعطيه أجمل ما في قلبها من مشاعر صادقة عذرية
        لتفاجأ بعد حين بشاب جاهز وعلى أتم الإستعداد لإنشاء ( عش زوجية ) فتقبل به بعقلها أو تغصب عليه فتتزوجه .... وللأسف .. قلبها مع غيره .....!!!!

        عذرا أستاذة آسيا إن بعدت أو تفرعت عن القصة
        ولكني أحببت أن أقول رأيي في ( الحب خارج إطاره ووقته ) عبر متصفحكم وذلك لثقتي بسعة صدركم

        أمَّ القصة فهي أرفع من أن أقول رأيي المتواضع فيها
        فأنتم يا أستاذة آسيا من أعلام هذا الملتقى الراقي بكم وبأمثالكم

        أجمل تحياتي لكم

        تعليق

        • آسيا رحاحليه
          أديب وكاتب
          • 08-09-2009
          • 7182

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
          نعم يوجد ناس بطبيعتهم التضحية وايثار الغير,
          وهكذا كانت بطلتنا, التي تحمل من أحاسيس كاتبتنا الرائعة آسيا,
          وأعتقد أنّني لو كنت مكانها لتصرفت نفس الشيئ,
          ذكرتيني بصديقتي أنا, والتي أحببنا بعض بعد سوء تفاهم, وكن
          المعلمات لا يصدقن هذا الحب الكبير لبنتين متنافستين على نفس المرتية,
          ولكنها كانت صداقة جميلة فعلا وما زلت أبحث عنها بغوغل والفيس بوك ولكنني لم أجدها.
          شكرا لك الأستاذة المبدعة آسيا وبالفعل دأئما قصصك واقعية
          وتمس شغاف قلوبنا, سعيدة للتعرف على مبدعة مثلك,
          مودتي وتقديري, تحيااااتي.
          أنا أسعد بك عزيزتي ريما ..
          الصداقة شيء رائع و مميّز و عظيم ..
          أتمنى أن توفّقي في إيجاد صديقتك ..
          تقبّلي تحيّتي و تقديري و مودّتي .
          و شكرا لأنك تفرحين قلبي و قلمي دائما مرورك ورأيك .
          يظن الناس بي خيرا و إنّي
          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

          تعليق

          • آسيا رحاحليه
            أديب وكاتب
            • 08-09-2009
            • 7182

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            قصة جميلة مثل قطفة العسل
            لأني أشعر أن الكلام سبقه كلام
            و نهاية الكلام كان كلاما
            ما أجمل أن نكون قصة هنا و فقط
            رحيقا ماتعا ، و درسا بلا مباشرة أو تعمد التفاصح !

            ما أرق و أجمل حديثك آسيا !

            و ما أعظمك أستاذ ربيع عقب الباب ..
            و ما أعظم حظّنا لأنك هنا معنا ..
            هذا النص كان في دفتري القديم ..و قد كتبته و أنا في الثانوية
            لكن كان فيه إسهاب كبير ..فكثّفته و راجعته و أحببت أن أضعه بين أيدي إخوتي القراء ..
            مازلت أتعلّم منك كيف يكون القص و الإمتاع ..
            شكرا لك بحجم الكون .
            مودّتي و تقديري.
            يظن الناس بي خيرا و إنّي
            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

            تعليق

            • آسيا رحاحليه
              أديب وكاتب
              • 08-09-2009
              • 7182

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة سائد ريان مشاهدة المشاركة
              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

              في البداية اسمها سلمى ثم أصبح سلوى
              يبدو أنه خطأ مطبعي

              وعلى كل
              والله إني لأشفق على البنات اللاتي يقمن علاقات حب (خارج إطاره ووقته )
              تتعلق البنت بشاب من نفس عمرها سواء في المدرسة أو الجامعه حيث لا زال يعد نفسه ليقف على أرجله قائما...
              فتعطيه أجمل ما في قلبها من مشاعر صادقة عذرية
              لتفاجأ بعد حين بشاب جاهز وعلى أتم الإستعداد لإنشاء ( عش زوجية ) فتقبل به بعقلها أو تغصب عليه فتتزوجه .... وللأسف .. قلبها مع غيره .....!!!!

