تشومسكي: ورطة أمريكية في مواجهة الثورة المصرية
وراء الأحداث: شريف الغمري:

مازالت الثورة في مصر تحتل جانبا كبيرا من المناقشات والحوارات
سواء من خلال مؤسسات الفكر أو البرامج التليفزيونية في الدول الغربية,

ويتفق معظم المشاركين فيها علي القول إن الثورة في مصر مهما كانت المشاكل التي تمر بها تمثل أروع صورة في التاريخ الحديث لثورة شعب خرج إلي الشوارع للمطالبة بالتغيير سلميا حتي نجحوا في تحقيقها.
ومن بين الشخصيات التي دارت معها حوارات حول ثورة مصر المفكر الأمريكي البروفسير ناعوم تشومسكي الذي ظهر في برنامج علي شبكة تليفزيون' بريس تي في' حيث أكد أن مصر دولة مهمة للغاية ولها تاريخ طويل ومثير للاهتمام, وكان يمكن لمصر أن تشهد ثورة صناعية في القرن التاسع عشر يجعلها في مصاف الدول المتقدمة, لكن الظروف الدولية المحيطة بها وسيطرة بريطانيا عليها حال دون حدوث ذلك.
وفي رأي تشومسكي أن الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون سوف يبذلون كل ما في وسعهم لمنع ازدهار ديمقراطية حقيقية في مصر يمكن أن تصل بها إلي مصاف الدول المتقدة صناعيا........................
لذلك يجب علينا جميعا كمصريين معروفين بصلابتهم في مواجهة أصعب الظروف أن نمنع المخطط الغربي والعمل من أجل ازدهار مصر. فمن الممكن أن يلجأ الغرب إلي بعض الإجراءات المعوقة للقدرات الوطنية للتقدم, فمثلا مازالت مصر تعتمد في احتياجاتها الغذائية علي الاستيراد من الخارج, ولكي نعالج هذه المشكلة فإننا نحتاج الي خبرات الدول المتقدمة لمساعدتنا علي تحقيق الاكتفاء الذاتي, ولا شك أن الدول الغربية لديها كثير من الوسائل لعرقلة هذا الهدف كما أن قدرة مصر علي التصنيع تعتمد أيضا علي الإستفادة من خبرات وآلات ومواد أولية الكثير منها تملكه الدول المتقدمة والتي تستطيع أن تمنع وصول بعض المواد التي تسهل التقدم الصناعي السريع, لكن ذلك يمكن مواجهته عن طريق الاعتماد علي الخبرات العلمية الوطنية داخل مصر ولدينا الكثيرون من العلماء الذين يستطيعون أن يساعدوا علي تحقيق الهدف الوطني في التقدم الصناعي والزراعي والعلمي بما يفوت علي الدول الكبري قدرتها علي الضغط لإبطاء التقدم في مصر وهذا هو الطريق الذي سارت فيه دول في آسيا وأمريكا اللاتينية حققت لنفسها التقدم الصناعي والزراعي.
وتحدث تشومسكي عن الفترة القصيرة التي سبقت ثورة25 يناير ودور القوي السياسية في دفع الأحداث في اتجاه الثورة إبتداء من عام2008, وبالرغم من حملة الاضطهاد التي قامت بها حكومة مبارك ضد القوي السياسية إلا أنها لم تنكسر واستطاعت مع مجموعات أخري من الشباب أن تشغل الثورة في مصر.
ويقول تشومسكي عن موقف الولايات المتحدة
أن الحكومة الأمريكية ظلت تساند ديكتاتورية مبارك حتي أخر لحظة إلي أن تأكد سقوط النظام ونجاح الثورة...وتحدث تشومسكي عن النظرية التي كانت تروج لها الولايات المتحدة وهي أنها تفضل الاستقرار في البلاد العربية, وفي رأيه أن الاستقرار الذي كانت تقصده كان يعني الخضوع للسيطرة الأمريكية وهو ما كان يمثله بقوة نظام حكم مبارك. وأشار إلي التعبير الذي استخدمه هنري كسينجر في تأكيد أن السياسة الأمريكية تقوم علي المحافظة علي الاستقرار في الدول الأخري, وقال أن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة من أن تعمل علي زعزعة الاستقرار في شيلي بأمريكا الجنوبية من أجل إيجاد نظام يحافظ لها علي مصالحها, ومعني ذلك أن الولايات المتحدة حسب منطق كسينجر تعمل علي تقويض الحكومات البرلمانية في الدول الأخري حتي ولو كان ذلك سيؤدي إلي إيجاد ديكتاتورية, وهو ما كان يعنيه كسينجر بكلمة الإستقرار.
وسئل تشومسكي أثناء الحوار عما إذا كان صحيحا أن مدير المخابرات القومية الأمريكية جيمس كلابر قد انتقد أجهزة المخابرات الأمريكية لأنه قد فاتها أن تتنبه إلي العلامات التي تشير إلي اضطرابات مقبلة في مصر, فقال تشومسكي أن الأمريكيين كان لديهم إحساس بأن شيئا ما سوف يقع وكانوا يتوقعون نوعا من الاحتجاج والانتفاضة مثل الحركات الإحتجاجية للعمال ثم إتخاذ إجراءات قمعية ضدها, لكنهم لم يتوقعوا أن تحدث ثورة بالشكل الذي وقعت به والذي كانت بدايته في تونس.........
إن الأفكار التي عرضها تشومسكي لم تكن تختلف كثيرا عن الأفكار التي عرضها متحدثون آخرون في مختلف البرامج الحوارية التي تناولت أحداث ثورة25 يناير والتي كرر فيها المشاركون القول إن الولايات المتحدة تعاني من ورطة سياسية بعد ثورة25 يناير لأنها فوجئت بأوضاع جديدة سوف تؤدي إلي سياسة خارجية تدار بقواعد مختلفة عن القواعد التي اعتادت عليها مع الحكام الديكتاتوريين, والتي كانت تقوم علي أن الولايات المتحدة هي صاحبة المبادرة في توجيه السياسة الخارجية لمثل هذه الدول والتي كان يحكمها فرد ليست لديه مؤسسات تشريعية يمكن أن تراجعه أو تحاسبه. كما أن الولايات المتحدة كانت لديها القدرة علي السيطرة علي قراراته, وأن هذا لم يعد شيئا متوقعا بعد أن أصبح الرأي العام في مصر عنصرا مؤثرا علي السياسة الخارجية في بلده وأنه سيكون أكثر تأثيرا في حالة إجراء الانتخابات القادمة في مصر ومجيء برلمان ورئيس وحكومة يديرون السياسة الخارجية بشكل جديد عما كان. وبسبب هذه الورطة فإن كثيرا من مسئولي السياسة الخارجية في الولايات المتحدة يفكرون الآن في الكيفية التي يتم بها تغيير السياسة الخارجية الأمريكية لكي تتعامل مع هذا الواقع الجديد وبما يحافظ علي المصالح الأمريكية في المنطقة.
والاحتمالات المتوقعة أن السياسة الخارجية الأمريكية سوف تكون أكثر إستجابة للمطالب المصرية في حالة إدراكها أن هناك موقفا مصريا جديد وقويا وواضحا في السياسة الخارجية وذلك للخروج من الورطة التي تواجهها.
-------------
عن جريدة الأهرام المصرية
لالسبت 19من شوال 1432 هـ 17 سبتمبر 2011 السنة 136 العدد 45575
وراء الأحداث: شريف الغمري:


مازالت الثورة في مصر تحتل جانبا كبيرا من المناقشات والحوارات
سواء من خلال مؤسسات الفكر أو البرامج التليفزيونية في الدول الغربية,

ويتفق معظم المشاركين فيها علي القول إن الثورة في مصر مهما كانت المشاكل التي تمر بها تمثل أروع صورة في التاريخ الحديث لثورة شعب خرج إلي الشوارع للمطالبة بالتغيير سلميا حتي نجحوا في تحقيقها.
ومن بين الشخصيات التي دارت معها حوارات حول ثورة مصر المفكر الأمريكي البروفسير ناعوم تشومسكي الذي ظهر في برنامج علي شبكة تليفزيون' بريس تي في' حيث أكد أن مصر دولة مهمة للغاية ولها تاريخ طويل ومثير للاهتمام, وكان يمكن لمصر أن تشهد ثورة صناعية في القرن التاسع عشر يجعلها في مصاف الدول المتقدمة, لكن الظروف الدولية المحيطة بها وسيطرة بريطانيا عليها حال دون حدوث ذلك.
وفي رأي تشومسكي أن الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون سوف يبذلون كل ما في وسعهم لمنع ازدهار ديمقراطية حقيقية في مصر يمكن أن تصل بها إلي مصاف الدول المتقدة صناعيا........................
لذلك يجب علينا جميعا كمصريين معروفين بصلابتهم في مواجهة أصعب الظروف أن نمنع المخطط الغربي والعمل من أجل ازدهار مصر. فمن الممكن أن يلجأ الغرب إلي بعض الإجراءات المعوقة للقدرات الوطنية للتقدم, فمثلا مازالت مصر تعتمد في احتياجاتها الغذائية علي الاستيراد من الخارج, ولكي نعالج هذه المشكلة فإننا نحتاج الي خبرات الدول المتقدمة لمساعدتنا علي تحقيق الاكتفاء الذاتي, ولا شك أن الدول الغربية لديها كثير من الوسائل لعرقلة هذا الهدف كما أن قدرة مصر علي التصنيع تعتمد أيضا علي الإستفادة من خبرات وآلات ومواد أولية الكثير منها تملكه الدول المتقدمة والتي تستطيع أن تمنع وصول بعض المواد التي تسهل التقدم الصناعي السريع, لكن ذلك يمكن مواجهته عن طريق الاعتماد علي الخبرات العلمية الوطنية داخل مصر ولدينا الكثيرون من العلماء الذين يستطيعون أن يساعدوا علي تحقيق الهدف الوطني في التقدم الصناعي والزراعي والعلمي بما يفوت علي الدول الكبري قدرتها علي الضغط لإبطاء التقدم في مصر وهذا هو الطريق الذي سارت فيه دول في آسيا وأمريكا اللاتينية حققت لنفسها التقدم الصناعي والزراعي.