              عذرا أستاذة آسيا إن بعدت أو تفرعت عن القصة
              ولكني أحببت أن أقول رأيي في ( الحب خارج إطاره ووقته ) عبر متصفحكم وذلك لثقتي بسعة صدركم

              أمَّ القصة فهي أرفع من أن أقول رأيي المتواضع فيها
              فأنتم يا أستاذة آسيا من أعلام هذا الملتقى الراقي بكم وبأمثالكم

              أجمل تحياتي لكم
              و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته ..
              أخي الفاضل سائد ..
              أهلا بك ..و لا تتحرّج أبدا من قول رأيك..
              فصدري يتّسع دائما لكل رأي مهما كان ..
              فكرة النص تعود لمرحلة الثانوي و ربما لو كتبتها و أنا في هذا العمر لجاءت مختلفة ..لا أدري ..
              أنا مثلك أشفق على الصبايا من مشاعرهن و أوهامهن و لكن حكايات الحب تحدث ..كثيرا ..

              لا أعتقد أن هناك قصة تكون أرفع من أن تعبّر عن رأيك فيها ..
              شكرا على الملاحظة بخصوص الخطأ في الإسم..لقد صحّحت .
              تحيّتي و تقديري و امتناني لك .
              التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 11-09-2011, 07:22.
              يظن الناس بي خيرا و إنّي
              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

              تعليق

              • محمد فطومي
                رئيس ملتقى فرعي
                • 05-06-2010
                • 2433

                #8
                كل آهة تبدأ في صدرها تنتهي في صدري و كل حلم يراود خيالها يمرح في خيالي ..

                شخصيّا تحملني قصصك - و هذه من أجملها - إلى منطقة أحبّها ،و لا أحبّ مغادرتها.
                لا أدري ما السرّ في ذلك؟
                لكنّي أتمثّل تلك المنطقة جيّدا،حيث الفصل الخامس الذي لا برد و لا سخونة و لا ألم و لا شيء فيه غير السّلام و الأناشيد الرائعة و الظلّ الّلذيذ و وخزات العطور الساحرة و الخواطر المفرحة..

                أختي آسيا.
                طاب يومك .محبّتي و تقديري الكبيرين.
                مدوّنة

                فلكُ القصّة القصيرة

                تعليق

                • آسيا رحاحليه
                  أديب وكاتب
                  • 08-09-2009
                  • 7182

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
                  كل آهة تبدأ في صدرها تنتهي في صدري و كل حلم يراود خيالها يمرح في خيالي ..

                  شخصيّا تحملني قصصك - و هذه من أجملها - إلى منطقة أحبّها ،و لا أحبّ مغادرتها.
                  لا أدري ما السرّ في ذلك؟
                  لكنّي أتمثّل تلك المنطقة جيّدا،حيث الفصل الخامس الذي لا برد و لا سخونة و لا ألم و لا شيء فيه غير السّلام و الأناشيد الرائعة و الظلّ الّلذيذ و وخزات العطور الساحرة و الخواطر المفرحة..

                  أختي آسيا.
                  طاب يومك .محبّتي و تقديري الكبيرين.
                  و مثلك أنا أخي محمد..يحلو لي المكوث هناك ..في تلك المنطقة ..
                  السرّ أننا كبرنا و لم نكبر..و ابتعدنا و لم نبتعد ..و أنّ كل ما في حاضرنا مختلف ..حتى بعض الجمال الذي فيه لا يوازي ذلك الذي كان ..هناك ..حيث للضحكة طعم آخر..و للنكتة و للحب و للعطر و للحرف..
                  سأحب هذا النص ..جدا لأنه جعلك تترك لي بصمتك الرائعة هنا.
                  شكرا و محبّتي أيضا ...و تقديري.
                  يظن الناس بي خيرا و إنّي
                  لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                  تعليق

                  • وفاء الدوسري
                    عضو الملتقى
                    • 04-09-2008
                    • 6136

                    #10
                    قصة تشبه المطر الصافي النقي.. في غاية الجمال
                    أسلوب باهر وصياغة ماهرة
                    دمت مبدعة
                    تقديري

                    تعليق

                    • مالكة حبرشيد
                      رئيس ملتقى فرعي
                      • 28-03-2011
                      • 4544

                      #11
                      لا ادري اين كانت هذه الرائعة
                      وكيف غابت عني ولم امر بين دروبها ؟
                      لكني الان وجدتني التهمها في خوف من ان تغدري بالصديقة
                      واضطراب من ان تكشفي عن مشاعرك لشاب
                      مازلت لا تعرفين نواياه ولا احاسيسه
                      لكنك اعدت لي توازني بالنهاية الرائعة

                      شكرا لك آسيا براعة الكاتب في شد الانتباه
                      واحتباس الانفاس حتى النهاية

                      تعليق

                      • سلام الكردي
                        رئيس ملتقى نادي الأصالة
                        • 30-09-2010
                        • 1471