وتحدث تشومسكي عن الفترة القصيرة التي سبقت ثورة25 يناير ودور القوي السياسية في دفع الأحداث في اتجاه الثورة إبتداء من عام2008, وبالرغم من حملة الاضطهاد التي قامت بها حكومة مبارك ضد القوي السياسية إلا أنها لم تنكسر واستطاعت مع مجموعات أخري من الشباب أن تشغل الثورة في مصر.
ويقول تشومسكي عن موقف الولايات المتحدة
أن الحكومة الأمريكية ظلت تساند ديكتاتورية مبارك حتي أخر لحظة إلي أن تأكد سقوط النظام ونجاح الثورة...وتحدث تشومسكي عن النظرية التي كانت تروج لها الولايات المتحدة وهي أنها تفضل الاستقرار في البلاد العربية, وفي رأيه أن الاستقرار الذي كانت تقصده كان يعني الخضوع للسيطرة الأمريكية وهو ما كان يمثله بقوة نظام حكم مبارك. وأشار إلي التعبير الذي استخدمه هنري كسينجر في تأكيد أن السياسة الأمريكية تقوم علي المحافظة علي الاستقرار في الدول الأخري, وقال أن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة من أن تعمل علي زعزعة الاستقرار في شيلي بأمريكا الجنوبية من أجل إيجاد نظام يحافظ لها علي مصالحها, ومعني ذلك أن الولايات المتحدة حسب منطق كسينجر تعمل علي تقويض الحكومات البرلمانية في الدول الأخري حتي ولو كان ذلك سيؤدي إلي إيجاد ديكتاتورية, وهو ما كان يعنيه كسينجر بكلمة الإستقرار.
وسئل تشومسكي أثناء الحوار عما إذا كان صحيحا أن مدير المخابرات القومية الأمريكية جيمس كلابر قد انتقد أجهزة المخابرات الأمريكية لأنه قد فاتها أن تتنبه إلي العلامات التي تشير إلي اضطرابات مقبلة في مصر, فقال تشومسكي أن الأمريكيين كان لديهم إحساس بأن شيئا ما سوف يقع وكانوا يتوقعون نوعا من الاحتجاج والانتفاضة مثل الحركات الإحتجاجية للعمال ثم إتخاذ إجراءات قمعية ضدها, لكنهم لم يتوقعوا أن تحدث ثورة بالشكل الذي وقعت به والذي كانت بدايته في تونس.........
إن الأفكار التي عرضها تشومسكي لم تكن تختلف كثيرا عن الأفكار التي عرضها متحدثون آخرون في مختلف البرامج الحوارية التي تناولت أحداث ثورة25 يناير والتي كرر فيها المشاركون القول إن الولايات المتحدة تعاني من ورطة سياسية بعد ثورة25 يناير لأنها فوجئت بأوضاع جديدة سوف تؤدي إلي سياسة خارجية تدار بقواعد مختلفة عن القواعد التي اعتادت عليها مع الحكام الديكتاتوريين, والتي كانت تقوم علي أن الولايات المتحدة هي صاحبة المبادرة في توجيه السياسة الخارجية لمثل هذه الدول والتي كان يحكمها فرد ليست لديه مؤسسات تشريعية يمكن أن تراجعه أو تحاسبه. كما أن الولايات المتحدة كانت لديها القدرة علي السيطرة علي قراراته, وأن هذا لم يعد شيئا متوقعا بعد أن أصبح الرأي العام في مصر عنصرا مؤثرا علي السياسة الخارجية في بلده وأنه سيكون أكثر تأثيرا في حالة إجراء الانتخابات القادمة في مصر ومجيء برلمان ورئيس وحكومة يديرون السياسة الخارجية بشكل جديد عما كان. وبسبب هذه الورطة فإن كثيرا من مسئولي السياسة الخارجية في الولايات المتحدة يفكرون الآن في الكيفية التي يتم بها تغيير السياسة الخارجية الأمريكية لكي تتعامل مع هذا الواقع الجديد وبما يحافظ علي المصالح الأمريكية في المنطقة.
والاحتمالات المتوقعة أن السياسة الخارجية الأمريكية سوف تكون أكثر إستجابة للمطالب المصرية في حالة إدراكها أن هناك موقفا مصريا جديد وقويا وواضحا في السياسة الخارجية وذلك للخروج من الورطة التي تواجهها.
-------------
عن جريدة الأهرام المصرية
لالسبت 19من شوال 1432 هـ 17 سبتمبر 2011 السنة 136 العدد 45575
تعليق