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
                        أذكر أنني في تلك اللحظات أحسست بكرهي الشديد لها , تمنّيت لو أنها تمرض أو تموت أو أن معلّمتي توسعها ضربا , و تجعلها تقف في آخر الحجرة و وجهها إلى الحائط , لكنها اكتفت بفكّ تشابكنا فخلّصت شعري من قبضتها و خدّها من أظافري , و نهرت التلاميذ الذين وجدوا في شجارنا على من يفوز بالجلوس على المقعد الأوّل , فرصة للفرجة و الفوضى و الهرج .
                        عاد كلّ إلى مكانه و انتشر الهدوء , و بقينا طيلة اليوم , سلمى و أنا , ترمق إحدانا الأخرى بنظرات محمومة كأنّنا ألدّ الأعداء , لكن في صبيحة اليوم الموالي , وجدتها واقفة أمام مدخل المدرسة . ابتسمت لي . ابتسمت لها.. و تحدّثنا كأنّ شيئا لم يكن .
                        من يومها أصبحنا أروع صديقتين .
                        كانت سلمى في مثل سني .. جميلة القسمات , رقيقة الملامح , في وجهها مسحة من المرح الدائم , حتى أنه من الصعب أن تميّز ما يعتريها أحيانا من مشاعر غضب أو حزن .. و في عينيها براءة عجيبة تجعلك تشفق عليها من مداعبة الريح و تود لو تحميها من قبلة النسيم أو رشّة المطر .
                        تركنا مقاعد الإبتدائي و انتقلنا إلى المتوسطة ثم الثانوية ..كنا دائما معا , في الفصل و النادي و المكتبة . كانت أختي التي لم تلدها أمي و مرآة تعكس أفكاري و أحلامي ..قلّما اختلفنا حول فكرة أو موضوع . و كنا , كما هو شأن الصبايا في مثل سنّنا نوشوش بأحاديث الحب و الغرام و نترقّب الوقوع في شرك الهوى , و حين أحكي لسلمى عن فارس أحلامي و أوصافه الخيالية , كانت تضحك و تقول :
                        - أما أنا فلن أحب إذا كان حبيبي سيبعدني عنك ..أو ما رأيك ..تعالي نحب نفس الشخص ؟
                        و نغرق معا في ضحك عفويٍ بريء .
                        و... زارنا المبعوث الخفيّ الذي كنا نرهبه و نحلم به . مرّ أولا بقلب سلمى فأربك دقّاته , مسح بكفّه الرقيقة على وجنتيها فصبغتا بلون الورد , و ضرب بعصاه السحرية ضربا خفيفا على رأسها فامتلأ أحلاما وردية شفّافة جميلة . كان ذلك حين التحق بثانويتنا من مدينة بعيدة طالب يدعى محمود ..شابٌ شديد الوسامة , فارع القامة , أسمر البشرة , فاحم الشعر , لطيفا جدا و مؤدّبا ..لاحظت على سلمى ارتباكها و احمرار وجنتيها كلما أتى أحد على ذكر اسمه أو اجتمعنا به في ساحة الثانوية أو المكتبة ...
                        - سلمى ..صارحيني . هل تحبيبنه ؟
                        - من..من تقصدين ؟
                        - محمود الطالب الجديد في الثانوية . لن أتركك حتى تخبريني بكل شيء.
                        - لا أدري ..أشعر بإحساس غريب لم أحسه من قبل .أحب أن أراه و أحزن حين يبتعد..و كلما أنظر إليه يرتجف قلبي و تتلاحق أنفاسي و كأنّ..كأنّ .. كل جارحة مني تكاد تطير من الخفقان . قولي لي..هل هذا هو الحب ؟
                        - أعتقد هذا هو الحب ..لقد جرفك التيار عزيزتي .
                        - لا تسخري مني ..أرجوك .. دبّريني ماذا أفعل ..كيف أعرف شعوره نحوي ؟
                        - لا تفعلي شيئا ..دعينا نرى ما يكون منه أولا ..اصبري .
                        و لم تستطع سلمى أن تصبر.. كانت تتعذّب و لا يحس بعذابها سواي ..لم يكن يسعدها حديث سوى عنه ..و لا تنشرح نفسها إلا إذا رأته أو كلّمته .. و عشت معها أحاسيسها دفقةً بدفقة..شاركتها لوعتها..و شوقها ... قاسمتها قشعريرة الحب , وزفرة الوله , و أحلام اليقظة . كل آهة تبدأ في صدرها تنتهي في صدري و كل حلم يراود خيالها يمرح في خيالي ..صرت أردّد اسم حبيبها لأنها تحب اسمه , أختلق الأسباب لكي أكلمه لأن ذلك يسعدها , أسعى إلى لقائه لأن ذلك يبعث الحياة في عينيها و ... ابتسامتها .
                        و أفقت يوما على الحقيقة ..
                        أنا أحب محمود و أندفع نحوه بكل وجداني ..
                        انتفضت , صرخت ..لا..غير معقول .. لا يمكن !.. تصوّرت الحب واقفا يشير بيده و يقهقه..انظروا كيف ألعب بقلوب الصبايا ..فلتعترفوا بقدرتي و جبروتي . ثرت على نفسي .. لا يمكن أن تكوني بهذه الخسّة . لقد وقعت سلمى في حبّه قبلك . إنه ملك لها . كيف تسرقين فرحتها و بريق عينيها ؟
                        حاولت مقاومة مشاعري ..و خنق أحاسيسي فلم أفلح و احترت هل أرثي لنفسي أم لصديقتي و أنا أراها تذبل , يوما عن يوم , يشحب لونها و يقل مرحها و تستقر الدموع في عينيها ..
                        لم أعد أدري هل أبكي عليّ أم عليها ..
                        و قرّرت أن أفعل شيئا. مهما كلّفني الأمر .

                        صمّمت .." غدا سوف ألتقي بمحمود .." .
                        و قضيت ليلة رهيبة.. تقلّبت فيها على جمر الحيرة و التردّد..أصوات تعصف برأسي ..أفكار تتقاذفني ..غبية ..مالذي ستفعلين ؟ ..كيف تضحّين بحبك ..نعم ..التقي به و لكن صارحيه بحبك أنت ..و سلمى سوف تفهم و تنسى.. لا..لا.. مستحيل ! هل ستغدرين برفيقة عمرك و حبيبة قلبك ؟ كيف تهدمين ما بنيتماه منذ الصغر ؟
                        واعدت محمود في قاعة المطالعة عند انتهاء الحصة ..و التقينا .. تحدّثنا طويلا .. و بذكاء جسست نبض قلبه .. و اختبرت مشاعره فأخبرني بأنّ قلبه خالٍ و مازال ينتظر فتاة أحلامه و أنه معجب بنا صديقتي و أنا و يحترمنا..جدا .. و أنّ صداقتنا مضرب الأمثال ..

                        و كنت أستمع إليه و قلبي يرقص فرحا و إعجابا و حبّا , و كادت عزيمتي أن تنهار و قوّتي أن تتفتّت أمام نظرة عينية و سحر كلامه و عذوبة صوته..
                        و .. لكني طعنت قلبي بيدي و أنا أبتسم , و أخبرته بكل شيء ..



                        [align=justify]
                        الجميل في القص أن تكون الحكاية جديدة إلى حد ما,وأن تكون المشاعر متدفقة من بين العبارات ,سطر تلو السطر وصورة تلو الصورة,ولا يكون التعرف على الشخصيات فيها,أمراً صعباً ومكلف بالمباشرة وبعض الارتباك في طريقةإقحام الشخصية ضمن أحداث القصة.
                        وقد تميزت اّسيا رحاحلية,بسهولة التعريف على شخصيات قصتها القصيرة,فقد قدمت سلمى على أنها تلميذة معها في المدرسة وقد حصل الشجار ثم التصالح,وبعض الريبة من طفوليتهما بشكل أدبي جميل ومميز,هذا وقد اختارت اسم سلمى ,وكان لهذا الاختيار نصيب جميل من التوفيق من وجهة نظري على الأقل,إذ أني دائما ما أرى أن اسم سلمى يناسب شخصية كتلك التي أوردتها الكاتبة اّسيا في قصتها هذه,رقيقة المشاعر,أصيلة موغلة في طفولة الأصدقاء,يستطيع أحدنا أن يعبر عن جماليات شكلها وروحها بشكل ينسجم مع ما يريد قوله بالضبط,ربما يكون هذا تصوراً خيالياً يخصني وحدي,غير أنها رؤية ترتبط بقصص وروايات قرأتها عن كتاب كبار ومازالت ملتصقة بالذاكرة.
                        ثم تضيف الطالب محمود إلى القصة بطريقة سهلة وجميلة جداً,وبنفس الجودة الأدبية التي تمتع بها النص من أوله حتى نهايته,وكان كل هذا يحسب لها ككاتبة قصة,تستطيع أن تستنبط مشاعر القارئ وتأتيه بما يشده إلى المتابعة وطلب المزيد.
                        ومن الجميل أيضاً,أن تختم النص بما يقبل التأويل باكثر من معنى,بحيث يمكن للقارئ أن يفهم بأنها أخبرته بكل شيء,اي أنها أخبرته بمشاعرها تجاهه,ويمكن أيضاً أن يفهم بأنها أخبرته بمشاعر صديقتها التي عانت الكثير في الاعتراف بحبها لمن تحب,اي أنها أدت الأمانة على خير وجه.
                        لكن المريب في الأمر,أن الفكرة مستهلكة إلى حد كبير,وأدباء كثر قد كتبوا حول هذه الفكرة في نصوص كثيرة,على الرغم من ذلك,بدت تلك القصة حين كتبتها اّسيا رحاحلية,وكأنها جديدة مدهشة,يروق للقارئ أن يعيد قراءتها لأكثر من مرة,وهذا ما يحسب لأدبية الأدباء في نصوص ممائلة.
                        لفتتني إحدى "الواو" في هذا النص وقد كانت ثقيلة ترهق إيقاعه النثري وتثقل على القارئ.
                        لم أفهم سر إقحامها بهذه الطريقة من قبل الاستاذة اّسيا,ذلك في قولها:

                        واعدت محمود في قاعة المطالعة عند انتهاء الحصة ..و التقينا .. تحدّثنا طويلا .. و بذكاء جسست نبض قلبه .. و اختبرت مشاعره فأخبرني بأنّ قلبه خالٍ و مازال ينتظر فتاة أحلامه و أنه معجب بنا صديقتي و أنا و يحترمنا..جدا .. و أنّ صداقتنا مضرب الأمثال ..

                        و كنت أستمع إليه و قلبي يرقص فرحا و إعجابا و حبّا

                        شكراً جزيلاً لك.

                        [align=justify]نــادي أصالة للإبداع الأدبـي[/align][/align]
                        [COLOR=#0000ff][SIZE=6][FONT=Andalus][COLOR=black]انا الدمشقي .. لو شرحتم جسدي... لسال منه ,عناقيد وتفاح[/COLOR]
                        [COLOR=darkorange]ولو فتحتم شراييني بمديتكم...سمعتم في دمي اصوات من راحوا[/COLOR][/FONT][/SIZE][/COLOR]
                        [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                        [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                        [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=seagreen]مآذن الشام تبكي اذ تعانقني...[/COLOR][/SIZE][/FONT][FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][COLOR=seagreen]وللمآذن, كالاشجارارواح[/COLOR]
                        [COLOR=purple]للياسمين, حقوق في منازلنا...وقطة البيت تغفو .. حيث ترتاح[/COLOR][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                        [COLOR=#0000ff][/COLOR]

                        تعليق

                        • مرام اياتي
                          أديب وكاتب
                          • 19-06-2011
                          • 61

                          #13
                          قصه رائعه استاذتي الرائعه
                          دمت نجمة ساطعه في سماء المنتدى
                          كان التميز حليفك ان شاء الله
                          دمت بخير
                          مرام

                          تعليق

                          • آسيا رحاحليه
                            أديب وكاتب
                            • 08-09-2009
                            • 7182

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
                            قصة تشبه المطر الصافي النقي.. في غاية الجمال
                            أسلوب باهر وصياغة ماهرة
                            دمت مبدعة
                            تقديري
                            أختي الكريمة وفاء عرب..
                            سررت بمرورك و كون القصة نالت رضاك هو من دواعي فرحتي حقا.
                            شكرا لك.
                            تقديري و مودّتي.
                            يظن الناس بي خيرا و إنّي
                            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                            تعليق

                            • آسيا رحاحليه
                              أديب وكاتب
                              • 08-09-2009
                              • 7182

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة مالكة حبرشيد مشاهدة المشاركة
                              لا ادري اين كانت هذه الرائعة
                              وكيف غابت عني ولم امر بين دروبها ؟
                              لكني الان وجدتني التهمها في خوف من ان تغدري بالصديقة
                              واضطراب من ان تكشفي عن مشاعرك لشاب
                              مازلت لا تعرفين نواياه ولا احاسيسه
                              لكنك اعدت لي توازني بالنهاية الرائعة

                              شكرا لك آسيا براعة الكاتب في شد الانتباه
                              واحتباس الانفاس حتى النهاية
                              كل الشكر لك مالكة..
                              مرورك يثلج صدري و رأيك يعني لي الكثير.
                              تقبّلي مودّتي و تقديري.
                              يظن الناس بي خيرا و إنّي
                              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X